تفسير سورة القارعة

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة القارعة من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه تعيلب . المتوفي سنة 2004 هـ
( ١٠١ ) سورة القارعة مكية.
وآياتها إحدى عشرة.
كلماتها : ٣٦ ؛ حروفها : ١٥٢.

القرع : الضرب بشدة بحيث يحصل منه صوت قوي.
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ القارعة ( ١ ) ما القارعة ( ٢ ) وما أدراك ما القارعة ( ٣ ) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ( ٤ ) وتكون الجبال كالعهن المنفوش ( ٥ ) ﴾.
أنذر الله تعالى المكلفين كربات يوم الدين، يوم يقوم الناس لأسرع الحاسبين، وحين يغشاهم هول مبين، وتجيء الآزفة، فإذا قلوبهم لدى الحناجر كاظمين، وتنشق السماء، وتسير الجبال، وترجف الراجفة تتبعها الرادفة، وينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض ؛ و﴿ القارعة ﴾ [ فاعلة ] من قرع، بمعنى : ضرب بشدة، بحيث يحصل منه صوت قوي، أو اصطكت الكواكب فإذا صوتها يميت. والحادثة الهائلة تسمى : قارعة، والمراد ههنا القيامة، ولا أهول منها ! ولذلك قال في الإخبار عنها :﴿ القارعة ﴾ ؛ لأنه يفيد زيادة التهويل، ثم قال :﴿ وما أدراك ما القارعة ﴾١- و﴿ القارعة ﴾ مبتدأ ؛ و﴿ ما القارعة ﴾ مبتدأ وخبره، والمجموع خبر المبتدأ الأول ؛ ﴿ وما أدراك ﴾ وأي شيء أعلمك ﴿ ما القارعة ﴾ أي : مدى عظمها، بحيث لا يكتنه علمه بشر، ولا يحيط بوصفه الواصفون. واذكر يوم يكون الناس كغوغاء الجراد، وضال البعوض، والهمج الطائر، وتلك الحشرات التي تطير، ولا تزال تتقحم على المصباح والموقد حتى تحترق ؛ [ ويقال : هو أطيش من فراشة ؛ وقال :
طويش من نفر أطياش أطيش من طائرة الفراش
وفي صحيح مسلم عن جابر، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ " مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي ]٢ ؛ وتصير الجبال كالصوف الذي ينفش فيعود هباء ويزول، وأهل اللغة يقولون : العهن : الصوف المصبوغ، قاله الراغب، فشبهت الجبال به ؛ لاختلاف أجزائها في الحمرة والبياض والسواد.
﴿ وما أدراك ﴾ وما أعلمك وأخبرك.
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ القارعة ( ١ ) ما القارعة ( ٢ ) وما أدراك ما القارعة ( ٣ ) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ( ٤ ) وتكون الجبال كالعهن المنفوش ( ٥ ) ﴾.
أنذر الله تعالى المكلفين كربات يوم الدين، يوم يقوم الناس لأسرع الحاسبين، وحين يغشاهم هول مبين، وتجيء الآزفة، فإذا قلوبهم لدى الحناجر كاظمين، وتنشق السماء، وتسير الجبال، وترجف الراجفة تتبعها الرادفة، وينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض ؛ و﴿ القارعة ﴾ [ فاعلة ] من قرع، بمعنى : ضرب بشدة، بحيث يحصل منه صوت قوي، أو اصطكت الكواكب فإذا صوتها يميت. والحادثة الهائلة تسمى : قارعة، والمراد ههنا القيامة، ولا أهول منها ! ولذلك قال في الإخبار عنها :﴿ القارعة ﴾ ؛ لأنه يفيد زيادة التهويل، ثم قال :﴿ وما أدراك ما القارعة ﴾١- و﴿ القارعة ﴾ مبتدأ ؛ و﴿ ما القارعة ﴾ مبتدأ وخبره، والمجموع خبر المبتدأ الأول ؛ ﴿ وما أدراك ﴾ وأي شيء أعلمك ﴿ ما القارعة ﴾ أي : مدى عظمها، بحيث لا يكتنه علمه بشر، ولا يحيط بوصفه الواصفون. واذكر يوم يكون الناس كغوغاء الجراد، وضال البعوض، والهمج الطائر، وتلك الحشرات التي تطير، ولا تزال تتقحم على المصباح والموقد حتى تحترق ؛ [ ويقال : هو أطيش من فراشة ؛ وقال :
طويش من نفر أطياش أطيش من طائرة الفراش
وفي صحيح مسلم عن جابر، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ " مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي ]٢ ؛ وتصير الجبال كالصوف الذي ينفش فيعود هباء ويزول، وأهل اللغة يقولون : العهن : الصوف المصبوغ، قاله الراغب، فشبهت الجبال به ؛ لاختلاف أجزائها في الحمرة والبياض والسواد.
