تفسير سورة البقرة

تفسير الإمام مالك
تفسير سورة سورة البقرة من كتاب تفسير الإمام مالك .
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ﴾ [ البقرة : ٨ ].
٨- ابن الفرس : قال مالك رحمه الله : النفاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو الزندقة فينا اليوم، فيقتل الزنديق إذا شهد عليه بها دون استتابة، لأنه لا يظهر ما يستتاب منه، وإنما كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين، ليعلم الحكم لأمته، بأن الحاكم لا يحكم بعلمه إذا لم يشهد على المنافقين. ١
١ - أحكام القرآن لابن الفرس: ٣م. خ ح رقم ٥٠٤٠، وينظر المحرر لابن عطية: ١/ وأشار إلى هذا المعنى القرطبي في الجامع: ١/١٩٩..
-الآية الثانية : قوله تعالى :-ayah text-primary">﴿ فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ﴾ [ البقرة : ٢٤ ]
٩- يحيى : أخرج مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نار بني آدم التي يوقدون، جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، فقالوا : يا رسول الله، إن كانت لكافية، قال : إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا. ١
١ -الموطأ- رواية يحيى بن يحيى- ٢/٩٩٤. كتاب جهنم، باب ما جاء في صفة جهنم..
الآية الثالثة : قوله تعالى :﴿ الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ﴾ [ البقرة : ٢٧ ]
١٠- ابن العربي : قال مالك : العهد باليمين، لم يجز حله لأجل العقد وهو المراد بقوله تعالى :﴿ ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ﴾ [ النحل : ٩١ ] وهذا ما لا اختلاف فيه. ١
١ -أحكام القرآن لابن العربي: ١/١٦..
الآية الرابعة : قوله تعالى :﴿ ونقدس لك ﴾ [ البقرة : ٣٠ ].
١١- ابن العربي : قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : التقديس الصلاة. ١
١ -القبس شرح موطأ الإمام مالك بن أنس: ٢/١٦٤ م. خ الحرم النبوي م رقم ٧٩- ٢٣٢ وزاد ابن العربي قائلا: "تحقيقه: أن التقديس هو التطهير والتبرئة حسب ما بيناه في اسم القدوس، وهو من صفات النفي في حق الباري سبحانه والإثبات في حقنا له، والتقديس يكون بالقول ويكون بالفعل، والفعل أشرف من القول أو مثله. وأشرف الأفعال الدينية الصلاة، وهي قد جمعت أنواع التقديس، من قول وفعل بانتصاب وانحناء، وسقوط إلى الأرض، فهي غاية قدرة الآدمي، فلا جل ذلك انتهى مالك في التفسير إليها"..
الآية الخامسة : قوله تعالى :﴿ قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ﴾ [ البقرة : ٣٢ ]
١٢- القرطبي : قال مالك بن أنس : سمعت ابن هرمز يقول : ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده لا أدري، حتى تكون أصلا في أيديهم، فإذا سئل أحدهم عما لا يدري قال : لا أدري. ١
١ - الجامع: ١/٢٨٦ وزاد قائلا: "قلت: هذا في زمن مالك فكيف في زماننا اليوم الذي عم فينا الفساد وكثر فيه الطغاة! وطلب فيه العلم للرئاسة لا للدراية، بل للظهور في الدنيا وغلبة الأقران بالمراء والجدال الذي يقسي القلب، ويورث الضغن"..
الآية السادسة : قوله تعالى :﴿ وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ﴾ [ البقرة : ٣٥ ].
١٣- ابن العربي : قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : أول معصية عصي الله بها الحسد١ والكبر٢ والشح٣، حسد إبليس آدم وتكبر عليه، وشح آدم قيل له كل من جميع شجر الجنة إلا هذه الشجرة، فشح فأكلها. ٤
١ - الحسد: قال ابن رشد: "الحسد من الذنوب العظام وهو أن يكره أن يرى النعمة على غيره، ويتمنى انتقالها عنه إليه، والغبطة أن يتمنى مثلها فقط مع بقائها عند صاحبها، فالغبطة مباحة والحسد محظور". نقلا عن تفسير ابن عرفة: ١/٢٥٥، وينظر القاموس المحيط ٣٥٣..
٢ -الكبر: معظم الشيء، والشرف، ويضم فيهما، والإثم الكبير، كالكبرة، بالكسر والرفعة في الشرف، والعظمة والتجبر، الكبرياء، القاموس: ٦٠٢..
٣ -الشح: مثلتة: البخل، والحرص. القاموس: ٢٨٩..
٤ - القبس: ٢/١٦٣- وزاد ابن العربي معلقا: "والذي يفتقر الآن إليه هاهنا وجه تسميته مالك فعل آدم شحا، والذي يعتقد أن الشح منع المستحب، ووجه تعلق قول مالك بهذا التفسير، أن الإيثار هو خلعك عما في يدك للغير والشح ضده، فهو إذا خلع ما بيد الغير لك فلما خلع آدم الشجرة من قسم المتروك إلى قسم المفعول كان شحا" ينظر البيان والتحصيل لابن رشد: ١٧/٦٢، والمقدمات الممهدات لابن رشد أيضا: ٣/٣٩٩ وترتيب المدارك للقاضي عياض: ٢/٦٦، والمحرر الوجيز: ١/ ١٨٠، والمنتقى للباجي: ٧/٢١٦، والجامع للقرطبي: ١/٢٩٦ وتفسير ابن عرفة: ١/٢٥٥.
١٣م- الهداية: ٤٨ م. خ. ع. رقم: ق٦٠٣..

قوله تعالى :﴿ قلنا اهبطوا منها جميعا ﴾ [ البقرة : ٣٨ ].
١٣م- مكي : روى ابن وهب عن مالك أنه قال : إن آدم لما أهبط إلى الأرض بالسند والهند، قال : يا رب أهذه أحب الأرض إليك أن نعبدك فيها ؟ فقال : بل مكة، فسار آدم حتى أتى مكة فوجد عندها ملائكة يطوفون بالبيت، ويعبدون الله، فقالوا : مرحبا بآدم، أبي البشر، إنا منتظروك هنا منذ ألفي عام.
الآية السابعة : قوله تعالى :﴿ ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ﴾ [ البقرة : ٤١ ].
١٤- القرطبي : روى أشهب عن مالك، أنه سئل عن الصلاة خلف من استؤجر في رمضان يقوم للناس، فقال : أرجو ألا يكون به بأس. ١
١ - الجامع: ١/٣٣٧. وقال ابن رشد في الفتاوي: "ومذهب مالك رحمه الله وجل أهل العلم، أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن جائز": ١/ ٢١١. وقال ابن عرفة في تفسيره: "أجاز الإمام مالك وأحمد ابن حنبل والشافعي، وأبو ثور، وأبو إسحاق أخذ الأجر. على تعليم القرآن": ٢/٧٩٥..
الآية الثامنة : قوله تعالى :﴿ أتمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب ﴾ [ البقرة : ٤٤ ].
١٥-القرطبي : قال مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن : سمعت ابن جبير١ يقول : لو كان المرء لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر، قال مالك : وصدق، من ذا الذي ليس فيه شيء. ٢
١ - سعيد بن جبير: بن حزن بن أبي وهب بن عمر وابن عابد بن مخزوم، رأس علماء التابعين وفقيههم قال أبو نعيم: مات سنة ثلاث وتسعين، وقيل غير ذلك. ينظر الخلاصة /١٢١..
٢ - الجامع: ١/٣٦٧..
الآية التاسعة : قوله تعالى :﴿ اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ﴾ [ البقرة : ٦١ ].
١٦- ابن رشد : سئل مالك عن قول الله عز وجل :﴿ اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ﴾ أي مصر هي ؟ قال : هي في رأيي بلاد فرعون. ١
١٧- القرطبي : قال أشهب : قال لي مالك : هي عندي مصر، قريتك، مسكن فرعون. ٢
١ - البيان والتحصيل: ١٨/٣٥١..
٢ - الجامع: ١/٤٢٩. وقال الألوسي في روح المعاني: "ويؤيد ما قاله مالك رضي الله عنه أنه في مصحف ابن مسعود مصر بلا ألف بعد الراء، ويبعده أن الظاهر من التنوين التنكير" م١ ج١/٢٧٥..
الآية العاشرة : قوله تعالى :﴿ ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ﴾ [ البقرة : ٦٥ ].
١٨- القرطبي : روى أشهب عن مالك قال : زعم ابن رومان أنهم كانوا يأخذ الرجل منهم خيطا ويضع فيه وهقة١ وألقاها في ذنب الحوت، وفي الطرف الآخر من الخيط وتد وتركه كذلك إلى الأحد، ثم تطرق الناس حين رأوا من صفع لا يبتلى، حتى كثر صيد الحوت ومشي به في الأسواق، وأعلن الفسقة بصيده، فقامت فرقة فنهت وجاهرت بالنهي واعتزلت. ٢
١ - الوهق: الحبل يرقى في أنشوطة، فتؤخذ به الدابة والإنسان، ج: أوهاق القاموس: وهق..
٢ - الجامع: ١/٤٤٠ و ٧/٣٠٦..
الآية الحادية عشرة : قوله تعالى :﴿ إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ﴾ [ البقرة : ٦٧ ]
١٩- ابن القاسم : قال مالك : لا ينحر ما يذبح ولا يذبح ما ينحر. قال ابن القاسم : فقلت لمالك، فالبقر إن نحرت أترى أن تؤكل ؟ قال : نعم وهي خلاف الإبل إذا ذبحت. قال مالك : والذبح فيها أحب إلي. لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه :﴿ إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ﴾ قال : فالذبح أحب إلي، فإن نحرت أكلت. ١
قال : والبعير إذا ذبح لا يؤكل، إذا كان من غير ضرورة لأن سنته النحر.
٢٠- ابن الفرس : روى إسماعيل بن أبي أويس٢ عن مالك أنه قال فيمن نحر البقر : بئس ما صنع، لأن الله تعالى أمر بالذبح، وقال مالك أيضا : وإن نحرت تؤكل. ٣
١ -المدونة: ٣/٦٥..
٢ -إسماعيل بن أبي أويس: اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس بن أبي عامر الأصبحي، ابن عم مالك بن أنس.
قال يحيى بن معين: كان صالحا، وقال مرة: كان ثقة، توفي سنة ست وعشرين ومائتين وقيل غير ذلك. ينظر المدارك: ٢/ ١٥١ وتذكرة الحافظ: ١/٤٠٩ والجرح والتعديل: ١/ ١٨٠، وطبقات ابن سعد: ٥/ ٤٣٨..

٣ - أحكام القرآن لابن الفرس: ١٢/ م خ ح رقم: ٥٠٤٠..
الآية الثانية عشرة : قوله تعالى :﴿ فقفلنا اضربوه ببعضها ﴾ [ البقرة : ٧٣ ].
٢١- ابن العربي : قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : ضربوه بالفخذ، وقيل : بالذنب. ١
١ - القبس: ٢/١٦٤. وزاد قائلا: "وخذوا أخذ الله بكم ذات اليمين قولا بديعا، وذلك أن مالكا كثيرا ما يسترسل في الإسرائيليات، وقد نقلنا عنه في ذلك أقوالا متعددة في مسائل مختلفة. والذي يغلب على ظني، أن مالكا، إنما ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم، قد ذكر نظيره في شرعنا قال: لا تقوم الساعة حتى يخبر الرجل فخذه بما يصنع أهله من بعده، فرأى مالك رضوان الله عليه أن نطق الفخذ منتظم في الشرائع".
وقال في الأحكام الصغرى: "لما ضرب بنو إسرائيل الميت بذلك العضو قال: دمي عند فلان، فتعين قتله، وقد استدل مالك بهذا على القسامة وقال: إنه يدل على أن قول الميت: دمي عند فلان، مقبول، ويقسم عليه، فإن قيل: هذا آية ومعجزة لموسى، قلنا: الآية والمعجزة في إحيائه الميت، فلما صار حيا، صار كسائر الأحياء في قوله، قبولا وردا: ١/٥٧. وينظر أحكام القرآن لابن العربي أيضا: ١/٢٤، ونقله القرطبي في الجامع: ١/٤٥٧..

الآية الثالثة عشرة : قوله تعالى :﴿ يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ﴾ [ البقرة : ١٠٢ ].
٢٢- يحيى : قال مالك : الساحر الذي يعمل السحر. ولم يعمل ذلك له غيره هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه :﴿ ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ﴾١. فأرى أن يقتل ذلك. إذا عمل ذلك هو نفسه. ٢
٢٢م- ابن وهب : وقال مالك : إن الساحر إذا سحر هو نفسه لا يعمل ذكر له غيره السحر الذي ذكر الله في كتابه قال :﴿ ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ﴾ إن عليه القتل إذا عمل ذلك هو نفسه، قال مالك : وأراه كالزنديق الذي يظهر الإسلام ويستر الكفر، فكيف يستتاب ؟
٢٣- الجصاص : قال أبو مصعب عن مالك في المسلم إذا تولى عمل السحر : قتل ولا يستتاب، لأن المسلم إذا ارتد باطنا لم تعرف توبته بإظهاره الإسلام. ٣
١ -سورة البقرة، آية ١٠٢..
٢ -الموطأ : ٢/ ٢٧١، كتاب العقول، باب ما جاء في الغيلة والسحر. وانظر كتاب المحاربة من موطأ ابن وهب ٨٢ وانظر النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: ١٤/٥٣٥.
٢٢م- كتاب المحاربة من موطأ ابن وهب، ص ٨٢..

٣ - أحكام القرآن للجصاص : ١/٥١ وزاد قائلا: "أما مالك بن أنس فإنه أجرى الساحر مجرى الزنديق، فلم يقبل توبته كما لا يقبل توبة الزنديق، ولم يقتل ساحر أهل الذمة لأنه غير مستحق للقتل بكفرة. وقد أقررناه عليه فلا يقتل إلا أن يضر بالمسلمين فيكون ذلك عنده نقضا للعهد فيقتل كما يقتل الحربي": ١/٥٤.
وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: "ذهب مالك إلى أن تعلم السحر كفر بظاهر الآية": ١/١٦، وقال أيضا: "قال مالك، فيمن يعقد الرجال عن النساء يعاقب ولا يقتل. فيؤخذ من هذا أنه يليس كل سحر كفرا": ١/١٧، وينظر أيضا المحرر: ١/٣٠٦..

الآية الرابعة عشرة : قوله تعالى :﴿ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ﴾ [ البقرة : ١٠٦ ].
٢٤- القرطبي : قال مالك : محكمة مكان منسوخة. ١
١ - الجامع: ٢/٦٩..
الآية الخامسة عشرة : قوله تعالى :﴿ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ﴾ [ البقرة : ١١٠ ].
٢٥- ابن عبد البر : ذكر الطبري عن يونس بن عبد الأعلى عن أشهب عن مالك قال : هي فرض، وفي سماع زياد بن عبد الرحمن، قال : سئل مالك عن تفسير قول الله تعالى :﴿ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ﴾، أي زكاة هي التي قرنت بالصلاة ؟ قال : فسمعته يقول : هي زكاة الأموال كلها، من الذهب، والورق، والثمار، والحبوب والمواشي، وزكاة الفطر، وتلا :﴿ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ﴾١. ٢
١ -سورة التوبة، آية: ١٠٣..
٢ - الكافي: ١١٣..
الآية السادسة عشرة : قوله تعالى :﴿ فأينما تولوا فثم وجه الله ﴾ [ البقرة : ١١٥ ].
٢٦- مكي : منسوخة عند مالك بقوله :﴿ فول وجهك شطر المسجد الحرام ﴾١. ٢
١ - الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: ١٣١ وزاد قائلا: "فيكون هذا مما نسخ قبل العمل به لأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه صلوا في سفر ولا حضر، فريضة إلى حيثما توجهوا. ونسخها بقوله: "فول وجهك شطر المسجد الحرام، وهو أيضا قول قتادة"..
٢ - سورة البقرة، آية: ١٤٤..
الآية السابعة عشرة : قوله تعالى :﴿ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ﴾ [ البقرة : ١٢٠ ].
٢٧- القرطبي : قال مالك : الكفر ملل، فلا يرث اليهودي النصراني، ولا يرثان المجوسي. ١
١ - الجامع: ٢/ ٩٤..
الآية الثامنة عشرة : قوله تعالى :﴿ يتلونه حق تلاوته ﴾ [ البقرة : ١٢١ ].
٢٨- السيوطي : أخرج الخطيب في كتاب رواة مالك، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ يتلونه حق تلاوته ﴾ قال : يتبعونه حق اتباعه. ١
١ - الدر المنثور: ١/٢٧٢. وينظر الهداية لمكي بن أبي طالب: ٢/٣٥٥ تحقيق الأستاذ زارة صالح..
الآية التاسعة عشرة : قوله تعالى :﴿ ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ﴾
[ البقرة : ١٢٨ ].
٢٩- ابن العربي : قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : لما وقف إبراهيم عليه السلام على المقام أوحى الله سبحانه إلى الجبال أن تأخري عنه، فتأخرت حتى رأى موضع المناسك كلها، فذلك قوله تعالى :﴿ وأرنا مناسكنا ﴾. ١
١ - القبس: ٢/١٦٤، وزاد قائلا: "هذا شيء مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم يصح لنا سنده، إلا أن مالكا نقله لثلاثة أوجه: أحدها أنه مناسب لنظم القرآن، الثاني أنه يسير من قدرة الجليل في كرامة الخليل أنه جائز في المعقول لا يخرج على الأصل المتقدم". ينظر الهداية: ٩٧ خ ع رقم ٦٠٣، والجامع: ١/٤٥٧..
الآية الموفية عشرين : قوله تعالى :﴿ ويعلمهم الكتاب والحكمة ﴾ [ البقرة : ١٢٩ ].
٣٠- الطبري : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قلت لمالك : ما الحكمة ؟ قال : المعرفة بالدين، والفقه في الدين، والاتباع له. ١
٣١- القاضي عياض : قال مالك : إنما الحكمة مسحة ملك على قلب العبد. وقال أيضا : الحكمة نور يقذفه الله في قلب العبد. وقال أيضا : يقع لقلبي أن الحكمة، الفقه في دين الله، وأمر يدخله الله القلوب من رحمته وفضله. ٢
وقال أيضا : الحكمة التفكر في أمر الله والاتباع له.
وقال :-مالك- في سماع ابن وهب وابن القاسم : الحكمة طاعة الله والاتباع لها، والفقه في الدين، والعمل به.
٣٢- ابن عطية : روى ابن وهب عن مالك قال : الحكمة، الفقه في الدين، والفهم الذي هو سجية ونور من الله تعالى. ٣
٣٣- القرطبي : الحكمة المعرفة بالدين والفقه في التأويل، والفهم الذي هو سجية ونور من الله تعالى، قاله مالك، ورواه عنه ابن وهب. ٤
١ - جامع البيان: ١/ ٥٥٧، ونقله الخازن في لباب التأويل: ١/١١٢..
٢ -المدارك: ٢/٦٢، وينظر الموافقات للشاطبي: ٤/٩٤-٩٨..
٣ -المحرر: ١/٣٦١..
٤ -الجامع: ٢/١٣١..
الآية الحادية والعشرون : قوله تعالى :﴿ سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ﴾ [ البقرة : ١٤٢ ].
٣٤- السيوطي : أخرج مالك عن ابن عمر قال : بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أنزل عليه الليلة القرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة. ١
١ -الدر: ١/٣٤٦. وقال الألوسي في روح المعاني: "اختلف الناس في مدة بقائه صلى الله عليه وسلم مستقبلا بيت المقدس، ففي رواية مالك بن أنس، تسعة أشهر أو عشرة أشهر": م١ج٢/٣، وتفسير ابن وهب: ٢/١٣٨..
الآية الثانية والعشرون : قوله تعالى :﴿ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ﴾ [ البقرة : ١٤٣ ].
٣٥- مكي : روى أشهب عن مالك أنه قال : ينبغي للناس أن يأمروا بطاعة الله عز وجل، فإن عصي كان شهيدا على من عصاه، قال تعالى :﴿ لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ﴾. ١
قوله تعالى :﴿ وما كان الله ليضيع إيمانكم ﴾.
٣٦- مكي : روى ابن وهب وابن القاسم عن مالك أنه قال : في قول الله عز وجل :﴿ وما كان الله ليضيع إيمانكم ﴾ : هي الصلاة إلى بيت المقدس قبل أن تصرف القبلة إلى الكعبة. ٢
٣٧- ابن رشد : قال مالك : فإني لأذكر بقراءة هذه الآية قول المرجئة إن الصلاة ليست من الإيمان، وقد سماها الله عز وجل من الإيمان. ٣
٣٨- ابن العربي : زاد أشهب وابن عبد الحكم : قال مالك : أقام الناس يصلون نحو بيت المقدس، ستة عشر شهرا ثم أمروا بالبيت، فقال الله سبحانه وتعالى :﴿ وما كان الله ليضيع إيمانكم ﴾ أي صلاتكم إلى بيت المقدس. ٤
قال :-يعني مالكا- وإني لأذكر بهذه الآية قول المرجئة : إن الصلاة ليست من الإيمان.
١ - الهداية: ٢/٤٠٠..
٢ - الهداية: ٢/٤٠٦، وينظر أحكام القرآن لابن العربي: ١/ ٤١. والأحكام الصغرى لابن العربي: ١/٦٨، والبيان والتحصيل: ١٧/٥٤٢ وتغير عبد الله بن وهب: ٢/١٣١..
٣ -البيان والتحصيل: ١٨/٢٦٨. وينظر الجامع: ٢/١٥٧..
٤ -أحكام القرآن لابن العربي: ١/٤١، وقال ابن رشد في البيان والتحصيل: "وعلى هذا القول أكثر أهل التفسير": ١٨/٢٦٨، وقال في الفتاوي: "وما روي أن الصلاة هي الإيمان على ما قاله أهل التأويل في قول الله عز وجل: ﴿وما كان الله ليضيع إيمانكم﴾. أي صلاتكم إلى بيت المقدس صحيح، لأن الصلاة لا تصح إلا مع الإيمان، إذ من شرط صحتها النية، واعتقاد الوسيلة إلى الله تعالى بها والقربة، وذلك لا يصح مع عدم الإيمان. فلما كانت الصلاة لا تصح إلا مع مقارنة الإيمان لها قيل فيها: إنها إيمان، ومن الإيمان، لأنها لو تجردت عن الإيمان لم تكن صلاة ولا طاعة، وسميت باسم الأصل الذي تبت له الحكم والتسمية به، وهو الإيمان": ١/٢٣٤.
وقال القاضي ابن العربي في أحكام القرآن: "فإن قيل: فإن كانت الصلاة من الإيمان فلما قال مالك، أن تاركها غير كافر؟. وهذا تناقض، فحققوا وجه التقصي عنه. فالجواب أنا وإن قلنا إن الصلاة من الإيمان لم يبعد ذلك تسمية، وقد جاء ذلك في القرآن، قال الله تعالى: ﴿الذين يقيمون الصلاة﴾ إلى قوله تعالى: ﴿أولئك هم المؤمنون﴾ [الأنفال: ٢، ٣، ٤] وكذلك لا يبعد أن يسمى تاركها كافرا". قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة": ١/٤١..

