ﰡ
مدنية، ست آيات.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)بسيّدهم المتولي أمورهم، المتصرف فيهم.
(مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣) عطف بيان على طريقة الترقي؛ لأنَّ الرب قد لا يكون سلطاناً، وهو أعمّ من أن يكون إلهاً يستحق العبادة. " وتكرير " الناس " مظهراً؛ لأنه أكمل في البيان.
(مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ... (٤) الموسوس، اسم المصدر، أطلق على الفاعل مبالغة. والوسوسة: حديث النفس بالشر، أصله صوت الحلي. قال الأعشى:
تَسمَعُ لِلحَلي وَسواساً إِذا انصرَفت
(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) روى البخاري ومسلم عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول اللَّه - ﷺ - قال: " تجاوز اللَّه عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تكلم أو تعمل به ". ويجوز في محل الموصول الحركات الثلاث: الجر على الصفة، والرفع والنصب على الشتم.
(مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦) بيان لـ " الذي يوسوس " على أنَّ الشيطان يعمّ القبيلين؛ لقوله. (شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ)، ويجوز أن يكون " من " ابتدائية أي: من جهة هذين النوعين.
روى مسلم عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أنَّ رسول اللَّه - ﷺ - قال: " ألم تر آيات أنزلت الليلة، لم ير مثلهن قط، قل أعوذ بربِّ الفلق، وقل أعوذ بربِّ الناس ".
وروى البخارى ومسلم عن عائشة رضي اللَّه عنها: " كان إذا أوى إلى فراشه كلّ ليلة جمع كفيه وقرأ: قل هو اللَّه أحد، والمعوذتين، ونفث فيهما، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده ".
هذا وأنا أعوذ بهما من شر نفسي وشر كل ما ذرأ وبرأ، وأستغفر اللَّه من خطرات الأوهام وعثرات الأقلام، وأسأله العفو والمغفرة لي ولوالدي ولمشايخي الكرام ولكافة المسلمين.
والحمد للَّه المفضل المنعم أولاً وآخراً، والصلاة على أكمل خلقه ترغيماً للشيطان، وعلى إخوانه من المرسلين وسائر الأنبياء، والصالحين من آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين.
فرغ مؤلفه من تأليفه يوم الخميس الثالث من رجب الفرد، الواقع في سنة سبع وستين وثمانمائة، وكان الابتداء به في أواخر سنة ستين وثمانمائة في المسجد الأقصى، تجاه باب الجنة تفاؤلاً، واللَّه خير مأمول ومسؤول.
أتم حامداً للَّه تعالى، وعلى نبيه مصلياً. قد وقع الفراغ من تحرير هذا التفسير الشريف من شهر أواسط شوال المبارك سنة أربع وثمانين وثمانمائة، على يد العبد الضعيف النحيف الأسيف، المحتاج إلى رحمة ربه العفو الغفور اللطيف، الفقير المعتصم بالصمد إبراهيم بن أحمد بن خليل السينائي الحنفي عاملهم اللَّه تعالى بلطفه الخفي.
* * *