تفسير سورة العنكبوت

التيسير في أحاديث التفسير
تفسير سورة سورة العنكبوت من كتاب التيسير في أحاديث التفسير .
لمؤلفه المكي الناصري . المتوفي سنة 1415 هـ
سورة العنكبوت
والآن وقد انتهينا بفضل الله وتوفيقه من تفسير " سورة القصص " المكية نشرع_ بعون الله ومشيئته في تفسير " سورة العنكبوت " المكية أيضا، وإنما سميت " سورة العنكبوت " لقول الله تعالى فيها :﴿ مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ﴾.

وقد جاءت فاتحتها مبدوءة بالحروف الهجائية المقطعة على غرار السور الثلاثة السابقة عليها : سورة الشعراء، وسورة النمل، وسورة القصص ﴿ بسم الله الرحمان الرحيم. ألم ﴾ وهذه الحروف هنا هي الألف واللام والميم،
وفي فاتحة هذه السورة تصدى كتاب الله لتعريف المومنين الصادقين بأن ما هم عليه من إيمان وصدق لا بد أن يجلب لهم كثيرا من المتاعب، فالمعركة الدائرة بين الخير والشر والحق والباطل لا تفتر أبدا، وما عليهم إلا أن يوطنوا أنفسهم على الصمود في وجه الباطل، وتحمل ما تفاجئهم بع الأيام من الفتن والمحن، فمن لم يثبت ولم يصمد أمام المحنة والفتنة اندرج في عداد الكاذبين، ولم يكن من المومنين الصادقين، وذلك قوله تعالى :﴿ أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ﴾
ونبه كتاب الله إلى أن الذين يعملون السيئات، ظنا منهم أن الله لا يراهم ولا يحاسبهم، لن يفلتوا من قبضة الله، وأنه سيؤاخذهم بما كسبوا عاجلا وآجلا، وذلك قوله تعالى :﴿ أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ﴾.
ثم بشر المومنين الصادقين بثمرة جهادهم للنفس، وثمرة جهادهم لأعداء الحق، فقال تعالى :﴿ من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم ﴾
الربع الثالث من الحزب الأربعين في المصحف الكريم
بعدما تحدث كتاب الله في الآيات الأولى من سورة العنكبوت عما يتعرض له الإنسان من فتن ومحن، وما يلزمه من الصبر عليها في سبيل الحفاظ على عقيدته المثلى، والتمسك بدين الحق، نبه كتاب الله إلى نوع دقيق من الفتنة قد يتعرض له المومن الصادق من أقرب الأقربين إليه، ألا وهو أن يكون أبوه وأمه على خلاف عقيدته وأن يحاول كل منهما الضغط عليه لمتابعتهما على الباطل، بدلا من بقائه على العقيدة الصحيحة التي اعتنقها عن بينة واقتناع، كما وقع من بعض الوالدين عند بدء ظهور الإسلام، ففي هذه الحالة يوصي كتاب الله بأمرين اثنين :
الأمر الأول له علاقة بالجانب الإنساني ورابطة الأبوة والبنوة، وهو يقضي بوجوب معاملة الولد لوالديه معالمة حسنة يتحقق معها معنى البرور بالوالدين، والأمر الثاني له علاقة بالجانب الاعتقادي ورابطة الفرد مع خالقه ورازقه الذي يحيي ويميت، وهو يقضي بوجوب التمسك بالحق في وجه الباطل، ولو كان الوالدان هما الداعيان إليه والمحرضان عليه، إذ ان الفرد مسؤول عن عقيدته أمام الله قبل كل شيء، ولا يعد الثبات على الحق في وجه الباطل " عقوقا " للوالدين، بينما متابعتهما على الباطل من أقبح المعاصي في الدين، وذلك قوله تعالى :﴿ ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ﴾. إلا أن الإحسان الذي أمر الله به في حق الوالدين يقتضي أن يكون رفض طاعتهما في الباطل مصحوبا برفق ولين، دون عنف ولا قول مشين، وذلك هو السر في تقديم الوصية بالإحسان إليهما، حتى يكون الإحسان هو الطابع السائد في معاملتهما.
ونظرا لاختلاط معنى البر والعقوق في نظرالوالدين متى كانا على غير حق، عقب كتاب الله بما يفيد ان الفصل في هذا النزاع مرده إلى الله، فهناك يعرف المبطل من المحق، وإلى ذلك يشير قوله تعالى :﴿ إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ﴾.
وحيث ان الثبات على الحق له الاعتبار الأول في مقامات الدين، فقد بشر كتاب الله من تمسك به وثبت عليه، بالدخول في زمرة الصالحين، وذلك قوله تعالى :﴿ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ﴾. والدخول في زمرة الصالحين هو متمنى الأنبياء والمرسلين، قال تعالى في التنويه بشأن إبراهيم عليه السلام :﴿ وإنه في الآخرة لمن الصالحين ﴾ [ البقرة : ١٣٠ ]، وقال تعالى على لسان سليمان وهو يدعو ربه :﴿ وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ﴾ [ النمل : ١٩ ].
ووصف كتاب الله حال المذبذبين في العقيدة من ضعفاء النفوس، مبينا أنهم متى تعرضوا لنوع من أنواع الأذى في سبيل الله استعظموا الأمر وتراجعوا إلى الوراء، وتلمسوا رضا الناس عنهم بدلا من رضا الله، وعلى العكس من ذلك متى جاء النصر من عند الله حشروا أنفسهم في عداد المومنين، وأكدوا لمن لا يعرفهم انهم كانوا في طليعة المنتصرين، لكن الله تعالى مطلع على سرائرهم، ولا يخفى عليه شيء من أمرهم، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى :﴿ ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين ﴾، على غرار قوله تعالى في آية أخرى :﴿ ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ﴾ [ الحج : ١١ ]،
ثم عقب كتاب الله قائلا :﴿ وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ﴾.
وانتقل كتاب الله إلى وصف مزاعم أئمة الكفر وزعماء الضلال، ممن يدعون الناس إلى متابعتهم على الباطل، متعهدين لهم، مقابل ذاك بحمل خطاياهم وتحريرهم من كلفة الحساب وتبعة العقاب، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى :﴿ وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون ﴾ قال جار الله الزمخشري : " ونرى في المتسمين بالإسلام من يستن بأولئك، فيقول لصاحبه إذا أراد ان يشجعه على ارتكاب بعض العظائم، افعل هذا وإثمه في عنقي، وكم من مغرور بمثل هذا الضمان، من ضعفة العامة وجهلتهم ".
وأكد كتاب الله ان أولئك الذين تعهدوا بحمل خطايا أتباعهم سيحملون خطايا أنفسهم مع خطايا أولئك الأتباع المضللين، وبذلك يطول حسابهم، ويتضاعف عقابهم، جزاء وفاقا، وذلك قوله تعالى :﴿ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾.
سورة العنكبوت
والآن وقد انتهينا بفضل الله وتوفيقه من تفسير " سورة القصص " المكية نشرع_ بعون الله ومشيئته في تفسير " سورة العنكبوت " المكية أيضا، وإنما سميت " سورة العنكبوت " لقول الله تعالى فيها :﴿ مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ﴾.
وتذكيرا للإنسان، أي إنسان كان، حتى يفر من الشرك ويدخل في حظيرة الإيمان، وتحذيرا للمومن حتى لا ينقلب على عقبيه، ويتورط فيما يجلب له سوء العاقبة وقبح المصير، عرض كتاب الله في هذه السورة جملة من قصص الأنبياء والمرسلين، مذكرا بما كان عليه أقوامهم من وجوه الانحراف في العقيدة والمعاملة والسلوك، ومعرفا ببعض ما دار بينهم وبين أولئك الأقوام من حوار وحجاج، وما أدى إليه إصرار المبطلين على باطلهم من عقاب إلهي صارم، وذلك قوله تعالى في قصة نوح :﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ﴾،
ونظرا إلى أن كتاب الله عندما ذكر الطوفان الذي عاقب به قوم نوح لم يحدد زمن وقوعه ولا مدة استمراره، فلا يسعنا إلا الوقوف عند ما جاء في كتاب الله، ولا يسوغ لنا بعد ذلك التقول على الله.
سورة العنكبوت
والآن وقد انتهينا بفضل الله وتوفيقه من تفسير " سورة القصص " المكية نشرع_ بعون الله ومشيئته في تفسير " سورة العنكبوت " المكية أيضا، وإنما سميت " سورة العنكبوت " لقول الله تعالى فيها :﴿ مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ﴾.
﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾
وكما وصف كتاب الله سوء العاقبة التي تعرض لها أعداء الإيمان، وصف لرسوله في نفس السياق حسن العاقبة التي أكرم الله بها أولي العزم من الرسل، فقال تعالى في شأن نوح :﴿ فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين ﴾ على غرار قوله تعال فيما يأتي من سورة الصافات :﴿ سلام على نوح في العالمين، إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ [ ٧٩، ٨٠ ]، وقال تعالى في شأن إبراهيم :﴿ فأنجاه الله من النار، إن في ذلك لآيات لقوم يومنون ﴾. وكما أنجى الله نوحا وإبراهيم من سطوة العتاة الأشرار سينجي نبيه كلما حفت به المكاره والأخطار، مصداقا لقوله تعالى :﴿ ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك، حقا علينا ننج المومنين ﴾ [ يونس : ١٠٣ ].
سورة العنكبوت
والآن وقد انتهينا بفضل الله وتوفيقه من تفسير " سورة القصص " المكية نشرع_ بعون الله ومشيئته في تفسير " سورة العنكبوت " المكية أيضا، وإنما سميت " سورة العنكبوت " لقول الله تعالى فيها :﴿ مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ﴾.
وقوله تعالى في قصة إبراهيم :﴿ وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ﴾
﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا ﴾.
وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم وهو يدعو قومه :﴿ فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه ﴾ يلاحظ فيه الجمع بين طلب الرزق من الله، والقيام بعبادة الله، وإنما كان الأمر الأول سابقا، والأمر الثاني لاحقا، لأن الإنسان لا يمكنه القيام بالعبادة على وجهها الصحيح إلا بعد كفاية ضروريات وحاجياته، قال الإمام القشيري : " فبالقوة يمكنه أداء العبادة، وبالرزق يجد القوة " ﴿ واشكروا له ﴾ حيث كفاكم أمر الرزق حتى تمكنتم من عبادته ﴿ إليه ترجعون ﴾.
*خ وعرض كتاب الله في ثنايا قصة نوح وقصة إبراهيم ما فيه أسوة حسنة، وموعظة وذكرى لرسوله الصادق الأمين، فقوله تعالى هنا في بداية قصة نوح :﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ﴾ تثبيت لفؤاد رسوله على الحق، وضرب للمثل بصبر نوح على متاعب الدعوة إلى الله، والقيام بأعبائها، والصمود في وجه أعدائها جيلا بعد جيل، مدة جاوزت الحد في الطول والامتداد، فما على خاتم الأنبياء والمرسلين إلا أن يصمد ويثابر، ويصبر ويصابر ﴿ والعاقبة للمتقين ﴾ [ الأعراف : ١٢٨ ]، وقوله تعالى في قصة إبراهيم :﴿ فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه ﴾ يبين إلى أي حد بلغت قسوة قوم إبراهيم وعداوتهم للحق، كما بين في نفس الوقت إلى أي حد بلغ ثبات إبراهيم وتضحيته في سبيل الحق، فما على وارث سر إبراهيم ومحيي ملته من بعده، إلا أن يتحمل أذى قومه، ويأخذ رسالته بقوة، إلى أن يدخل الناس في دين الله أفواجا
*خ/.
ومما يحسن التنبيه إليه أنه إلى جانب ما حكاه كتاب الله عن قصة إبراهيم مع قومه أورد عدة آيات أخرى تخللت نفس القصة، لمجابهة خصوم الرسالات الإلهية حيثما كانوا وأينما وجدوا، فقال تعالى :﴿ وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين ﴾، إشارة إلى أن وجود المكذبين بالحق إلى جانب المصدقين به أمر معروف في كل عصر وكل جيل، ما دام يوجد في العالم قوم لا هم لهم إلا التضليل والتدجيل،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨:ومما يحسن التنبيه إليه أنه إلى جانب ما حكاه كتاب الله عن قصة إبراهيم مع قومه أورد عدة آيات أخرى تخللت نفس القصة، لمجابهة خصوم الرسالات الإلهية حيثما كانوا وأينما وجدوا، فقال تعالى :﴿ وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين ﴾، إشارة إلى أن وجود المكذبين بالحق إلى جانب المصدقين به أمر معروف في كل عصر وكل جيل، ما دام يوجد في العالم قوم لا هم لهم إلا التضليل والتدجيل،

لكنهم إذا اعتبروا بعاقبة من سبقهم من المكذبين امتنعوا من التكذيب، وارتدعوا خوفا من التعذيب، وصدقوا بما جاء به الرسول من البلاغ والبيان، المؤيد بالحجة والبرهان، وقال تعالى :﴿ أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ﴾ إشارة إلى ما يتجدد ويشاهد كل لحظة من لحظات الزمان، من الخلق الجديد الذي لا ينقطع في عالم النبات والحيوان والإنسان، فضلا عن بقية الأكوان، فالخلق كله يتجدد باستمرار، تحقيقا لمشيئة الله الفاعل المختار، مصداقا لقوله تعالى :﴿ يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها ﴾ [ الروم : ١٩ ]، وقوله تعالى :﴿ إن ربك هو الخلاق العليم ﴾ [ الحجر : ٨٦ ]. ومن تأكد من إعادة الخلق في الدنيا عن طريق المشاهدة والعيان، كيف يسوغ له أن يقابل إعادة الخلق في الآخرة بالجحود والنكران، مع أن إعادة أي شيء كيفما كان، في المنطق المعتاد عند البشر، تعتبر دائما أسهل وأيسر، ﴿ إن ذلك على الله يسير ﴾.
وإغراء بالمزيد من البحث في خلق الله، للتمكن أكثر فأكثر من معرفة الله، وتقدير قدرته وحكمته حق قدرهما، بعد التعمق في العلم بهما، خاطب الحق سبحانه وتعالى أولي الألباب، فقال تعالى :﴿ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ﴾ وهذه الآية تصدق بمحاولة البحث عن كيفية بدء الخليقة، وعن نشأة الحياة في الأرض وانتشارها وتطورها، والكشف عن أنواع الأحياء التي تعاقبت على سطحها، والإلمام بمختلف طبقاتها، والتعرف على مدخراتها وثروتها، إلى غير ذلك من الأبحاث والدراسات التي تندرج تحت قوله تعالى :﴿ فانظروا كيف بدأ الخلق ﴾، ومن فتح عقله وقلبه للتعرف على مثل هذه الحقائق الثابتة لا يسعه إلا أن يتلو بلسانه وقلبه وعقله، عن بينة واقتناع، قول الله تعالى في نفس المقام، دون تردد ولا إحجام :﴿ ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير ﴾.
ثم عاد كتاب الله، إلى مواجهة الذين يجادلون في الله بغير علم، مبينا لهم ولغيرهم أنهم مهما جادلوا وعاندوا، وعصوا وتمردوا، فلن يفلتوا من قبضة الله، ولن ينفذوا من أقطار السموات والأرض المحيطة بهم من كل جانب، إذ هم سجناؤها في الحياة وبعد الموت، فيد الله فوق أيديهم، وحكمه نافذ فيهم، أحبوا أم كرهوا، وذلك قوله تعالى :﴿ يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ﴾
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:ثم عاد كتاب الله، إلى مواجهة الذين يجادلون في الله بغير علم، مبينا لهم ولغيرهم أنهم مهما جادلوا وعاندوا، وعصوا وتمردوا، فلن يفلتوا من قبضة الله، ولن ينفذوا من أقطار السموات والأرض المحيطة بهم من كل جانب، إذ هم سجناؤها في الحياة وبعد الموت، فيد الله فوق أيديهم، وحكمه نافذ فيهم، أحبوا أم كرهوا، وذلك قوله تعالى :﴿ يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ﴾
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:ثم عاد كتاب الله، إلى مواجهة الذين يجادلون في الله بغير علم، مبينا لهم ولغيرهم أنهم مهما جادلوا وعاندوا، وعصوا وتمردوا، فلن يفلتوا من قبضة الله، ولن ينفذوا من أقطار السموات والأرض المحيطة بهم من كل جانب، إذ هم سجناؤها في الحياة وبعد الموت، فيد الله فوق أيديهم، وحكمه نافذ فيهم، أحبوا أم كرهوا، وذلك قوله تعالى :﴿ يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ﴾
سورة العنكبوت
والآن وقد انتهينا بفضل الله وتوفيقه من تفسير " سورة القصص " المكية نشرع_ بعون الله ومشيئته في تفسير " سورة العنكبوت " المكية أيضا، وإنما سميت " سورة العنكبوت " لقول الله تعالى فيها :﴿ مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ﴾.
