ﰡ
﴿ الم ﴾ هذه الأحرف التي تبدأ بها بعض السور قيل إنها أسرار محجوبة. وقيل هي أسماء لله. وقيل أقسام له تعالى. وقيل إشارة لابتداء كلام وانتهاء كلام. وقيل أسماء لتلك السور.
تفسير المعاني
ألم.
﴿ لا يفتنون ﴾ أي لا يمتحنون.
تفسير المعاني :
أخيِّل للناس أن نتركهم لمجرد قولهم آمنا من قبل أن نمتحنهم لنعلم ما هم عليه من أحوالهم النفسية ؟
ولقد امتحنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وثبتوا ليعلمن الكافرين الذين يقولون آمنا وهم كاذبون.
﴿ أن يسبقونا ﴾ أظن أنهم يفوتوننا فلا نقدر أن نجازيهم بذنوبهم ؟
تفسير المعاني :
أم حسب الذين يرتكبون الأمور السيئة أن يفوتونا فلا نقدر أن نجازيهم على ما اقترفوه من الآثام ؟ فبئس هذا الحكم الذي يحكمونه بجهلهم وغرورهم.
﴿ فإن أجل الله لآت ﴾ أي فإن الوقت الذي ضربه للقائه لآت.
تفسير المعاني :
من كان يحب لقاء الله في الجنة، فإن الموعد الذي ضربه الله للقائه لآت، وهو السميع لما يقوله العباد، العليم بعقائدهم وأعمالهم.
ومن جاهد نفسه بالصبر على تكاليف الطاعة فإنما يجاهد لنفسه لأن منفعة ذلك عائدة إليه في الدنيا والآخرة، والله تعالى لم يفرضها سخرة على الناس، وإنما قصد بها فائدتهم وهو غني عن العالمين وعن طاعتهم.
﴿ لنكفرن ﴾ تكفير الذنب محوه. ﴿ سيئاتهم ﴾ السيئات والحسنات وغيرها من الصفات قد أجريت مجرى الأسماء.
تفسير المعاني :
والذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة لنمحون أعمالهم السيئة، ولنجزيهم أحسن جزاء أعمالهم.
﴿ ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ﴾ أي بإيتائهما فعلا ذا حسن.
تفسير المعاني :
ووصينا الإنسان بوالديه أن يأتي إليهما عملا حسنا، وإن جاهداه أن يشرك بالله ما ليس به علم من الآلهة فليس له أن يطيعهما. إلى الله مرجعكم جميعا فيخبركم بما كنتم تعملون.
﴿ في الصالحين ﴾ أي في جملتهم.
تفسير المعاني :
والذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة لندخلنهم في جملة الصالحين.
﴿ فتنة الناس ﴾ أي عذاب الناس وهو ما يصيبه من أذاهم.
تفسير المعاني :
ومن الناس من يقول بلسانه : آمنا بالله، فإذا أصابه، بسبب قوله هذا، أذى من الناس سوّى بين أذى الناس وعذاب الله على ما بينهما من الفرق العظيم. ولئن جاء نصر من ربك وما يتبعه من الغنائم قالوا : إنا كنا معكم فأشركونا فيها معكم.. أغفل هؤلاء عن أن الله أعلم بما في صدور العالمين ؟
وليعلمن الذين آمنوا بقلوبهم، وليعلمن الذين لم يؤمنوا واكتفوا بالنفاق، فيجازي الفريقين كل بما يستحقه.
وقال الذين كفروا للذين آمنوا : اتبعوا ما نحن عليه ونحن نحمل عنكم ذنوبكم يوم القيامة، وما هم بحاملين عنهم شيئا وإنهم لكاذبون، فإن الإثم تقع تبعته على من ارتكبه لا على من تطوع بتحمل تلك التبعة.
وليحملن هؤلاء الكفرة أثقال ما ارتكبوه من الآثام وأثقال ما ارتكبه من قلدوهم، وإن كان ذلك لا يخلي مقلديهم من تبعتها، وليسألن يوم القيامة عما كانوا يختلقون من الأباطيل.
﴿ الطوفان ﴾ الطوفان هو ما طاف بكثرة من سيل أو ظلام أو غيرهما. والمقصود في الآية طغيان مياه البحر على اليابسة في عهد نوح.
تفسير المعاني :
ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الحق فلم يرفعوا به رأسا، فأرسل الله عليهم الطوفان فأغرقهم وهم ظالمون لأنفسهم.
وأنجينا نوحا ومن كان معه في السفينة التي أمرناه بصنعها، وجعلناها آية للعالمين.