﴿ كالفراش ﴾ كالطير الرقيق الذي يقصد النار ؛ وهو الهمج الطائر.
﴿ المبثوث ﴾ المنتشر المتفرق.
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ القارعة ( ١ ) ما القارعة ( ٢ ) وما أدراك ما القارعة ( ٣ ) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ( ٤ ) وتكون الجبال كالعهن المنفوش ( ٥ ) ﴾.
أنذر الله تعالى المكلفين كربات يوم الدين، يوم يقوم الناس لأسرع الحاسبين، وحين يغشاهم هول مبين، وتجيء الآزفة، فإذا قلوبهم لدى الحناجر كاظمين، وتنشق السماء، وتسير الجبال، وترجف الراجفة تتبعها الرادفة، وينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض ؛ و﴿ القارعة ﴾ [ فاعلة ] من قرع، بمعنى : ضرب بشدة، بحيث يحصل منه صوت قوي، أو اصطكت الكواكب فإذا صوتها يميت. والحادثة الهائلة تسمى : قارعة، والمراد ههنا القيامة، ولا أهول منها ! ولذلك قال في الإخبار عنها :﴿ القارعة ﴾ ؛ لأنه يفيد زيادة التهويل، ثم قال :﴿ وما أدراك ما القارعة ﴾١- و﴿ القارعة ﴾ مبتدأ ؛ و﴿ ما القارعة ﴾ مبتدأ وخبره، والمجموع خبر المبتدأ الأول ؛ ﴿ وما أدراك ﴾ وأي شيء أعلمك ﴿ ما القارعة ﴾ أي : مدى عظمها، بحيث لا يكتنه علمه بشر، ولا يحيط بوصفه الواصفون. واذكر يوم يكون الناس كغوغاء الجراد، وضال البعوض، والهمج الطائر، وتلك الحشرات التي تطير، ولا تزال تتقحم على المصباح والموقد حتى تحترق ؛ [ ويقال : هو أطيش من فراشة ؛ وقال :
طويش من نفر أطياش أطيش من طائرة الفراش
وفي صحيح مسلم عن جابر، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ " مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي ]٢ ؛ وتصير الجبال كالصوف الذي ينفش فيعود هباء ويزول، وأهل اللغة يقولون : العهن : الصوف المصبوغ، قاله الراغب، فشبهت الجبال به ؛ لاختلاف أجزائها في الحمرة والبياض والسواد.
﴿ كالعهن ﴾ كالصوف.
﴿ المنفوش ﴾ المفرق المتطاير كالهباء.
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ القارعة ( ١ ) ما القارعة ( ٢ ) وما أدراك ما القارعة ( ٣ ) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ( ٤ ) وتكون الجبال كالعهن المنفوش ( ٥ ) ﴾.
أنذر الله تعالى المكلفين كربات يوم الدين، يوم يقوم الناس لأسرع الحاسبين، وحين يغشاهم هول مبين، وتجيء الآزفة، فإذا قلوبهم لدى الحناجر كاظمين، وتنشق السماء، وتسير الجبال، وترجف الراجفة تتبعها الرادفة، وينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض ؛ و﴿ القارعة ﴾ [ فاعلة ] من قرع، بمعنى : ضرب بشدة، بحيث يحصل منه صوت قوي، أو اصطكت الكواكب فإذا صوتها يميت. والحادثة الهائلة تسمى : قارعة، والمراد ههنا القيامة، ولا أهول منها ! ولذلك قال في الإخبار عنها :﴿ القارعة ﴾ ؛ لأنه يفيد زيادة التهويل، ثم قال :﴿ وما أدراك ما القارعة ﴾١- و﴿ القارعة ﴾ مبتدأ ؛ و﴿ ما القارعة ﴾ مبتدأ وخبره، والمجموع خبر المبتدأ الأول ؛ ﴿ وما أدراك ﴾ وأي شيء أعلمك ﴿ ما القارعة ﴾ أي : مدى عظمها، بحيث لا يكتنه علمه بشر، ولا يحيط بوصفه الواصفون. واذكر يوم يكون الناس كغوغاء الجراد، وضال البعوض، والهمج الطائر، وتلك الحشرات التي تطير، ولا تزال تتقحم على المصباح والموقد حتى تحترق ؛ [ ويقال : هو أطيش من فراشة ؛ وقال :
طويش من نفر أطياش أطيش من طائرة الفراش
وفي صحيح مسلم عن جابر، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ " مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي ]٢ ؛ وتصير الجبال كالصوف الذي ينفش فيعود هباء ويزول، وأهل اللغة يقولون : العهن : الصوف المصبوغ، قاله الراغب، فشبهت الجبال به ؛ لاختلاف أجزائها في الحمرة والبياض والسواد.
