تفسير سورة العنكبوت

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة العنكبوت من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة العنكبوت مكية أو إلا عشر آيات من أولها مدنية إلى ﴿ ولِيَعْلَمَنّ المنافقين ﴾ [ ١١ ]، أو كلها مدنية وقال علي رضي الله تعالى عنه نزلت بين مكة والمدنية.

٢ - ﴿أحسب﴾ أظن قائلو لا إله إلا الله ﴿أَن يُتْرَكُواْ﴾ فلا يختبر صدقهم وكذبهم، أو أَظَنَّ المؤمنون أن لا يؤمروا ولا ينهوا، أو أن لا يؤذوا ولا يقتلوا أو خرج قوم للهجرة فعرض لهم المشركون فرجعوا فنزلت فيهم فلما سمعوها خرجوا فقتل بعضهم وخلص آخرون فنزلت ﴿والذين جاهدوا فينا﴾ [الآية: ٦٩]. أو نزلت في عمار ومن كان يعذب في الله تعالى بمكة، أو في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه عذبه أبو جهل على إسلامه حتى تلفظ بالشرك مُكرَهاً، أو في قوم أسلموا قبل فرض الزكاة والجهاد فلما فرضا شق
504
عليهم ﴿لا يُفْتَنُونَ﴾ لا يهلكون، أو لا يختبرون في أموالهم وأنفسهم بالصبر على أوامر الله تعالى وعن نواهيه.
505
٣ - ﴿فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ بما فرض عليهم، أو بما بلاهم به. ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ﴾ فليميزن الصادق من الكاذب، أو ليظهرن لرسوله صدق الصادق. قيل نزلت في مهجع مولى عمر أول قتيل بين الصفين من المسلمين ببدر. فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " سيد الشهداء مهجع ". وقيل هو أول من يدعى إلى الجنة من شهداء المسلمين.
٤ - ﴿الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ اليهود. والسيئات الشرك ﴿يَسْبِقُونَا﴾ يعجزونا فلا نقدر عليهم، أو يسبقوا ما كتب عليهم من محتوم القضاء. ﴿يَحْكُمُونَ﴾ يظنون، أو يقضون لأنفسهم على أعدائهم. ﴿من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لاتٍ وهو السميع العليم ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغنى عن العالمين والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنكفرّنّ عنهم سيئاتهم ولنجزينّهم أحسن الذي كانوا يعملون﴾
٥ - ﴿يَرْجُواْ﴾ يخاف، أو يأمل. ﴿لِقَآءَ اللَّهِ﴾ لقاء ثوابه، أو البعث إليه ﴿أَجَلَ اللَّهِ﴾ بالجزاء في القيامة. ﴿السَّمِيعُ﴾ لأقوالكم ﴿الْعَلِيمُ﴾ باعتقادكم. {وَوَصَّيْنَا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما
505
إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين}
506
٨ - ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ﴾ ألزمناه أن يبرهما، أو ما أوصيناه به من برهما ﴿حُسْناً﴾ ﴿لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ حجة، أو لا يعلم أحد أن لله تعالى شريكاً. نزلت في سعد بن أبي وقاص حلفت أمه أن لا تأكل طعاماً حتى يرجع عن دين محمد [صلى الله عليه وسلم]، أو في عياش بن أبي ربيعة حلفت أمه كذلك وخدعه أخوه لأمه أو جهل حتى أوثقه وعاقبه. {ومن الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذى في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصرٌ من ربّك ليقولنّ إنّا كنّا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين وليعلمن الله الذين ءامنوا وليعلمنّ المنافقين وقال الذين كفروا للذين ءامنوا اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من
506
خطاياهم من شيءٍ إنّهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عمّا كانوا يفترون ٢}
507
١٣ - ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ﴾ أعوان الظلمة، أو المبتدعة إذا تُبعوا على بِدَعهم، أو محدثو السنن الجائرة إذا عمل بها بعدهم. ﴿ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ١٤ فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها ءايةً للعالمين﴾
١٤ - ﴿نُوحاً﴾ هو أول رسول بعث وبعث من الجزيرة. ﴿أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَاماً﴾ وهي مبلغ عمره لبث قبل دعائهم ثلاثمائة ودعاهم ثلاثمائة وبقي بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين، أو بعث لأربعين ودعاهم ألفاً إلا خمسين وبقي بعد الطوفان ستين فذلك ألف وخمسون " ع "، أو لبث فيهم ألفاً إلا خمسين وعاش بعد ذلك سبعين فذلك ألف وعشرون، أو بعث على ثلاثمائة وخمسين ودعاهم ألفاً إلا خمسين وبقي بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين فذلك ألف وستمائة وخمسون ﴿الطُّوفانُ﴾ المطر " ع "، أو الغرق، أو الموت مأثور قيل كان
507
الطوفان في نيسان. ﴿وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون إنّما تعبدون من دون الله أوثاناً وتخلقون إفكاً إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون وإن تكذّبوا فقد كذّب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسيرٌ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الأخرة إن الله على كل شىءٍ قديرٌ يعذّب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولىٍ ولا نصيرٍ والذين كفروا بئايات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذابٌ أليمٌ﴾
508
٢١ - ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ﴾ بالانقطاع إلى الدنيا ﴿وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ﴾ بالإعراض عنها، أو يعذب بسوء الخلق ويرحم بحسنه، أو يعذب بالحرص / [١٣٨ / ب] ويرحم بالقناعة، أو يعذب ببغض الناس له ويرحم بحبهم، أو يعذب بمتابعة البدعة ويرحم بملازمة السنة.