وقول إبراهيم لقومه فيما حكاه عنه كتاب الله :﴿ إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ﴾ يكشف الستار عن حقيقة متعارفة في سلوك الفئات الضالة في كل عصر، ألا وهي التعاون على إطفاء نور الحق، والتواطؤ على نصرة الباطل وتضليل الخلق، أما " المودة " التي يتظاهرون بها حفظا لمصلحتهم، وضمانا لسيطرتهم، فإنما هي ستار براق، وسينكشف يوم القيامة ما كانوا عليه في الباطن من شقاق ونفاق، وذلك قوله تعالى في ختام هذا الربع، مخاطبا لهم خطاب تبكيت وتوبيخ :﴿ ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ﴾.
الربع الأخير من الحزب الأربعين في المصحف الكريم
يواصل كتاب الله في هذا الربع وصف قصة إبراهيم، ويتبعها بقصة لوط، ثم يستعرض نماذج من الأقوام التي هلكت، لخروجها عن المنهج الإلهي القويم، كقوم لوط وعاد وثمود، ونماذج من الأفراد الذي طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، كقارون وفرعون وهامان.
أما تمام قصة إبراهيم التي مضى جزء منها في الربع الماضي فهي أن إبراهيم عليه السلام قد هدى الله على يديه ابن أخيه لوطا، فكان أول من صدقه وآمن به، وأدرك سر الله في تحويل النار عن طبيعتها عندما رماه قومه فيها، وجعلها بردا عليه وسلاما ﴿ فآمن له لوط ﴾. وعندما أحس إبراهيم بوحي من ربه أن قومه لن يتراجعوا عن ضلالهم القديم، ولن يومنوا بدعوته التي جاء بها من عند الله، لم يقف مكتوف اليد، بل قرر هجرهم والبعد عنهم، والانتقال إلى مكان آخر أنسب لدعوته، وإلى قوم آخرين أكثر استعدادا لقبولها ﴿ وقال إني مهاجر إلى ربي ﴾، وبذلك سن لذريته من بعده سنة الهجرة، حتى قيل : " لكل نبي هجرة "، فهاجر محيي ملته، ومجدد دعوته، خاتم الأنبياء والمرسلين من مكة إلى المدينة، وإنما قال ﴿ إلى ربي ﴾ لأنه لم يهاجر إلى أي مكان كان بدافع شخصي، بل ولى وجهه بالخصوص نحو المكان الذي أمره الله بالتوجه إليه، ثم ذيل إبراهيم ذلك بقوله :﴿ إنه هو العزيز الحكيم ﴾ اقتناعا منه بأن الله تعالى لن يكله إلى نفسه متى فارق قومه، بل سيحميه من مكرهم ومكر كل ذي مكر، لأنه سبحانه ( عزيز ) ﴿ ولله العزة ولرسوله وللمومنين، ولكن المنافقين لا يعلمون ﴾ [ المنافقون : ٨ ] وإيمانا منه بأن تصرفات الله في خلقه كلها حكمة وسداد، وأن الإذن له بالهجرة بشير سعد وفأل خير، لأنه سبحانه ( حكيم ) ﴿ إنه هو العزيز الحكيم ﴾.
وإكراما من الله لإبراهيم الخليل أقر عينه ووهب له من فضله ذرية صالحة كانت على رأس الصالحين من عباده، وذلك قوله تعالى هنا :﴿ ووهبنا له إسحاق ويعقوب ﴾ على غرار قوله تعالى في آية أخرى :﴿ فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب، وكلا جعلنا نبيئا ﴾ [ مريم : ٤٩ ]. أما إسحاق فهو ولد إبراهيم الأكبر، وأما يعقوب فهو ولد إسحاق وحفيد إبراهيم الأظهر، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى :﴿ أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ﴾ [ البقرة : ١٣٣ ] وعم فضل الله وكرمه إبراهيم وذريته، فاتخذ الله إبراهيم خليلا، وجعله للناس إماما، وجعل في ذريته النبوءة والكتاب، وذلك قوله تعالى :﴿ وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ﴾. والمراد " بالكتاب " هنا جنس الكتاب، فيدخل تحته كل ما نزل على ذرية إبراهيم من الكتب الأربعة، التي هي التوراة والزبور والإنجيل والقرآن، ومن أبرز البارزين في ذريته الطاهرة ابنه إسماعيل الذبيح عليه السلام، الذي اختار الله لختم نبوته ورسالته، نبيا من أرومته وسلالته، فتحققت على يده دعوة أبيه إبراهيم، ونال من ربه كل ثناء وتكريم.
ثم نوه كتاب الله بالمقام المحمود الذي خص به إبراهيم، فقال تعالى :﴿ وآتيناه أجره في الدنيا ﴾ قال عكرمة : معنى ﴿ وآتيناه أجره في الدنيا ﴾ إجماع أهل الملل عليه، فالملل كلها تدعيه وتقول هو منا "، وقال فخر الدين الرازي : " قد بدل الله أحوال إبراهيم في الدنيا بأضدادها، فبعدما كان وحيدا فريدا معرضا من قومه لعذاب النار بدل الله وحدته بالكثرة، حتى ملأ الدنيا من ذريته، وبعدما كان أقاربه الأقربون ضالين مضلين ومن جملتهم آزر بدله الله منهم بذريته، فجعل فيهم النبوة والكتاب، وبعد أن كاد يكون شخصا مجهولا حتى قال قائلهم : " سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم " أصبح " إمام المرسلين " وصارت الصلاة عليه تقرن بالصلاة على سائر الأنبياء إلى يوم الدين " وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في نفس السياق :﴿ وإنه في الآخرة لمن الصالحين ﴾.
وواضح أن كتاب الله عندما ساق قصة إبراهيم التي تمثل منتهى الصبر والثبات على الدين الحق، ووصف لنبيه بدايتها ونهايتها، إنما أراد ان يقدم له نموذجا مثاليا يستحق أن يكون له خير أسوة وقدوة، في البداية والنهاية، وإذا كان الله سبحانه قد بارك لإبراهيم في هجرته، وبارك له في ذريته، وآتاه أجره في الدنيا وجعله في الآخرة من الصالحين، فإن خاتم الأنبياء والمرسلين الذي أرسله الله بالملة الحنيفية السمحة، سينال من ربه الجزاء الأوفى في دنياه، والمقام المحمود في أخراه، وسيبارك له في هجرته، كما يبارك له في ذريته، وسيرفع ذكره في العالمين، كما جعل لإبراهيم " لسان صدق " في الآخرين.
واقتصر كتاب الله عند وصف الحوار الذي دار بين لوط وقومه في هذه السورة على موضوع الشذوذ والانحراف، الذي بلغوا به حد " الاسراف "، من دون ان يشير إلى ما كان يدعوهم إليه في نفس الوقت من توحيد الله وعبادته، والتمسك بطاعته، مما أثبته على لسانه في سور أخرى، إذ كان يقول لهم :﴿ اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ﴾، فقال تعالى حكاية عن لوط وهو يصف شناعة أحوالهم، وفحش أعمالهم وأقوالهم :﴿ ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ﴾
وقد وصف كتاب الله على لسان لوط هنا وفي سورتين أخريين الحرب العوان التي أشهرها على الشذوذ الجنسي، فظلت قائمة ضده في كل مكان وكل زمان، وقد أطلق عليه هنا لفظ " الفاحشة " معرفا " بأل " الدالة على ان هذه الشهوة الخسيسة بلغت الغاية في الفحش والقبح، لكونها أمرا يشمئز منه الطبع السوي، وتنفر منه الفطرة السليمة، بينما وصف كتاب الله معصية الزنى بكونها " فاحشة "، وأتى بلفظ الفاحشة منكرا من دون " تعريف بأل "، فقال تعالى :﴿ ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ﴾ [ الإسراء : ٣٢ ]، وواضح ان اشتراك هاتين المعصيتين في اسم الفاحشة يستلزم تماثلهما في نفس العقوبة الشرعية، فما شرع زاجر في إحداهما يشرع زاجرا في الأخرى، على أن الشذوذ الجنسي في نظر الشريعة أحرم وأفحش، فكان بالعقوبة أحرى، كما حققه القاضي أبو بكر ( ابن العربي ) المعافري.
﴿ أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر ﴾.
