ﰡ
مكية [وهي إحدى عشرة آية] [١]
[سورة الضحى (٩٣) : الآيات ١ الى ٤]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤)«٢٣٤٩» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ قَالَ اشْتَكَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ لَمْ أَرَهُ قَرَبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣).
وَقِيلَ: إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَالَتْ ذَلِكَ أُمُّ جَمِيلٍ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ.
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: سَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَأَصْحَابِ الْكَهْفِ [٢] وَعَنِ الرُّوحِ فَقَالَ:
«سَأُخْبِرُكُمْ غَدًا»، وَلَمْ يَقِلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَاحْتَبَسَ عَنْهُ الْوَحْيُ.
«٢٣٥٠» وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: كَانَ سَبَبُ احْتِبَاسِ جِبْرِيلَ عليه السلام عنه كان جروا في بيته، فلما نزل
- أحمد هو ابن عبد الله بن يونس، نسبه لجده، زهير هو ابن معاوية.
- وهو في «صحيح البخاري» ٤٩٥٠ عن أحمد بن يونس بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ١١٢٥ و١١٢٤ و٤٩٨٣ والترمذي ٣٣٤٥ والطبري ٣٧٥٠٤ وابن حبان ٦٥٦٦ والطبراني ١٧٠٩ والبيهقي ٣/ ١٤ وفي «الدلائل» ٧/ ٥٨ والواحدي في «الوسيط» ٤/ ٥٠٧ وفي «أسباب النزول» ٨٥٨ من طرق عن سفيان عن الأسود بن قيس به.
- وأخرجه البخاري ٤٩٥١ ومسلم ١٧٩٧ ح ١١٥ والطبري ٣٧٥١٥ والطبراني ١٧١٠ و١٧١١ وأحمد ٤/ ٣١٢ والبيهقي ٣/ ١٤ من طريقين عن الأسود بن قيس به.
- وفي الباب أحاديث، وهذا الحديث أصحها إسنادا وأحسنها متنا.
٢٣٥٠- ذكره عن زيد هاهنا تعليقا، وإسناده إليه مذكور أول الكتاب، وهو مرسل، وله علة ثانية، وهي كونه من رواية ابنه عبد الرحمن، وهو واه.
- وصح هذا السياق لكن ليس فيه نزول سورة الضحى عقب ذلك.
- فقد أخرج مسلم ٢١٠٥ وأبو داود ٤١٥٧ والنسائي ٧/ ١٨٦ وأحمد ٦/ ٣٣٠ وأبو يعلى ٧٠٩٣ و٧١١٢ من طريق
(١) زيد في المطبوع.
(٢) تقدم في سورة الكهف. [.....]
وَاخْتَلَفُوا فِي مُدَّةِ احْتِبَاسِ الْوَحْيِ عَنْهُ، فَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا. وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا.
«٢٣٥١» قال المفسرون: فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا وَدَعَهُ رَبُّهُ وَقَلَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ السُّورَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ مَا جِئْتَ حَتَّى اشْتَقْتُ إِلَيْكَ»، فَقَالَ جِبْرِيلُ: «إِنِّي كُنْتُ أَشَدُّ شَوْقًا إِلَيْكَ، وَلَكِنِّي عَبْدٌ مَأْمُورٌ»، فَأَنْزَلَ: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ [مَرْيَمَ: ٦٤].
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالضُّحى (١)، أَقْسَمَ بِالضُّحَى وَأَرَادَ بِهِ النَّهَارَ كُلَّهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَابَلَهُ بالليل إذا سجى، نظيره قوله أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى [الْأَعْرَافِ: ٩٨]، أَيْ نَهَارًا. وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي وَقْتَ الضُّحَى، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي فِيهَا ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ، وَاعْتِدَالُ النَّهَارِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ.
وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢)، قَالَ الْحَسَنُ: أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَقَالَ الْوَالِبِيُّ عَنْهُ: إِذَا ذَهَبَ، قَالَ عَطَاءٌ وَالضَّحَّاكُ: غَطَّى كُلَّ شَيْءٍ بِالظُّلْمَةِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اسْتَوَى. وَقَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: سَكَنَ وَاسْتَقَرَّ ظَلَامُهُ فَلَا يَزْدَادُ بَعْدَ ذَلِكَ. يُقَالُ: لَيْلٌ سَاجٍ وَبَحْرٌ سَاجٍ إِذَا كَانَ سَاكِنًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣)، هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ: أَيْ مَا تَرَكَكَ مُنْذُ اخْتَارَكَ وَلَا أَبْغَضَكَ مُنْذُ أَحَبَّكَ.
وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤).
«٢٣٥٢» حَدَّثَنَا الْمُطَهَّرُ بْنُ علي الفارسي أنا محمد بن إبراهيم الصالحي أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن جعفر أبو
- وأخرجه مسلم ٢١٠٤ وأحمد ٦/ ١٤٢- ١٤٣ وأبو يعلى ٤٥٠٨ من حديث عائشة بنحوه.
٢٣٥١- أخرجه الطبري ٣٧٥١١ من حديث ابن عباس دون عجزه: «فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: يا جبريل... » وإسناده ضعيف.
- وأخرجه الطبري ٣٥٧١٠ عن الضحاك و٣٧٥٠٨ عن قتادة و٣٧٥٠٧ عن عبد الله بن شداد كلهم دون عجز الحديث.
- وكذا أخرجه مسلم ١٧٩٧ ح ١١٤ وابن حبان ٦٥٦٥ من حديث جندب البجلي: «أبطأ جبريل على لنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ المشركون: قد ودّع. فأنزل الله مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى.
- وعجزه قد ساقه الواحدي في «أسباب النزول» ٦٠٦ عن عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ مرسلا بدون إسناد.
- وتقدم في سورة مريم، آية ٦٤.
٢٣٥٢- ضعيف.
- إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وزاد فيه ابن أبي عاصم زيادة منكرة تدل على وهنه.
- وهو في «شرح السنة» ٣٩٤٢ بهذا الإسناد.
- وهو في «السنة» ١٤٩٩ لابن أبي عاصم عن أبي بكر بن أبي شيبة بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو الشيخ في «أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» ٨٤٩ عن ابن أبي عاصم بهذا الإسناد.
[سورة الضحى (٩٣) : آية ٥]
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٥)
. قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الشَّفَاعَةُ فِي أُمَّتِهِ حَتَّى يَرْضَى، وَهُوَ قَوْلُ عَلَيٍّ وَالْحَسَنِ.
«٢٣٥٣» وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ لَهُ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ فِيهِمْ». وَقَالَ حَرْبُ بْنُ شُرَيْحٍ:
سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: إنكم مَعْشَرَ أَهْلِ الْعِرَاقِ تَقُولُونَ أَرْجَى آية في القرآن: قُلْ يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَإِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ نَقُولُ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ الله.
قيل: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ مِنَ الثَّوَابِ. وَقِيلَ: مِنَ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ وَكَثْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، فَتَرْضى. ثُمَّ أَخْبَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْوَحْيِ، وَذَكَّرَهُ نِعَمَهُ فَقَالَ جَلَّ ذكره:
[سورة الضحى (٩٣) : الآيات ٦ الى ٨]
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى (٧) وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى (٨)
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦).
«٢٣٥٤» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيِّ فَقَالَ:
أَنْبَأَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حامد الأصفهاني أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النيسابوري ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى أَنَا أَبُو عمرو الحوضي وأبو الربيع الزهراني عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَأَلَتُ رَبِّي مَسْأَلَةً وودت أَنِّي لَمْ أَكُنْ سَأَلْتُهُ، قُلْتُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ آتَيْتَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ مُلْكًا عَظِيمًا، وَآتَيْتَ فُلَانًا كَذَا وَآتَيْتَ فُلَانًا كَذَا؟ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَلَمْ أَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَيْتُكَ؟ قُلْتُ: بَلَى أَيْ رب، قال:
- وأخرجه الحاكم ٤/ ٤٦٤ من طريق عمرو بن قيس الملائي عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة بن قيس، وعبيدة السلماني عن ابن مسعود مطوّلا.
- وسكت عنه الحاكم وقال الذهبي: موضوع.
- وقال البوصيري في «الزوائد» : إسناده ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد الكوفي، لكن لم ينفرد به، فقد رواه الحاكم في «المستدرك» من طريق عمرو بن قيس عن الحكم عن إبراهيم.
