ﰡ
٣٢- قال بعض السلف : الحروف المقطعة في ابتداء بعض السور متشابهه٢ وما عادها فمحكمه. [ المنخول : ١٧٠ ]
٣٣- نعم الحروف المقطعة إن كانت متشابهة فلتكن، فليس ذلك مما كلفنا فهمه. [ نفسه : ١٧٣ ].
٣٤- فإن قيل : فما معنى الحروف في أوائل السور ؟ إذ لا يعرف أحد معناها.
قلنا : أكثر الناس فيها. وأقربها أقاويل، [ وأجودها ]٣ : أنها أسامي السور حتى تعرف بها، فيقال : سور " يس " و " طه ". وقيل : ذكرها الله تعالى لجمع دواعي العرب إلى الاستماع، لأنها تخالف عادتهم فتوقظهم عن الغفلة حتى تصرف قلوبهم إلى الإصغاء، فلم يذكرها لإرادة معنى. وقيل : إنما ذكرها كناية عن سائر حروف المعجم التي لا يخرج عنها جميع كلام العرب، تنبيها أنه ليس يخاطبهم إلا بلغتهم وحروفهم [ المستصفى : ١/١٠٦ ].
٣٥- فمعانيها لا يمكن أن تدرك بالعقل، إذ اللغات تعرف بالاصطلاح، ولم يسبق اصطلاح من الخلق على حروف التهجي، وأن " ألمر " و " حم عسق " عبارة عماذا ؟. فالمعصوم أيضا لا يفهمه، وإنما يفهم ذلك من الله تعالى، إذ بين المراد به على لسان رسوله، فيفهم ذلك سماعا وذلك لا يخلو :
إما أن لم يذكره الرسول لأنه لا حاجة إلى معرفته ولم يكلف الخلق به، فالمعصوم شريك في [ أن ]٤ لا يعرفه، إذ لم يسمعه من الرسول٥. [ فضائح الباطنية : ١١٨ ].
وإن عرضه وذكره فقد ذكر ما بالخلق مندوحة [ عن ]٦ معرفته، فإنهم لن يكلفوه.
وإن ذكره الرسول فقد اشترك في معرفته من بلغه الخبر- متواترا كان أو آحادا-، وفيه عن ابن عباس وجماعة من المفسرين نقل.
فإن كان متواترا أفاد علما، وإلا أفاد ظنا، والظن فيه كاف، بل لا حاجة إلى معرفته فإنه لا تكليف فيه.
٢ - الضمير هنا يعود على القرآن الكريم..
٣ - في الأصل "أحدهما" ولعل الصواب ما أثبته..
٤ - في الأصل "أنه" ولعل الصواب ما أثبه..
٥ -أي جبريل عليه السلام..
٦ - في الأصل "من" ولعل الصواب ما أثبته..
٣٦- ﴿ في قلوبهم مرض ﴾ أي شك [ المستصفى : ٢/٣٥٩ ].
٣٧- ﴿ في قلوبهم مرض ﴾ لما كانوا لا ينتفعون بالقرآن. [ ميزان العمل : ٣٣٨ ].
٣٨- ﴿ في قلوبهم مرض ﴾ إشارة إلى مرض العقول. [ الإحياء : ٤/١٠٧ ].
٣٩- أمر التكليف جار على خصوص الخلق لنظام وجود العالم الصغير، وذلك قوله تعالى :﴿ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم ﴾ وكذلك جميع الأوامر والنواهي. [ معارج القدس في مدارج معرفة النفس : ١٣٤ ]
٤٠- عمدة أدلة المتكلمين في النبوة :﴿ وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله ﴾. [ الإحياء : ١/١١٥ ].
٤١- ﴿ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ﴾ قالوا : هكذا كان الناس على المنهج القديم : ليس تحليل ولا تحريم، ولكن الأنبياء حللوا أشياء وحرموا أشياء [ سر العالمين وكشف ما في الدارين ضمن مجموع رسائل الإمام الغزالي رقم ٦ ص : ٢٧ ].
٤٢- قال مالك لما سئل عن الاستواء : " الاستواء معلوم والكيفية مجهولة، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة " ١.
وقال سفيان بن عيينة٢ : يفهم منه ما فهم من قوله :﴿ ثم استوى إلى السماء ﴾
وقد تحزب الناس فيه : فضل فريق وأجروه على الظاهر، وتبعهم آخرون إذ ترددوا فيه وإن لم يجزموا.
وفاز من قطع بنفي الاستقرار، فإن تردد في مجمله ورآه، فلا يعاب عليه.
وتكلف تعلم الأدلة على نفي الاستقرار، لا نراه واجبا على آحاد الناس، بل يجب على شخص في كل إقليم أن يقوم به، يدفع البدع إذا ثارت عليه.
فإذن المتشابه : ما لا يفهم معناه، وذلك محال في محل التكليف، فنعلم قطعا أن هذه الآية ما أريد بها الاستقرار، فلا تشابه فيها. [ المنخول : ١٧٢-١٧٣ ].
٤٣- ﴿ وهو بكل شيء عليم ﴾ باق على العموم. [ المستصفى : ٢/٩٩ ].
٤٤- ﴿ وهو بكل شيء عليم ﴾ فإنه عالم بذاته. [ المنخول : ٤٤ ].
٤٥- ﴿ وهو بكل شيء عليم ﴾ دل العقل على عمومه، ولا يعارضه قوله تعالى :﴿ قل أتنبئون الله بما لا يعلم ﴾٣ إن معناه : ما لا يعلم له أصلا، أي يعلم أنه لا أصل له، ولا يعارضه قوله تعالى :﴿ حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم ﴾٤ إذ معناه : أنه يعلم المجاهد كائنة حاصلة. [ المستصفى : ٢/١٣٨ ].
٢ - هو الإمام الكبير شيخ الإسلام أبو محمد سفيان بن عيينة الهلالي الكوفي ثم المكي من تابعي التابعين، وقد اتفق العلماء على جلالته وعظم مرتبته. ولد سنة ١٠٨ هـ. وطلب الحديث وهو حدث، ولقي الكبار وحمل عنهم علما جما وأتقن وجود، وجمع وصنف، وعمر دهرا، وازدحم الخلق عليه وانتهى إليه علو الإسناد. توفي ٢٩٨هـ. ن حلية الأولياء ٧/٢٧٠ وتاريخ بغداد ٩/١٧٤، وسير أعلام النبلاء ٨/٤٠٠..
٣ - يونس: ١٨..
٤ - محمد: ٣٢..
٤٦- الملائكة عرفت أن الموجود في مادة يعصي فقالوا :﴿ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ﴾. [ معراج السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ١ ص ١٠٥ ].
٤٧- ظاهر في كونه توفيقيا، وليس بقاطع، إذ يحتمل كونها مصطلحا عليها من خلق خلقه الله تعالى قبل آدم. [ المنخول : ٧١ ].
٤٨- فإن قيل : قال الله تعالى :﴿ وعلم ءادم الأسماء كلها ﴾ وهذا يدل على أنه كان بوحي وتوقيف، فيدل على الوقوع وإن لم يدل على استحالة خلافة. قلنا : وليس ذلك دليلا قاطعا على الوقوع أيضا، إذ يتطرق إليه أربع احتمالات :
أحدها : أنه ربما ألهمه الله تعال الحاجة إلى الوضع فوضع بتدبيره وفكره، ونسب ذلك إلى تعليم الله تعالى، لأنه الهادي والملهم ومحرك الداعية، كما تنسب جميع أفعالنا إلى الله تعالى.
الثاني : أن الأسماء ربما كانت من الملائكة، فعلمه الله تعالى ما تواضع عليه غيره.
الثالث : أن الأسماء صيغة عموم، فلعله أراد به أسماء السماء والأرض وما في الجنة والنار، دون الأسامي التي حدثت مسمياتها بعد آدم عليه السلام من الحرف والصناعات والآلات، وتخصص قوله تعالى :﴿ كلها ﴾ كتخصيص قوله تعالى :﴿ وأوتيت من كل شيء ﴾١ وقوله تعالى :﴿ تدمر كل شيء بأمر ربها ﴾٢ وقوله تعالى :﴿ وهو على كل شيء قدير ﴾٣ إذ يخرج عنه ذاته وصفاته.
الرابع : أنه ربما علمه ثم نسيه، أو لم يعلم غيره، ثم اصطلح بعده أولاده على هذه اللغات المعهودة الآن، والغالب أن أكثرها حادثة بعده.