وقد آخذ لوط قومه في نفس الآية بجملة من المخالفات والمعاصي، منها قطع السبيل على المارة وتهديد الأمن العام، والمجاهرة بالمنكر والتواطؤ عليه من دون حياء ولا احتشام، علاوة على الفاحشة الكبرى التي ابتدعوها وأسرفوا بها وفيها، حتى لم يعودوا يعرفون ويذكرون إلا بها.
لكن بدلا من ان يستجيب له قومه ويرجعوا إلى جادة الصواب والميل الطبيعي للفطرة، أصروا على ما هم فيه، وأخذوا يتحدونه أن يأتيهم بعذاب الله، استهزاء وسخرية ﴿ فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين ﴾.
ولما اقتنع لوط عليه السلام بإصرار قومه على ما هم فيه، وباستشراء الفساد فيهم إلى حد أنه لم يعد يرجى منهم ولا من عقبهم خير ولا صلاح، استنصر عليهم بالله عسى أن يحل بهم عقاب الله ﴿ قال رب انصرني على القوم المفسدين ﴾ كما قال نوح من قبله بعدما يئس من قومه :﴿ رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ﴾ [ نوح : ٢٦، ٢٧ ].
ومن قصة إبراهيم انتقل كتاب الله إلى قصة لوط، ولا غرابة في ذلك، فبين القصتين ارتباط ناشئ عن القرابة الروحية والعائلية القائمة بين الاثنين، حتى ان إبراهيم لما أخبره الملائكة بأنهم موكلون بإهلاك قوم لوط والقضاء على قريتهم الظالمة انزعج لذلك، خوفا من ان يشمل عقاب الله لهم لوطا نفسه، ولم تنسه البشرى الخاصة به وبأهله، التي حملها إليه الملائكة الكرام، ما يمكن ان يتعرض له لوط وأهله من الخطر، وذلك ما ينطق به كتاب الله تعالى وهو يصفه إذ يقول :﴿ ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين ﴾ والمراد " بالبشرى " هنا البشرى بولده إسحاق وحفيده يعقوب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣١:ومن قصة إبراهيم انتقل كتاب الله إلى قصة لوط، ولا غرابة في ذلك، فبين القصتين ارتباط ناشئ عن القرابة الروحية والعائلية القائمة بين الاثنين، حتى ان إبراهيم لما أخبره الملائكة بأنهم موكلون بإهلاك قوم لوط والقضاء على قريتهم الظالمة انزعج لذلك، خوفا من ان يشمل عقاب الله لهم لوطا نفسه، ولم تنسه البشرى الخاصة به وبأهله، التي حملها إليه الملائكة الكرام، ما يمكن ان يتعرض له لوط وأهله من الخطر، وذلك ما ينطق به كتاب الله تعالى وهو يصفه إذ يقول :﴿ ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين ﴾ والمراد " بالبشرى " هنا البشرى بولده إسحاق وحفيده يعقوب.
واستجاب الله دعاء لوط على قومه، فأرسل ملائكته تنفيذا لوعيده فيهم، ورغما عن مقام النبوة الذي خص الله به لوطا، فقد خشي لوط على نفسه من أن يعمه عقاب الله مع قومه الظالمين المفسدين، لكن الملائكة هدأوا روعه كما هدأوا روع قريبه إبراهيم من قبل، وذلك قوله تعالى :﴿ ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين ﴾،
ثم أخبروا لوطا بما سينزل بقومه من العقاب جزاء تحديهم له، واستهزائهم بعذاب الله، وذلك قوله تعالى :﴿ إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء ﴾ أي عذابا صدر القضاء به من السماء ﴿ بما كانوا يفسقون ﴾. وقد وضحت الآيات الكريمة الواردة في سورة هود وسورة الحجر نوع العذاب الذي تعرض له قوم لوط، وهو ان الله تعالى دمر عليهم قريتهم فجعل عاليها سافلها، ورجمهم فأمطر عليهم حجارة من سجيل.
واستنادا إلى ما عاقب الله به قوم لوط حيث أمطر عليهم حجارة، ذهب الإمام مالك وغيره إلى أن من سلك مسلكهم وفعل فعلهم يجب أن تطبق عليه بالخصوص عقوبة الرجم، إذ ما جرى على المثل يجري على المماثل، وقد طبق عبد الله بن الزبير هذه العقوبة، على أربعة من الأزواج المحصنين ارتكبوا نفس الجريمة، واكتفى في ثلاثة ارتكبوها ولم يكونوا محصنين بعقوبة الجلد، وذلك بمحضر عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس.
ثم قال تعالى :﴿ ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ﴾، إشارة إلى أنه ترك مكان قريتهم عبرة للمعتبرين، حتى يرتدع عن ممارسة هذه الفاحشة كل من سمع خبرهم ممن يأتي بعدهم ولو بعد حين، على غرار قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وإنكم لتمرون عليهم مصبحين، وبالليل أفلا تعقلون ﴾ [ الصافات : ١٣٧، ١٣٨ ].
وذكر كتاب الله في هذا السياق بقصة شعيب مع مدين، لكنه أجملها في آيتين اثنتين، فقال تعالى في الآية الأولى :﴿ وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين ﴾. وقد فصل كتاب الله قصة شعيب مع مدين في سورة الأعراف، ابتداء من الآية الخامسة والثمانين إلى الآية الرابعة والتسعين، كما فصلها في سورة هود ابتداء من الآية الرابعة والثمانين إلى الآية الخامسة والتسعين، وكان على رأس ما يؤاخذهم به ويحضهم على تركه ما ألفوه في تجارتهم، من غشهم للناس في الميزان والمكيال، واستغلالهم للضعفاء أسوأ استغلال، وتصرفهم السيء فيما بين أيديهم من الثروات والأموال.
وقال تعالى في الآية الثانية، مشيرا إلى عقاب أهل مدين :﴿ فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ﴾، على غرار ما سبق في سورة الاعراف. والمراد " بالرجفة " الزلزلة، ووصف كتاب الله في سورة هود أيضا ما لقوه من العذاب المقارن للرجفة، فقال تعالى :﴿ وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ﴾ [ الآية : ٩٤ ]. و " الصيحة " تصدق بالأصوات الهائلة المزعجة، التي متى بلغت الغاية في القوة والإزعاج لم يعد في طوق أي إنسان أن يسمعها، وبمجرد سماعها تضطرب أعصابه، ويرتجف فؤاده، ويقع صريعا من صدمة الفزع والجزع، مصداقا لقوله تعالى في سورة يس :﴿ إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون ﴾ [ الآية : ٢٩ ] ومتى وقعت الصيحة قارنتها الرجفة في الحين.
ومن لطائف أسلوب القرآن انه كلما كان لقوم نبي نسب معلوم اشتهروا به عند الناس ذكر كتاب الله اسمهم، كما ذك قوم شعيب باسمهم هنا فقال :﴿ وإلى مدين أخاهم شعيبا ﴾ وكما ذكر في آيات أخرى قوم هود فقال :﴿ وإلى عاد أخاهم هودا ﴾، وقوم ثمود فقال :﴿ وإلى ثمود أخاهم صالحا ﴾، بينما إذا لم يكن لهم اسم خاص ولا نسبة مخصوصة يعرفون بها أضافهم إلى اسم نبيهم وعرفهم به فقال :{ قوم نوح و " قوم إبراهيم " و " قوم لوط ".
وذيل كتاب الله ما أورده في هذه السورة من قصص نوح وإبراهيم وشعيب بالإشارة إلى جملة من الأقوام والأفراد اشتهروا بالجحود والعناد، فقال تعالى :﴿ وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ﴾
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٨:وذيل كتاب الله ما أورده في هذه السورة من قصص نوح وإبراهيم وشعيب بالإشارة إلى جملة من الأقوام والأفراد اشتهروا بالجحود والعناد، فقال تعالى :﴿ وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ﴾
ثم أجمل كتاب الله أنواع العذاب الذي نزل بهم جزاء ما ارتكبوه من طغيان وفساد، فقال تعالى :﴿ فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ﴾ إشارة إلى العذاب الذي حل لوط، ﴿ ومنهم من أخذته الصيحة ﴾ إشارة إلى العذاب الذي حل بمدين وهم قوم شعيب، وبثمود وهم قوم صالح، كما ورد ذلك في شأنهم في سورة هود أيضا :﴿ وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ﴾ [ الآية : ٦٧ ]، وقال تعالى :﴿ ومنهم من خسفنا به الأرض ﴾ إشارة إلى العذاب الذي حل بقارون، وقال تعالى :﴿ ومنهم من أغرقنا ﴾ إشارة إلى العذاب الذي حل بفرعون وجنوده.
