ﰡ
شرح الكلمات:
إذا السماء انفطرت: أي انشقت.
وإذا الكواكب انتثرت: أي تساقطت.
وإذا البحار فجرت: أي اختلطت ببعضها وأصبحت بحراً واحداً الملح والعذب سواء.
وإذا القبور بعثرت: قلب ترابها وبعث موتاها.
علمت نفس ما قدمت: أي من الأعمال وما لأخرت منها فلم تعمله وذلك عند قراءتها كتاب أعمالها.
ما غرك بربك: أي شيء خدعك وجرأك على عصيانه.
الذي خلقك: أي بعد أن لم تكن.
فسواك: أي جعلك مستوى الخلقة سالم الأعضاء.
فعدلك: أي جعلك معتدل الخلق متناسب الأعضاء ليست يد أطول أو رجل أطول من الأخرى.
كلا بل تكذبون بالدين: ليس الكرم هو الذي غره وإنما جرأه على المعاصي تكذيبه بالدين الذي هو الجزاء بعد البعث حياً من قبره.
وإن عليكم لحافظين كراما: أي وإن عليكم لملائكة كراما على الله تعالى حافظين لأعمالكم.
كاتبين: أي لها أي لأعمالكم خيرها وشرها حسنها وقبيحها.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿إِذَا١ السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ﴾ ٢ أي انشقت ﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ﴾ أي انفضت وتساقطت ﴿وَإِذَا
٢ صيغة الماضي في انفطرت وانتثرت، وفجرت وبعثرت للدلالة على تحقق الوقع نحو {أَتَى أَمْرُ اللهِ﴾
بقوله ما غرك أي أي شيء خدعك وجرأك على الكفر بربك الكريم وعصيانه بالفسق عن أمره والخروج عن طاعته. وهو القادر على مؤاخذتك والضرب على يديك ساعة ما كفرت به أو عصيته أليس هو الذي خلقك فسوى خلقك وعدل٤ أعضاءك وناسب بين أجزائك في أي صورة ما شاء ركبك إن شاء بيضك أو سودك طولك أو قصرك جعلك ذكراً أو أنثى إنساناً أو حيوانا قرداً أو خنزيراً هل هناك من يصرفه عما أراد لك والجواب لا أحد إذاً كيف يسوغ لك الكفر به وعصيانه والخروج عن طاعته وبعد هذا التوبيخ والتأنيب قال تعالى ﴿كَلَّا﴾ أي ما غرك كرم٥ الله ولا حلمه ﴿بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾ أي بالبعث والجزاء في الدار الآخرة هو الذي جرأكم على الكفر والظلم والإجرام وما علمتم والله إن عليكم لحافظين يحفظون عليكم أعمالكم ويحصونها لكم ويكتبونها في صحائفكم. يعلمون ما
٢ ليس بلازم أنها بمجرد ما يحصل الذي جعلت إذا شرطاً له يتم العلم للنفس، وإنما إذا قامت القيامة بحصول الانقلاب الكوني وحشر الناس لفصل القضاء ثم يحصل للنفس. فتعلم ما قدمت وما أخرت.
٣ الإنسان هنا للجنس وقيل المراد به أبو الأسد بن كلدة الجمحي والاستفهام للإنكار عليه كفره والتعجب من حاله ونداؤه (يا أيها الإنسان) مشعر بالاهتمام.
(فعدلك) قرأ نافع فعدلك بتشديد الدال. وقرأ حفص بتخفيفها.
٥ روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ (إذا السماء انفطرت) قال غره جهله قيل للفضيل بن عياض لو أقامك الله يوم القيامة بين يديه فقال (ما غرك بربك الكريم) ماذا كنت تقول؟ قال: كنت أقول غرني ستورك المرخاة لأن الكريم هو الستار نظمه ابن السماك فقال:
ياكاتم الذنب أما تستحي
والله في الخلوة ثانيكما
غرك من ربك امهاله
وستره طول مساويكا
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١-بيان أحداث تسبق يوم البعث وذلك في نفخة الفناء وأما النفخة الثانية وهي نفخة البعث حيث تجمع الخلائق ويجري الحساب فتعطى الصحف وتوزن الأعمال وينصب الصراط، ثم إلى جنة أو إلى نار.
٢- التحذير من السنة السيئة يتركها المرء بعده فإن أوزارها تكتب عليه وهو في قبره.
٣- التحذير من الغرور والانخداع بعامل الشيطان من الإنس والجن.
٤- التحذير من التكذيب بالبعث والجزاء فإنه أكبر عامل من عوامل الشر والفساد في الدنيا وأكبر موجب للعذاب يوم القيامة.
٥-تقرير عقيدة كتابة الأعمال حسنها وسيئها والحساب بمقتضاها يوم القيامة بواسطة ملكين كريمين على كل إنسان مكلف لحديث الصحيح يتعاقبون فيكم الملائكة بالليل وملائكة بالنهار الحديث.
إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (١٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)
شرح الكلمات:
إن الأبرار: أي المؤمنين المتقين الصادقين.
وإن الفجار: أي الكافرين والخارجين عن طاعة الله ورسوله.
يصلونها يوم الدين: أي يدخلونها ويقاسون حرها يوم الجزاء وهو يوم القيامة.
وما هم عنها بغائبين: أي بمخرجين.
﴿وما أدراك ما يوم الدين﴾ : أي أي شيء جعلك تدري لولا أنا علمناك.
لا تملك نفس لنفس شيئا: أي من المنفعة وإن قلت.
معنى الآيات:
تقدم أن العرض على الله حق وأن المجازاة تكون بحسب الأعمال التي عملها المرء، وأنها محفوظة محصاة عليه بواسطة ملائكة كرام. وأن الناس يومئذ كما هم اليوم مؤمن بار وكافر فاجر. بين تعالى جزاء الكل مقروناً بعلة الحكم فقال عز وجل ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي١ نَعِيمٍ﴾ أي في الجنة دار السلام وذلك لبرورهم وهو طاعتهم لله في صدق كامل ﴿إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ أي نار ذات جحيم وذلك لفجورهم وهو كفرهم وخروجهم عن طاعة ربهم. وقوله ﴿يَصْلَوْنَهَا﴾ ٢ أي يدخلونها ويقاسون حرها ﴿يَوْمَ الدِّينِ﴾ أي يوم الجزاء الذي كفروا به فأدى بهم إلى الفجور وارتكاب عظائم الذنوب. وقوله ﴿وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ﴾ ٣ أي إذا دخلوها لا يخرجون منها. وقوله ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ أي وما يعلمك يا رسولنا ما يوم الدين إنه يوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين هكذا يخبر تعالى عن عظم شأن هذا اليوم. ويؤكد ذلك فيقول ﴿ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ ويكشف عن بعض جوانب الخطورة بقوله ﴿يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ من المنفعة حيث يكون الأمر كله فيه لله وحده ولا تنفع فيه الشفاعة إلا بإذنه وما للظالمين فيه من شفيع ولا حميم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان حكم الله في أهل الموقف إذ هم ما بين بار صادق فهو في نعيم وفاجر كافر فهو في جحيم.
٢- بيان عظم شأن يوم الدين وأنه يوم عظيم.
٣- بيان أن الناس في يوم الدين لا تنفعهم شفاعة ولا خلة إذ لا يشفع أحد إلا بإذن الله والكافرون هم الظالمون، وما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع.
٢ يصلونها قال القرطبي يصيبهم حرها ولهيبها وهذا قطعاً بعد دخولها.
٣ كونهم لا يغيبون عنها دال على أن الفجار هم المشركون والكافرون إذ المؤمنون لا يخلدون في النار.