[ ﴿ وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين( ٣٠ ) قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ( ٣١ ) قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون( ٣٢ ) ﴾ ].
٤٩- عِلْمُ الأنبياء أشرف مرتبة من جميع علوم الخلائق، لأن محصوله عن الله تعالى بلا واسطة ووسيلة، وبيان هذا يوجد في قصة آدم عليه السلام والملائكة، فإنهم تعلموا طول عمرهم، وحصلوا بفنون الطرق كثيرا من العلوم، حتى صاروا أعلم المخلوقات وأعرف الموجودات، وآدم عليه السلام ما كان عالما لأنهما تعلم وما أرى معلما، فتفاخرت الملائكة وتجبروا وتكبروا فقال :﴿ ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ﴾٤، ونعلم حقائق الأشياء. فرجع آدم عليه السلام إلى باب خالقه وأخرج قلبه عن جملة المكونات وأقبل بالاستعانة على الرب تعالى، فعلمه جميع الأسماء ﴿ ثم عرضهم على الملائكة فقال { أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ﴾ فصغر حالهم عند آدم، وقل علمهم وانكسرت سفينة جبروتهم، فغرقوا في بحر العجز ﴿ قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ﴾ فقال تعالى ﴿ يا آدم أنبئهم بأسمائهم ﴾، فأنبأهم آدم عليه السلام عدة مكنونات العلم ومستقرات الأمر، فتقرر الأمر عند العقلاء أن العلم الغيبي المتولد عن الوحي أقوى وأكمل من العلوم المكتسبة، وصار علم الوحي إرث الأنبياء وحق الرسل، وأغلق الله باب الوحي من عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. [ الرسالة اللدنية ضمن مجموع رسائل الإمام الغزالي رقم ٣ ص ١٠٤-١٠٥ ]
٥٠- ﴿ إنك أنت العليم الحكيم ﴾ الحكيم : يدل على العلم مضافا إلى أشرف المعلومات. [ روضة الطالبين وعمدة السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ٢ ص ٦٢ ].
٢ - الأحقاف: ٢٤..
٣ - المائدة: ١٢٠..
٤ - البقر: ٢٩..
٤٦- الملائكة عرفت أن الموجود في مادة يعصي فقالوا :﴿ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ﴾. [ معراج السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ١ ص ١٠٥ ].
٤٧- ظاهر في كونه توفيقيا، وليس بقاطع، إذ يحتمل كونها مصطلحا عليها من خلق خلقه الله تعالى قبل آدم. [ المنخول : ٧١ ].
٤٨- فإن قيل : قال الله تعالى :﴿ وعلم ءادم الأسماء كلها ﴾ وهذا يدل على أنه كان بوحي وتوقيف، فيدل على الوقوع وإن لم يدل على استحالة خلافة. قلنا : وليس ذلك دليلا قاطعا على الوقوع أيضا، إذ يتطرق إليه أربع احتمالات :
أحدها : أنه ربما ألهمه الله تعال الحاجة إلى الوضع فوضع بتدبيره وفكره، ونسب ذلك إلى تعليم الله تعالى، لأنه الهادي والملهم ومحرك الداعية، كما تنسب جميع أفعالنا إلى الله تعالى.
الثاني : أن الأسماء ربما كانت من الملائكة، فعلمه الله تعالى ما تواضع عليه غيره.
الثالث : أن الأسماء صيغة عموم، فلعله أراد به أسماء السماء والأرض وما في الجنة والنار، دون الأسامي التي حدثت مسمياتها بعد آدم عليه السلام من الحرف والصناعات والآلات، وتخصص قوله تعالى :﴿ كلها ﴾ كتخصيص قوله تعالى :﴿ وأوتيت من كل شيء ﴾١ وقوله تعالى :﴿ تدمر كل شيء بأمر ربها ﴾٢ وقوله تعالى :﴿ وهو على كل شيء قدير ﴾٣ إذ يخرج عنه ذاته وصفاته.
الرابع : أنه ربما علمه ثم نسيه، أو لم يعلم غيره، ثم اصطلح بعده أولاده على هذه اللغات المعهودة الآن، والغالب أن أكثرها حادثة بعده.
[ ﴿ وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين( ٣٠ ) قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ( ٣١ ) قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون( ٣٢ ) ﴾ ].
٤٩- عِلْمُ الأنبياء أشرف مرتبة من جميع علوم الخلائق، لأن محصوله عن الله تعالى بلا واسطة ووسيلة، وبيان هذا يوجد في قصة آدم عليه السلام والملائكة، فإنهم تعلموا طول عمرهم، وحصلوا بفنون الطرق كثيرا من العلوم، حتى صاروا أعلم المخلوقات وأعرف الموجودات، وآدم عليه السلام ما كان عالما لأنهما تعلم وما أرى معلما، فتفاخرت الملائكة وتجبروا وتكبروا فقال :﴿ ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ﴾٤، ونعلم حقائق الأشياء. فرجع آدم عليه السلام إلى باب خالقه وأخرج قلبه عن جملة المكونات وأقبل بالاستعانة على الرب تعالى، فعلمه جميع الأسماء ﴿ ثم عرضهم على الملائكة فقال { أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ﴾ فصغر حالهم عند آدم، وقل علمهم وانكسرت سفينة جبروتهم، فغرقوا في بحر العجز ﴿ قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ﴾ فقال تعالى ﴿ يا آدم أنبئهم بأسمائهم ﴾، فأنبأهم آدم عليه السلام عدة مكنونات العلم ومستقرات الأمر، فتقرر الأمر عند العقلاء أن العلم الغيبي المتولد عن الوحي أقوى وأكمل من العلوم المكتسبة، وصار علم الوحي إرث الأنبياء وحق الرسل، وأغلق الله باب الوحي من عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. [ الرسالة اللدنية ضمن مجموع رسائل الإمام الغزالي رقم ٣ ص ١٠٤-١٠٥ ]
٥٠- ﴿ إنك أنت العليم الحكيم ﴾ الحكيم : يدل على العلم مضافا إلى أشرف المعلومات. [ روضة الطالبين وعمدة السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ٢ ص ٦٢ ].
٢ - الأحقاف: ٢٤..
٣ - المائدة: ١٢٠..
٤ - البقر: ٢٩..
٥١- كان الكبر بقلبه، فحمله الإباء والكفر بظاهره. [ منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين : ١٤٦ ].
٥٢- إن الله تعالى جعل الزكاة إحدى مباني الإسلام، وأردف بذكر الصلاة التي هي أعلى الأعلام، فقال تعالى :﴿ وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة ﴾. [ الإحياء : ١/٢٤٥ ].
٥٣- ﴿ وءاتوا الزكاة ﴾ للإيجاب.
٥٤- ينبغي أن تقع البداية بإصلاح القلب وسياسة النفس، ومن لم يصلح نفسه وطمع في إصلاح غيره كان مغرورا، كما قال تعالى :﴿ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ﴾، وفي الحديث أن الله تعالى قال لعيسى بن مريم : " عظ نفسك فإن اتعظت، فعظ الناس، وإلا فاستحيي مني ".
ومثال من عجز عن إصلاح نفسه وطمع في إصلاح غيره، مثال الأعمى إذا أراد أن يهدي العميان، وذلك لا يستتب له قط، وإنما يقدر على إصلاح النفس بمعرفة النفس. [ فضائح الباطنية : ١٩٩ ].
٥٥- ﴿ وتنسون أنفسكم ﴾ إنكار من حيث إنهم نسوا أنفسهم، لا من حيث أمروا غيرهم، ولكن ذر أمر الغير استدلالا به على علمهم، وتأكيدا للحجة عليهم. [ الإحياء : ٢/٣٤٢ ].
٥٦- قيل : هي قيام الليل، يستعان بالصبر عليه على مجاهدة النفس. [ الإحياء ١/٤١٨ ].
٥٧- المن : العسل، والسلوى : اللحم، سمي سلوى لأنه يتسلى به عن جميع الإدام ولا يقوم غيره مقامه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :( سيد الإدام اللحم )١، ثم قال بعد ذكر المن والسلوى :﴿ كلوا من طيبات ما رزقناكم ﴾ فاللحم والحلاوة من الطيبات.
قال أبو سليمان الداراني٢ رضي الله عنه : أكل الطيبات يورث الرضا عن الله. [ نفسه : ٢/١٩ ].
