فيها ثلاث مسائل :
المسألة الْأُولَى : فِي سَبَبِ نُزُولِهِمَا :
رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُحِرَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلَ إلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَلَا يَفْعَلُهُ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ، أَشْعَرْت أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْته فِيهِ ؟ أَتَانِي مَلَكَانِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلِيَّ قَالَ [ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلَّذِي عِنْدَ رِجْلِي ] : مَا شَأْنُ الرَّجُلِ ؟ قَالَ : مَطْبُوبٌ. قَالَ : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ. فَقَالَ : فَبِمَاذَا ؟ قَالَ : فِي مُشْطٍ وَمُشَاقةٍ، فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذي أرْوَانَ. فَجَاءَ الْبِئْرَ وَاسْتَخْرَجَهُ ». انْتَهَى الصَّحِيحُ، زَادَ غَيْرُهُ :«فَوَجَدَ فِيهَا إحْدَى عَشْرَ عُقْدَةً، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ إحْدَى عَشْرَ آيَةً، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، حَتَّى انْحَلَّتْ الْعُقَدُ، وَقَامَ كَأَنَّمَا أَنْشَطُ مِنْ عِقَالٍ ». أَفَادَنِيهَا شَيْخُنَا الزَّاهِدُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْن عَلِيِّ بْن بَدْرَانَ الصُّوفِيُّ.
. . . . . . . .
المسألة الثَّالِثَةُ : رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :«أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُنَّ، فَذَكَرَ السُّورَتَيْنِ : الْفَلَقَ، وَالنَّاسَ » صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَفِي الصَّحِيحِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ. قَالَتْ عَائِشَةُ : فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْت أَنْفُثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا ».
قُلْت لِلزُّهْرِيِّ : كَيْفَ يَنْفُثُ ؟ قَالَ : يَنْفُثُ عَلَى يَدَيْهِ، وَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : قَالَ مَالِكٌ : هُمَا مِن الْقُرْآنِ. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمُشْكِلَيْنِ.
ﰡ
رُوِيَ أَنَّهُ الذَّكَرُ، وَرُوِيَ أَنَّهُ اللَّيْلُ، وَرُوِيَ أَنَّهُ الْقَمَرُ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَوَجْهُ أَنَّهُ الذَّكَرُ أَوْ اللَّيْلُ لَا يَخْفَى. وَوَجْهُ أَنَّهُ الْقَمَرُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْجَهْلِ وَعِبَادَتِهِ وَاعْتِقَادِ الطَّبَائِعِيِّينَ أَنَّهُ يَفْعَلُ الْفَاكِهَةَ، أَوْ تَنْفَعِلُ عَنْهُ، أَوْ لِأَنَّهُ إذَا طَلَعَ بِاللَّيْلِ انْتَشَرَتْ عَنْهُ الْحَشَرَاتُ بِالْإذَايَاتِ، وَهَذَا يَضْعُفُ لِأَجْلِ انْتِشَارِهَا بِاللَّيْلِ أَكْثَرَ مِنْ انْتِشَارِهَا بِالْقَمَرِ. وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا يُغْنِي عَن الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ.