تفسير سورة العنكبوت

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة العنكبوت من كتاب مجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ

﴿ آلم أَحَسِبَ النَّاسُ ﴾ ساكنٌ لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن من مجاز حروف التهجي ومجاز موضعه في المعنى مجاز ابتداء فواتح سائر السور.
﴿ وَهُمْ لاَ يَفْتَنُونَ ﴾ مجازه : وهم لا يبتلون، ومن بلوته أي خبرته.
﴿ فَلَيَعْلَمنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَّقُوا ﴾ مجازه : فليميزن الله لأن الله قد علم ذلك من قبل.
﴿ مَنْ كانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللِه ﴾ مجازه : من كان يخاف بعث الله، قال أبو ذؤيب :
إذا لَسعتْه الدّبْرُ لم يرْجُ لَسْعَها وحالفها في بيتِ نوبٍ عواملِ
أي لم يجف.
﴿ وَإنْ جَاهَدَاكَ ﴾ مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقوله : وقلنا له وإن جاهداك.
﴿ فَإذَا أُذوِيَ في الله جَعَلَ فِتْنَةَ الناس كَعَذَابِ اللِه ﴾ مجازه : جعل أذى الناس
﴿ وَلَيَعْلَمَنَّ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعَلَّمنَّ المُنَافِقينَ ﴾ مجازه : وليميزن الله هؤلاء من هؤلاء.
﴿ اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلِنَحْملْ خَطَابَاكُمْ ﴾ مجازه : اتبعوا ديننا.
﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهمْ ﴾ مجازها : وليحملن أوزارهم وخطاياهم وأوزاراً وخطايا مع أوزارهم وخطاياهم.
﴿ عَمَّا كانَوا يفْتَرُونَ ﴾ أي يكذبون ويخترعون.
﴿ الطُّوفَانُ ﴾ ممجازه : كل ما طام فاشٍ من سبيل كان أو من غيره وهو كذلك من للوت إذا كان جارفاً فاشياً كثيراً، قال :
أفناهُم طوفانُث موتٍ جارفِ ***
﴿ أَوْثَاناً ﴾ الوثن من حجارة أو من جص.
﴿ وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً ﴾ مجازه : تختلقون وتفترون.
﴿ وَاشْكُرُوا لَهُ ﴾ واشكروه واحد.
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِيْ اللّهُ الَخْلَقْ ﴾ مجازه : كيف استأنف الخلق الأول.
﴿ ثُمَّ بُعِيدُهُ ﴾ بعد، يقال : رجع عَودهُ على بدْئه أي آخره وعلى أوله، وفيه لغتان يقال : أبدأ وأعاد وكان ذلك مُبدئاً ومُعيداً وبدأ وعاد وكان ذلك ادئاً وعائداً.
﴿ كَيْفَ بَدَأ الخْلْقَ ثمُ اللهُ يُنْشِيءُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ ﴾ مجاز ﴿ ينشيء ﴾ يبدئ.
﴿ وإِلَيْه تُقْلَبُونَ ﴾ أي ترجعون.
﴿ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إلَى رِبِّي ﴾ كل من خرج من داره أو قطع شيئاً فقد هاجر ومنه : مهاجر والمسلمين.
﴿ إِنَّا مُنَجُّوكَ وأَهْلَكَ إِلا امْرَأَتَكَ كاَنَتْ مِنْ الغَابِرينَ ﴾ أي من الباقين الذين طالت أعمارهم فبقيت ثم أهلكت، قال العجاج :
فما وَنى محمدٌ مذ أن غَفَرْ له الإلهُ ما مضَى وما غَبَرْ
وإذا كانت امرأة مع رجال كانت صفاتهم صفات الرجال كقولك : عجوزاً من الغابرين، وقوله :﴿ كَانَتْ مِنْ الْقَانِتينَ ﴾.
﴿ سِيءَ بِهِمْ ﴾ مجازه : فعل بهم من سؤت بنا.
﴿ تَركْنا مِنْهَا آيَةً ﴾ مجازه : أبقينا منها علامة.
﴿ وأَرْجُو الْيَوْمَ الآخِرَ ﴾ مجازه : وأخشو اليوم الآخر، قال أبو ذؤيب :
إذا لَسَعَتْه الدَّبْرُ لم يَرْج لسعَها وحالفها في بيتِ نُوبٍ عواملِ
أي لم يخف.
﴿ وَلاَ تَعَثَوْا فيِ الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ مجازه من : عثيت تعثى عثواً هو أشد مباللغة من عثيت ثعيت.
﴿ جَاثِمينَ ﴾ بعضهم على بعض، وجاثمين لركبهم وعلى ركبهم.
﴿ وَمَا كَانُوا سَابِقين ﴾ مجازه : فائقين معجزين.
﴿ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً ﴾ أي ريحاً عاصفاً فيها حصىً ويكون في كلام العرب : الحاصب من الجليد ونحوه أيضاً، قال الفرزدق :
مُستقبلين شِمال الشام تَضربنا بحاصب كنَدِيف القُطن منثورِ
﴿ وَتْلكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاس ﴾ مجازها : هذه الأشباه والنظائر نحتج بها، يقال اضرب لي مثلاً : قال الأعشى :
هل تذكر العَهَدَ في تَنَمُّصَ إذ تضرب لي قاعداً بها مثلا
﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو منْ قَبْلِه مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّه بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتَابَ الْمُبْطُلوَن ﴾ مجازه : ما كنت تقرأ من قبل القرآن حتى أنزل إليك ولا قبل ذلك من كتاب، مجازه : ما كنت تقرأ كتاباً، ومن من حروف الزوائد، وفي آية أخرى :﴿ فمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزينَ ﴾ مجازه : ما منكم أحد عنه حاجزين ﴿ وَلاَ تَخُطُّه بِيَمِنكِ ﴾ أي ولا تكتب كتاباً، ومجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك : ولو كنت تقرأ الكتاب وتخطه لارتاب المبطلون.
﴿ لَنُبَوِّئَنَّهْم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفاً ﴾ مجازه : لننزلنهم، وهو من قولهم : " اللهم بوّئْنا مُبوَّأَ صِدْقٍ ".
﴿ وَكَأَيْن مِنْ دابَّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا ﴾ مجازه : وكم من دابة، ومجاز الدابة : أن كل شيء يحتاج إلى الأكل والشرب فهو دابة من إنس أو غيرهم،
﴿ وإن الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ ﴾ مجازه : الدار الآخرة هي الحيوان، واللام تزاد للتوكيد، قال الشاعر :
أُمّ الحُلَيس لَعجوزٌ شَهْرَ بَهْ تَرْضَى من اللحم يعظم الرَّقَبَهْ
ومجاز الحيوان والحياة واحد، ومنه قولهم : نهر الحيوان أي نهر الحياة، ويقال : حييت حياً على تقدير : عييت عياً، فهو مصدر، والحيوان والحياة اسمان منه فيما تقول العرب، قال العجاج :
وقد ترى إذ الحياة حيُّ ***
أي الحياة.
﴿ ألَيْسَ فيِ جَهنَّمَ مثْوًى لِلْكَافرِينَ ﴾ مجازه مجاز الإيجاب لأن هذه الألف يكون الاستفهام وللايجاب فهي هاهنا للإيجاب، وقال جرير :
ألستُمْ خيرَ مَن ركِب المَطايا وأندَى العالمين بطونَ راحِ
فهذا لم يشك، ولكن أوجب لهم أنهم كذلك، ولولا ذلك ما أثابوه ؛ والرجل يعاتب عبده وهو يقول له : أفعلت كذا، وهو لا يشك.
Icon