وعقب كتاب الله على ذلك كله قائلا :﴿ وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ إشارة إلى أن الله تعالى إنما يستأصل شأفة الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، رحمة ببقية الجماعات والأفراد، حتى ينعموا من جديد بحياة كريمة سليمة، مطبوعة بطابع الاستقامة والصلاح والرشاد.
وضرب كتاب الله المثل بنسج العنكبوت وبيته الرخو المهلهل لمن اتخذ إلهه هواه، واختار أن يعبد غير الله، أو جعل اعتماده المكين في حياته على غير الله، ظنا منه أنه نسج نسجا متينا، وبنى لنفسه وأهله بيتا حصينا، ناسيا ان القوة الحقيقية الوحيدة والدائمة، المتصرفة في الكون تصرف الحكمة والعدل، والتي هي الركن الركين والحصن الحصين، هي قوة الله القاهر فوق عباده، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى في إيجاز وإعجاز :﴿ مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ﴾ قال القشيري : " العنكبوت يتخذ لنفسه بيتا، ولكن كلما زاد نسجا في بيته ازداد بعدا عن الخروج منه، فهو يبني، ولكن على نفسه يبني ".
ثم عقب كتاب الله على هذا المثل فقال :﴿ إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم ﴾
﴿ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ﴾ أي لأنهم قبل غيرهم هم الذين يدركون حسنها وصحتها وفائدتها وحكمة التمثيل بها
﴿ خلق الله السماوات والأرض بالحق ﴾، فكل ما عارض الحق، الذي قامت به السموات والأرض، من تصرفات الخلق، يعد تحديا لحكمته، وتجاهلا لعلمه وقدرته ﴿ إن في ذلك لآية للمؤمنين ﴾.
وختم هذا الربع الذي اشتمل على كثير من المثلات والعبر، وتحدث عما حضر وعما غبر، بخطاب إلهي رقيق، موجه إلى الرسول الأعظم بالأصالة، وإلى كل فرد من أفراد أمته بالتبع، فقال تعالى مخاطبا لنبيه في البداية :﴿ اتل ما أوحي إليك من الكتاب ﴾ وكأنه يقول له : لا تفتر عن تلاوة القرآن، ففيه وصف الداء والدواء، وفيه الشفاء والعزاء، وهو المدد الدائم الممدود حبله إليك من السماء، ﴿ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ﴾ [ الحجر : ٩٧ ]، ﴿ ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ﴾ [ النمل : ٧٠ ].
ثم قال تعالى مخاطبا لنبيه :﴿ وأقم الصلاة ﴾ حرصا على دوام الصلة مع الله في السراء الضراء، والشدة والرخاء. وبين كتاب الله الأثر العميق الذي تحدثه إقامة الصلاة والمواظبة عليها في سلوك المصلين وحياتهم الخاصة والعامة، متى أقاموها على الوجه الصحيح، فقال تعالى :﴿ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ﴾، إذ ما من جزء من اجزاء الصلاة إلا وقد جعل الله فيه ذكرا مقرونا بعمل، حتى يظل المصلي حاضرا مع الله قلبا وقالبا، ولا يتعرض أثناء صلاته للغفلة عن مناجاة الله، أو شرود الذهن عن الوقوف بين يديه، ومن حكمة الله أن جعل أول عمل من أعمالنا كل يوم إذا أصبحنا هو صلاة الصبح، حتى نفتتح النهار بمناجاة الله ومخاطبة الحق، قبل أن نشرع في لقائنا العادي مع أمثالنا من الخلق، وبذلك تكون بركة الصلاة سارية في حياتنا اليومية، وروحها مهيمنة عليها، من بداية اليوم إلى نهايته ﴿ وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ﴾ [ هود : ١١٤ ].
ثم قال تعالى :﴿ ولذكر الله أكبر ﴾، فمن ذكر الله في صلاته ذكر حضور وخشوع وإجلال واستحياء، خرج من صلاته متنكرا لكل " منكر " ومتبرئا من كل " فحشاء "، وإنما كان ذكر الله في الصلاة أجل عمل فيها، وكانت الصلاة مؤدية إلى هذه النتيجة، لأن ذكر الله، بيقظة ووعي، يستدعي استذكار صفاته وكمالاته، واستذكار نعهم وإمداداته، واستذكار رسالاته إلى أنبيائه، واستذكار حسابه وجزائه، ﴿ فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ﴾ [ الماعون : ٤، ٥ ]. على أن ذكر الله في كل مقام، يعد من أفضل وأكمل العبادات في الإسلام﴿ والله يعلم ما تصنعون ﴾.
الربع الأول من الحزب الواحد والأربعين في المصحف الكريم
لقد سبق في علم الله أن دين الحق الذي هو دين الإسلام، رغما عن ظهوره وانتشاره في أطراف الأرض، وإقبال مختلف السلالات على الدخول فيه أفواجا، سوف لا ينفرد وحده بالبقاء في العالم، مصداقا لقوله تعالى :﴿ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ﴾، بل إنه ستعايشه باستمرار أديان أخرى، وستحاول أن تنافسه وتتحداه، كلما استطاعت إلى ذلك سبيلا، ولا سيما " الأديان الكتابية " التي ينتمي إليها اليهود والنصارى.
ومعايشة الإسلام لغيره من الأديان، تفرض على أهله أن يدافعوا عنه في وجه الهجمات المضادة بالحجة والبرهان، وحتى يتم القيام بهذه المهمة على أحسن وجه، وجه كتاب الله في بداية هذا الربع الخطاب لكافة المؤمنين، ولا سيما المسلحين منهم بسلاح العلم والدين، فقال تعالى :﴿ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ﴾ وبذلك أفهم المسلمين أولا أن الإسلام لا يخشى من مواجهة خصومه، وأنه لا بد للمسلمين من أن يجادلوا عن دينهم، ويبطلوا ما يوجه إليه من الشبه الزائفة والتهم الباطلة، وأفهمهم ثانيا أن مجادلة المسلمين لمخالفيهم في العقيدة والدين لا تكون بأي شكل كان، بل لا بد أن تكون على شكل يؤدي بالخصم إلى الاقتناع والإذعان، وهذا المعنى هو ما عبرت عنه الآية الكريمة إذ قالت :﴿ إلا بالتي هي أحسن ﴾.
و﴿ التي هي أحسن ﴾ وصف للطريقة التي يجب أن يتبعها المجادل عن دينه في الدفاع عنه، حيث يختار لجداله طريقة مطبوعة بطابع الرفق واللين، لا تشم منها رائحة الغلظة والجفاء، و﴿ التي هي أحسن ﴾ هي كذلك وصف للحجة التي ينبغي أن يحتج بها المجادل عن دينه للدفاع عنه، بحيث يختار من بين الحجج التي بين يديه أوضحها وأقواها، وأسرعها إيصالا للمقصود والمطلوب، وبذلك ينصر دينه، ويبر يمينه. قال القاضي أبو بكر ( ابن العربي ) المعافري : " لكن يكون الجدال بما يحسن من الأدلة ويجمل من الكلام، بأن يكون منك للخصم تمكين، وفي خطابك له لين، وأن تستعمل من الأدلة أظهرها وأنورها، وإذا لم يفهم الخصم أعاد عليه المجادل الحجة وكررها ".
وقوله تعالى :﴿ إلا الذين ظلموا منهم ﴾ معناه أن من تصدى للمسلمين بالظلم والعدوان لا يجادل بالرفق واللين، وإنما يعامل معاملة الظالمين، فيحد من ظلمه بما يناسبه من الجدال أو الجلاد، إلى أن يرتدع عن ظلمه ويرجع إلى السداد، ومن الظلم الاعتداء على الحرمات والتهجم على المقدسات، وغدر العهود والالتزامات.
وقوله تعالى :﴿ وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ﴾ يتضمن مثالا تطبيقيا لمجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، قال ابن كثير :{ فإذا أخبروا بما لا نعلم صدقه ولا كذبه لا نقدم على تكذيبه، لأنه قد يكون حقا، ولا نقدم على تصديقه لأنه قد يكون باطلا، ولكن نؤمن به إيمانا مجملا، شريطة أن يكون أمرا منزلا، لا مبدلا ولا مؤولا، وتفرد البخاري في صحيحه برواية حديث عن أبي هريرة قال : " كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم الآية ".