- قلت: هو بعض حديث طويل، وفيه ألفاظ منكرة، لذا حكم الذهبي بوضعه.
٢٣٥٣- تقدم في سورة المائدة عند آية: ١١٨، أخرجه مسلم ١/ ١٩١ وغيره.
٢٣٥٤- إسناده حسن، حماد بن زيد قد سمع من عطاء قبل الاختلاط، فالإسناد حسن إن شاء الله.
- وأخرجه الحاكم ٢/ ٥٢٦ والطبراني في «الكبير» ١١/ ٤٥٥ والبيهقي في «الدلائل» ٧/ ٦٣ والواحدي في «أسباب النزول» ٨٦٢ و «الوسيط» ٤/ ٥١١ من طرق عن حماد بن زيد به.
- وصححه الحاكم! ووافقه الذهبي! وحسبه أن يكون حسنا.
- وذكره الهيثمي في «المجمع» ٨/ ٢٥٣ وقال: وفيه عطاء بن السائب، وقد اختلط.
- قلت: سمع منه حماد بن زيد قبل اختلاطه كما تقدم.
(١) زيادة عن المخطوط.
وَزَادَ غَيْرُهُ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: «أَلَمْ أَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْتُ عَنْكَ وِزْرَكَ؟ قُلْتُ: بَلَى أَيْ رَبِّ» [١].
وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا صَغِيرًا فَقِيرًا حِينَ مَاتَ أَبَوَاكَ وَلَمْ يُخَلِّفَا لك مالا ولا مأوىّ، فجعل لك مأوى تأوي إليه، وضمك إِلَى عَمِّكَ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى أحسن تربيتك وكفاك المئونة.
وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (٧)، يَعْنِي ضَالًّا عَمًّا أَنْتَ عَلَيْهِ فَهَدَاكَ لِلتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ: قَالَ الْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ كَيْسَانَ: وَوَجَدَكَ ضَالًّا عَنْ مَعَالِمَ النُّبُوَّةِ وَأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ غَافِلًا عَنْهَا، فَهَدَاكَ إِلَيْهَا، كَمَا قَالَ: وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ [يُوسُفَ: ٣] وَقَالَ: مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ [الشُّورَى: ٥٢]، وَقِيلَ: ضَالًّا فِي شِعَابِ مَكَّةَ فَهَدَاكَ إِلَى جَدِّكَ عبد المطلب.
«٢٣٥٥» روى أَبُو الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَلَّ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ، فَرَآهُ أبو جهل منصرفا من أَغْنَامِهِ فَرَدَّهُ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
«٢٣٥٦» وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: خَرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَافِلَةِ مَيْسَرَةَ غُلَامِ خَدِيجَةَ فَبَيْنَمَا هُوَ رَاكِبٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ ظلماء [على] [٢] نَاقَةً إِذْ جَاءَ إِبْلِيسُ فَأَخَذَ بِزِمَامِ النَّاقَةِ فَعَدَلَ بِهِ عَنِ الطَّرِيقِ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ فَنَفَخَ إِبْلِيسَ نَفْخَةً وَقَعَ مِنْهَا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَرَدَّهُ إِلَى الْقَافِلَةِ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.
وَقِيلَ: وَجَدَكَ ضالا نَفْسِكَ لَا تَدْرِي مَنْ أَنْتَ، فَعَرَّفَكَ نَفْسَكَ وَحَالَكَ.
وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى (٨)، أَيْ فَقِيرًا فَأَغْنَاكَ بِمَالِ خَدِيجَةَ ثُمَّ بِالْغَنَائِمِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: فرضّاك بِمَا أَعْطَاكَ مِنَ الرِّزْقِ. وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ. وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا عَنْ كَثْرَةِ الْمَالِ وَلَكِنَّ اللَّهَ رضاه بِمَا آتَاهُ وَذَلِكَ حَقِيقَةُ الْغِنَى.
«٢٣٥٧» أَخْبَرَنَا حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ محمد محمش الزيادي أبا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أنه قال أنا أبو
- وقد ذكر ابن كثير ٤/ ٦٢٣ هذا الخبر، وعزاه للبغوي، فهذا دليل على أن ابن كثير لم يجد له أصلا.
