تفسير سورة الفجر

روح البيان
تفسير سورة سورة الفجر من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

تفسير سورة الفجر
تسع وعشرون او اثنتان وثلاثون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْفَجْرِ قال فى كشف الاسرار لما كان العرب اكثر خلق الله قسما فى كلامهم جاء القرآن على عادتهم فى القسم والفجر فجران مستطيل كذنب السرحان وهو الكاذب ولا يتعلق به حكم ومستطير وهو الصادق الذي يتعلق به الصوم والصلاة أقسم الله بالفجر الذي هو أول وقت ظهور ضوء الشمس فى جانب المشرق كما أقسم بالصبح حيث قال والصبح إذا تنفس لما يحصل به من انقضاء الليل بظهور الضوء وانتشار الناس وسائر الحيوانات من الطيور والوحوش فى طلب الأرزاق وذلك مشاكل لنشور الموتى وفيه عبرة عظيمة لمن تأمل (وقال الكاشفى) سوكند بصبح كه وقت مناجات دوستانست. او أقسم بصباح عرفة لانه يوم شريف يتوجه فيه الحجاج الى جبل عرفات وفى الحديث (الحج عرفة) يعنى صباح روز عرفه كه وظائف دعا ونياز حاجيان در آنست. او صباح يوم النحر لانه يوم عظيم ايضا ويقع فيه الطواف المفروض والحلق والرمي ويروى ان يوم النحر يوم الحج الأكبر. وبقولي مراد از صبح روز أول محرم است كه سال از ومنفجر ميشود يا بامداد آذينه كه حج مسكينانست ودر تبيان آورده كه اشارت بانفجار آب از أصابع حضرت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم در روز طائف وغير آن وكفته اند انفجار ناقه از صخره صالح عليه السلام يا انفجار عيون ومنابع يا انفجار آب از حجر موسى عليه السلام يا انفجار مطر از سحاب يا روان شدن أشك ندامت از ديده عاصيان
بران از دو سر چشمه ديده جوى ور آلايشى دارى از خود بشوى
وَلَيالٍ عَشْرٍ هن عشر ذى الحجة والعرب تذكر الليالى وهى تعينها بأيامها تقول بنى هذا البناء ليالى السامانية اى ايامهم او العشر الأواخر من شهر رمضان وتنكيرها للتعظيم لانها مخصوصة بفضائل ليست لغيرها ولذا اقسم الله بها وذلك كالاشتغال بأعمال الحج فى عشر ذى الحجة وفى الحديث ما من ايام ازكى عند الله ولا أعظم اجرا من خير عمل فى عشر الأضحى قيل يا رسول الله ولا المجاهد فى سبيل الله قال ولا المجاهد فى سبيل الله الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ وفيه اشارة الى ان الغازي ينبغى ان يخرج من بيته على قصد أن لا يعود والله يفعل ما يريد واما شرف العشر الأواخر فيكفى اى ليلة القدر التي هى خير من ألف شهر تطلب فيها. وگفته اند مراد دهه محرم است كه عاشرا از آنست يا دهه ميان شعبان كه شب براءت در آنست. وقال البقلى هى ليال ست خلق فى أيامها السموات والأرض وليلة خلق فيها آدم عليه السلام وليلة يومها يوم القيامة وليلة كلم الله فيها موسى عليه السلام وليلة اسرى بالنبي عليه السلام وقال القاشاني اقسم بابتداء ظهور نور الروح على مادة البدن عند اثر تعلقه به وليال عشر ومحال الحواس العشر الظاهرة
أحدهما عن الآخر ويجوز ان يكون المعنى والليل إذا يسر يعنى يسرى فيه الساري ويسير فيه السائر فاسناد السرى الى الليل مجاز كما فى نهاره صائم اى هو صائم فى نهاره فالتقييد بذلك لان السير فى الليل حافظ للسائر من حر الشمس فان السفر مع مقاساة حر النهار أشد على النفس وقد قال النبي عليه السلام عليكم بالدلجة فان الأرض تطوى فى الليل وكذا هو حافظ من شر قطاع الطريق غالبا لانهم مشغولون بالنوم فى الليل وحذفت الياء اكتفاء بالكسر ولسقوطها فى خط المصحف ولموافقة رؤوس الآي وان كان الأصل إثباتها لانها لام فعل مضارع مرفوع وسئل الأخفش عن حذفها فقال أخدمني سنة فسأله بعد سنة فقال الليل يسرى فيه ولا يسرى فعدل به عن معناه فوجب ان يعدل عن لفظه يعنى ان سقوط الباء ليدل على ان اصل الفعل منفى عن الليل وان كان مسندا الى ضميره كما ان حركة العين فى الحيوان تدل على وجود معنى الحركة فى معنى الحيوان لان للتراكيب خواص بها تختلف وفيه اشارة الى ظلمة البدن إذا ذهبت وزالت بتجرد الروح والى القسم