وأرسلنا إبراهيم رسولا إلى قومه فقال لهم : اعبدوا الله واحذروه ذلكم أفضل لكم مما أنتم عليه من الأباطيل المختلقة إن كنتم تعلمون.
﴿ أوثان ﴾ أي أصناما جمع وثن. ﴿ وتخلقون إفكا ﴾ أي وتكذبون كذبا. فإن معنى خلق الكلام واختلقه كذبه. والإفك الكذب مأخوذ من الأفك وهو صرف الشيء عن وجهه، والكذب كلام مصروف عن وجهه فعله أفك يأفك.
تفسير المعاني :
يا قوم إنما أنتم تعبدون من دون الله أصناما منحوتة، وتختلقون بهتانا لا حقيقة له، إن الذين تعبدونهم لا يملكون لكم رزقا فاطلبوا الرزق إلى الله واعبدوه واشكروا له ما منحكم إياه من الصحة والقدرة على العمل، إنكم إليه راجعون فمحاسبكم على ما تعملون.
وإن تكذبوا فقد كذبت أمم من قبلكم فأهلكها الله بذنوبهم، وما على الرسول إلا التبليغ الخالي من كل إبهام.
﴿ يبدئ ﴾ أي يبدع.
تفسير المعاني :
أو لم يروا كيف يبدع الله خلق الشيء، كما في النباتات مثلا، فإذا تلاشى أعاده كما كان ؟ إن ذلك على قدرة الله شيء قليل.
﴿ النشأة الآخرة ﴾ هي إعادة الخلق في الآخرة، جعلها نشأة لأنها إخراج من العدم كالنشأة الأولى. وأنشأ الشيء أخرجه من العدم.
تفسير المعاني :
قل يا إبراهيم لقومك : سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الله الخلق على اختلاف الأجناس والأشكال، ثم هو ينشئ النشأة الآخرة يوم القيامة، إن الله على كل شيء قدير لا يعجزه بدء ولا إعادة.
﴿ وإليه تقلبون ﴾ أي وإليه ترَدون.
تفسير المعاني :
يعذب من يشاء ويرحم من يشاء له الأمر والحكم وإليه تردون.
﴿ ولي ﴾ أي صديق وناصر ومتولي أمر الإنسان.
تفسير المعاني :
وما أنتم لتعجزوا ربكم عن اللحاق بكم في الأرض ولا في السماء، وما لكم من دونه من ولي ولا نصير.
والذين كفروا بآيات الله ولقائه في الآخرة أولئك يئسوا من رحمته، وأولئك لهم عذاب أليم.
﴿ حرقوه ﴾ أي أحرقوه.
تفسير المعاني :
فما كان جواب قومه إلا أن قالوا : اقتلوه أو أحرقوه فأنجاه الله من النار، وفي ذلك آيات للمؤمنين.
﴿ أوثانا ﴾ أي أصناما جمع وثن. ﴿ مودة بينكم ﴾ أي لتتوادوا بينكم وتتواصوا لاجتماعكم على عبادتها. والمفعول الثاني لاتخذتم محذوف. وقرأها ابن عامر وأبو بكر مودة بينكم. ﴿ ومأواكم ﴾ أي محل إقامتكم. يقال أوى إلى المكان يأوي إليه أويا أي حل به وأقام فيه.
تفسير المعاني :
وكان مما قاله إبراهيم لقومه : إنما اتخذتم من دون الله أصناما لتتوادوا وتجتمعوا على عبادتها في الحياة الدنيا، ويوم القيامة لا تنفعكم هذه المودة المؤسسة على الباطل، فيكفر بعضكم ببعض، ويلعن بعضكم بعضا، ثم مآواكم إلى النار وما لكم من ناصرين.
فآمن به لوط، وقال : إني مهاجر إلى حيث أمرني ربي، أي كوني بالكوفة إلى سدوم، ورحل إبراهيم إلى فلسطين.
ووهبنا لإبراهيم إسحق ويعقوب وجعلنا في نسله النبوة والكتب الموحاة وهي الكتب الأربعة : التوراة والزبور والإنجيل والقرآن، وأحسنا إليه جزاء عمله في الدنيا، وإنه في الآخرة لفي عداد الكاملين في الصلاح.
﴿ الفاحشة ﴾ أي الفعلة الفاحشة المتناهية في القبح، وهي من الصفات التي تجري مجرى الأسماء كالسيئة والحسنة، فعلها فحش يفحش فحشا، أي تناهى في القبح.
