تفسير سورة الإنسان

الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور .
لمؤلفه بشير ياسين . المتوفي سنة 2006 هـ

سورة الإنسان
قوله تعالى ﴿ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ هل أتى على الإنسان ﴾ آدم أتى عليه ﴿ حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ﴾ إنما خلق الإنسان هاهنا حديثا ما يعلم من خليقة الله كانت بعد الإنسان.
قوله تعالى ﴿ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج ﴾ أطوار الخلق، طورا نطفة، وطورا علقة، وطورا مضغة، وطورا عظاما ثم كسى العظام لحما، ثم أنشأه خلقا آخر، أنبت له الشعر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في قوله :﴿ أمشاج نبتليه ﴾ يقول : مختلفة الألوان.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قال : أي الماءين سبق عليه أعمامه وأخواله.
قال ابن كثير : وقوله ﴿ نبتليه ﴾ أي : نختبره، كقوله ﴿ ليبلوكم أيكم أحسن عملا ﴾ سورة الملك آية : ٣.
قوله تعالى ﴿ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ إنا هديناه السبيل ﴾ قال : الشقوة والسعادة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ إنا هديناه السبيل إما شاكرا ﴾ للنعم ﴿ وإما كفورا ﴾ لها.
وانظر سورة البلد آية ( ١٠ ) قوله تعالى ﴿ وهديناه النجدين ﴾ طريق الخير وطريق الشر.
قوله تعالى ﴿ إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا ﴾
قال ابن كثير : يخبر تعالى عما أرصده للكافرين من خلقه به من السلاسل والأغلال والسعير، وهو اللهيب والحريق في نار جهنم، كما قال ﴿ إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون ﴾. ا. ه.
انظر سورة غافر آية ( ٧١-٧٢ ) لبيان : الأغلال.
قوله تعالى ﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ مزاجها كافورا ﴾ قال : تمزج.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ﴾ قال : قوم تمزج لهم بالكافور، وتختم لهم بالمسك.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله ﴿ يفجرونها تفجيرا ﴾ قال : يعدلونها حيث شاءوا.
قوله تعالى ﴿ يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ﴾.
قال البخاري : حدثنا أبو عاصم، عن مالك، عن طلحة بن عبد الملك، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم :( من نذر أن يطيع الله فليُطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه ).
( الصحيح ١١/ ٥٩٤- ك الأيمان والنذور، ب النذر فيما لا يملك وفي معصية ح ٦٧٠٠ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ يوفون بالنذر ﴾ قال : إذا نذروا في حق الله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ يوفون بالنذر ﴾ قال : بطاعة الله، وبالصلاة، وبالحج، وبالعمرة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ ويخافون يوما كان شره مستطيرا ﴾ استطاروا الله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض.
قوله تعالى ﴿ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ﴾.
قال البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( فكوا العاني- يعني الأسير- وأطعموا الجائع وعودوا المريض ).
( الصحيح ٦/١٩٣ح ٣٠٤٦- ك الجهاد والسير، ب فكاك الأسير ).
انظر حديث البخاري المتقدم تحت الآية رقم ( ١٠ ) من سورة المنافقون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ﴾ قال : لقد أمر الله بالأسرى أن يحسن إليهم، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك.
قال الطبري حدثنا أبو كريب، قال : ثنا وكيع، عن سفيان، عن سالم، عن مجاهد ﴿ إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ﴾ قال : أما إنهم ما تكلموا به، ولكن علمه الله من قلوبهم، فأثنى به عليهم ليرغب في ذلك راغب.
وسنده حسن، وأخرجه بنحوه عن سعيد بن جبير.
قوله تعالى { إنا نخاف من ربنا عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ إنا نخاف من ربنا يوم عبوسا قمطريرا ﴾ عبست فيه الوجوه، وقبضت ما بين أعينها كراهية ذلك اليوم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله :﴿ عبوسا ﴾ يقول : ضيقا. وقوله ﴿ قمطريرا ﴾ يقول : طويلا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ ولقاهم نضرة وسرورا ﴾ نضرة في وجوههم، وسرورا في قلوبهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ﴾ يقول : وجزاهم بما صبروا على طاعة الله، وصبروا عن معصيته ومحارمه، جنة وحريرا.
قوله تعالى ﴿ متكئين فيها على الآرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ متكئين فيها على الأرائك ﴾ كنا نحدث أنها الحجال فيها الأسرة.
الحجال جمع حجلة : بيت كالقبة يستر بالثياب وتكون له أزرار كبار ( النهاية لابن الأثير ١/٣٤٦ ).
وانظر سورة الكهف آية ( ٣١ )، وسورة يس آية ( ٥٦ ).
قال مسلم : حدثني عمرو بن سواد، وحرملة بن يحيى ( واللفظ لحرملة ) أخبرنا ابن وهب : أخبرني يونس عن ابن شهاب، قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( اشتكت النار إلى ربها. فقالت : يا رب  ! أكل بعضي بعضا. فأذن لها بنفسين : نفس في الشتاء ونفس في الصيف. فهو أشد ما تجدون من الحرّ. وأشد ما تجدون من الزمهرير ).
( الصحيح ١/ ٤٣١- ٤٣٢ )، ك المساجد ومواضع الصلاة، ب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر لمن يمضي إلى جماعة ويناله الحرّ في طريقه ح ٦١٧ )، وأخرجه البخاري في صحيحه ( بدء الخلق، ب صفة النار ح ٣٢٦٠ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قال الله ﴿ لا يرون فيه شمسا ولا زمهريرا ﴾ يعلم أن شدة الحرارة تؤذي، وشدة القر تؤذي، فوقاهم الله أذاهما.
