ﰡ
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» «بِسْمِ اللَّهِ» كلمة من عرفها بذل الرّوح في طلبها- وإن لم يحظ بوصولها، كلمة من طلبها اكتفى بالطلب من «١» قبولها.
كلمة جبّارة لا تنظر إلى كلّ أحد، كلمة قهّارة لا يوجد من دونها ملتحد.
كلمة منها بلاء الأحباب- لكن بها شفاء الأحباب.
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١)لمّا صدقت «٢» فى شكواها إلى الله وأيست من استكشاف ضرّها من غير الله أنزل الله في شأنها: «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ..».
تضرّعت إلى الله، ورفعت قصّتها إلى الله، ونشرت غصّتها «٣» بين يدى الله- فنظر إليها الله، وقال: «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ».
ويقال: صارت فرجة «٤» ورخصة للمسلمين إلى القيامة في مسألة الظّهار «٥»، وليعلم العالمون أنّ أحدا لا يخسر على الله.
وفي الخبر: أنها قالت: يا رسول الله، إنّ أوسا تزوّجنى شابّة غنية ذات أهل،
(٢) هى خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت أخى عبادة.
(٣) هكذا في ص وهي في م (قصتها) وقد آثرنا ما جاء في م لتلوين الكلام وخدمة السياق.
(٤) فى النسختين (فرحة) ولا بأس بها في المعنى ولكننا نشعر أن (فرجة) تدعم السياق على نحو آكد.
(٥) ظاهر امرأته ظهارا أي قال لها: أنت عليّ كظهر أمي أي أنت حرام.
فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم- فى رواية-: ما أمرت بشىء في شأنك.
وفي رواية أخرى أنه قال لها: بنت عنه (أي حرمت عليه).
فترددت إلى رسول الله (ص) فى ذلك، وشكت.. إلى أن أنزل الله حكم الظّهار.
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٢]
الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢)
قول الذين يقولون لنسائهم- جريا على عادة أهل الشّرك- أنت عليّ كظهر أمي...
هذا شىء لم يحكم الله به ولا هذا الكلام في نفسه صدق، ولم يثبت فيه شرع، وإنما هو زور محض وكذب صرف.
فعلم الكافة أن الحقائق بالتلبيس لا تتعزّز «٢» والسّبب إذا لم يكن صحيحا فبالمعاودة لا يثبت فالمرأة لمّا سمعت من رسول الله (ص) قوله: بنت عنه- كان واجبا عليها السكون والصبر ولكنّ الضرورة أنطقتها وحملتها على المعاودة، وحصلت من ذلك مسألة: وهي أن كثيرا من الأشياء يحكم فيها ظاهر العلم بشىء ثم تغيّر الضرورة ذلك الحكم لصاحبها «٣».
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٣]
وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣)
(٢) ربما كانت في الأصل (لا تتقرر) ومع ذلك فالمعنى هكذا مقبول. [.....]
(٣) هذه غمزة رقيقة بأولئك المتشبثين بالظواهر، ودعوة إلى التريث.
فارتفاع الأمر حتى وصوله إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، والتحاكم لديه حمّل المتعدّى عناء فعلته، وأعاد للمرأة حقّها، وكان سبيلا لتحديد المسألة برمّتها.. وهكذا فإنّ كلّ صعب إلى زوال.. وكلّ ليلة- وإن طالت- فإلى إسفار «١».
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٥]
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٥)
الذين يخالفون أمر الله ويتركون طاعة رسول الله أذلّوا وخذلوا، كما أذلّ الذين من قبلهم من الكفّار والعصاة.
وقد أجرى الله سنّته بالانتقام من أهل الإجرام فمن ضيّع للرسول سنّة، وأحدث فى دينه بدعة انخرط في هذا السلك، ووقع في هذا الذّلّ.
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٦]
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦)
يقال: إذا حوسب أحد في القيامة على عمله تصور له ما فعله وتذكّره، حتى كأنه قائم فى تلك الحالة عن بساط الزّلّة، فيقع عليه من الخجل والنّدم ما ينسى في جنبه كلّ عقوبة.
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٧]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧)
معيّة الحقّ- سبحانه- وإن كانت على العموم بالعلم والرواية، وعلى الخصوص بالفضل والنصرة- فلهذا الخطاب في قلوب أهل المعرفة أثر عظيم، ولهم إلى أن ينتهى الأمر بهم إلى التولّه «١» فالوله فالهيمان في غمار سماع هذا عيش راغد.
ويقال: أصحاب الكهف- وإن جلّت رتبتهم واختصت من بين الناس مرتبتهم- فالحقّ سبحانه يقول: «سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ» «٢» ولمّا انتهى إلى هذه الآية قال: «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ... » فشتّان بين من رابعه كلبه وبين من رابعه ربّه!! ويقال: أهل التوحيد، وأصحاب العقول من أهل الأصول يقولون: الله واحد لا من طريق العدد «٣»، والحقّ يقول: «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ... » ويقال: حيثما كنت فأنا معك إن كنت في المسجد فأنا معك، وإن كنت في المصطبة فأنا معك، إن طلب العلماء
(٢) آية ٢٢ سورة الكهف.
(٣) الواحد على الحقيقة ليس عددا لأن العدد هو ما بلغ نصف مجموع حاشيتيه، وليس قبل الواحد شىء.
