تفسير سورة القارعة

تيسير التفسير
تفسير سورة سورة القارعة من كتاب تيسير التفسير .
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة القارعة مكية، وآياتها إحدى عشرة، نزلت بعد سورة قريش. والقارعة من أسماء القيامة، كالحاقة والصاخّة والطامّة والغاشية، سميت بذلك ؛ لأنها تقرع القلوب بهولها. وقد بدأت السورة بالتهويل من شأن القارعة التي تصكّ أسماع الناس،
وما في ذلك اليوم من شدائد، وما يكون فيه من أحداث عظام. وذكرت كيف تُنسف الجبال، وتتطاير حتى تصبح كالصوف المنفوش.
كذلك تحدّثت السورة عن أعمال الناس، وأن منهم سعداء برجحان حسناتهم، ومنهم أشقياء بسبب أعمالهم السيئة وسوء مصيرهم.

القارعة : القيامة.
يُهوّلُ الله تعالى في هذه الآية والآيات التي بعدها من وصف يومِ القيامة التي تَقرَعُ قلوبَ الناس بما فيها من أحداثٍ وشدائد.
وأَيُّ شيء أَعلمك يا محمدُ، ما شأنُ القارعة في هَولها على النفوس ! إنها أكبرُ من أن يُحيط بها الإدراك، أو يُلمَّ بها التصوُّر.
المبثوث : المنتشر، المتفرق.
في ذلك اليوم العصيبِ ينتشر الناسُ كالفَراش المتفرق في الفضاءِ، لا يَلوي أحدٌ على أحد، حيارى، هائمين على وُجوههم، لا يدرون ما يفعلون، ولا ماذا يُراد بهم.
العهن : الصوف.
المنفوش : المتطاير المنتشر.
وتكون الجبالُ كالصُّوف الملوَّنِ المتطايرِ في الهواء.
ثقلت موازينه : رجحت حسناته وكثرت.
ثم بعدَ أن ذَكَرَ بعضَ أهوال ذلك اليوم بيَّن حالَ الناس فيه، وانقسامَهم إلى سعيدٍ وشقيّ، فقال :
﴿ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾
فأما الذي كَثُرت حسناتُه بسبب أعماله الصالحة فلا خوفَ عليه، لقد نجا.
فهو في عِيشةٍ يرضاها، وتطيبُ نفسه بها.
﴿ خفت موازينه ﴾ : قلّت حسناته وساءت أعماله.
هاوية : من أسماء جهنم.
وأما من قلَّت حسناتُه وكثُرت سيئاتُه بسبب سوءِ أعماله فمصيرُه جهنّمُ يُهوي فيها إلى أسفلِ الدَرَكات.
ومعنى أُمه هاوية : أن مرجعَه الذي يأوي إليه مَهواةٌ سحيقة في جهنّم، والتعبيرُ في غاية القسوة.
ثم جاءَ بعد ذلك استفهامٌ كبير ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ﴾ ؟
ما أعْلَمَكَ يا محمدُ ما هي الهاوية ! يَا لهُ من استفهام !
إنها ﴿ نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ هي جهنّم التي لا تبلُغُ حرارتَها نارٌ مهما سُعِّرَت وأُلقي فيها من وقود. أعاذَنا الله منها.
Icon