( سورة الملك مكية، وآياتها ٣٠ آية، نزلت بعد سورة الطور ).
وسورة الملك لها من اسمها أكبر نصيب، إنها سورة تعرض بركات الله في هذه الدنيا، وقدرته العالية، وحكمته السامية، فهو الخالق الرزاق المهيمن، المدبر الحكيم المبدع، الذي أبدع كل شيء خلقه.
وتستلفت السورة نظر الإنسان إلى خلق الأرض، وخلق السماء والطير والرزق، والسمع والأبصار، والموت والحياة، والزرع والثمار، والماء والهواء والفضاء.
وتحث القلب على التفكير والتأمل، والنظر في ملكوت السماوات والأرض، وتهيج فيه البحث والاستنباط ليصل بنفسه إلى التعرف على قدرة الله وجلاله، وسابغ فضله على الناس أجمعين.
مطلع السورة :
مطلع السورة مطلع جامع يهز القلب هزا، وينبه إلى بركات الله ونعمه وقدرته :
تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. ( الملك : ١ ).
وعن حقيقة الملك والقدرة، تتفرع سائر الصور التي عرضتها السورة، وسائر الحركات المغيبة والظاهرة، والتي نبهت القلوب إليها.
( فمن الملك ومن القدرة كان خلق الموت والحياة، وكان الابتلاء بهما، وكان خلق السماوات وتزيينها بالمصابيح، وجعلها رجوما للشياطين، وكان إعداد جهنم بوصفها وهيئتها وخزنتها، وكان العلم بالسر والجهر، وكان جعل الأرض ذلولا للبشر، وكان الخسف والحاصب والنكير على المكذبين، وكان إمساك الطير في السماء، وكان القهر والاستعلاء، وكان الرزق كما يشاء، وكان الإنشاء، وهبة السمع والأبصار والأفئدة، وكان الخلق في الأرض والحشر، وكان الاختصاص بعلم الآخرة، وكان عذاب الكافرين، وكان الماء الذي به الحياة، فكل حقائق السورة وموضوعاتها مستمدة من ذلك المطلع ومدلوله الشامل الكبير )i.
مع آيات السورة
١- تبدأ السورة بتمجيد الله سبحانه بقوله : تبارك الذي بيده الملك... ( الملك : ١ ). فهو كثير البركة تفيض بركته على عباده، وهو المالك المهيمن على الخلق، وهو القادر قدرة مطلقة بلا حدود ولا قيود، يخلق ما يشاء، ويفعل ما يريد، وهو على كل شيء قدير.
٢- ومن آثار قدرته أنه خلق الموت السابق على الحياة واللاحق بها، وخلق الحياة وهي تشمل الحياة الأولى والحياة الآخرة، ليمتحن الإنسان بالوجود والاختيار والعقل والكسب، حتى يعمل في الحياة الأولى ليرى جزاء عمله في الحياة الآخرة.
٣- يوجه القرآن النظر إلى خلق السماوات السبع، ويذكر أنها طبقات على أبعاد متفاوتة، وليس في خلقها خلل ولا اضطراب. وانظر إليها بعينيك فهل تستطيع أن تجد بها نقصا أو عيباّ ؟
٤- تأمل كثيرا في هذا الكون وشاهد عجائبه، فلن تجد فيه إلا الإبداع والتنسيق، والضبط والإحكام.
٥- لقد رفع الله السماء الدنيا، وخلق فيها الكواكب والنجوم زينة السماء، وهداية للمسافرين، وهذه النجوم منها الباهر الزاهر والخافت، والمنفرد والمجتمع، ولكل نجم مكان ومسار وطريق خاص، وهذه النجوم منها شهب تنزل على الشياطين الذين يحاولون استراق السمع، والتنصت على كلام الملائكة، فيرجمون بالشهب التي تقتلهم أو تخبلهم.
٦- ومن كفر بالله فإنه يستحق عذاب جهنم، وبئس هذا المصير.
٧- إن جهنم تتميز غيظا على من عصى الله، وتغلي وتفور حنقا على الكفار.
٨- كلما ألقى جماعة من الكفار في النار، سألهم خزنة جهنم : ألم يأتكم رسول ينذركم هول هذا اليوم ؟
٩- ويجيب الكفار بأن الرسول قد جاءنا، ولكن العمى أضلنا فكذبنا بالرسول، وقلنا : ما أنزل الله من وحي ولا رسالة، واتهمنا الرسول بالضلال والكذب.
١٠- ولو حكمنا عقلنا وسمعنا لاهتدينا إلى الحق وآمنا، وحفظنا أنفسنا من هذا الهلاك ومن هذا العذاب.
١١- لقد جاء هذا الاعتراف بالذنب متأخرا في غير وقته، فسحقا وعذابا لأصحاب جهنم، حيث لا يؤمنون إلا بعد فوات الأوان.
١٢- إن المؤمن يحس برقابة الله عليه، ويخشى عقابه وإن لم يره بعينه، أو يخشى ربه وهو في خفية عن الأعين، غائب عن أعين الناس. وله مغفرة وأجر كبير جزاء عمله.
١٣- ما يفعله العبد مكشوف أما الله، وسيان أجهرتم بأقوالكم أم أسررتم بها فالله مطلع عليها.
١٤- ألا يعلم الخالق الأشياء التي خلقها ؟ وهو سبحانه عالم بخفيات الأمور ودقائقها، وهو اللطيف الخبير.
١٥- ثم ينتقل بهم السياق من ذوات أنفسهم إلى الأرض التي خلقها الله لهم وذللها وأودعها أسباب الحياة.
فهذه الأرض تدور حول نفسها بسرعة ألف ميل في الساعة، ثم تدور حول الشمس بسرعة حوالي خمسة وستين ألف ميل في الساعة، ومع هذه السرعة يبقى الإنسان على ظهرها آمنا مستريحا مطمئنا.
وقد جعل الله الهواء المحيط بالأرض محتويا للعناصر التي تحتاج إليها الحياة بالنسب الدقيقة اللازمة. فنسبة الأكسجين ٢١% ونسبة الأزوت أو النتروجين ٧٨% والبقية من ثاني أكسيد الكربون وعناصر أخرى. وهذه النسب هي اللازمة لقيام الحياة على الأرض.
وحجم الأرض وحجم الشمس وحجم القمر، وبعد الأرض عن الشمس والقمر، كل ذلك بنسب لازمة لاستمرار الحياة على ظهر الأرض.
إن الحيوان يستنشق الهواء فيمتص الأكسجين ويخرج ثاني أكسيد الكربون، والنباتات تمتص ثاني أكسيد الكربون، وبكيمياء سحرية يغذى النبات نفسه، ويخرج الأكسجين الذي نتنفسه وبدونه تنتهي الحياة بعد خمس دقائق، ولو كانت هذه المقايضة غير موجودة، فإن الحياة الحيوانية أو النباتية كانت تستنفد في النهاية كل الأكسجين أو كل ثاني أكسيد الكربون تقريبا، ومتى انقلب التوازن تماما ذوى النبات أو مات الإنسان.
والأرزاق المخبوءة في جوف الأرض من معادن جامدة وسائلة كلها ترجع إلى طبيعة تكوين الأرض والأحوال التي لابستها، والله يتفضل على الإنسان بتخسير الأرض والنبات والفضاء والهواء له : فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه... ( الملك : ١٥ ). وإلى الله النشور والرجوع في يوم الحساب.
١٦، ١٧- هذه الأرض الذلول التي يأمن الإنسان عليها ويهدأ ويستريح تتحول –إذا أراد الله- إلى دابة جامحة فيها الزلازل والبراكين، كما يمكن أن ينزل الله الصواعق والعواصف الجامحة التي تعصف بالإنسان وتدمره : ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء... ( الرعد : ١٣ ).
١٨- ولقد كذب الكفار السابقون رسلهم، فعاقبهم الله أشد العقوبة، لقد غرق قوم نوح، وأهلكت ثمود بصاعقة، وأهلكت عاد بريح عاتية، وأهلك فرعون وقومه بالغرق في بحر القلزم ( البحر الأحمر ).
إن الإنسان قوى بالقدر الذي وهبه الله من القوة، ولكن هذا الكون الهائل زمامه في يد خالقه، ونواميسه من صنعه، وما يصيب الإنسان منها مقدر مرسوم، إنا كل شيء خلقناه بقدر. ( القمر : ٤٩ ).
١٩- فليتأمل الإنسان أسراب الطير ترتفع وتنخفض، وتبسط أجنحتها وتقبضها، في حركة ممتعة تدعو إلى التأمل والتدبر، فقدرة الله ممسكة بهذا الطائر، في قبضه وبسطه، والله سبحانه ييسر له أمره، ويهيئ وينسق ويعطي القدرة، ويرعى كل شيء في كل لحظة، رعاية الخبير البصير.
٢٠- من هذا الذي يحميكم من بطش الله وغضبه ؟ من هذا الذي يدفع عنكم بأس الرحمان إلا الرحمان ؟ إن الكافر في غرور، يظن أنه آمن بعيد عن بطش الله به، وما هو ببعيد.
٢١- من يرزق البشر إن أمسك الله الماء، أو أمسك الهواء، أو أمسك الحياة عنهم ؟ إن بعض النفوس تعرض عن الله في طغيان وتبجج ونفور، مع أنها تعيش عالة على الله في حياتها ورزقها.
