وتسمى سورة انفطرت وسورة المنفطرة ولا خلاف في أنها مكية ولا في أنها تسع عشرة آية ومناسبتها لما قبلها معلومة.
ﰡ
وتسمى سورة انفطرت وسورة المنفطرة ولا خلاف في أنها مكية ولا في أنها تسع عشرة آية ومناسبتها لما قبلها معلومة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ أي انشقت لنزول الملائكة كقوله تعالى يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا [الفرقان: ٢٥] والكلام في ارتفاع السماء كما مر في ارتفاع الشمس وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ أي تساقطت متفرقة وهو استعارة لإزالتها حيث شبهت بجواهر قطع سلكها وهي مصرحة أو مكنية وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ فتحت وشققت جوانبها فزال ما بينها من البرزخ واختلط العذاب بالأجاج وصارت بحرا واحدا. وروي أن الأرض تنشف الماء بعد امتلاء البحار فتصير مستوية أي في أن لا ماء وأريد أن البحار تصير واحدة أولا ثم تنشف الأرض جميعا فتصير بلا ماء، ويحتمل أن يراد بالاستواء بعد النضوب عدم بقاء مغايض الماء لقول تعالى لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً [طه: ١٠٧] وقرأ مجاهد والربيع بن خيثم والزعفراني والثوري «فجرت» بالتخفيف مبنيا للمفعول وعن مجاهد أيضا «فجرت» به مبنيا للفاعل بمعنى نبعت لزوال البرزخ من الفجور نظرا إلى قوله تعالى لا يَبْغِيانِ [الرحمن: ٢٠] لأن البغي والفجور أخوان وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ قلب ترابها الذي حثي على موتاها وأزيل وأخرج من دفن فيها على ما فسر به غير
تكثّر ما استطعت من الخطايا... ستلقى في غد ربّا غفورا
تعض ندامة كفيك مما... تركت مخافة الذنب السرورا
فإنه قياس عقيم وتمنية باطلة بل هو مما يوجب المبالغة في الإقبال على الإيمان والطاعة والاجتناب عن الكفر والعصيان دون العكس، ولذا قال بعض العارفين: لو لم أخف الله تعالى لم أعصه، فكأنه قيل: ما حملك على عصيان ربك الموصوف بما يزجر عنه وتدعو إلى خلافه؟ وقيل إن هذا تلقين للحجة وهو من الكرم أيضا فإنه إذا قيل له ما غرك إلخ. يتفطن للجواب الذي لقنه ويقول كرمه كما قيل يعرف حسن الخلق والإحسان بقلة الآداب في الغلمان ولم يرتض ذلك الزمخشري وكان الاغترار بذلك في النظر الجليل وإلّا فهو في النظر الدقيق كما سمعت. وعن الفضيل أنه قال: غره ستره تعالى المرخي وقال محمد بن السماك:
يا كاتم الذنب أما تستحي... والله في الخلوة رائيكا
غرك من ربك إمهاله... وستره طول مساويكا
وقال بعضهم:
يقول مولاي ألا تستحي... مما أرى من سوء أفعالك
فقلت يا مولاي رفقا فقد... جرّأني كثرة أفضالك
وروي أن النبي صلّى الله عليه وسلم قرأ الآية فقال: «الجهل»
وقاله عمر رضي الله تعالى عنه وقرأ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا [الأحزاب: ٧٢] والفرق بين هذا وبين ما ذكروا لا يخفى على ذي علم. واختلف في الْإِنْسانُ المنادى فقيل الكافر، بل عن عكرمة أنه أبيّ بن خلف وقيل الأعم الشامل للعصاة وهو الوجه لعموم اللفظ، ولوقوعه بين المجمل ومفصله أعني عَلِمَتْ نَفْسٌ وإِنَّ الْأَبْرارَ وإِنَّ الْفُجَّارَ وأما قوله تعالى بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ [الانفطار: ٩] ففي الكشف إما أن يكون ترشيحا لقوة اغترارهم بإيهام أنهم أسوأ حالا من المكذبين تغليظا، وإما لصحة خطاب الكل بما وجد فيما بينهم. وقرأ ابن جبير والأعمش: «ما أغرك» بهمزة فاحتمل أن يكون تعجبا وأن تكون ما استفهامية كما في قراءة الجمهور و «أغرك» بمعنى أدخلك في الغرة. وقوله سبحانه الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ صفة ثانية مقررة للربوبية مبينة للكرم مومية إلى صحة ما كذب من البعث والجزاء موطئة لما بعد حيث نبهت على أن من قدر على ذلك بدأ أقدر عليه إعادة، والتسوية جعل الأعضاء سوية سليمة معدة لمنافعها وهي في الأصل جعل الأشياء على سواء فتكون على وفق الحكمة ومقتضاها بإعطائها ما تتم به وعدلها بعضها ببعض بحيث اعتدلت من عدل فلانا بفلان إذا ساوى بينهما أو صرفها عن خلقة غير ملائمة لها من عدل بمعنى صرف. وذهب إلى الأول الفارسي وإلى الثاني الفراء. وقرأ غير واحد من السبعة «عدّلك» بالتشديد أي صيرك معتدلا متناسب الخلق من غير تفاوت فيه ونقل القفال عن بعضهم أن عدل وعدّل بمعنى واحد فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ أي ركبك ووضعك في أي صورة اقتضتها مشيئته تعالى وحكمته جل وعلا من الصور المختلفة في الصور المختلفة في الطول والقصر ومراتب الحسن ونحوها، فالجار والمجرور متعلق ب رَكَّبَكَ وأَيِّ للصفة مثلها في قوله:
أرأيت أي سوالف وخدود | برزت لنا بين اللّوى وزرود |
وفيه أنه صرح أبو علي في التذكرة بأن أيا الموصولة لا تضاف إلى نكرة وقال ابن مالك في الألفية:
واخصصن بالمعرفة موصولة أيا وفي شرحها للسيوطي مع اشتراط ما سبق يعني كون المعرفة غير مفردة فلا تضفها إلى نكرة خلافا لابن عصفور، ويجوز أن تجعل أَيِّ شرطية والماضي في جوابها في معنى المستقبل إذا نظر إلى تعلق المشيئة وترتب التركيب عليه فجيء بصورة إلى الماضي نظر إلى المشيئة وأداة الشرط نظرا إلى المتعلق والترتب، ويجوز أن يكون الجار متعلقا «بعدلك» وحينئذ يتعين في أي الصفة كأنه قيل فَعَدَلَكَ في صورة أي صورة في صورة عجيبة ثم حذف الموصوف زيادة للتفخيم والتعجيب وأَيِّ هذه منقولة من الاستفهامية لكنها لانسلاخ معناها عنها بالكلية عمل فيها ما قبلها، ويكون ما شاءَ رَكَّبَكَ كلاما مستأنفا وما أما موصولة أو موصوفة مبتدأ أو مفعولا مطلقا لركبك، أي ما شاء من التركيب ركبك فيه أو تركيبا شاء ركبك. وجوز أن تكون شرطية وشاءَ فعل الشرط ورَكَّبَكَ جزاؤه أي إن شاء تركيبك في أي صورة غير هذه الصورة ركبك فيها والجملة الشرطية في موضع الصفة لصورة والعائد محذوف، ولم يجوزوا على هذا الوجه تعلق الظرف بركبك لأن معمول ما في حيز الشرط لا يجوز تقديمه عليه كَلَّا ردع عن الاغترار بكرم الله تعالى
روي عن عثمان أنه سأل النبي صلّى الله عليه وسلم كم من ملك على الإنسان؟ فذكر عليه الصلاة والسلام عشرين ملكا.
قال المهدوي في الفيصل: وقيل إن كل آدمي يوكل به من حين وقوعه نطفة في الرحم إلى موته أربعمائة ملك ومن يكتب الأعمال ملكان كاتب الحسنات وهو في المشهور على العاتق الأيمن وكاتب ما سواها وهو على العاتق الأيسر والأول أمين على الثاني فلا يمكنه من كتابة السيئة إلّا بعد مضي ست ساعات من غير مكفر لها، ويكتبان كل شيء حتى الاعتقاد والعزم والتقرير وحتى الأنين في المرض وكذا يكتبان حسنات الصبي على الصحيح ويفارقان المكلف عند الجماع ولا يدخلان مع العبد الخلاء.
وأخرج البزار عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى ينهاكم عن التعري فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى ثلاث حاجات الغائط والجنابة والغسل»
. ولا يمنع ذلك من كتبهما ما يصدر عنه ويجعل الله تعالى لهما أمارة على الاعتقاد القلبي ونحوه ويلزمان العبد إلى مماته فيقومان على قبره يسبحان ويهللان ويكبران ويكتب ثوابه للميت إلى يوم القيامة إن كان آمنا ويلعنانه إلى يوم القيامة إن كان كافرا.