الآية الثالثة والعشرون : قوله تعالى :﴿ قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ﴾ [ البقرة : ١٤٤ ].
٣٩- يحيى : روى مالك عن يحيى بن سعد، عن سعيد بن المسيب، أن تحويلها كان قبل غزوة بدر بشهرين. ١
٤٠- ابن الفرس : روى ابن القاسم، عن مالك أن جبريل هو الذي أقام للنبي صلى الله عليه وسلم قبلة مسجده. ٢
٤١- الألوسي : قال الإمام مالك : إن الكعبة قبلة أهل المسجد، والمسجد قبلة مكة، وهي قبلة الحرم وهو قبلة الدنيا. ٣
١ - الموطأ: ١/ ١٩٦ كتاب القبلة، باب ما جاء في القبلة، وأخرجه القرطبي في الجامع: ٢/١٤٩..
٢ -أحكام القرآن لابن الفرس: ٢٧ وزاد قائلا: "مالك رحمه الله جمع بين الآيتين وحمل قوله تعالى: ﴿وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره﴾ على عمومه وقصر قوله تعالى: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ على ما نزل فيه كما ذكر ابن عمر أنه نزل في النافلة على الراحلة في السفر حيث توجهت، وخصص بذلك عموم الآية المذكورة".
وقال القرطبي في الجامع: "في هذه الآية حجة واضحة لما ذهب إليه مالك ومن وافقه في أن المصلي حكمه أن ينظر أمامه لا إلى موضع سجوده": ٢/١٦٠..

٣ -روح المعاني: م١ ج ٢/٩..
الآية الرابعة والعشرون : قوله تعالى :﴿ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ﴾ [ البقرة : ١٥٤ ].
٤٢- ابن العربي : قال مالك : سبل الله كثيرة، وأفضلها الجهاد. ١
٤٣- السيوطي : أخرج مالك عن كعب بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من تمر الجنة أو شجر الجنة ). ٢
١ -الأحكام الصغرى لابن العربي: ١/١٥٩ وينظر كتابه أحكام القرآن: ١/٢٢٩..
٢ -الدر: ١/٣٧٦..
الآية الخامسة والعشرون : قوله تعالى :( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) [ البقرة : ١٥٨ ].
٤٤- الطبري : حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : أخبرنا مالك ابن أنس، عن هشام بن عروة عن أبيه قال : قلت لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حديث السن : أرأيت قول الله عز وجل :﴿ إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ﴾ [ البقرة : ١٥٨ ] فما نرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما، فقالت عائشة : كلا لو كانت كما تقول، كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكانت مناة حدو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله :﴿ إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ﴾ [ البقرة : ١٥٨ ]. ١
٤٥- الطبري : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال مالك بن أنس : من نسي السعي بين الصفا والمروة، حتى يستبعد من مكة فليرجع فليسع، وإن كان قد أصاب النساء، فعليه العمرة والهدي. ٢
١ -جامع البيان: ٢/٥١ وينظر ابن كثير: ١/٢٠٠ والدر: ١/٣٨٤ وأخرجه البخاري في كتاب الحج ٧٩، باب وجوب الصفا والمروة، ومسلم في كتاب الحج ٤٣ باب أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح إلا به. وفتح الباري: ٨/١٧٦ كتاب التفسير، باب قوله تعالى: ﴿إن الصفا والمروة من شعائر الله﴾..
٢ - جامع البيان ٢/٤٩، وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: "ذكر ابن القصار عن إسماعيل القاضي، أنه ذكر عن مالك، فيمن ترك السعي بين الصفا والمروة حتى تباعد وتطاول الأمر وأصاب النساء أنه يهدي فيجزي". وزاد قائلا: "ذهب مالك إلى أن السعي بين الصفا والمروة واجب في الحج والعمرة وعلى من تركه حتى يرجع إلى بلده. العدوة حتى يأتي به" ٢٨. وقال يحيى في الموطأ: سئل مالك عن الرجل يلقاه الرجل بين الصفا والمروة، فيقف معه يحدثه؟ فقال: لا أحب له ذلك. قال مالك: ومن نسي من طوافه شيئا، أو شك فيه، فلم يذكر إلا وهو يسعى بين الصفا والمروة. فإنه يقطع سعيه، ثم يتم طوافه بالبيت، على ما يستيقن. ويركع ركعتي الطواف. ثم يبتدئ سعيه بين الصفا والمروة. ١/٣١٩..
الآية السادسة والعشرون : قوله تعالى :﴿ فإن الذين يكتمون ما أنزلنا ﴾ [ البقرة : ١٥٩ ].
٤٦- القاضي عياض : قال يعيش بن هشام الخابوري : كنت عند مالك إذا أتى رسول المأمون، ويقال : الرشيد، هو الصحيح، ينهاه أن يحدث بحديث معاوية في السفرجل. ١
قال : تلا مالك قوله تعالى :﴿ إن الذين يكتمون ما أنزلنا ﴾. ثم قال : والله لأخبرن بها في هذه الغرفة واندفع فقال : حدثنا نافع عن ابن عمر : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهدي إليه سفرجل، فأعطى أصحابه واحدة واحدة، وأعطى معاوية ثلاث سفرجلات، وقال : القني بهن في الجنة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( السفرجل يذهب طخاء القلب ).
١ - ترتيب المدارك: ٢/٩٧ وزاد معلقا: "لم يدرك الإمام مالك أيام المأمون، توفي قبلها، وذكر المأمون هنا وهم "وذكر هذا الخبر أيضا في الديباج لابن فرحون: ١/١٢٧-١٢٨ وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم: "أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال: حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أحمد بن داود، قال: حدثنا سحنون قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرنا مالك عن أبي شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة قال: إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا، ثم تلا: ﴿إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب﴾ [البقرة: ١٧٤] ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى﴾ [البقرة: ١٥٩] وإن إخواننا المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإخواننا الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشبع بطنه ويحضر ما لا يحضرون": ١٢٧.
وقال أيضا: روى يزيد بن أبي الغمر عن ابن القاسم قال: كنا إذا ودعنا مالكا يقول لنا: واتقوا الله وانشروا هذا العلم وعلموه ولا تكتموه": ١٦٢..

الآية السابعة والعشرون : قوله تعالى :﴿ يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ﴾ [ البقرة : ١٦٨ ].
٤٧- القرطبي : قال مالك : الطيب الحلال. ١
١ - الجامع: ٢/٢٠٧ وزاد قائلا: هو تأكيد لاختلاف اللفظ، وقال الألوسي في روح المعاني: "معناه كما قال الإمام مالك: ما يجده فم الشرع لذيذا لا يعافه ولا يكرهه، أو تراه عينه طاهرا عن دنس الشبهة": م١ ج٢/٣٨..
الآية الثامنة والعشرون : قوله تعالى :﴿ إنما حرم عليكم الميتة والدم ﴾ [ البقرة : ١٧٣ ].
٤٨- ابن العربي : قال مالك : خصص عموم الآية بقوله عليه السلام هو الطهور ماؤه، الحل ميتته. ١
قوله تعالى :﴿ ولحم الخنزير ﴾ [ البقرة : ١٧٣ ].
٤٩- الألوسي : روي عن الإمام مالك أنه قال له شخص : ما تقول في خنزير البحر ؟ فقال : حرام ثم جاء فقال له : ما تقول في حيوان في البحر على صورة الخنزير ؟ فقال : حلال- فقيل له- في ذلك فقال : إن الله تعالى حرم الخنزير، ولم يحرم ما هو على صورته. ٢
قوله تعالى :﴿ فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ﴾ [ البقرة : ١٧٣ ].
٥٠- يحيى : عن مالك، أن أحسن ما سمع في الرجل، يضطر إلى الميتة : أنه يأكل منها حتى يشبع، ويتزود منها. فإن وجد عنها غنى طرحها، وسئل مالك، عن الرجل يضطر إلى الميتة. أيأكل منها، وهو يجد ثمر القوم أو زرعا أو غنما بمكانه ذلك ؟ قال مالك : إن ظن أن أهل ذلك الثمر، أو الزرع، أو الغنم، يصدقونه بضرورته، حتى لا يعد سرقا فتقطع يده، رأيت أن يأكل من أي ذلك وجد ما يرد جوعه، ولا يحمل منه شيئا. وذلك أحب إلي من أن يأكل الميتة. وإن هو خشي أن لا يصدقوه، وأن يعد سارقا بما أصاب من ذلك، فإن أكل الميتة خير له عندي. وله في أكل الميتة على هذا الوجه سعة مع أني أخاف أن يعدو عاد ممن لم يضطر إلى الميتة، يريد استجازة أخذ أموال الناس، وزروعهم وثمارهم بذلك، بدون اضطرار. ٣
قال مالك : وهذا أحسن ما سمعت.
١ -الأحكام الصغرى لابن العربي: ١/٧٤، والحديث ذكره مالك في الموطأ، كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء: ١/٢٢. وقال الجصاص في أحكام القرآن: "قال ابن وهب عن مالك في الدجاجة تقع في قدر اللحم وهي تطبخ فتموت فيها، قال: لا أرى أن آكل تلك القدر، لأن الميتة قد اختلطت بما كان في القدر": ١/١١٩، وقال القرطبي في الجامع: "قال مالك بجواز أكل جميع دواب البحر حيها وميتها": ٢/٢١٧..
٢ - روح المعاني: م١/ج٢/٤٢. قال ابن الفرس في أحكام القرآن: "قال ابن القاسم: لم يكن يجيبنا فيه يعني خنزير الماء - بشيء ويقول: إنكم تقولون خنزير": ٣٥ وأضاف أيضا: "يريد –يعني مالكا- والله أعلم- التعليق بقوله تعالى: "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير": وينظر الجامع للقرطبي: ٢/ ٢١٨، وقال القرطبي في الجامع: قال مالك بجواز أكل جميع دواب البحر حيها وميتها وتوقف أن يجيب في خنزير الماء وقال: أنتم تقولون خنزيرا": ٢/٢١٧..
٣ - الموطأ: ٢/٤٩٩ كتاب الصيد، باب ما جاء فيمن يضطر إلى أكل الميتة وورد هذا النص في موطأ زياد باختلاف في اللفظ أما من حيث المعنى فلا اختلاف ١٦٩، ونقله المهدوي في التحصيل: ١/ ٨١ مخطوط الجامع الكبير بمكناس رقم ١١٩. ومكي في الهداية: ٢/٤٦٠ وابن العربي في أحكام القرآن: ١/٥٥، وفي الأحكام الصغرى: ١/٧٨ والجصاص في أحكام القرآن: ١/١٣٠. وابن عطية في المحرر: ٢/٥١ والألوسي في روح المعاني: م١ ج ٢/٤٢..
الآية التاسعة والعشرون : قوله تعالى :﴿ وآتى المال على حبه ﴾ [ البقرة : ١٧٧ ].
٥١- ابن العربي : قال مالك : يجب على كافة المسلمين فداء أسراهم، وإن استغرق ذلك أموالهم. ١
قوله تعالى :﴿ وفي الرقاب ﴾ [ البقرة : ١٧٧ ].
٥٢- ابن العربي : قال مالك : هم عبيد يعتقون قربة. ٢
١ - أحكام القرآن لابن العربي: ١/٦٠، وينظر الجامع: ٢/٢٤..
٢ - أحكام القرآن لابن العربي: ١/٦٠..
الآية الموفية ثلاثين : قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ﴾ [ البقرة : ١٧٨ ].
٥٣- مكي : الآية عند مالك محكمة. ١
٥٤- يحيى : قال مالك : أحسن ما سمعت في تأويل هذه الآية، قول الله تبارك وتعالى :
﴿ الحر بالحر والعبد بالعبد ﴾ فهؤلاء الذكور ﴿ والأنثى بالأنثى ﴾ أن القصاص يكون بين الإناث كما يكون بين الذكور. والمرأة الحرة تقتل بالمرأة الحرة. كما يقتل الحر بالحر. والأمة تقتل بالأمة. كما يقتل العبد بالعبد، والقصاص يكون بين النساء كما يكون بين الرجال. ٢
والقصاص أيضا يكون بين الرجال والنساء. وذلك أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه :﴿ وكتبنا عليكم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ﴾٣ فذكر الله تبارك وتعالى أن النفس بالنفس. فنفس المرأة الحرة بنفس الرجل الحر، وجرحها بجرحه.
٥٤م- ابن وهب : قال : أخبرني مالك بن أنس قال : قال الله تعالى :﴿ الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ﴾ فإذا قتل العبد العبد عمدا خير سيد العبد المقتول، فإن شاء قتل العبد القاتل، وإن كان أفضل منه بأضعاف، وإن شاء قبل العقل، فإن أخذ العقل أخذ قيمة عبده المقتول. وإن شاء أرباب العبد القاتل أن يعطوه ثمن العبد المقتول فعلوا، وإن أسلموا عبدهم فليس عليهم إلا ذلك، وليس لأرباب العبد المقتول، إذا أخذوا العبد القاتل ورضوا بالعقل، أن يقتلوا العبد القاتل الذي يأخذون. قال : وذلك في القصاص كله بين العبدين في القتل وفي قطع اليد والرجل وأشباه ذلك.
قوله تعالى :﴿ فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ﴾ [ البقرة : ١٧٨ ].
٥٥- يحيى : قال مالك : فتفسير ذلك، فيما نرى والله أعلم، أنه من أعطي من أخيه شيء من العقل، فليتبعه بالمعروف. وليؤده إليه بإحسان. ٤
٥٦- ابن العربي : قال مالك في رواية ابن القاسم : موجب العمد القود خاصة، ولا سبيل إلى الدية إلا برضا من القاتل. ٥
٥٧- يحيى : قال مالك : إن ابن شهاب قال : مضت السنة في قتل العمد حين يعفو أولياء المقتول. أن الدية تكون على القاتل في ماله خاصة. إلا أن تعينه العاقلة، عن طيب نفس منها. ٦
قال مالك : الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا فيمن قبلت منه الدية في قتل العمد، أو في شيء من الجراح التي فيها القصاص : أن عقل ذلك لا يكون على العاقلة. إلا أن يشاؤوا. وإنما عقل ذلك في مال القاتل أو الجارح خاصة إن وجد له مال، فإن لم يوجد له مال كان دينا عليه، وليس على العاقلة منه شيء، إلا أن يشاؤوا.
٥٨- يحيى : عن مالك : أنه أدرك من يرضى من أهل العلم يقولون في الرجل إذا أوصى أن يعفى عن قاتله، إذا قتل عمدا، إن ذلك جائز له. وأنه أولى بدمه من غيره من أوليائه من بعده. ٧
قال مالك، في الرجل يعفو عن قتل العمد بعد أن يستحقه ويجب له : إنه ليس على القاتل عقل يلزمه. إلا أن يكون الذي عفا عنه اشترط ذلك عند العفو عنه.
قال مالك، في القاتل عمدا إذا عفي عنه. إنه يجلد مائة جلدة ويسجن سنة.
قال مالك، وإذا قتل الرجل عمدا وقام، على ذلك البينة، وللمقتول بنون وبنات. فعفا البنون وأبى البنات أن يعفون، فعفو البنين جائز عن البنات، ولا أمر للبنات مع البنين في القيام بالدم والعفو عنه.
٥٩- القرطبي : قال مالك : من قتل بعد أخذ الدية، هو كمن قتل ابتداء إن شاء الولي قتله، وإن شاء عفا عنه، وعذابه في الآخرة. ٨
قوله تعالى :﴿ فله عذاب أليم ﴾ [ البقرة : ١٧٨ ].
٦٠- ابن الفرس : قال مالك : هو عذاب الآخرة. ٩
١ - الإيضاح في الناسخ والمنسوخ: ١٣٧..
٢ - الموطأ: ٢/ ٨٧٣-٨٧٤، وينظر الهداية لمكي: ٢/٤٧٣، وأحكام القرآن لابن العربي: ١/ ٦٤، وأحكام القرآن لابن الفرس: ٣٧.
قال محمد بن رشد في المقدمات: روي عن مالك رحمه الله في هذه الآية تأويل جيد ظاهر رواه عنه أبو المصعب وهو أنه قال: أحسن ما سمعت في تأويل هذه الآية: ﴿الحر بالحر﴾ أن معنى ذلك الجنس، الذكر والأنثى فيه سواء وكذلك العبد بالعبد معناه الجنس الذكر والأنثى سواء، وأعاد إلى قوله: "والجروح قصاص" بالمساواة في ذلك الحرية في جنسها والعبودية في جنسها، وهذا جيد لأن الألف واللام إنما يدخلان على الواحدة للتعريف إما بالعهد وإما باستغراق الجنس، فإذا لم يكن عهد فلابد أن يحمل على استغراق الجنس وإلا كان نكرة فكأنه قال تعالى على هذا التأويل الأحرار بالأحرار والعبيد بالعبيد ٣١١/٢٨٣.
وينظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي: ١٣٧. وزاد فيه قائلا: "وأشار أبو عبيد إلى أن قوله – يعني مالكا- هو مذهب ابن عباس"..