٢٢- ترسم الآية مشهد جماعة يمشون على وجوههم، أو يتعثرون وينكبون على وجوههم لا هدف لهم ولا طريق، ومشهد جماعة أخرى تسير مرتفعة الهامات مستقيمة الخطوات في طريق مستقيم لهدف مرسوم، ثم تستفهم أيهما أهدى ؟.
٢٣ – لقد خلق الله الناس، وجعل لهم السمع ليسمعوا، والأبصار ليروا، والأفئدة ليتفكروا في جليل قدرة الله، ولكن الإنسان قلما يفكر في شكر نعمة الله عليه، وامتثال أمره واجتناب نواهيه، والاعتراف له بالفضل والمنة.
( ويذكر العلم أن حاسة السمع تبدأ بالأذن الخارجية، والصوت ينتقل منها إلى طبلة الأذن ثم ينتقل إلى التيه داخل الأذن، والتيه يشتمل على أربعة آلاف قوس صغيرة، متصلة بعصب السمع في الرأس، وفي الأذن مائة ألف خلية سمعية، وتنتهي الأعصاب بأهداب دقيقة، دقة وعظمة تحير الألباب.
ومركز حاسة الإبصار العين، التي تحتوي على مائة وثلاثين مليونا من مستقبلات الضوء، وهي أطراف أعصاب الإبصار، وتتكون العين من الصلبة والقرنية والمشيمة والشبكية.. وذلك بخلاف العدد الهائل من الأعصاب والأوعية )ii.
أما الأفئدة فهي هذه الخاصية التي صار بها الإنسان إنسانا، وهي قوة الإدراك والتمييز، والمعرفة التي استخلف الله بها الإنسان في هذا الملك العريض.
٢٤- إن ربكم هو الذي برأكم في الأرض، وبعثكم في أرجائها على اختلاف ألسنتكم وألوانكم، وأشكالكم وصوركم، وكما بدأكم يعيدكم، وإليه تحشرون وترجعون.
٢٥- ويسألون سؤال الشاك المستريب عن يوم الجزاء والحساب.
٢٦- قل علم هذا اليوم عند الله، وما علي إلا البلاغ والبيان، أما العلم فعند صاحب العلم، الواحد بلا شريك.
٢٧- ولو أذن الله لرأى البشر يوم الحساب واقعا لا محالة، وعند هذه المفاجأة ورؤية الحساب والجزاء، سيظهر الحزن والاستياء عليهم، وتؤنبهم الملائكة، وتقول لهم : هذا هو اليوم الذي كنتم تستعجلون وقوعه. والآية جرت على طريقة القرآن في عرض ما سيكون حاضرا مشاهدا، بمفاجأة شعورية تصويرية، تقف المكذب والشاك وجها لوجه مع مشهد حاضر لما يكذب به أو يشك فيه.
٢٨- روى أن كفار مكة كانوا يتربصون بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يهلك فيستريحوا منه ومن دعوته، فقال لهم القرآن : سواء أهلك النبي حسب أمانيهم، أو رحمه الله ومن معه، فلن يغير ذلك من وضعهم، لأن عذابا أليما ينتظرهم، ولن تجيرهم الأصنام، ولن يجيرهم من الرحمان إلا الإيمان.
٢٩- إن المؤمنين في قربى من الرحمان، فهم يؤمنون به ويتوكلون عليه، وهم موصولون بالله، منتسبون إليه. وسيتبين للكافرين من الضال ومن المهتدي، ولمن تكون العاقبة في الدنيا والآخرة.
٣٠- أخبروني إن ذهب ماؤكم في الأرض، ولم تصل إليه الدلاء، من يأتيكم بماء جار نابع فائض متدفق، تشربونه عذبا زلالا.
وهكذا تختم السورة بهذه اللمسة القريبة من القلب، تذكره بفضل الله الذي أجرى الماء، ولو شاء لحرم الإنسان مصدر الحياة، ولا ينقذ الإنسان من الله إلا الله، قال تعالى : ففرّوا إلى الله... ( الذاريات : ٥٠ ).
المعنى الإجمالي للسورة
قال الفيروزبادي :
معظم مقصود السورة : بيان استحقاق الله الملك، وخلق الحياة والموت للتجربة والاختبار، والنظر إلى السماوات للعبرة، واشتعال النجوم والكواكب للزينة، وما أعد للمنكرين من العذاب والعقوبة، وما وعد به المتقون من الثواب والكرامة، وتأخير العذاب عن المستحقين بالفضل والرحمة، وحفظ الطيور في الهواء بكمال القدرة، واتصال الرزق إلى الخليقة بالنوال والمنة، وبيان حال أهل الضلالة والهداية، وتعجيل الكفار بمجيء يوم القيامة، وتهديد المشركين بزوال النعمة بقوله : فمن يأتيكم بماء معين. ( الملك : ٣٠ ).
أسماء السورة
لسورة تبارك في القرآن والسنة سبعة أسماء :
( سورة الملك لمفتتحها. والمنج
ﰡ
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير ١ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ٢ الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ٣ ثم ارجع البصر كرّتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ٤ ولقد زيّنّّّا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير٥ ﴾
المفردات :
تبارك : تعالى وتمجّد، أو تكاثر خيره.
الذي بيده الملك : له الأمر والنهي والسلطان.
تمهيد : هذا الجزء التاسع والعشرون كلّه من السور المكّية، كما كان الجزء الذي سبقه كله من السور المدنية.
وقد عنى القرآن في مكة بما يأتى :
( أ ) غرس عقيدة التوحيد، والإيمان بالله تعالى، وبيان قدرته وعظمته وصفاته وأسمائه.
( ب ) مهاجمة عبادة الأوثان والأصنام، وبيان أنها لا تنفع ولا تضر، ولا تسمن ولا تغني من جوع.
( ج ) عرض مظاهر القدرة الإلهية في خلق الكون، والسماء والأرض، والجبال والبحار، والليل والنهار، والشمس والقمر، وسائر المخلوقات، كالإنسان والحيوان والطيور والوحوش والزواحف.
( د ) الحديث عن القيامة والبعث والحشر، والجزاء والحساب، والجنة والنار.
( ه ) عرض قصص الأنبياء وجهادهم وكفاحهم، وتسجيل ذكراهم وأمجادهم، وبيان هلاك أعدائهم.
وسورة الملك نموذج عملي للسورة المكية، فهي تبدأ ببيان ملك الله تعالى، وسيطرته وإحاطة علمه، بكل شيء في هذا الكون، وهو سبحانه على كل شيء قدير.
ومن هذه القدرة خلق الموت والحياة للاختبار والابتلاء، حتى يتبيّن الصالح من الطالح.
ومن هذه القدرة خلق السماوات سبع طبقات، بعضها فوق بعض في غاية الكمال والإبداع، مهما بحثت عن عيب أو خلل و تشقق، فلن تجد أي فطور أو تشقق، لأنها أثر من آثار الكامل كمالا مطلقا.
التفسير :
١-تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير.
تعاظمت بركة الله تعالى، فهو سبحانه مالك الملك، يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء، بيده الخلق والأمر، كل يوم هو في شأن، يضع رفيعا ويرفع وضيعا، يفقر غنيّا ويغني فقيرا، يبتلي معافى ويعافي مبتلى، يخفض أقواما ويرفع آخرين.
وهو على كل شيء قدير.
هو سبحانه القادر على كلّ شيء، له القدرة التامة، والتصرف الكامل في كلّ الأمور، من غير منازع ولا مدافع.
وقد عنى القرآن في مكة بما يأتى :
( أ ) غرس عقيدة التوحيد، والإيمان بالله تعالى، وبيان قدرته وعظمته وصفاته وأسمائه.
( ب ) مهاجمة عبادة الأوثان والأصنام، وبيان أنها لا تنفع ولا تضر، ولا تسمن ولا تغني من جوع.
( ج ) عرض مظاهر القدرة الإلهية في خلق الكون، والسماء والأرض، والجبال والبحار، والليل والنهار، والشمس والقمر، وسائر المخلوقات، كالإنسان والحيوان والطيور والوحوش والزواحف.
( د ) الحديث عن القيامة والبعث والحشر، والجزاء والحساب، والجنة والنار.
( ه ) عرض قصص الأنبياء وجهادهم وكفاحهم، وتسجيل ذكراهم وأمجادهم، وبيان هلاك أعدائهم.
وسورة الملك نموذج عملي للسورة المكية، فهي تبدأ ببيان ملك الله تعالى، وسيطرته وإحاطة علمه، بكل شيء في هذا الكون، وهو سبحانه على كل شيء قدير.
ومن هذه القدرة خلق الموت والحياة للاختبار والابتلاء، حتى يتبيّن الصالح من الطالح.
ومن هذه القدرة خلق السماوات سبع طبقات، بعضها فوق بعض في غاية الكمال والإبداع، مهما بحثت عن عيب أو خلل و تشقق، فلن تجد أي فطور أو تشقق، لأنها أثر من آثار الكامل كمالا مطلقا.
خلق الموت : أوجده، أو قدّره أزلا.
ليبلوكم : ليختبركم فيما بين الحياة والموت.
أحسن عملا : أصوبه وأخلصه، أو أسرع طاعة.
٢- الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور.