- وانظر ما بعده.
٢٣٥٦- لم أقف على إسناده، وهو باطل كسابقه، وعزاه أيضا ابن كثير ٤/ ٦٢٣ للبغوي، وهذا وما قبله من بدع التأويل.
- والصواب في تأويل الآية، هو كونه عليه السلام ضالا عن أحكام شريعة الإسلام حيث نزل القرآن، وأوحى الله إليه السنة، والله أعلم.
٢٣٥٧- إسناده صحيح، أحمد السلمي ثقة روى له مسلم، وقد توبع ومن دونه، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- وهو في «شرح السنة» ٣٩٣٥ بهذا الإسناد.
- وأخرجه أحمد ٢/ ٣١٥ من طريق عبد الرزاق به.
- وأخرجه البخاري ٦٤٤٦ ومسلم ١٠٥١ والترمذي ٢٣٧٣ وابن ماجه ٤١٣٧ وأحمد ٢/ ٢٤٣ و٩٨٩ و٣٩٠ و٤٤٣ وابن حبان ٦٧٩ وأبو نعيم في «الحلية» ٤/ ٩٩ والقضاعي ١٢١٠ و١٢١١ من طرق عن أبي هريرة به.
(١) هذه الرواية عند الواحدي برقم ٨٦٢ من طريق عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الحجبي عن حماد بن زيد به.
(٢) زيادة عن المخطوط.
«٢٣٥٨» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمُلَيْحِيُّ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ محمد بن الحسين الزغرتاني [١] أنا أحمد بن سعيد أَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله ثنا أَبِي حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ مِنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ الله بما آتاه».
[سورة الضحى (٩٣) : الآيات ٩ الى ١١]
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)
ثُمَّ أَوْصَاهُ بِالْيَتَامَى وَالْفُقَرَاءِ.
فَقَالَ: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩)، قَالَ مجاهد: لا تحتقر الْيَتِيمَ فَقَدْ كُنْتَ يَتِيمًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: لَا تَقْهَرْهُ عَلَى مَالِهِ فَتَذْهَبَ بِحَقِّهِ لِضَعْفِهِ، وَكَذَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُ فِي أَمْرِ الْيَتَامَى، تَأْخُذُ أَمْوَالَهُمْ وَتَظْلِمُهُمْ حُقُوقَهُمْ.
«٢٣٥٩» أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ [بْنُ] [٢] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَا أَبُو
- أبو عبد الرحمن هو عبد الله بن يزيد.
- وهو في «شرح السنة» ٣٩٣٨ بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ١٠٥٤ والترمذي ٢٣٤٨ وأحمد ٢/ ١٦٨ و١٧٢ والبيهقي ٤/ ١٩٦ من طريق شرحبيل بن شريك به.
- وأخرجه ابن ماجه ٤١٣٨ وأحمد ٢/ ١٧٣ من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي به.
- وأخرجه ابن حبان ٦٧٠ وأبو نعيم في «الحلية» ٦/ ١٢٩ من طريق سعيد بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ الرحمن بن سلمة الجمحي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو به.
٢٣٥٩- صدره ضعيف، وعجزه صحيح.
- إسناده ضعيف لضعف يحيى بن أبي سليمان.
- وهو في «شرح السنة» ٣٣٤٩ بهذا الإسناد.
- وهو في «الزهد» ٦٥٤ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيْوبَ بهذا الإسناد.
- وأخرجه ابن ماجه ٣٦٧٩ من طريق أبي المبارك بهذا الإسناد دون عجزه.
- قال البوصيري في «الزوائد» في إسناده يحيى بن سليمان أبو صالح قال فيه البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم:
مضطرب الحديث. وذكره ابن حبان في «الثقات».
- وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» ١٣٧ عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ سعيد بن أبي أيوب بهذا الإسناد.
- وصح عجزه من وجه آخر.
- أخرجه مسلم ٢٩٨٣ من طريق مالك عن ثور بن زيد الديلي عن أبي الغيث عن أبي هريرة مرفوعا.