508
﴿فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لاياتٍ لقومٍ يؤمنون وقال إنّما أتخذتم من دون الله أوثاناً مودّة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار وما لكم من ناصرين فأمن له لوطٌ وقال إني مهاجرٌ إلى ربي إنّه هو العزيز الحكيم ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وءاتيناه أجره في الدنيا وإنّه في الآخرة لمن الصالحين﴾
509
٢٦ - ﴿لُوطٌ﴾ كان ابن أخيه وآمنت به سارة وكانت بنت عمه، أو كانت سارة أخت لوط. ﴿مُهَاجِرٌ﴾ للظالمين. فهاجر من الجزيرة إلى حَرَّان، أو من كوثى وهي سواد الكوفة إلى الشام.
٢٧ - ﴿أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا﴾ الذكر الحسن " ع "، أو رضا أهل الأديان به، أو النية الصالحة التي اكتسب بها آجر الآخرة " ح "، أو لسان صدق، أو ما أوتي في الدنيا من الأجر، أو الولد الصالح حتى إن أكثر الأنبياء من ولده.
509
{ولوطاً إذا قال لقومه إنّكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إئنّكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين قال رب انصرني على القوم المفسدين ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنّا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين قال إن فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ولما أن جاءت رسلنا لوطاً سىءَ بهم وضاق بهم ذرعاً وقالوا لا تخف ولا تحزن إنّا منجّوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنّا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها ءاية بينةً لقومٍ يعقلون وإلى مدين أخاهم شعيباً فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين فكذّبوه فأخذتهم الرّجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين وعاداً وثموداً وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلاًّ أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض
510
ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}
511
٢٩ - ﴿وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ﴾ لأن الناس انقطعوا عن الأسفار حذراً من فعلهم الخبيث، أو قطعوا الطريق على المسافرين، أو قطعوا سبيل النسل بترك النساء إلى الرجال ﴿نَادِيكُمُ﴾ مجلسكم ﴿الْمُنكَرَ﴾ كانوا يتضارطون أو يحذفون من يمر بهم ويسخرون منه مأثور، أو يأتي بعضهم بعضاً، أو الصفير ولعب الحمام والجلاهق ومضغ العِلْك وبصاق بعضهم على بعض والسؤال وحل أزرار القباء في المجلس. {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت أتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شىءٍ وهو العزيز الحكيم وتلك الأمثال
511
نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}
512
٤١ - ﴿كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ﴾ كما لا يغني عنها بيتها كذلك لا تغني عبادة الأصنام شيئاً وقيل العنكبوت شيطان مسخها الله عز وجل. ﴿خلق الله السموات والأرض بالحق إن في ذلك لآيةً للمؤمنين أتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون﴾
٤٥ - ﴿اتْلُ﴾ يا محمد على أمتك القرآن. ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ﴾ المفروضة " ع " أو القرآن، أو الدعاء إلى أمر الله تعالى. ﴿الْفَحْشَآءِ﴾ الزنا ﴿وَالْمُنكَرِ﴾ الشرك " ع "، تنهى الصلاة عنهما ما دام المصلي فيها، أو تنهى عنهما قبلهما وبعدها " ع " قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] :" من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله تعالى إلا بعداً "، أو ما تدعوهم إليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
512
نهاهم عن الفحشاء والمنكر ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ﴾ إياكم أكبر من ذكركم إياه " ع "، أو ذكره أفضل من كل شيء، أو ذكره في الصلاة أفضل مما نهت عنه من الفحشاء والمنكر، أو ذكره في الصلاة أكبر من الصلاة، أو ذكره أكبر أن تحويه عقولكم، أو ذكره أكبر من قيامكم بطاعته، أو أكبر من أن يُبقي على صاحبه عقاب الفحشاء والمنكر. {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلاهكم واحدٌ ونحن له مسلمون
513
٤٦ - ﴿بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ﴾ قول لا إله إلا الله " ع "، أو الكف عند بذل الجزية والقتال عند منعها، أو إن قالوا شراً قلنا لهم خيراً. ﴿الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ أهل الحرب، أو من منع الجزية، أو من ظلم بالإقامة على الكفر بعد ظهور الحجة، أو الذين ظلموا في جدلهم فأغلظوا لهم، منسوخة، أو محكمة. ﴿وقولوا آمنا﴾ كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية للمسلمين فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] :" لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ﴿وقولوا آمنا) {الآية﴾ (مُسْلِمُونَ} بقوله لأهل الكتاب، أو لمن آمن.
