تفسير سورة طه

الدر المنثور
تفسير سورة سورة طه من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ
أخرج النحاس وابن مردويه، عن ابن عباس قال : نزلت سورة طه بمكة.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن الزبير قال : نزلت سورة طه بمكة.
وأخرج الدارمي وابن خزيمة في التوحيد والعقيلي في الضعفاء والطبراني في الأوسط وابن عدي وابن مردويه والبيهقي في الشعب، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- «إن الله تبارك وتعالى قرأ طه ويس، قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام » فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأمة ينزل عليها هذا، وطوبى لأجواف تحمل هذا، وطوبى لألسنة تتكلم بهذا.
وأخرج الديلمي، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :«أعطيت السورة التي ذكرت فيها الأنعام من الذكر الأول، وأعطيت طه والطواسيم من ألواح موسى، وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم البقرة من تحت العرش، وأعطيت المفصل نافلة ».
وأخرج ابن مردويه، عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«كل قرآن يوضع على أهل الجنة فلا يقرؤون منه شيئا إلا طه ويس، فإنهم يقرؤون بهما في الجنة ».

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا أنزل عَلَيْهِ الْوَحْي كَانَ يقوم على صُدُور قَدَمَيْهِ إِذا صلى فَأنْزل الله: ﴿طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالُوا لقد شقي هَذَا الرجل بربه فَأنْزل الله: ﴿طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ من اللَّيْل يرْبط نَفسه بِحَبل كي لَا ينَام فَأنْزل الله عَلَيْهِ ﴿طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرْبط نَفسه وَيَضَع إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى فَنزلت: ﴿طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا) (سُورَة المزمل آيَة ١) قَامَ اللَّيْل كُله حَتَّى تورمت قدماه فَجعل يرفع رجلا وَيَضَع رجلا فهبط عَلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ: ﴿طه﴾ يَعْنِي: الأَرْض بقدميك يَا مُحَمَّد ﴿مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾ وَأنزل (فاقرؤوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن)
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن عَليّ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يراوح بَين قَدَمَيْهِ يقوم على كل رجل حَتَّى نزلت ﴿مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
549
إِذا صلى قَامَ على رجل وَرفع الْأُخْرَى فَأنْزل الله ﴿طه﴾ يَعْنِي طأ الأَرْض يَا مُحَمَّد ﴿مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بَان عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿طه﴾ قَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُبمَا قَرَأَ الْقُرْآن إِذا صلى قَامَ على رجل وَاحِدَة فَأنْزل الله ﴿طه﴾ بِرِجْلَيْك ﴿مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما أنزل الله الْقُرْآن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ بِهِ وَأَصْحَابه فَقَالَ لَهُ كفار قُرَيْش: مَا أنزل الله هَذَا الْقُرْآن على مُحَمَّد إِلَّا ليشقى بِهِ
فَأنْزل الله ﴿طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿طه﴾ قَالَ: يَا رجل
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿طه﴾ بالنبطية أَي طا يَا رجل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿طه﴾ بالنبطية أَي طا يَا رجل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿طه﴾ قَالَ: هُوَ كَقَوْلِك يَا رجل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة قَالَ: ﴿طه﴾ يَا رجل بالنبطية
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ﴿طه﴾ بالنبطية يَا رجل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك قَالَ: ﴿طه﴾ يَا رجل بالنبطية
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ﴿طه﴾ يَا رجل بالسُّرْيَانيَّة
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿طه﴾ قَالَ: هُوَ كَقَوْلِك يَا مُحَمَّد بِلِسَان الْحَبَش
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿طه﴾ قَالَ: هُوَ كَقَوْلِك يَا رجل: بِلِسَان الْحَبَشَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله: ﴿طه﴾ قَالَ: كلمة عربت
وَأخرج عَن مُجَاهِد قَالَ: ﴿طه﴾ فواتح السُّور
550
وَأخرج عَن مُحَمَّد بن كَعْب ﴿طه﴾ قَالَ: الطَّاء من ذِي الطول
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لي عشرَة أَسمَاء عِنْد رَبِّي قَالَ أَبُو الطُّفَيْل: حفظت مِنْهَا ثَمَانِيَة: مُحَمَّد وَأحمد وَأَبُو الْقَاسِم والفاتح والخاتم والماحي وَالْعَاقِب والحاشر وَزعم سيف أَن أَبَا جَعْفَر قَالَ: الاسمان الباقيان ﴿طه﴾ وَيس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن زر قَالَ: قَرَأَ رجل على ابْن مَسْعُود ﴿طه﴾ مَفْتُوحَة فَأَخذهَا عَلَيْهِ عبد الله ﴿طه﴾ مَكْسُورَة فَقَالَ لَهُ الرجل: إِنَّهَا بِمَعْنى ضع رجلك
فَقَالَ عبد الله: هَكَذَا قَرَأَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَكَذَا أنزلهَا جِبْرِيل
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ: أول سُورَة تعلمتها من الْقُرْآن ﴿طه﴾ وَكنت إِذا قَرَأت ﴿طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا شقيت يَا عائش
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾ وَكَانَ يقوم اللَّيْل على رجلَيْهِ فَهِيَ بلغَة لعك إِن قلت لعكي يَا رجل لم يلْتَفت وَإِذا قلت ﴿طه﴾ الْتفت إِلَيْك
وَأخرج عبد بن حميد عَن عُرْوَة بن خَالِد رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت الضَّحَّاك وَقَالَ رجل من بني مَازِن بن مَالك: مَا يخفى عَليّ شَيْء من الْقُرْآن وَكَانَ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ شَاعِرًا فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاك: أَنْت تَقول ذَلِك أَخْبرنِي مَا ﴿طه﴾ قَالَ: هِيَ من أَسمَاء الله الْحسنى