- ولعجزه شاهد من حديث سهل بن سعد:
- أخرجه البخاري ٥٣٠٤ و٦٠٠٥ وأبو داود ٥١٥٠ والترمذي ١٩١٨ وأحمد ٥/ ٣٣٣ وأبو يعلى ٧٥٥٣ وابن حبان ٤٦٠ والبيهقي ٦/ ٢٨٣ والبغوي ٣٣٤٨.
- وله شاهد آخر من حديث مرة الفهري:
- أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» ١٣٣ والحميدي ٨٣٨ والبيهقي ٦/ ٢٨٣.
- ومن حديث عائشة:
أخرجه أبو يعلى ٤٨٦٦ وإسناده ضعيف، فيه ليث بن أبي سليم.
- ومن حديث أبي أمامة:
أخرجه أحمد ٥/ ٢٥٠ و٢٦٥ والبغوي ٣٣٥٠ وإسناده ضعيف، فيه علي بن يزيد الألهاني. [.....]
(١) تصحف في المطبوع «الزعفراني».
(٢) سقط من المطبوع.
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠)، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: يُرِيدُ السَّائِلَ عَلَى الْبَابِ، يَقُولُ: لَا تَنْهَرْهُ لَا تَزْجُرْهُ إِذَا سَأَلَكَ، فَقَدْ كُنْتَ فَقِيرًا فَإِمَّا أَنْ تُطْعِمَهُ وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّهُ رَدًّا لَيِّنًا، يُقَالُ: نَهَرَهُ وَانْتَهَرَهُ إِذَا اسْتَقْبَلَهُ بكلام يزجره قال قَتَادَةُ: رُدَّ السَّائِلَ بِرَحْمَةٍ وَلِينٍ [و] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ نِعْمَ الْقَوْمُ السُؤَّالُ يَحْمِلُونَ زَادَنَا إِلَى الآخرة.
وقال إبراهيم النخعي: السائل يريدنا إلى الْآخِرَةَ يَجِيءُ إِلَى بَابِ أَحَدِكُمْ فَيَقُولُ: هَلْ تُوَجِّهُونَ إِلَى أَهْلِيكُمْ بِشَيْءٍ؟ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ فِي قوله: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠)، قَالَ طَالِبُ الْعِلْمِ.
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)، قَالَ مُجَاهِدٌ يَعْنِي النُّبُوَّةَ رَوَى عَنْهُ أَبُو بِشْرٍ وَاخْتَارَهُ الزَّجَّاجُ وَقَالَ: أَيْ بَلِّغْ مَا أُرْسِلْتَ بِهِ، وَحَدِّثْ بِالنُّبُوَّةِ الَّتِي آتَاكَ اللَّهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ مُجَاهِدٍ: يَعْنِي الْقُرْآنَ وَهُوَ قَوْلُ الكلبي، أمره أن يقرأه، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: اشْكُرْ لِمَا ذُكِرَ مِنَ النِّعْمَةِ عَلَيْكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ جَبْرِ الْيَتِيمِ وَالْهُدَى بَعْدَ الضَّلَالَةِ وَالْإِغْنَاءِ بَعْدَ الْعَيْلَةِ، وَالتَّحَدُّثِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرًا.
«٢٣٦٠» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِيٍّ [٣] الْبَسْطَامِيُّ [٤] ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
٢٣٦٠- حديث حسن بطرقه وشواهده، والفقرة الأخيرة منه في الصحيح.
- إسناده ضعيف، شرحبيل هو ابن سعد، ضعفه غير واحد.
- وقال الحافظ في «التقريب» : صدوق اختلط.
لكن توبع، وللحديث شواهد.
- وهو في «شرح السنة» ٣٥٠٣ بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» ٢١٥ عن سعيد بن عفير بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو داود ٤٨١٣ والبيهقي ٦/ ١٨٢ من طريق عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ شُرَحْبِيلَ رجل من قومه عن جابر.
- وأخرجه الترمذي ٢٠٣٤ من طريق عمارة بن غزية عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ.
- وإسناده ضعيف، فيه إسماعيل بن عياش، روايته عن غير أهل بلده- الشاميين- ضعيفة، وشيخه حجازي.
- وأخرجه القضاعي ٤٨٦ من طريق سعيد بن الحارث عن جابر وإسناده واه.
- وأخرجه ابن حبان ٣٤١٥ والقضاعي من طريق زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ شرحبيل عن جابر.