وقوله تعالى :﴿ وإلهنا وإلهكم واحد ﴾ معناه أن الخلق كلهم عيال الله، وأن رب العالمين الذي خلقهم ورزقهم إله واحد، وإن كانت عقيدة التوحيد في الإسلام بالنسبة لغيرها من العقائد هي العقيدة الوحيدة الصحيحة والسليمة من كل الشوائب، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى( ١٠٩/٦ ) :﴿ لكم دينكم ولي دين ﴾، ولذلك قال تعالى هنا :﴿ ونحن له مسلمون( ٤٦ ) ﴾ أي على خلاف ما عليه أهل الكتاب.
ثم اتجه الخطاب الإلهي إلى الرسول الأعظم، مذكرا إياه بأنه كما منّ على الأنبياء السابقين بإنزال الكتب إليهم، ها هو يكرمه ويمن عليه بالكتاب الذي أنزل إليه، مؤكدا، لمن لا يزال في شك من أمره، أن منصب النبوة والرسالة وتلقي الوحي الذي رشحته له العناية الإلهية، لم يكن يدور من قبل في خلده، ولم يكن له يد في اكتسابه، ولا تشوف إلى تلقي مدده، وإنما هو هبة من الله منحه إياها، ليثبت صدق رسالته إلى الخلق، حتى يقلعوا عن الباطل ويؤمنوا بالحق، وذلك قوله تعالى :﴿ وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون( ٤٧ ) ﴾ أي الموغلون في الكفر والراسخون فيه،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٧:ثم اتجه الخطاب الإلهي إلى الرسول الأعظم، مذكرا إياه بأنه كما منّ على الأنبياء السابقين بإنزال الكتب إليهم، ها هو يكرمه ويمن عليه بالكتاب الذي أنزل إليه، مؤكدا، لمن لا يزال في شك من أمره، أن منصب النبوة والرسالة وتلقي الوحي الذي رشحته له العناية الإلهية، لم يكن يدور من قبل في خلده، ولم يكن له يد في اكتسابه، ولا تشوف إلى تلقي مدده، وإنما هو هبة من الله منحه إياها، ليثبت صدق رسالته إلى الخلق، حتى يقلعوا عن الباطل ويؤمنوا بالحق، وذلك قوله تعالى :﴿ وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون( ٤٧ ) ﴾ أي الموغلون في الكفر والراسخون فيه،

﴿ وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك، إذاً لارتاب المبطلون( ٤٨ ) ﴾ أي : وكان لهم في ارتيابهم متعلق.
ثم قال تعالى في وصف كتابه العزيز :﴿ بل هو آيات بينات ﴾، أي : آيات الكتاب العزيز بلغت الغاية في قوة الدلالة ووضوح المعنى وبلاغة القول، بحيث يكفي أن يسمعها الإنسان لينشرح صدره، ويطمئن قلبه، ويقتنع بها فكره ولبه :﴿ ومن أصدق من الله قيلا ﴾ ومن ثم كان لا يجحدها ولا يتنكر لها إلا الإنسان الذي قضى على نفسه بالظلم والحرمان :﴿ وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون( ٤٩ ) ﴾.
وقد يسر الله آيات الذكر الحكيم، فجعلها في متناول العقول والأذهان، وحفظها لفظا ومعنى، نصا وروحا، في صدور الذين آتاهم علم القرآن، فآمنوا بها وقاموا بحقها، حفظا وتلاوة وتفسيرا وتلقينا إلى آخر الزمان، وذلك معنى قوله تعالى هنا :﴿ في صدور الذين أوتوا العلم ﴾ مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى ( ٣/٧ ) :﴿ والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ﴾، وقوله تعالى في آية ثانية ( ٩ : ١٥ ) :﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾.
وانتقل كتاب الله إلى وصف مزاعم المتعنتين، الجاحدين لآياته، الذين ينتحلون لأنفسهم الأعذار، عسى أن لا يقعوا تحت طائلة الإنذار والإعذار، فقال تعالى حكاية عنهم أولا، ومبطلا لمزاعمهم ثانيا :﴿ وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين( ٥٠ ) ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:وانتقل كتاب الله إلى وصف مزاعم المتعنتين، الجاحدين لآياته، الذين ينتحلون لأنفسهم الأعذار، عسى أن لا يقعوا تحت طائلة الإنذار والإعذار، فقال تعالى حكاية عنهم أولا، ومبطلا لمزاعمهم ثانيا :﴿ وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين( ٥٠ ) ﴾.

والآيات التي يقصدونها ويطالبون النبي بها هي من نوع ( المعجزات المادية ) التي رافقت رسالة بعض الرسل السابقين، مثل ناقة صالح، وعصا موسى، ومائدة عيسى، مما كان سندا لهم في دعوى الرسالة، وبرهانا على صدقهم لدى من أرسلوا إليه، لكن كتاب الله رد على أولئك الجاحدين بأن إنزال مثل تلك ( الآيات المادية والوقتية ) مرده إلى الله وبيده وحده، لا دخل فيه لنبي ولا رسول.
على أن الله تعالى قد وهب خاتم أنبيائه ورسله كتابا معجزا :﴿ مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ﴾ يعدل بجميع تلك المعجزات، ولا يقتصر أثره على فترة محدودة من الأوقات، بل سيظل إعجازه قائما، وأثره ساريا في كل زمان، وسيزداد إعجاب الإنسان بما فيه من علم وحكمة، وما يدعو إليه من إحسان ورحمة، كلما ارتفع مستوى الإنسان، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى في إيجاز وإعجاز :﴿ أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم، إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون٥١ ﴾.
ويشهد لتفسير هذه الآية من الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم :( ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة )، ﴿ قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا، يعلم ما في السماوات والأرض، والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون( ٥٢ ) ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥١:نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:وانتقل كتاب الله إلى وصف مزاعم المتعنتين، الجاحدين لآياته، الذين ينتحلون لأنفسهم الأعذار، عسى أن لا يقعوا تحت طائلة الإنذار والإعذار، فقال تعالى حكاية عنهم أولا، ومبطلا لمزاعمهم ثانيا :﴿ وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين( ٥٠ ) ﴾.

والآيات التي يقصدونها ويطالبون النبي بها هي من نوع ( المعجزات المادية ) التي رافقت رسالة بعض الرسل السابقين، مثل ناقة صالح، وعصا موسى، ومائدة عيسى، مما كان سندا لهم في دعوى الرسالة، وبرهانا على صدقهم لدى من أرسلوا إليه، لكن كتاب الله رد على أولئك الجاحدين بأن إنزال مثل تلك ( الآيات المادية والوقتية ) مرده إلى الله وبيده وحده، لا دخل فيه لنبي ولا رسول.
على أن الله تعالى قد وهب خاتم أنبيائه ورسله كتابا معجزا :﴿ مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ﴾ يعدل بجميع تلك المعجزات، ولا يقتصر أثره على فترة محدودة من الأوقات، بل سيظل إعجازه قائما، وأثره ساريا في كل زمان، وسيزداد إعجاب الإنسان بما فيه من علم وحكمة، وما يدعو إليه من إحسان ورحمة، كلما ارتفع مستوى الإنسان، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى في إيجاز وإعجاز :﴿ أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم، إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون٥١ ﴾.
ويشهد لتفسير هذه الآية من الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم :( ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة )، ﴿ قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا، يعلم ما في السماوات والأرض، والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون( ٥٢ ) ﴾.