.
٢ - هو الإمام الكبير زاهد العصر أبو سليمان عبد الرحمان بن أحمد الداراني، أحد رجال الطريقة. كان من جملة السادات وأرباب المجاهدات. توفي سنة ٢١٥ وفي رواية أخرى ٢٠٥هـ ن حيلة الأولياء ٩/٥٤ وصفة الصفوة ٤/٢٢٣-٢٢٤ وسير أعلام النبلاء ١٠/١٨٢..
٥٨- من عادات [ العرب ] الحذف والإيجاز في بعض المواضع، كقوله تعالى :﴿ فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفرجت ﴾ يعني : فضرب فانفرجت. [ شفاء الغليل : ١٠٧ ].
٥٩- ترد صيغة الأمر للتعجيز كقوله تعالى :﴿ كونوا قردة خاسئين ﴾ [ المنخول : ٢٤ ].
٦٠- وإنما أراد بقرة معينة ولم يفصل إلا بعد السؤال. [ المستصفى : ١/٣٧١ ].
٦١- يعني : التلاوة المجردة. [ الإحياء : ١/٣٣٧ ].
٦٢- ﴿ الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾ هذا يدل على أن العمل وراء الإيمان لا من نفس الإيمان، وإلا فيكون العمل في حكم المعاد. [ نفسه : ١/١٤٠ ].
٦٤- أي حب العجل، فحذف الحب. [ نفسه : ١/٣٤٣ ].
٦٥- الناسخ هو الله تعالى، ... هو المظهر على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، المفهم إيانا بواسطة نسخ كتابه ولا يقدر عليه غيره، ثم لو نسخ الله تعالى آية على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ثم أتى بآية أخرى مثلها كان قد حقق وعده، فلم يشترط أن تكون الآية الأخرى هي الناسخة للأولى.
ثم نقول : ليس المراد الإتيان بقرآن آخر خير منها، لأن القرآن لا يوصف بكون بعضه خيرا من البعض، كيفما قدر قديما أو مخلوقا، بل معناه : أن يأتي بعمل خير من ذلك العمل لكونه، أخف منه أو لكونه أجزل ثوابا. [ المستصفى : ٣/٢٠٢ ].
٦٦- فأخبر تعالى أن حبهم زوال نعمة الإيمان : حسد. [ الإحياء : ١/٣٤٣ ]
٦٧- الله سبحانه أبدع السماوات، دفعة واحدة بالفطرة الأصلية، لا بجمع المواد وتركيبها بالدّفعات وترتيبها وتنميتها بالمطعومات، بل أبدعها دفعة واحدة بلا مدة ولا مهلة، كما قال جل ثناؤه :﴿ بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ﴾ فقوله : إيجاده وإبداعه، وكتابته قوله، فإذا أصدر الإبداع عن أمره يكون قولا، فإذا وصل إلى المحل وظهر المبدع يكون كتابة، وحروف المكتوب أشخاص الأفلاك، وكلمات المكتوب أجسام الأفلاك. [ المعارف العقلية : ٨٠ ].
٦٨- عبر القرآن بقوله :﴿ كن فيكون ﴾ عن نهاية القدرة. [ الإحياء ٤/٢٦ ].
٦٩- ﴿ كن فيكون ﴾ إخبار عن نهاية الاقتدار. [ المنخول : ١٣٤ ].
٧٠- النور الذي يشرق في عالم الولاية والنبوة، فيهتدي به إلى ما لا يهتدي إليه ببضاعة العقل، الذي به يحصل التكليف وإمكان التعلم، وإياه عنى بقوله تعالى :﴿ قل إن هدى الله هو الهدى ﴾ فأضافه إلى نفسه وسماه الهدى المطلق. [ ميزان العمل : ٣٠٢-٣٠٣ ].
٧١- الهدى المنسوب إلى الله تعالى يوجد في هذا العالم.. ؛ وهو عالم الأرواح هو قوله تعالى :﴿ قل إن هدى الله هو الهدى ﴾. [ كتاب الأربعين في أصول الدين : ٢١٦ ].
٧٢- أي لا يجاوزون فنا حتى يحكموه علما وعملا. [ إحياء علوم الدين : ١/٦٦ وميزان العمل : ٣٤٩ ].
٧٣- قول خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما فرغ من خدمته في بناء بيته... ابتهل إليه في أن يتفضل عليه بالقبول. [ منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين : ٣١٤ ].
٧٤- العزيز : هو الذي لا نظير له، وهو ما تشتد الحاجة إليه ويصعب نيله والوصول إليه. والحكيم : يدل على العلم مضافا إلى أشرف المعلومات. [ روضة الطالبين وعمدة السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ٢ ص ٦٥ ].
٧٥- أراد بالإيمان : التصديق بالصلاة والقبلة. [ المستصفى من علم الأصول : ١/٣٢٨ ].
٧٦- [ ﴿ إن الله بالناس لرءوف رحيم ﴾ ] الرءوف : الرأفة : شدة الرحمة وهي مبالغة في الرحمة [ روضة الطالبين وعمدة السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ٢ ص ٦٥ ].
٧٧- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقبل الصخرة من بيت المقدس مدة مقامه بمكة، وهي قبلة الأنبياء، وكان يقف بين الركنين اليمانيين، إذ كان لا يؤثر استدبار الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة لم يكن استقبالها إلا باستدبار الكعبة، وعيرته اليهود، وقالوا : إنه على ديننا ويصلي على قبلتنا، فسأل الله تعالى أن يحوله إلى الكعبة فنزل قوله تعالى :﴿ قد نرى تقلب وجهك في السماء.. ﴾ الآية [ الوسيط في المذهب : ٢/٥٧٧ ].
٧٨- جعل اليهود شرا من النصارى، مع أنهم ما جعلوا لله سبحانه ولد ولا قالوا : إنه ثالث ثلاثة، إلا أنهم أنكروا بعد المعرفة، إذ قال الله :﴿ يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ﴾ [ إحياء علوم الدين : ١/٧٤ ].
٧٩- ﴿ وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ﴾ هو : تحريم للكتمان. [ نفسه : ١/٢٠ ].
٨٠- أي نحوه. ومن قابل جهة الكعبة يقال : قد ولى وجهه شطرها. [ نفسه : ٢/٢٨٨ ].
٨١- قال ثابت البُناني١ رحمه الله : إني أعلم متى يذكرني ربي عز وجل، ففزعوا منه وقالوا : كيف تعلم ذلك ؟ قال : إذا ذكرته ذكرني. [ نفسه : ١/٣٥٠ ].
٨٢- جمع للصابرين بين أمور لم يجمعها لغيرهم، فقال تعالى :﴿ أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ﴾ فالهدى والرحمة والصلوات مجموعة للصابرين. [ نفسه : ٤/٦٥ ].
٨٣- كان عمر رضي الله عنه يقول : نعم العدلان ونعمت العلاوة للصابرين، يعني بالعدلين : الصلاة والرحمة، وبالعلاوة : الهدى، والعلاوة : ما يحمل فوق العدلين على البعير١، وأشار به إلى قوله تعالى :﴿ أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ﴾. [ نفسه : ٤/٦٥ ].
٨٤- انظر إلى عجائب السفن وكيف مسكنها على وجه الماء، تسير فيها العباد لطلب الأموال وتحصيل مالهم من الأغراض، وجعلها من آياته ونعمته، فقال :﴿ والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ﴾ فجعلها بتسخيره تحملهم، وتحمل أثقالهم، وينتقلون بها من أقاليم إلى أقاليم، لا يمكن وصولهم إليها إلا بالسفن، ولو راموا التوصل بغيرها لأدى إلى أعظم المشقات وعجزوا عن نقل ما ينقل من المنقولات إلى ما بعد من البلاد والجهات، فلما أراد سبحانه وتعالى أن يلطف بعباده ويهون ذلك عليهم، خلق الأخشاب متخلخلة الأجزاء بالهواء ليحملها الماء ويبقى فيها من الفضاء عن نفسها ما يحمل بها الأثقال، وألهم العباد اتخاذها سفنا. ثم أرسل الرياح بمقادير في أوقات تسوق السفن وتسيرها من موضع إلى موضع آخر، ثم ألهم أربابها معرفة أوقات هبوبها وفترتها حتى يسيروا بالرياح التي تحملها شراعها. وانظر إلى ما يسره سبحانه في خلقه الماء، إذ هو جسم لطيف رقيق سيال متصل الأجزاء كائن شيء واحد لطيف التركيب سريع القبول للتقطع، حتى كأنه منفصل مسخر للتصرف قابل للاتصال والانفصال حتى يمكن سير السفن فيه. فالعجب ممن يغفل عن نعمة الله في هذا كله، وفي بعضه متسع للفكر، وكل ذلك شواهد متظاهرة، ودلائل متضافرة وآيات ناطقة بلسان حالها، مفصحة عن جلال بارئها معربة عن كمال قدرته وعجائب حكمته، قائلة : أما ترى تصويري وتركيبي وصفاتي زمنا، واختلاف حالي وكثرة فوائدي ؟ أيظن ذو لب سليم وعقل رصين أني تلونت بنفسي أو أبدعني أحد من جنس ؟ بل ذلك صنع القادر القهار العزيز الجبار. [ الحكمة في مخلوقات الله عز وجل، ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ١ ص ١٨-١٩ ].