تفسير المعاني :
وأرسلنا لوطا إلى قومه فقال لهم : إنكم لترتكبون فاحشة ما سبقكم بها أحد من العالمين.
﴿ السبيل ﴾ أي الطريق، ﴿ المنكر ﴾ الأمر المخالف للشرع والمجافي للطبع. والمراد بها هنا اللواطة وأنواع التهتك.
تفسير المعاني :
فإنكم تأتون الرجال بدل النساء، وتقطعون الطريق، وتقترفون في محل اجتماعكم العام أنواع التهتك، فما كان جوابهم إلا أن قالوا : ائتنا بعذاب الله الذي تعدنا به إن كنت صادقا فيما تدعيه من الرسالة.
فدعا ربه بالنصر عليهم.
ولما جاءت رسلنا من الملائكة إبراهيم يبشرونه بإسحق ومن بعد إسحق يعقوب قالوا له : إنا أرسلنا لنهلك أهل هذه القرية، يعنون سدوم، فقال لهم : إن فيها لوطا.
﴿ الغابرين ﴾ أي الباقين مع المحكوم عليهم. يقال غبر يغبر غبورا ذهب وبقي، وهو من الأفعال التي لها معنيان متضادان.
تفسير المعاني :
فأجابوه قائلين : نحن أعلم منك بمن فيها، فلننجيه وأهله من العذاب، إلا امرأته فإنها ستكون مع الباقين في العذاب المهين.
﴿ سيء بهم ﴾ أي حدثت له المساءة بسببهم. وهو مبني للمجهول من ساءه الأمر يسوءه أي غمه. ﴿ وضاق بهم ذرعا ﴾ الذرع أي الطاقة أي ضاقت بهم طاقته. ويقال رحب ذرعه بكذا، أي كان مطيعا له.
تفسير المعاني :
ولما أن جاءت رسلنا لوطا ساءه مجيئهم جهلا منه بهم، وضاقت بهم طاقته ولم يدر ما يفعل، فقالوا له : لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك إنه قد حكم عليها بالبقاء مع الكافرين.
﴿ رجزا ﴾ أي عذابا، مشتق من ارتجز إذا ارتجس أي اضطرب.
تفسير المعاني :
إنا منزلون على أهل هذه القرية عذابا من السماء بما كانوا يخرجون عن حدود الآداب.
ولقد تركنا منها آية بينة هي تاريخها وآثارا الباقية للآن لقوم يتفكرون.
﴿ ولا تعثوا في الأرض مفسدين ﴾ يقال عثا في الأرض فسادا أي أوغل بالإفساد فيها.
تفسير المعاني :
وأرسلنا إلى مدين أخاهم شعيبا فأمرهم بعبادة الله والعمل للآخرة وألا يفسدوا في الأرض فكذبوه فأخذتهم الزلزلة فهلكوا.
وأرسلنا إلى مدين أخاهم شعيبا فأمرهم بعبادة الله والعمل للآخرة وألا يفسدوا في الأرض فكذبوه فأخذتهم الزلزلة فهلكوا.
﴿ الرجفة ﴾ أي الزلزلة. يقال رجف يرجف رجفة أي اضطرب. ﴿ جاثمين ﴾ أي باركين على ركبهم ميتين. يقال جثم يجثم جثوما أي برك على ركبتيه.
تفسير المعاني :
واذكر يا محمد عادا وثمودا وقد ظهر لكم من مروركم على مساكنهم أننا أهلكناهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم فمنعهم عن سبيل الله، وكانوا متمكنين من النظر والاستبصار ولكنهم لم يرعووا.
﴿ سابقين ﴾ أي فائتين.
تفسير المعاني :
واذكر قارون وفرعون وهامان أولئك المتمردة العتاة جاءهم موسى بالآيات فاستكبروا عن الإيمان بها فما فاتونا بل أدركناهم وجعلناهم من الهالكين.
﴿ حاصبا ﴾ أي إعصارا حاصبا. ومعنى حاصبا أن فيه حصباء أي حصى. يقال حصبه يحصبه حصبا رماه بالحصباء. ﴿ الصيحة ﴾ هي الصرخة، سمعوها من جهة السماء فهلكوا.
تفسير المعاني :
فقد أخذنا كلا من هؤلاء المتردين بذنبه، فمنهم من أسقطنا عليه حجارة من السماء، ومنهم من أخذته الصرخة الهائلة، ومنهم من خسفنا به الأرض، ومنهم من أغرقناه، وما كان الله ليظلمهم ولكنهم كانوا يظلمون أنفسهم.
