تفسير سورة الطلاق

أيسر التفاسير للجزائري
تفسير سورة سورة الطلاق من كتاب أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير المعروف بـأيسر التفاسير للجزائري .
لمؤلفه أبو بكر الجزائري . المتوفي سنة 1439 هـ

اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً (١)
شرح الكلمات:
يا أيها النبي: أراد الله بالنداء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته بدليل ما بعده.
إذا طلقتم النساء: أي إذا أردتم طلاقهن.
فطلقوهن لعدتهن: أي لقبل عدتهن أي في طهر لم يجامعها فيه.
وأحصوا العدة: أي احفظوا مدتها حتى يمكنكم المراجعة فيها.
واتقوا الله ربكم: أي أطيعوه في أمره ونهيه.
لا تخرجوهن من بيوتهن: أي لا تخرجوا المطلقة من بيت زوجها الذي طلقها حتى تنقضي عدتها.
إلا أن يأتين بفاحشة مبينة: أي إلا أن يؤذين بالبذاء في القول وسوء الخلق، أو يرتكبن فاحشة من زناً بينة ظاهرة لا شك فيها.
وتلك حدود الله: أي المذكورات من الطلاق في أول الطهر وإحصاء العدة وعدم إخراج المطلقة من بيتها حتى تنقضي عدتها.
لا تدري لعل الله يحدث بعد: أي يجعل في قلب الزوج الرغبة في مراجعتها فيراجعها إذا لم تكن الثالثة من
ذلك أمراً الطلقات.
معنى الآية:
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ ١ يخاطب الله تبارك وتعالى رجال أمة الإسلام في شخصية نبيها محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: إذا طلقتم٢ أي إذا أردتم طلاقهن لأمر اقتضى ذلك فطلقوهن لعدتهن أي لأول عدتهن وذلك في طهر لم تجامع فيه لتعد ذلك الطهر أول عدتها. وقوله تعالى:
١ في سنن ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلق حفصة رضي الله عنها ثم راجعها بأمر الله تعالى وقيل له: راجعها فإنها قوامة صوامة رضي الله عنها وأرضاها، وضعف الحديث، وعلى كل حال فالآية تشريع عام لأمة الإسلام بغض الطرف عن سبب النزول.
٢ وردت أحاديث كثيرة ضعيفة السند ومجموعها يدل على كراهية الطلاق وأنه عمل غير صالح إن كان بدون ضرورة وهي رفع الضرر عن أحد الكتزوجين. الجمهور أن من طلق واستثنى فله ما استثناه فلو قال: أنت طالق إن شاء الله فله استثناؤه ولا طلاق عليه.
372
﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾ أي احفظوها فاعرفوا بدايتها ونهايتها لما يترتب على ذلك من أحكام من صحة المراجعة وعدمها، ومن النفقة، والإسكان وعدمهما. وقوله: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ﴾ فامتثلوا أوامره وقفوا عند حدوده فلا تتعدوها، لا تخرجوهن أي المطلقات من بيوتهن اللاتي طلقن فيهن، ولا يخرجن أي ويجب أن لا يخرجن من بيوتهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة كزناً ظاهرٍ أو تكون سيئة بذيئة اللسان فتؤذي أهل البيت أذىً لا يتحملونه فعندئذ يباح إخراجها.
وقوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ﴾ أي المذكورات من الطلاق لأول الطهر، وإحصاء العدة، وعدم إخراجهن من بيوتهن، وقوله ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ﴾ فيتجاوزها ولم يقف عندها فقد ظلم نفسه وتعرض لعقوبة الله تعالى عاجلاً أو آجلاً.
وقوله تعالى: ﴿لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً﴾ أي بأن يجعل الله تعالى في قلب الرجل رغبة في مراجعة مطلقته فيراجعها، وفي ذلك خير كثير.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- بيان السنة في الطلاق وهي أن يطلقها في طهرٍ لم يمسها ١في بجماع.
٢- أن يكون الطلاق واحدة لا اثنتين ولا ثلاثاً.
٣- وجوب إحصاء العدة ليعرف الزوج متى تنقضي عدة مطلقته لما يترتب على ذلك من أحكام الرجعة والنفقة والإسكان.