٨٥- يدل على إثبات الحب لله تعالى قوله تعالى :﴿ والذين ءامنوا أشد حبا لله ﴾. وهو دليل على إثبات الحب وإثبات التفاوت فيه. [ الإحياء : ٤/٣١٢ ].
٨٦- لكون الشرع عقلا من خارج، سلب الله تعالى اسم العقل من الكافر في غير موضع من القرآن، نحو قوله تعالى :﴿ صم بكم عمي فهم لا يعقلون ﴾. [ معارج القدس في مدارج معرفة النفس : ٥٨ ].
٨٧- الطيبات هي الحلال، وأطب مطعمك ومشربك وما عليك أن لا تقوم الليل ولا تصوم النهار، وطيب المطعم أصل كبير في طريق القوم، ولو قام العبد قيام السارية لم ينفعه ذلك، حتى يعلم ما يدخل جوفه. [ روضة الطالبين وعمدة السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ٢ ص ٨ ].
٨٨- وقال صلى الله عليه وسلم :( إن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال :﴿ يا أيها الذين ءامنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ﴾١. [ الإحياء : ٢/٩٨ ].
٨٩- سئل أبو ذر عن الإيمان فقرأ هذه الآية، فقيل له : سألناك عن الإيمان ؟ فقال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقرأ هذه الآية١. [ نفسه : ٤/٤١٣ ].
٩٠- ﴿ والصابرين في البأساء ﴾ أي المصيبة، ﴿ والضراء ﴾ أي الفقر ﴿ وحين البأس ﴾ أي المحاربة ﴿ أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ﴾. [ الإحياء : ٤/٧٠ وميزان العمل : ٣٢٥ ].
٩١- نبه الرب تعالى على مقصود القصاص بقوله :﴿ ولكم في القصاص حياة ﴾.
٩٢- الله تعالى سمى المال خيرا في مواضيع من كتابه العزيز فقال :﴿ إن ترك خيرا ﴾ [ الإحياء : ٣/٢٤٨ ].
٩٣- إن النبي عليه السلام بين أن آية وصية الأقارب نسخت بقوله :( إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث )١ مع أن الجمع بين الوصية والميراث ممكن، فليس ذلك متنافين تنافيا قاطعا. [ المستصفى : ١/١٢٢ ]
٩٤- نسخ القرآن بالسنة : نسخ ﴿ الوصية للوالدين والأقربين ﴾، بقوله صلى الله عليه وسلم " ( ألا لا وصية لوارث ) لأن آية الميراث لا تمنع الوصية للوالدين والأقربين، إذ الجمع ممكن. [ نفسه : ١/١٢٤ ].
٩٥- رفعوا عموم آية الوصية بقوله :﴿ لا وصية لوارث ﴾. [ نفسه : ٢/١١٩ ].
٩٦- ﴿ الوصية للوالدين والأقربين ﴾ متلوة في القرآن، وحكمها منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم :( لا وصية لوارث ). [ نفسه : ١/١٢٢ ].
٩٧- وفي المسافر مذهبان ضعيفان :
أحدهما : مذهب أصحاب الظاهر ؛ إن المسافر لا يصح صومه في السفر، لقوله تعالى :﴿ فعدة من أيام أخر ﴾ فلم يأمره إلا بأيام أخر. وهو فاسد، لأن سياق الكلام يفهمنا إضمار الإفطار، ومعناه : من كان منكم مريضا أو على سفر فأفطر، فعدة من أيام أخر، كقوله تعالى :﴿ فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه ﴾١ يعني فضرب فانفجرت، ولأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم – في السفر- كانوا يصومون ويفطرون، ولا يعترض بعضهم على بعض.
والثاني : مذهب الكرخي٢ إن الواجب أيام أخر، ولكن لو صام رمضان صح، وكان معجلا للواجب كمن قدم الزكاة على الحول. وهو فاسد، لأن الآية لا تفهم إلا الرخصة في التأخير وتوسيع الوقت عليه، والمؤدي في أول الوقف الموسع غير معجل، بل هو مؤدي في وقته [ كمن ]٣ سبق في الصلاة في أول الوقت....
المريض : إن كان يخشى الموت من الصوم فهو كالمسافر، أما الذي يخشى الموت أو الضرر العظيم فيعصي بترك الأكل، فيشبه الحائض من هذا الوجه، فلو صام يحتمل أن يقال : لا ينعقد ؛ لأنه عصى به، فكيف يتقرب بما يعصى به ؟، ويحتمل أن يقال إنما عصى بجنايته على الروح التي هي حق الله تعالى، فيكون كالمصلي في الدار المغصوبة، يعصي لتناوله حق الغير، ويمكن أن يقال قد قيل للمريض كل !، فكيف يقال له لا تأكل ؟ وهو معنى الصوم، بخلاف الصلاة والغصب، ويمكن أن يجاب بأنه قيل له : لا تهلك نفسك، وقيل لخ : صم، فلو يعص من حيث إنه صائم بل من حيث سعيه في الهلاك.. [ نفسه : ١/٩٧ ].
٩٨- ﴿ فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ﴾ فمعناه : فأفطر ﴿ فعدة ﴾ فحذف ذلك إيجازا، وحصل الفهم كما لو نطق به من غير فرق. [ شفاء الغليل : ١٠٦-١٠٧ ].
٩٩- ﴿ فعدة من أيام أخر ﴾ فهو على سبيل التخيير، فكان الواجب أحدهما لا بعينه، إلا أن هذا البدل لا يمكن إلا بعد فوات الأول، والأول سابق بالزمان، فسمي قضاء لتعلقه بفواته، بخلاف العتق والصيام في الكفارة، إذ لا يتعلق أحدهما بفوات الآخر. [ المستصفى : ١/٩٦ ].
١٠٠- ﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين ﴾ قد بقيت تلاوتها ونسخ حكمها بتعيين الصوم. [ نفسه : ١/١٢٤ ].
٢ - هو أبو محفوظ معروف بن فيروز، الصالح المشهور، كان من المشايخ الكبار، وكان مشهورا بإجابة الدعاء، وهو أستاذ السري السقطي، وأخباره ومحاسنه أكثر من أن تحصى. ت ببغداد ٢٠٠هـ. انظر تاريخ بغداد ١٣/ ١٩٩-٢٠٩ وشذرات الذهب ١/٣٦٠ وسير أعلام النبلاء ٩/٣٣٩..
٣ - في النسخة المطبوعة: كما ولعل الصواب ما أثبته..
١٠١- من وطئ بالليل في رمضان، فأصبح جنبا لم يفسد صومه، لأنه قال :﴿ وكلوا واشربوا حتى يتبين ﴾ وقال :﴿ فالآن باشروهن ﴾ ثم مد الرخصة إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الأسود من الفجر، فتشعر الآية بجواز الأكل والشرب والجماع في جميع الليل، ومن فعل ذلك في آخر الليل، استأخر غسله إلى النهار، وإلا وجب أن الوطء في آخر جزء من الليل بمقدار ما يتسع للغسل، فهذا وأمثاله مما يكثر ويُسَمّى إشارة اللفظ. [ نفسه : ٢/١٨٩ ].
١٠٢- ﴿ فالآن باشروهن ﴾ نسخ لتحريم المباشرة، وليس التحريم في القرآن. [ المستصفى : ١/١٢٤ ].
١٠٣- قد يطلق الخاص، ونريد العام كقوله تعالى :﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ والمراد : هو الإتلاف الذي هو أعم من الأكل، ولكن عبّر بالأكل عنه. [ معيار العلم في المنطق : ١٩٦ ].
