تفسير سورة الفجر

إعراب القرآن للنحاس
تفسير سورة سورة الفجر من كتاب إعراب القرآن المعروف بـإعراب القرآن للنحاس .
لمؤلفه ابن النَّحَّاس . المتوفي سنة 338 هـ

٨٩ شرح إعراب سورة الفجر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الفجر (٨٩) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْفَجْرِ (١)
خفض بواو القسم وعن ابن عباس في معناه ثلاثة أقوال: منها أنه فجر السنة المحرّم، وإنه النهار، وأنه صلاة الفجر، وأما مسروق فقال: هو فجركم هذا، قال:
واختلف العلماء في الفجر فأهل الكوفة يقولون: هو البياض، وأهل المدينة يقولون:
هو الحمرة، وقد حكي عن العرب: ثوب مشفق ومشفّق أي مصبوغ بالحمرة.
وَلَيالٍ عطف والأصل فيها ليالي ولو جاء على الأصل لقلت: وليالي يا هذا، لا ينصرف كما قال الشاعر: [الرجز] ٥٦٢- قد عجبت منّي ومن يعيليا «١» فكره أن يختلف المعتلّ فجيء بالتنوين بعد أن حذفت الياء عوضا منها، وقيل:
من الحركة عَشْرٍ نعت لليال.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ٣]
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣)
قراءة «٢» أبي جعفر وشيبة ونافع وابن كثير وأبي عمرو وعاصم، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قال أبو جعفر: هو اختيار أبي عبيد واحتجّ بأشياء منها أنه الأكثر في عادة الناس وأنّ المحدّثين كذا يقولونه. قال أبو جعفر:
لو قال قائل: الأكثر في عادة الناس الفتح لكان أشبه وإن كان له حجة في كليهما ولا في
(١) الرجز للفرزدق في الدرر ١/ ١٠٢، وشرح التصريح ٢/ ٢٢٨، وبلا نسبة في الكتاب ٣/ ٣٤٨، والخصائص ١/ ٦، وشرح الأشموني ٢/ ٥٤١، ولسان العرب (علا) و (قلا)، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ١١٤، والمقتضب ١/ ١٤٢، والممتع في التصريف ٢/ ٥٥٧، والمنصف ٢/ ٦٨، وهمع الهوامع ١/ ٣٦.
(٢) انظر تيسير الداني ١٨٠، والبحر المحيط ٨/ ٤٦٣.
قول المحدثين لأن المحدث لا يضبط مثل هذا، ولا يحتاج إلى ضبطه. ولو قال قائل:
إنّ الفتح أولى لأن قبله والشفع وهو مفتوح لكان قد قال قولا يشبه الاحتجاجات، ولكنهما لغتان حسنتان كما قرئ على إبراهيم بن موسى عن إسماعيل بن إسحاق قال:
قرأت على أبي عثمان المازني وأبي إسحاق الزيادي عن الأصمعي قال: كل فرد وتر أهل الحجاز يفتحون الوتر ويكسرون الوتر من الذّحل، ومن تحتهم من قيس وتميم يسوّون بينهما. قال أبو جعفر: وقد بيّن الأصمعي أنهما لغتان وفي حديث عمر وابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «الذي تفوته صلاة العصر كأنّما وتر أهله وماله» «١» يجوز أن يكون مشتقا من الوتر وهو الذحل فيكون المعنى فكأنما سلب أهله وماله بما فاته من الفضل بأن فاتته صلاة. يقال: وتره يتره وترا وترة إذا سلبه، والاسم الوتر، ويجوز أن يكون مشتقا من الوتر أي الفرد فيكون المعنى كأنما نقص أهله وماله أي بقي فردا. وخص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاة العصر بهذا في ما قيل لأنها كانت وقت أشغالهم ومبايعاتهم فكان حضورها يصعب عليهم وقال: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [البقرة: ٢٣٨] الصحيح أنها صلاة العصر وذلك موافق للحديث.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ٤]
وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)