٤- حرمة إخراج المطلقة من بيتها الذي طلقت فيه إلى أن تنقضي عدتها إلا أن ترتكب فاحشة ظاهرة كزناً أو بذاءة أو سوء خلق وقبيح معاملة فعندئذ يجوز إخراجها.
فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ
١ وأن يكون لا اثنتين ولا ثلاثاً، وطلاق البدعة خلافه وهو: أن يطلقها وهي حائض أو في طهر جامعها فيه أو بلفظ اثنين أو ثلاث ومن أهل العلم من لا يعد الطلاق البدعي طلاقاً، ومنهم من يمضيه واحتج المانعون والمجيزون بحديث ابن عمر في الصحيح: (إذ طلق ابن عمر زوجته وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له: ليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر بها الله عز وجل) فمن قال: إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد حسبها له طلقة قال الطلاق في الحيض يمضي وهو بدعة، ومن قال: إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعدها بل قال له: "إذا طهرت ليطلق أو ليمسك" قال: الطلاق في الحيض بدعة ولا يمضي.
373
وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (٣)
شرح الكلمات:
فإذا بلغن أجلهن: أي قاربن انقضاء عدتهن.
فأمسكوهن بمعروف: أي بأن تراجعوهن بمعروف من غير ضرر.
أو فارقوهن بمعروف: أي أتركوهن حتى تنقضي عدتهن ولا تضاروهن بالمراجعة.
وأشهدوا ذوي عدل منكم: أي اشهدوا على الطلاق وعلى المراجعة رجلين عدلين منكم أي من المسلمين فلا يشهد كافر.
وأقيموا الشهادة لله: أي لا للمشهود عليه أوله بل لله تعالى وحده.
ذلكم يوعظ به من كان يؤمن: أي ذلكم المذكور من أول السورة من أحكام يؤمر به وينفذه من كان يؤمن بالله
بالله واليوم الآخر واليوم الآخر.
ومن يتق الله: أي في أمره ونهيه فلا يعصه فيهما.
يجعل له مخرجاً: أي من كرب الدنيا والآخرة.
ويرزقه من حيث لا يحتسب: أي من حيث لا يرجوا ولا يؤمل.
فهو حسبه: أي كافيه ما يهمه من أمر دينه ودنياه.
قد جعل الله لكل شيء قدراً: أي من الطلاق والعدة وغير ذلك حداً وأجلاً وقدراً ينتهي إليه.
معنى الآيتين:
ما زال السياق الكريم في بيان العدد وأحكام الطلاق والرجعة. قال تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ﴾ ١ أي المطلقات أجلهن أي قاربن انقضاء العدة فأمسكوهن بمعروف أي راجعوهن على أساس حسن العشرة والمصاحبة الكريمة لا للإضرار بهن كأن يراجعها ثم يطلقها يطول عليها العدة فهذا لا
١ هذا لقوله تعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن) أي: قاربن من انقضاء الأجل.