١٠٤- لا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل وإن علم أنه يقتل، وهذا ربما يظن أنه مخالف لموجب الآية وليس كذلك، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما :( ليس التهلكة ذلك، بل ترك النفقة في طاعة الله تعالى ). أي من لم يفعل ذلك فقد أهلك نفسه.
وقال. البراء بن عازب١ : التهلكة هو أن يذنب ثم يقول : لا يثاب عليه.
وقال أبو عبيدة٢ : هو أن يذنب ثم لا يعمل بعده خيرا حتى يهلك.
وإذا جاز أن يقاتل الكفار حتى يقتل جاز أيضا له ذلك في الحسبة، ولكن لو علم أنه لا نكاية لهجومه على الكفار، كالأعمى يطرح نفسه على الصف أو العاجز فذلك حرام وداخل تحت عموم آية التهلكة، وإنما جاز له الإقدام إذا علم أنه يقاتل إلى أن يقتل، أو علم أنه يكسر قلوب الكفار بمشاهدتهم جرأته واعتقادهم في سائر المسلمين قلة المبالاة وحبهم للشهادة في سبيل الله فتنكسر بذلك شوكتهم. [ الإحياء : ٢/٣٤٧ ].
٢ - هو عامر بن عبد الله بن الجراح الصحابي الجليل أمين هذه الأمة روى أحاديث معدودة، وغزا غزوات مشهورة، حدث عن العرباض بن سارية وجابر بن عبد الله وأبو أمامة الباهلي وآخرون، كان موصوفا بحسن الخلق، وبالحلم الزائد والتواضع. ت سنة ١٨ هـ. ن حلية الأولياء: ١/ ١٠٠-١٠٢ وشذرات الذهب: ١/٢٩ وسير أعلام النبلاء: ١/٥..
١٠٥- إن أضاف إلى المشي١ الإحرام من دويرة أهله فقد قيل : إن ذلك من إتمام الحج، قاله عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم في معنى قوله عز وجل :﴿ وأتموا الحج والعمرة لله ﴾. [ الإحياء : ٣١١ ].
١٠٦- ﴿ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى ﴾ أي فأردتم الإحلال. [ شفاء الغليل : ١٠٧ ].
١٠٧- ﴿ فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأيه ففدية من صيام ﴾ يعني : فحلق ﴿ ففدية ﴾. [ نفسه : ١٠٧ ].
١٠٨- ﴿ ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ﴾ صريح في لفظه، أعني : كونه عشرة [ معيار العلم في المنطق : ١٩٤ ].
١٠٩- قال الحسن١ في قوله تعالى :﴿ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ﴾ : إن الحسنة في الدنيا هي العلم والعبادة، وفي الآخرة هي الجنة. [ الإحياء : ١/١٨ ]. [ الإحياء : ١/١٨ ].
١١٠- قال محمد بن كعب القرظي٢ في معنى قوله تعالى :{ ربنا آتنا في الدنيا حسنة ] قال : المرأة الصالحة [ نفسه : ٢/٣٥ ].
١١١- ليس من شرط حب الله أن لا يحب في العاجل حظا البتة، إذ الدعاء الذي أمر به الأنبياء- صلوات الله عليهم وسلامه- فيه جمع بين الدنيا والآخرة، ومن ذلك قولهم :﴿ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ﴾ [ نفسه : ٢/١٧٨ ].
٢ - هو محمد بن كعب بن سليم بن أسد القرظي أبو حمزة، روى عن العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وغيرهم، وعنه أخوه عثمان وغيره. قال ابن سعد: كان ثقة عالما كثير الحديث ورعا، وقال العجلي: مدني تابع ثقة، ت سنة ١٠٨ وقيل غير ذلك. انظر: تهذيب التهذيب ٩/٤٢٠-٤٢١ وشذرات الذهب ١/١٣٦ وسير أعلام النبلاء ٥/٦٥..
١١٢- بات علي كرم الله وجهه على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوحى الله تعالى إلى جبريل وميكائيل عليهما السلام : إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ فاختار كلاهما الحياة وأحباها فأوحى الله عز وجل إليهما : أفلا كنتما كمثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين نبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ؟ اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فكان جبريل عن رأسه وميكائيل عند رجليه وجبريل عليه السلام يقول : بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب والله تعالى يباهي بك الملائكة ! فأنزل الله تعالى :﴿ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد ﴾١. [ نفسه : ٣/٢٧٣ ].
١١٣- قيل في التفسير : حسدا [ نفسه : ٣/٢٠٢ ].
١١٤- قال صلى الله عليه وسلم :( أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس )١ فقيل : معناه ما دخل عليه من الأمراض والمصائب، وإليه الإشارة بقوله تعالى :﴿ وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ﴾ [ نفسه : ٤/٣٠٥ ].
١١٥- يعني أن الرجاء بهم أليق، وهذا لأنه ذكر أن ثواب الآخرة أجر وجزاء على الأعمال، قال الله تعالى :﴿ جزاء بما كانوا يعملون ﴾١. [ نفسه : ٣/٤٠٦ ].
١١٦- معناه أولئك يستحقون أن يرجوا رحمة الله، وما أراد به تخصيص وجود الرجاء، لأن غيرهم أيضا قد يرجو، ولكن خصص بهم استحقاق الرجاء. فأما من ينهمك فيما يكرهه الله تعالى ولا يذم نفسه عليه ولا يعزم على التوبة والرجوع، فرجاؤه المغفرة حمق، كرجاء من بث البذر في أرض سبخة وعزم على أن لا يتعهده بسقي ولا تنقية. [ نفسه : ٤/١٥١ ].
١١٧- معناه : وإن أعجبتكم. [ المنخول من تعليقات الأصول : ٩٢ ].
١١٨- ﴿ قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ﴾ فهو تعليل حتى يفهم منه تحريم الإتيان في غير المأتى، لأن الأذى فيه دائم، ولا يجري في المستحاضة لأن ذلك عارض وليس بطبيعي. [ المستصفى من علم الأصول : ٢/٢٨٩ ].
١١٩- ﴿ فاعتزلوا النساء في المحيض ﴾ : الاستمتاع بما فوق السرة وتحت الركبة جائز، وفي الاستمتاع بما تحت الإزار مما سوى الجماع وجهان. [ الوسيط في المذهب : ١/٣٧٢-٣٧٣ ].
١٢٠- ﴿ ولا تقربوهن حتى يطهرن ﴾ هذا تنبيه على أن ما جعل غاية للحكم مؤثر وسبب في ارتباطه. [ شفاء الغليل : ٤٨ ].
١٢١- ﴿ فأتوا حرثكم أنى شئتم ﴾ أي : وقت شئتم. [ إحياء علوم الدين : ٢/٥٧ ].
١٢٢- أحد المعاني المذكورة في قوله تعالى :﴿ فاتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم ﴾ تقديم الأطفال إلى الآخرة. [ نفسه : ٢/٣١ ].
١٢٣- إذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء على طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم، والمخالفة فيه، مع أنه لا فائدة فيه، لا يؤاخذ [ نفسه : ٢/٣٠٩ ].
١٢٤- ﴿ والله غفور حليم ﴾ الحليم : هو الذي يشاهد معصية العصاة، ويرى مخالفة الأمر، ثم لا يستفز غضب، ولا يعتريه غيظ، ولا يحمله على المسارعة إلى الانتقام - مع غاية الاقتدار- عجلة وطيش، كما قال تعالى :﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما تركه عليها من دابة ﴾١.
١٢٥- إذا طلقت المرأة الشابة بعد المسيس، ولزمتها العدة، وتربصت الأقراء، فتباعدت حيضتها سنين، فقد قال العلماء : يلزمها التربص إلى سن اليأس، ولا يغنيها الاعتداد بالأشهر. وهذا ضرر عظيم ظاهر، وفيه تعطيل عمرها وشبابها ومنعها من النكاح. ولكن نرى هذه المسألة مجمعا عليها، وتكاد تهدم اتباع المصالح....
ولكن وجه الرأي فيه- والعلم عند الله- أن الله تعالى قال :﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾ والتربص : واجب على كل من تحيض، ولسنا نعني بقولنا : تحيض وجود الحيض عند الطلاق، فالطاهرة تطلق ويقال : إنها ممن تحيض، فتربص الحيض.