- وأخرجه ابن عدي في «الكامل» ١/ ٣٥٦ من طريق أيوب بن سويد عن الأوزاعي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جابر بنحوه، وإسناده لا بأس به.
- وله شاهد من حديث عائشة أخرجه الطبراني في «الأوسط» ٢٤٨٤ وأحمد ٦/ ٩٠.
- وقال الهيثمي في «المجمع» ٨/ ١٨١: وفيه صالح بن أبي الأخضر، وقد وثق على ضعفه، وبقية رجال أحمد ثقات اهـ.
(١) سقط من المطبوع.
(٢) تصحف في المطبوع «يزيد».
(٣) تصحف في المخطوط «محمر».
(٤) في المخطوط البسامي.
«٢٣٦١» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ثنا أحمد بن
- وصححه الحاكم، وقال الذهبي: لم يخرجاه لاختلاف أصحاب الأعمش فيه.
- وله شاهد من حديث يحيى بن صيفي أخرجه ابن أبي الدنيا في «قضاء الحوائج» ٧٥ وإسناده واه.
- جاءت عن جماعة من الصحابة تبلغ حد الشهرة، لا أذكرها خشية التطويل، لكن انظر «مجمع الزوائد» ٨/ ١٧٩- ١٨١ برقم ١٣٦٣٣ إلى ١٣٦٣٩ و «قضاء الحوائج» ٧١ و٧٢ و٧٣ و٧٤.
- ومع ذلك ذكر الألباني هذا الحديث في «الصحيحة» ٦٦٧ وقال: إسناده حسن، رجاله ثقات، وفي أبي عبد الرحمن، واسمه القاسم بن عبد الرحمن كلام، لا ينزل حديثه من رتبة الحسن، وكذلك الجراح بن مليح.
- كذا قال!! ولم يذكر له شواهد ولا طرق ولا متابعات.
- وهذا وهم من وجهين الوجه الأول: أبو عبد الرحمن هو القاسم بن الوليد، كما هو بيّن عند جميع الرواة، وكتب التراجم، وأما القاسم أبو عبد الرحمن، فذاك شامي، وهو غير هذا، وليس من طبقته، ثم ذاك أيضا ضعفه الجمهور، وحديثه ينحط عن الحسن.
- وأما الثاني: حكم على الإسناد بالحسن، وتقدم أنه تفرد به الجراح وضعفه الجمهور، والقول قول أبو حاتم: لا يحتج به، وتقدم أن المتن مضطرب.
- الخلاصة: هو حديث ضعيف.
- وقال الحافظ ابن كثير في «التفسير» ٤ إسناده ضعيف.
- وكذا ضعفه السيوطي في «الدر المنثور» ٦/ ٦١٢.
- الخلاصة: هو حديث حسن بطرقه وشواهده، والفقرة الأخيرة منه في الصحيح.
٢٣٦١- ضعيف، سوى «من لم يشكر الناس لم يشكر الله» فإنه صحيح بشواهده.
- إسناده ضعيف، مداره بهذا اللفظ على أبي وكيع، وهو الجراح بن مليح، ضعفه الجمهور، ووثقه بعضهم كما سيأتي، وحديثه هذا ضعيف بهذا التمام.
- وأخرجه أحمد ٤/ ٢٧٨ و٤/ ٣٧٥ وابنه في «زوائده» ٤/ ٣٧٥ والقضاعي ١٥ و٣٧٧ وابن أبي الدنيا في «قضاء الحوائج» ٧٨ وابن أبي عاصم في «السنة» ٩٣ والبيهقي في «الشعب» ٤٤١٩ والخرائطي في «فضيلة الشكر» ٨٣ كلهم من طريق الجراح بن مخلد به.
- واللفظ لأحمد، وهو عند ابن أبي عاصم والقضاعي في الرواية الأولى بلفظ «الجماعة رحمه، والفرقة عذاب» زاد القضاعي «على المنبر» أي قاله على المنبر.
- في حين كرره القضاعي في الرواية الثانية فذكر الفقرة الأولى والثانية فقط، ومثله رواية ابن أبي الدنيا، في حين جعل الخرائطي صدره «التحدث بنعمة الله شكر... والجماعة بركة....» قال بركة بدل «رحمة».