374
يجوز لحرمة الإضرار بالناس وفي الحديث: لا ضرر١ ولا ضرار. وقوله ﴿أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ وذلك بأن يعطيها ما بقي لها من مهرها ويمتعها٢ بحسب حاله غنىً وفقراً. وقوله تعالى ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ أي أشهدوا على النكاح والطلاق والرجعة أما الإشهاد على النكاح فركن ولا يصح النكاح بدونه، وأما في الطلاق والرجعة فهو مندوب، وقد يصح الطلاق والرجعة بدونه، ويشترط في الشهود أن يكونوا عدولاً، وأن يكونوا مسلمين لا كافرين. ٣ وقوله ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ أي أدوها على وجهها ولا تراعوا فيها إلا وجه الله عز وجل. وقوله: ﴿ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أي ذلكم المأمور به من أول السورة كالطلاق في طهر لم يجامعها فيه وكإحصاء العدة وعدم إخراج المطلقة من بيتها والإمساك بالمعروف والفراق بالمعروف والإشهاد في النكاح والطلاق والرجعة والإقساط في الشهادة كل ذلك يوعظ به أي يؤمر به وينفذه المؤمن بالله واليوم الآخر إذ هو الذي يخاف عقوبة الله وعذابه فلا يقدم على معصيته.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ هذه الآية نزلت في عوف بن مالك الأشجعي أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال يا رسول الله إن ابني أسره العدو وجزعت أمه فبم تأمرني؟ قال آمرك وإياها أن تكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. فقالت المرأة نعم ما أمرك به فجعلا يكثران منها فغفل العدو عن ابنهما فاستاق غنمهم وجاء بها إلى أبويه فنزلت هذه الآية، وهي عامة في كل من يتق الله تعالى فإنه يجعل له من كل ضيق مخرجاً ومن كل كرب فرجا، ويرزقه من حيث لا يرجو ولا يؤمل، ولا يخطر له على بال، ومن يتوكل على الله تعالى في أمره فلا يفرط في أمر الله، ولا يضيع حقوقه فإن الله تعالى يكفيه ما يهمه من أمر دينه ودنياه. وقوله تعالى ﴿إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ ٤ أي منفذ أمره في عباده لا يعجزونه أبداً، وقد٥ جعل لكل شيء قدراً أي مقداراً وزماناً ومكاناً فلا يتقدم ولا يتأخر، ولا يزيد ولا ينقص فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، ولا يقع في ملك الله إلا ما يريد الله.
١ رواه مسلم في صحيحه.
٢ المتعة واجبة للمطلقة التي لم يفرض لها صداق ولغيرها من المطلقات سنة مستحبة.
٣ قرأ نافع (إن الله بالغ أمره) بتنوين بالغ ونصب أمره على أنه معمول لاسم الفاعل المنون، وقرأ حفص بإضافة بالغ إلى أمره فبالغ مرفوع بدون تنوين وأمر: مجرور بالإضافة إليه.
٤ قرأ نافع (إن الله بالغ أمره) بتنوين بالغ ونصب أمره على أنه معمول لاسم الفاعل المنون، وقرأ حفص بإضافة بالغ إلى أمره فبالغ مرفوع بدون تنوين وأمره: مجرور بالإضافة إليه.
٥ أي: لكل شيء من الشدة والرخاء أجل ينتهي إليه. قال القرطبي: وما في التفسير أوضح وأشمل.
375
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- لا تصح الرجعة إلا في العدة فإن انقضت العدة فلا رجعة وللمطلقة أن تتزوج من شاءت هو أو غيره من ساعة انقضاء عدتها.
٢- لا تحل المراجعة للإضرار، ولكن للفضل والإحسان وطيب العشرة.
٣- مشروعية الإشهاد على الطلاق والرجعة معاً.
٤- يشترط في الشهود العدالة، فإذا خفت العدالة في الناس استكثر من الشهود.
٥- وعد الله الصادق بالفرج القريب لكل من يتقه سبحانه وتعالى، والرزق من حيث لا يرجو.
٦- تقرير عقيدة القضاء والقدر.
٧- كفاية الله لمن توكل عليه. ١
وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤) ذَلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥)
شرح الكلمات:
واللائي يئسن من المحيض: والنسوة اللائي يئسن من المحيض.
إن ارتبتم: أي شككتم في عدتهن.
واللائي لم يحضن: أي لكبر سن أو صغر سن.
وأولات الأحمال: أي ذوات الأحمال: النساء الحوامل.
أجلهن: أي في انقضاء عدتهن أن يضعن حملهن.
١ روى القرطبي عن الربيع بن خيثم قوله: إن الله تعالى قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه ومن آمن به هداه، ومن أقرضه جازاه ومن وثق به نجاه ومن دعاه أجاب له وتصديق ذلك في كتاب الله (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) (ومن يتوكل على الله فهو حسبه). (إن تقرضوا الله قرضاً حسنا يضاعفه لكم) (ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان).
376
ذلك أمر الله: أي ذلك المذكور في العدة وتفاصيلها.
أنزله إليكم: أي لتأتمروا به وتعملوا بمقتضاه.