٣ سورة المائدة، آية: ٤٥.
.

٤ الموطأ: ٢/٨٦٦ كتاب العقول، باب ما يوجب العقل على الرجل في خاصة ماله. قال الباجي في المنتقى معلقا على قول مالك: "ذلك يقتضي تفسيره الآية برأيه واجتهاده": ٧/١٠٣.
وينظر، الهداية لمكي: ١٣١ م خ ع رقم ق ٦٠٣ وأحكام القرآن لابن العربي: ١/٦٦. وقال ابن العربي في الناسخ والمنسوخ: "رجع مالك وأصحابه العطاء لأن العفو إذا كان بمعنى الإسقاط وصل بكلمة (عن) كقوله تعالى: ﴿واعف عنا﴾ [البقرة: ٢٨٦]: ٢/٥٤.
.

٥ أحكام القرآن لابن العربي: ١/٦٦، وينظر، الأحكام الصغرى: ١/٨٤. والمحرر: ٢/٦٢، والجامع: ٢/٢٥٤.
.

٦ الموطأ: ٢/٨٧٤ كتاب العقول، باب العفو في قتل العمد.
.

٧ الموطأ: ٢/٨٧٤ كتاب العقول، باب العفو في قتل العمد..
٨ الجامع: ٢/٢٥٥ وينظر المحرر: ٢/٦٥، والفتح القدير: ١/١٧٦.
قال محمد بن رشد في المقدمات الممهدات: جعل مالك العافي في هذه الآية الدافع لا التارك، وجعل العافي في آية الطلاق في قوله: ﴿وإن طلقتموهن قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح﴾ [البقرة، ٢٣٧] وهو الزوج فالمعنى عنده في الآية: "إلا أن يعفو الزوجات فيتركن النصف، أو يعفو الزوج فيدفع الجميع والله أعلم ما أراد من ذلك لا إله إلا هو": ٣/٢٨٩..

٩ - أحكام القرآن لابن الفرس: ٤٢..
الآية الحادية والثلاثون : قوله تعالى :﴿ ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ﴾ [ البقرة : ١٧٩ ]
٦١- القاضي عياض : قال أشهب : دعا بعض الأمراء مالكا يستشيره في شيء فدخل عليه، وأشار بقطع قوم وقتل قوم، وخرج علينا وهو يبتسم ويقرأ :﴿ ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ﴾. ١
١ - ترتيب المدارك: ٢/٩٥ وقال: "قال حفص بن غياث: كان مالك بن أنس يجلس عند الوالي، فيعرض عليه أهل السجن، فيقول: اقطع هذا، واضرب هذا مائة، وهذا مائتين، واجلد هذا، كأنه أنزل عليه كتاب: ٢/٥٩. قال القاضي عياض في ترتيب المدارك أيضا: "قال عبد الجبار بن عمر: حضرت مالكا، وقد أحضره الوالي في جماعة من أهل العلم، فسألهم عن رجل عدا على أخيه حتى إذا أدركه دفعه في بئر وأخذ رداءه، أبو الغلامين حاضران، فقال جماعة من العلماء: الخيار للأبوين في العفو أو القصاص، فقال مالك: أٍرى أن تضرب عنقه الساعة، فقال الأبوان: أيقتل ابننا بالأمس ونفجع بالآخر اليوم؟ ونحن أولياء الدم، وقد عفونا! فقال الوالي: يا أبا عبد الله! ليس ثم طالب غيرهم، وقد عفوا فقال مالك: والله الذي لا إله إلا هو لا تكلمت في العلم أبدا أو تضرب عنقه.
وسكت، وكلم فلم يتكلم. فارتجت المدينة وصاح الناس: إذا سكت مالك فمن نسأل ومن نجيب؟ وكثر اللغط، وقالوا: لا أحد بمصر من الأمصار مثله، ولا يقوم مقامه في العلم والفضل فلما رأى الوالي عزمه السكوت قدم الغلام فضربت عنقه، فلما سقط رأسه التفت مالك إلى من حضر وقال: إنما قتله بالحرابة حين أخذ ثوب أخيه، ولم أقتله قودا إذا عفا أبواه. فانصرف الناس، وقد طابت نفوسهم حين رأوه بر في يميه، إذا كان يعلم أنه لا يحنث: ٢/٥٨..

الآية الثانية والثلاثون : قوله تعالى :﴿ وكتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ﴾ [ البقرة : ١٨٠ ].
٦٢- يحيى : سمعت مالكا، يقول في هذه الآية : إنها منسوخة، قول الله تبارك وتعالى :
﴿ إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ﴾ [ البقرة : ١٨٠ ] نسخها ما نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله عز وجل١. ٢
قال مالك : السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا تجوز وصية لوارث إلا أن يجيز له ذلك ورثة الميت، وأنه إن أجاز له بعضهم وأبى بعض جاز له حق من أجاز منهم، ومن أبى أخذ حقه من ذلك.
قوله تعالى :﴿ والأقربين ﴾ [ البقرة : ١٨٠ ].
٦٣- القرطبي : قال مالك : من أوصى لغير قرابة، وترك القرابة محتاجين فبئس ما صنع ! وفعله مع ذلك جائز ماض لكل من أوصى له من غني وفقير، قريب وبعيد، مسلم وكافر. ٣
١ -سورة النساء: آية: ١١..
٢ - الموطأ: ٢/٧٦٥ كتاب الوصية، باب الوصية للوارث والحيازة. قال الباجي في المنتقى: "قول مالك، نسختها آية الفرائض قوله تعالى: ﴿الوصية للوالدين والأقربين﴾ يريد والله أعلم أنه نسخ من ذلك الوصية للوالدين والورثة من الأقربين دون من لا يرث وذلك أن آية الفرائض قد استوعبت لكل وارث حقه من تركة الميت، فليس للموصي أن ينفض أحدهم من حقه ولا أن يزيد فيه وصية أو غيرها، وقد روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" ٦/١٧٦.
وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: حكى أبو الفرج عن مالك أنه قال: نسخت الوصية للوالدين ما تواتر من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث). (ونسخت الوصية للأقربين آية المواريث): ٤٣ وقد اعترض على هذا الكلام قائلا: وهذا القول معترض من أوجه أحدها أنه ليس له في الصحة أصل لأنه منقطع، والثاني أنه خبر آحاد، ولا يجوز نسخ القرآن بخبر الآحاد على قول الجمهور. ينظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي: ١٤٢..

٣ - الجامع: ٢/٢٦٤..
الآية الثالثة والثلاثون : قوله تعالى :﴿ فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ﴾ [ البقرة : ١٨٤ ].
٦٤- يحيى : سمعت مالكا يقول : الأمر الذي سمعت من أهل العلم، أن المريض إذا أصابه المرض الذي يشق عليه الصيام معه ويتعبه، ويبلغ ذلك منه، فإن له أن يفطر، وكذلك المريض الذي اشتد عليه القيام في الصلاة وبلغ منه، وما الله أعلم بعذر ذلك من العبد، ومن ذلك ما لا تبلغ صفته. فإذا بلغ ذلك، صلى وهو جائز، ودين الله يسر، وقد أرخص الله للمسافر في الفطر في السفر- وهو أقوى على الصيام من المريض. قال الله تعالى في كتابه :﴿ فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ﴾. فأرخص الله للمسافر في الفطر في السفر، وهو أقوى على الصوم من المريض. فهذا أحب ما سمعت إلي. وهو الأمر المجتمع عليه. ١
٦٥- يحيى : عن مالك، أنه بلغه أن عبد الله بن عمر سئل عن المرأة الحامل، إذا خافت على ولدها واشتد عليها الصيام ؟ قال : تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينا. مدا من حنطة بمد النبي صلى الله عليه وسلم. ٢
قال مالك : وأهل العلم يرون عليها القضاء كما قال الله عز وجل :﴿ فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ﴾. ويرون ذلك مرضا من الأمراض مع الخوف على ولدها.
قوله تعالى :﴿ أو على سفر ﴾ [ البقرة : ١٨٤ ].
٦٦- ابن العربي : قال مالك : أقل السفر يوم وليلة. ٣
قوله تعالى :﴿ فعدة من أيام أخر ﴾ [ البقرة : ١٨٤ ].
٦٧- يحيى : قال مالك : وأحب إلي أن يكون ما سمى الله في القرآن يصام متتابعا. ٤
قوله تعالى :﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ﴾ [ البقرة : ١٨٤ ].
٦٨- مكي : قال مالك : الآية منسوخة، والإطعام على الكبير، إذا أفطر ولم يطق الصوم. ٥
٦٩- مكي : روى ابن وهب قال : قال مالك في الآية : " إنما ذلك في الرجل يمرض فيفطر ثم يبرأ فلا يقضي ما أفطر حتى يدركه رمضان آخر من قابل، فعليه أن يبدأ برمضان الذي أدركه، ثم يقضي الذي فاته بعد ذلك، ويطعم عن كل يوم مدا من حنطة. ٦
قال مالك : وأما رجل اتصل به المرض إلى أن دخل عليه رمضان المقبل، فليس عليه إطعام وعليه القضاء على كل حال.
قوله تعالى :﴿ فمن تطوع خيرا ﴾ [ البقرة : ١٨٤ ].
٧٠- ابن الفرس : عند مالك، عام في جميع أنواع الخير. ٧
قوله تعالى :﴿ وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ﴾ [ البقرة : ١٨٤ ].
٧١- ابن العربي : قال مالك : الصوم خير من الفطر في السفر. ٨
١ -الموطأ: ١/٣٠٢ كتاب الصيام، باب ما يفعل المريض في صيامه..
٢ -الموطأ: ١/٣٠٨ كتاب الصيام، باب فدية من أفطر في رمضان من علة.
قال مكي في الهداية: قال مالك: إذا خافت الحامل على نفسها أفطرت ولا إطعام عليها لأنه مرض. وعليها القضاء إذا صحت وقويت. وروى عنه أنه قال: تفطر وتطعم لكل يوم مدا بمد النبي صلى الله عليه وسلم. وذكره عن ابن عمر- الحديث السابق الذكر- وتفطر المرضع إذا خافت على ولدها ولم تجد من يرضع لها وتطعم وتقضي. فمالك يفرق بين الحامل والمرضع، فيلزم المرضع الإطعام ولا يلزمه الحامل، لأنها مريضة ١٣٧م. خ ع رقم ٦٠٣. وينظر: الناسخ والمنسوخ لمكي: ١٥٠، وأحكام القرآن للجصاص: ١/ ١٨٠، وأحكام القرآن لابن الفرس: ٤٨..

٣ -أحكام القرآن لابن العربي: ١/٧٨..
٤ -الموطأ: ١/٣٠٥، كتاب الصيام باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات. وفي أحكام القرآن للجصاص: ١/٢٠٨. قال مالك والثوري والحسين بن صالح: يقضيه متتابعا أحب إلينا"..
٥ -الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: ١٥٠ وزاد قائلا: وروي عنه- يعني عن مالك- أنه استحب الإطعام للكبيرين إذا أفطر ولم يطيقا الصوم من غير إيجاب قال مكي: الأشهر المعول عليه في هذه الآية أنها منسوخة بقوله تعالى: ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾ [البقرة: ١٨٥] صفحة ١٤٩..
٦ - الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: ١٥١. قال ابن الفرس في أحكام القرآن: "وقد أنكر أبو حنيفة هذا التأويل، فلذلك لم ير على من أخر قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر فدية": ٤٨.
وقال مكي: قال أبو محمد: وهذا لتأويل يدل على أن الآية: محكمة عنده في هذه الرواية، ومعنى ﴿الذين يطيقونه﴾ على هذا التأويل: أي يطيقون قضاء ما عليهم فلا يقضون حتى يأتي رمضان آخر، فعليهم صوم الداخل وقضاء الفائت بعد ذلك، وإطعام مد عن كل يوم فهي محكمة – على هذا التأويل- وهو قول زيد ابن أسلم وقاله ابن شهاب أيضا. وعنه أنها منسوخة": ١٥١. وينظر الهداية لمكي: ١٣٦م. خ ع: ٦٠٣ والناسخ والمنسوخ لابن العربي: ٢/٢١..

٧ - أحكام القرآن لابن العربي: ٤٩..
٨ - أحكام القرآن لابن العربي: ١/١٨٠..
الآية الرابعة والثلاثون : وقوله تعالى :﴿ شهر رمضان ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ].
٧١م- يحيى : عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال : إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين. ١م
الآية الخامسة والثلاثون : قوله تعالى :﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ].
٧٢- القعنبي : قال مالك في الذي يرى الهلال في رمضان وحده : إنه يصومه لأنه لا ينبغي له أن يفطر، وهو يعلم أن ذلك من رمضان، ومن رأى هلال شوال وحده فلا يفطر لأن الناس يتهمون أن يفطر من ليس منهم مأمونا ثم يقول أولئك إذا ظهر عليهم قد رأينا الهلال، ومن رأى هلال شوال نهارا فلا يفطر، وليتم صيام يومه فإنما هو هلال الليلة التي تأتي. قال مالك في صيام الناس يوم الفطر وهم يظنون أنه من رمضان، فجاءهم ثبت : أن هلال رمضان قد رئي قبل أن يصوموا بيوم، وأن يومهم ذلك أحد وثلاثون يوما، وأنهم يفطرون من ذلك اليوم، أية ساعة جاءهم الخبر غير أنهم لا يصلون صلاة العيد، إن كان ذلك جاءهم بعد زوال الشمس. ٢
قوله تعالى :﴿ ومن كان مريضا ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ].
٧٣- يحيى : سمعت مالكا يقول : الأمر الذي سمعت من أهل العلم، أن المريض إذا أصابه المرض الذي يشق عليه الصيام معه، ويتبعه، ويبلغ ذلك منه. فإن له أن يفطر وكذلك المريض إذا اشتد عليه القيام في الصلاة، وبلغ منه ما الله أعلم بعذر ذلك من العبد، ومن ذلك ما لا تبلغ صفته، فإذا بلغ ذلك، صلى وهو جالس ودين الله يسر، وقد أرخص الله للمسافر، في الفطر في السفر. وهو أقوى على الصيام من المريض. قال الله تعالى في كتابه :﴿ فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ﴾٣ فأرخص الله للمسافر، في الفطر في السفر، وهو أقوى على الصوم من المريض. فهذا أحب ما سمعت إلي وهو الأمر المجتمع عليه. ٤
قوله تعالى :﴿ أو على سفر ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ].
٧٤- القرطبي : قال مالك : قدرها- يعني رخصة الإفطار- يوم وليلة، ثم رجع فقال : ثمانية وأربعون ميلا. وقال مرة : اثنان وأربعون ميلا. وقال مرة : ستة وثلاثون ميلا. وقال مرة مسيرة يوم وليلة، وروي عنه اليومان. ٥
قوله تعالى :﴿ فعدة من أيام أخر ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ].
٧٥- يحيى : قال مالك : وأحب إلي أن يكون، ما سمى الله في القرآن، يصام متتابعا. ٦
قال مالك فيمن فرق قضاء رمضان فليس عليه إعادة وذلك مجزي عنه وأحب ذلك إلي أن يتابعه.
قوله تعالى :﴿ ولتكبروا الله على ما هداكم ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ].
٧٦- القرطبي : قال مالك : هو من حين يخرج من داره إلى أن يخرج الإمام. ٧
١ م- الموطأ: كتاب الصيام، باب جامع الصيام..
٢ - الموطأ: رواية القعبني: ٢٠٤ وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: مالك يحمل قوله ﴿فمن شهد منكم الشهر﴾ على شهوده بالإقامة وترك السفر دون ما ذكره غيره. من شهوده بالتكليف": ٥٠..
٣ -سورة البقرة، آية: ١٨٤..
٤ - الموطأ: ١/٣٠٢ كتاب الصيام، باب ما يفعل المريض في صيامه. وينظر المحرر: ٢/٧٥ والجامع: ٢/٢٧٦. قال القرطبي: قال ابن خويز منداد: واختلفت الرواية عن مالك في المرض المبيح للفطر، فقال مرة: هو خوف التلف من الصيام، وقال مرة: شدة المرض الزيادة فيه، والمشقة الفادحةّ: ٢/٢٧٦..
٥ - الجامع: ٢/٢٧٧ وزاد قائلا: "وفصل مرة بين البحر والبر فقال في البحر: مسيرة يوم وليلة، وفي البر ثمانية وأربعون ليلا..
٦ -الموطأ: ١/٣٠٥ كتاب الصيام، باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات، وقال السيوطي في الدر: أخرج مالك عن ابن عمر قال: يصوم شهر رمضان متتابعا من أفطره من مرض أو سفر": ١/٤٦٣..
٧ -الجامع: ٢/٣٠٦ وزاد قائلا: "ولفظ التكبير: عند مالك الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ثلاثا، وقال أيضا: قال ابن المنذر: وكان مالك لا يحد فيه حدا: ٣٠٧. وينظر أحكام القرآن للجصاص: ١/٢٢٥ وأحكام القرآن لابن الفرس: ٥١، والمحرر الوجيز: ٢/٨٥، وفتح القدير للشوكاني: ١/١٨٣..
٣٨- الآية السادسة والثلاثون : قوله تعالى :﴿ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ].
٧٧- يحيى : قال مالك : الرفث إصابة النساء، والله أعلم. ١
قوله تعالى :﴿ ثم أتموا الصيام إلى الليل ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ].
٧٧م- يحيى : قال مالك : ولا ينبغي أن يدخل الرجل في شيء من الأعمال الصالحة : الصلاة، والصيام، والحج، وما أشبه هذا من الأعمال الصالحة التي يتطوع بها الناس فيقطعه حتى يتمه على سنته : إذا كبر لم ينصرف حتى يصلي ركعتين وإذا صام لم يفطر حتى يتم صوم يومه وإذا أهل لم يرجع حتى يتم حجه، وإذا دخل في الطواف لم يقطعه حتى يتم سبوعه ولا ينبغي أن يترك شيئا من هذا إذا دخل فيه حتى يقضيه إلا من أمر يعرض له مما يعرض للناس من الأسقام التي يعذرون بها والأمور التي يعذرون بها وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه :﴿ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ﴾ فعليه إتمام الصيام كما قال الله. وقال الله تعالى :﴿ وأتموا الحج والعمرة لله ﴾ فلو أن رجلا أهل بالحج تطوعا وقد قضى الفريضة لم يكن له أن يترك الحج بعد أن دخل فيه ويرجع حلالا من الطريق وكل أحد دخل في نافلة فعليه إتمامها إذا دخل فيها كما يتم الفريضة، وهذا أحسن ما سمعت. ٢م
قوله تعالى :﴿ فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ].
٧٨- ابن العربي : روى ابن القاسم عن مالك، قال : " كان أول إسلام من رقد قبل أن يطعم، لم يطعم شيئا من الليل، فأنزل الله تعالى :﴿ فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ﴾. ٣
قوله تعالى :﴿ ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ].
٧٩- يحيى : عن مالك : أنه بلغه أن القاسم بن محمد، ونافعا مولى عبد الله بن عمر قال : لا اعتكاف إلا بصيام. يقول الله تبارك وتعالى في كتابه :﴿ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ﴾ فإنما ذكر الله الاعتكاف٤ مع الصيام. ٥
قال مالك : وعلى ذلك الأمر عندنا، أنه لا اعتكاف إلا بصيام.
٨٠- الطبري : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال مالك بن أنس : لا يمس المعتكف امرأته ولا يباشرها ولا يتلذذ منها بشيء، قبلة ولا غيرها. ٦
٨١- يحيى : قال مالك لا بأس بنكاح المعتكف نكاح الملك ما لم يكن المسيس، والمرأة المعتكفة أيضا، تنكح نكاح الخطبة ما لم يكن المسيس. ويحرم على المعتكف من أهله بالليل، ما يحرم عليه منهن بالنهار. ٧
٨٢- يحيى : قال مالك : يدخل المعتكف المكان الذي يريد أن يعتكف فيه، قبل غروب الشمس من الليلة التي تريد أن يعتكف فيها. حتى يستقبل باعتكافه أول الليلة التي يريد أن يعتكف فيها، والمعتكف مشتغل باعتكافه، لا يعرض لغيره مما يشتغل به من التجارات، أو غيرها، ولا بأس بأن يأمر المعتكف ببعض حاجته بضيعته ومصلحة أهله وأن يأمر ببيع ماله، أو بشيء لا يشغله في نفسه فلا بأس بذلك إذا كان خفيفا، أن يأمر بذلك من يكفيه إياه. ٨
قال مالك : ويحرم على المعتكف من أهله بالليل ما يحرم عليه منهن بالنهار ولا يحل لرجل أن يمس امرأته وهو معتكف ولا يتلذذ منها بقبلة ولا غيرها. ولم أسمع أحدا يكره للمعتكف ولا للمعتكفة أن ينكحا في اعتكافهما ما لم يكن المسيس فيكره.
قوله تعالى :﴿ في المساجد ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ].
٨٣- يحيى : قال مالك : الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه لا يكره الاعتكاف في كل مسجد يجمع فيه. ولا أراه كره الاعتكاف في المساجد التي لا يجمع فيها، إلا كراهية أن يخرج المعتكف من مسجده الذي اعتكف فيه، إلى الجمعة، ولا يجب على صاحبه إتيان الجمعة في مسجد سواه، فإني لا أرى بأسا بالاعتكاف فيه، لأن الله تبارك وتعالى قال :﴿ وأنتم عاكفون في المساجد ﴾ فعم المساجد كلها ولم يخص شيئا منها. ٩
قال مالك : هنالك جاز له أن يعتكف في المساجد، التي لا يجمع فيها الجمعة. إذا كان لا يجب أن يخرج من المسجد الذي يجمع فيه الجمعة.
قال مالك : ولا يبيت المعتكف إلا في المسجد الذي اعتكف فيه إلا أن يكون خباؤه في رحبة من رحاب المسجد. ولم أسمع أن المعتكف يضرب بناء يبيت فيه. إلا في المسجد أو في رحبة من رحاب المسجد. ومما يدل على أنه لا يثبت إلا في المسجد، قول عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان. ولا يعتكف فوق ظهر المسجد، ولا في المنار يعني الصومعة.
٨٤- يحيى : قال مالك : لا يكون المعتكف معتكفا، حتى يجتنب المعتكف، من عيادة المريض، والصلاة على الجنائز، ودخول البيت إلا لحاجة الإنسان. ١٠
١ - الموطأ: ١/٣٨٨ كتاب الحج، باب الوقوف بعرفة والمزدلفة. وأورده مكي في الهداية: ١٥٣٣ م. ح ع رقم ق ٦٠٣. وابن كثير في التفسير: ١/٢٣٨ والقرطبي في الجامع: ٢/٤٠٧، والكافي لابن عبد البر: ١٥٨..
٢ م- الموطأ، كتاب الصيام، باب قضاء التطوع..
٣ - الناسخ والمنسوخ لابن العربي: ٢/٢٦..
٤ - الاعتكاف: هو في اللغة المقام والاحتباس، وفي الشرع: لبث صائم في مسجد جماعة بنية، التعريفات ٣١. وأنيس الفقهاء: ١٣٨..
٥ - الموطأ: ١/٣١٥ كتاب الاعتكاف، باب ما لا يجوز الاعتكاف إلا به..
٦ -جامع البيان: ٢/١٨١..
٧ - الموطأ: ١/٣١٨ كتاب الاعتكاف، باب النكاح في الاعتكاف..
٨ - نفس المصدر..
٩ - الموطأ: ١/٣١٣، كتاب الاعتكاف باب ذكر الاعتكاف..
١٠ - الموطأ: ١/ ٣١٢، كتاب الاعتكاف، باب ذكر الاعتكاف..
الآية السابعة والثلاثون : قوله تعالى :﴿ وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ﴾ [ البقرة : ١٩٠ ].
٨٥- القرطبي : روى أشهب عن مالك أن المراد بقوله :﴿ وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ﴾ أهل الحديبية١ أمروا بقتال من قاتلهم. ٢
٨٦- ابن العربي : قال مالك : سبل الله كثيرة، وأفضلها الجهاد. ٣
١ -الحديبية: قال ياقوت: هي قرية متوسطة ليست بالكبيرة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع تحتها، انظر: معجم البلدان: ٢/٢٢٩..
٢ - الجامع: ٢/٣٥٠، وزاد معقبا: "والصحيح أنه خطاب لجميع المسلمين"، قال ابن كثير في البداية والنهاية: "وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست بلا خلاف": ٤/ ١٦٤ وأما عن سبب وقوعها فقد قال الشيخ حافظ بن محمد عبد الله الحكمي في كتابه مرويات غزوة الحديبية: درج كثير من أهل المغازي على جعل السبب في خروج المسلمين لهذه الغزوة رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم قبيل خروجه، وملخصها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أنه دخل البيت هو وأصحابه وطافوا به وحلق بعضهم وقصر البعض وأخبر أصحابه بذلك فاستبشروا. وأول من أثبت هذا السبب- حسب علمي- هو الواقدي، ثم تابعه كثير ممن كتب في المغازي كاليعقوبي، والمقريزي، والزرقاني، وصاحب تاريخ الخميس، والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم.
وقد تردد كثيرا في إثبات تلك الرؤيا سببا للغزوة لأن أول من أثبتها هو الواقدي، بينما أغفلها من هو أثبت منه كابن إسحاق وابن سعد وغيرهما. لكن بعد البحث والتتبع وجدت ما يشهد لها ويدل على أن لها أصلا وذلك من القرآن والسنة..

٣ - الأحكام الصغرى لابن الغربي: ١/١٥٩. وينظر أحكام القرآن لابن العربي أيضا: ١/٢٢٩..
الآية الثامنة والثلاثون : قوله تعالى :﴿ فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ﴾ [ البقرة : ١٩٤ ]
٨٧- ابن عطية : قال مالك : ليس له أن يتعدى بمثل ما تعدي عليه، وأمور القصاص وقف على الحكام. ١
١ - المحرر: ٢/١٠٥. وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: "لمالك روايتان إحداهما: أنه جائز لمن يتعدى عليه في مال أو جرح أن يتعدى بمثل ما تعدى عليه إذا خفي له ذلك وليس بينه وبين الله في ذلك شيء.
والرواية الثانية، وهي الأشهر عنه أنه ليس له ذلك، وأن أمور القصاص والأموال إلى الحكام: ٥٨.
.

الآية التاسعة والثلاثون : قوله تعالى :﴿ وأتموا الحج والعمرة لله ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ].
٨٨- يحيى : قال مالك : العمرة سنة، ولا نعلم أحدا من المسلمين أرخص في تركها. ١
قال مالك : ولا أرى أحدا أن يعتمر في السنة مرارا.
قوله تعالى :﴿ فإن أحصرتم ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ].
٨٩- يحيى : عن مالك عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، أن سعيد بن خزاعة المخزومي، صرع ببعض طريق مكة، وهو محرم فسأل : من يلي على الماء الذي كان عليه ؟ فوجد عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم، فذكر لهم الذي عرض له. فكلهم أمره أن يتداوى بما لا بد له منه. ويفتدي. فإذا صح اعتمر، فحل من إحرامه. ثم عليه حج قابل، ويهدي ما استيسر من الهدي. ٢
قال مالك : وعلى هذا، الأمر عندنا. فيمن أحصر بغير عدو، وقد أمر عمر بن الخطاب، أبا أيوب الأنصاري، وهبار بن الأسود حين فاتهما الحج، وأتيا يوم النحر : أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالا ثم يحجان عاما قابلا، ويهديان.
قال مالك : وكل من حبس عن الحج بعدما يحرم إما بمرض أو بغيره. أو بخطأ من العدد أو خفي عليه الهلال فهو محصر. عليه ما على المحصر.
٩٠- قال يحيى : سئل مالك عمن أهل من أهل مكة بالحج، ثم أصابه كسر أو بطن متحرق٣ أو امرأة تطلق. قال : من أصابه هذا منهم فهو محصر. يكون عليه ما على أهل الآفاق إذا هم أحصروا. ٤
٩١- الطبري : حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب عنه، قال. وسئل مالك عمن أحصر بعدو وحيل بينه وبين البيت ؟ قال : يحل من كل شيء، وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث يحبس، وليس عليه قضاء، إلا أن يكون لم يحج قط، فعليه أن يحج حجة الإسلام، قال : والأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو يمرض أو ما أشبهه، أن يبدأ بما لا بد منه، ويفتدي، ثم يجعلها عمرة ويحج عاما قابلا ويهدي. ٥
٩٢- الطبري : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : حدثني مالك بن أنس، عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر أنه قال : المحصر لا يحل حتى يطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة، وإن اضطر إلى شيء من لبس الثياب التي لا بد منها أو الدواء صنع ذلك واقتدى. ٦
قوله تعالى :﴿ فما استيسر من الهدى ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ].
٩٣- الطبري : حدثني ابن عبد الأعلى، قال : أخبرنا ابن وهب، أن مالك بن أنس حدثه عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يقول : " ما استيسر من الهدي " : شاة. ٧
٩٤- الطبري : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : أخبرني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس، كان يقول : " ما استيسر من الهدي " : شاة. ٨
٩٥- الطبري : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال مالك : وذلك أحب إلي. ٩
٩٦- القرطبي : قال مالك : إذا قال ثوبي هدي١٠ يجعل ثمنه في هدي. ١١
قوله تعالى :﴿ ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ].
٩٧- يحيى : قال مالك : الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا. أن أحدا لا يحلق رأسه، ولا يأخذ من شعره، حتى ينحر هديا. إن كان معه. ولا يحل من شيء حرم عليه، حتى يحل بمنى. وذلك أن الله تبارك وتعالى قال :﴿ ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ﴾. ١٢
٩٨- يحيى : قال مالك : من نتف شعرا من أنفه أو من إبطه، أو أطلى جسده بنويرة١٣، أو يحلق عن شجة١٤ في رأسه لضرورة أو يحلق قفاه لموضع المحاجم. وهو محرم، ناسيا أو جاهلا، إن من فعل شيئا من ذلك، فعليه الفدية في ذلك كله. ولا ينبغي له أن يحلق رأسه قبل أن يرمي الجمرة، افتدى. ١٥
٩٨م- يحيى : سئل مالك عمن بعث معه بهدي ينحره في حج وهو مهلّ بعمرة هل ينحره إذا حل أم يؤخره حتى ينحره في الحج ويحل هو من عمرته ؟ فقال : بل يؤخره حتى ينحره في الحج ويحل هو من عمرته. ١٦م
قوله تعالى :﴿ فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ].
٩٩- يحيى : قال مالك : لا يصلح للمحرم أن ينتف من شعره شيئا، ولا يحلقه ولا يقصره، حتى يحل إلا أن يصيبه أذى في رأسه فعليه فدية كما أمره الله تعالى، ولا يصلح له أن يقلم أظفاره، ولا يقتل قملة، ولا يطرحها من رأسه إلى الأرض ولا من جلده ولا من ثوبه، فليطعم حفنة من طعام. ١٧
قوله تعالى :﴿ ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ].
١٠٠- يحيى : قال مالك، في فدية الأذى : إن الأمر فيه، أن أحدا لا يفتدي حتى يفعل ما يوجب عليه الفدية، وإن الكفارة إنما تكون بعد وجوبها على صاحبها وأنه يضع فديته حيث ما شاء. النسك، أو الصيام، أو الصدقة بمكة أو بغيرها من البلاد. ١٨
١٠١- يحيى : سئل مالك، عن الفدية من الصيام، أو الصدقة، أو النسك أصاحبه بالخيار في ذلك ؟ وما النسك ؟ وكم الطعام ؟ وبأي مد هو ؟ وكم الصيام ؟. وهل يؤخر شيئا من ذلك أم يفعله في فوره ذلك ؟ قال مالك : كل شيء في كتاب الله في الكفارات كذا. فصاحبه مخير في ذلك أي شيء أحب أن يفعل ذلك، فعل. قال : وأما النسك فشاة. وأما الصيام فثلاثة أيام. وأما الطعام فيطعم ستة مساكين. لكل مسكين مدا بالمد الأول. مد النبي صلى الله عليه وسلم. ١٩
قوله تعالى :﴿ فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ].
١٠٢- القرطبي : روى ابن وهب عن مالك أنه سئل عن المتمتع يموت بعدما يحرم بالحج بعرفة أو غيرها، أترى عليه هديا ؟ قال : من مات من أولئك قبل أن يرمي جمرة العقبة فلا أرى عليها هديا، ومن رمى الجمرة ثم مات، فعليه الهدى. قيل له : من رأس المال أو من الثلث ؟ قال : بل من رأس المال. ٢٠
١٠٣- قال مالك في رجل من أهل مكة انقطع إلى غيرها وسكن سواها ثم قدم معتمرا في أشهر الحج ثم أقام بمكة حتى أنشأ الحج منها : إنه متمتع يجب عليه الهدي أو الصيام إن لم يجد هديا وأنه لا يكون مثل أهل مكة. ٢١
وسئل مالك عن رجل من غير أهل مكة دخل مكة بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الإقامة بمكة حتى ينشئ الحج أمتمتع هو ؟ فقال : نعم هو متمتع وليس هو مثل أهل مكة وإن أراد الإقامة وذلك أنه دخل مكة وليس هو من أهلها، وإنما الهدي أو الصيام على من لم يكن من أهل مكة وأن هذا الرجل يريد الإقامة، ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك وليس هو من أهل مكة.
١٠٤- يحيى : قال مالك : من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة ثم رجع إلى أهله ثم حج من عامه ذلك فليس عليه هدي إنما الهدي على من اعتمر في أشهر الحج ثم أقام حتى الحج، ثم حج وكل من انقطع إلى مكة من أهل الآفاق وسكنها ثم اعتمر في أشهر الحج ثم أنشأ الحج منها فليس بمتمتع، وليس عليه هدي ولا صيام. وهو بمنزلة أهل مكة إذا كان من ساكنيها. ٢٢
١٠٥- يحيى : عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول : لا يشترك الرجل وامرأته في بدنة واحدة. ليهد كل واحد بدنة بدنة. ٢٣
قوله تعالى :﴿ فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ].
١٠٦- ابن العربي : قال مالك : إذا رجع من منى. ٢٤
١٠٧- يحيى : قال مالك : وأحب إلي أن يكون. ما سمى الله في القرآن، يصام متتابعا. ٢٥
١٠٨- القعنبي : قال مالك في الذي يشاء صيام ثلاثة أيام في الحج، أو تمرض فيها، قال : إن كان بمكة فليصم الأيام الثلاثة بمكة، ويصوم سبعة إذا رجع، قال : وإن كان قد رجع، فليصم ثلاثة أيام في بلده، وسبعة بعد ذلك. ٢٦
قوله تعالى :﴿ ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ].
١٠٩- مكي : قال مالك : هم أهل مكة وأهل ذي طوى٢٧، لا متعة عليهم. ٢٨
١١٠- يحيى : سئل مالك عن رجل من أهل مكة، خرج إلى الرباط٢٩ أو إلى سفر من الأسفار، ثم رجع إلى مكة. وهو يريد الإقامة بها. كان له أهل بمكة أو لا أهل بها. فدخلها بعمرة في أشهر الحج، ثم أنشأ الحج. وكانت عمرته التي دخل بها من ميقات النبي صلى الله عليه وسلم أو دونه، أمتمتع من كان على تلك الحالة ؟ فقال مالك : ليس عليه ما على المتمتع٣٠ من الهدي أو الصيام، وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه :﴿ ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ﴾. ٣١
١ - الموطأ: ١/٣٤٧ كتاب الحج، باب جامع ما جاء في العمرة، وقال ابن عطية في المحرر: "قال مالك: العمرة هي سنة واجبة لا ينبغي أن تترك كالوتر، وهي عندنا مرة واحدة في العام": ٢/١٠٧.
وينظر الجامع: ٢/٣٦٨، وفتح القدير: ١/١٩٥..

٢ - الموطأ: ١/٣٦٢ كتاب الحج، باب ما جاء فيمن أحصر بغير عدو..
٣ - حريقة : حرارة. القاموس..
٤ - الموطأ: ١/٣٦٢ كتاب الحج، باب ما جاء فيمن أحصر بغير عدو ونقل معناه القرطبي في الجامع: ٢/٣٧٤، وينظر المقدمات: ١/٣٩٠..
٥ - جامع البيان : ٢/٢١٤، وزاد قائلا: "وعلة من قال هذه المقالة، أعني من قال قول مالك، إن هذه الآية نزلت في حصر المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت، فأمر الله نبيه، ومن معه، بنحر هداياهم والإحلال، قالوا: فإنما أنزل الله هذه الآية في حصر العدو، فلا يجوز أن يصرف حكمها إلى غير المعنى الذي نزلت فيه: ٢/٢١٤.
وقال أيضا: وعلى من قال بقول مالك في أن محل الهدي في الإحصار بالعدو نحره حيث حبس صاحبه، ما حدثنا به أبو بكر ومحمد بن عمارة الأسدي قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا موسى بن عبيدة قال: أخبرني أبو مرة مولى أم هانئ، عن ابن عمر، قال: لما كان النبي دون الجبال التي تطلع على وادي الثنية عرض له المشركون فردوا وجهه، قال: فنحر النبي صلى الله عليه وسلم، الهدي حيث حبسوه وهي الحديبية، وحلق وتأسى به أناس، فحلقوا حين رأوه حلق، وتربص آخرون فقالوا: لعلنا نطوف بالبيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله المحلقين)، قيل: والمقصرين، فقال: "والمقصرين": ٢/ ٢٢١. وانظره في الموطأ أيضا كتاب الحج، باب ما جاء فيمن أحصر بعدو..