قدّر سبحانه الموت لكل ميّت، والحياة لكل حيّ، وقدّم الموت على الحياة لأنه أبلغ في الرهبة والقدرة، فهو سبحانه الذي يتوفى الأنفس حين موتها، ويتوفى أنفس النائمين عند نومها، وهو سبحانه واهب الحياة، وخالق الروح في الجسم.
قال العلماء :
ليس الموت فناء وانقطاعا بالكلية عن الحياة، وإنما هو انتقال من دار إلى دار، ولهذا ثبت في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( إن أحدكم إذا وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، يأتيه ملكان فيجلسانه ويسألانه... )v. الحديث.
وقال صلى الله عليه وسلم عن قتلى المشركين يوم بدر :( والذي نفسي محمد ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنّكم لا يجيبون )vi.
فالموت هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقتها للجسم.
ليبلوكم أيّكم أحسن عملا...
خلق الله آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسكنه فسيح الجنة، وأسجد له الملائكة، وأنزله إلى الأرض واستعمره فيها، وأنزل الكتب وأرسل الرسل، ومنح الإنسان العقل والإرادة والاختيار، ليظهر التفاضل بين الناس، ويرى سبحانه المحسن من المسيء، ومن يستحق الثواب ومن يستحق العقاب.
فهو سبحانه عادل عدلا مطلقا، ومن هذه العدالة إعطاء الإنسان الفرصة كاملة للحياة في هذه الدنيا، ومعه إمكانيات الطاعة والمعصية، فمن اختار الطاعة كان أهلا للجنة، ومن اختار المعصية كان أهلا للنار، فمن دخل النار فلا يلومن إلا نفسه، لأنه هو الذي آثر الهوى واتّباع الشيطان على الاستقامة واتّباع هدى الرحمان.
قال الله تعالى : فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا* فإن الجحيم هي المأوى* وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى. ( النازعات : ٣٧ -٤١ ).
وهو سبحانه العزيز. الغالب في انتقامه ممن عصاه. الغفور. لمن تاب إليه.
وقد عنى القرآن في مكة بما يأتى :
( أ ) غرس عقيدة التوحيد، والإيمان بالله تعالى، وبيان قدرته وعظمته وصفاته وأسمائه.
( ب ) مهاجمة عبادة الأوثان والأصنام، وبيان أنها لا تنفع ولا تضر، ولا تسمن ولا تغني من جوع.
( ج ) عرض مظاهر القدرة الإلهية في خلق الكون، والسماء والأرض، والجبال والبحار، والليل والنهار، والشمس والقمر، وسائر المخلوقات، كالإنسان والحيوان والطيور والوحوش والزواحف.
( د ) الحديث عن القيامة والبعث والحشر، والجزاء والحساب، والجنة والنار.
( ه ) عرض قصص الأنبياء وجهادهم وكفاحهم، وتسجيل ذكراهم وأمجادهم، وبيان هلاك أعدائهم.
وسورة الملك نموذج عملي للسورة المكية، فهي تبدأ ببيان ملك الله تعالى، وسيطرته وإحاطة علمه، بكل شيء في هذا الكون، وهو سبحانه على كل شيء قدير.
ومن هذه القدرة خلق الموت والحياة للاختبار والابتلاء، حتى يتبيّن الصالح من الطالح.
ومن هذه القدرة خلق السماوات سبع طبقات، بعضها فوق بعض في غاية الكمال والإبداع، مهما بحثت عن عيب أو خلل و تشقق، فلن تجد أي فطور أو تشقق، لأنها أثر من آثار الكامل كمالا مطلقا.
طباقا : بعضها فوق بعض، جمع طبق أو طبقة.
فطور : شقوق وخروق، أو خلل.
٣- الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور.
لقد خلق الله سبع سماوات متطابقة، كل طبقة فوقها أخرى. وخلق ذلك في غاية الكمال والإبداع، وليس في خلق الرحمان خلل أو اضطراب أو عيب أو تصادم، بل قدرة الله هي التي منحت هذا الكون الإبداع والتكامل والجمال.
قال تعالى : الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخّر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى... ( الرعد : ٢ ).
فارجع البصر هل ترى من فطور.
ردّد بصرك في عالم السماء، وقلّبه في أرجائها، هل ترى في خلق الرحمان من عيوب ؟
ونسب خلق السماء إلى الرحمان ليبين أنه من رحمة الله بنا أن جعل السماء سقفا مرفوعا، ممتدّا بلايين السنين، لا يوجد فيها عيب أو خلل أو تشقق، والناس تبني بنايات محدودة، وتحتاج إلى صيانة مستمرة، وتدارك لما فيها من خلل أو فطور، لكن خلق الرحمان كبير قديم ممتد، واف وكاف وشاف، يتمتع بالكمال والإبداع وانعدام النظير.
قال تعالى : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس... ( غافر : ٥٧ ).
وقد عنى القرآن في مكة بما يأتى :
( أ ) غرس عقيدة التوحيد، والإيمان بالله تعالى، وبيان قدرته وعظمته وصفاته وأسمائه.
( ب ) مهاجمة عبادة الأوثان والأصنام، وبيان أنها لا تنفع ولا تضر، ولا تسمن ولا تغني من جوع.
( ج ) عرض مظاهر القدرة الإلهية في خلق الكون، والسماء والأرض، والجبال والبحار، والليل والنهار، والشمس والقمر، وسائر المخلوقات، كالإنسان والحيوان والطيور والوحوش والزواحف.
( د ) الحديث عن القيامة والبعث والحشر، والجزاء والحساب، والجنة والنار.
( ه ) عرض قصص الأنبياء وجهادهم وكفاحهم، وتسجيل ذكراهم وأمجادهم، وبيان هلاك أعدائهم.
وسورة الملك نموذج عملي للسورة المكية، فهي تبدأ ببيان ملك الله تعالى، وسيطرته وإحاطة علمه، بكل شيء في هذا الكون، وهو سبحانه على كل شيء قدير.
ومن هذه القدرة خلق الموت والحياة للاختبار والابتلاء، حتى يتبيّن الصالح من الطالح.
ومن هذه القدرة خلق السماوات سبع طبقات، بعضها فوق بعض في غاية الكمال والإبداع، مهما بحثت عن عيب أو خلل و تشقق، فلن تجد أي فطور أو تشقق، لأنها أثر من آثار الكامل كمالا مطلقا.
كرتين : رجعتين، رجعة بعد رجعة، والمراد التكرار بكثرة.
خاسئا : صاغرا لعدم وجدان الفطور.
وهو حسير : كليل متعب من كثرة المراجعة.
٤- ثم ارجع البصر كرّتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير.
كرّر النّظر وردّد الطرف، وارجع مرة أخرى، بل مرة إثر مرة، فمهما نظرت إلى السماء باحثا عن عيب أو خلل أو فطور أو تشقق فلن تجد عيبا، وسيرتد إليك البصر كليلا متعبا، فقد عاد بدون طائل.
إن الكون كتاب مفتوح، ينظر فيه الأعمى والبصير، وساكن القصور وساكن الأكواخ، ينظر إلى السماء، البدويّ في الصحراء، وراكب البحار، والفلكي بالمنظار، وكل واحد من هؤلاء يرى الجمال والإبداع، لأن هذا الخلق خلق الله وتقديره وإبداعه، فسبحانه الذي أحسن كل شيء خلقه... ( السجدة : ٧ ).
وقد عنى القرآن في مكة بما يأتى :
( أ ) غرس عقيدة التوحيد، والإيمان بالله تعالى، وبيان قدرته وعظمته وصفاته وأسمائه.
( ب ) مهاجمة عبادة الأوثان والأصنام، وبيان أنها لا تنفع ولا تضر، ولا تسمن ولا تغني من جوع.
( ج ) عرض مظاهر القدرة الإلهية في خلق الكون، والسماء والأرض، والجبال والبحار، والليل والنهار، والشمس والقمر، وسائر المخلوقات، كالإنسان والحيوان والطيور والوحوش والزواحف.
( د ) الحديث عن القيامة والبعث والحشر، والجزاء والحساب، والجنة والنار.
( ه ) عرض قصص الأنبياء وجهادهم وكفاحهم، وتسجيل ذكراهم وأمجادهم، وبيان هلاك أعدائهم.
وسورة الملك نموذج عملي للسورة المكية، فهي تبدأ ببيان ملك الله تعالى، وسيطرته وإحاطة علمه، بكل شيء في هذا الكون، وهو سبحانه على كل شيء قدير.
ومن هذه القدرة خلق الموت والحياة للاختبار والابتلاء، حتى يتبيّن الصالح من الطالح.
ومن هذه القدرة خلق السماوات سبع طبقات، بعضها فوق بعض في غاية الكمال والإبداع، مهما بحثت عن عيب أو خلل و تشقق، فلن تجد أي فطور أو تشقق، لأنها أثر من آثار الكامل كمالا مطلقا.
السماء الدنيا : السماء القربى منكم، وهي الأولى.
بمصابيح : بكواكب عظيمة مضيئة.
رجوما للشياطين : بانقضاض الشهب منها عليهم.
وأعتدنا لهم عذاب السعير : وأعددنا للشياطين أشدّ الحريق، يقال : سعرت النار فهي مسعورة وسعيرة، أي : أوقدتها فهي موقدة.
٥- ولقد زيّنّا السماء بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير.
زين الله السماء الدنيا وهي القريبة منّا، أي السماء الأولى، وفي صحيح البخاري أن السماوات سبع، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صعد إلى السماء ليلة الإسراء والمعرج، ورأى في السماء الأولى آدم، وفي الثانية يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة، وفي الثالثة يوسف وقد أعطى شطر الحسن، وفي الرابعة إدريس، وفي الخامسة هارون، وفي السادسة موسى، وفي السابعة إبراهيم عليه السلام.
وقد خلق الله النجوم في السماء لفوائد ثلاث :
الأولى : أن النجوم تزيّن السماء، كما نزيّن بيوتنا بالكهرباء.
الثانية : أنّها رجوم للشياطين الذين يحاولون استراق السمع، فيصيبهم الله بالشهب التي تحرقهم أو تخبلهم.
الثالثة : أن النجوم هداية للسائرين في الصحراء، وللسائرين في البحار، ولراغبي معرفة القبلة أو الجهات الأربع الأصلية.
والقرآن الكريم يلفت أنظارنا إلى السماء ونجومها المتلألئة، حيث نجد نجوما لامعة، وأخرى خافتة وقمرا منيرا، وللسماء مناظر وجمال له مذاق خاص، في أوّل الليل ووسطه وآخره، والإنسان الذي يريد أن يخلو بنفسه للتأمل في ملكوت السماوات والأرض، سيجد مجالا للتدبر، والانتقال من الصنعة البديعة إلى الصانع المبدع.
قال تعالى : إنّ في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب* الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار. ( آل عمران : ١٩٠، ١٩١ ).
ومع كون النجوم زينة للسماء، فإنه ينفصل منها بعض الشهب لتصيب الجنّي الذي يحاول استراق السمع، واختطاف أخبار السماء، ونقلها إلى الكهان في الأرض.
قال تعالى : وجعلناها رجوما للشياطين...
وسيأتي إن شاء الله تعالى في سورة الجنّ، ما يفيد أن الجن كانت ترصّ بعضها، ويصعد الجنيّ فوق كتف أخيه، حتى يكون الأخير في السماء متمكنا من استراق السمع، فسلّط الله عليهم الشهب، فلم يقدروا على استراق السمع.
قال تعالى : وأنّا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا* وأنّا كنا نقعد مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له، شهابا رصدا. ( الجن : ٨، ٩ ).
وأعتدنا لهم عذاب السعير.
أعددنا وهيأنا للشياطين في الآخرة عذاب النار المستعرة التي تحرقهم وتهلكهم بعد إحراقهم بالشهب في الدنيا.
لطيفة
إن قيل : إن الشياطين خلقوا من النار فكيف يعذّبون بها ؟ قلنا : إن النار هي مادة خلقهم، ولكنهم تحوّلوا إلى أجسام أخرى قابلة للاحتراق بها، كما تحوّل آدم من الطين إلى أجسام خالية من الطين.
﴿ وللّذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير ٦ إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور ٧ تكاد تميّز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ٨ قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذّبنا وقلنا ما نزّل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير ٩ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ١٠ فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ١١ ﴾
تمهيد :
في هذه الآيات بيان لعذاب الذين كفروا بنار جهنم، وفيها وصف لجهنم بالصفات الآتية :
( أ ) هي تتميز غضبا وغيظا على من عصى الله.
( ب ) هي كائن حي له شهيق، أي رغبة في الانتقام ممن عصى الله، كرغبة البغلة في الشعير حين يقدم لها.
( ج ) لها فوران وغليان وتموج كتموج الحبّ القليل في الماء الكثير.
( د ) تسألهم الملائكة من خزنة جهنم : ألم يرسل إليكم رسول ؟ ويجيبون : لقد جاءت لنا الرسل فكذبنا بهم، وبنزول الوحي عليهم، وسخرنا منهم.
( ه ) يندم الكافرون أشد الندم بعد فوات الأوان، فيقولون : لو استخدمنا سمعنا وتأمّلنا وتفكّرنا، أو استخدمنا عقولنا بالتروّي والتأمل ما كنا في أهل جهنم.
( و ) لقد اعترفوا بخطئهم، وأنهم يستحقون النار، فسحقا وهلاكا لهم.
التفسير :
٦- وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير.
من جحد وجود الله، وأنكر وحدانيّة الخالق سبحانه وتعالى، وصمم على هذا الكفر تصميما أبديّا، فسيعذّبه الله في نار جهنم، وبئس المصير والمآل والمرجع أن يقيم إنسان في جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
في هذه الآيات بيان لعذاب الذين كفروا بنار جهنم، وفيها وصف لجهنم بالصفات الآتية :
( أ ) هي تتميز غضبا وغيظا على من عصى الله.
( ب ) هي كائن حي له شهيق، أي رغبة في الانتقام ممن عصى الله، كرغبة البغلة في الشعير حين يقدم لها.
( ج ) لها فوران وغليان وتموج كتموج الحبّ القليل في الماء الكثير.
( د ) تسألهم الملائكة من خزنة جهنم : ألم يرسل إليكم رسول ؟ ويجيبون : لقد جاءت لنا الرسل فكذبنا بهم، وبنزول الوحي عليهم، وسخرنا منهم.
( ه ) يندم الكافرون أشد الندم بعد فوات الأوان، فيقولون : لو استخدمنا سمعنا وتأمّلنا وتفكّرنا، أو استخدمنا عقولنا بالتروّي والتأمل ما كنا في أهل جهنم.
( و ) لقد اعترفوا بخطئهم، وأنهم يستحقون النار، فسحقا وهلاكا لهم.
المفردات
ألقوا فيها : طرحوا فيها كما يطرح الحطب في النار.
شهيق : تنفس كتنفس المتغيّظ.
تفور : تغلى بهم كغلى المرجل.
٧- إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور.
عندما يلقى الكفار في جهنم، يسمع لها صوت المتلهف المشتاق إلى الانتقام ممن عصى الله، وهي تغلي بهم يغلى الماء الكثير بالحب القليل، والتعبير يجعل فيها صفات العقلاء، الذين يغضبون لانتهاك حرمات الله، ويجعل جهنم غاضبة، تشهق شهيق البغلة حين ترى الشعير سيقدم لها، ثم تغلي بهم جهنم وتفور فورانا شديدا.
في هذه الآيات بيان لعذاب الذين كفروا بنار جهنم، وفيها وصف لجهنم بالصفات الآتية :
( أ ) هي تتميز غضبا وغيظا على من عصى الله.
( ب ) هي كائن حي له شهيق، أي رغبة في الانتقام ممن عصى الله، كرغبة البغلة في الشعير حين يقدم لها.
( ج ) لها فوران وغليان وتموج كتموج الحبّ القليل في الماء الكثير.
( د ) تسألهم الملائكة من خزنة جهنم : ألم يرسل إليكم رسول ؟ ويجيبون : لقد جاءت لنا الرسل فكذبنا بهم، وبنزول الوحي عليهم، وسخرنا منهم.
( ه ) يندم الكافرون أشد الندم بعد فوات الأوان، فيقولون : لو استخدمنا سمعنا وتأمّلنا وتفكّرنا، أو استخدمنا عقولنا بالتروّي والتأمل ما كنا في أهل جهنم.
( و ) لقد اعترفوا بخطئهم، وأنهم يستحقون النار، فسحقا وهلاكا لهم.
تميّز : ينفصل بعضها من بعض.
الغيظ : شدة الغضب.
فوج : جماعة.
خزنتها : واحدها خازن، وهم مالك وأعوانه.
نذير : رسول ينذركم بأس الله وشديد عقابه.
٨- تكاد تميّز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير.
تكاد جهنم تتقطع من الغيظ والغضب والرغبة في الانتقام ممن كفر بالله، وجحد رسالات السماء، وكلما ألقي في جهنم جماعة لينالوا العذاب توجّهت إليهم الزبانية بالسؤال الآتي :
ألم يأتكم رسول ينذركم مثل هذا العذاب ؟ وهو سؤال توبيخ وتحقير وإيلام، وفي نفس الوقت إلزام الكافر بالحجّة، واعترافه بأنه يستحق النار عدلا من الله تعالى.
في هذه الآيات بيان لعذاب الذين كفروا بنار جهنم، وفيها وصف لجهنم بالصفات الآتية :
( أ ) هي تتميز غضبا وغيظا على من عصى الله.
( ب ) هي كائن حي له شهيق، أي رغبة في الانتقام ممن عصى الله، كرغبة البغلة في الشعير حين يقدم لها.
( ج ) لها فوران وغليان وتموج كتموج الحبّ القليل في الماء الكثير.
( د ) تسألهم الملائكة من خزنة جهنم : ألم يرسل إليكم رسول ؟ ويجيبون : لقد جاءت لنا الرسل فكذبنا بهم، وبنزول الوحي عليهم، وسخرنا منهم.
( ه ) يندم الكافرون أشد الندم بعد فوات الأوان، فيقولون : لو استخدمنا سمعنا وتأمّلنا وتفكّرنا، أو استخدمنا عقولنا بالتروّي والتأمل ما كنا في أهل جهنم.
( و ) لقد اعترفوا بخطئهم، وأنهم يستحقون النار، فسحقا وهلاكا لهم.
إن أنتم : ما أنتم.
ضلال كبير : ضلال بعيد عن الحق والصواب.
٩- قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير.