فالمعنى إمكان الحيض، أما من لا يمكن في حقها الحيض جبلة كالصغيرة والعجوز الهرمة فلها العدول إلى الأشهر. وما دامت المرأة جارية في وسط العمر بين طرفي الوجود فإمكان الحيض جار في حقها، وقد أمر الشرع بتربص الطاهرة للحيض ! فعليها أن تنتظر الحيض، وما من لحظة تقتضي إلا وهي على رجاء هجوم الحيض، نعم : لو علمنا أنها ليست تحيض إلى منتهى الهرم، لكنا نعدل بها إلى الأشهر، ولكن ذلك إن كان، فهو في علم الله تعالى، وهي في كل ساعة تبغي الشروع في العدة بالأشهر، يتوقع الحيض لها حالا على حال.
فإن مضت سنة أو سنتان، لم ينقطع هذا الرجاء، فرب امرأة لا تحيض سنين ثم يعاودها الحيض، ومن لها إلى الانتظار سبيل، فليس لها في الشرع إلا التربص. وإنما الضرر ينتظم تقديره بتمادي الطهر سنين كثيرة. ونحن- في الحال- لا نعلم تراخيها سنين، وإنما ندرك ذلك بعد مضيها ولا سبيل إلا تلافهيا، وطريق الرجاء والأمل متسع في المستقبل، فهذا هو السبب والعلم عند الله تعالى.
﴿ وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ﴾ [ شفاء الغليل : ٢٦٤-٢٦٦ ]
١٢٦- ﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ﴾ عام، وقوله بعده ﴿ وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ﴾ خاص [ المستصفى : ٢/٧٠ ]
١٢٧- رد ما أخذته، فما دونه لائق بالفداء. [ الإحياء : ٢/٦٢ ]
١٢٨- فهذا تنبيه على أن ما جعل غاية للحكم مؤثر وسبب في ارتباطه. [ شفاء الغليل : ٤٨-٤٩ ].
١٢٩- رفعوا عموم قوله تعالى :﴿ حتى تنكح زوجا غيره ﴾ برواية من روى " حتى تذوق عسيلتها " ١. [ المستصفى من علم الأصول : ٢/١١٩-١٢٠ ]
١٣٠- أمر الله تعالى الكافة بشكر نعمة الكتاب. [ الإحياء : ١/٣٣٦ ].
١٣١- صرح الإمام الشافعي في كتاب أحكام القرآن بتردد الأمر بين الندب والوجوب، وقال : النهي على التحريم، فقال : إنما أوجبنا تزويج الأيم لقوله تعالى :﴿ فلا تعضلوهن ﴾١
١٣٢- ﴿ فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ﴾ هذا منع من العضل ونهي عنه. [ الإحياء : ٢/٢٥ ].
١٣٣- قال الشافعي : قال الله تعالى :﴿ والوالدات يرضعن أولادهن ﴾ الآية، وأمر النبي عليه السلام هذا : بأن تأخذ هند من مال أبي سفيان ما يكفيها وولدها بالمعروف، وكان الولد من والوالد، فأخبر على صلاحه في الحال التي لا يغني فيها عن نفسه١.
فكان الأب إذا بلغ أن لا يغني عن نفسه بكسب ولا مال، فعلى ولده صلاحه في نفقته وكسوته، قياسا على الولد، ولم يضيع شيئا وهو منه، كما لم يكن للوالد ذلك، والوالدون وإن بعدوا، والولد وإن سفلي في المعنى مشتركون. [ شفاء الغليل : ٣٣٧-٣٣٨ ]
١٣٤- نسخ التربص حولا عن المتوفى عنها زوجها... مع بقاء التلاوة. [ المستصفى : ١/١٢٤ ].
١٣٥- لأجل محبة الله تعالى لبقاء النفوس أمر بالإطعام وحث عليه وعبر عنه بعبادة القرض فقال :﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ﴾ { الإحياء : ٢/٢٨ ]
١٣٦- قال ابن عباس في قوله تعالى :﴿ ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض ﴾، قال : بالرغبة والرهبة والحياء والمداراة. [ الإحياء : ٢/٢٢٦ ].
١٣٧- نبه أن تكليم الله تعالى لمن كلمه من الرسل، وإنما هو على سبيل المبالغة في التفضيل، وهذا لا يصلح أن يكون لغيره ممن ليس بنبي ولا رسول. [ الإملاء في إشكالات الإحياء ملحق بإحياء علوم الدين : ٥/٣٩ ].
١٣٨- هذه الاختلافات بعضها لاختلاف الأحوال والمقامات، وبعضها لما سبق في الأزل في التفاضل والتفاوت في القسمة بين العباد، وقد قال :﴿ منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ﴾ فكان عيسى عليه السلام من المفضلين، ولإدلاله سلم على نفسه، فقال " ﴿ والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ﴾١ وهذا انبساط منه لما شاهده من اللطف في مقام الأنس. [ الإحياء : ٤/٣٦ ]
١٣٩-﴿ انفقوا مما رزقناكم ﴾ أي مما ملكناكم. [ منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين : ٢٠٣ ].
١٤١- لعلك تقول : لم خصصت آية الكرسي بأنها السيدة ؟... [ نفسه : ٦٤ ].
آية الكرسي تشتمل على المعرفة العظمى التي هي المتبوعة والمقصودة، التي يتبعها سائر المعارف، فكان اسم السيدة بها أليق.
١٤٢- أقول : هل لك أن تتفكر في آية " الكرسي " أنها لم تسمى سيدة الآيات ؟ فإن كنت تعجز عن استنباطه بتفكرك فارجع إلى الأقسام التي ذكرناها والمراتب التي رتبناها٢. وقد ذكرنا لك أن معرفة الله تعالى ومعرفة ذاته وصفاته هي المقصد الأقصى من علوم القرآن، وأن سائر الأقسام مرادة لنفسه لا لغيره، فهو المتبوع وما عداه التابع، وهي سيدة الاسم المقدم الذي يتجوه إليه وجوه الأتباع وقلوبهم، فيحذون حذوه وينحون نحوه ومقصده، وآية الكرسي تشتمل عل ذكر الذات والصفات والأفعال فقط ليس فيها غيرها.
فقوله :﴿ الله ﴾ : إشارة إلى الذات.
وقوله :﴿ لا إله إلا هو ﴾ إشارة إلى توحيد الذات.
وقوله :﴿ الحي القيوم ﴾ : إشارة إلى صفة الذات وجلاله، فإن معنى القيوم هو الذي يقوم بنفسه ويقوم به غيره، فلا يتعلق قوامه بشيء ويتعلق به قوام كل شيء، وذلك غاية الجلال والعظمة.
وقوله :﴿ لا تأخذه سنة ولا نوم ﴾ : تنزيه وتقديس له عما يستحيل عليه من أوصاف الحوادث والتقديس عما يستحيل أحد أقسام المعرفة، بل هو أوضح أقسامها.
وقوله :﴿ له ما في السماوات وما في الأرض ﴾ : إشارة إلى كلها، وأن جميعها منه مصدرها وإليه ومرجعها.
وقوله :﴿ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ﴾ : إشارة إلى انفراده بالملك والحكم والأمر، وأن من يملك الشفاعة فإنما يملك بتشريفه إياه والإذن فيه، وهذا نفي للشركة عنه في الملك والأمر.
وقوله :﴿ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما يشاء ﴾ إشارة إلى صفة العلم وتفضيل بعض المعلومات، والانفراد بالعلم، حتى لا علم لغيره من ذاته، وإن كان لغيره فهو من عطائه وهبته، وعلى قدر إرادته ومشيئته.
وقوله :﴿ وسع كرسيه السماوات والأرض ﴾ : إشارة إلى عظمة ملكه وكمال قدرته، وفيه سر لا يحتمل الحال كشفه، فإن معرفة الكرسي ومعرفة صفاته، واتساع السماوات والأرض ومعرفته شريفة غامضة، وترتبط بها علوم كثيرة.
وقوله :﴿ ولا يئوده حفظهما ﴾ : إشارة إلى صفات القدرة وكمالها، وتنزيهها عن الضعف والنقصان.
وقوله ﴿ وهو العلي العظيم ﴾ : إشارة إلى أصلين عظيمين في الصفات، وشرح هذين الوصفين يطول، وقد شرحنا منهما ما يحتمل الشرح في كتاب " المقصد الأسني في أسماء الله تعالى الحسنى " ٣ فاطلبه منه.