والأصل يسري حذفت الياء في الخط لأنها رأس آية، ومن أثبتها في الإدراج جاء بها على الأصل وحذفت في الوقف اتّباعا للمصحف الذي لا يحلّ خلافه، وحسن ذلك لأن كل ما يوقف عليه يسقط إعرابه ومن حسن ما قيل في معنى يسري أنه إذا أقبل عند إدبار النهار.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ٥]
هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥)
قيل: أي مقنع. ومن حسن ما قيل فيه أن المعنى هل في ذلك مما يقسم به أهل العقل تعظيما لما أقيم به وتوكيدا لما أقسم عليه، واستدلّ بعض العلماء بهذا وبتعظيمه على أن المعنى وربّ الفجر لأن أهل العقل والإيمان لا يقيمون إلا بالله جلّ وعزّ، وقد حظر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يقول أحد والكعبة بل خبر عن الله جلّ وعزّ كما روى عمر وابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» «٢» قال عمر فما حلفت بها ذاكرا ولا آثرا. وفي حديث آخر «من حلف بغير الله فقد أشرك» «٣» وفي آخر «فقد كفر». قال أبو جعفر: قوله فما حلفت بها كناية عن
(١) مرّ تخريجه في إعراب الآية ٣٥- محمد.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ٣٣، ومسلم في الإيمان ١، ٣، والترمذي في سننه (١٥٣٤)، وأحمد في مسنده ١/ ١٨.
(٣) مرّ تخريجه في إعراب الآية ٤- الأحقاف.
اليمين ولم يتقدّم لها ذكر لعلم السامع، وقوله ذاكرا أي قائلا كما يقال: ذكر لي فلان كذا، ولا آثرا أي مخبرا ومعنى «من حلف بغير الله فقد أشرك» فعل فعل المشركين. وكذا فقد كفر. فهذا قول، وقيل: فقد أشرك فقد جعل لله شريكا في التعظيم، وقيل: معنى «فقد كفر» فقد غطّى وستر أمر الله لأنه أمر أن لا يحلف إلّا بالله.
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ٦ الى ٧]
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧)
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) «١» صرف عادا جعله اسما للحقّ، وقراءة الضحاك بِعادٍ بغير صرف جعله اسما للقبيلة، وفي قراءة الحسن بِعادٍ إِرَمَ أضاف عاد إلى إِرَمَ ولم يصرف إرم. وهذه الآية مشكلة على كثير من أهل العربية يقول كثير من الناس إنّ إرم اسم موضع فكيف يكون نعتا لعاد أو بدلا منه؟ ويقال: كيف صرف عاد ولم يصرف إرم؟ فقد زعم محمد بن كعب القرطبيّ أن إرم الإسكندرية، وقال المقبريّ: إرم دمشق وكذا قال مالك بن أنس بلغني أنها دمشق رواه عنه ابن وهب، وقال مجاهد: إرم القديمة، وقد روي عنه غير هذا، وعن ابن عباس إرم الهالك، وعن قتادة إرم القبيلة. قال أبو جعفر: والكلام في هذا من جهة العربية أن أبين ما فيه قول قتادة: إن ارم قبيل من عاد فأما أن يكون إرم الإسكندرية أو دمشق فبعيد لقول الله تعالى: وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ [الأحقاف: ٢١] والحقف ما التوى من الرمل، وليس كذا دمشق ولا الإسكندرية. وقد قيل إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ مدينة عظيمة موجودة في هذا الوقت فإن صحّ هذا فتلخيصه في النحو أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ صاحبة إرم مثل وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: ٨٢] ذاتِ الْعِمادِ نعت لعاد على معنى القبيلة أو لأرم وكذا.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ٨]
الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨)
وفي قراءة ابن الزبير الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ أي لم يخلق ربّك مثل عاد في البلدان على عظم أجسادهم وقوتهم فلم يغن ذلك عنهم شيئا لمّا خالفوا أمر الله جلّ وعزّ فأهلكهم.
