ﰡ
مدنية، وهي خمس آيات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) فلق الشيء: شقّه. قال تعالى: (فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى) والمراد: الصباح، فَعَلٌ بمعنى المفعولِ؛ لأنَّ الليل يُفْلق عنه، أو لأن اللَّه تعالى أخرجه من جيب الليل؛ لقوله: (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ) وفي المثل: " فلق الصبح فالقه ". وعن الضحاك: هو الخلق(مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) من شر مخلوقاته كلها، ذوي العقول وغيرهم، يعم شرّ الدارين في العالم السفلي والعلوى.
(وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) من شرّ الليل إذا دخل ظلامه، من الغسق وهو الظلام، لقوله: (إلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) يقال: غسقت العين إذا امتلأت دَمْعاً. وخصّ بالذكر؛ لأَن انبثاث الشرِّ فيه أكثر، والتحرز منه أشقّ. روى البخاري أنَّ رسول اللَّه - ﷺ - قال: " إذا دخل الظلام أجيفوا الأبواب، وكفّوا الصبيان حتى تذهب فحمة العشاء؛ لأن الشياطن تنتشر بعد المغرب ". وقيل: هو العمر إذا خسف؛ لقول عائشة رضي اللَّه عنها أخذ رسول الله - ﷺ - بيدي ونظر إلى القمر وقال: " تعوذي من شرّ هذا، فإنه الغاسق إذا وقب ". والمعنى: أنه
والوقوب: الدخول، من وقب العين وهو النقرة التي تكون فيها العين.
(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) من شر النفوس الساحرة التي تعقد الخيوط وتنفث فيها لعمل السحر. ولعل ذلك أكثري إذ قد يكون بدونه. والنفث: فوق النفخ، يجوز أن يكون معه ريق، والتفل: لا يكون إلا مع ريق. والتعوذ من إثم ذلك العمل والاتصاف به، أو من الانخداع لتلك الأباطيل، أو مما يصيب اللَّه به المسحور " فإنه سُحر حتى كان يخيل إليه أنه فعل شيئاً لم يكن فعله ". سحره لبيد بن الأعصم اليهودي.
فإن قلت: إذا صحّ أنه سحر فكيف كذبهم اللَّه في قولهم: (إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا) قلت: هذه مقالة المشركين بمكة، وإنما سحر بالمدينة وعائشة رضي اللَّه عنها عنده، وأيضاً لم يكن قصدهم في تسميته مسحوراً ذلك المعنى. بل الجنون بواسطة السحر.
(وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥) إذا ظهر حسده بالقول أو الفعل. والحسد: تمني زوال نعمة الغير وحصولها للحاسد. والاغتباط: هو تمني حصول مثله من غير طلب زوال عنه، وهو المراد بقوله - ﷺ -: " لا حسد إلا في اثنين العلم الذي يعمل به، والمال الذي ينفق في سبيل
* * *
تمت والحمد للَّه وحده.
* * *