والآن إذا تأملت جملة هذه المعاني، ثم تلوت جميع آيات القرآن لم تجد جملة هذه المعاني من التوحيد والتقديس وشرح الصفات العلى مجموعة في آية واحدة منها، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :( سيدة آي القرآن ) فإن ﴿ شهد الله ﴾٤ ليس فيه إلا التوحيد، و﴿ قل هو الله أحد ﴾٥ ليس في إلى التوحيد والتقديس، و﴿ قل اللهم مالك الملك ﴾٦ ليس فيه إلا الأفعال وكمال القدرة، و " الفاتحة " فيها رموز إلى هذه الصفات من غير شرح، وهي مشروحة في آية الكرسي، والذي يقرب منها في جميع المعاني آخر " الحشر " وأول " الحديد "، إذ اشتملا على أسماء وصفات كثيرة، ولكنها آيات لا آية واحدة، وهذه آية " الكرسي " آية واحدة، إذا قابلتها بإحدى تلك الآيات وجدتها أجمع المقاصد، فلذلك تستحق السيادة على الآي، قال صلى الله عليه وسلم :( هي سيدة الآيات )، كيف لا ؟ وفيها ﴿ الحي القيوم ﴾ وهو الاسم الأعظم في آية " الكرسي " وأول " آل عمران ".
وقوله :﴿ وعنت الوجوه للحي القيوم ﴾٧. [ نفسه : ٥٨-٦٠ ].
١٤٣- العلي : هو الذات الذي فوق سائر الذوات في الرتبة، فهي إضافة. [ روضة الطالبين ضمن مجموعة الرسائل رقم ٢ ص : ٦٥ ]
٢ - وهي: ذكر الذات، وذكر الصفات، وذكر الأفعال، وذكر المعاد، وذكر الصراط المستقيم- أعني جانبي التزكية والتحلية- وذكر أحوال الأولياء، وذكر أحوال الأعداء، وذكر محاجة الكفار، وذكر حدود الأحكام. ن جواهر القرآن: ٢١..
٣ - المقصد الأسني طبعة دار الكتب العلمية: ص ٧٧ و ص٨٠..
٤ - آل عمران: ١٨..
٥ - الإخلاص: ١..
٦ - آل عمران: ٢٦..
٧ - طه: ١٠٨..
١٤٤- أكثر ما يطلق النور والظلمات في القرآن على العلم والجهل، مثل قوله تعالى :﴿ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ﴾ [ ميزان العمل : ٣٣٢ ].
١٤٥- وحيث ذكر النور والظلمة أراد به العلم والجهل، كقوله :﴿ يخرجهم من الظلمات إلى النور ﴾ [ الإحياء : ١/٩٩ ].
١٤٦- ﴿ ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ﴾ إلى قوله ﴿ فبهت الذي كفر ﴾ إذ ذكر سبحانه احتجاج إبراهيم ومجادلته وإفحامه خصمه في معرض الثناء عليه [ نفسه : ١/١١٦ ].
١٤٧- اعلم أن الميزان الأكبر هو ميزان الخليل صلوات الله عليه وسلامه، الذي استعمله مع نمرود، فمنه تعلمنا هذا الميزان، لكن بواسطة القرآن.
وذلك أن نمرود ادعى الإلهية، وكانت الإلهية عنده بالاتفاق عبارة عن القادر على الشيء. فقال إبراهيم : الإله إلهي لأنه الذي ﴿ يحي ويميت ﴾ وهو القادر وأنت لا تقدر عليه. فقال :﴿ أنا أحيي وأميت ﴾ يعني : أنه يحيي النطفة بالوقاع ويميت بالقتل، فعلم إبراهيم عليه السلام أن ذلك يعسر عليهم فهم بطلانه، فعدل إلى ما هو أوضح عنده فقال :﴿ إن الله يأتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب فبهت الذي كفر ﴾ وقد اثنى الله عليه فقال :﴿ وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ﴾١ [ القسطاس المستقيم ضمن مجموع رسائل الإمام الغزالي رقم ٣ ص ١٤ ].
١٤٨- السكون في القلب شيء، واليقين شيء آخر، فكم من يقين لا طمأنينة معه كما قال تعالى :﴿ أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ﴾ فالتمس أن يكون مشاهدا إحياء الميت بعينه ليثبت في خياله، فإن النفس تتبع الخيال وتطمئن به ولا تطمئن باليقين في ابتداء أمرها إلى أن تبلغ بالآخرة درجة النفس المطمئنة وذلك لا يكون في البداية أصلا. [ الإحياء : ٤/٢٧٧ ]
١٤٩- من عادات العرب في البيان : التنبيه على الشيء بذكر نظيره وضرب مثل فيه، دون التعرض له في نفسه، وهو في الإفادة كالتعرض له، كقوله عز وجل ﴿ مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ﴾ الآية. عرف به تضعيف الحسنات في مقابلة الإنفاق، ونزل في الإفادة منزلة تصريحه في قوله عز وجل :﴿ وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ﴾١.
١٥٠- ﴿ ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ﴾ اختلفوا في حقيقة المن والأذى، فقيل : المن أن يذكرها، والأذى أن يظهرها، وقال سفيان : من منّ فسدت صدقته، فقيل له : كيف المن ؟ فقال : أن يذكره ويتحدث به.
وقيل : المن أن يستخدمه بالعطاء والأذى أن يعيره بالفقر.
وقيل : المن أن يتكبر عليه لأجل عطائه، والأذى أن ينتهره أو يوبخه بالمسألة، وقد قال صلى الله عليه وسلم :( لا يقبل الله صدقة منان )١.
وعندي أن المن له أصل ومغرس، وهو من أحوال القلب وصفاته، ثم يتفرع عليه أحوال ظاهرة على اللسان والجوارح، فأصله أن يرى نفسه محسنا إليه ومنعما عليه. وحقه أن يرى الفقير محسنا إليه بقبول حق الله عز وجل منه، الذي هو طهرته ونجاته من النار، وأنه لو لم يقبله لبقي مرتهنا به، فحقه أن يتقلد منه الفقير إذ جعل كفه نائبا عن الله في قبض حق الله عز وجل. [ الإحياء : ١/٢٥٦ ].
١٥١ - ﴿ لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ﴾ المن : نتيجة استعظام الصدقة. [ نفسه : ٣/٣٩٠ ].
١٥٢- ﴿ لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ﴾ فمن لم يصبر بعد الصدقة عن المن والأذى فقد أبطل عمله [ نفسه : ٤/٧٤ ].
وقال الزبيدي: هكذا أورده صاحب الوقت... وعنه الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة [[ثلاثة لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفا ولا عدلا: عاق ومنان ومكذب بالقدر]]. ن الإتحاف: ٤/١٩٢-١٩٣..
١٥٣- أي لا تأخذوه إلا مع كراهية وحياء، وهو معنى الإغماض، فلا تؤثروا به ربكم. وفي الخبر " سبق درهم مائة ألف درهم " ١ وذلك بأن يخرجه٢ الإنسان وهو من أحل ماله وأجوده فيصدر ذلك عن الرضا والفرح بالبذل، وقد يخرج مائة ألف درهم مما يكره من ماله فيدل ذلك على أنه ليس يؤثر الله عز وجل بشيء مما يجبه- وبذلك ذم الله تعالى قوما جعلوا لله ما يكرهون، فقال تعالى :﴿ يجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا ﴾ وقف بعض القراء على النفي تكذيبا لهم، ثم ابتدأ وقال :﴿ جرم أن لهم النار ﴾٣ أي كسب لهم جعلهم له ما يكرهون النار. [ نفسه : ١/٢٥٨ ]
١٥٤- أن تخرجه٤ من أطيب أموالك وأجودها : قال تعالى :﴿ ويجعلون لله ما يكرهون ﴾٥ وقال الله ﴿ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه ﴾ وقال صلى الله عليه وسلم :( إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب }٦ يعني : الحلال، فإن المقصود من هذا إظهار درجة الحب، والإنسان يؤثر الأحب إليه الأنفس دون الأخسّ. [ كتاب الأربعين في أصول الدين : ٢٩-٣٠. ]
٢ - أي مال الزكاة..
٣ - النحل: ٦٢..
٤ - أي مال الزكاة..
٥ - النحل: ٦٢..
٦ - أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الزكاة ٢/٧٠٣ حديث رقم ١٠١٥..