ووصف كتاب الله ما عليه أولئك الجاحدون من عناد وغرور وتحد للقدرة الإلهية وللرسالة المحمدية، فقال تعالى في وصفهم :﴿ ويستعجلونك بالعذاب، ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب، وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون ( ٥٣ ) يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين( ٥٤ ) يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون( ٥٥ ) ﴾، لكن العذاب الذي يستعجلون به، ويتحدون الرسول بطلبه، لا يأذن الله به إلا عند استنفاد جميع الوسائل لهدايتهم، وإصرارهم على ضلالتهم :﴿ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ﴾ ( ١٠٧ : ٢١ )، ﴿ ورحمتي وسعت كل شيء ﴾ ( ١٥٦ : ٧ )، وفي الحديث القدسي :( رحمتي سبقت غضبي }.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٣:ووصف كتاب الله ما عليه أولئك الجاحدون من عناد وغرور وتحد للقدرة الإلهية وللرسالة المحمدية، فقال تعالى في وصفهم :﴿ ويستعجلونك بالعذاب، ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب، وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون ( ٥٣ ) يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين( ٥٤ ) يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون( ٥٥ ) ﴾، لكن العذاب الذي يستعجلون به، ويتحدون الرسول بطلبه، لا يأذن الله به إلا عند استنفاد جميع الوسائل لهدايتهم، وإصرارهم على ضلالتهم :﴿ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ﴾ ( ١٠٧ : ٢١ )، ﴿ ورحمتي وسعت كل شيء ﴾ ( ١٥٦ : ٧ )، وفي الحديث القدسي :( رحمتي سبقت غضبي }.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٣:ووصف كتاب الله ما عليه أولئك الجاحدون من عناد وغرور وتحد للقدرة الإلهية وللرسالة المحمدية، فقال تعالى في وصفهم :﴿ ويستعجلونك بالعذاب، ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب، وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون ( ٥٣ ) يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين( ٥٤ ) يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون( ٥٥ ) ﴾، لكن العذاب الذي يستعجلون به، ويتحدون الرسول بطلبه، لا يأذن الله به إلا عند استنفاد جميع الوسائل لهدايتهم، وإصرارهم على ضلالتهم :﴿ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ﴾ ( ١٠٧ : ٢١ )، ﴿ ورحمتي وسعت كل شيء ﴾ ( ١٥٦ : ٧ )، وفي الحديث القدسي :( رحمتي سبقت غضبي }.
واتجه كتاب الله بالخطاب إلى المؤمنين الذين خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم، وملأت عليهم أفئدتهم، وعرفهم أن أرضه الواسعة مفتوحة في وجوههم، ميسرة الأسباب من أجلهم :﴿ خلق لكم ما في الأرض جميعا ﴾ ( ٢٩ : ٢ )، كما أن رحمته الواسعة محيطة بهم من كل جانب، فما عليهم إلا أن يعتزوا بإيمانهم ويتمسكوا بدينهم، ولا يضيقوا ذرعا بكيد الكائدين، ومكر الماكرين، وذلك قوله تعالى هنا :﴿ يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون( ٥٦ ) ﴾. وهذه الآية كما فتحت الباب أمام المؤمنين للتفكير في الخلاص من أذى المشركين، والهجرة من مكة إلى المدينة، على غرار قوله تعالى في آية أخرى :﴿ ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ﴾( ٩٧ : ٤ ) فتحت الباب أيضا في وجه المسلمين أجمعين، للسير في أرض الله، والتعرف على صنع الله، والقيام بالدعوة إلى الله، وذلك هو ما قام به المسلمون الأولون، عندما جابوا أكناف الأرض، طولها والعرض، فانشئوا ( دار الإسلام )، وآخوا في دين الله بين مختلف السلالات والأقوام.
ونظرا لما تؤدي إليه مسيرة ( إيمانية ) عالمية كبرى من هذا النوع، وما يمكن أن يتعرض له المؤمنون القائمون بها من متاعب وأخطار، عقب كتاب الله على ذلك بما يطمئن نفوسهم، ويؤكد ثقتهم بالله وبحسن جزائه في الدنيا والآخرة، فقال تعالى :﴿ كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون، ( ٥٧ ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ﴾.
ثم أشار كتاب الله تعالى إلى أن سر النجاح في هذه المسيرة الإنسانية العظمى يكمن في مواصلة العمل، لا في الجمود والكسل، وفي التزام الصبر، لا في الجزع والملل، وفي التوكل على الله بعد اتخاذ الأسباب، وطرق أبواب رزقه التي ليس عليها أي حجاب، فقال تعالى :﴿ نعم أجر العاملين ( ٥٨ ) الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون( ٥٩ ) وكأين من دابة لا تحمل رزقها، الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم( ٦٠ ) ﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٧:ونظرا لما تؤدي إليه مسيرة ( إيمانية ) عالمية كبرى من هذا النوع، وما يمكن أن يتعرض له المؤمنون القائمون بها من متاعب وأخطار، عقب كتاب الله على ذلك بما يطمئن نفوسهم، ويؤكد ثقتهم بالله وبحسن جزائه في الدنيا والآخرة، فقال تعالى :﴿ كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون، ( ٥٧ ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ﴾.
ثم أشار كتاب الله تعالى إلى أن سر النجاح في هذه المسيرة الإنسانية العظمى يكمن في مواصلة العمل، لا في الجمود والكسل، وفي التزام الصبر، لا في الجزع والملل، وفي التوكل على الله بعد اتخاذ الأسباب، وطرق أبواب رزقه التي ليس عليها أي حجاب، فقال تعالى :﴿ نعم أجر العاملين ( ٥٨ ) الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون( ٥٩ ) وكأين من دابة لا تحمل رزقها، الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم( ٦٠ ) ﴾.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٧:ونظرا لما تؤدي إليه مسيرة ( إيمانية ) عالمية كبرى من هذا النوع، وما يمكن أن يتعرض له المؤمنون القائمون بها من متاعب وأخطار، عقب كتاب الله على ذلك بما يطمئن نفوسهم، ويؤكد ثقتهم بالله وبحسن جزائه في الدنيا والآخرة، فقال تعالى :﴿ كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون، ( ٥٧ ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ﴾.
ثم أشار كتاب الله تعالى إلى أن سر النجاح في هذه المسيرة الإنسانية العظمى يكمن في مواصلة العمل، لا في الجمود والكسل، وفي التزام الصبر، لا في الجزع والملل، وفي التوكل على الله بعد اتخاذ الأسباب، وطرق أبواب رزقه التي ليس عليها أي حجاب، فقال تعالى :﴿ نعم أجر العاملين ( ٥٨ ) الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون( ٥٩ ) وكأين من دابة لا تحمل رزقها، الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم( ٦٠ ) ﴾.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٧:ونظرا لما تؤدي إليه مسيرة ( إيمانية ) عالمية كبرى من هذا النوع، وما يمكن أن يتعرض له المؤمنون القائمون بها من متاعب وأخطار، عقب كتاب الله على ذلك بما يطمئن نفوسهم، ويؤكد ثقتهم بالله وبحسن جزائه في الدنيا والآخرة، فقال تعالى :﴿ كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون، ( ٥٧ ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ﴾.
ثم أشار كتاب الله تعالى إلى أن سر النجاح في هذه المسيرة الإنسانية العظمى يكمن في مواصلة العمل، لا في الجمود والكسل، وفي التزام الصبر، لا في الجزع والملل، وفي التوكل على الله بعد اتخاذ الأسباب، وطرق أبواب رزقه التي ليس عليها أي حجاب، فقال تعالى :﴿ نعم أجر العاملين ( ٥٨ ) الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون( ٥٩ ) وكأين من دابة لا تحمل رزقها، الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم( ٦٠ ) ﴾.

وانتقل كتاب الله إلى وصف طائفة متناقضة مع نفسها كل التناقض، وجدت في القرون الخالية، ويوجد مثلها في العهود الحالية، ألا وهي تلك الطائفة التي تدعي أنها تقر بوجود الله، لكنها لا تؤمن برسله ولا بكتبه ولا باليوم الآخر، ولا تدين لخالقها ورازقها بالعبادة والطاعة لا في قليل ولا كثير، بل تقضي حياتها مستغرقة في المتع والشهوات، ولا تلتفت إلى ما أنزل الله من الآيات البينات، وذلك قوله تعالى :﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض، وسخر الشمس والقمر، ليقولن الله فأنى يؤفكون( ٦١ ) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له، إن الله بكل شيء عليم( ٦٢ ) ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون( ٦٣ ) وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب، وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ﴾ أي : الحياة الكاملة والدائمة، ﴿ لو كانوا يعلمون( ٦٤ ) فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون( ٦٥ ) ليكفروا بما آتيناهم، وليتمتعوا فسوف يعلمون( ٦٦ ) ﴾.
وقوله تعالى :﴿ قل الحمد لله ﴾، الوارد استطرادا في سياق هذه الآيات، خطاب لرسوله الأعظم، يدعوه إلى حمد الله وشكره، على ما أوضح من الحجج الساطعة، والبراهين القاطعة، وإن عمى عنها الجاحدون، وتنكر لها المعاندون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦١:وانتقل كتاب الله إلى وصف طائفة متناقضة مع نفسها كل التناقض، وجدت في القرون الخالية، ويوجد مثلها في العهود الحالية، ألا وهي تلك الطائفة التي تدعي أنها تقر بوجود الله، لكنها لا تؤمن برسله ولا بكتبه ولا باليوم الآخر، ولا تدين لخالقها ورازقها بالعبادة والطاعة لا في قليل ولا كثير، بل تقضي حياتها مستغرقة في المتع والشهوات، ولا تلتفت إلى ما أنزل الله من الآيات البينات، وذلك قوله تعالى :﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض، وسخر الشمس والقمر، ليقولن الله فأنى يؤفكون( ٦١ ) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له، إن الله بكل شيء عليم( ٦٢ ) ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون( ٦٣ ) وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب، وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ﴾ أي : الحياة الكاملة والدائمة، ﴿ لو كانوا يعلمون( ٦٤ ) فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون( ٦٥ ) ليكفروا بما آتيناهم، وليتمتعوا فسوف يعلمون( ٦٦ ) ﴾.