قوله تعالى ﴿ ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ﴾.
انظر سورة الرحمن آية ( ٥٤ ) وسورة الحاقة ( ٢٣ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ وذللت قطوفها تذليلا ﴾ قال : إذا قام ارتفعت بقدره، وإن قعد تدلت حتى ينالها، وإن اضطجع تدلت حتى ينالها، فذلك تذليلها.
قوله تعالى ﴿ ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قوراير من فضة قدروها تقديرا ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ قوارير من فضة ﴾ قال : صفاء القوارير وهي من فضة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ قدروها تقديرا ﴾ قدرت على ري القوم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، في قوله ﴿ مزاجها زنجبيلا ﴾ قال : تمزج بالزنجبيل.
قوله تعالى :﴿ عينا فيها تسمى سلسبيلا ﴾
قال مسلم : حدثني الحسن بن علي الحلواني : حدثنا أبو توبة ( وهو الربيع بن نافع ) : حدثنا معاوية ( يعني ابن سلام )، عن زيد ( يعني أخاه ) ؛ أنه سمع أبا سلام قال : حدثني أبو أسماء الرحبي، أن ثوبان مولى رسول الله حدثه قال : كنتُ قائما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء حبرٌ من أحبار اليهود فقال : السلام عليك يا محمد ! فدفعته دفعة كاد يصرع منها، فقال : لم تدفعني ؟ فقلت : ألا تقول يا رسول الله ! فقال اليهودي : إنما ندعوه باسمه الذي سمّاه به أهله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن اسمي محمد الذي سمّاني به أهلي ) فقال اليهودي : جئت أسألك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أينفعك شيء إن حدثتك ؟ ) قال : أسمع بأذنيّ. فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُود معه. فقال : " سلْ " فقال اليهودي : أين يكون الناس يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( هم في الظلمة دون الجسر ) قال : فمن أول الناس إجازة ؟ قال :( فقراء المهاجرين ) قال اليهودي فما تُحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال :( زيادة كبد النون قال : فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال :( يُنحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها : قال : فما شرابهم عليه ؟ قال :( من عين فيما تسمى سلسبيلا ).
( الصحيح ١/ ٢٥٢-٢٥٣-ك الحيض، ب بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما – ح ٣١٥ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا. عينا فيها تسمى سلسبيلا ﴾ رقيقة يشربها المقربون صرفا، وتمزج لسائر أهل الجنة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ عينا فيها تسمى سلسبيلا ﴾ : عينا سلسلة مستقيدا ماؤها.
قوله تعالى ﴿ ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ ويطوف عليهم ولدان مخلدون ﴾ أي : لا يموتون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ لؤلؤا منثورا ﴾ قال : من كثرتهم وحسنهم.
قوله تعالى :﴿ وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ﴾.
قال ابن كثير : وقوله ﴿ وإذا رأيت ﴾ أي : وإذا رأيت يا محمد ﴿ ثم ﴾ أي : هناك يعني في الجنة ونعيمها وسعتها وارتفاعها وما فيها من الحيرة والسرور ﴿ رأيت نعيما وملكا كبيرا ﴾ أي : مملكة لله هناك عظيمة وسلطانا باهرا.
وثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لآخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا إليها : إن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها.
قوله تعالى ﴿ عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ﴾.
قال ابن كثير : وقوله ﴿ عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ﴾ أي : لباس أهل الجنة فيها الحرير، ومنه سندس، وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم، والاستبرق منه ما فيه بريق ولمعان، وهو مما يلي الظاهر، كما هو المعهود في اللباس ﴿ وحلوا أساور من فضة ﴾ وهذه صفة الأبرار، وأما المقربون فكما قال ﴿ يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : قال الإستبرق : الديباج الغليظ.
وانظر سورة الكهف آية ( ٣١ ) وفيها أساور من ذهب أيضا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله ﴿ شرابا طهورا ﴾ قال : ما ذكر الله من الأشربة.
قوله تعالى ﴿ إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ﴾. غفر لهم الذنب، وشكر لهم الحسن.
وانظر سورة الإسراء آية ( ١٩ ).
قوله تعالى :﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ﴾.
انظر سورة الإسراء ( ١٠٦ ) وسور القدر آية ( ١ ).
قوله تعالى ﴿ واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ﴾
انظر سورة الأحزاب آية( ٤٢ ) وسورة آل عمران آية ( ٤١ ).
قوله تعالى :﴿ ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ﴾.
انظر سورة الإسراء آية ٧٩ وسورة المزمل آية [ ١-٤ ].
قوله تعالى ﴿ إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ﴾
انظر سورة الإسراء آية [ ١٨ ].
قوله تعالى :﴿ نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله ﴿ وشددنا أسرهم ﴾ قال : خلقهم.
قال ابن كثير : وإذا شئنا أتينا بقوم آخرين غيرهم، كقوله ﴿ إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قدير ﴾ وكقوله ﴿ إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز ﴾.
وانظر سورة النساء آية [ ١٣٣ ] وسورة إبراهيم آية [ ١٩-٢٠ ].
قوله تعالى ﴿ إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ﴾
تقدم تفسيرها في سورة المزمل آية [ ١٩ ].
قوله تعالى ﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ﴾.
انظر سورة الكهف آية [ ٢٤ ].
Icon