513
{وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالّذين ءاتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هاؤلاء من يؤمن به وما يجحد بأياتنا إلا الكافرون وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذا لاّرتاب المبطلون بل هو ءايات بينات في صدور الذين أتوا العلم وما يجحد بأياتنا إلا الظّالمون
514
٤٨ - ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ﴾ قبل القرآن كتاباً من الكتب المنزلة ولا / تكتبه بيمينك فتعلم ما فيه حتى يشكوا في إخبارك عنه أنه من وحي الله إليك، أو كان نعته في الكتب المنزلة أن لا يكتب ولا يقرأ فكان ذلك دليلاً على صحة نبوته. ﴿المبطلون﴾ مكذبو اليهود، أو مشركوا العرب، أو قريش لأنه لو كتب وقرأ قالوا تعلمه من غيره
٤٩ - ﴿بل هو آيات﴾ يعني النبي [صلى الله عليه وسلم] في كونه لا يقرأ ولا يكتب آيات بينات في صدور العلماء من أهل الكتاب لأنه في كتبهم بهذه الصفة، أو القرآن آيات بينات في صدور النبي [صلى الله عليه وسلم] والمؤمنين به خُصوا لحفظه في صدورهم بخلاف من قبلهم فإنهم كانوا لا يحفظون كتبهم عن ظهر قلب إلا الأنبياء ﴿الظَّالِمُونَ) {المشركون﴾ (وقالوا لولا أنزل عليه ءاياتٌ من رّبه قل إنّما الآيات عند الله وإنما أنا نذيرٌ مبين أو لم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون قل كفى بالله بين وبينكم شهيداً يعلم ما في السموات والأرض والذين ءامنوا بالباطل وكفروا بالله
514
أولئك هم الخاسرون} ٥٠،
515
٥١ - ﴿لَوْلآ أُنزِلَ﴾ اقترحوا عليه الآيات ليجعل الصفا ذهباً وتفجير الأنهار، أو سألوه مثل آيات الأنبياء كالناقة والعصا واليد وإحياء الموتى ﴿الأَيَاتُ﴾ عند الله تعالى يخص بها من شاء من الأنبياء ﴿وَإِنَّمَآ أَنَأْ نذيرٌ﴾ لا يلزمني الإتيان بالمقترح من الآيات وإنما يلزمني أنه يشهد على تصديقي وقد فعل الله تعالى ذلك وأجابهم بقوله: ﴿أو لم يَكْفِهِمْ﴾ دلالة على نبوتك القرآن بإعجازه واشتماله على الغيوب والوعود الصادقة، أو أراد بذلك ما روي أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أُتِي بكتاب في كتف فقال: " كَفَى بقوم حمقاً أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى غير نبيهم، أو كتاب غير كتابهم " فنزلت ﴿أو لم يَكْفِهِمْ﴾ ﴿لَرَحْمَةً﴾ إستنقاذاً من الضلال. ﴿وَذِكْرَى﴾ إرشاداً إلى الحق ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يقصدون الإيمان دون العناد.