﴿ ثقلت موازينه ﴾ رجحت الكفة التي توزن بها حسناته.
﴿ فأما من ثقلت موازينه ( ٦ ) فهو في عيشة راضية ( ٧ ) وأما من خفت موازينه( ٨ ) فأمه هاوية ( ٩ ) وما أدراك ماهية ( ١٠ ) نار حامية ( ١١ ) ﴾.
والناس يوم القيامة يفترقون، وكذا الجن ؛ لأنهم مكلفون، وجميعهم يعرضون على ربنا الملك الحق، ويسألون، وتوزن أعمالهم :﴿ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ﴾١ ؛ ﴿ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ﴾٢.
﴿ نار حامية ﴾ شديدة حرارتها. في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم ". قالوا : والله إن كانت لكافية يا رسول الله ؛ قال :" فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها " ؛ يقول صاحب كتاب روح المعاني : وقوله تعالى :﴿ فأما من ثقلت موازينه ﴾ إلى آخره : بيان إجمالي لتحزب الناس حزبين، وتنبيه على كيفية الأحوال الخاصة بكل منهما... وهذا إشارة إلى وزن الأعمال، وهو مما يجب الإيمان به حقيقة، والأشهر الأصح أنه ميزان واحد... لجميع الأمم ولجميع الأعمال ؛ فقوله تعالى :﴿ موازينه ﴾ وهو جمع ميزان.. قيل : للتعظيم، كالجمع في قوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾٣ في وجه، أو باعتبار أجزائه، نحو : شابت مفارقة ؛ أو باعتبار تعدد الأفراد للتغاير الاعتباري، كما قيل في قوله :
لمعان برق أو شعاع شموس
... والظاهر أن الثقل والخفة مثلهما في الدنيا، فما ثقل نزل إلى أسفل ثم يرتفع إلى أعلى عليين، وما خف طاش إلى أعلى ثم نزل إلى سجين٤- وبه صرح القرطبي – والله تعالى أعلم.
﴿ راضية ﴾ ذات رضا، أو مرضية.
﴿ فأما من ثقلت موازينه ( ٦ ) فهو في عيشة راضية ( ٧ ) وأما من خفت موازينه( ٨ ) فأمه هاوية ( ٩ ) وما أدراك ماهية ( ١٠ ) نار حامية ( ١١ ) ﴾.
والناس يوم القيامة يفترقون، وكذا الجن ؛ لأنهم مكلفون، وجميعهم يعرضون على ربنا الملك الحق، ويسألون، وتوزن أعمالهم :﴿ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ﴾١ ؛ ﴿ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ﴾٢.
﴿ نار حامية ﴾ شديدة حرارتها. في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم ". قالوا : والله إن كانت لكافية يا رسول الله ؛ قال :" فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها " ؛ يقول صاحب كتاب روح المعاني : وقوله تعالى :﴿ فأما من ثقلت موازينه ﴾ إلى آخره : بيان إجمالي لتحزب الناس حزبين، وتنبيه على كيفية الأحوال الخاصة بكل منهما... وهذا إشارة إلى وزن الأعمال، وهو مما يجب الإيمان به حقيقة، والأشهر الأصح أنه ميزان واحد... لجميع الأمم ولجميع الأعمال ؛ فقوله تعالى :﴿ موازينه ﴾ وهو جمع ميزان.. قيل : للتعظيم، كالجمع في قوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾٣ في وجه، أو باعتبار أجزائه، نحو : شابت مفارقة ؛ أو باعتبار تعدد الأفراد للتغاير الاعتباري، كما قيل في قوله :
لمعان برق أو شعاع شموس
... والظاهر أن الثقل والخفة مثلهما في الدنيا، فما ثقل نزل إلى أسفل ثم يرتفع إلى أعلى عليين، وما خف طاش إلى أعلى ثم نزل إلى سجين٤- وبه صرح القرطبي – والله تعالى أعلم.