بسريانه ليل الهوية المطلقة فى نهار الحقائق المقيدة كما قال يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل برفع المقيدات بسطوات أنوار المطلق والى القسم بليلة المعراج التي اسرى الله بعبده فيها فكانت أشرف جميع الليالى لانها ليلة القدر والشرف والقرب والوصال والخطاب ورؤية الجمال المطلق هَلْ فِي ذلِكَ إلخ تقرير وتحقيق لفخامة شأن المقسم بها وكونها أمورا جليلة حقيقة بالاعظام والإجلال عند ارباب العقول وتنبيه على ان الاقسام بها امر معتد به خليق بان يؤكد به الاخبار على طريقة قوله تعالى وانه لقسم لو تعلمون عظيم كما يقول من ذكر حجة باهرة هل فيما ذكرته حجة والمعنى هل فيما ذكر من الأشياء المقسم بها قَسَمٌ اى مقسم به وفى فتح الرحمن مقنع ومكتفى لِذِي حِجْرٍ لذى عقل منور بنور المعرفة والحقيقة يراه حقيقا بان يقسم به إجلالا وتعظيما والمراد تحقيق ان الكل كذلك وانما اوثرت هذه الطريقة هضما للخلق وإيذانا بظهور الأمر او هل فى الاقسام بتلك الأشياء اقسام لذى حجر مقبول عنده يعتد به ويفعل مثله ويؤكد به المقسم عليه وبالفارسيه آيا درين سوكند كه ياد كرديم سوكندى پسنديده مر خداوند عقل را تا اعتبار كند وداند كه سوكنديست. محققق ومؤكد والحجر العقل لانه يحجر صاحبه اى يمنعه من التهافت فيما لا ينبغى كما سمى عقلا ونهية بضم النون لانه يعقل وينهى وحصاة ايضا من الإحصاء وهو الضبط قال الفراء يقال انه لذو حجر إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها والتنوين فى الحجر للتعظيم قال بعض الحكماء العقل للقلب بمنزلة الروح للسجد فكل قلب لا عقل له فهو ميت بمنزلة قلب الهائم والمقسم عليه محذوف وهو ليعذبن اى الكفار كما ينبئ عنه قوله تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ الهمزة للانكار وهو فى قوة النفي ونفى النفي اثبات اى ألم تعلم يا محمد علما يقينيا چاريا مجرى الرؤية فى الجلاء اى قد علمت باعلام الله تعالى وبالتواتر أيضا كيف عذب ربك عادا ونظائرهم فسيعذب كفار قومك ايضا لاشتراكهم فيما يوجبه من الكفر والمعاصي والمراد بعاد أولاد عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام
عطف على عاد وثمود قبيلة مشهورة سميت باسم جدهم ثمود أخي جديس وهما ابنا عامر بن رام بن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام وكانوا عربا من العاربة يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك وكانوا يعبدون الأصنام كعاد وهم قوم صالح كما قال تعالى والى ثمود أخاهم صالحا الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ الجوب القطع تقول جبت البلاد أجوبها جوبا وزاد الفراء جبت البلاد اجيبها جيبا إذا جلت فيها وقطعتها وجبت القميص ومنه سمى الجيب والصخر هو الحجر الصلب الشديد والواد أصله الوادي حذفت ياؤه اكتفاء بالكسرة ورعاية لرأس الآية وأصل الوادي الموضع الذي يسيل فيه الماء ومنه سمى المنفرج بين الجبلين واديا والمراد هنا هو وادي القرى بالقرب من المدينة الشريفة من جهة الشام قال ابو نضرة اتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى غزوة تبوك على وادي ثمود وهو على فرس أشقر فقال اسرعوا السير فانكم فى واد ملعون والمعنى قطعوا صخر الجبال فاتخذوا فيها بيوتا تحتوها من الصخر كقوله تعالى وتنحتون من الجبال بيوتا قيل انهم أول من تحت الجبال والصخور والرخام وقد بنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة وَفِرْعَوْنَ و چهـ كرد بفرعون موسى عليه السلام. وهو الوليد ابن مصعب بن ريان بن ثروان ابو العباس القبطي واليه تنسب الأقداح العباسية وفرعون لقب أفرده تعالى بالذكر لانفراده فى التكبر والعلو حتى ادعى الربوبية والالوهية ذِي الْأَوْتادِ جمع وتد بالتحريك وبكسر التاء ايضا بالفارسية ميخ. وقد سبق فى سورة النبأ وصف بذلك لكثرة جنوده وخيامهم التي يضربونها فى منازلهم ويربطونها بالأوتاد والاطناب كما هو الآن عادة فى ضرب