نَحْو: طسم وحم فَقَالَ الضَّحَّاك: إِنَّمَا هِيَ بالنبطية يَا رجل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مَسْعُود عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ﴿طه﴾ قسم أقسمه الله وَهُوَ من أَسمَاء الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾ يَقُول: فِي الصَّلَاة هِيَ مثل قَوْله: (فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ) (المزمل آيَة ٢٠) قَالَ: وَكَانُوا يعلقون الحبال بصدروهم فِي الصَّلَاة
551
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾ يَا رجل ﴿مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى﴾ لَا وَالله مَا جعله الله شقياً وَلَكِن جعله الله رَحْمَة ونوراً ودليلاً إِلَى الْجنَّة ﴿إِلَّا تذكرة لمن يخْشَى﴾ قَالَ: إِن الله أنزل كِتَابه وَبعث رسله رَحْمَة رحم بهَا الْعباد لِيذْكُر ذَاكر وَينْتَفع رجل بِمَا سمع من كتاب الله وَهُوَ ذكر أنزلهُ الله فِيهِ حَلَاله وَحرمه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب ﴿وَمَا تَحت الثرى﴾ مَا تَحت سبع أَرضين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ثتادة قَالَ: ﴿الثرى﴾ كل شَيْء مبتل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ: ﴿وَمَا تَحت الثرى﴾ قَالَ: هِيَ الصَّخْرَة الَّتِي تَحت الأَرْض السَّابِعَة وَهِي صَخْرَة خضراء وَهُوَ سِجِّين الَّذِي فِيهِ كتاب الْكفَّار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: الثرى مَا حفر من التُّرَاب مبتلاً
وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر بن عبد الله: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ مَا تَحت هَذِه الأَرْض قَالَ: المَاء
قيل: فَمَا تَحت المَاء قَالَ: ظلمَة
قيل: فَمَا تَحت الظلمَة قَالَ: الْهَوَاء
قيل: فَمَا تَحت الْهَوَاء قَالَ: الثرى
قيل: فَمَا تَحت الثرى قَالَ: انْقَطع علم المخلوقين عِنْد علم الْخَالِق
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد اللله قَالَ: كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك إِذْ عَارَضنَا رجل مترجب - يَعْنِي طَويلا فَدَنَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ بِخِطَام رَاحِلَته فَقَالَ: أَنْت مُحَمَّد قَالَ: نعم
قَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن أَسأَلك عَن خِصَال لَا يعلمهَا أحد من أهل الأَرْض إِلَّا رجل أَو رجلَانِ فَقَالَ: سل عَمَّا شِئْت
قَالَ: يَا مُحَمَّد مَا تَحت هَذِه - يَعْنِي الأَرْض - قَالَ: خلق
قَالَ: فَمَا تَحْتهم قَالَ: أَرض
قَالَ: فَمَا تحتهَا قَالَ: خلق قَالَ: فَمَا تَحْتهم قَالَ: أَرض حَتَّى انْتهى إِلَى السَّابِعَة
قَالَ: فَمَا تَحت السَّابِعَة قَالَ: صَخْرَة
قَالَ: فَمَا تَحت الصَّخْرَة قَالَ: الْحُوت
قَالَ: فَمَا تَحت الْحُوت قَالَ: المَاء
قَالَ: فَمَا تَحت المَاء قَالَ: الظلمَة
قَالَ: فَمَا تَحت الظلمَة قَالَ: الْهَوَاء
قَالَ: فَمَا تَحت الْهَوَاء قَالَ: الثرى
قَالَ: فَمَا تَحت الثرى فَفَاضَتْ عينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالبكاء فَقَالَ: انْقَطع علم المخلوقين
552
عِنْد علم الْخَالِق أَيهَا السَّائِل مَا المسؤول بِأَعْلَم من السَّائِل
قَالَ: صدقت أشهد أَنَّك رَسُول الله يَا مُحَمَّد أما إِنَّك لَو ادعيت تَحت الثرى شَيْئا لعَلِمت أَنَّك سَاحر كَذَّاب أشهد أَنَّك رَسُول الله ثمَّ ولى الرجل
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَيهَا النَّاس هَل تَدْرُونَ مَا هَذَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم
قَالَ: هَذَا جِبْرِيل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿يعلم السِّرّ وأخفى﴾ قَالَ: السِّرّ مَا أسره ابْن آدم فِي نَفسه ﴿وأخفى﴾ مَا خَفِي ابْن آدم مِمَّا هُوَ فاعلة قبل أَن يُعلمهُ فَإِنَّهُ يعلم ذَلِك كُله فَعلمه فِيمَا مضى من ذَلِك وَمَا بَقِي علم وَاحِد وَجَمِيع الْخَلَائق عِنْده فِي ذَلِك كَنَفس وَاحِدَة وَهُوَ كَقَوْلِه: (مَا خَلقكُم وَلَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة) (لُقْمَان آيَة ٢٨)
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿يعلم السِّرّ وأخفى﴾ قَالَ: السِّرّ مَا عَلمته أَنْت وأخفى مَا قذف الله فِي قَلْبك مِمَّا لم تعلمه
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ بِلَفْظ: يعلم مَا تسر فِي نَفسك وَيعلم مَا تعْمل غَدا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿يعلم السِّرّ وأخفى﴾ قَالَ: أخْفى من السِّرّ مَا حدثت بِهِ نَفسك وَمَا لم تحدث بِهِ نَفسك أَيْضا مِمَّا هُوَ كَائِن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿يعلم السِّرّ وأخفى﴾ قَالَ: الوسوسة والسر الْعَمَل الَّذِي تسرون من النَّاس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: السِّرّ مَا أسر الرجل إِلَى غَيره وأخفى من ذَلِك مَا أسر فِي نَفسه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة
قَالَ: السِّرّ مَا تسر فِي نَفسك وأخفى من السِّرّ مَا لم يكن بعد وَهُوَ كَائِن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة
قَالَ: السِّرّ مَا حدث بِهِ الرجل أَهله وأخفى مَا تَكَلَّمت بِهِ فِي نَفسك
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿يعلم السِّرّ وأخفى﴾ قَالَ: السِّرّ مَا أسررت فِي نَفسك ﴿وأخفى﴾ مَا لم تحدث بِهِ نَفسك
553
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله: ﴿يعلم السِّرّ وأخفى﴾ قَالَ: يعلم أسرار الْعباد ﴿وأخفى﴾ سره فَلَا نعلمهُ وَالله أعلم
وأخرح عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِنِّي آنست نَارا﴾ أَي أحسست نَارا
﴿أَو أجد على النَّار هدى﴾ قَالَ: من يهديني