قال الكفار لزبانية جهنم : لقد أرسل الله إلينا رسولا، ينذرنا هذا العذاب إن كفرنا، لكننا كذبنا هذا الرسول، واتهمناه بأنه كاذب في دعوى الرسالة، وأن الله لم يرسله رسولا، أو لم ينزل وحيا، ولم يرسل رسلا، فما أنت أيها المدعى للرسالة إلا ضالّ، مجانف للحق، بعيد عن الصواب، مختلق تعيش في وهم كبير وكذبة عريضة.
في هذه الآيات بيان لعذاب الذين كفروا بنار جهنم، وفيها وصف لجهنم بالصفات الآتية :
( أ ) هي تتميز غضبا وغيظا على من عصى الله.
( ب ) هي كائن حي له شهيق، أي رغبة في الانتقام ممن عصى الله، كرغبة البغلة في الشعير حين يقدم لها.
( ج ) لها فوران وغليان وتموج كتموج الحبّ القليل في الماء الكثير.
( د ) تسألهم الملائكة من خزنة جهنم : ألم يرسل إليكم رسول ؟ ويجيبون : لقد جاءت لنا الرسل فكذبنا بهم، وبنزول الوحي عليهم، وسخرنا منهم.
( ه ) يندم الكافرون أشد الندم بعد فوات الأوان، فيقولون : لو استخدمنا سمعنا وتأمّلنا وتفكّرنا، أو استخدمنا عقولنا بالتروّي والتأمل ما كنا في أهل جهنم.
( و ) لقد اعترفوا بخطئهم، وأنهم يستحقون النار، فسحقا وهلاكا لهم.
وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير.
لو كنا نسمع سماع تأمّل وتفكّر، أو نتدبّر بعقولنا ونتأمل في كلام الرسول لنا، ما صرنا إلى النار، وبئس المصير جهنم.
في هذه الآيات بيان لعذاب الذين كفروا بنار جهنم، وفيها وصف لجهنم بالصفات الآتية :
( أ ) هي تتميز غضبا وغيظا على من عصى الله.
( ب ) هي كائن حي له شهيق، أي رغبة في الانتقام ممن عصى الله، كرغبة البغلة في الشعير حين يقدم لها.
( ج ) لها فوران وغليان وتموج كتموج الحبّ القليل في الماء الكثير.
( د ) تسألهم الملائكة من خزنة جهنم : ألم يرسل إليكم رسول ؟ ويجيبون : لقد جاءت لنا الرسل فكذبنا بهم، وبنزول الوحي عليهم، وسخرنا منهم.
( ه ) يندم الكافرون أشد الندم بعد فوات الأوان، فيقولون : لو استخدمنا سمعنا وتأمّلنا وتفكّرنا، أو استخدمنا عقولنا بالتروّي والتأمل ما كنا في أهل جهنم.
( و ) لقد اعترفوا بخطئهم، وأنهم يستحقون النار، فسحقا وهلاكا لهم.
فسحقا : فبعدا لهم من رحمة ربهم.
١١- فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير.
لقد اعترفوا بذنبهم وكفرهم وجحودهم، وأن قلوبهم كانت قد تحجرت، وصمموا على الكفر، ولم يتركوا لعقولهم سبيلا إلى التفكّر والتأمل، ثم اعترفوا بذلك بعد فوات الأوان، فهلاكا وعذابا لهم.
روى الإمام أحمد من حديث أبي البختري الطائي :( لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم ). vii.
وفي حديث آخر :( لا يدخل أحد النار إلا وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة ). viii.
﴿ إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ١٢ وأسرّوا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ١٣ ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ١٤ هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ١٥ ﴾
المفردات :
يخشون ربهم بالغيب : يخافونه وهو غائبون عن أعين الناس فلا يعصونه.
لهم مغفرة وأجر كبير : لذنوبهم، وأجر كبير هو الجنة.
التفسير :
١٢- إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير.
إن الذين يخافون غضب الله، ولا يجترئون على معصيته حال كونهم غائبين عن أعين الناس، لهم غفران من الله لذنوبهم، وجزاء عظيم في الجنة.
وفي معنى الآية ما رواه البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( سبعة يظلهم الله تعالى في ظلّه يوم لا ظل له إلا ظله )، وعدّ منهم :( رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال : إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه )ix.
من أسباب نزول هذه الآية :
أن المشركين كانوا ينالون من النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أطلعه الله تعالى على أمرهم : قال بعضهم لبعض : أسروا قولكم كيلا يسمعه رب محمد، فقال الله تعالى لهم :
إذا أسررتم قولكم أو جهرتم به، فإن علم الله تعالى شامل للغيب والشهادة، فهو سبحانه يعلم السر وأخفى، ويمتد علمه إلى حديث النفس وخواطرها، ومكنون الصدور ودخائلها.
قال تعالى : ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد. ( ق : ١٦ ).
وهو اللطيف : العالم بالخفيّات.
الخبير : بعباده وبأعمالهم.
١٤- ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
ألا يعلم الله الخفايا وبواطن الأمور للإنسان الذي خالقه، وشقّ سمعه وبصره، وهو الدّقيق في علمه، الخبير بكلّ كائن قبل أن يكون، إنه سبحانه خالقنا ورازقنا، وهو العليم بخبايا نفوسنا.
قال الشاعر :
يا عالم الأسرار حسبي محنة علمى بأنّك عالم الأسرار.
مناكبها : جوانبها، أو طرقها وفجاجها.
النشور : إليه وحده مهمة نشركم، أي إحيائكم من قبوركم للحساب والجزاء.
١٥- هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور.
أرسى الله الأرض بالجبال، وحفظ سبحانه توازنها، وأودع فيها الجاذبية، وذلل الطرق ويسّر الرزق، وأودع في الأرض أقواتها وأرزاقها، ويسّر للإنسان طرق الكسب بالزراعة والصناعة والتجارة، والعلوم والفنون وغيرها.
وأودع الله في الأرض المعادن والمياه، والحديد والبترول، وذلل الأرض لاستفادة الإنسان، وفي ذلك دعوة من الله لنا، لاستخدام طاقات الأرض وإعمارها، فلا يكفي أن نستخرج البترول، بل ينبغي تصنيع البترول والاستفادة بمشتقاته، والناس لطول إلفهم بالأرض ينسون فضل الله عليهم في تسخير الأرض لهم.
ومعنى الآية :
لقد أنعم الله عليكم بأرض مذللة ممهدة للاستفادة بها في الزراعة والسير، واستخراج ما في باطنها، والبناء عليها، فسيروا في الأرض، وتمكّنوا من نواحيها ومناكبها، وسيطروا على أرض الإسلام وبلاده، واستفيدوا من خيرات بلادكم ورزق ربكم. وإلى الله مرجعكم فيحاسبكم على أعمالكم، وفي الآية دعوة لأمة الإسلام أن تلتمس العزّ والسؤدد، باستثمار خيرات بلادها، وتعاون المسلمين فيما بينهم، وأن يكون هناك تكامل بين الأمة الإسلامية وتعاون وترابط، حتى نكون كما أمر الله تعالى : صفّا واحدا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
قال تعالى : إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون. ( الأنبياء : ٩٢ ).
وقال صلى الله عليه وسلم :( ترى المسلمين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى )x.
﴿ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ١٦ أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير ١٧ ولقد كذّب الذين من قبلهم فكيف كان نكير ١٨ أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافّات ويقبضن ما يمسكهنّ إلا الرحمان إنه بكل شيء بصير ١٩ ﴾
المفردات :
الآمن : ضد الخوف.
من في السماء : هو ربكم الأعلى، أو من في السماء عرشه.
يخسف بكم الأرض : يغيبكم فيها، ومنه قوله تعالى : فخسفنا به وبداره الأرض... ( القصص : ٨١ ).
تمور : تهتز وتضطرب، وأصل المور : التردد في المجئ والذهاب.
تمهيد :
تكلمت السورة عن عذاب جهنم، وهددت بعذاب في الدنيا مثل خسف الأرض كما حدث لقارون، أو الانتقام بمثل ما أصاب عادا وثمود وقوم نوح، ولفتت الأنظار إلى دلائل القدرة في تيسير الطيران للطير في الجوّ، صافّات أجنحتها تارة، وقابضة أجنحتها تارة أخرى، بإلهام الله وبديع قدرته.
التفسير :
١٦- أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور.
هذه الآيات تهديد ووعيد لكفار مكة الذين أنكروا الوحي والرسالة، وفيها تهديد لك كفّار عنيد.
ومعنى الآية :
هل تأمنون بطش الله وعقوبته، بأن يخسف بكم الأرض كما خسفها بقارون فظل يهوى فيها ؟ وهو سبحانه في السماء عرشه، أو ملكه وملكوته، أو أمره وقضاؤه، وبيده الخلق والأمر، وهو القادر على أن يعذبكم من فوقكم، أو من تحت أرجلكم.
ونحو الآية قوله تعالى : قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم... ( الأنعام : ٦٥ ).
تكلمت السورة عن عذاب جهنم، وهددت بعذاب في الدنيا مثل خسف الأرض كما حدث لقارون، أو الانتقام بمثل ما أصاب عادا وثمود وقوم نوح، ولفتت الأنظار إلى دلائل القدرة في تيسير الطيران للطير في الجوّ، صافّات أجنحتها تارة، وقابضة أجنحتها تارة أخرى، بإلهام الله وبديع قدرته.