الخيمة والتعذيبه بالأوتاد كما قال فى كشف الاسرار وفرعون آن كشنده بميخ بند يعنى بطريق چهار ميخ تعذيب كننده (روى) عن ابن عباس رضى الله عنهما ان فرعون انما سمى ذا الأوتاد لان امرأة خازنه خربيل كانت ماشطة هيجل بنت فرعون وكان خربيل مؤمنا يكتم إيمانه منذ مائة سنة وكذا امرأة فبيناهى ذات يوم تمشط رأس بنت فرعون إذ سقط المشط من يدها فقالت تعس من كفر بالله تعالى فقالت ابنة فرعون وهل لك اله غير أبى فقالت الهى واله أبيك واله السموات والأرض واحد لا شريك له فقامت ودخلت على أبيها وهى تبكى فقال ما يبكيك قالت ان الماشطة امرأة خازنك تزعم ان إلهك والهها واله السموات والأرض واحد لا شريك له فارسل إليها فسألها عن ذلك فقالت صدقت فقال لها ويحك اكفرى بإلهك قالت لا افعل فمدها بين أربعة أوتاد ثم أرسل عليها الحيات والعقارب وقال لها اكفرى بالله والا عذبتك بهذا العذاب شهرين فقالت لو عذبتنى سبعين شهرا ما كفرت به وكانت لها ابنتان فجاء بابنتها الكبرى فذبحها على فيها وقال لها اكفرى بإلهك والا ذبحت الصغرى على فيك ايضا وكانت رضيعا فقالت لو ذبحت من فى الأرض على فى ما كفرت بالله تعالى فأتى بابنتها فلما أضجعت على صدرها وأرادوا ذبحها جزعت المرأة فأطلق الله لسان ابنتها فتكلمت وهى من الاربعة الذين تكلموا أطفالا وقالت يا أماه لا تجزعى فان الله تعالى قد بنى لك بيتا فى الجنة اصبري فانك تفضين الى رحمة الله تعالى وكرامته فذبحت فلم تلبث ان ماتت فأسكنها الله
أم يكفر وهو خبر للمبتدأ الذي هو الإنسان والفاء لما فى اما من معنى الشرط والظرف المتوسط على نية التأخير كأنه قيل فاما الإنسان فيقول ربى أكرمني وقت ابتلائه بالانعام وانما تقديمه للايذان من أول الأمر بان الإكرام والتنعيم بطريق الابتلاء ليتضح اختلال قوله المحكي فاذا لمجرد الظرفية وان هذه الفاء لا تمنع ان يعمل ما بعدها فيما قبلها وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ اى واما هو إذا ما ابتلاه ربه فيكون الواقع بعد اما فى الفقرتين اسما فتكون الجملتان متعادلتين فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ پس تنك سازد برو روزئ او را يعنى ضيقه حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة وجعله على قدر كفايته وقوت يومه فَيَقُولُ متضجرا رَبِّي أَهانَنِ أذلني بالفقر ولا يخطر بباله ان ذلك لببلوه أيصبر أم يجزع مع انه ليس من الاهانة فى شىء ولذا لم يقل فأهانه فقدر عليه رزقه فى مقابلة أكرمه ونعمه بل التقتير قد يؤدى الى كرامة الدارين فى حق الفقير الصابر أما تأديته الى كرامة الآخرة فامر ظاهر واما تأديته الى كرامة الدنيا فلانه قد يسلم به من طمع الأعداء فيحسن فيه اعتقاد الكبراء من أهل الدنيا فيراجعونه ويلتمسون منه الدعاء والتوسعة قد تفضى الى خسران الدارين بالكفران فيكون استدراجا
اى دل اگر بديده تحقيقي بنگرى درويشى اختيار كنى بر توانكرى
قال بعضهم ربما كان التضييق إكراما له بان لا يشغله بالنعمة عن المنعم ويجعل ذلك وسيلة له فى التوجه الى الحق والسلوك فى طريقه لعدم التعلق وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه ردآء اما إزار واما كساء قد ربطوه فى أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ نصف الكعبين فيجمعه بيده كراهة ان ترى عورته فتأمل هل تكون هذه اهانة لخواص عباد الله فالمؤمن اما فى مقام الشكر او فى مقام الصبر قال عليه الصلاة والسلام الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر
صوفئ از فقر چون در غم شود عين فقرش دابه ومطعم شود
زانكه جنت از مكاره رسته است رحم قسم عاجزا شكسته است
آنكه سرها بشكند او از علو رحم حق وخلق نايد سوى او