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: ﴿أَو أجد على النَّار هدى﴾ قَالَ: من يهديني إِلَى الطَّرِيق وَكَانُوا شَاتين فضلوا الطَّرِيق
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أَو أجد على النَّار هدى﴾ يَقُول: من يدل على الطَّرِيق
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أَو أجد على النَّار هدى﴾ قَالَ: يهديه الطَّرِيق
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿أَو أجد على النَّار هدى﴾ قَالَ: هادٍ يهديني إِلَى المَاء
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: لما رأى مُوسَى النَّار انْطلق يسير حَتَّى وقف مِنْهَا قَرِيبا فَإِذا هُوَ بِنَار عَظِيمَة: تَفُور من ورق الشّجر خضراء شَدِيدَة الخضرة يُقَال لَهَا العليق لَا تزداد النَّار فِيمَا يرى إِلَّا عظما وتضرماً وَلَا تزداد الشَّجَرَة على شدَّة الْحَرِيق إِلَّا خضرَة وحسناً فَوقف ينظر لَا يدْرِي مَا يصنع إِلَّا أَنه قد ظن أَنَّهَا شَجَرَة تحترق وأوقد إِلَيْهَا موقد فنالها فاحترقت وَإنَّهُ إِنَّمَا يمْنَع النَّار شدَّة خضرتها وَكَثْرَة مَائِهَا وكثافة وَرقهَا وَعظم جذعها فَوضع أمرهَا على هَذَا فَوقف وَهُوَ يطْمع أَن يسْقط مِنْهَا شَيْء فيقتبسه فَلَمَّا طَال عَلَيْهِ ذَلِك أَهْوى إِلَيْهَا بضغث فِي يَده وَهُوَ يُرِيد أَن يقتبس من لهبها فَلَمَّا فعل ذَلِك مُوسَى مَالَتْ نَحوه كَأَنَّهَا تريده فاستأخر عَنْهَا وهاب ثمَّ عَاد فَطَافَ بهَا وَلم تزل تطمعه ويطمع بهَا ثمَّ لم يكن شَيْء بأوشك من خمودها فَاشْتَدَّ عِنْد ذَلِك عجبه وفكر مُوسَى فِي أمرهَا فَقَالَ: هِيَ نَار ممتنعة لَا يقتبس مِنْهَا وَلكنهَا تتضرم فِي جَوف شَجَرَة فَلَا تحرقها ثمَّ خمودها على قدر عظمها فِي أوشك من طرفَة عين
فَلَمَّا رأى ذَلِك مُوسَى قَالَ: إِن لهَذِهِ شَأْنًا
ثمَّ وضع أمرهَا على أَنَّهَا مأمورة أَو مصنوعة لَا يدْرِي من أمرهَا وَلَا بِمَا أمرت وَلَا من صنعها وَلَا لم صنعت فَوقف متحيراً لَا يدْرِي أيرجع أم يُقيم فَبينا هُوَ على ذَلِك
554
إِذْ رمى بطرفه نَحْو فرعها فَإِذا هُوَ أَشد مِمَّا كَانَ خضرَة ساطعة فِي السَّمَاء ينظر إِلَيْهَا يغشى الظلام ثمَّ لم تزل الخضرة تنوّر وَتَصْفَر وتبيض حَتَّى صَارَت نورا ساطعاً عموداً بَين السَّمَاء وَالْأَرْض عَلَيْهِ مثل شُعَاع الشَّمْس تكل دونه الْأَبْصَار كلما نظر إِلَيْهِ يكَاد يخطف بَصَره فَعِنْدَ ذَلِك اشْتَدَّ خَوفه وحزنه فَرد يَده على عَيْنَيْهِ ولصق بِالْأَرْضِ وَسمع الحنين والوجس
إِلَّا أَنه سمع حِينَئِذٍ شَيْئا لم يسمع السامعون بِمثلِهِ عظما فَلَمَّا بلغ مُوسَى الكرب وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الهول نُودي من الشَّجَرَة فَقيل: يَا مُوسَى فَأجَاب سَرِيعا وَمَا يدْرِي من دَعَاهُ وَمَا كَانَ سرعَة إجَابَته إِلَّا استئناساً بالإنس فَقَالَ لبيْك مرَارًا إِنِّي لأسْمع صَوْتك وأحس حسك وَلَا أرى مَكَانك فَأَيْنَ أَنْت قَالَ: أَنا فَوْقك ومعك وخلفك وَأقرب إِلَيْك من نَفسك
فَلَمَّا سمع هَذَا مُوسَى علم أَنه لَا يَنْبَغِي هَذَا إِلَّا لرَبه فأيقن بِهِ فَقَالَ: كَذَلِك أَنْت يَا إلهي فكلامك اسْمَع أم رَسُولك قَالَ: بل أَنا الَّذِي أُكَلِّمك فادن مني فَجمع مُوسَى يَدَيْهِ فِي الْعَصَا ثمَّ تحامل حَتَّى اسْتَقل قَائِما فَرعدَت فرائصه حَتَّى اخْتلفت واضطربت رِجْلَاهُ وَانْقطع لِسَانه وانكسر قلبه وَلم يبْق مِنْهُ عظم يحمل آخر فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمَيِّت إِلَّا أَن روح الْحَيَاة تجْرِي فِيهِ ثمَّ زحف على ذَلِك وَهُوَ مرعوب حَتَّى وقف قَرِيبا من الشَّجَرَة الَّتِي نُودي مِنْهَا
فَقَالَ لَهُ الرب تبَارك وَتَعَالَى: ﴿وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى﴾ قَالَ: هِيَ عصاي
قَالَ: مَا تصنع بهَا - وَلَا أحد أعلم مِنْهُ بذلك - قَالَ مُوسَى: ﴿أتوكأ عَلَيْهَا وأهش بهَا على غنمي ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى﴾ قد علمتها وَكَانَ لمُوسَى فِي الْعَصَا مآرب كَانَ لَهَا شعبتان ومحجن تَحت الشعبتين فَإِذا طَال الْغُصْن حناه بالمحجن وَإِذا أَرَادَ كَسره لواه بالشعبتين وَكَانَ يتَوَكَّأ عَلَيْهَا ويهش بهَا وَكَانَ إِذا شَاءَ أَلْقَاهَا على عَاتِقه فعلق بهَا قوسه وكنانته ومرجامه ومخلاته وثوبه وَزَادا إِن كَانَ مَعَه وَكَانَ إِذا ارتع فِي الْبَريَّة حَيْثُ لَا ظلّ لَهُ ركزها ثمَّ عرض بالوتد بَين شعبتيها وَألقى فَوْقهَا كساءه فاستظل بهَا مَا كَانَ مرتعاً وَكَانَ إِذا ورد مَاء يقصر عَنهُ رشاؤه وصل بهَا وَكَانَ يُقَاتل بهَا السبَاع عَن غنمه
قَالَ لَهُ الرب ﴿ألقها يَا مُوسَى﴾ فَظن مُوسَى أَنه يَقُول: ارفضها
فألقاها على وَجه الرَّفْض ثمَّ حانت مِنْهُ نظرة فَإِذا بأعظم ثعبان نظر إِلَيْهِ الناظرون يرى يلْتَمس كَأَنَّهُ يَبْتَغِي شَيْئا يُرِيد أَخذه يمر بالصخرة مثل الخلفة من الْإِبِل فيلتقمها ويطعن بالناب من أنيابه فِي أصل الشَّجَرَة الْعَظِيمَة فيجتثها عينان توقدان نَارا وَقد عَاد المحجن عرقاً فِيهِ
555
شعر مثل النيازك وَعَاد الشعبتان فهما مثل القليب الْوَاسِع فِيهِ أضراس وأنياب لَهَا صريف فَلَمَّا عاين ذَلِك مُوسَى (ولى مُدبرا وَلم يعقل) (النَّمْل آيَة ١٠) فَذهب حَتَّى أمعن وَرَأى أَنه قد أعجز الْحَيَّة ثمَّ ذكر ربه فَوقف استحياء مِنْهُ ثمَّ ﴿نُودي يَا مُوسَى﴾ أَن ارْجع حَيْثُ كنت فَرجع وَهُوَ شَدِيد الْخَوْف فَقَالَ: خُذْهَا بيمينك وَلَا تخف سنعيدها سيرتها الأولى
قَالَ: وَكَانَ على مُوسَى حِينَئِذٍ مدرعة فَجَعلهَا فِي يَده فَقَالَ لَهُ ملك: أَرَأَيْت يَا مُوسَى لَو أذن الله بِمَا تحاذر أَكَانَت المدرعة تغني عَنْك شَيْئا قَالَ: لَا
وَلَكِنِّي ضَعِيف وَمن ضعف خلقت
فكشف عَن يَده ثمَّ وَضعهَا على فَم الْحَيَّة ثمَّ سمع حس الأضراس والأنياب ثمَّ قبض فَإِذا هِيَ عَصَاهُ الَّتِي عهدها وَإِذا يَده فِي موضعهَا الَّذِي كَانَ يَضَعهَا إِذا تؤكأ بَين الشعبتين
قَالَ لَهُ ربه: ادن
فَلم يزل يدينه - حَتَّى شدّ ظَهره بجذع الشَّجَرَة