«وثمود» في موضع خفض، والتقدير وبثمود لم ينصرف لأنه اسم للقبيلة، ومن صرفه جعله اسما للحي، ومن خفضه بغير تنوين حذف التنوين لالتقاء الساكنين «الذين» في موضع خفض على النعت، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى أعني، وفي موضع رفع بمعنى هم الذين جابوا الصخر بالوادي. وجابوا من ذوات الواو جاب
(١) انظر القراءات في البحر المحيط ٨/ ٤٦٤، والمحتسب ٢/ ٣٥٩، والإتحاف ٢٧٠.
الشيء يجوبه إذا قطعه ودخل فيه، وحذفت الياء من الواو لأنه رأس آية والكسرة تدل عليها.
وَفِرْعَوْنَ في موضع خفض، والمعنى وبفرعون، ولم ينصرف لأنه اسم أعجمي ذِي الْأَوْتادِ من نعته وعن ابن عباس ذِي الْأَوْتادِ ذي الجنود. قال أبو جعفر: قد ذكرنا فيه غير هذا أي ذي الجنود الكثيرة المحتاجة لضرب الأوتاد في أسفارها.
الَّذِينَ طَغَوْا أي تجاوزوا أمر الله جلّ وعزّ في البلاد أي الذين كانوا فيه.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ١٢]
فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢)
على تأنيث الجماعة يكون جمع بلد، والتذكير جائز يراد به الجمع أو الواحد.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ١٣]
فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣)
ويجوز بالصاد لأن بعد السين طاء.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ١٤]
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤)
من أحسن ما قيل فيه إنه مجاز أي يرصد أعمال العباد أي لا يفوته شيء، وقال سفيان: المرصاد القنطرة الثالثة من جهنم.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ١٥]
فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥)
فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ أي اختبره فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ في معنى هذا وما بعده قولان: أحدهما وهو قول قتادة أن الإنسان إذا أنعم الله عليه ووسع قال: أكرمني ربّي بهذا فإذا ضيق عليه رزقه قال: أهانني فزجر الله الإنسان عن هذا وعرفه أنه ليس التوسيع عليه من إكرامه ولا التضييق عليه من إهانته. قال قتادة: وإنما إكرامه إياه بطاعته وإهانته إليه بمعصيته، والقول الآخر إن الإنسان إذا واسع الله عليه حمد الله جلّ وعزّ فإذا ضيّق عليه لم يحمده فزجره الله، لأنه يجب أن يحمده في الحالين، والزجر في قوله: كَلَّا ويدلّ على صحة الجواب الأول ما بعد الآية بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وما بعده أي فبهذا الإهانة وبضدّه الكرامة.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ١٨]
وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (١٨)
«١» حذف المفعول لعلم السامع أي ولا تحضّون الناس، ومن قرأ تَحَاضُّونَ قدّره بمعنى تتحاضون، حذفت إحدى التائين كما قال وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران: ١٠٣].
(١) انظر تيسير الداني ١٨٠، والبحر المحيط ٨/ ٤٦٦.

[سورة الفجر (٨٩) : آية ١٩]

وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩)
التاء مبدلة من الواو لأنها أقرب الزوائد إليها أَكْلًا مصدر لَمًّا من نعته.
قال الفراء «١» : شديدا.
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠) كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١)
قال: كثيرا. قال أبو جعفر كَلَّا تماما في كلّ القرآن قال: المعنى: لا ينبغي أن يكونوا هكذا وانزجروا عن هذا الفعل. إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا عن ابن عباس أي حرّكت وهو مصدر مؤكّد، وكذا الذي بعده.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ٢٢]
وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)
وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا يعني الملائكة صَفًّا صَفًّا مصدر في موضع الحال.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ٢٣]
وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣)
وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ في موضع اسم ما لم يسمّ فاعله، ويجوز أن يكون الاسم المصدر يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ويجوز إدغام التاء في الذال وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى قال الضحاك التوبة، وقيل: المعنى من أيّ جهة له منفعة الذّكرى.