- وتارة فيه أنه ﷺ قاله على المنبر، وتارة ليس فيه ذلك، ولكن عند الأكثر قوله: على المنبر.
- فهذا اضطراب من الجراح والد وكيع، والاضطراب في المتن موجب للضعف كما هو مقرر في كتاب المصطلح، فهذه علة.
- وعلة ثانية: لو كان هذا الحديث على المنبر لجاء من وجوه صحيحة عن غير واحد من الصحابة، وكل ذلك لم يكن، لم
وَالسَّنَةُ فِي قِرَاءَةِ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يُكَبَّرَ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ وَالضُّحَى عَلَى رَأْسِ كُلِّ سُورَةٍ حَتَّى يَخْتِمَ الْقُرْآنَ فَيَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ.
«٢٣٦٢» كَذَلِكَ قَرَأْتُهُ عَلَى الْإِمَامِ الْمُقْرِئِ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَامِدِيِّ بِمَرْوٍ، قَالَ: قرأت على
- وعلة ثالثة: وهي الإسناد، حيث تفرد به الجراح.
- قال عنه الذهبي في «الميزان» ١/ ٣٨٩: كان فيه ضعف، وعسر الحديث وثقه ابن معين مرة، وضعفه أخرى، وقال الدارقطني: ليس بشيء، كثير الوهم، وقال النسائي وغيره: لا بأس به، وقال البرقاني: قلت للدارقطني: يعتبر به؟
قال: لا. وقال أبو داود: ثقة.
- وقال الحافظ في «التهذيب» ٢/ ٥٨- ٥٩ ما ملخصه: قال ابن سعد: كان ضعيفا في الحديث عسرا، وقال ابن معين:
ما كتبت عن وكيع عن أبيه شيئا، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ضعيف، وقال الدارمي عنه: ليس به بأس، وكذا قال ابن أبي مريم عنه، وقال في موضع آخر: ثقة، وكذا قال الدوري عنه، وقال ابن عمار: ضعيف. وقال أبو الوليد: ثقة، وكذا قال أبو داود، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال البرقاني: سألت الدارقطني عنه، فقال: ليس بشيء، هو كثير الوهم، قلت: يعتبر به؟ قال: لا، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وحديثه لا بأس به، وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه، ولا يحتج به، وقال الأزدي: يتكلمون فيه، وقال الهيثم بن كليب: سمعت الدوري يقول: دخل وكيع البصرة فاجتمع عليه الناس، فحدثهم حتى قال حدثني أبي وسفيان، فصاح الناس من كل جانب:
لا نريد أباك حدثنا عن الثوري، فأعاد وأعادوا، رواها الإدريسي في تاريخ سمرقند، وحكى فيه أن ابن معين كذبه، وقال: كان وضاعا للحديث، وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، وزعم يحيى بن معين أنه كان وضاعا للحديث اهـ.
- قلت: ملخص هذا، أن الرجل غير حجة، وأنه إلى الضعف أقرب، وهو الذي أميل إليه، وخاصة في هذا المتن لأن له علة ثانية، وهي الاضطراب في المتن كما تقدم، وعلة ثالثة كون الحديث على المنبر ولم يرد إلا من وجه غريب، لا يحتج به. وكذلك لو كان وكيع، وهو أحد أئمة علم الحديث- اعتدّ بهذا الحديث لروا عن أبيه، مع أنه روى عن أبيه أحاديث أخر.
٢٣٦٢- ضعيف جدا. وله علتان، ابن أبي بزة، وهو أحمد بن محمد بن عبد الله ضعيف منكر الحديث، وشيخه عكرمة مجهول، لم يرو عنه غيره، ولم يوثقه أحد، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ٧/ ١١ من غير جرح أو تعديل، حتى ابن حبان لم يدخله في الثقات.
- وأخرجه الحاكم ٣/ ٣٠٥ والواحدي في «الوسيط» ٤/ ٥١٤ والذهبي في «الميزان» ١/ ١٤٥/ ٥٦٤ كلهم من طريق أحمد البزي به.
- صححه الحاكم! وتعقبه الذهبي بقوله: البزي قد تكلم فيه.