فاستقر وَذَهَبت عَنهُ الرعدة وَجمع يَدَيْهِ فِي الْعَصَا وخضع بِرَأْسِهِ وعنقه ثمَّ قَالَ لَهُ: إِنِّي قد أقمتك الْيَوْم فِي مقَام لَا يَنْبَغِي لبشر بعْدك أَن يقوم مقامك
إِذْ أدنيتك وقربتك حَتَّى سَمِعت كَلَامي وَكنت بأقرب الْأَمْكِنَة مني فَانْطَلق برسالتي فَإنَّك بعيني وسمعي وَإِن مَعَك يَدي وبصري وَإِنِّي قد ألبستك جُبَّة من سلطاني لتكمل بهَا القوّة فِي أَمْرِي فَأَنت جند عَظِيم من جنودي بَعَثْتُك إِلَى خلق ضَعِيف من خلقي بطر من نعمتي وَأمن مكري وغرته الدُّنْيَا حَتَّى جحد حَقي وَأنكر ربوبيتي وعد من دوني وَزعم أَنه لَا يعرفنِي وَإِنِّي لأقسم بعزتي: لَوْلَا الْعذر وَالْحجّة الَّتِي وضعت بيني وَبَين خلقي
لبطشت بِهِ بطشة جَبَّار - يغْضب لغضبه السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال والبحار - فَإِن أمرت السَّمَاء حصبته وَإِن أمرت الأَرْض ابتلعته وَإِن أمرت الْبحار غرقته وَإِن أمرت الْجبَال دمرته وَلكنه هان عليّ وَسقط من عَيْني وَسعَهُ حلمي واستغنيت بِمَا عِنْدِي وَحقّ لي أَنِّي أَنا الْغَنِيّ لَا غَنِي غَيْرِي فَبَلغهُ رسالتي وادعه إِلَى عبادتي وتوحيدي وإخلاص اسْمِي وَذكره بآياتي وحذره نقمتي وبأسي وَأخْبرهُ أَنه لَا يقوم شَيْء لغضبي وَقل لَهُ فِيمَا بَين ذَلِك: ﴿قولا لينًا لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى﴾ وَأخْبرهُ أَنِّي أَنا الْعَفو وَالْمَغْفِرَة أسْرع مني إِلَى الْغَضَب والعقوبة وَلَا يروعنك مَا ألبسته من لِبَاس الدُّنْيَا فَإِن ناصيته بيَدي لَيْسَ يطرف وَلَا ينْطق وَلَا يتنفس إِلَّا بإذني
556
وَقل لَهُ: أجب رَبك فَإِنَّهُ وَاسع الْمَغْفِرَة فَإِنَّهُ قد أمهلك أَرْبَعمِائَة سنة - فِي كلهَا أَنْت مبارزه بالمحاربة تتشبه وتتمثل بِهِ وتصد عباده عَن سَبيله وَهُوَ يمطر عَلَيْك السَّمَاء وينبت لَك الأَرْض لم تسقم وَلم تهرم وَلم تفْتَقر وَلم تغلب وَلَو شَاءَ أَن يَجْعَل لَك ذَلِك أَو يسلبكه فعل وَلكنه ذُو أَنَاة وحلم عَظِيم وجاهده بِنَفْسِك وأخيك وأنتما محتسبان بجهاده فَإِنِّي لَو شِئْت أَن آتيه بِجُنُود لَا قبل لَهُ بهَا فعلت وَلَكِن ليعلم هَذَا العَبْد الضَّعِيف الَّذِي قد أَعْجَبته نَفسه وجموعه: أَن الفئة القليلة وَلَا قَلِيل مني تغلب الفئة الْكَبِيرَة بإذني وَلَا يعجبنكما زينته وَلَا مَا متع بِهِ وَلَا تمدا إِلَى ذَلِك أعينكما فَإِنَّهَا زهرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وزينة المترفين وَإِنِّي لَو شِئْت أَن أزينكما من الدُّنْيَا بزينة يعلم فِرْعَوْن - حِين ينظر إِلَيْهَا - أَن مقدرته تعجز عَن مثل مَا أوتيتما فعلت وَلَكِن أَرغب بكما عَن ذَلِك وأزويه عنكما وَكَذَلِكَ أفعل بأوليائي وَقد نما مَا حويت لَهُم من ذَلِك فَإِنِّي لأذودهم عَن نعيمها ورخائها كَمَا يذود الرَّاعِي الشفيق غنمه من مواقع الهلكة وَإِنِّي لأجنبهم شكوها وغنمها كَمَا يجنب الرَّاعِي الشفيق إبِله عَن مبارك الْغرَّة وَمَا ذَاك لهوَانِهم عليّ وَلَكِن ليستكملوا نصِيبهم من كَرَامَتِي سالما موفراً لم تكَلمه الدُّنْيَا وَلم يطغه الْهوى وَاعْلَم أَنه لم يتزين إليّ الْعباد بزينة
هِيَ أبلغ فِيمَا عِنْدِي من الزّهْد فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ زِينَة الْمُتَّقِينَ عَلَيْهِم مِنْهُ: لِبَاس يعْرفُونَ بِهِ من السكينَة والخشوع (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود) (الْفَتْح آيَة ٢٩) أُولَئِكَ هم أوليائي حَقًا فَإِذا لقيتهم فاخفض لَهُم جناحك وذلل لَهُم قَلْبك وَلِسَانك وَاعْلَم أَنه من أهان لي وليا أَو أخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني وَعرض لي نَفسه وَدَعَانِي إِلَيْهَا وَأَنا أسْرع شَيْء إِلَى نصْرَة أوليائي فيظن الَّذِي يحاربني أَو يعاديني أَن يعجزني أَو يظنّ الَّذِي يبارزني أَن يسبقني أَو يفوتني وَكَيف وَأَنا الثائر لَهُم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَا أكل نصرتهم إِلَى غَيْرِي قَالَ: فَأقبل مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن فِي مَدِينَة قد جعل حولهَا الْأسد فِي غيضة قد غرسها والأسد فِيهَا مَعَ ساستها إِذا أرسلها على أحد أَكلته وللمدينة أَرْبَعَة أَبْوَاب فِي الغيضة فَأقبل مُوسَى من الطَّرِيق الْأَعْظَم الَّذِي يرَاهُ فِرْعَوْن فَلَمَّا رَأَتْهُ الْأسد صاحت صياح الثعالب فَأنْكر ذَلِك الساسة وَفرقُوا من فِرْعَوْن فَأقبل مُوسَى حَتَّى انْتهى إِلَى الْبَاب الَّذِي فِيهِ فِرْعَوْن فقرعه بعصاه وَعَلِيهِ جُبَّة من صوف وَسَرَاويل فَلَمَّا رَآهُ البوّاب عجب من جراءته فَتَركه وَلم يَأْذَن لَهُ فَقَالَ:
557
هَل تَدْرِي بَاب من أَنْت تضرب إِنَّمَا أَنْت تضرب بَاب سيدك
قَالَ: أَنْت وَأَنا وَفرْعَوْن عبيد لرَبي فَأَنا ناصره فَأخْبر البوّاب الَّذِي يَلِيهِ من البوابين حَتَّى بلغ ذَلِك أَدْنَاهُم ودونه سَبْعُونَ حِجَابا كل حَاجِب مِنْهُم تَحت يَده من الْجنُود مَا شَاءَ الله حَتَّى خلص الْخَبَر إِلَى فِرْعَوْن فَقَالَ: أدخلوه عليّ فَأدْخل فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ فِرْعَوْن: أعرفك قَالَ: نعم
قَالَ: ﴿ألم نربك فِينَا وليدا﴾ الشُّعَرَاء آيَة ١٨ قَالَ: فَرد إِلَيْهِ مُوسَى الَّذِي رد
قَالَ: فِرْعَوْن خذوه
فبادر مُوسَى (فَألْقى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين) (الشُّعَرَاء آيَة ٣٢) فَحملت على النَّاس فَانْهَزَمُوا مِنْهَا فَمَاتَ مِنْهُم خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألفا قتل بَعضهم بَعْضًا وَقَامَ فِرْعَوْن مُنْهَزِمًا حَتَّى دخل الْبَيْت فَقَالَ لمُوسَى: ﴿فَاجْعَلْ بَيْننَا وَبَيْنك موعداً﴾ نَنْظُر فِيهِ
قَالَ: مُوسَى: لم أُؤمر بذلك إِنَّمَا أمرت بمناجزتك وَإِن أَنْت لم تخرج إليّ دخلت عَلَيْك
فَأوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن اجْعَل بَيْنك وَبَينه أَََجَلًا وَقل لَهُ: أَن يَجعله هُوَ