إن حضرت المسجد فأنا معك بإسباغ النعمة ولكن وعدا، وإن أتيت المصطبة فأنا معك بالرحمة وإسبال ستر المغفرة ولكن نقدا.
هبك تباعدت وخالفتنى... تقدر أن تخرج عن لطفى؟!
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٨]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٨)
آذوا قلوب المسلمين بما كانوا يتناجون به فيما بينهم «٢»، ولم تكن في تناجيهم فائدة إلا قصدهم بذلك شغل قلوب المؤمنين، ولم ينتهوا عنه لمّا نهوا عنه، وأصرّوا على ذلك ولم ينزجروا، فتوعّدهم الله على ذلك، وتكون عقوبتهم بأن تتغامز الملائكة في بابهم فيما بينهم، وحين يشاهدون ذلك تترجّم ظنونهم، ويتعذّبون بتقسّم قلوبهم، ثم لا ينكشف الحال لهم إلّا بما يزيدهم حزنا على حزن، وأسفا على أسف.
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩)
إنما قبح ذلك منهم وعظم الخطر لأنه تضمّن إفساد ذات البين، وخير الأمور ما عاد بإصلاح ذات البين، وبعكسه إذا كان الأمر بضدّه.
والناس: إما أصحاب النقل والأثر، وإما أرباب العقل والفكر... وشيوخ هذه الطائفة ارتقوا عن هذه الجملة فالذى للناس غيب فهو لهم ظهور، والذي للخلق من المعارف مقصود فلهم من الحق سبحانه موجود، فهم من أهل الوصال والناس أهل الاستدلال» الرسالة القشيرية ص ١٩٨ وانظر تذكرة الحفاظ للذهبى ح ٤ ص ١٥.
(٢) كان اليهود والمنافقون يتغامزون فيما بينهم وبأينهم إغاظة للمؤمنين، وكانوا إذا أقبلوا على الرسول قالوا له: السام عليك يا محمد... والسام هو الموت.
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٠]
إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٠)
النجوى من تزيين الشيطان ليحزن الذين آمنوا. وإذا كانت المشاهدة غالبة، والقلوب حاضرة، والتوكل صحيحا والنظر من موضعه صائبا فلا تأثير لمثل هذه الحالات، وإنما هذا للضعفاء.
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١١]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)
«١» لكمال رحمته بهم وتمام رأفته عليهم، علّمهم مراعاة حسن الأدب بينهم فيما كان من أمور العادة (دون أحكام العبادة) «٢» فى التفسّح في المجالس والنظام في حال الزّحمة والكثرة...
وأعزز بأقوام أمرهم بدقائق الأشياء بعد قيامهم بأصول الدين وتحقّقهم بأركانه! قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٢]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)
«٣» لمّا كان الإذن في النجوى مقرونا ببذل المال امتنعوا وتركوا، وبذلك ظهرت جواهر
(٢) هذه موجودة في م وغير موجودة في ص.
(٣) رخّص بعدئذ في المناجاة من غير صدقة. وقيل: كان ذلك عشر ليال ثم نسخ. وقيل: ما كان إلا ساعة من نهار ثم نسخ.. ويحكى: أن عليا كرّم الله وجهه كان يتصدّق بدرهم كلّما ناجى الرسول- فى بداية الأمر ثم توقّف لمّا نسخت الآية، وأزيلت المؤاخذة.
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ١٤ الى ١٧]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧)
من وافق مغضوبا عليه أشرك نفسه في استحقاق غضب من هو الغضبان فمن تولّ مغضوبا عليه من قبل الله استوجب غضب الله وكفى بذلك هوانا وخسرانا.
«وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ» هذا وصف للمنافقين «اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً» أي وقاية وسترا ومن استتر بجنّة طاعته لتسلم له دنياه فإنّ سهام التقدير من ورائه تكشفه من حيث لا يشعر.. فلا دينه يبقى، ولا دنياه تسلم، ولقد قال تعالى: «لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً» «٢».
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٨]
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٨)
عقوبتهم الكبرى ظنّهم أنّ ما عملوا مع الخلق يتمشّى أيضا في معاملة الحقّ، ففرط الأجنبية وغاية الجهل أكبّتهم على مناخرهم في وهدة ندمهم.
(٢) آية ١٠ سورة آل عمران.
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١٩]
اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩)
إذا استحوذ الشيطان على عبد أنساه ذكر الله.
والنّفس إذا استولت على إنسان أنسته الله.
ولقد خسر حزب الشيطان، وأخسر منه من أعان نفسه- التي هي أعدى عدوّه، إلّا بأن يسعى في قهرها لعله ينجو من شرّها.
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٢٠]
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠)
من أرمته شقوته لم تنعشه قوّته، ومن قصمه التقدير لم يعصمه التدبير، ومن استهان بالدّين انخرط في سلك الأذلّين.
قوله جل ذكره:
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٢١]
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)
الذي ليس له إلا التدبير | كيف تكون له مقاومة مع التقدير؟ «١». |
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٢٢]
لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)
من جنح إلى منحرف عن دينه، أو داهن مبتدعا في عهده نزع الله نور التوحيد من قلبه فهو في خيانته جائر على عقيدته، وسيذوق قريبا وبال أمره.
«أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ».
خلق الله الإيمان في قلوب أوليائه وأثبته، ويقال:
جعل قلوبهم مطرّزة باسمه | وأعزز بحلّة لأسرار قوم طرازها اسم «الله» !! |