حاصبا : ريحا شديدة فيها حصباء تهلككم.
نذير : إنذاري وتخويفي.
١٧- أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير.
أي : بل هل أمنتم من في السماء ملكه وسلطانه وأمره وقضاؤه، أن يرسل عليكم ريحا مصحوبة بحجارة من السماء، كما أرسلها على قوم لوط، وأصحاب الفيل بمكة ؟ وعند نزول العذاب بكم فسترون كيف تكون شدة غضبي وقوة انتقامي.
تكلمت السورة عن عذاب جهنم، وهددت بعذاب في الدنيا مثل خسف الأرض كما حدث لقارون، أو الانتقام بمثل ما أصاب عادا وثمود وقوم نوح، ولفتت الأنظار إلى دلائل القدرة في تيسير الطيران للطير في الجوّ، صافّات أجنحتها تارة، وقابضة أجنحتها تارة أخرى، بإلهام الله وبديع قدرته.
نكير : إنكاري عليهم بإنزال العذاب بهم.
١٨- ولقد كذّب الذين من قبلهم فكيف كان نكير.
كذب قوم نوح نوحا، فأدركهم الغرق، واستمر تكذيب الرسل من قوم هود ومن قوم صالح ومن قوم لوط، كما كذب موسى، وكم كان عقاب السماء قويا مدمّرا، أي كيف كان إنكاري وعقابي لمن كذّبوا رسلي وحاربوا أنبيائي، ألم أنكر عليهم ؟ ألم أعاقبهم ؟
تكلمت السورة عن عذاب جهنم، وهددت بعذاب في الدنيا مثل خسف الأرض كما حدث لقارون، أو الانتقام بمثل ما أصاب عادا وثمود وقوم نوح، ولفتت الأنظار إلى دلائل القدرة في تيسير الطيران للطير في الجوّ، صافّات أجنحتها تارة، وقابضة أجنحتها تارة أخرى، بإلهام الله وبديع قدرته.
صافّات : باسطات أجنحتها في الجوّ حين طيرانها تارة.
ويقبضن : ويضممها تارة أخرى.
١٩- أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافّات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمان إنه بكل شيء بصير.
أو لم ينظر الإنسان ببصره إلى أسراب الطير في الفضاء، وكأنها وسيلة لاستعراض البراعة والجمال، والطير يرتفع وينخفض، ويستدير، ويفرد جناحيه في أحيان كثيرة، ويقبض جناحيه في أحيان قليلة، أو يقبض جناحا ويبسط جناحا، لقد ألهم الله الطير حياته وحركته وطيرانه، وألهم كلّ كائن عوامل وجوده، وطرائق حياته، ما يمسك الطير في السماء في حالات البسط والقبض إلا الرحمان الذي أبدع نظام هذا الكون، وألهم كل كائن وسيلة حياته في هذه الدنيا.
إنه سبحانه بصير بكل شيء، مطّلع على كل شيء، ممسك بنظام هذا الكون، بديع السماوات والأرض.
﴿ أمّن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان إن الكافرون إلا في غرور ٢٠ أمّن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجّوا في عتوّ ونفور ٢١ أفمن يمشي مكبّا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويّا على صراط مستقيم ٢٢ قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ٢٣ قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون ٢٤ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ٢٥ قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين ٢٦ فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدّعون ٢٧ ﴾
المفردات :
أم من هذا : بل من هذا ؟
جند لكم : أعوان لكم ومنعة.
غرور : غرهم الشيطان بأن لا عذاب ينزل بهم.
تمهيد :
توبّخ الآيات المشركين على عبادتهم غير الله، مع أنهم يعيشون في نعم الله وخيراته وأرزاقه، ولذلك يسألهم : من هذا الذي ينصركم إذا أراد عذابكم ؟ إن الشيطان قد جعل الغرور يتملّككم بأن الأصنام تنصركم من هذا الذي يرزقكم إذا أمسك الله عنكم رزقه ؟ والجواب : لا أحد ينصركم من عذاب الله ولا أحد يرزقكم غير الله، وضرب الله مثلا للمؤمن الذي وضح طريقه، فهو يسير فيه في الدنيا، معتدلا في سيره إلى المساجد وأداء الفرائض، ويمشي على الصراط معتدلا إلى الجنة يوم القيامة، أما الكافر فإنه يتنكّب الجادة، فهو يمشي مكبّا على وجهه، لا يتبين طريقه، وهو يمشي على غير هدى بعبادة الأصنام، وكذلك يسحب على وجهه، ويلقى به في جهنم يوم القيامة.
ثم عدد نعم الله بإعطاء السمع والبصر والفكر واللب والخلق، وبيّن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وحين يرى الكفار عذاب القيامة تعلو وجوههم الكآبة والمساءة.
التفسير :
٢٠- أمّن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان إن الكافرون إلا في غرور.
يلمس القرآن القلوب، ويوجه إليها هذا التساؤل، وكان الشيطان يزين للكفار أنهم ينصرون بالأصنام، فقال الله لهم :
من هذا الذي ينصركم ويحميكم من عذاب الله غير الله ؟ من هذا الذي يدفع عنكم بأس الرحمان إلاّ الرحمان ؟ إنهم في غرور، غرّهم به الشيطان، حيث زين لهم أن أصنامهم تحميهم، مع أنهم يقيمون في غضب من الله، فهو سبحانه يخلقهم، وهم يعبدون غيره.
توبّخ الآيات المشركين على عبادتهم غير الله، مع أنهم يعيشون في نعم الله وخيراته وأرزاقه، ولذلك يسألهم : من هذا الذي ينصركم إذا أراد عذابكم ؟ إن الشيطان قد جعل الغرور يتملّككم بأن الأصنام تنصركم من هذا الذي يرزقكم إذا أمسك الله عنكم رزقه ؟ والجواب : لا أحد ينصركم من عذاب الله ولا أحد يرزقكم غير الله، وضرب الله مثلا للمؤمن الذي وضح طريقه، فهو يسير فيه في الدنيا، معتدلا في سيره إلى المساجد وأداء الفرائض، ويمشي على الصراط معتدلا إلى الجنة يوم القيامة، أما الكافر فإنه يتنكّب الجادة، فهو يمشي مكبّا على وجهه، لا يتبين طريقه، وهو يمشي على غير هدى بعبادة الأصنام، وكذلك يسحب على وجهه، ويلقى به في جهنم يوم القيامة.
ثم عدد نعم الله بإعطاء السمع والبصر والفكر واللب والخلق، وبيّن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وحين يرى الكفار عذاب القيامة تعلو وجوههم الكآبة والمساءة.
إن أمسك رزقه : إن أمسك الرحمان رزقه، لا أحد غير الله يرسله.
لجّوا في عتوّ : تمادوا في استكبار وعناد.
نفور : تباعد عن الحق وشراد منه.
٢١- أمّن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجّوا في عتوّ ونفور.
إن الكون حافل بالأرزاق، فالماء والأرض والفضاء، والليل والنهار، والهواء والنبات والماء، وسائر الموجودات كلها أرزاق من الله، بل والقوى العقلية المبدعة في الإنسان، كلها من إبداع الخالق الرازق، ولو حبس الله عنايته عن الإنسان لضلّ وزلّ.
ومعنى الآية :
من هذا الذي يرزقكم من فوقكم ومن تحتكم ومن خلجات أنفاسكم، إذا أمسك الله عنكم رزقه ؟
والجواب : لا أحد يرزق غير الله، لكن الكفار يسيرون في عتوّ واستكبار، وشراد عن الحق، ونفور وامتعاض من دعوة الرسل.
توبّخ الآيات المشركين على عبادتهم غير الله، مع أنهم يعيشون في نعم الله وخيراته وأرزاقه، ولذلك يسألهم : من هذا الذي ينصركم إذا أراد عذابكم ؟ إن الشيطان قد جعل الغرور يتملّككم بأن الأصنام تنصركم من هذا الذي يرزقكم إذا أمسك الله عنكم رزقه ؟ والجواب : لا أحد ينصركم من عذاب الله ولا أحد يرزقكم غير الله، وضرب الله مثلا للمؤمن الذي وضح طريقه، فهو يسير فيه في الدنيا، معتدلا في سيره إلى المساجد وأداء الفرائض، ويمشي على الصراط معتدلا إلى الجنة يوم القيامة، أما الكافر فإنه يتنكّب الجادة، فهو يمشي مكبّا على وجهه، لا يتبين طريقه، وهو يمشي على غير هدى بعبادة الأصنام، وكذلك يسحب على وجهه، ويلقى به في جهنم يوم القيامة.
ثم عدد نعم الله بإعطاء السمع والبصر والفكر واللب والخلق، وبيّن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وحين يرى الكفار عذاب القيامة تعلو وجوههم الكآبة والمساءة.
مكبّا على وجهه : ساقطا عليه لا يأمن العثور.
يمشي سويّا : مستويا منتصبا سالما من العثور. ( مثل للمشرك والموحّد ).