قَالَ فِرْعَوْن: اجْعَلْهُ إِلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَفعل
قَالَ: وَكَانَ فِرْعَوْن لَا يَأْتِي الْخَلَاء إِلَّا فِي كل أَرْبَعِينَ يَوْمًا مرّة فَاخْتلف ذَلِك الْيَوْم أَرْبَعِينَ مرّة
قَالَ: وَخرج مُوسَى من الْمَدِينَة فَلَمَّا مر بالأسد خضعت لَهُ بأذنابها وسارت مَعَ مُوسَى تشعيه وَلَا تهيجه وَلَا أحدا من بني إِسْرَائِيل
الْآيَة ١٢ - ١٤
558
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ﴾ يقول : في الصلاة هي مثل قوله :
﴿ فاقرؤوا ما تيسر منه ﴾ [ المزمل : ٢٠ ] قال : وكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة ﴿ ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ﴾ يا رجل ﴿ ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ﴾ لا والله، ما جعله الله شقياً، ولكن جعله الله رحمة ونوراً ودليلاً إلى الجنة ﴿ إلا تذكرة لمن يخشى ﴾ قال : إن الله أنزل كتابه وبعث رسله رحمة رحم بها العباد لِيذْكُر ذاكر وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله، وهو ذكر أنزله الله، فيه حلاله وحرامه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن محمد بن كعب ﴿ وما تحت الثرى ﴾ ما تحت سبع أرضين.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة قال :﴿ الثرى ﴾ كل شيء مبتل.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي :﴿ وما تحت الثرى ﴾ قال : هي الصخرة التي تحت الأرض السابعة، وهي صخرة خضراء، وهو سجين الذي فيه كتاب الكفار.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك قال : الثرى ما حفر من التراب مبتلاً.
وأخرج أبو يعلى عن جابر بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل، ما تحت هذه الأرض ؟ قال : الماء. قيل : فما تحت الماء ؟ قال : ظلمة. قيل : فما تحت الظلمة ؟ قال : الهواء. قيل : فما تحت الهواء ؟ قال : الثرى. قيل : فما تحت الثرى ؟ قال : انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق.
وأخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله قال : كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، إذ عارضنا رجل مترجب - يعني طويلاً - فدنا من النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بخطام راحلته فقال : أنت محمد ؟ قال : نعم. قال : إني أريد أن أسألك عن خصال لا يعلمها أحد من أهل الأرض، إلا رجل أو رجلان ؟ فقال : سل عما شئت. قال : يا محمد، ما تحت هذه ؟ - يعني الأرض - قال : خلق. قال : فما تحتهم ؟ قال : أرض. قال : فما تحتها ؟ قال : خلق ؟ قال : فما تحتهم ؟ قال : أرض، حتى انتهى إلى السابعة. قال : فما تحت السابعة ؟ قال : صخرة. قال : فما تحت الصخرة ؟ قال : الحوت. قال : فما تحت الحوت ؟ قال : الماء. قال : فما تحت الماء ؟ قال : الظلمة. قال : فما تحت الظلمة ؟ قال : الهواء. قال : فما تحت الهواء ؟ قال : الثرى. قال : فما تحت الثرى ؟ ففاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبكاء ؟ فقال : انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق أيها السائل، ما المسؤول بأعلم من السائل. قال : صدقت، أشهد أنك رسول الله يا محمد، أما إنك لو ادعيت تحت الثرى شيئاً، لعلمت أنك ساحر كذاب، أشهد أنك رسول الله، ثم ولى الرجل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أيها الناس، هل تدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : هذا جبريل ».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ يعلم السر وأخفى ﴾ قال : السر ما أسره ابن آدم في نفسه ﴿ وأخفى ﴾ ما خفي ابن آدم مما هو فاعلة، قبل أن يعلمه، فإنه يعلم ذلك كله، فعلمه فيما مضى من ذلك، وما بقي علم واحد وجميع الخلائق عنده في ذلك، كنفس واحدة وهو كقوله :﴿ ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ﴾ [ لقمان : ٢٨ ].
وأخرج الحاكم وصححه، عن ابن عباس في قوله :﴿ يعلم السر وأخفى ﴾ قال : السر ما علمته أنت، وأخفى ما قذف الله في قلبك مما لم تعلمه.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وأبو الشيخ في العظمة، والبيهقي بلفظ : يعلم ما تسر في نفسك، ويعلم ما تعمل غداً.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، عن قتادة في قوله :﴿ يعلم السر وأخفى ﴾ قال : أخفى من السر ما حدثت به نفسك، وما لم تحدث به نفسك أيضاً مما هو كائن.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ يعلم السر وأخفى ﴾ قال : الوسوسة، والسر العمل الذي تسرون من الناس.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن الحسن قال : السر ما أسر الرجل إلى غيره، وأخفى من ذلك ما أسر في نفسه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن سعيد بن جبير في الآية. قال : السر ما تسر في نفسك، وأخفى من السر، ما لم يكن بعد وهو كائن.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن عكرمة في الآية. قال : السر ما حدث به الرجل أهله، وأخفى ما تكلمت به في نفسك.
وأخرج عبد بن حميد، عن الضحاك في قوله :﴿ يعلم السر وأخفى ﴾ قال : السر ما أسررت في نفسك ﴿ وأخفى ﴾ ما لم تحدث به نفسك.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة، عن زيد بن أسلم في قوله :﴿ يعلم السر وأخفى ﴾ قال : يعلم أسرار العباد ﴿ وأخفى ﴾ سره فلا نعلمه والله أعلم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ إني آنست ناراً ﴾ أي أحسست ناراً. ﴿ أو أجد على النار هدى ﴾ قال : من يهديني.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله :﴿ أو أجد على النار هدى ﴾ قال : من يهديني إلى الطريق، وكانوا شاتين فضلوا الطريق.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس في قوله :﴿ أو أجد على النار هدى ﴾ يقول : من يدل على الطريق.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ أو أجد على النار هدى ﴾ قال : يهديه الطريق.
وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة في قوله :﴿ أو أجد على النار هدى ﴾ قال : هادٍ يهديني إلى الماء.