معنى الآيتين:
ما زال السياق الكريم في بيان أحكام الطلاق والرجعة والعدة فقال تعالى: ﴿١وَاللَّائِي يَئِسْنَ٢ مِنَ الْمَحِيضِ﴾ أي لكبر سنهن كمن تجاوزت الخمسين من عمرها إذا طلقت بعد الدخول بها. إن ارتبتم٣ أيها المؤمنون في مدة عدتهن، فعدتهن ثلاثة أشهر. واللائي لم يحضن أي لصغرهن كذلك، عدتهن ثلاثة أشهر وقوله ﴿وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ﴾ أي الحوامل إن طلقن أو مات عنهن أزواجهن أجلهن في انقضاء عدتهن أن يضعن حملهن أي وضع حملهن فمتى ولدت ما في بطنها من جنين فقد انقضت عدتها ولو وضعته قبل استكمال التسعة أشهر، إن لم تتعمد إسقاطه بالإجهاض المعروف اليوم عند الكوافر والكافرين.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ﴾ أي منكم أيها المؤمنون في هذه الأحكام المتعلقة بالطلاق والرجعة والعدة فلا يخالف أمره في ذلك يكافئه الله تعالى من فضله فيجعل له من أمره يسرا فيسهل عليه أمره ويرزقه ما تقر به عينه ويصلح به شأنه.
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ﴾ أي ذلك المذكور من الأحكام في هذه السورة من الطلاق والرجعة والعدة وتفاصيلها حكم الله أنزله إليكم لتأمروا وتعملوا به فاعملوا به ولا تهملوه طاعة لله وخوفاً من عذابه ومن يتق الله في أوامره ونواهيه فيؤدى الواجبات ويتجنب المحرمات يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً أي يغفر له ذنوبه ويدخله الجنة.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
١- بيان العدة وهي كالتالي:
١- متوفى عنها زوجها وهي غير حامل عدتها: أربعة أشهر وعشر ليال.
١ روي أن عددا من الصحابة وهم: أبي بن كعب وخلاد بن النعمان ومعاذ بن جبل كل واحد سأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عدة الصغيرة والكبيرة ممن لا يحضن وعدة الحامل كذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية: (واللائي يئسن). والآية مخصصة لعموم آية البقرة (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) فقد نزلت سورة الطلاق بعد سورة البقرة.
٢ اليأس: عدم الأمل والميؤوس منه في الآية هو: الحيض وسواء كان قد وجد وانعدم أم لم يوجد بعد.
٣ أطلق الفقهاء على التي تحيض وانقطع حيضها وهي لم تبلغ سن اليأس أطلقوا عليها: (المرتابة) وألزموها بأن تتربص تسعة أشهر وهي مدة الحمل فإن لم تحض ولم يظهر لها حمل اعتدت بثلاثة أشهر فتتم لها سنة ثم لها أن تتزوج لانقضاء عدتها.
377
٢- متوفى عنها زوجها وهي حامل: عدتها وضع حملها. ١
٣- مطلقة لا تحيض لكبر سنها أو لصغر سنها وقد دخل بها: عدتها ثلاثة أشهر.
٤- مطلقة تحيض عدتها ثلاثة قروء أي حيض تبتدئ بالحيضة التي بعد الطهر الذي طلقت فيه. أو ثلاثة أطهار٢ كذلك الكل واسع ولفظ القرء مشترك دال على الحيض وعلى الطهر.
٥- بيان أن أحكام الطلاق والرجعة والعدد مما أوحى الله به وأنزله في كتابه فوجب العمل به ولا يحل تبديله أو تغييره باجتهاد أبداً.
٦- فضل التقوى وأنها باب كل يسر وخير في الحياة الدنيا والآخرة.
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (٦) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧)
شرح الكلمات:
من وجدكم: أي من وسعكم بحيث يسكن الرجل مطلقته في بعض سكنه.
ولا تضاروهن: أي لا تطلبوا ضررهن بأي حال من الأحوال سواء في السكن أو النفقة.