٥٢ - ﴿شيهداً﴾ لي بالصدق " ع " والإبلاغ وعليكم بالكذب والعناد. ﴿بِالْبَاطِلِ﴾ إبليس، أو عبادة الأصنام ﴿الْخَاسِرُونَ﴾ لأنفسهم بإهلاكها، أو لنعيم الجنة بعذاب النار. ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب ولولا أجلٌ مسمى لجاءهم العذاب وليأتينّهم بغتةً وهم لا يشعرون يستعجلونك بالعذاب وإن جهنّم لمحيطة بالكافرين يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعلمون﴾
٥٣ - ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ﴾ عناداً، أو استهزاءً كقول النضر ﴿إن كان هذا هو االحق﴾ الآية: [٣٢ الأنفال] ﴿أَجَلٌ مُّسَمّىً﴾ القيامة، أو أجل الحياة إلى الموت وأجل الموت إلى البعث، أو النفخة الأولى أو الوقت الموقت لعذابهم. ﴿بَغْتَةً﴾ فجأة. ﴿لا يَشْعُرُونَ﴾ بنزوله قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : تقوم الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فِيه فما تصل إلى فِيه حتى تقوم الساعة ". ﴿ياعبادي الذين ءامنوا إنّ أرضى واسعة فإياي فاعبدون كل نفسٍ ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنبوّئنهم من الجنة غرفاً تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون وكأين من دابةٍ لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم.﴾
٥٦ - ﴿أَرْضِى وَاسِعَةٌ﴾ فجانبوا العصاة بالخروج من أرضهم، أو اطلبوا أولياء الله تعالى، أو رحمتي واسعة، أو رزقي واسع. ﴿فَاعْبُدُونِ﴾ بالهجرة إلى المدينة، أو بأن لا تطيعوا أحداً في معصيتي، أو فارهبون.
٥٧ - ﴿ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ﴾ كل حي ميت، أو تجد كرب الموت وشدته إرهاباً
516
لهم لِيدَعوا المعاصي، أو إعلاماً أن الرسل يموتون فلا تضلوا بموت من مات منهم.
517
٥٨ - ﴿لنثوينهم﴾ / [١٣٩ / ب] من الثواء وهو طول المقام والباء لنسكننهم ﴿غرقا﴾ الغرف أعالي البيوت وهي أنزه وأطيب من البيوت.
٦٠ - ﴿لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا﴾ بل ما تأكل بأفواهها ولا تحمل شيئاً، أو تأكل لوقتها ولا تدخر لغذها " ح "، أو يأتيها بغير طلب وذكر النقاش شيئاً لا يحل ذكره ولبئس ما قال وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الحيوان كل ما دب لا يحمل رزقه ولا يدخر إلا ابن آدم والنمل والفأر. ﴿يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾ يسوي بين القادر والعاجز والحريص والقانع ليعلم أن ذلك يقدره الله تعالى دون حول وقوة قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لما أمرهم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالهجرة خافوا الضيعة والجوع وقال بعضهم نهاجر إلى بلدة ليس فيها معاش فنزلت هذه الآية فهاجروا. {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولنّ الله فأنّى يؤفكون الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيءٍ عليم ولئن سألتهم من نّزّل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها لقولن الله قل
517
الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون وما هذه الحياة الدنيا إلا لهوٌ ولعبٌ وإنّ الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلمّا نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما ءاتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون}
518
٦٤ - ﴿الحيوان﴾ الحياة الدائمة. قال أبو عبيدة: الحيوان والحياة واحد. ﴿أو لم يروا أنّا جعلنا حرماً ءامناً ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ٦٧ ومن أظلم ممن أفترى على الله كذباً أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوىً للكافرين والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين﴾
٦٧ - ﴿وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ﴾ بالقتل والسبي ﴿أَفَبِالْبَاطِلِ﴾ الشرك، أو إبليس ﴿وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ﴾ بعافيته " ع "، أو عطائه وإحسانه أو بالهدى الذي جاء به الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو بإطعامهم من جوع وأمنهم من خوف.
518
٦٧ - ﴿افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً﴾ جعل له شريكاً وولداً. ﴿بِالْحَقِّ﴾ التوحيد أو القرآن، أو محمد [صلى الله عليه وسلم]. ﴿مثوى﴾ مستقر.
518
﴿ افترى على الله كذباً ﴾ جعل له شريكاً وولداً. ﴿ بالحق ﴾ التوحيد أو القرآن، أو محمد صلى الله عليه وسلم. ﴿ مثوى ﴾ مستقر.
٦٩ - ﴿جَاهَدُواْ﴾ أنفسهم في هواها، أو العدو بالقتال، أو اجتهدوا في الطاعة وترك المعصية، أو تابوا من ذنوبهم جهاداً لأنفسهم. ﴿سُبُلَنَا﴾ طريق الجنة، أو دين الحق، أو نعلمهم ما لا يعلمون، أو نخلص نياتهم في الصوم والصلاة والصدقة. ﴿لمع المحسنين﴾ بالنصر والمعونة.
519
سورة الروم
مكية اتفاقاً

بسم الله الرحمن الرحيم

{الم غلبت الروم في اذنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضعٍ سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصرمن يشاء وهو العزيز الرّحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولاكن أكثر النّاس لا يعلمون يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الأخرة هم غافلون ١، ٢،
520
Icon