٦ - جامع البيان: ٢/٢٢٥..
٧ - جامع البيان: ٢/٢١٧ وأخرجه ابن كثير في تفسيره: ١/ ٢٣٢، والسيوطي في الدر: ١/٥١٢، والشوكاني في الفتح: ١/١٩٨، وفي المنتقى للباجي: ٣/١٠..
٨ - جامع البيان: ٢/٢١٧..
٩ - جامع البيان: ٢/٢١٧. وقال مالك في الموطأ: عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "ما استيسر من الهدي" بدنة أو بقرة: ١/٣٨٦ كتاب الحج باب "ما استيسر من الهدي"..
١٠ - الهدي: هو اسم ما يهدى إلى مكة للتقرب، من شاة أو بقر، أو بعير، الواحدة هدية كما يقال: جدي وجدية. انظر: أنيس الفقهاء ١٤٤ والتعريفات ٢٥٦..
١١ - الجامع: ٦/٤٠..
١٢ - الموطأ: ١/٣٩٦ كتاب الحج، باب الحلاق..
١٣ - نُويرة: الحناء، وانتار وتنور وانتور: تطلى بها. القاموس..
١٤ -- الشَّجَّةُ: واحدة شجاج الرأس، ورجل أشج بين الشجج، إذا كان في جبينه أثر الشجة. والشجاج: يختص بالوجه والرأس، وفي غيرهما يسمى جراحة. انظر: أنيس الفقهاء: ٢٩٣..
١٥ - الموطأ: ١/٤١٨ كتاب الحج، باب فدية من حلق قبل أن ينحر..
١٦ م-الموطأ: كتاب الحج باب جامع الهدي..
١٧ - الموطأ: ١/٤١٨ كتاب الحج، باب فدية من حلق قبل أن ينحر..
١٨ - الموطأ: ١/٤١٨ كتاب الحج، باب فدية من حلق قبل أن ينحر. قال الشوكاني في الفتح: "ذهب مالك إلى أن الإطعام في ذلك مدا بمد النبي صلى الله عليه وسلم، أي لكل مسكين، والصوم حيث شاء": ١/١٩٦..
١٩ - الموطأ: ١/٢٤١ كتاب الحج، باب جامع الفدية، وينظر لباب التأويل: ٢/٩٣، وقال الثعالبي في الجواهر الحسان: "قال مالك: كلما أتى في القرآن ﴿أو﴾ فإنه على التخيير": ١/١٥٣..
٢٠ - الجامع: ٦/٣٩٩..
٢١ -الموطأ: ١/٣٤٤ كتاب الحج باب ما جاء في التمتع..
٢٢ -الموطأ: ١/٣٨٥، الحج: باب ما لا يجب فيه التمتع..
٢٣ - الموطأ: ١/٣٨٧ كتاب الحج باب جامع الهدي..
٢٤ - أحكام القرآن لابن العربي: ١/١٣١، وينظر القرطبي: ٢/ ٤٠١ والفتح: ١/١٩٦..
٢٥ -الموطأ: ١/٣٠٥ كتاب الصيام، باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات..
٢٦ -الموطأ- رواية القعنبي-: ٢٢٦-٢٢٧..
٢٧ -ذو طوى: مثلته الطاء وينون: ع قرب مكة. والطوي: بئر بها. القاموس..
٢٨ - الهداية ١٥١ م خ ع رقم ق ٦٠٣. وينظر أحكام القرآن للجصاص: ١/٢٨٩ والقرطبي: ٢/٤٠٤. وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: "والدليل على قول مالك أن قوله تعالى: ﴿حاضري المسجد الحرام﴾ يقتضي أن من كان من أهله مقيما بالمسجد الحرام أو موجودا عنده وهو الذي يفهم من قولهم فلان من حاضري موضع كذا، أو من حضرة موضع كذا": ٦٦. وينظر بداية المجتهد: ١/ ٣٣٢..
٢٩ - الرباط: ما ربط به. ج: ربط، والفؤاد، والمواظبة على الأمر، وملازمة ثغر العدو. القاموس..
٣٠ - التمتع: هو الجمع بين أفعال الحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة بإحرامين بتقديم أفعال العمرة في غير أن يلم بأهله إلماما صحيحا. التعريفات: ٦٦، وأنيس الفقهاء: ١٤١..
٣١ -الموطأ: ١/٣٤٥-٣٤٦ كتاب الحج، باب ما جاء في التمتع. قال الباجي في المنتقى: "وقول مالك: وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: ﴿ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام﴾. احتاج بالآية على إسقاط الهدى عن هذا المكي القادم وذلك أن الله تعالى ذكر حكم المتمتع وما يلزمه فيه من الهدي أو الصيام ثم قال: "ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام" فخصهم بهذا الحكم، فيحتمل أن يتعلق مالك في ذلك بالحضر ويحتمل أن يتعلق بدليل الخطاب": ٢/٢٣٤..
الآية الموفية أربعين : قوله تعالى :﴿ الحج أشهر معلومات ﴾ [ البقرة : ١٩٧ ].
١١١- ابن العربي : قال مالك : هي شوال، وذو القعدة وذو الحجة كله. ١
قوله تعالى :﴿ فلا رفث ﴾ [ البقرة : ١٩٧ ].
١١٢- يحيى : قال مالك : الرفث : إصابة النساء، والله أعلم. قال الله تبارك وتعالى :﴿ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ﴾٢. ٣
قوله تعالى :﴿ ولا فسوق ﴾ [ البقرة : ١٩٧ ].
١١٣- يحيى : قال مالك : والفسوق٤ الذبح للأصنام، والله أعلم. قال الله تبارك وتعالى :﴿ أو فسقا أهل لغير الله به ﴾٥. ٦
قوله تعالى :﴿ ولا جدال في الحج ﴾ [ البقرة : ١٩٧ ].
١١٤- يحيى : قال مالك : والجدال٧ في الحج أن قريشا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقزح. وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة. فكانوا يتجادلون. يقول هؤلاء نحن أصوب، ويقول هؤلاء نحن أصوب. فقال الله تعالى :﴿ لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم ﴾٨. فهذا الجدال. فيما نرى والله أعلم. وقد سمعت ذلك من أهل العلم. ٩
١ - أحكام القرآن لابن العربي: ١/١٣١، وينظر الأحكام الصغرى لابن العربي أيضا: ١/١١٤ والتحصيل للمهدوي ١٠٠، وقال ابن رشد في البداية: "قال مالك: الثلاثة الأشهر كلها محل للحج. ودليل قول مالك عموم قوله سبحانه وتعالى: ﴿الحج أشهر معلومات﴾: ١/ ٣٢٥. وانظر أيضا تفسير ابن كثير: ١/ ٣٤٣..
٢ -سورة البقرة: آية ١٨٧..
٣ - الموطأ: ١/٣٩٨ كتاب الحج، باب الوقوف بعرفة والمزدلفة..
٤ - الفسق: بالكسر: الترك لأمر الله تعالى، والعصيان، والخروج عن طريق الحق. القاموس..
٥ -سورة الأنعام: آية: ١٤٥..
٦ - الموطأ: ١/٣٨٩ كتاب الحج، باب الوقوف بعرفة والمزدلفة..
٧ - الجدال: عبارة عن مراء يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها. التعريفات: ٧٥..
٨ -سورة الحج، آية: ٦٧..
٩ - الموطأ: ١/٣٨٩ كتاب الحج، قال الباجي في المنتقى: الذي ذكره في تأويل الآية هو قول جماعة من أهل العلم. فأما الرفث فقال مالك: إنه إصابة النساء يريد بذلك الجماع. واحتج على ذلك بآية الصوم ولا خلاف أن الرفث في آية الصوم إصابة النساء، وأما في آية الحج فقد قيل: إنه الجماع. وأما الفسوق فقد قال مالك: إنه الذبح للأنصاب واستدل على ذلك بقوله تعالى: ﴿أو فسقا أهل لغير الله به﴾ وقد روى مجاهد وابن عمر رحمه الله أنه قال: الفسوق، السباب. وقال ابن عباس: الفسوق، المعاصي، وقد قال ربيعة: الفسوق، قول الزور وإنما قصد مالك رحمه الله إلى الاستدلال بالقرآن لأنه قد ورد لفظ الفسوق فيه المراد به الذبح للأصنام والحج مما شرع فيه الذبح وإراقة الدماء فخص بالنهي عن ذلك. وأما الجدال فذهب مالك إلى أنه الجدال في الموقف يوم عرفة وبه قال ربيعة، وقال ابن عمر وابن عباس: الجدال المراء، زاد ابن عباس أن تماري صاحبك حتى تغضبه، وقال القاسم بن محمد: وهو قول بعضهم، الحج اليوم، وقول بعضهم الحج غدا وإنما ذهب مالك إلى تخصيص الاختلاف لهذا المعنى دون غيره من وجوه جدال لأنه حمل قوله تعالى: ﴿ولا جدال في الحج﴾ على المنع من الجدال في أمر الحج خاصة، ولا يمتنع حمل الآية على عمومها إلا أن يدل الدليل على التخصيص فيكون الرفث الجماع وكل قبيح من المكارم. والفسوق كل معصية، والجدال كل مراء ممنوع فهذا كله وإن كان ممنوعا في غير الحج إلا أنه يتأكد أمره في الحج": ٣/١٨..
الآية الحادية والأربعون : قوله تعالى :﴿ واذكروا الله في أيام معدودات ﴾ [ البقرة : ٢٠٣ ].
١١٥- يحيى : قال مالك : الأيام المعدودات، أيام التشريق١. ٢
١١٦- يحيى : قال مالك : الأمر عندنا، أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلاة. وأول ذلك تكبير الإمام والناس معهم، دبر صلاة الظهر من يوم النحر. وآخر تكبير الإمام والناس معه. دبر صلاة الصبح في آخر أيام التشريق. ثم يقطع التكبير. ٣
قال مالك : والتكبير أيام التشريق على الرجال والنساء. من كان في جماعة أو وحده. بمنى أو بالآفاق كلها واجب. وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج. وبالناس بمنى لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام أتموا بهم. حتى يكونوا مثلهم في الحل فأما من لم يكن حاجا، فإنه لا يأتم بهم إلا في تكبير أيام التشريق.
١١٧- الطبري : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، عن مالك، قال : الأيام المعدودات. ثلاثة أيام بعد يوم النحر. ٤
١ - التشريق: الجمال، وإشراق الوجه، والأخذ في ناحية الشرق، وتقديم اللحم، ومنه أيام التشريق، أو: لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس. القاموس..
٢ - الموطأ: ١/٤٠٤ كتاب الحج، باب التكبير أيام التشريق، ونقله ابن كثير في تفسيره: ١/ ٢٤٦. وقال الشوكاني في الفتح: "روي عن مالك أن الأيام المعدودات، والأيام المعلومات يجمعها أربعة أيام، يوم النحر، وثلاثة أيام بعده، فيوم النحر معلوم غير معدود، واليومان بعده معلومات معدودات، واليوم الرابع معدود لا معلوم وهو مروي عن ابن عمر": ١/٢٠٥ وينظر التحصيل للمهدوي: ١٠٥..
٣ - الموطأ: ١/ ٤٠٤ كتاب الحج، باب تكبير أيام التشريق.
قال ابن الفرس في أحكام القرآن: "يبدأ بالتكبير عقب الظهر من يوم النحر ويقطع عقب الصبح يوم رابع النحر. وجملته خمسة عشرة صلاة": ٨٠. وكذا قال ابن العربي في الأحكام الصغرى: ١/١١٩، وقال الباجي في المنتقي: "الأيام المعدودات هي أيام الرمي، وهي ثلاثة أيام متصلة تلي يوم النحر، وهي أيام التشريق، قيل: سميت التشريق لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها": ٣/٤٣..

٤ - جامع البيان: ٢/٣٠٤..
الآية الثانية والأربعون : قوله تعالى :﴿ وإذا تولى سعى في الأرض ﴾ [ البقرة : ٢٠٥ ].
١١٨- يحيى : قال مالك : وإنما السعي في كتاب الله، العمل والفعل. ١
يقول الله تبارك وتعالى :﴿ وإذا تولى سعى في الأرض ﴾ وقال تعالى :﴿ وأما من جاءك يسعى* وهو يخشى ﴾ [ عبس٨-٩ ]٢ وقال :﴿ ثم أدبر يسعى ﴾٣ وقال :﴿ إن سعيكم لشتى ﴾٤.
قال مالك : فليس السعي الذي ذكر الله تعالى في كتابه بالسعي على الأقدام، ولا الاشتداد، وإنما عنى العمل والفعل.
١١٩- ابن أبي حاتم : قال مالك : قال الله عز وجل :﴿ وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ﴾ فرأى مالك أن الفساد في الأرض مثل القتل. ٥
١ - الموطأ: ١/١٠٧ كتاب الجمعة، باب ما جاء في السعي يوم الجمعة..
٢ - سورة عبس، آيات: ٨، ٩..
٣ - سورة النازعات، آية: ٢٢..
٤ - سورة الليل، آية: ٤..
٥ - أخرجه ابن أبي حاتم في كتاب التفسير..
الآية الثالثة والأربعون : قوله تعالى :﴿ وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم ﴾ [ البقرة : ٢١٥ ].
١٢٠- ابن رشد : سئل مالك عن المرأة يتوفى عنها زوجها فتحلق رأسها هل عليها من كفارة ؟ ١
قال :﴿ وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم ﴾ فأما شيء مؤقت فليس ذلك عليها. وهذا من عمل الجاهلية ﴿ ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ﴾٢.
١ - البيان والتحصيل: ٥/ ٣٨٠. كذا في النوادر والزيادات: ٥/ ٤٣ في الإحداد للمعتدة من الوفاة..
٢ - سورة النساء، آية: ١١٩..
الآية الرابعة والأربعون : قوله تعالى :﴿ ومن يرتدد منكم عن دينه ﴾ [ البقرة : ٢١٧ ].
١٢١- القاضي عياض : قال مالك الذي آخذ به في المرتد١ قول عمر : يحبس ثلاثة أيام ويعرض عليه كل يوم، فإن تاب وإلا قتل، وقال مالك : ما علمت في الاستتابة تجويعا ولا تعطيشا، ويؤتى من الطعام بما لا يضره. ٢
١٢٢- ابن الفرس : قال مالك : يستتاب ثلاثة أيام. ٣
قوله تعالى :﴿ فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ﴾ [ البقرة : ٢١٧ ].
١٢٣- ابن العربي : قال مالك : يحبط علم المرتد بنفس الردة. بقوله تعالى :﴿ لئن أشركت ليحبطن عملك ﴾٤. ٥
١ -المرتد: اسم فاعل من الارتداد، وهو الرجوع على الإطلاق لغة، وفي الشريعة: وهو الرجوع من الدين الحق إلى الباطل: أنيس الفقهاء: ١٨٦-١٨٧..
٢ - الشفا: ٢/ ٢٥٩-٢٦٠..
٣ -أحكام القرآن لابن الفرس ٧٢، وزاد قائلا: وعن مالك في تحديده ثلاثة أيام روايتان، إحداهما أن ذلك واجب، والأخرى أنه مستحب. وينظر المحرر: ٢/١٦٣ والجامع: ٣/٤٦..
٤ - سورة الزمر، آية ٦٥..
٥ - الأحكام الصغرى لابن العربي: ١/١٢٣. وزاد: إذا حج المسلم ثم ارتد ثم أسلم قال مالك: يلزمه الحج، لأن الأول قد حبط بالردة. ينظر أحكام القرآن لابن العربي: ١/١٤٧، والجامع: ١٥/٢٧٧..
الآية الخامسة والأربعون : قوله تعالى :﴿ يسألونك عن الخمر ﴾ [ البقرة : ٢١٩ ].
١٢٤- ابن العربي : قال مالك : وغيره : الخمر كل شراب مطرب، من أي شيء اعتصرت لقول عمر : إن الخمر نزل، وهو من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والخمر ما خامر العقل. ١
قوله تعالى :﴿ والمسير ﴾.
١٢٥- المهدوي : قال مالك : الميسر ميسران : ميسر اللهو وميسر القمار، فمن ميسر اللهو : النرد والشطرنج، والملاهي كلها، وميسر القمار ما يتخاطر الناس عليه. ٢
١ - الأحكام الصغرى لابن العربي: ١/١٢٤..
٢ - التحصيل: ١٠٧ وزاد قائلا: "كل ما قومر به فهو ميسر عند مالك". ينظر أحكام القرآن لابن الفرس: ٧٣ والجامع: ٣/٥٢، وفتح القدير: ١/٢٢٠..
الآية السادسة والأربعون : قوله تعالى :﴿ ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ﴾ [ البقرة : ٢٢٠ ].
١٢٦- المهدوي : مالك : كان جل طعامهم التمر فكان يكون لليتيم يجده١ من حائطه، فيخلط ويؤكل فيكون اليتيم الذي يأكل منه اليسير لضعف أكله، فلما أنزل الله :﴿ إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ﴾[ النساء : ١٠ ]٢ امتنعوا من مخالطتهم حتى نزلت هذه الآية. ٣
١ - يجدّه: الجداد بالفتح والكسر حرام النخل، وهو قطع ثمرتها. يقال جد الثمرة يجدها جدا في الحديث: "أنه نهى عن جداد الليل" وإنما نهى عن ذلك لأجل المساكين حتى يحضروا في النهار فيتصدق عليهم منه النهاية: ٢/٢٤٤..
٢ -سورة النساء، آية: ١٠..
٣ - التحصيل: ١٠٨، وزاد قائلا: فالآية ناسخة لما فعله المسلمون من اعتزال اليتامى. وهذا أحسن من جعلها ناسخة لقوله: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما﴾ لأن أكل مال اليتيم ظلما غير خارج من الصيغة التي وصف الله بها أكل مال اليتيم": (١٠٨)..
الآية السابعة والأربعون : قوله تعالى :﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ﴾ [ البقرة : ٢٢١ ].
١٢٧- ابن القاسم : قال مالك : لا يطأ الرجل الأمة المجوسية١ لأنه لا ينكح الحرة المجوسية قال الله تعالى :﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ﴾٢ فما حرم بالنكاح حرم بالملك. ٣
١٢٨- مكي : روي عن مالك أنه قال : هي في غير أهل الكتاب، قال مالك : قال الله جل ذكره :﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ﴾٤. ٥
١٢٩- الشوكاني : حكي عن مالك : إن الله حرم نكاح المشركات فيها والكتابيات من الجملة، ثم جاءت آية المائدة فخصصت الكتابيات من هذا العموم.
قوله تعالى :﴿ ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ﴾ [ البقرة : ٢٢١ ].
١٣٠- الباجي : روى أبو مسعر قال : قلت لمالك بن أنس خطب إلي رجل من القدرية٦ أفأزوجه ؟ فقال : لا. قال الله عز وجل :﴿ ولعبد مؤمن خير من مشرك ﴾. ٧
١٣١- ابن أبي حاتم : وسئل مالك بن أنس عن تزويج القدري فقال : لا، قال الله تعالى :﴿ ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ﴾. ٨
١ - مجوس : رجل صغير الأذنين، وضع دينا، ودعا إليه. معرب منج كوش، رجل مجوسي ج: مجوس، كيهودي ويهود. ومجسه تمجيسا، صيره مجوسيا فتمجس، والنحلة: المجوسية. القاموس..
٢ - سورة البقرة، آية: ٢٢١..
٣ - المدونة: ٤/٣٠٧ وذكره ابن عطية في المحرر: ٢/١٧٧..
٤ - سورة الممتحنة، آية: ١٠..
٥ - الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: ١٧٠، وزاد قائلا: فهي- يعني الآية- عنده يعني مالكا- محكمة لم ينسخ منها شيء إلا أنها غير عامة أريد بها الخصوص في كل مشركة من غير أهل الكتاب، وبين تخصيصها آية المائدة في تحليل نكاح الكتابيات، وقال ابن العربي في الناسخ والمنسوخ: ذكر أهل التفسير فيها ثلاثة أقوال: الأول: أنها منسوخة بقوله تعالى: ﴿والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم﴾ [المائدة: ٥]. روي عن ابن عباس وغيره وعزي إلى مالك: ٢/٧٩ وكذا قال مكي في الناسخ والمنسوخ: وقد روي عن ابن عباس أنه قال: آية البقرة منسوخة بآية المائدة. وهو أيضا مروي عن مالك: ١٧١. وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: حجة مالك أن قوله تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب" ناسخ أو مخصص للآية أن الجمع بين دليلين أولى من إخراج أحدهما": ٧٦..
٦ -القدرية: جاحدوا القدر. القاموس..
٧ - المنتقى: ٧/٢٠٧ وفي كتاب الشفا للقاضي عياض: وقد شور مالك في زواج القدري، فقال: لا تزوجه قال الله تعالى: ﴿ولعبد مؤمن خير من مشرك﴾ روي عنه أيضا أهل الأهواء كلهم كفار. وقال: من وصف شيئا من ذات الله تعالى وأشار إلى شيء من جسده يد أو سمع أو بصر قطع ذلك منه لأنه شبه الله بنفسه. وقال فيمن قال القرآن مخلوق: كافر فاقتلوه:" ٢/٢٧٤. وينظر أحكام القرآن لابن العربي: ١/٢٩٤ وترتيب المدارك: ٢/٤٧..
٨ - أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير..
الآية الثامنة والأربعون : قوله تعالى :﴿ فاعتزلوا النساء في المحيض ﴾ [ البقرة : ٢٢٢ ].
١٣٢- ابن عطية : قال مالك : جماعهن بأن يشد الرجل إزار الحائض ثم شأنه بأعلاها. ١
١٣٣- الألوسي : أخرج مالك عن زيد بن أسلم : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ماذا يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟ فقال له صلى الله عليه وسلم : " لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها ". ٢
قوله تعالى :﴿ ولا تقربوهن حتى يطهرن ﴾ [ البقرة : ٢٢٢ ].
١٣٤- يحيى : عن مالك، أنه بلغه أن سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، سئلا عن الحائض، هل يصيبها زوجها إذا رأت الطهر قبل أن تغتسل ؟ فقالا : لا حتى تغتسل. ٣
١٣٥- ابن الفرس : قال مالك : حتى تغتسل. ٤
١٣٦- القرطبي : قال مالك في رواية ابن القاسم أن الكتابية تجبر على الاغتسال، ليحصل للزوج وطؤها. قال الله تعالى :﴿ ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ﴾ [ البقرة : ٢٢٢ ]. ٥
١ - المحرر: ٢/١٨٠..
٢ - روح المعاني م١ ج٢/١٢٣ وزاد قائلا: "وكأنه من باب سد الذرائع في الجملة"..
٣ - الموطأ: ١/٥٨ كتاب الطهارة، باب ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض: ١٣١..
٤ - أحكام القرآن لابن الفرس: ٧٧، وينظر الجامع: ٣/٩٠..
٥ - الجامع: ٣/٩٠ وزاد قائلا: "وروى أشهب عن مالك أنها لا تجبر على الاغتسال من المحيض لأنها غير معتقدة لذلك لقوله تعالى: ﴿ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر﴾. وهو الحيض والحمل": ٣/٩٠ وينظر أحكام القرآن لابن الفرس: ٧٨..
الآية التاسعة والأربعون : قوله تعالى :﴿ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ﴾ [ البقرة : ٢٢٣ ].
١٣٧- ابن رشد : قال مالك : أخبرني محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أنه قال : إن اليهود قالوا : إن الرجل إذا أتى امرأته مدبرة جاء ولده أحول، فأنزل الله تبارك وتعالى :﴿ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ﴾. ١
١ - البيان والتحصيل: ١٨/٤١٩ وابن كثير في تفسيره: ١/ ٢٦١، وأخرجه ابن أبي حاتم في كتاب التفسير سورة البقرة..
الآية الموفية خمسين : قوله تعالى :﴿ ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا ﴾ [ البقرة : ٢٢٤ ].
١٣٨- مكي : قال مالك : بلغني١ أنه الحلف بالله في كل شيء. ٢
١ -قال القاضي عياض في مداركه: "قال سفيان: إذا قال مالك بلغني فهو إسناد قوي: ١/١٦٥..
٢ -الهداية: ١٧٣ م خ ع رقم ق ٦٠٣ وينظر الجامع: ٣/٩٧ وينظر: أحكام القرآن لابن الفرس: ٨٠..
الآية الحادية والخمسون : قوله تعالى :﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ [ البقرة : ٢٢٥ ].
١٣٩- يحيى : عن مالك، عن هشام عن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تقول : لغو اليمين قول الإنسان : لا والله. وبلى والله. ١
قال مالك : أحسن ما سمعت في هذا، أن اللغو حلف الإنسان على الشيء يستقين أنه كذلك. ثم يوجد على غير ذلك، فهو اللغو.
١ -الموطأ: ٢/ ٤٧٧ كتاب النذور والأيمان، باب اللغو في اليمين. قال مالك بعد هذا الحديث: عقد اليمين، أن يحلف الرجل أن لا يبلغ توبه بعشرة دنانير، ثم يبيعه بذلك. أو يحلف ليضربن غلامه، ثم لا يضربه. ونحو هذا فهذا الذي يكفر صاحبه عن يمينه. وليس في اللغة كفارة. وقال أيضا: فأما الذي يحلف على الشيء وهو يعلم أنه آتم، ويحلف على الكذب، وهو يعلم. ليرضى به أحدا. أو ليعتذر به إلى معتذر إليه. أو ليقطع به مالا. فهذا أعظم من أن تكون فيه كفارة: ٢/ ٤٧٧.
وفي كتاب أحكام القرآن لابن الفرس: قال مالك: "مثل أن يرى الرجل على بعد فيعتقد أنه فلان لا يشك فيه فيحلف ثم يجيء غير المحلوف عليه": ٨٠. وفي الدر السيوطي: أخرج مالك في الموطأ عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" في قول الرجل: لا والله، ويلي والله، وكلا والله": ١/٦٤٤، وكذا في أحكام القرآن لابن العربي: ١/١٣٦ وجامع البيان: ٢/ ٤٠٥ والهداية ٣٧٠ مخطوط خ. ع ٢١٧ ق، والمنتقى: ٣/٢٤٣. والمحرر: ٢/١٨٧، وفتح القدير: ١/٢٣١..