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن وهب بن منبه قال : لما رأى موسى النار، انطلق يسير، حتى وقف منها قريباً، فإذا هو بنار عظيمة : تفور من ورق شجرة خضراء شديدة الخضرة، يقال لها العليق، لا تزداد النار فيما يرى إلا عظماً وتضرماً، ولا تزداد الشجرة على شدة الحريق، إلا خضرة وحسناً ! فوقف ينظر لا يدري ما يصنع، إلا أنه قد ظن أنها شجرة تحترق، وأوقد إليها موقد، فنالها فاحترقت، وإنه إنما يمنع النار، شدة خضرتها، وكثرة مائها، وكثافة ورقها، وعظم جذعها، فوضع أمرها على هذا، فوقف وهو يطمع أن يسقط منها شيء فيقتبسه، فلما طال عليه ذلك، أهوى إليها بضغث في يده وهو يريد أن يقتبس من لهبها، فلما فعل ذلك موسى مالت نحوه كأنها تريده، فاستأخر عنها وهاب، ثم عاد فطاف بها، ولم تزل تطمعه ويطمع بها، ثم لم يكن شيء بأوشك من خمودها، فاشتد عند ذلك عجبه وفكر موسى في أمرها، فقال : هي نار ممتنعة لا يقتبس منها، ولكنها تتضرم في جوف شجرة فلا تحرقها، ثم خمودها على قدر عظمها في أوشك من طرفة عين. فلما رأى ذلك موسى قال : إن لهذه شأناً. ثم وضع أمرها على أنها مأمورة أو مصنوعة، لا يدري من أمرها ولا بما أمرت ولا من صنعها ولا لم صنعت، فوقف متحيراً لا يدري أيرجع أم يقيم ؟ فبينا هو على ذلك، إذ رمى بطرفه نحو فرعها فإذا هو أشد مما كان خضرة ساطعة في السماء، ينظر إليها يغشى الظلام، ثم لم تزل الخضرة تنوّر وتصفر وتبيض حتى صارت نوراً ساطعاً عموداً بين السماء والأرض، عليه مثل شعاع الشمس، تكل دونه الأبصار، كلما نظر إليه يكاد يخطف بصره، فعند ذلك اشتد خوفه وحزنه، فرد يده على عينيه، ولصق بالأرض وسمع الحنين والوجس. إلا أنه سمع حينئذ شيئا لم يسمع السامعون بمثله عظماً ! فلما بلغ موسى الكرب واشتد عليه الهول نودي من الشجرة، فقيل : يا موسى، فأجاب سريعاً، وما يدري من دعاه ؟ وما كان سرعة إجابته إلا استئناساً بالإنس، فقال لبيك مراراً إني لأسمع صوتك، وأحس حسك، ولا أرى مكانك، فأين أنت ؟ قال : أنا فوقك ومعك وخلفك وأقرب إليك من نفسك. فلما سمع هذا موسى علم أنه لا ينبغي هذا إلا لربه، فأيقن به، فقال : كذلك أنت يا إلهي، فكلامك اسمع أم رسولك ؟ قال : بل أنا الذي أكلمك فادن مني، فجمع موسى يديه في العصا، ثم تحامل حتى استقل قائماً، فرعدت فرائصه حتى اختلفت، واضطربت رجلاه، وانقطع لسانه وانكسر قلبه، ولم يبق منه عظم يحمل آخر، فهو بمنزلة الميت، إلا أن روح الحياة تجري فيه، ثم زحف على ذلك وهو مرعوب، حتى وقف قريباً من الشجرة التي نودي منها فقال له الرب تبارك وتعالى :﴿ ما تلك بيمينك يا موسى ﴾ قال : هي عصاي.
قال : ما تصنع بها ؟ - ولا أحد أعلم منه بذلك - قال موسى :﴿ أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ﴾ قد علمتها، وكان لموسى في العصا مآرب، كان لها شعبتان ومحجن تحت الشعبتين، فإذا طال الغصن حناه بالمحجن، وإذا أراد كسره لواه بالشعبتين، وكان يتوكأ عليها ويهش بها، وكان إذا شاء ألقاها على عاتقه، فعلق بها قوسه وكنانته ومرجامه ومخلاته وثوبه، وزاداً إن كان معه، وكان إذا ارتع في البرية حيث لا ظل له ركزها، ثم عرض بالوتد بين شعبتيها، وألقى فوقها كساءه فاستظل بها ما كان مرتعاً، وكان إذا ورد ماء يقصر عنه رشاؤه وصل بها، وكان يقاتل بها السباع عن غنمه. قال له الرب ﴿ ألقها يا موسى ﴾ فظن موسى أنه يقول : ارفضها. فألقاها على وجه الرفض، ثم حانت منه نظرة، فإذا بأعظم ثعبان نظر إليه الناظرون يرى ! يلتمس كأنه يبتغي شيئاً يريد أخذه، يمر بالصخرة مثل الخلفة من الإبل فيلتقمها، ويطعن بالناب من أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فيجتثها، عينان توقدان ناراً، وقد عاد المحجن عرقاً فيه شعر مثل النيازك، وعاد الشعبتان فهما مثل القليب الواسع فيه أضراس وأنياب لها صريف، فلما عاين ذلك موسى ﴿ ولى مدبراً ولم يعقب ﴾ [ النمل : ١٠ ] فذهب حتى أمعن ورأى أنه قد أعجز الحية، ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه ثم ﴿ نودي يا موسى ﴾ أن ارجع حيث كنت، فرجع وهو شديد الخوف فقال : خذها بيمينك ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى. قال : وكان على موسى حينئذ مدرعة فجعلها في يده، فقال له ملك : أرأيت يا موسى لو أذن الله بما تحاذر ؟ أكانت المدرعة تغني عنك شيئاً قال : لا. ولكني ضعيف ومن ضعف خلقت. فكشف عن يده ثم وضعها على فم الحية، ثم سمع حس الأضراس والأنياب، ثم قبض فإذا هي عصاه التي عهدها، وإذا يده في موضعها الذي كان يضعها إذا تؤكأ بين الشعبتين. قال له ربه :«ادن ». فلم يزل يدنيه - حتى شد ظهره بجذع الشجرة. فاستقر وذهبت عنه الرعدة، وجمع يديه في العصا، وخضع برأسه وعنقه ثم قال له : إني قد أقمتك اليوم في مقام لا ينبغي لبشر بعدك أن يقوم مقامك. . . إذ أدنيتك وقربتك حتى سمعت كلامي، وكنت بأقرب الأمكنة مني، فانطلق برسالتي، فإنك بعيني وسمعي، وإن معك يدي وبصري، وإني قد ألبستك جبة من سلطاني، لتكمل بها القوّة في أمري، فأنت جند عظيم من جنودي، بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي، بطر من نعمتي، وأمن مكري، وغرته الدنيا حتى جحد حقي، وأنكر ربوبيتي، وعد من دوني، وزعم أنه لا يعرفني، وإني لأقسم بعزتي : لولا العذر والحجة التي وضعت بيني وبين خلقي. . . لبطشت به بطشة جبار - يغضب لغضبه السماوات والأرض والجبال والبحار - فإن أمرت السماء حصبته، وإن أمرت الأرض ابتلعته، وإن أمرت البحار غرقته، وإن أمرت الجبال دمرته، ولكنه هان عليّ وسقط من عيني، وَسعَهُ حلمي، واستغنيت بما عندي، وحق لي أني أنا الغني لا غني غيري، فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي وتوحيدي، وإخلاص اسمي، وذكره بآياتي، وحذره نقمتي وبأسي، وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي ﴿ وقل له ﴾ فيما بين ذلك :﴿ قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ﴾ وأخبره أني إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة، ولا يروعنك ما ألبسته من لباس الدنيا، فإن ناصيته بيدي ليس يطرف ولا ينطق ولا يتنفس إلا بإذني، وقل له : أجب ربك فإنه واسع المغفرة فإنه قد أمهلك أربعمائة سنة ؛ في كلها أنت مبارزه بالمحاربة، تتشبه وتتمثل به وتصد عباده عن سبيله، وهو يمطر عليك السماء، وينبت لك الأرض، لم تسقم ولم تهرم ولم تفتقر ولم تغلب، ولو شاء