مثل الذين اتخذوا لهم من دون الله نصراء في الاعتماد على ما لا يصح الاعتماد عليه كمثل العنكبوت اتخذت لنفسها بيتا وهو من الوهن والضعف بحيث لا يحتمل أن يلمس بالإصبع، لو كانوا يعلمون ذلك ولكنهم يجهلونه.
إن الله يعلم أنهم ما يدعون من دونه شيئا، بل خيالا، وهو العزيز الحكيم.
وهذه الأمثال نضربها للناس، وما يتعلقها، ويفهم مراميها إلا العلماء الذين يتدبرون الأشياء ويرونها على حقيقتها.
﴿ بالحق ﴾ أي غير قاصد منها باطلا ولا عبثا.
تفسير المعاني :
خلق الله السماوات والأرض مريدا بهما الحق لا الباطل ولا العبث، إن في ذلك لآية للمؤمنين.
﴿ وأقم الصلاة ﴾ أي عدّل أركانها وأتقن حركاتها. ﴿ الفحشاء ﴾ المراد بالفحشاء الأمور المنكرة المتناهية في القبح. يقال فحش يفحش فحشا. أي تناهى في القبح.
تفسير المعاني :
اقرأ يا محمد الكتاب وعدل أركان الصلاة، واتقن جميع حركاتها وسكناتها، إن الصلاة وسيلة للانتهاء عن الأعمال الفاحشة وعما ينكره الطبع، وللصلاة أكبر من سائر الطاعات، والله يعلم ما تصنعون.
﴿ بالتي هي أحسن ﴾ أي بالطريقة التي هي أحسن الطرق. ﴿ مسلمون ﴾ أي مستسلمون منقادون.
تفسير المعاني :
ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالخصلة التي هي أحسن الخصال، كمقابلة خشونتهم باللين وشغبهم بالنصح، إلا الذين ظلموا منهم الإفراط في الاعتداء وقولوا لهم : آمنا بالذي أنزل إلينا وبالذي أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون، فأيّ فرق بيننا وبينكم إذن غير ما توحيه الأهواء وتوجبه الأوهام ؟
﴿ أنزلنا إليك الكتاب ﴾ أي القرآن. ﴿ فالذين آتيناهم الكتاب ﴾ رجال من كبار اليهود كعبد الله بن سلام وأبيّ بن كعب وغيرهما، والمراد بالكتاب هنا التوراة.
تفسير المعاني :
وكذلك أنزلنا إليك القرآن فالذين آتيناهم التوراة، كعبد الله بن سلام وأبيّ بن كعب من الأحبار، يؤمنون به ومن العرب أيضا من يؤمن به، وما يجحد به إلا الكافرون.
﴿ لارتاب ﴾ أي لشك. يقال رابني هذا الأمر يربيني أي حدث لي منه شك.
تفسير المعاني :
وما كنت يا محمد تقرأ من قبل القرآن كتابا، ولا تكتبه بيدك لأنك أميّ، فإن كنت قارئا وكاتبا لارتاب المبطلون، وقالوا : إنك تأتينا بما تنتحله من الكتب السابقة.
كلا، بل هو آيات واضحات المعاني يحفظها العلماء في صدورهم عناية بها، وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون.
﴿ الآيات عند الله ﴾ أي ينزلها كيف شاء.
تفسير المعاني :
وقالوا : هلا أنزلت إليه معجزات من ربه تؤيده، فقل لهم : إنما المعجزات عند الله ينزلها أي وقت أراد، وإنما أنا نذير لكم مبين.
أو لم يكفهم يا محمد أننا أنزلنا عليك هذا القرآن على ما فيه من معجزات الحكمة وأصول الشريعة، وأسس الاجتماع، وقوانين العمران ؟ إن في ذلك رحمة وعظة لقوم يؤمنون.
قل لهم : كفى بالله شاهدا علي وعليكم، ينصر المحق ويخذل المبطل، يعلم ما في السماوات والأرض، والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله هم الخاسرون.
﴿ أجل مسمى ﴾ أي ميعاد مقدّر. ﴿ بغتة ﴾ أي فجأة. يقال بغته يبغته أي فجئه.
تفسير المعاني :
ويستعجلونك يا محمد بالعذاب ولولا أننا قدّرنا لإنزال العقاب بهم وقتا اقتضته حكمتنا الأزلية، لجاءهم العذاب، وليأتينهم فجأة وهم لا يشعرون.
