تفسير سورة العصر

معاني القرآن للزجاج
تفسير سورة سورة العصر من كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج المعروف بـمعاني القرآن للزجاج .
لمؤلفه الزجاج . المتوفي سنة 311 هـ

سُورَةُ والْعَصْرِ
(مَكِّيَّة)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى: (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)
الإنسان ههنا في معنى الناس، كما تقول: قد كثر الدرهم والدينار في
أيدي الناس، تريد قد كثر الدراهم.
وقوله: (لَفِي خُسْرٍ)
الخسرُ والخسْرانُ في معنى وَاحِدٍ.
المعنى إن الناس الكفارَ والعاملين بغير طاعة الله لفي خُسرٍ.
* * *
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)
تواصوا بالِإقامة على تَوْحِيدِ اللَّه والإيمان بنبيه عليه السلام.
(وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
على طاعة اللَّه والجهاد في سبيله والقيام بشرائع نبيه.
والعصر هو الدهر، والعصران اليوم، والعصرُ الليلة.
قال الشاعر:
ولن يَلْبَثَ العَصْرَانِ يومٌ وليلة... إِذا طَلَبَا أَن يُدْرِكا ما تَيَمَّما
359
(وَالعَصْرِ) قسم وجوابه (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ).
وقال بعضهم: معناه ورَبِّ العَصْرِ كما قال جل ثناؤه: (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ). (١)
(١) قال السَّمين:
قوله: ﴿والعصر﴾: العامَّةُ على سكونِ الصادِ. وسلام «والعَصِرْ» والصَّبِرْ «بكسرِ الصادِ والباء. قال ابنُ عطية: ولا يجوزُ إلاَّ في الوقفِ على نَقْلِ الحركةِ. ورُوِيَ عن أبي عمروٍ» بالصَّبِر «بكسرِ الباء إشماماً. وهذا أيضاً لا يجوزُ إلاَّ في الوقفِ» انتهى. ونَقَل هذه القراءةَ جماعةٌ كالهُذَليِّ وأبي الفضل الرازيِّ وابنِ خالويه. قال الهُذَليُّ: «والعَصِرْ والصَّبِرْ، والفَجِرْ، والوَتِرْ، بكسرِ ما قبل الساكنِ في هذه كلِّها هارونُ وابنُ موسى عن أبي عمروٍ والباقون بالإِسكانِ كالجماعةِ» انتهى. فهذا إطْلاقٌ منه لهذه القراءةِ في حالتي الوقفِ والوصلِ. وقال ابن خالويه: «والصَّبِرْ» بنَقْل الحركةِ عن أبي عمرو «فأطْلَقَ ايضاً. وقال أبو الفضل:» عيسى البصرة بالصَّبِرْ «بنَقْلِ حركةِ الراءِ إلى الباءِ يُحتاجَ إلى أَنْ يأتيَ ببعضِ الحركةِ في الوقفِ، ولا إلى أَنْ يُسَكَّنَ فيُجْمَعَ بين ساكنَيْن، وذلك لغةٌ شائعةٌ وليسَتْ بشاذةٍ، بل مُسْتفيضةٌ، وذلك دَلالةٌ على الإِعرابِ، وانفصالٌ من التقاءِ الساكنَيْن، وتأديةُ حقِّ الموقوفِ عليه من السكونِ» انتهى. فهذا يُؤْذِنُ بما ذَكَرَ ابنُ عطيةَ أنه كان ينبغي. وأنشدوا على ذلك:
٤٦٣٦...... واصْطِفاقاً بالرِّجِلْ... يريد بالرِّجْلِ. وقال آخر:
٤٦٣٧ أنا جريرٌ كُنْيتي أبو عَمِرْ... أَضْرِبُ بالسَّيْفِ وسَعْدٌ في القَصِرْ
والنقلُ جائزٌ في الضمة أيضاً كقوله:
٤٦٣٨............. إذْ جَدَّ النُّقُرْ... والعَصْرُ: الليلةُ واليومُ قال:
٤٦٣٩ ولن يَلْبَثَ العَصْرانِ يَوْمٌ وليلةٌ... إذا طلبا أن يُدْرِكا ما تَيَمَّما
اهـ (الدُّرُّ المصُون).
360
Icon