يَقُولُ يا لَيْتَنِي ومن العرب من يقول: ليتي يشبّهه بأنّي. قال الضحاك: قَدَّمْتُ لِحَياتِي في الآخرة. قال الحسن: علم أنّ ثمّ حياة لا نفاذ لها.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ٢٥]
فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥)
هذه قراءة أبي عبد الرّحمن السلمي والحسن وأبي جعفر وشيبة ونافع وابن كثير وأبي عمرو وعاصم والأعمش وحمزة. وهي القراءة التي قامت بها الحجة من جهة الإجماع وقرأ الكسائي فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ «٢» قال:
وهذا اختيار أبي عبيد، واحتج بحجتين واهيتين إحداهما الحديث زعم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
قال أبو جعفر: والحديث لا يصحّ سنده حدّثناه محمد بن الوليد عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد قال: ثنا هشام وعبّاد بن عبّاد عن خالد عن أبي قلابة عمن أقرأه النبي صلّى الله عليه وسلّم فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ. وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ بفتح الذال والثاء. قال أبو جعفر: وهذا الحديث بيّن لأنه إذا وقع في الحديث مجهول لم يحتجّ به في غير القرآن فكيف في كتاب الله ومعارضته الجماعة الذين قراءتهم عن النبي؟ وحجته الأخرى
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٦٢.
(٢) انظر تيسير الداني ١٨٠.
أنه قد علم المسلمون أنه ليس أحد يوم القيامة يعذّب إلا الله فكيف يكون لا يعذّب أحد عذابه، هذه حجّته. قال أبو جعفر: وأغفل ما قاله العلماء في تأويل الآية لأنهم قالوا، منهم الحسن: لا يعذّب أحد في الدنيا بمثل عذاب الله يوم القيامة. وتأوّل أبو عبيد معنى لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ لا يعذّب عذاب الكافر أحد. وخولف أيضا في هذا التأويل، وممن خالفه الفراء «١» ذهب إلى أن المعنى: لا يعذّب أحد في الدنيا مثل عذاب الله في الآخرة، وفيه قول ثالث أنه يراد به رجل بعينه.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ٢٧]
يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧)
ويجوز يا أيّها لإبهام أيّ النَّفْسُ نعت لأيّ والْمُطْمَئِنَّةُ نعت للنفس فإن جعلتها نعتا لأي جاز نصبها، لأن قد تمّ الكلام كما تقول: يا زيد الكريم أقبل.
والمعنى المطمئنة بوعد الله جلّ وعزّ ووعيده.
[سورة الفجر (٨٩) : آية ٢٨]
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨)
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ في معناه قولان قال سعيد بن جبير: إلى جسدك فالمعنى على هذا أن النفس خوطبت. قال الضحاك: إلى الله فالمعنى على هذا أن المخاطبة للإنسان وإليه يذهب الفراء، وإلى أنّ المعنى أنّ الملائكة تقول لهم إذا أعطوا كتبهم بأيمانهم هذا أي ارجعي إلى ثواب ربك.
فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) أي في عبادي الصالحين أي كوني معهم. قال الفراء «٢» :
وقرأ ابن عباس وحده «فادخلي في عبدي» «٣». قال أبو جعفر: وهذا غلط: أعني قوله وحده، هذه قراءة مجاهد وعكرمة وأبي جعفر والضحاك. وتقديرها في العربية على معنى الجنس أي لتدخل كلّ روح في عبد وقيل: هو واحد يدلّ على جمع وعلامة الجزم في ادخلي عند الكوفيين حذف النون، والبصريون يقولون: ليس بمعرب لأنه غير مضارع ولا عامل معه فيجزمه، وزعم الفراء أن العامل فيه اللام وهي محذوفة.
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٦٢.
(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٦٣.
(٣) انظر البحر المحيط ٨/ ٤٦٧. [.....]
Icon