الآية الثانية والخمسون : قوله تعالى :﴿ للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم ﴾ البقرة : ٢٢٦ ].
١٤٠- يحيى : عن مالك : عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، أنه كان يقول : إذا آلى الرجل من امرأته، لم يقع طلاق إذا مضت الأربعة أشهر، حتى يوقف. فإما أن يطلق، وإما أن يفيء. ١
قال مالك : وذلك الأمر عندنا.
١٤١- يحيى : قال مالك في الرجل يولي من امرأته، فيوقف عند انقضاء الأربعة أشهر. ثم يراجع امرأته : أنه إن لم يصبها حتى تنقضي عدتها، فلا سبيل له إليها. ولا رجعة له عليها. إلا أن يكون له عذر، من مرض أو سجن، أو ما أشِبه ذلك من العذر. فإن ارتجاعه إياها ثابت عليها. فإن مضت عدتها ثم تزوجها بعد ذلك، فإنه إن لم يصبها حتى تنقضي الأربعة أشهر، وقف أيضا. فإن لم يفئ دخل عليه الطلاق بالإيلاء الأول، إذا مضت الأربعة أشهر. ولم يكن له عليها رجعة، لأنه نكحها ثم طلقها قبل أن يمسها. فلا عدة له عليها، ولا رجعة. ٢
١٤٢- يحيى : قال مالك : في الرجل يولي من امرأته. فيوقف بعد الأربعة أشهر، فيطلق ثم يرتجع ولا يمسها، فتنقضي أربعة أشهر قبل أن تنقضي عدتها : أنه لا يوقف، ولا يقع عليه الطلاق، وأنه إن أصابها قبل أن تنقضي عدتها كان أحق بها. وإن مضت قبل أن يصيبها فلا سبيل له إليها. وهذا أحسن ما سمعت في ذلك. ٣
١٤٣- يحيى : قال مالك في الرجل يولي من امرأته، ثم يطلقها، فتنقضي الأربعة أشهر قبل انقضاء عدة الطلاق. قال : هما تطليقتان، إن هو وقف ولم يفئ. وإن مضت عدة الطلاق قبل الأربعة أشهر. فليس الإيلاء بطلاق. وذلك أن الأربعة أشهر التي كانت توقف بعدها، مضت ولست له يومئذ، بامرأة. ٤
١٤٤- يحيى : قال مالك : ومن حلف أن لا يطأ امرأته يوما أو شهرا، ثم مكث حتى ينقضي أكثر من الأربعة أشهر. فلا يكون ذلك إيلاء. وإنما يوقف في الإيلاء من حلف على أكثر من الأربعة أشهر. فأما من حلف أن لا يطأ امرأته أربعة أشهر، أو أدنى من ذلك، فلا أرى عليه إيلاء. لأنه إذا دخل الأجل الذي يوقف عنده، خرج من يمينه، ولم يكن عليه وقف. ٥
قال مالك : من حلف لامرأته أن لا يطأها حتى تفطم ولدها، فإن ذلك لا يكون إيلاء. وقد بلغني أن علي بن أبي طالب سئل عن ذلك، فلم يره إيلاء.
١٤٥- ابن عطية : قال مالك : هو الرجل يغاضب امرأته فيحلف بيمين يحلف عن الحنث فيها حكم، أن لا يطأها، ضرارا منه، أكثر من أربعة أشهر، لا يقصد بذلك إصلاح ولد رضيع ونحوه. ٦
وقال الإيلاء من صغيرة لم تبلغ، فإن آلى منها فبلغت لزمه الإيلاء من يوم بلوغها.
١٤٦- السيوطي : أخرج مالك عن عبد الله بن دينار قال : خرج عمر بن الخطاب من الليل سمع امرأة تقول :
تطاول هذا الليل وأسود جانبه وأرقني أن لا خليل ألاعبه
فوالله لولا الله أني أراقبه وأرقني من هذا السرير جوانبه.
فسأل عمر ابنته حفصة كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها ؟ فقالت : ستة أشهر، أو أربعة أشهر. فقال عمر : لا أحبس أحدا من الجيوش أكثر من ذلك. ٧
١٤٧- ابن عطية : قال مالك رحمه الله : لا يكون الفيء إلا بالوطء، أو بالتفكير في حال العذر كالغائب والمسجون. ٨
١ -الموطأ: ٢/٥٥٦ كتاب الطلاق، باب الإيلاء..
٢ -الموطأ: ٢/٥٥٧ كتاب الطلاق، باب الإيلاء..
٣ -الموطأ: ٢/٥٥٧ كتاب الطلاق، باب الإيلاء..
٤ -الموطأ: ٢/٥٥٨ كتاب الطلاق، باب الإيلاء..
٥ -الموطأ: ٢/ ٥٥٨ كتاب الطلاق، باب الإيلاء، وروى ابن جرير الطبري في الجامع: قال: "حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، عن مالك، قال: لا يقع على المولي طلاق حتى يوقف ولا يكون موليا حتى يحلف على أكثر من أربعة أشهر فإذا حلف على أربعة أشهر فلا إيلاء عليه، لأنه يوقف عند الأربعة أشهر وقد سقطت عنه اليمين، فذهب الإيلاء": ٢/٤٣٧..
٦ - المحرر: ٢/ ١٩٠-١٩١ وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: "ذهب مالك إلى أنها اليمين على ترك الجماع. والذي يعضد مذهب مالك أن عموم الآية خرج على السبب وهو ما كانت الجاهلية تفعله من الحلف على الوطء إضرارا بالمرأة والعموم إذا خرج على سبب فعند مالك فيه روايتان إحداهما أن يقصر على سببه ولا يحمل على عمومه فإذا قصرت الآية على السبب الذي نزلت فيه صح مذهب مالك. وكان مالكا إلى هذا نظر في هذا القول": ٣٨..
٧ -الدر المنثور: ١/٦٥٢..
٨ - المحرر: ٢/١٩٢ كذا في أحكام القرآن لابن الفرس، قال: "قال مالك: لا يكون الفيء إلا بالوطء": ٨٤..
الآية الثالثة والخمسون : قوله تعالى :﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ].
١٤٨- ابن القاسم : مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن عائشة انتقلت حفصة١ حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقال ابن شهاب فذكرت ذلك لعمرة٢ فقالت : صدق عروة وقد جادلها فيه ناس فقالوا : إن الله يقول :﴿ ثلاثة قروء ﴾ فقالت : صدقتم أتدرون ما الإقراء ؟ إنما الإقراء الأطهار. ٣
١ - حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق..
٢ -عمرة بنت عبد الرحمن النجارية تابعية فقهية حجت عائشة فيها يقول عمر بن عبد العزيز لأبي بكر بن محمد عامله على المدينة: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سنة ماضية أو حديث عمرة فاكتبه تهذيب التهذيب: ٢/٤٣٨ وطبقات ابن سعد: ٨/٣٥٣..
٣ - المدونة: ٤/ ٣٢٧. قال الباجي في المنتقى: أكثر علماء المدينة أن الأقراء هي الأطهار وبه قال مالك وقد احتج مالك لذلك بقوله تعالى: ﴿فطلقوهن لعدتهن﴾ فإنما تطلق في طهر تعتد به، واحتج لذلك بحديث ابن عمر إذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلق بالطهر ثم قال صلى الله عليه وسلم: فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء:" ٤/٩٩. وانظر أحكام القرآن للجصاص: ١/٣٦٤. والإيضاح لناسخ القرآن والمنسوخ لمكي ٩٨ والمحرر: ٢/١٩٥ وأحكام القرآن لابن الفرس: ٨٥-٨٦ وتفسير ابن كثير: ١/٢٧٠ والدر المنثور: ١/٦٥٦ وفتح القدير: ١/٢٣٧..
الآية الرابعة والخمسون : قوله تعالى :﴿ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ﴾ [ البقرة : ٢٢٩ ].
١٤٩- يحيى : عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قال : كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها، كان ذلك له، وإن طلقها ألف مرة، فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها، ثم قال : لا والله، لا آويك إلي ولا تحلين أبدا. فأنزل الله تبارك وتعالى :﴿ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ﴾ فاستقبل الناس الطلاق جديدا من يومئذ من كان طلق منهم أو لم يطلق. ١
١٥٠- يحيى : عن مالك أنه بلغه : أن رجلا جاء إلى عبد الله بن مسعود، فقال : إني طلقت امرأتي ثماني تطليقات. فقال ابن مسعود : فماذا قيل لك ؟ قال : قيل لي : إنها قد بانت مني. فقال ابن مسعود : صدقوا، من طلق كما أمره الله فقد بين الله له، من لبس على نفسه لبسا جعلنا لبسه ملصقا به، لا تلبسوا على أنفسكم ونتحمله عنكم، هو كما يقولون. ٢
١٥١- ابن العربي : قال مالك : معناه الطلاق المسنون مرتان. ٣
قوله تعالى :﴿ ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ﴾ [ البقرة : ٢٢٩ ].
١٥٢- يحيى : قال مالك : في المفتدية التي تفتدي من زوجها : أنه إذا علم أن زوجها أضر بها، وضيق عليها، وعلم أنه ظالم لها، مضى الطلاق، ورد عليها مالها. ٤
قال : فهذا الذي كنت أسمع، والذي عليه أمر الناس عندنا.
قال مالك : لا بأس بأن تفتدي المرأة من زوجها، بأكثر مما أعطاها.
١٥٣- ابن كثير : قال مالك : لو أخذ منها شيئا وهو مضار لها وجب رده إليها وكان الطلاق رجعيا قال : وهو الأمر الذي أدركت الناس عليه. ٥
١٥٤- ابن القاسم : قال مالك : ولم أر أحدا ممن يقتدى به يكره أن يفتدي المرأة بأكثر من صداقها وقد قال الله تبارك وتعالى :﴿ فلا جناح عليهما فيما افتدت به ﴾. ٦
قال ابن وهب : قال مالك : إن مولاة لصفية اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر.
١٥٥- يحيى : قال مالك في المفتدية : أنها لا ترجع إلى زوجها إلا بنكاح جديد. فإن هو نكحها، ففارقها قبل أن يمسها، لم يكن له عليها عدة من الطلاق الآخر. وتبني على عدتها الأولى. ٧
قال مالك : وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
١٥٦- يحيى : قال مالك : إذا افتدت المرأة من زوجها بشيء، على أن يطلقها. فطلقها طلاقا متتابعا نسقا، فذلك ثابت عليه. فإن كان بين ذلك صمات، فما أتبعه بعد الصمات فليس بشيء. ٨
١ -الموطأ: ٢/ ٥٨٨ كتاب الطلاق، كتاب جامع الطلاق، وأخرجه السيوطي في الدر: ١/٦٦٢، والشوكاني في الفتح: ١/٢٦٩..
٢ -الموطأ: ٢/٥٥٠. كتاب الطلاق، باب ما جاء في البتة..
٣ -أحكام القرآن لابن العربي: ١/١٩٠. وينظر الأحكام الصغرى لابن العربي: ١/١٤٣..
٤ - الموطأ: ٢/٥٦٥ وقال ابن عطية في المحرر: "قال مالك: إذا قالت له: لا أطيع لك أمرا ولا أغتسل لك من جنابة ولا أبر بك قسما، حل الخلع": ٢/٢٠١..
٥ - تفسير ابن كثير: ١/٤٠٢..
٦ - المدونة: ٤/٣٤١، وأخرجه يحيى في الموطأ: ٢/٥٦٥، كتاب الطلاق، باب ما جاء في الخلع، وأخرجه ابن جرير في جامع البيان: ٢/٤٧١ والسيوطي في الدر: ١/٦٧٤. وذكر معناه ابن عطية في المحرر: ٢/ ٢٠١..
٧ -الموطأ: ٢/٥٦٥ كتاب الطلاق، باب ما جاء في الخلع. وقال الباجي في المنتقى: "روى ابن وهب عن مالك، أن البارئة هي التي تباري من زوجها قبل البناء بها، فتقول، خذ الذي لك واتركني، والمفتدية: هي التي تعطيه بعض الذي لها وتمسك بعضه، وكذلك المصالحة والمختلعة هي التي تعطيه جميع ماله وتنخلع عنه": ٤/٦٤..
٨ - الموطأ: ٢/٥٦٦، كتاب الطلاق، باب طلاق المختلعة، وينظر: المنتقى للباجي: ٤/٦٨..
الآية الخامسة والخمسون : قوله تعالى :﴿ فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ﴾ [ البقرة : ٢٣٠ ].
١٥٧- يحيى : عن مالك، عن المسور بن رفاعة القرظي، عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير، أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، فنكحت عبد الرحمن بن الزبير، فاعترض عنها. فلم يستطع أن يمسها، ففارقها. فأراد رفاعة أن ينكحها. وهو زوجها الأول الذي كان طلقها، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهاه عن تزوجها. وقال :( لا يحل لك حتى تذوق العسيلة ). ١
١٥٨- السيوطي : أخرج مالك عن ابن عمر. أنه كان يقول : إذا طلق العبد امرأته اثنين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أو أمة. ٢
١ - الموطأ: ٢/٥٣١، كتاب النكاح، باب نكاح المحلل وأشبهه وأخرج البخاري في كتاب اللباس، باب الإزار المهذب وباب ثياب الخضر، وأخرجه السيوطي في الدر: ١/٦٧٨، وأخرجه ابن كثير في تفسيره: ١/٢٧٩ وقال بعده: "واشترط الإمام مالك أن يطأها الثاني وطأ مباحا فلو وطئها وهي محرمة أو صائمة أو معتكفة أو حائض أو نفساء، أو الزوج صائم أو محرم، أو معتكف لم تحل للأول بهذا الوطء. وكذا لو كان الزوج الثاني، ذميا لم تحل للمسلم بنكاحه، لأن أنكحة الكفار باطلة عنده- يعني عند مالك-": ١/٢٧٩. وانظر: الأحكام لابن الفرس: ٩٢..
٢ - الدر المنثور: ١/ ٦٧٧-٦٨٠..
الآية السادسة والخمسون : قوله تعالى :﴿ ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ﴾ [ البقرة : ٢٣١ ].
١٥٩- يحيى : عن مالك، عن ثور بن زيد الديلمي١، أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها. ولا يريد إمساكها. كي ما يطول بذلك عليها العدة ليضارها. فأنزل الله تبارك وتعالى :﴿ ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ﴾ يعظهم الله بذلك. ٢
قال مالك : السنة عندنا أن الرجل إذا طلق امرأته وله عليها رجعة فاعتبرت بعض عدتها ثم ارتجعها ثم فارقها قبل أن يمسها أنها لا تبني على ما مضى من عدتها وأنها تستأنف من يوم طلقها عدة مستقبلة وقد ظلم زوجها نفسه وأخطأ إن كان ارتجعها ولا حاجة له بها.
قوله تعالى :﴿ ولا تتخذوا آيات الله هزوا ﴾.
١٦٠- يحيى : عن مالك أنه بلغه أن رجلا قال لعبد الله بن عباس : إني طلقت امرأتي مائة تطليقة، فماذا ترى علي ؟ فقال له ابن عباس : طلقت منك لثلاث، وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزؤا. ٣
١ - ثور بن زيد الديلمي: بكسر الدال مولاهم المدني، عن أبي الغيث والزهري، وعنه مالك وسليمان بن بلال، وثقه ابن معين، مات سنة خمس وثلاثين ومائة. الخلاصة: ٤٩/٥٠ وينظر: أسماء شيوخ الإمام مالك: ١٤ مخطوط خاص (شخصي)..
٢ -الموطأ: ٢/ ٥٨٨ كتاب الطلاق، باب جامع الطلاق. وأخرجه ابن جرير في جامع البيان: ٢/٤٨١. والسيوطي في الدر: ١/٦٨٢..
٣ - الموطأ: ٢/ ٥٥٠ كتاب الطلاق، باب ما جاء في البتة..
الآية السابعة والخمسون : قوله تعالى :﴿ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ﴾ [ البقرة : ٢٣٣ ].
١٦١- ابن العربي : قال مالك : كل أم يلزمها رضاع ولدها بما أخبر الله تعالى من حكم الشريعة فيها. ١
قوله تعالى :﴿ وعلى الوارث مثل ذلك ﴾ [ البقرة : ٢٣٣ ].
١٦٢- مكي : روى ابن القاسم عن مالك أنه قال : هذا منسوخ. ٢
١ - أحكام القرآن لابن العربي: ١/ ٢٠٦. وزاد قائلا: "إلا أم مالكا- دون فقهاء الأمصار- استثنى الحسيبة فقال: لا يلزمها إرضاعه، فأخرجها من الآية وخصها فيها بأصل من أصول الفقه، وهو العمل بالمصلحة، وهذا فن لم يتفطن له مالكي" وفي جامع الأحكام لابن العربي: "وهذا أصل لم تفطن له إلا مالك": ٣/١٧٢. وزاد موضحا: "وقد حققناه في أصول الفقه. والأصل البديع فيه هو أن هذا أمر كان في الجاهلية في ذوي الحسب، وجاء الإسلام عليه فلم يغيره، وتمادى ذوو الثروة والإحساب على تفريغ الأمهات للمتعة بدفع الرضعاء إلى المراضع إلى زمانه، فقال به، وإلى زماننا، فحققناه شرعا". وقال المهدوي في التحصيل: "وروي عن مالك أيضا أن على الأم أن ترضعه إذا لم يكن له مال ولم يقبل غيرها، فإن لم يكن لها لبن وكان لها مال فرضاعته عليها من مالها": ١٢٠. ينظر الجامع لأحكام القرآن: ٣/١٧٢، وأحكام القرآن لابن الفرس: ٩٣ ن والأحكام الصغرى لابن العربي: ١/١٥٠.
وقال ابن عطية في المحرر: "انتزع مالك رحمه الله من هذه الآية، أن الرضاعة المحرمة الجارية مجرى النسب، إنما هي ما كان في الحولين، لأن بانقضاء الحولين، تمت الرضاعة فلا رضاعة": ٢/٢٢٠.
ونقله عنه القرطبي في جامع أحكامه: ٣/ ١٦٣ وابن عرفة في تفسيره: ٢/ ٦٦٨. ونص الإمام مالك على هذا في الموطأ، قال يحيى: وسمعت مالكا يقول: الرضاعة قليلها وكثيرها إذا كان في الحولين تحرم، فأما ما كان بعد الحولين، فإن قليله وكثيره لا يحرم شيئا. وإنما هو بمنزلة الطعام": ٢/٦٠٤ كتاب الرضاع.
وقال ابن كثير في تفسيره: "قال مالك: ولو فطم الصبي دون الحولين فأرضعته امرأة بعد فصاله لم يحرم لأنه قد صار بمنزلة الطعام": ١/ ٢٨٤..