تمهيد :
توبّخ الآيات المشركين على عبادتهم غير الله، مع أنهم يعيشون في نعم الله وخيراته وأرزاقه، ولذلك يسألهم : من هذا الذي ينصركم إذا أراد عذابكم ؟ إن الشيطان قد جعل الغرور يتملّككم بأن الأصنام تنصركم من هذا الذي يرزقكم إذا أمسك الله عنكم رزقه ؟ والجواب : لا أحد ينصركم من عذاب الله ولا أحد يرزقكم غير الله، وضرب الله مثلا للمؤمن الذي وضح طريقه، فهو يسير فيه في الدنيا، معتدلا في سيره إلى المساجد وأداء الفرائض، ويمشي على الصراط معتدلا إلى الجنة يوم القيامة، أما الكافر فإنه يتنكّب الجادة، فهو يمشي مكبّا على وجهه، لا يتبين طريقه، وهو يمشي على غير هدى بعبادة الأصنام، وكذلك يسحب على وجهه، ويلقى به في جهنم يوم القيامة.
ثم عدد نعم الله بإعطاء السمع والبصر والفكر واللب والخلق، وبيّن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وحين يرى الكفار عذاب القيامة تعلو وجوههم الكآبة والمساءة.
أفمن يمشي مكبّا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويّا عل صراط مستقيم.
على طريقة القرآن الكريم في التخييل الحسي والتجسيم، نجد صورة رائعة لإنسان كافر يتنكّب الجادة، ويكفر بالرسل، ويغضب مولاه، وينصرف إلى المعاصي، حال كونه أعمى البصيرة، مكبّا على وجهه أشبه بمن وضع وجهه في الأرض وسار معتمدا على يديه لا يبصر الطريق المعتدل، وإنما يهيم على وجهه، تأسره الشهوات، وتستنزفه المعاصي، حتى يحشر يوم القيامة، ويتقى بوجهه سوء العذاب يوم القيامة.
أما المؤمن فهو يمشي معتدلا، مرتفع القامة، يعرف أين يضع قدميه، لذلك يمشي في مرضاة ربّه، ويسير إلى الطاعات وما أمر به الله، ويبتعد عن المحرمات، وما نهى عنه الله، ثم يتساءل الرحمان سبحانه وتعالى : أيهما أهدى سبيلا وأقوم قيلا، من يمشون في الظلمات، ويتنكبون الجادة، وتستهويهم المعاصي والذنوب ؟ أمّن يمشون على الصراط المستقيم في طاعة الرحمان في الدنيا، ثم تتقدمهم أنوارهم وتحفّ بهم عن أيمانهم، ويهيدهم ربهم إلى الصراط المستقيم في الطريق إلى الجنة، ورضوان الله رب العالمين في الآخرة ؟ والجواب : لا شك أن المستقيم أهدى وأفضل.
توبّخ الآيات المشركين على عبادتهم غير الله، مع أنهم يعيشون في نعم الله وخيراته وأرزاقه، ولذلك يسألهم : من هذا الذي ينصركم إذا أراد عذابكم ؟ إن الشيطان قد جعل الغرور يتملّككم بأن الأصنام تنصركم من هذا الذي يرزقكم إذا أمسك الله عنكم رزقه ؟ والجواب : لا أحد ينصركم من عذاب الله ولا أحد يرزقكم غير الله، وضرب الله مثلا للمؤمن الذي وضح طريقه، فهو يسير فيه في الدنيا، معتدلا في سيره إلى المساجد وأداء الفرائض، ويمشي على الصراط معتدلا إلى الجنة يوم القيامة، أما الكافر فإنه يتنكّب الجادة، فهو يمشي مكبّا على وجهه، لا يتبين طريقه، وهو يمشي على غير هدى بعبادة الأصنام، وكذلك يسحب على وجهه، ويلقى به في جهنم يوم القيامة.
ثم عدد نعم الله بإعطاء السمع والبصر والفكر واللب والخلق، وبيّن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وحين يرى الكفار عذاب القيامة تعلو وجوههم الكآبة والمساءة.
قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون.
الله تعالى هو الذي خلقكم، خلق الخلق أجمعين، هو الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وخلق له السمع ليسمع ويتأمّل ويهتدي، وخلق الأبصار، والعين فيها أعداد كثيرة من مكونات الإبصار، وهو سبحانه خلق القلوب والعقول للتفكّر والتأمّل والاعتبار، والإنسان مطالب بشكر هذه النعم، وشكر النعمة هو حسن استخدامها فيما خلقت لأجله، ولكن الإنسان قليلا ما يشكر هذه النّعم، مع أن شكر النعمة واجب على الإنسان نحو خالقه، بأن يحسن الاستماع إلى ما يفيد، ويحسن النظر إلى ما ينفع، ويحسن التأمل والتدبر فيما يفيده وينفعه في دينه ودنياه وآخرته.
توبّخ الآيات المشركين على عبادتهم غير الله، مع أنهم يعيشون في نعم الله وخيراته وأرزاقه، ولذلك يسألهم : من هذا الذي ينصركم إذا أراد عذابكم ؟ إن الشيطان قد جعل الغرور يتملّككم بأن الأصنام تنصركم من هذا الذي يرزقكم إذا أمسك الله عنكم رزقه ؟ والجواب : لا أحد ينصركم من عذاب الله ولا أحد يرزقكم غير الله، وضرب الله مثلا للمؤمن الذي وضح طريقه، فهو يسير فيه في الدنيا، معتدلا في سيره إلى المساجد وأداء الفرائض، ويمشي على الصراط معتدلا إلى الجنة يوم القيامة، أما الكافر فإنه يتنكّب الجادة، فهو يمشي مكبّا على وجهه، لا يتبين طريقه، وهو يمشي على غير هدى بعبادة الأصنام، وكذلك يسحب على وجهه، ويلقى به في جهنم يوم القيامة.
ثم عدد نعم الله بإعطاء السمع والبصر والفكر واللب والخلق، وبيّن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وحين يرى الكفار عذاب القيامة تعلو وجوههم الكآبة والمساءة.
قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون.
قل لهم أيضا يا محمد : إن الله تعالى هو الذي خلقكم وبثكم ووزعكم في الأرض، مع اختلاف ألسنتكم وألوانكم، ثم تحشرون وتجمعون إلى الله تعالى يوم القيامة للحساب والجزاء.
توبّخ الآيات المشركين على عبادتهم غير الله، مع أنهم يعيشون في نعم الله وخيراته وأرزاقه، ولذلك يسألهم : من هذا الذي ينصركم إذا أراد عذابكم ؟ إن الشيطان قد جعل الغرور يتملّككم بأن الأصنام تنصركم من هذا الذي يرزقكم إذا أمسك الله عنكم رزقه ؟ والجواب : لا أحد ينصركم من عذاب الله ولا أحد يرزقكم غير الله، وضرب الله مثلا للمؤمن الذي وضح طريقه، فهو يسير فيه في الدنيا، معتدلا في سيره إلى المساجد وأداء الفرائض، ويمشي على الصراط معتدلا إلى الجنة يوم القيامة، أما الكافر فإنه يتنكّب الجادة، فهو يمشي مكبّا على وجهه، لا يتبين طريقه، وهو يمشي على غير هدى بعبادة الأصنام، وكذلك يسحب على وجهه، ويلقى به في جهنم يوم القيامة.
ثم عدد نعم الله بإعطاء السمع والبصر والفكر واللب والخلق، وبيّن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وحين يرى الكفار عذاب القيامة تعلو وجوههم الكآبة والمساءة.
متى هذا الوعد : في أي وقت يتحقق الوعد بالحشر.
ويقولن متى هذا الوعد إن كنتم صادقين.
كان الكفار يسألون عن الساعة سؤال المستبعد لها، المكذّب بوقوعها، المتشكك في أمورها. فيقولون للمؤمنين : متى يكون هذا البعث الذي توعدوننا به ؟
إن كنتم صادقين.
في أن الحشر كائن لا محالة.
توبّخ الآيات المشركين على عبادتهم غير الله، مع أنهم يعيشون في نعم الله وخيراته وأرزاقه، ولذلك يسألهم : من هذا الذي ينصركم إذا أراد عذابكم ؟ إن الشيطان قد جعل الغرور يتملّككم بأن الأصنام تنصركم من هذا الذي يرزقكم إذا أمسك الله عنكم رزقه ؟ والجواب : لا أحد ينصركم من عذاب الله ولا أحد يرزقكم غير الله، وضرب الله مثلا للمؤمن الذي وضح طريقه، فهو يسير فيه في الدنيا، معتدلا في سيره إلى المساجد وأداء الفرائض، ويمشي على الصراط معتدلا إلى الجنة يوم القيامة، أما الكافر فإنه يتنكّب الجادة، فهو يمشي مكبّا على وجهه، لا يتبين طريقه، وهو يمشي على غير هدى بعبادة الأصنام، وكذلك يسحب على وجهه، ويلقى به في جهنم يوم القيامة.
ثم عدد نعم الله بإعطاء السمع والبصر والفكر واللب والخلق، وبيّن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وحين يرى الكفار عذاب القيامة تعلو وجوههم الكآبة والمساءة.
نذير مبين : منذر واضح الإنذار.
قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين.
أي : علم وقت القيامة عند الله وحده، لا يعلم بها أحد سواه، وأنا رسول من عند الله، أنذركم إنذارا واضحا مبينا بالقيامة والساعة، لتعلموا لها قبل حلولها.