١٥٥- قال صلى الله عليه وسلم :( في القلب لمتان : لمة من الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله سبحانه وليحمد الله، ولمة من العدو وإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ونهي عن الخير، فمن وجد ذلك فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم )١ الآية [ الإحياء : ٣/٣٠ ].
١٥٦- قيل في تفسير قوله تعالى :﴿ يؤتي الحكمة من يشاء ﴾ إنه الفهم في كتاب الله [ نفسه : ١/٣٤٢ ].
١٥٧- قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى :﴿ ومن يّؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ﴾ يعني : الفهم في القرآن. [ ميزان العمل : ٢٣٣ ].
١٥٨- مهما هذبت قوة الفكر، وأصلحت كما ينبغي حصلت بها الحكمة التي تحدث الله عنها، حيث قال :﴿ ومن يّؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ﴾ وثمرتها أن تيسر له الفرق بين الحق والباطل في الاعتقادات، وبين الصدق الكذب في المقال، وبين الجميل والقبيح في الأفعال، ولا يلتبس عليه شيء من ذلك، مع أنه الأمر الملتبس على أكثر الخلق. [ الإحياء : ٣/٢٦ ].
١٥٩- قوة العلم حسنها وصلاحها في أن تصير بحيث يسهل بها درك الفرق بين الصدق والكذب في الأقوال، وبين الحق والباطل في الاعتقادات، وبين الجميل والقبيح في الأفعال، فإذا صلحت هذه القوة حصل منها ثمرة الحكمة، والحكمة رأس الأخلاق الحسنة، وهي التي قال الله فيها :﴿ ومن يّؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ﴾ [ نفسه : ٣/٥٨ ].
١٦٠- اعلم أن في الأسرار للأعمال فائدة الإخلاص والنجاة من الرياء، وفي الإظهار فائدة الاقتداء وترغيب الناس في الخير، ولكن فيه آفة الرياء، قال الحسن : قد علم المسلمون أن السر أحرز العملين. ولكن في الإظهار أيضا فائدة، ولذلك أثنى الله تعالى على السر والعلانية فقال :﴿ إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتوتوها الفقراء فهو خير لكم ﴾. [ نفسه : ٣/٣٣٤ ].
١٦١- ﴿ إن تبدوا الصدقات فنعما هي ﴾ وذلك حيث يقتضي الحال الإبداء إما للاقتداء، وإما لأن السائل إنما سأل عن ملأ من الناس، فلا ينبغي أن يترك التصدق خيفة الرياء في الإظهار، بل ينبغي أن يتصدق ويحفظ سره عن الرياء بقدر الإمكان، وهذا لأن في الأظهر محذورا ثالثا سوى المن والرياء، وهو هتك ستر الفقير، فإنه ربما يتأذى بأن يرى في صورة المحتاج فمن أظهر السؤال فهو الذي هتك ستر نفسه [ نفسه : ١/٢٥٥ ].
١٦٢- ﴿ للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ﴾ أي حبسوا في طريق الآخرة بعيلة، أو ضيق معيشة أو إصلاح قلب، ﴿ لا يستطيعون ضربا في الأرض ﴾ ساق الكلام في معرض المدح، ثم قدم وصفهم بالفقر على وصفهم بالإحصار، وفيه دلالة على مدح الفقر. [ الإحياء : ١/٢٦٠ ].
١٦٣- ﴿ للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض ﴾ ساق الكلام في معرض المدح، ثم قدم وصفهم بالفقر على وصفهم بالإحصار، وفيه دلالة على مدح الفقر. [ نفسه : ٤/٢٠٥ ].
١٦٤- ﴿ يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس إلحافا ﴾ أي لا يلحون في السؤال لأنهم أغنياء بيقينهم، أعزة بصبرهم، وهذا ينبغي أن يطلب بالتفحص عن أهل الدين في كل محلة، ويستكشف عن بواطن أحوال أهل الخير والتجمل، فثواب صرف المعروف إليهم أضعاف ما يصرف إلى المجاهرين بالسؤال. [ نفسه : ١/٢٦٠ ].
١٦٥- مدح الله سبحانه المستترين فقال :﴿ يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ﴾ وقال الشاعر :
ولا عار إن زالت عن الحر نعمة *** ولكن عار أن يزول التجمل [ نفسه : ١/٢٦٠ ].
١٦٦- تردد الشافعي في قوله تعالى :﴿ وأحل الله البيع ﴾ في أنه عام أو مجمل من حيث إن الألف واللام احتمل أن يكون فيه للتعريف، ومعناه : وأحل الله البيع الذي عرف الشرع بشرطه.
١٦٧- دل ذلك على أن سبب تكفل الولي بإملاء الحق، ضعف المولى عليه وسفهه وعجزه. [ شفاء الغليل : ٨٧-٨٨ ].
١٦٨- إنما المفهوم أن الضعف بالصغر والسفه سبب نيابة الولي المدقق فيما تمد حاجته إليه : من قضاء الدين، فسائر ما تمس حاجته إليه ينزل محل النص منزلة سائر المكيلات والمطعومات من المنصوص في الربا.
والثالث بالنص في قضاء الدين : النيابة بعلة الصغر في محل الحاجة، فعديت النيابة في كل ما يتعدى إليه الحاجة. [ نفسه : ١٣٥-١٣٦ ].
﴿ واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ﴾.
١٦٩- التحقيق فيه : أن الله تعالى في سياق هذه الآية حث الناس على ما فيه مصلحتهم، والأصح الاستظهار بالبينة الكاملة [ المنخول : ٣٠٠ ]
١٧٠- ﴿ واستشهدوا شهيدين من رجالكم ﴾ الآية لا تقضي إلا كون الشاهدين حجة، وجواز الحكم بقولهما. [ المستصفى : ١/١١٩ ].
١٧١- في الشهادة أمر آخر، وهو أن الآية سيقت للإرشاد إلى طريق الاحتياط ومن استشهد النساء مع وجود الرجال، فيحكم في حقه بمخالفة موجب الإرشاد، وكونه سائلا عن توثيق الحق بكمال الاحتياط ! فيظهر تأثيره في تحصيل الامتثال لأمر يرجع إلى الإرشاد والأمر قد يجري للإرشاد، وقد يجري للإيجاب من التأثير ظاهر بالطريق الذي ذكرناه. [ شفاء الغليل : ١٠٤ ].
١٧٢- لما نزل قوله تعالى :﴿ ٍوإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ﴾ جاء ناس من الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : كلفنا ما لا نطيق، إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه ثم يحاسب بذلك ؟ ! فقال صلى الله عليه وسلم :( لعلكم تقولون كما قالت اليهود سمعنا وعصينا قولوا سمعنا وأطعنا، فقالوا سمعنا وأطعنا )١ فأنزل الله الفرج بعد سنة بقوله :﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾٢ فظهر به أن كل ما لا يدخل تحت الوسع من أعمال القلب هو الذي لا يؤاخذ به. [ الإحياء : ٣/٤٦ ].
٢ - البقرة: ٢٨٥..
١٧٣- من جوز تكليف ما لا يطاق عقلا فإنه يمنعه شرعا لقوله تعالى :﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾ [ المستصفى : ١/٨٩ ].
﴿ ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ﴾.
١٧٤-يجوز على الله سبحانه أن يكلف الخلق ما لا يطيقون- خلافا للمعتزلة، ولو لم يجز ذلك لاستحال سؤال دفعه، وقد سألوا ذلك فقالوا ﴿ ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ﴾ ولأن الله تعالى أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بأن أبا جهل لا يصدقه، ثم أمره بأن يأمره بأن يصدقه في جميع أقواله، وكان من جملة أقواله أنه لا يصدقه، فكيف يصدقه في أنه لا يصدقه، وهل هذا إلا محال وجوده ؟ [ الإحياء : ١/١٣٣ ]
١٧٥- ذهب شيخنا أبو الحسن رحمه الله إلى جواز تكليف ما لا يطاق مستدلا بقوله تعالى :﴿ ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ﴾، ولا وجه للابتهال لو لم يتصور ذلك بالبال. [ المنخول : ٢٢ ]
١٧٦- قال قتادة في معنى قوله تعالى :﴿ ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ﴾ هو الغُلمة. [ الإحياء : ٢/٣٢ ].
١٧٧- قيل في تأويل قوله تعالى :﴿ ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ﴾ معناه : شدة الغُلمة. [ نفسه : ٣/١٠٧ ].