٢ - الإيضاح في الناسخ والمنسوخ: ١٨٠ وزاد معلقا على قول مالك: "لم يذكر ما نسخه، ولا كيف كان الحكم المنسوخ". وقل القرطبي في زمانه عن النحاس، قال: قال النحاس: هذا لفظ مالك، ولم يبين ما الناسخ لها ولا عبد الرحمن بن القاسم، ولا علمت أن أحدا من أصحابهم بين ذلك": ٣/١٦٩.
وروى القرطبي أيضا عن ابن القاسم عن مالك، أن الآية تضمنت أن الرزق والكسوة على الوارث ثم نسخ ذلك بالإجماع من الأمة في ألا يضار الوارث": ٣/١٧٠. ولكن مكي قال في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: "والنسخ بالإجماع لا يقول به مالك": ١٨٠.
كما أوضح القاضي ابن العربي في أحكام القرآن بعد إيراد قول مالك في هذه الآية، مفهوم النسخ عند العلماء القدامى حيث قال: "وهذا كلام تشمئز منه قلوب الغافلين وتحار فيه الباب الشاذين. والأمر فيه قريب، لأنا نقول: لو تثبت ما نسخها إلا ما كان في مرتبتها، ولكن وجهه، أن علماء المتقدمين من الفقهاء والمفسرين كانوا يسمون التخصيص نسخا، لأنه رفع لبعض ما يتناوله العموم مسامحة، وجرى ذلك في ألسنتهم حتى أشكل ذلك على من بعدهم، وهذا يظهر على من ارتاض بكلام المتقدمين كثيرا": ١/٢٠٥.
ونص على هذا أيضا في كتابه الناسخ والمنسوخ، قال: فأما قول مالك: أنه منسوخ فهو تسامح في تسمية المخصوص منسوخا، لأن التخصيص نسخ لغة، ولكنه ليس به عرفا، فأجراه مالكا عن الأصل في الاقتضاء اللغوي. وقد قيل أنه أراد بذلك أصلا آخر من أصول النفقة، وهو أن الحكم في صدر الإسلام كان بوجوب النفقة والسكنى للمتوفى عنها زوجها حولا ثم نسخ على ما يأتي بيانه بعد إن شاء الله.
فإذا ارتفع ذلك عن الأصل فارتفاعه عن الوارث الذي هو فرضه أولى، وهذا أصل محقق من مسائل الأصول والأول أقوى فعليه المعول والله أعلم" : ٢/٩٨-٩٩ وللزيادة في الإيضاح ينظر التحصيل للمهدوي ١٢٠، والأحكام الصغرى: ١/١٤٩ وأحكام القرآن لابن الفرس: ٩٥ والمحرر: لابن عطية: ٢/٢١٢ والجامع لأحكام القرآن: ٣/١٦٩، وفتح القدير: ١/ ٢٤٥..

الآية الثامنة والخمسون : قوله تعالى :﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ﴾ [ البقرة : ٢٣٤ ].
١٦٣- يحيى : قال مالك : ولا تلبس المرأة الحاد على زوجها شيئا من الحلي. خاتما ولا خلخالا ولا غير ذلك من الحلي، ولا تلبس شيئا من العصب. إلا أن يكون عصبا غليظا. ولا تلبس ثوبا مصبوغا بشيء من الصبغ. إلا بالسواد ولا تمتشط إلا بالسدر وما أشبهه مما لا يختمر في رأسها. ١
قال مالك : تدهن المتوفى عنها زوجها بالزيت والشبرق، وما أشبه ذلك. إذا لم يكن فيه طيب.
١٦٤- ابن عطية : قال مالك : التربص : الامتناع عن الزينة. ٢
١ - الموطأ: ٥٩٩- ٦٠٠ كتاب الطلاق، باب ما جاء في الإحداد..
٢ -المحرر: ٢/٢١٥..
الآية التاسعة والخمسون : قوله تعالى :﴿ ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ﴾ [ البقرة : ٢٣٥ ].
١٦٥- يحيى : قال مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، أنه كان يقول في قول الله تبارك وتعالى :﴿ ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ﴾ أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها من وفاة زوجها : إنك علي لكريمة، وإني فيك لراغب. وإن الله لسائق إليك خيرا ورزقا. ونحو هذا من القول. ١
قوله تعالى :﴿ ولكن لا تواعدوهن سرا ﴾ [ البقرة : ٢٣٥ ].
١٦٦- ابن عطية : ذهب مالك إلى أن المعنى لا توافقوهن بالمواعدة والتوثق وأخذ العهود في استسرار منكم وخفية. ٢
١ - الموطأ: ٢/٥٢٤ كتاب النكاح، باب ما جاء في الخطبة. وأخرجه ابن جرير في جامع البيان: ٢/ ٥٢٠ والسيوطي في الدر: ١/٦٩٥. قال ابن العربي في أحكام القرآن: "والذي مال إليه مالك أن يقول: إني بك لمعجب ولك محب وفيك راغب، وهذا عندي أقوى التعريض وأقرب إلى التصريح": ١/٢١٣ وكذا في الأحكام الصغرى لابن العربي: ١/١٥٢ والمنتقى: ٣/ ٢٦٥ والجامع: ٣/١٨٨..
٢ - المحرر: ٢/٢٢٠-٢٢١، وزاد موضحا: "قال مالك: فيمن يواعد في العدة ثم يتزوج بعدها: "فراقها أحب إذا دخل بها أو لم يدخل وتكون تطليقة واحدة فإذا حلت خطبها مع الخطاب". وقال أيضا. "حكي ابن الجلاب عن مالك رواية أن التحريم يتأبد في العقد في العدة، وأن فسخ قبل الدخول. وقال مرة يتأبد التحريم، وقال مرة: وما التحريم بذلك بالبين": ٢/٢٢٢-٢٢٣.
وقال المهدوي في التحصيل: "إن خطب في العدة وسمي الصداق وواعد فقال مالك: فراقها أحب إلي، وتكون تطليقة ثم يدعها حتى تحل ويخطبها": ١٢٢. وينظر الجامع: ٣/ ١٩١..

الآية الموفية ستين : قوله تعالى :﴿ لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ﴾ [ البقرة : ٢٣٦ ].
١٦٧- مكي : روى مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال : لكل مطلقة متعة إلا التي سمى لها صداقا ولم تمس فحسبها نصف ما فرض لها. ١
١٦٨- ابن عطية : قال مالك : المتعة مندوب إليها في كل طلقة وإن دخل بها إلا في التي لم يدخل بها وفرض لها، فحسبها ما فرض لها، ولا متعة لها. ٢
قوله تعالى :﴿ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ﴾ [ البقرة : ٢٣٦ ].
١٦٩- ابن القاسم : قال مالك : إنما خفف عندي في المتعة، ولم يجبر عليها المطلق في القضاء في رأيي لأني أسمع الله يقول :﴿ حقا على المتقين ﴾ [ البقرة : ١٨٠ ]٣ و﴿ حقا على المحسنين ﴾٤. فلذلك خففت ولم يقض بها. ٥
١٧٠- يحيى : قال مالك : ليس للمتعة عندنا حد معروف. في قليلها ولا كثيرها. قوله تعالى :﴿ حقا على المحسنين ﴾ [ البقرة : ٢٣٦ ]. ٦
١٧١- الألوسي : قال الإمام مالك : المحسنون : المتطوعون. ٧
١ - الهداية: ١٨٥ م خ ع رقم ق: ٦٠٣ وينظر الجامع: ٣/٢٠٠ والمحرر الوجيز: ٢/ ٢٢٦..
٢ -المحرر: ٢/ ٢٢٦ وأضاف موضحا رأي مالك: "فحمله- يعني به الأمر- مالك على الندب. وينظر الجامع: ٣/٢٠٠-٢٠١ وفتح القدير: ١/٢٥٢ وروح المعاني م١ ج ٢/١٥٤..
٣ -سورة البقرة: الآيات: ١٨٠، ٢٤١..
٤ - سورة البقرة: آية: ٢٣٦..
٥ - المدونة: ٤/ ٣٣٢-٣٣٣..
٦ - الموطأ: ٢/٥٧٣ كتاب الطلاق، باب ما جاء في متعة الطلاق..
٧ روح المعاني م١ ج٢/١٥٤. وزاد قائلا: "وأجيب عما قاله مالك بمنع قصر المحسن على المتطوع، بل هو أعم منه..
الآية الحادية والستون : قوله تعالى :﴿ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح ﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ].
١٧٢- يحيى : قال مالك، في طلاق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها وهي بكر فيعفو أبوها عن نصف الصداق أن ذلك جائز لزوجها من أبيها، فيما وضع عنه. ١
قال مالك : وذلك أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه ﴿ إلا أن يعفون ﴾ فهن النساء اللاتي قد دخل بهن ﴿ أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح ﴾ فهو الأب في ابنته البكر، والسيد في أمته.
قال مالك : وهذا الذي سمعت في ذلك، والذي عليه الأمر عندنا٢.
١٧٣- يحيى : قال مالك : إن طلقها وهو مريض قبل أن يدخل بها، فلها نصف الصداق ولها الميراث، ولا عدة عليها. وإن دخل بها ثم طلقها، فلها المهر كله، والميراث، البكر والثيب في هذا عندنا سواء. ٣
١٧٤- السيوطي : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قال مالك : وذلك إذا طلقت قبل الدخول بها، فله أن يعفو عن نصف الصداق الذي وجب لها عليه ما لم يقع طلاق. ٤
١ - الموطأ: ٢/ ٥٢٨ كتاب الطلاق، باب ما جاء في الصداق والحباء، وأخرجه ابن جرير في جامع البيان: ٢/٥٤٥، وأخرجه المهدوي في التحصيل ١٢٣ وذكره ابن الفرس في أحكام القرآن ١٠٢ وزاد موضحا: قال: وأما الوصي وسائر الأولياء فلم يرهم مالك داخلين في عموم قوله: "أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح". وروى ابن نافع عن مالك أن الوصي في ذلك مثل الأب، وعلى هذا يكون الوصي داخلا تحت قوله تعالى: {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح". وينظر الهداية: ١٨٦ م خ ع رقم ق ٦٠٣ والمحرر الوجيز: ٢/٢٣٠ وتفسير القرطبي: ٣/٢٠٧. وقال ابن العربي في أحكام القرآن: "روى ابن وهب، وأشهب، وابن عبد الحكم وابن القاسم عن مالك أن الأب في ابنته البكر السيد في أمته، لأن هذين هما اللذان يتصرفان في المال وينفذ لهما القول": ١/٢٢٢. وقال في الأحكام الصغرى: "قال مالك: المراد النسوة الرشيدات، والذي بيده عقدة النكاح هو الأب في ابنته البكر، والسيد في أمته. لأنهما المتصرفان في المال": ١/١٥٦..
٢ - قال القاضي عياض: "قال عبد العزيز الدراوردي: إذا قال مالك: "الأمر عندنا" فإنه يريد ربيعة، وابن هرمز". المدارك: ٢/٧٥.
وقال تارة أخرى: "وما قلت: "الأمر عندنا " فهو ما عمل الناس به عندنا، وجرت به الأحكام، وعرفه الجاهل والعالم". المدارك: ٢/ ٧٣-٧٤..

٣ - الموطأ: ٢/ ٥٧٣ كتاب الطلاق، باب طلاق المريض..
٤ - الدر: ٢/٥٤٥..
الآية الثانية والستون : قوله تعالى :﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾ [ البقرة : ٢٣٨ ].
١٧٥- يحيى : قال مالك، عن زيد بن أسلم، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي يونس مولى عائشة أم المؤمنين، أنه قال : أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا ثم قالت : إذا بلغت هذه الآية فآذني ﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾ فلما بلغتنا آذنتها فأملت علي :﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾ قالت عائشة : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ١
١٧٦- مكية : روى ابن وهب، وابن القاسم عن مالك : أن الصلاة الوسطى صلاة الصبح. ٢
وقال مالك : الظهر والعصر في النهار، والمغرب والعشاء في الليل، والصبح فيما بين ذلك، قال مالك : والصبح لا تجمع إلى غيرها. وقد يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، قال مالك : وهي كثيرا ما تفوت الناس وينامون٣ عنها.
١٧٧- ابن رشد : سئل مالك عن تفسير هذه الآية فيما كانت تكتب عائشة وحفصة :﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ﴾ وصلاة العصر، أهي صلاة العصر، أو غير صلاة العصر ؟ قال : بل هي غير صلاة العصر. ٤
١ - الموطأ: ١/١٣٨-١٣٩، كتاب صلاة الجماعة، باب الصلاة الوسطى، وأخرجه محمد بن الحسن الشيباني في موطئه: ٣٤٤، وأخرجه ابن كثير في التفسير: ١/ ٢٩٣-٢٩٤، وأخرجه السيوطي في الدر: ١/٧٢٢، والشوكاني في فتح القدير: ١/٢٥٦. وقد أتى ابن الفرس في أحكام القرآن بخبر غريب قال فيه: "ذهبت فرقة أن الوسطى الصبح، وأن لفظ الوسطى يعطي الترتيب لأن قبلها صلاتين يجهر فيهما وبعدها صلاتي نهار يسر فيهما وهو قول مالك": ١٠٣. وذهب ابن حبيب أنها صلاة العصر، وذكر أنه قول حسن، ورواه غيره عن علي بن أبي طالب. انظر النوادر والزيادات: ١/١٤٧.
وروى مالك في الموطأ، أن زيد بن ثابت قال: هي الظهر، باب الصلاة الوسطى، من كتاب صلاة الجماعة..