أن يجعل لك ذلك أو يسلبكه فعل، ولكنه ذو أناة وحلم عظيم، وجاهده بنفسك وأخيك، وأنتما محتسبان بجهاده، فإني لو شئت أن آتيه بجنود لا قبل له بها فعلت، ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف الذي قد أعجبته نفسه وجموعه : أن الفئة القليلة، ولا قليل مني تغلب الفئة الكبيرة بإذني، ولا يعجبنكما زينته ولا ما متع به، ولا تمدا إلى ذلك أعينكما، فإنها زهرة الحياة الدنيا، وزينة المترفين، وإني لو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة، يعلم فرعون - حين ينظر إليها - أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت، ولكن أرغب بكما عن ذلك وأزويه عنكما، وكذلك أفعل بأوليائي، وقد نما ما حويت لهم من ذلك، فإني لأذودهم عن نعيمها ورخائها ؛ كما يذود الراعي الشفيق غنمه من مواقع الهلكة، وإني لأجنبهم شكوها وغنمها، كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة، وما ذاك لهوَانِهم عليّ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالماً موفراً لم تكلمه الدنيا ولم يطغه الهوى، واعلم أنه لم يتزين إليّ العباد بزينة. . . هي أبلغ فيما عندي من الزهد في الدنيا، فإنه زينة المتقين عليهم منه : لباس يعرفون به من السكينة والخشوع ﴿ سيماهم في وجوههم من أثر السجود ﴾ [ الفتح : ٢٩ ] «أولئك هم أوليائي حقاً فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك، وذلل لهم قلبك ولسانك، واعلم أنه من أهان لي ولياً أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة، وبادأني وعرض لي نفسه ودعاني إليها، وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، فيظن الذي يحاربني أو يعاديني أن يعجزني، أو يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني، وكيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة ؟ ! لا أكل نصرتهم إلى غيري » قال : فأقبل موسى إلى فرعون في مدينة قد جعل حولها الأسد في غيضة قد غرسها، والأسد فيها مع ساستها إذا أرسلها على أحد أكلته، وللمدينة أربعة أبواب في الغيضة، فأقبل موسى من الطريق الأعظم الذي يراه فرعون، فلما رأته الأسد صاحت صياح الثعالب، فأنكر ذلك الساسة وفرقوا من فرعون، فأقبل موسى حتى انتهى إلى الباب الذي فيه فرعون فقرعه بعصاه وعليه جبة من صوف وسراويل، فلما رآه البوّاب عجب من جراءته فتركه ولم يأذن له، فقال هل تدري باب من أنت تضرب ؟ ! إنما أنت تضرب باب سيدك.
قال : أنت وأنا وفرعون عبيد لربي، فأنا ناصره، فأخبر البوّاب الذي يليه من البوابين، حتى بلغ ذلك أدناهم ودونه سبعون حاجباً، كل حاجب منهم تحت يده من الجنود ما شاء الله، حتى خلص الخبر إلى فرعون فقال : أدخلوه عليّ، فأدخل فلما أتاه قال له فرعون : أعرفك ؟ قال : نعم. قال :﴿ ألم نربك فينا وليداً ﴾ [ الشعراء : ١٨ ] قال : فرد إليه موسى الذي رد. قال : فرعون خذوه. فبادر موسى ﴿ فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ﴾ [ الشعراء : ٣٢ ] فحملت على الناس فانهزموا منها، فمات منهم خمسة وعشرون ألفاً، قتل بعضهم بعضاً، وقام فرعون منهزماً حتى دخل البيت فقال لموسى :﴿ اجعل بيننا وبينك موعداً ﴾ ننظر فيه. قال : موسى : لم أؤمر بذلك، إنما أمرت بمناجزتك، وإن أنت لم تخرج إليّ دخلت عليك. فأوحى الله إلى موسى : أن اجعل بينك وبينه أجلاً، وقل له : أن يجعله هو. قال فرعون : اجعله إلى أربعين يوماً ففعل. قال : وكان فرعون لا يأتي الخلاء إلا في كل أربعين يوماً مرة، فاختلف ذلك اليوم أربعين مرة. قال : وخرج موسى من المدينة، فلما مر بالأسد خضعت له بأذنابها، وسارت مع موسى تشيعه، ولا تهيجه، ولا أحداً من بني إسرائيل.
أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فاخلع نعليك﴾ قَالَ: كَانَتَا من جلد حمَار ميت فَقيل لَهُ اخعلهما
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا بَال خلع النَّعْلَيْنِ فِي الصَّلَاة إِنَّمَا أَمر مُوسَى بخلع نَعْلَيْه إنَّهُمَا كَانَتَا من جلد حمَار ميت
558
وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فاخلع نعليك﴾ قَالَ: كَانَ نعلا مُوسَى من جلد حمَار ميت فَأَرَادَ رَبك أَن يمسهُ الْقُدس كُله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: ﴿فاخلع نعليك﴾ قَالَ: كَانَتَا من جلد حمَار أَهلِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت نعلا مُوسَى الَّتِي قيل لَهُ اخعلهما: من جلد خِنْزِير
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فاخلع نعليك﴾ قَالَ كي تمس رَاحَة قَدَمَيْك الأَرْض الطّيبَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَلْقَمَة أَن ابْن مَسْعُود أَتَى أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ منزله فَحَضَرت الصَّلَاة فَقَالَ أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ: - تقدم يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن فَإنَّك أقدم سنا وَأعلم
قَالَ: لَا
بل تقدم أَنْت فَإِنَّمَا أَتَيْنَاك فِي مَنْزِلك فَتقدم أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ فَخلع نَعْلَيْه فَلَمَّا صلى قَالَ لَهُ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: - لم خلعت نعليك أبالواد الْمُقَدّس أَنْت لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي الْخُفَّيْنِ والنعلين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿إِنَّك بالواد الْمُقَدّس﴾ قَالَ: الْمُبَارك ﴿طوى﴾ قَالَ: اسْم الْوَادي
559
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: ﴿بالواد الْمُقَدّس﴾ قَالَ: الطَّاهِر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿بالواد الْمُقَدّس﴾ قَالَ: وَاد بلفلسطين قدس مرَّتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: ﴿بالواد الْمُقَدّس طوى﴾ يَعْنِي الأَرْض المقدسى وَذَلِكَ أَنه مر بواديها لَيْلًا فطوي
يُقَال: طويت وَادي كَذَا وَكَذَا والطاوي من اللَّيْل وارتفع إِلَى أَعلَى الْوَادي وَذَلِكَ نَبِي الله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِنَّك بالواد الْمُقَدّس﴾ قَالَ: الْمُبَارك: ﴿طوى﴾ قَالَ: اسْم الْوَادي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُبشر بن عبيد ﴿طوى﴾ بِغَيْر نون وادٍ بإيلة زعم أَنه طوي بِالْبركَةِ مرَّتَيْنِ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿طوى﴾ قَالَ: طا الْوَادي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي نجيح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿طوى﴾ قَالَ طا الأَرْض حافياً كَمَا تدخل الْكَعْبَة حافياً
