تفسير سورة سورة الماعون من كتاب التيسير في أحاديث التفسير
.
لمؤلفه
المكي الناصري
.
المتوفي سنة 1415 هـ
وتواجهنا بعد ذلك سورة " الماعون ".
ﰡ
وهذه السورة تكشف النقاب عن سريرة المكذبين بالبعث والجزاء، وأن الدافع لهم إلى التكذيب بالنشأة الآخرة هو علمهم بأنهم ليسوا على شيء، وخوفهم من سوء العاقبة، لما هم عليه من قبض في اليد، وغفلة في الفكر، وقسوة في القلب، ورياء للناس، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى بعد البسملة :﴿ أرأيت الذي يكذب بالدين١ ﴾، أي : يكذب بالميعاد والجزاء، ﴿ فذلك الذي يدع اليتيم٢ ﴾، أي : يظلمه ويقهره ولا يحسن إليه، ﴿ ولا يحض على طعام المسكين٣ فويل للمصلين٤ الذين هم عن صلاتهم ساهون٥ ﴾، أي : ساهون عن فعلها بالمرة، أو ساهون عن أدائها في الوقت المقرر لها شرعا، أوساهون عن الخشوع فيها، والتدبر لمعانيها. قال ابن كثير : " فهذا اللفظ يشمل ذلك كله. ولكل من اتصف بشيء من ذلك قسط من الآية، ومن اتصف بجميع ذلك فقد تم له نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق "، الحديث.
وقوله تعالى :﴿ الذين هم يراءون٦ ﴾، أي : الذين يراءون الناس بأعمالهم وعباداتهم، ويفعلونها من أجل رؤية الناس، ﴿ ويمنعون الماعون٧ ﴾، أي : يمنعون بذل المعروف كما فسره محمد بن كعب. قال عكرمة : " رأس الماعون زكاة المال، وأدناه المنخل والدلو والإبرة ". وقال ابن كثير : " هذا الذي قاله عكرمة حسن، فإنه يشمل الأقوال كلها، وترجع كلها إلى شيء واحد، هو أن المراد " بمنع الماعون " ترك المعاونة بمال أو منفعة ".