٢ - الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: ١٩٠-١٩١. وينظر أحكام القرآن لابن العربي: ١/ ٢٢٤. والأحكام الصغرى لابن العربي أيضا: ١/ ١٥٧ وينظر الهداية: ١٨٨ م خ ع رقم ق: ٦٠٣..
٣ - وفي الهداية لمكي "يتلهون عنها": ١٨٨ م خ ع رقم ق ٦٠٣..
٤ - البيان والتحصيل: ١٨/١٢٠. قال محمد بن رشد معقبا: "وصلاة العصر- بالواو على العطف- وانظر تفسير عبد الله بن وهب: ٢/ ٩٤-٩٥..
الآية الثالثة والستون : قوله تعالى :﴿ فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ﴾ [ البقرة : ٢٣٩ ].
١٧٨- ابن جرير : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قال مالك : وسألته عن قول الله :﴿ فرجالا أو ركبانا ﴾ قال : راكبا وماشيا، ولو كانت إنما عني بها الناس : لم يأت إلا رجالا، وانقطعت الألف إنما هي رجال مشاة وعن ﴿ يأتوك رجالا وعلى كل ضامر ﴾١ قال : يأتون مشاة وركبانا. ٢
١٧٩- يحيى : عن مالك، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف.
قال : يتقدم الإمام وطائفة من الناس، فيصلي بهم الإمام ركعة، وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو لم يصلوا. فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا، ولا يسلمون ويتقدم الذين لم يصلوا، فيصلون معه ركعة، ثم ينصرف الإمام، وقد صلى ركعتين، فتقوم كل واحدة من الطائفتين، فيصلون لأنفسهم ركعة واحدة. بعد أن ينصرف الإمام : فتكون كل واحدة من الطائفتين قد صلوا ركعتين فإن كان خوفا هوا أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها. ٣
١ - سورة الحج، آية: ٢٧..
٢ - جامع البيان: ٢/٥٧٥. قال محقق الكتاب بالهامش: معنى كلام الإمام مالك في عبارته الموجزة: إن ركبانا جمع راكب، ورجالا جمع راجل، بمعنى ماش على رجله، وتقدير الآية على ذلك، فإن خفتم من عدو أو سبع أو نحو ذلك فليصل كل منكم راكبا أو راجلا، وإذا كان الأمر للجماعة، فتقديره: فصلوا رجالا أو ركبانا. وحينئذ تنقطع الألف التي في صيغة المفرد (راجل) عند جمعه على رجال"..
٣ - الموطأ: ١/ ١٨٤، كتاب صلاة الخوف، باب صلاة الخوف. وأخرجه البخاري في كتاب التفسير باب "فإن خفتم فرجالا أو ركبانا". وأخرجه السيوطي في الدر: ١/٧٣٥.
وقال ابن الفرس في الأحكام: "فرق مالك بين خوف العدو والمقاتل وبين خوف السبع ونحوه، بأن استحب في غير خوف العدو الإعادة في الوقت إن وقع الأمن" ١٠٥. ونقله عنه ابن عطية في المحرر: ٢/٢٣٨.
وقال ابن كثير في تفسيره: "قال مالك، عن نافع، أن ابن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها ثم قال: فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبلها": ١/ ٢٩٦..

الآية الرابعة والستون : قوله تعالى :﴿ وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ﴾ [ البقرة : ٢٤١ ].
١٨٠- يحيى : قال مالك عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه كان يقول : لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق. وقد فرض لها صداق ولم تمس فحسبها نصف ما فرض لها. ١
وقال مالك : ليس للمتعة عندنا حد معروف، في قليلها ولا في كثيرها.
١٨١- القرطبي : قال ابن القاسم : قال مالك : لكل مطلقة- اثنتين أو واحدة بنى بها أم لا سمى لها قضاء أم لا- المتعة، إلا المطلقة قبل البناء، وقد سمى لها صداقها فحسبها نصفه. ولو لم يكن سمى لها كان لها المتعة أقل من صداق المثل أو أكثر، وليس لهذه المتعة حد. ٢
١ - الموطأ: ٢/٥٧٣ كتاب الطلاق. باب ما جاء في متعة الطلاق. وأخرجه السيوطي في الدر: ١/ ٧٤٠ والشوكاني في الفتح: ١/٢٦٠.
قال الباجي في المنتقى عند شرحه لهذا الحديث: "اختلف العلماء في المتعة، فذهب مالك إلى أنها ليست مما يجبر عليها المطلق ولا يحكم بها عليه، قال مالك: إنما لحق على الزوج ولا يقضي بها عليه وليحرضه السلطان عليها ولا تحاص الغرماء بها وهي لكل مطلقة": ٤/٨٨. تنظر المدونة: ٤/ ٤٣٢..

٢ - الجامع: ٣/ ٢٢٩. وقال الجصاص في أحكام القرآن: "قال مالك: وليس للملاعنة متعة على حال من الحالات": ١/٤٢٨..
الآية الخامسة والستون : قوله تعالى :﴿ وقاتلوا في سبيل الله ﴾ [ البقرة : ٢٤٤ ].
١٨٢- ابن العربي : قال مالك : سبل الله كثيرة. وأعظمها الجهاد. ١
١ -الأحكام الصغرى لابن العربي: ١/١٥٩. وينظر أحكام القرآن لابن العربي أيضا: ١/٢٢٩..
الآية السادسة والستون : قوله تعالى :﴿ فمن يكفر بالطاغوت ﴾ [ البقرة : ٢٥٦ ].
١٨٣- السيوطي : أخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال : الطاغوت : ما يعبد من دون الله. ١
١ - الدر: ٢/٢٢ وأخرجه الشوكاني في الفتح: ١/٢٧٦. وأخرجه ابن أبي حاتم قال: حدثنا أبو زرعة ثنى يونس بن عبد الأعلى ثنى ابن وهب قال: "وقال لي مالك. الحديث، كتاب التفسير..
الآية السابعة والستون : قوله تعالى :﴿ وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى ﴾ [ البقرة : ٢٦٠ ].
١٨٤- ابن العربي : قال جويرية١ بن أسماء : سمعت مالكا يقول وأسنده٢ : " يرحم الله إبراهيم نحن أحق بالشك منه، حين قال رب أرني كيف تحيي الموتى، قال، ويرحم الله لوطا، قد كانَ يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثتُ في السجن ما لبثَ يوسفُ لأجبتُ الدّاعِيَ ". ٣
١ - جويرية بن أسماء: ابن عبيد الضبعي بضم المعجمة البصري وثقه أحمد توفي سنة ثلاث وسبعين ومائة. ينظر الخلاصة ٥٥ والتاريخ الصغير للبخاري: ٢/ ١٩١، والتاريخ الكبير: ٢/٢٤١، والتذكرة: ١/ ٢١٣..
٢ - سند الحديث هو: عبد الله بن محمد بن أسماء حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أن سعيد بن المسيب، وأبا عبيد أخبراه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحديث. صحيح مسلم: ٤/٩٨..
٣ - القبس: ٢/ ١٦٤. قال ابن العربي معلقا: " هذا حديث صحيح. وأما قوله:" يرحم الله لوطا" لقد كان يأوي إلى ركن شديد: فإن لوطا سأل الله تعالى على ما علم من عادته وسنته في ربط الأسباب بالمسببات وهو مقام توحيد عظيم فأراد النبي صلى الله عليه وسلم من لوط أن يقوم في مقام أشرف منه وهو التعلق بالقدرة إذا رأى الغلية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الطائف حين ضاقت عليه الأرض لا رحبت فقال: اللهم إليك أشكو ضعف قوتي "الحديث إلى قوله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم": ٢/١٦٥ وأخرج هذا الحديث أحمد بن عمر القرطبي في كتابه: تلخيص صحيح مسلم، كتاب التفسير. ٢/١٣١٣- ١٣١٤ وفي صحيح مسلم: ٤/٩٨ وفي فتح الباري: ٦/ ٤١٠-٤١١ كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله عز وجل: ﴿ونبئهم عن ضيف إبراهيم﴾ [الحجر: ٥١]..
الآية التاسعة والستون : قوله تعالى :﴿ لا تبطلوا صدقاتهم بالمن والأذى ﴾ [ البقرة : ٢٦٤ ].
١٨٦- ابن العربي : قال أبو بكر بن أويس : سمعت مالكا يقول : إذا منّ قطع الأجر. ١
١ - القبس ٢/١٦٤، وزاد ابن العربي معقبا على قول مالك: "وهذا الذي أشار إليه مالك، وجه مليح، وذلك أن ثواب الصدقة يجري للمتصدق دائما، فإذا من انقطع الأجر من ذلك اليوم".
وقال القرطبي في الجامع: "قال علماؤنا رحمة الله عليهم: كره مالك لهذه الآية أن يعطي الرجل صدقته الواجبة أقاريبه لئلا يعتاض منهم الحمد والثناء، ويظهر منته عليهم ويكافؤه عليها فلا تخلص لوجه الله تعالى، واستحب أن يعطيها الأجانب، واستحب أيضا أن يولي غيره تفريقها إذا لم يكن الإمام عدلا. لئلا تحبط بالمن والأذى والشكر والثناء والمكافأة بالخدمة من المعطى": ٣/٣١٢..

الآية الثامنة والستون : قوله تعالى :﴿ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ﴾ [ البقرة : ٢٦٧ ].
١٨٥- قال ابن وهب : وسئل مالك عن الرجل يخلط مع الطعام الطيب طعاما دونه وهو مما يجوز به بيعه. ١
قال مالك : وإنما يجعله لينفقه هذا الطيب. قال مالك : بهذا أفسده، قال الله تبارك وتعالى :﴿ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ﴾ وظن هذا أنه يربح وإنما يهلك دينه.
١ - أحكام السوق، ليحيى بن عمر: ص ٦١..
الآية الموفية سبعين : قوله تعالى :﴿ يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ﴾ [ البقرة : ٢٦٩ ].
١٨٧- ابن جرير : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قلت لمالك : وما الحكمة ؟ قال : المعرفة بالدين، والفقه فيه، والاتباع له. ١
١٨٨- ابن العربي : قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : قوله تعالى :﴿ يؤتي الحكمة من يشاء ﴾، في التفكر في أمر الله عز وجل، والاتباع له. وقال ابن وهب : سمعته- يعني مالكا- يقول : هو الفقه في دين الله تعالى، والعمل به. ٢
قال مالك : ومما يبين لك ذلك، أن الرجل قد يكون بصيرا بدنياه، وآخر لا بصر له بدنياه. وهو عارف بأمر الله تعالى. وقد قال الله عز وجل في يحيى :﴿ وآتيناه الحكم صبيا ﴾٣ يعني العلم والعمل.
١٨٩- ابن كثير : قال ابن وهب عن مالك قال : قال زيد بن أسلم : الحكمة العقل، قال مالك : وإنه ليقع في قلبي أن الحكمة هو الفقه في دين الله، وأمر يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله، ومما يبين ذلك أنك تجد الرجل عاقلا في أمر الدنيا إذا نظر فيها وتجد آخر ضعيفا في أمر دنياه عالما بأمر دينه بصيرا به يؤتيه الله إياه ويحرمه هذا، فالحكمة الفقه في دين الله. ٤
١٩٠- القرطبي : قال مالك بن أنس : الحكمة المعرفة بدين الله، والفقه فيه، والاتباع له.
وروى عنه ابن القاسم أنه قال : الحكمة : التفكر في أمر الله والاتباع له. وقال أيضا : الحكمة طاعة الله، والفقه في الدين والعمل به. ٥
١ - جامع البيان: ٣/٩٠..
٢ - القبس: ٢/١٦٤ وقد علق ابن العربي على جواب مالك للسائل قائلا: "اختلف قول مالك لأصحابه لفظا، واتفق معنى على طريق العلماء في ضبط المعاني وإهمال الألفاظ، فرد على السائلين في الأجوبة بحسب الحاضر في الخاطر من تلك المعاني المفردة أو بحسب السائل إن كان يحتمل جميعها أو بعضها. وأول الحكمة العلم، وأول العلم معرفة الإنسان بنفسه، فمن عرف نفسه عرف ربه، وآخر الحكمة العمل، فإذا اجتمعا كان صاحبها حكيما، وإن افترقا كان ذلك الاسم ثابتا له من وجه منفيا عنه من وجه آخر"..
٣ - سورة مريم، الآية: ١٢..
٤ - تفسير القرآن العظيم: ١/٣٢٣، وأخرجه السيوطي في الدر: ٢/٦٧. وأخرجه ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين عن أبي الطاهر عن ابن وهب عن مالك بن أنس، انظره في التفسير..
٥ - الجامع: ٣/ ٣٣٠ وزاد ابن عطية في المحرر: "وقال- يعني مالكا- للربيع: "الحكمة الخشية". وينظر البيان والتحصيل: ١٨/٤١..
الآية الحادية والسبعون : قوله تعالى :﴿ لا يسألون الناس إلحافا ﴾ [ البقرة : ٢٧٣ ].
١٩١- السيوطي : أخرج مالك عن رجل من بني أسد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا ). ١
١ - الدر: ٢/٩١. وقال ابن العربي في أحكام القرآن: "روى مالك عن الأسدي أنه قال: نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله لنا شيئا نأكله، واجعلوا يذكرون من حاجتهم. فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلا يسأله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا أجد ما أعطيك. فولى الرجل عنه وهو مغضب، وهو يقول: لعمرك أنك لتعطي من شئت": ١/٢٣٩..
الآية الثانية والسبعون : قوله تعالى :﴿ الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ﴾ [ البقرة : ٢٧٥ ].
١٩٢- يحيى : عن مالك، أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول : من أسلف سلفا فلا يشترط أفضل منه، وإن كانت قبضة من علف، فهو ربا. ١
١٩٣- يحيى : قال مالك : والأمر المكروه الذي لا اختلاف فيه عندنا، أن يكون للرجل على الرجل الدين إلى أجل، فيضع عنه الطالب ويعجله المطلوب. وذلك عندنا بمنزلة الذي يؤخر دينه بعد محله، عن غريمه. ويزيده الغريم في حقه. قال : فهذا الربا بعينه لا شك فيه. ٢
١ -الموطأ: ٢/٦٨٢..
٢ -الموطأ: ٢/ ٦٧٣، كتاب البيوع، باب ما جاء في الربا في الدين..
الآية الثالثة والسبعون : قوله تعالى :﴿ اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ﴾ [ البقرة : ٢٧٨ ].
١٩٤- السيوطي : أخرج مالك عن زيد بن أسلم قال : كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل، فإذا حل الحق قال : أتقضي أم تربي ؟ فإن قضاه أخذ وإلا زاده في حقه، وزاده الآخر في الأجل. ١
١ - الدر: ٢/١٠٨..
الآية الرابعة والسبعون : قوله تعالى :﴿ فأذنوا بحرب من الله ورسوله ﴾ [ البقرة : ٢٧٩ ].
١٩٥- القرطبي : ذكر ابن بكير قال : جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال : يا أبا عبد الله، إني رأيت رجلا سكرانا يتعاقر يريد أن يأخذ القمر، فقلت : امرأتي طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم أشر من الخمر. فقال : ارجع حتى أنظر في مسألتك فأتاه. من الغد فقال له : ارجع حتى أنظر في مسألتك. فأتاه من الغد، فقال له : امرأتك طالق، إني تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلم أر شيئا أكثر من الربا لأن الله أذن فيه بالحرب. ١
قوله تعالى :﴿ وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ﴾ [ البقرة : ٢٧٩ ].
١٩٦- ابن أبي حاتم : قال مالك، وسئل عن قول الله :﴿ وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ﴾، قال : إنما ذلك في أهل الإسلام. ٢
١٩٧- يحيى : قال مالك : ومن البيوع ما يجوز إذا تفاوت أمره وتفاحش رده فأما الربا فإنه لا يكون فيه إلا الرد أبدا ولا يجوز منه قليل ولا كثير ولا يجوز فيه ما يجوز في غيره لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه :﴿ وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ﴾. ٣
١ -الجامع: ٣/٣٦٤. قال ابن فرحون في الديباج: "قال مالك: ما شيء أشد علي من أن أسأل عن مسألة من الحلال والحرام، لأن هذا هو القطع في حكم الله، ولقد أدركنا أهل العلم ببلدنا، وأن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه": ١/١١١..
٢ - أخرجه ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين عن أبي طاهر عن ابن وهب عن مالك، كتاب التفسير..
٣ -الموطأ: ٢/٦٨٩، كتاب القراض باب ما لا يجوز في القراض..
الآية الخامسة والسبعون : قوله تعالى :﴿ وليكتب بينكم كاتب بالعدل ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ].
١٩٨- المهدوي : قال مالك : لا يكتب الكتاب بين الناس إلا عارف بها عدل في نفسه مأمون على ما يكتبه : لقوله تعالى :﴿ وليكتب بينكم كاتب بالعدل ﴾. ١
وقوله تعالى :﴿ ممن ترضون ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ].
١٩٩- ابن العربي : قال مالك : ولا كل ذي نسب أو سبب يفضي إلى وصلة تقع بها التهمة، كالصداقة والملاطفة والقرابة الثابتة. ٢
٢٠٠- القرطبي : روى ابن وهب عن مالك : رد شهادة البدوي على القروي لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية ). ٣
قوله تعالى :﴿ ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ].
٢٠١- ابن رشد : سئل مالك عن قوله الله :﴿ ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ﴾ ما تفسيره " أن يدعي قبل أن يشهد، أو يكون قد أشهد ؟، فقال : إنما ذلك بعدما أشهدوا، وأما قبل أن يشهدوا فأرجو أن يكون في سعة، إذا كان ثم من يشهد، وليس كل أمر يجب على الرجل أن يشهد عليه من الأمور أمور لا يجب على الرجل أن يشهد فيها. ٤
١ -التحصيل: ١٤٢، وفي المحرر لابن عطية: "لا يكتب الوثيقة": ٢/٣٦٠ بدل كلمة: "الكتاب". وينظر اللائق لمعلم الوثائق لابن عرضون: ١/٩ وأحكام القرآن لابن الفرس: ١١٨، والجامع: ٣/ ٣٨٤. ونوازل البرزلي: ٤/ ٣٧..
٢ -أحكام القرآن لابن العربي: ١/٢٥٥..
٣ -الجامع: ٣/٣٩٦..
٤ - البيان والتحصيل: ١٧/٧٧ وزاد محمد بن رشد معلقا وموضحا قول مالك: "قول مالك، قول الله عز وجل: "ولا يآب الشهداء إذا ما دعوا" معناه: إذا دعي لإداء الشهادة بعدما أشهد، وأما إذا دعي ليشهد فهو في سعة. إذا كان تم من يشهد، صحيح"..
الآية السادسة والسبعون : قوله تعالى :﴿ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ].
٢٠٢- ابن العربي : قال سوادة بن عبد الله الأنصاري : سمعت مالكا يقول : قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد، إن الله تعالى تجاوز عن أمته الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. وذكر كلاما. ١
قوله تعالى :﴿ ولا تحمل علينا إصرا ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ].
٢٠٣- ابن جرير : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : سألته، - يعني مالكا- عن قوله :﴿ ولا تحمل علينا إصرا ﴾، قال : الإصر : الأمر الغليظ. ٢
قوله تعالى :﴿ ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ].
٢٠٤- ابن رشد : سئل مالك عن الرجل يتوضأ ثم يطأ الموضع القذر الجاف قال : لا بأس بذلك، إن الله وسع على هذه الأمة، ثم تلا :﴿ ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ]. ٣
١ - القبس: ٢/١٦٥..
٢ -جامع البيان: ٣/١٥٨ وينظر التحصيل: ١٤٦. والهداية: ٢٢٤ م. خ. غ. ٦٠٣، والمحرر الوجيز: ٢/ ٣٩٢، وتفسير عبد الله بن وهب: ٢/ ١٤٣هـ..
٣ - البيان والتحصيل: ١/١٢٨..
Icon