١ اختلف في الحامل تسقط هل تنقضي عدتها بالإسقاط أو لا فالإجماع إن كان ما سقط منها ولد تام الخلقة فإن عدتها انتهت بذلك، واختلف فيما إذا كان السقط مجرد علقة أو مضغة والراجع أنها تحل لأن العبرة بخلو الرحم يقيناً وقد خلا بالإسقاط.
٢ الاعتداد بالأطهار أولى لما فيه من التخفيف على المعتدة ولظاهر الآية (فطلقوهن لعدتهن) أي: لأول عدتهن وهو الطهر الذي طلقها فيه ولم يمسها.
378
لتضيقوا عليهن: أي لأجل أن تضيقوا عليهن السكن فيتركنه لكم ويخرجن منه.
وإن كن أولات أحمال: أي حوامل يحملن الأجنة في بطونهن.
فإن أرضعن لكم: أي أولادكم.
فآتوهن أجورهن: فأعطوهن أجورهن على الإرضاع هذا في المطلقات.
وأتمروا بينكم بمعروف: وتشاورا أو ليأمر كل منكم صاحبه بأمر ينتهى باتفاق على أجرة معقولة لا إفراط فيها ولا تفريط.
وإن تعاسرتم: فإن امتنعت الأم من الإرضاع أو امتنع الأب من الأجرة.
لينفق ذو سعة من سعته: أي لينفق على المطلقات المرضعات ذو الغنى من غناه.
ومن قدر عليه رزقه: ومن ضيق عليه عيشه فلينفق بحسب حاله.
معنى الآيتين:
بعد بيان الطلاق بقسميه الرجعى والبائن وبيان العدد على اختلافها بين تعالى في هاتين الآيتين أحكام النفقات والإرضاع فقال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ١ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ أي من وسعكم ولا تضاروهن٢ بأي مضارة لا في السكن ولا في الإنفاق ولا في غيره من أجل أن تضيقوا عليهن فيتركن لكم السكن ويخرجن. وهؤلاء المطلقات طلاقا رجعياً وهن حوامل أو غير حوامل. وقوله تعالى ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ أي وإن كانت المطلقة طلاق البتة أي طلقها ثلاث مرات فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن أي أسكنوهن وأنفقوا عليهن إلى أن يلدن فإن وضعت حملها فهما بالخيار إن شاءت أرضعت له ولده بأجرة يتفقان عليها وإن شاء هو أرضع ولده مرضعاً غير أمه وهو معنى قوله تعالى فإن أرضعن٣ لكم فآتوهن أجورهن وائتمروا بينكم بمعروف وذلك يتم بتبادل الرأي إلى الاتفاق على أجرة معينة، وإن تعاسرا بأن طلب كل واحد عسر الثاني أي تشاحاً في الأجرة فلم يتفقا فلترضع له أي للزوج امرأة أخرى من نساء القرية.
١ قال أشهب عن مالك: يخرج عنها إذا طلقها ويتركها في المنزل للآية (أسكنوهن) والصحيح أن المنزل إذا كان يتسع لهما معاً هي في حجرة وهي في أخرى فلا داعي لإخلائه لها وإن كان لا يتسع إلا لواحد فنعم يجب أن يتركه لها، وقوله تعالى: (من حيث سكنتم) يقرر أن السكنى تكون في بيت الزوج المطلق.
٢ المضارة: الإضرار، والمراد بالتضييق المحرم: إحراجهن أو أذاهن بأي أذىً. فقوله تعالى (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) شامل للمضايقة في السكنى والنفقة وفي العدة بأن يطلقها حتى إذا كادت تنقضي عدتها راجعها ثم يطلقها.
٣ هل على المرأة أن ترضع ولدها؟ إن كانت عصمة الزوجية قائمة فالصحيح أنها ترضع ولدها وجوباً وإن انفصلت عروة الزوجية قلا يجب على الوالدة إرضاع إلا إذا لم يقبل غيرها وخيف عليه الموت فيتعين عليها إرضاعه بأجرة إن شاءت. وأبو حنيفة لا يرى وجوب الإرضاع على الأم مطلقاً ويرى بعض العكس. والوسط ما قدمناه وهو الحق.