- وقال الذهبي في «الميزان» في البزي: إمام في القراءة ثبت، ثم ذكر له حديثا غير هذا فقال: قال أبو حاتم: هذا حديث باطل. وقال العقيلي: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، لا أحدث عنه. وقال ابن أبي حاتم:
روى حديثا منكرا.
- ثم أسند الذهبي هذا الحديث، وقال: هذا حديث غريب، وهو مما أنكر على البزي، قال أبو حاتم: هذا حديث
(١) سقط من المطبوع.
«٢٣٦٣» وَأَخْبَرَنَا الْإِمَامُ الْمُقْرِئُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ بِمَرْوٍ، وَقَالَ: أَنَا الشَّرِيفُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ محمد الزبدي بِالتَّكْبِيرِ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ بِثَغْرِ حَرَّانَ، قال ثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الْمَوْصِليُّ الْمَعْرُوفُ بِالنَّقَّاشِ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ ثنا أَبُو رَبِيعَةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الريعي، وقرأت عليه بمكة ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ قَالَ لي: قرأت عَلَى عِكْرِمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ قسطنطين وشبل بن عباد فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحى قَالَا لِي: كَبِّرْ حَتَّى تَخْتِمَ، مَعَ خَاتِمَةِ كُلِّ سُورَةٍ، فَإِنَّا قَرَأْنَا عَلَى ابْنِ كَثِيرٍ فَأَمَرَنَا بِذَلِكَ. وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ مُجَاهِدٌ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَأَخْبَرَهُ أُبَيٌّ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ.
وَكَانَ سَبَبُ التَّكْبِيرِ أَنَّ الْوَحْيَ لَمَّا احْتَبَسَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ هَجَرَهُ شَيْطَانُهُ، وَوَدَّعَهُ، فَاغْتَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ، فَلَمَّا نَزَلَ وَالضُّحى كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحًا بِنُزُولِ الْوَحْيِ، فاتخذوه سنّة [١].
- وقال العقيلي في «الضعفاء» ١/ ١٢٧: منكر الحديث، يوصل الأحاديث.
- قلت: وعكرمة بن سليمان مجهول كما تقدم، لم يوثقه أحمد، ولا روى عنه سوى البزي، وهو ضعيف، فيزيد هذا في جهالته.
- وقال الحافظ ابن كثير ٤/ ٦٢٠: أحمد البزي ضعفه أبو حاتم، لكن ورد عن الشافعي أنه سمع رجلا يكبر هذا التكبير في الصلاة، فقال: أحسنت، وأصبت السنة، حكاه أبو شامة المقدسي في «شرح الشاطبية» وهذا يقتضي صحة هذا الحديث.
- كذا قال رحمه الله؟! ولعل هذا لا يصح عن الشافعي، فإن خبرا واهيا، لا يصلح للاحتجاج به، وبخاصة إدخال شيء في الصلاة، ليس منها، والدليل على عدم صحته عن الشافعي، أنه ليس في مذهب الشافعية تكبير في الصلاة عند الانتقال من سورة إلى سورة بعد الضحى، والأشبه أن هذه السنة هي سنة عكرمة بن سليمان ذاك الشيخ المجهول، فحملها عنه البزي، ثم حملها عنه آخرون.
- ولو ثبت هذا عند الشافعي لرواه في المسند أو السنن أو الأم، بل لو صح هذا لرواة الأئمة الستة وغيرهم لاشتهاره، والصواب أن هذا سنة شيخ مجهول، والله أعلم.
- الخلاصة: الإسناد ضعيف جدا، والمتن منكر كما قال أبو حاتم وغيره، وهذا مما ينبغي أن يشتهر لو صح، فلما لم يرو إلا بهذا الطريق علم أنه شبه موضوع. [.....]
٢٣٦٣- إسناده ساقط، ففي هذا الإسناد علة زائدة على الإسناد الأول وهي أبو بكر النقاش، فإنه منكر الحديث. قال البرقاني:
كل حديث النقاش منكر، وقال طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب في الحديث «الميزان» ٣/ ٥٢٠.
- ابن كثير هو عبد الله.
(١) لا أصل له بهذا اللفظ، وتقدم هذا الحديث صحيحا دون ذكر التكبير.
- قال ابن كثير رحمه الله ٤/ ٦٢١: لم يرو ذلك بإسناد.