يستعجلونك بالعذاب، ولو عقلوا لرأوا أن جهنم محيطة بهم من الآن لما هم فيه من الكفر وسوء الحال، أو هي ستحيط بهم يوم القيامة.
﴿ يغشاهم ﴾ أي يغطيهم. يقال غشيه يغشاه غشيا وغشاه، أي غطاه وستره.
تفسير المعاني :
يوم يغطيهم العذاب من جميع جوانبهم، ويقول الله لهم : ذوقوا ما كنتم تعملون.
يا عبادي الذين آمنوا لا تقيموا حيث لا تستطيعون إظهار دينكم فإن أرضي واسعة فهاجروا حيث تأمنون عليه وإياي فاعبدوا.
كل نفس مكتوب عليها أن تذوق الموت ثم إلينا تعادون.
﴿ لنبوئنهم ﴾ أي لنسكننهم. يقال بوأه بيتا، أي أسكنه إياه. ﴿ غرفا ﴾ أي حجرا، جمع غرفة.
تفسير المعاني :
والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنسكننهم علالي من الجنة تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين.
الذين صبروا وكانوا على ربهم يتوكلون.
﴿ وكأين ﴾ أي وكم. ﴿ دابة ﴾ كل ما يدب على الأرض من حيوان يقال له دابة حتى الإنسان.
تفسير المعاني :
وكم من دابة في الأرض لا تحمل معها رزقها ولا تدخره ولا تفكر فيه، الله يرزقها ويقوم بحاجاتها، ويسهل لها حياتها بدون حول منها ولا حيلة، ويرزقكم مثلها، وهو السميع لأقوالكم العليم بضمائركم. نزلت هذه الآية حين أمروا بالهجرة من مكة فقال بعضهم : كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة.
﴿ فأنى يؤفكون ﴾ أي فأين يصرفون عن توحيد الله. يقال أفكه يأفكه أفكا، أي صرفه عن وجهه.
تفسير المعاني :
ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر لمنافعكم ؟ ليقولن : هو الله. إذن فأين يصرفون عن توحيد الله بعد إقرارهم بهذا ؟
﴿ ويقدر له ﴾ أي ويضيق عليه. يقال قدر الله عليه الرزق يقدره أي ضيّقه مثل قتره.
تفسير المعاني :
الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويضيق عليه علما منه بما يصلح كل إنسان وما يضره، فيعمل على مقتضى الحكمة.
ولئن سألتهم : من أنزل من السماء ماء فأحيا به موات الأرض ؟ ليقولن : هو الله، فالحمد لله على ما هداك لهذه الحجة عليهم، بل أكثرهم لا يعقلون.
﴿ لهي الحيوان ﴾ أي لهي الحياة الحقة. والحيوان مصدر حي سمى به ذو الحياة. وهو أبلغ من الحياة لما في بناء فعلان من الحركة والاضطراب اللازم للحياة.
تفسير المعاني :
وما هذه الحياة الدنيا التي يعولون عليها كل التعويل، ويقفون عليها جميع قواهم ومواهبهم، إلا لهو ولعب، وإن الدار الآخرة لهي الحياة الحقيقية لو كانوا يعلمون ذلك.
﴿ الفلك ﴾ السفينة تستعمل مفردة وجمعا بلفظ واحد.
تفسير المعاني :
فإذا ركبوا في السفن وأصابتهم شدة دعوا الله وحده، فإذا نجاهم عادوا إلى شركهم به.
فليكفروا بما آتيناهم من نعمة النجاة، وليتمتعوا بملذات الحياة الفانية فسوف يعلمون عاقبة ذلك.
أو لم يروا أننا جعلنا لهم حرما آمنا " الكلام عن أهل مكة " بينما العرب يختلسون قتلا وسبيا من حولهم لوجودهم في حالة حرب دائمة، أفبالأصنام يؤمنون بعد هذه النعم الإلهية الظاهرة، وبنعمة الله يجحدون ؟
﴿ مثوى ﴾ أي منزل. يقال ثوى بالمكان يثوى به ثويا أي نزل به.
تفسير المعاني :
ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا بأن له شريكا أو كذب بالحق لما جاءه " يعني الرسول أو الكتاب " أليس في جهنم مكان ينزل فيه الكافرون ؟
﴿ والذين جاهدوا فينا ﴾ أي في حقنا.
تفسير المعاني :
والذين جاهدوا في حقنا لأجل إعلاء كلمتنا لنهدينهم إلى طريق الوصول إلينا، وإن الله لمع المحسنين.