﴿ خفت موازينه ﴾ فلم تكن له حسنات، أو ثقلت سيئاته.
﴿ فأما من ثقلت موازينه ( ٦ ) فهو في عيشة راضية ( ٧ ) وأما من خفت موازينه( ٨ ) فأمه هاوية ( ٩ ) وما أدراك ماهية ( ١٠ ) نار حامية ( ١١ ) ﴾.
والناس يوم القيامة يفترقون، وكذا الجن ؛ لأنهم مكلفون، وجميعهم يعرضون على ربنا الملك الحق، ويسألون، وتوزن أعمالهم :﴿ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ﴾١ ؛ ﴿ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ﴾٢.
﴿ نار حامية ﴾ شديدة حرارتها. في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم ". قالوا : والله إن كانت لكافية يا رسول الله ؛ قال :" فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها " ؛ يقول صاحب كتاب روح المعاني : وقوله تعالى :﴿ فأما من ثقلت موازينه ﴾ إلى آخره : بيان إجمالي لتحزب الناس حزبين، وتنبيه على كيفية الأحوال الخاصة بكل منهما... وهذا إشارة إلى وزن الأعمال، وهو مما يجب الإيمان به حقيقة، والأشهر الأصح أنه ميزان واحد... لجميع الأمم ولجميع الأعمال ؛ فقوله تعالى :﴿ موازينه ﴾ وهو جمع ميزان.. قيل : للتعظيم، كالجمع في قوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾٣ في وجه، أو باعتبار أجزائه، نحو : شابت مفارقة ؛ أو باعتبار تعدد الأفراد للتغاير الاعتباري، كما قيل في قوله :
لمعان برق أو شعاع شموس
... والظاهر أن الثقل والخفة مثلهما في الدنيا، فما ثقل نزل إلى أسفل ثم يرتفع إلى أعلى عليين، وما خف طاش إلى أعلى ثم نزل إلى سجين٤- وبه صرح القرطبي – والله تعالى أعلم.
﴿ فأمه هاوية ﴾ فمأواه جهنم، أو : أم رأسه تسقط في النار.
﴿ فأما من ثقلت موازينه ( ٦ ) فهو في عيشة راضية ( ٧ ) وأما من خفت موازينه( ٨ ) فأمه هاوية ( ٩ ) وما أدراك ماهية ( ١٠ ) نار حامية ( ١١ ) ﴾.
والناس يوم القيامة يفترقون، وكذا الجن ؛ لأنهم مكلفون، وجميعهم يعرضون على ربنا الملك الحق، ويسألون، وتوزن أعمالهم :﴿ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ﴾١ ؛ ﴿ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ﴾٢.
﴿ نار حامية ﴾ شديدة حرارتها. في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم ". قالوا : والله إن كانت لكافية يا رسول الله ؛ قال :" فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها " ؛ يقول صاحب كتاب روح المعاني : وقوله تعالى :﴿ فأما من ثقلت موازينه ﴾ إلى آخره : بيان إجمالي لتحزب الناس حزبين، وتنبيه على كيفية الأحوال الخاصة بكل منهما... وهذا إشارة إلى وزن الأعمال، وهو مما يجب الإيمان به حقيقة، والأشهر الأصح أنه ميزان واحد... لجميع الأمم ولجميع الأعمال ؛ فقوله تعالى :﴿ موازينه ﴾ وهو جمع ميزان.. قيل : للتعظيم، كالجمع في قوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾٣ في وجه، أو باعتبار أجزائه، نحو : شابت مفارقة ؛ أو باعتبار تعدد الأفراد للتغاير الاعتباري، كما قيل في قوله :
لمعان برق أو شعاع شموس
... والظاهر أن الثقل والخفة مثلهما في الدنيا، فما ثقل نزل إلى أسفل ثم يرتفع إلى أعلى عليين، وما خف طاش إلى أعلى ثم نزل إلى سجين٤- وبه صرح القرطبي – والله تعالى أعلم.
Icon