وفي هذا المعنى يقول الله تعالى : يسألونك عن الساعة أيّان مرساها* فيم أنت من ذكراها * إلى ربك منتهاها* إنما أنت منذر من يخشاها* كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها. ( النازعات : ٤٢ -٤٦ ).
ويقول الله تعالى : إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعى* فلا يصدّنّك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى. ( طه : ١٥، ١٦ ).
توبّخ الآيات المشركين على عبادتهم غير الله، مع أنهم يعيشون في نعم الله وخيراته وأرزاقه، ولذلك يسألهم : من هذا الذي ينصركم إذا أراد عذابكم ؟ إن الشيطان قد جعل الغرور يتملّككم بأن الأصنام تنصركم من هذا الذي يرزقكم إذا أمسك الله عنكم رزقه ؟ والجواب : لا أحد ينصركم من عذاب الله ولا أحد يرزقكم غير الله، وضرب الله مثلا للمؤمن الذي وضح طريقه، فهو يسير فيه في الدنيا، معتدلا في سيره إلى المساجد وأداء الفرائض، ويمشي على الصراط معتدلا إلى الجنة يوم القيامة، أما الكافر فإنه يتنكّب الجادة، فهو يمشي مكبّا على وجهه، لا يتبين طريقه، وهو يمشي على غير هدى بعبادة الأصنام، وكذلك يسحب على وجهه، ويلقى به في جهنم يوم القيامة.
ثم عدد نعم الله بإعطاء السمع والبصر والفكر واللب والخلق، وبيّن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وحين يرى الكفار عذاب القيامة تعلو وجوههم الكآبة والمساءة.
فلما رأوه زلفة : فلما رأوا العذاب قريبا منهم.
سيئت : أصابتها الكآبة والمذلّة، واسودت غمّا.
تدّعون : تطلبونه في الدنيا، وتستعجلون أن يأتيكم استهزاء.
فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدّعون.
وينتقل القرآن إلى الحديث عن مشاهد اليوم الآخر، حين يشاهد الكفار العذاب قريبا منهم، أو حين يرونه بعد وقت قريب ( وكل آت قريب ) فإذا شاهد الكافر أهوال جهنم، ظهرت الكآبة والقتام على وجهه.
قال تعالى : وجوه يومئذ مسفرة* ضاحكة مستبشرة* ووجوه يومئذ عليها غبرة* ترهقها قترة* أولئك هم الكفرة الفجرة. ( عبس : ٣٨-٤٢ ).
لقد اسودّت وجوه الكفار من هول العذاب الذي سيصلونه قريبا، ثم عنّفتهم الملائكة ووبختهم على كفرهم وعلى تكذيبهم بالعذاب.
وقالت لهم زبانية جهنم : هذا هو العذاب الذي كنتم تدّعون عدم وقوعه، أو كنتم تطلبونه وتستعجلون وقوعه استهزاء به وتكذيبا له.
﴿ قل أرأيتم إن أهلكني ربي ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ٢٨ قل هو الرحمان آمنا به وعليه توكّلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين ٢٩ قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتكم بماء معين ٣٠ ﴾
المفردات :
أرأيتم : أخبروني أو أروني.
يجير الكافرين : يمنعهم أو ينجيهم أو يؤمّنهم.
تمهيد :
تختم سورة تبارك بثلاث آيات، تؤكد حقيقة إيمان المؤمنين بالله، وتوكّلهم عليه، ويقينهم بنصره، وهي تهزّ إصرار الكافر على كفره، وترشده إلى الضلال الذي يسير فيه، فتقول للكافرين ما يأتي :
( أ ) سواء مات محمد ومن معه من المؤمنين أو نصرهم الله، فمن ينقذ الكفار من الهزيمة المنكرة في الدنيا أو من عذاب جهنم يوم القيامة ؟
( ب ) لقد اعتمد المؤمنون على ربهم وتوكلوا عليه، أي عرفوا طريقهم وقربهم من خالقهم، ودخولهم في جنته، أما الكفار الجاحدون المكذبون للرسل فسيعلمون غدا من هو الواقع في الضلال الظاهر.
( ج ) هذا الماء الذي تشربونه إذا غار في الأرض فأصبح بعيدا لا تناله الدلاء، من الذي يأتيكم بماء ظاهر تراه العين يجري أمامكم، يسقي زراعتكم وحيواناتكم وأشخاصكم ؟
التفسير :
٢٨- قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم.
أنتم مصرّون على الكفر، ولا يجير الكافرين من عذاب الله سوى التوبة والإسلام والإيمان، وكان الكفار يتمنون وقوع الهلاك لمحمد وأصحابه.
قال تعالى : أم يقولون شاعر نتربّص به ريب المنون* قل تربصوا فإني معكم من المتربّصين. ( الطور : ٣٠، ٣١ ).
وخلاصة معنى الآية :
سواء متنا أو قتلنا فإننا سننتقل إلى الجنة، وإذا رحمنا الله بالنصر عليكم فسيكون لنا عز الدنيا وشرف الآخرة. أما الكفار فمن ينقذهم من الهزيمة في الدنيا، أو عذاب جهنم يوم القيامة ؟
والآية تضع الظاهر مكان المضمر، كأنها تستدرجهم للتفكير في الإيمان، فهي لم تقل : فمن يجيركم من عذاب أليم. وكأنها تفتح الباب للمخاطبين للتراجع عن الكفر، أو لا تجبههم بأنهم كفّار، لعلهم أن يتركوا العناد إلى التفكير في الإيمان.
تختم سورة تبارك بثلاث آيات، تؤكد حقيقة إيمان المؤمنين بالله، وتوكّلهم عليه، ويقينهم بنصره، وهي تهزّ إصرار الكافر على كفره، وترشده إلى الضلال الذي يسير فيه، فتقول للكافرين ما يأتي :
( أ ) سواء مات محمد ومن معه من المؤمنين أو نصرهم الله، فمن ينقذ الكفار من الهزيمة المنكرة في الدنيا أو من عذاب جهنم يوم القيامة ؟
( ب ) لقد اعتمد المؤمنون على ربهم وتوكلوا عليه، أي عرفوا طريقهم وقربهم من خالقهم، ودخولهم في جنته، أما الكفار الجاحدون المكذبون للرسل فسيعلمون غدا من هو الواقع في الضلال الظاهر.
( ج ) هذا الماء الذي تشربونه إذا غار في الأرض فأصبح بعيدا لا تناله الدلاء، من الذي يأتيكم بماء ظاهر تراه العين يجري أمامكم، يسقي زراعتكم وحيواناتكم وأشخاصكم ؟
قل هو الرحمان آمنّا به وعليه توكّلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين.
قل لهم يا محمد : الله ربنا، وهو الرحمان يشملنا برحمته وعنايته وفضله، وقد توكلنا عليه واعتمدنا، اما أنتم فستعلمون غدا من الواقع في الضلال المبين.
والآية أيضا لا تصرّح لهم بأنهم ضالون كافرون، آثمون بعبادة الأصنام وترك عبادة الرحمان، بل تترك لهم مجالا للتفكير وعدم العناد.
تختم سورة تبارك بثلاث آيات، تؤكد حقيقة إيمان المؤمنين بالله، وتوكّلهم عليه، ويقينهم بنصره، وهي تهزّ إصرار الكافر على كفره، وترشده إلى الضلال الذي يسير فيه، فتقول للكافرين ما يأتي :
( أ ) سواء مات محمد ومن معه من المؤمنين أو نصرهم الله، فمن ينقذ الكفار من الهزيمة المنكرة في الدنيا أو من عذاب جهنم يوم القيامة ؟
( ب ) لقد اعتمد المؤمنون على ربهم وتوكلوا عليه، أي عرفوا طريقهم وقربهم من خالقهم، ودخولهم في جنته، أما الكفار الجاحدون المكذبون للرسل فسيعلمون غدا من هو الواقع في الضلال الظاهر.
( ج ) هذا الماء الذي تشربونه إذا غار في الأرض فأصبح بعيدا لا تناله الدلاء، من الذي يأتيكم بماء ظاهر تراه العين يجري أمامكم، يسقي زراعتكم وحيواناتكم وأشخاصكم ؟
غورا : غائرا، ذاهبا في الأرض لا ينال.
بماء معين : جار، أو ظاهر سهل التناول، أو تراه العيون لجريانه على الأرض.
قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين.
هنا تصريح بعذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة، والآية تلمس قلوبهم فتقول : أخبروني، إن ذهب ماؤكم بعيدا في الأرض، لا تستطيع الدلاء أن تنقله إليكم، هل هناك أحد غير الله يستطيع أن يأتيكم بماء ظاهر تراه العين ؟ فمن فضل الله أن أجرى الماء للناس، يستفيدون به في الزراعة والشرب ونواحي الحياة المتعددة.
قال تعالى : وجعلنا من الماء كل شيء حي... ( الأنبياء : ٣٠ ).
وقال سبحانه وتعالى : أفرأيتم الماء الذي تشربون* أأنتم أنزلتموه من المزن أن نحن المنزلون* لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون. ( الواقعة : ٦٨ -٧٠ ).
وبذلك تختم سورة الملك، سورة أرست دعائم الإيمان بالله الخالق، وحقيقة الابتلاء والرزق، والعلم المطلق، والسر والنجوى، سورة تبين أن الكون كله في قبضة الله، وفيها منهج حياة المؤمن مع ربه ومع نفسه ومع الناس.