379
وقوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو١ سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ﴾ أمر تعالى المؤمن إذا طلق أن ينفق على مطلقته التي ترضع له ولده أو التي هي في عدتها في بيته بحسب يساره أو إعساره أو غناه وافتقاره، إذ ى يكلف الله نفساً إلا ما أعطاها من قدرة أو غنىً وطول والقاضي هو الذي يقدر النفقة عند المشاحنة وتكون بحسب دخل الرجل وما يملك من مال.
وقوله تعالى: ﴿سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾ هذا وعد صدق أتمه لأصحاب رسوله حيث كانوا في عسر ففتح عليهم ملك كسرى والروم فأبدل عسرهم يسراً. وأما غيرهم فمشروط بالتقوى كما تقدم ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
١- وجوب السكن والنفقة للمطلقة طلاقاً رجعياً.
٢- وجوب السكنى والنفقة للمطلقة الحامل حتى تضع حملها.
٣- وجوب السكنى والنفقة للمتوفى عنها زوجها وهي حامل.
٤- المطلقة البائن والمبتوتة لم يقض لهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنفقة ولا سكنى لحديث فاطمة٢ بنت قيس أخت الضحاك، ومن الفضل الذي ينبغي أن لا ينسى إن كانت محتاجة إلى سكن أو نفقة أن يسكنها مطلقها وينفق عليها مدة عدتها. وأجره عظيم لأنه أحسن والله يحب المحسنين.
٥- النفقة الواجبة تكون بحسب حال المطلق غنىً وفقراً والقاضي يقدرها أن تشاحا.
٦- المطلقة طلاقاً بائنا إن أرضعت ولدها لها أجرة إرضاعها حسب اتفاق الطرفين الأم والأب.
٧- بيان القاعدة العامة وهي أن لا تكلف نفس إلا وسعها.
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً (٨) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً (٩)
١ في الآية دليل على وجوب نفقة الولد على والده وأما الأم فلا إلا لضرورة كأن يموت الوالد أو يعجز، وكانت الأم قادرة فلتنفق وجوباً على طفلها.
٢ وصف المالكية حديث فاطمة بالغرابة، وأن عمر رضي الله عنه لم يقل به، وقال: لا نترك كتاب الله لقول امرأة يعني أن الآية عامة في كل مطلقة لا فرق بين البائن وغيرها، فالسكنى والنفقة للجميع وهو أرحم وأعظم أجراً والله أعلم.
380
أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً (١١)
اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (١٢)
شرح الكلمات:
وكأين من قرية: أي وكثير من قرية أي مدينة.
عتت عن أمر ربها: أي عصت يعني أهلها عصوا ربهم ورسله.
عذاباً نكراً: أي فظيعاً.
ذكراً رسولاً: أي القرآن وأرسل إليكم رسولاً هو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
من الظلمات إلى النور: أي من ظلمات الكفر والشرك إلى نور الإيمان والتوحيد.
قد أحسن الله له رزقا: أي رزق الجنة التي لا ينقطع نعيمها أبداً.
ومن الأرض مثلهن: أي سبع أرضين أرضاً فوق أرض كالسموات سماء فوق سماء.
يتنزل الأمر بينهن: أي الوحي بين السموات والأرض.
لتعلموا أن الله على كل شيء: أي أعلمكم بذلك الخلق العظيم والتنزيل العجيب لتعلموا..
قدير
معنى الآيات:
لما قرر تعالى أحكام الطلاق والرجعة والعدة والنفقات وقال ذلك أمر الله أنزله إليكم، وأوجب
381
العمل به حذر في هذه الآية من إهمال تلك الأحكام وتجاهلها وعدم القيام بها فقال: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ١ قَرْيَةٍ﴾ أي كثير من المدن عتا أهلها أي ترفعوا متكبرين عن أوامر الله ورسله فلم يمتثلوها وعن الحقوق فلم يؤدوها حاسبها٢ الله تعالى في الدنيا حساباً شديداً وعذبها عذاباً نكراً أي٣ فظيعاً. فذاقت بذلك وبال أمرها أي عقوبته وكان عاقبة أمرها خسراً أي خساراً وهلاكاً وأعد الله لهم عذاباً شديداً هو عذاب يوم القيامة وفي تكرار الوعيد تحذير من الوقوع فيه بالشرك والظلم. وقوله تعالى ﴿فَاتَّقُوا اللهَ﴾ أي خافوا عقابه فلا تهملوا أحكامه ولا تعطلوها فيحل بكم ما حل بغيركم ممن عتوا عن أمر ربهم ورسله يا أولي الألباب أي العقول الذين آمنوا قد أنزل إليكم ذكراً هو القرآن ﴿رَسُولاً﴾ ٤ هو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللهِ مُبَيِّنَاتٍ٥﴾ واضحات في نفسها لا خفاء فيها ولا غموض، ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات أي ظلمات الكفر والشرك إلى النور نور الإيمان والتوحيد والعمل الصالح.