كما قال بعض الكبار فى قوله فيقول ربى أهانن اى تركنى ذليلا مهينا لم يعرف المحجوب المسكين ان ربه ناظر اليه بنظر الرحمة والشفقة إذ جذبه بالجذبة الرحمانية من العالم الطبيعي الى العالم الروحاني ومن عالم النفس الى عالم القلب ومن عالم الفرق الى عالم الجمع ومن عالم الفراق الى عالم الوصال كَلَّا ردع للانسان عن مقالته المحكية وتكذيب له فيها فى كلما الحالتين قال ابن عباس رضى الله عنهما المعنى لم ابتله بالغنى لكرامته على ولم ابتله بالفقر لهوانه على بل ذلك لمحض القضاء والقدر بلا تعليل بالعلل بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ انتقال من بيان سوء أقواله الى بيان سوء أفعاله والتفات الى الخطاب للايذان باقتضاء ملاحظة جنايته السابقة لمشافهته بالتوبيخ تشديدا للتقريع وتأكيدا للتشنيع والجمع باعتبار
تحريك وصارت هباء منبثا وهو عبارة عما عرض لها عند النفخة الثانية وبالفارسية چون شكسته شود زمين شكستنى بعد از شكستنى يعنى پاره پاره كردد وَجاءَ رَبُّكَ
اى ظهرت آيات قدرته وآثار قهره مثل ذلك بما يظهر عند حضور السلطان بنفسه من احكام هيبته وسياسته فانه عند حضوره يظهر ما لا يظهر بحضور وزرآئه وسائر خواصه وعساكره وقال الامام احمد جاء امره وقضاؤه على حذف المضاف للتهويل وفى التأويلات النجمية تجلى فى المظهر الجلالي القهرى وَالْمَلَكُ وبيايد فرشتكان بعرصه محشر صَفًّا صَفًّا اى حال كونهم مصطفين او ذوى صفوف فانه ينزل يومئذ ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف بحسب منازلهم ومراتبهم اصطفاف أهل الصلاة فى الدنيا من الانس والجن كما قال تعالى والملك على أرجائها فهم سبعة صفوف عدد السموات السبع وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ كقوله تعالى وبرزت الجحيم يعنى ان المجيء بها عبارة عن إظهارها حتى براها الخلق مع ثباتها فى مكانها فان من المعلوم انها لا تنفك عن مكانها والباء للتعدية على ان جهنم قائم مقام الفاعل لجيئ وقال ابن مسعود رضى الله عنه ومقاتل تقاد جهنم بسبعين ألف زمام معه سبعون ألف ملك يجرونها حتى تنصب عن يسار العرش لها تغيظ وزفير يعنى دوزخ از خشم كافران مى جوشد ومى خروشد. فتشرد شردة لو تركت لاحرقت أهل الجمع ويجثو كل نبى وولى من الهول والهيبة على ركبته ويقول نفسى نفسى حتى يعترض لها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويقول أمتي أمتي فتقول النار مالى ومالك يا محمد لقد حرم الله لحمك على فالمجيئ بها على حقيقته فان الجر يدل على انفكاكها عن مكانها وتأوله الأولون بحمله على التجوز بان معنى يجرون يباشرون اسباب ظهورها. يقول الفقير لا حاجة الى الحمل على التجوز فان بعض الامكنة كالكعبة تزور بعض الخواص بالإيجاد والاعدام اللذين هما اسراع شىء من طرفة العين فلا بعد فى ان يكون مجيئ جهنم من هذا القبيل على ان الأرض يومئذ أوسع شىء كما بين فيما سبق فهى تسع جهنم وأهل المحشر جميعا وايضا المراد بمجىء جهنم مجيئ صورتها المثالية ولا مناقشة فيه فيكون كمجيئ المسجد الأقصى الى مرأى النبي عليه الصلاة والسلام حين سأله قريش عن بعض أوصافه فى قصة المعراج يَوْمَئِذٍ بدل من إذا دكت والعامل فيهما قوله تعالى يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ اى يتذكر ما فرط فيه بتفاصيله بمشاهدة آثاره وأحكامه او بمعاينة عينه على ان الأعمال تجسم فى النشأة الآخرة فيبرز كل من الحسنات والسيئات بما يناسبها من الصور الحسنة والقبيحة او يتعظ اى يقبل التذكير والإرشاد الذي بلغ اليه فى الدنيا ولم يتعظ ولم يقبله فى الدنيا فيتعظ به فى الآخرة فيقول يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا وهذا الاتعاظ يستلزم الندم على تقصيراته والندم توبة لكن لا توبة هناك لفوت الوقت قال القاشاني يوم يتذكر الإنسان خلاف ما اعتقده فى الدنيا وصار هيئة فى نفسه من مقتضيات فطرته فان ظهور الباري بصفة القهر والملائكة بصفة التعذيب لا يكون الا لمن اعتقد خلاف ما ظهر عليه بما هو فى نفس الأمر كالمنكر والنكير وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى اعتراض جيئ به لتحقيق انه ليس بتذكر حقيقة لعرائه عن الجدوى بعدم وقوعه فى أوانه وأنى خبر مقدم
Icon