واستظهر بعضهم أنهما اثنان بالشخص وقيل بالنوع وقيل: كاتب الحسنات يتغير دون كاتب السيئات ونصوا على أن المجنون لا حفظة عليه وورد في بعض الآثار ما يدل على أن بعض الحسنات ما يكتبها غير هذين الملكين والظواهر تدل على أن الكتب حقيقي وعلم الآلة وما يكتب فيه مفوض إلى الله عز وجل.
وقوله سبحانه إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ استئناف مسوق لبيان نتيجة الحفظ والكتب من الثواب والعقاب. وفي تنكير النعيم والجحيم ما لا يخفى من التفخيم والتهويل. وقوله تعالى يَصْلَوْنَها إما صفة للجحيم أو حال من ضمير الْفُجَّارَ في الخبر أو استئناف مبني على سؤال نشأ من
٣٧] في الدلالة على سرمدية العذاب وأنهم لا يزالون محسين بالنار. وقيل معناه وما كانوا غائبين عنها قبل ذلك بالكلية بل كانوا يجدون سمومها في قبورهم حسبما
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «القبر روضة من رياض الجنة- أو- حفرة من حفر النار»
على أن غائبين من حكاية الحال الماضية والجملة قيل على الوجهين في موضع الحال لكنها على الأول حال مقدرة وعلى الثاني من باب جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ [النساء: ٩٠] وقيل إنها على الأول حالية دون الثاني لانفصال ما بين صلي النار وعذاب القبر بالبعث وما في موقف الحساب بل هي عليه معطوفة على ما قبلها، ويحتمل اسم الفاعل فيها أعني غائبين على الحال أي وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ الآن لتغاير المعطوف عليه الذي أريد به الاستقبال. والكلام على ما عرف في أخباره تعالى من التعبير عن المستقبل بغيره لتحققه فلا يرد أن بعض الفجار في زمرة الأحياء بعد وبعضهم لم يخلق كذلك وعذاب القبر بعد الموت فكيف يحمل غائبين على الحال. وقوله تعالى وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ
تفخيم لشأن يوم الدين الذي يكذبون به إثر تفخيم وتعجيب منه بعد تعجيب والخطاب فيه عام، والمراد أن كنه أمره بحيث يدركه دراية داري وقيل الخطاب لسيد المخاطبين صلّى الله عليه وسلم وقيل للكافر والإظهار في موضع الإضمار تأكيد لهول يوم الدين وفخامته وقد تقدم الكلام في تحقيق كون الاستفهام في مثل ذلك مبتدأ أو خبرا مقدما فلا تغفل. وقوله سبحانه يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ بيان إجمالي لشأن يوم الدين أثر إبهامه وإفادة خروجه عن الدائرة الدراية قيل بطريق إنجاز الوعد فإن نفي الإدراء مشعر بالوعد الكريم بالإدراء على ما روي عن ابن عباس من أنه قال: كل ما في القرآن من قوله تعالى ما أَدْراكَ فقد أدراه وكل ما فيه من قوله عز وجل ما يُدْرِيكَ [الأحزاب: ٦٣، الشورى: ١٧، عبس: ٣] فقد طوى عنه. ويَوْمَ منصوب بإضمار اذكر كأنه قيل بعد تفخيم أمر يوم الدين وتشويقه صلّى الله عليه وسلم إلى معرفته اذكر يوم لا تملك نفس من النفوس لنفس من النفوس مطلقا لا للكفارة فقط كما روي عن مقاتل شيئا من الأشياء إلخ فإنه يدريك ما هو أو مبني، على الفتح محله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف على رأي من يرى جواز بناء الظرف إذا أضيف إلى غير متمكن وهم الكوفيون أي هو يوم لا تملك إلخ. وقيل هو نصب على الظرفية بإضمار يدانون أو يشتد الهول أو نحوه مما يدل عليه السياق، أو هو مبني على الفتح محله الرفع على أنه بدل من يَوْمُ الدِّينِ وكلاهما ليسا بذاك لخلوهما عن إفادة ما أفاده ما قبل.
وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى وابن جندب وابن كثير وأبو عمرو «يوم» بالرفع بلا تنوين على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو يوم لا بدل لما سمعت آنفا. وقرأ محبوب عن أبي عمرو «يوم» بالرفع والتنوين فجملة لا تَمْلِكُ إلخ في موضع الصفة له والعائد محذوف أي فيه والأمر كما قال في الكشف واحد الأوامر لقوله تعالى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر: ١٦] فإن الأمر من شأن الملك المطاع واللام للاختصاص أي الأمر له تعالى لا لغيره سبحانه لا شركة ولا استقلالا أي إن التصرف جميعه في قبضة قدرته عز وجل لا غير. وفي تحقيق قوله تعالى لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً لدلالته على أن الكل مسوسون مطيعون مشتغلون بحال أنفسهم مقهورون بعبوديتهم لسطوات الربوبية، وقيل واحد الأمور أعني الشأن وليس بذاك. وقول قتادة فيما أخرجه عند عبد بن
ويقال لها سورة المطففين، واختلف في كونها مكية أو مدنية فعن ابن مسعود والضحاك أنها مكية، وعن الحسن وعكرمة أنها مدنية وعليه السدّي، قال: كان بالمدينة رجل يكنى أبا جهينة له مكيالان يأخذ بالأوفى ويعطي بالأنقص فنزلت. وعن ابن عباس روايات فأخرج ابن الضريس عنه أنه قال: آخر ما نزل بمكة سورة المطففين، وأخرج ابن مردويه والبيهقي عنه أنه قال: أول ما نزل بالمدينة وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ويؤيد هذه الرواية ما أخرجه النسائي وابن ماجة والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح وغيرهم عنه قال: لما قدم النبي صلّى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله تعالى وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فأحسنوا الكيل بعد ذلك وفي رواية عنه أيضا وعن قتادة أنها مكية إلّا ثمان آيات من آخرها إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا [المطففين: ٢٩] إلخ وقيل: إنها مدنية إلّا ست آيات من أولها وبعض من يثبت الواسطة بين المكي والمدني يقول إنها ليست أحدهما بل نزلت بين مكة والمدينة ليصلح الله تعالى أمر أهل المدينة قبل ورود رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليهم، وآيها ست وثلاثون بلا خلاف والمناسبة بينها وبين ما قبلها أنه سبحانه لما ذكر فيما قبل السعداء والأشقياء ويوم الجزاء وعظم شأنه ذكر عز وجل هنا ما أعد جل وعلا لبعض العصاة وذكر سبحانه بأخس ما يقع من المعصية وهو التطفيف الذي لا يكاد يجدي شيئا في تثمير المال وتنميته، مع اشتمال هذه السورة من شرح حال المكذبين المذكورين هناك على زيادة تفصيل كما لا يخفى. وقال الجلال السيوطي: الفصل بهذه السورة بين الانفطار والانشقاق التي هي نظيرتها من أوجه لنكتة لطيفة ألهمنيها الله تعالى وذلك أن السور الأربع هذه والسورتان قبلها والانشقاق لما كانت في صفة حال يوم القيامة ذكرت على ترتيب ما يقع فيه فغالب ما وقع في التكوير وجميع ما وقع في الانفطار يقع في صدر يوم القيامة ثم بعد ذلك يكون الموقف الطويل ومقاساة الأهوال فذكره في هذه السورة بقوله تعالى يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [المطففين: ٦] ثم بعد ذلك تحصل الشفاعة العظمى فتنشر الصحف فآخذ باليمين وآخذ بالشمال وآخذ ما وراء ظهره ثم بعد ذلك يقع الحساب كما ورد بذلك الآثار فناسب تأخر سورة الانشقاق التي فيها إيتاء الكتب والحساب عن السورة التي فيها ذكر الموقف والسورة التي فيها ذكره عن السورة التي فيها ذكر مبادئ أحوال اليوم ووجه آخر وهو أنه جل جلاله لما قال في الانفطار وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ [الانفطار:
١٠، ١١] وذلك في الدنيا ذكر سبحانه في هذه الحال ما يكتبه الحافظون وهو مرقوم يجعل في عليين أو سجين وذلك أيضا في الدنيا كما تدل عليه الآثار فهذه حالة ثانية للكتاب ذكرت في السورة الثانية وله حالة ثالثة متأخرة عنهما وهي إيتاؤه صاحبه باليمين أو غيرها وذلك يوم القيامة فناسب تأخير السورة التي فيها ذلك عن السورة التي فيها الحالة الثانية انتهى. وهو وإن لم يخل عن لطافة للبحث فيه مجال فتذكر.