وقوله تعالى ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ٦ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ٧ اللهُ لَهُ رِزْقاً﴾ هذا وعد كريم من رب رحيم يعد كل من آمن به وعمل صالحاًُ أن يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً قد أحسن له فيها رزقاً وهو نعيم الجنة الذي لا ينفد ولا ينقطع أبداً.
وقوله ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ٨﴾ أي سبع أرضين واحدة فوق الأخرى كالسموات سماء فوق سماء هذا هو الله المعبود بحق الذي لا إله غيره ولا رب سواه.
وقوله تعالى: ﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً﴾ أي٩
(وكأين) : اسم لعدد كثير مبهم يفسره ما يميزه بعده من اسم مجرور بمن وهو بمعنى: كم الخبرية، والمراد بالقرية: أهلها والقرية: المدينة الكبيرة.
(حاسبناها) بمعنى: جازينها مجازاة دقيقة دقة الحساب.
٣ قرأ نافع (نكراً) بضم النون والكاف، وقرأ حفص (نكراً) بضم النون وإسكان الكاف. والعذاب النكر: ما ينكره المرء من فظاعة كيفيته إنكاراً شديداً.
٤ جائز أن يكون (رسولاً) بدل اشتمال من (ذكر) لتوقف الذكر على الرسول، وجائز أن يكون (رسولاً) معمولا لفعل محذوف تقديره وأرسل إليكم رسولاً، وهذا واضح.
٥ قرأ نافع (مبينات) بفتح الياء، وقرأ حفص (مبينات) بكسرها والمعنى واحد.
٦ قرأ نافع ندخله بالنون وقرأ حفص يدخله بالياء.
٧ أحسن الله له رزقاً قوله أحسن أبلغ من أعد لأن الإحسان لا يكون إلا بعد الإعداد.
٨ كون الأرضين سبعاً يشهد له قوله تعالى ومن الأرض مثلهن أي مثل السموات السبع ويشهد له السنة الصحيحة فقد روى عن سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أخذ شبراً من الأرض ظلماً فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أراضين". ومثله أبي هريرة وفيه قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يأخذ أحد شبراً من الأرض بغير حق إلا طوقه الله إلى سبع أرضين يوم القيامة".
٩ المراد بالأمر هنا أمر الله تعالى وهو ما يدبر به شؤون مخلوقاته في الأرض والسماء. من موت وحياة وغيرهما وأمر ونهي وعطاء ومنع وغيرهما، والله أعلم بمراده من كلامه وهو العليم الحكيم.
382
أعلمكم بخلقه العظيم من السموات والأرضين وبتنزل الأمر بينهن في كل وقت وحين لتعلموا أنه تعالى على كل شيء قدير لترغبوا فيما عنده وأنه أحاط بكل علما لترهبوه وتراقبوه، وبذلك تتهيؤن لإنعامه ورضاه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- التحذير من ترك الأحكام الشرعية وإهمالها والعبث بها.
٢- بيان منة الله على هذه الأمة بإنزال القرآن عليها وإرسال الرسول إليها.
٣- بيان أن الكفر ظلمة وأن الإيمان نور.
٤- بيان عظمة الله تعالى وسعة علمه.
383
سورة التحريم١
مدنية وآياتها اثنتا عشر آية

بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (٤) عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً
١ وتسمى سورة النبي أيضاً.
383
Icon