وقوله تعالى :﴿ قل الحمد لله ﴾، الوارد استطرادا في سياق هذه الآيات، خطاب لرسوله الأعظم، يدعوه إلى حمد الله وشكره، على ما أوضح من الحجج الساطعة، والبراهين القاطعة، وإن عمى عنها الجاحدون، وتنكر لها المعاندون.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦١:وانتقل كتاب الله إلى وصف طائفة متناقضة مع نفسها كل التناقض، وجدت في القرون الخالية، ويوجد مثلها في العهود الحالية، ألا وهي تلك الطائفة التي تدعي أنها تقر بوجود الله، لكنها لا تؤمن برسله ولا بكتبه ولا باليوم الآخر، ولا تدين لخالقها ورازقها بالعبادة والطاعة لا في قليل ولا كثير، بل تقضي حياتها مستغرقة في المتع والشهوات، ولا تلتفت إلى ما أنزل الله من الآيات البينات، وذلك قوله تعالى :﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض، وسخر الشمس والقمر، ليقولن الله فأنى يؤفكون( ٦١ ) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له، إن الله بكل شيء عليم( ٦٢ ) ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون( ٦٣ ) وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب، وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ﴾ أي : الحياة الكاملة والدائمة، ﴿ لو كانوا يعلمون( ٦٤ ) فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون( ٦٥ ) ليكفروا بما آتيناهم، وليتمتعوا فسوف يعلمون( ٦٦ ) ﴾.
وقوله تعالى :﴿ قل الحمد لله ﴾، الوارد استطرادا في سياق هذه الآيات، خطاب لرسوله الأعظم، يدعوه إلى حمد الله وشكره، على ما أوضح من الحجج الساطعة، والبراهين القاطعة، وإن عمى عنها الجاحدون، وتنكر لها المعاندون.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦١:وانتقل كتاب الله إلى وصف طائفة متناقضة مع نفسها كل التناقض، وجدت في القرون الخالية، ويوجد مثلها في العهود الحالية، ألا وهي تلك الطائفة التي تدعي أنها تقر بوجود الله، لكنها لا تؤمن برسله ولا بكتبه ولا باليوم الآخر، ولا تدين لخالقها ورازقها بالعبادة والطاعة لا في قليل ولا كثير، بل تقضي حياتها مستغرقة في المتع والشهوات، ولا تلتفت إلى ما أنزل الله من الآيات البينات، وذلك قوله تعالى :﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض، وسخر الشمس والقمر، ليقولن الله فأنى يؤفكون( ٦١ ) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له، إن الله بكل شيء عليم( ٦٢ ) ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون( ٦٣ ) وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب، وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ﴾ أي : الحياة الكاملة والدائمة، ﴿ لو كانوا يعلمون( ٦٤ ) فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون( ٦٥ ) ليكفروا بما آتيناهم، وليتمتعوا فسوف يعلمون( ٦٦ ) ﴾.
وقوله تعالى :﴿ قل الحمد لله ﴾، الوارد استطرادا في سياق هذه الآيات، خطاب لرسوله الأعظم، يدعوه إلى حمد الله وشكره، على ما أوضح من الحجج الساطعة، والبراهين القاطعة، وإن عمى عنها الجاحدون، وتنكر لها المعاندون.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦١:وانتقل كتاب الله إلى وصف طائفة متناقضة مع نفسها كل التناقض، وجدت في القرون الخالية، ويوجد مثلها في العهود الحالية، ألا وهي تلك الطائفة التي تدعي أنها تقر بوجود الله، لكنها لا تؤمن برسله ولا بكتبه ولا باليوم الآخر، ولا تدين لخالقها ورازقها بالعبادة والطاعة لا في قليل ولا كثير، بل تقضي حياتها مستغرقة في المتع والشهوات، ولا تلتفت إلى ما أنزل الله من الآيات البينات، وذلك قوله تعالى :﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض، وسخر الشمس والقمر، ليقولن الله فأنى يؤفكون( ٦١ ) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له، إن الله بكل شيء عليم( ٦٢ ) ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون( ٦٣ ) وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب، وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ﴾ أي : الحياة الكاملة والدائمة، ﴿ لو كانوا يعلمون( ٦٤ ) فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون( ٦٥ ) ليكفروا بما آتيناهم، وليتمتعوا فسوف يعلمون( ٦٦ ) ﴾.
وقوله تعالى :﴿ قل الحمد لله ﴾، الوارد استطرادا في سياق هذه الآيات، خطاب لرسوله الأعظم، يدعوه إلى حمد الله وشكره، على ما أوضح من الحجج الساطعة، والبراهين القاطعة، وإن عمى عنها الجاحدون، وتنكر لها المعاندون.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦١:وانتقل كتاب الله إلى وصف طائفة متناقضة مع نفسها كل التناقض، وجدت في القرون الخالية، ويوجد مثلها في العهود الحالية، ألا وهي تلك الطائفة التي تدعي أنها تقر بوجود الله، لكنها لا تؤمن برسله ولا بكتبه ولا باليوم الآخر، ولا تدين لخالقها ورازقها بالعبادة والطاعة لا في قليل ولا كثير، بل تقضي حياتها مستغرقة في المتع والشهوات، ولا تلتفت إلى ما أنزل الله من الآيات البينات، وذلك قوله تعالى :﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض، وسخر الشمس والقمر، ليقولن الله فأنى يؤفكون( ٦١ ) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له، إن الله بكل شيء عليم( ٦٢ ) ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون( ٦٣ ) وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب، وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ﴾ أي : الحياة الكاملة والدائمة، ﴿ لو كانوا يعلمون( ٦٤ ) فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون( ٦٥ ) ليكفروا بما آتيناهم، وليتمتعوا فسوف يعلمون( ٦٦ ) ﴾.
وقوله تعالى :﴿ قل الحمد لله ﴾، الوارد استطرادا في سياق هذه الآيات، خطاب لرسوله الأعظم، يدعوه إلى حمد الله وشكره، على ما أوضح من الحجج الساطعة، والبراهين القاطعة، وإن عمى عنها الجاحدون، وتنكر لها المعاندون.

وأورد كتاب الله في هذا السياق آية تصف جحود رؤساء الشرك – قبل أن يسلم منهم من أسلم – لنعمة الله التي أنعم بها على سكان مكة كافة، إذ جعل بلدهم – بفضله وكرمه – ( حرما آمنا ) يتمتع بالقداسة والاحترام، ومأمناً لهم وللوافدين عليهم من كل عدوان وانتقام، وكان من حقهم، بل من واجبهم، أن يشكروا نعمة الله، ويدخلوا في دين الله، وذلك قوله تعالى :﴿ أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون( ٦٧ ) ﴾ على غرار قوله تعالى في آية أخرى :﴿ الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ﴾ ( ٢٨ : ١٤ ).
وحيث إن المعارضين للحق، والمضللين للخلق، لا يخلو الواحد منهم من أحد أمرين : إما أن يكون ( كاذبا ) يعمل على ترويج الباطل، وإما أن يكون ( مكذبا ) يعمل على إبطال الحق، وقد يجمع الواحد منهم بين الأمرين فيكون كاذبا ومكذبا، فقد تصدى لهم كتاب الله بما هم أهله، وأشار من طرف خفي إلى أن ما هم عليه من كبر واستعلاء له أثر كبير فيما ينشرونه وينصرونه من الكذب والهراء، فقال تعالى :﴿ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا، أو كذب بالحق لما جاءه، أليس في جهنم مثوى للكافرين٦٨ ﴾.
لكن من آمنوا بالحق وصدقوا بالرسالة، وجاهدوا في نشرها ونصرتها والدفاع عنها، سيسلك بهم ربهم مسالك النجاة والنجاح، وستصحبهم العناية الإلهية في الغدو والرواح، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى في ختام سورة العنكبوت :﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين٦٩ ﴾.
Icon