يَقُول: من بركَة الْوَادي هَذَا قَول سعيد بن جُبَير
قَالَ: وَكَانَ مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ يَقُول: ﴿طوى﴾ اسْم الْوَادي
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿بالواد الْمُقَدّس طوى﴾ قَالَ: وَاد قدس مرَّتَيْنِ واسْمه ﴿طوى﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿طوى﴾ بِرَفْع الطَّاء وبنون فِيهَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَكْتُوب على بَاب الْجنَّة: إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا لَا أعذب من قَالَهَا
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج عمر مُتَقَلِّدًا بِالسَّيْفِ فاقيه رجل من بني زهرَة فَقَالَ لَهُ: أَيْن تَغْدُو يَا عمر قَالَ: أُرِيد أَن أقتل مُحَمَّدًا
قَالَ: وَكَيف تأمن بني هَاشم وَبني زهرَة فَقَالَ لَهُ عمر: مَا أَرَاك إِلَّا قد صَبَأت وَتركت دينك قَالَ: أَفلا أدلك على الْعجب إِن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك فَمشى عمرا زَائِرًا حَتَّى أتاهما وَعِنْدَهُمَا خباب فَلَمَّا سمع خباب بحس عمر توارى فِي الْبَيْت فَدخل عَلَيْهِمَا فَقَالَ: مَا هَذِه الهينمة الَّتِي سَمعتهَا عنْدكُمْ وَكَانُوا يقرأون ﴿طه﴾ فَقَالَا: مَا عدا حَدِيثا تحدثنا بِهِ
قَالَ: فلعلكما قد صبأتما
فَقَالَ لَهُ خنته: يَا عمر إِن كَانَ الْحق فِي غير دينك فَوَثَبَ عمر على خنته فوطئه وطأ شَدِيدا: فَجَاءَت أُخْته لتدفعه عَن زَوجهَا فنفخها نفخة بِيَدِهِ فدمى وَجههَا
فَقَالَ عمر: أعطوني الْكتاب الَّذِي هُوَ عنْدكُمْ فَأَقْرَأهُ فَقَالَت أُخْته: إِنَّك رِجْس وَإنَّهُ (لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ) (الْوَاقِعَة آيَة ٧٩) فَقُمْ فَتَوَضَّأ فَقَامَ فَتَوَضَّأ ثمَّ أَخذ الْكتاب فَقَرَأَ ﴿طه﴾ حَتَّى انْتهى إِلَى ﴿إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني وأقم الصَّلَاة لذكري﴾
560
فَقَالَ عمر: دلوني على مُحَمَّد فَلَمَّا سمع خباب قَول عمر خرج من الْبَيْت فَقَالَ: أبشر يَا عمر فَإِنِّي أَرْجُو أَن تكون دَعْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَك - لَيْلَة الْخَمِيس - اللَّهُمَّ أعز الإِسلام بعمر بن الْخطاب أَو بعمر بن هِشَام فَخرج حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: قَالَ الله عز وَجل ﴿إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني﴾ من جَاءَنِي مِنْكُم بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله بالإخلاص دخل حصني وَمن دخل حصني أَمن عَذَابي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وأقم الصَّلَاة لذكري﴾ قَالَ: إِذا صلى عبد ذكر ربه
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: ﴿وأقم الصَّلَاة لذكري﴾ قَالَ: حِين تذكر
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا رقد أحدكُم عَن الصَّلَاة أَو غفل عَنْهَا فليصلها إِذا ذكرهَا فَإِن الله قَالَ أقِم الصَّلَاة لذكري
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَيْبَر أسرِي لَيْلَة حَتَّى أدْركهُ الْكرَى أَنَاخَ فعرس ثمَّ قَالَ: يَا بِلَال أكلأنا اللَّيْلَة قَالَ: فصلى بِلَال ثمَّ تساند إِلَى رَاحِلَته مُسْتَقْبل الْفجْر فغلبته عَيناهُ فَنَامَ فَلم يَسْتَيْقِظ أحد مِنْهُم حَتَّى ضربتهم الشَّمْس وَكَانَ أَوَّلهمْ استيقاظا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَي بِلَال فَقَالَ بِلَال: بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله أَخذ بنفسي الَّذِي أَخذ بِنَفْسِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقتادوا ثمَّ أَنَاخَ فَتَوَضَّأ وَأقَام الصَّلَاة ثمَّ صلى مثل صلَاته للْوَقْت فِي تمكث ثمَّ قَالَ: من نسي صَلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا فَإِن الله قَالَ: ﴿وأقم الصَّلَاة لذكري﴾ وَكَانَ ابْن شهَاب يقْرؤهَا للذِّكْرَى
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رجل غفل عَن الصَّلَاة حَتَّى طلعت الشَّمْس أَو غربت مَا
561
كفارتها قَالَ: يتَقرَّب إِلَى الله وَيحسن وضوءه وَيُصلي الصَّلَاة ويستغفر الله فَلَا كَفَّارَة لَهَا إِلَّا ذَلِك إِن الله يَقُول: ﴿وأقم الصَّلَاة لذكري﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سَمُرَة بن يحيى قَالَ: نسيت صَلَاة الْعَتَمَة حَتَّى أَصبَحت فَغَدَوْت إِلَى ابْن عَبَّاس فَأَخْبَرته فَقَالَ: قُم فصلها ثمَّ قَرَأَ ﴿وأقم الصَّلَاة لذكري﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِذا نسيت صَلَاة فاقضها مَتى ذكرت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ وَإِبْرَاهِيم فِي قَوْله: ﴿وأقم الصَّلَاة لذكري﴾
قَالَا: صلِّها إِذا ذكرتها وَقد نسيتهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا يُصَلِّي مَتى ذكرهَا عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا ثمَّ قَرَأَ ﴿وأقم الصَّلَاة لذكري﴾ قَالَ: إِذا ذكرتها فصلها فِي أَي سَاعَة كنت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة فنزلنا دهاساً من الأَرْض - والدهاس الرمل - فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يكلؤنا قَالَ بِلَال: أَنا فَنَامُوا حَتَّى طلعت عَلَيْهِم الشَّمْس فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: افعلوا كَمَا كُنْتُم تَفْعَلُونَ كَذَلِك لمن نَام أَو نسي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَره الَّذِي نَامُوا فِيهِ حَتَّى طلعت الشَّمْس ثمَّ قَالَ: إِنَّكُم كُنْتُم أَمْوَاتًا فَرد الله إِلَيْكُم أرواحكم فَمن نَام عَن الصَّلَاة أَو نسي صَلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا وَإِذا اسْتَيْقَظَ
الْآيَة ١٥ - ٢٤
562
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«مكتوب على باب الجنة : إنني أنا الله لا إله إلا أنا لا أعذب من قالها ».
وأخرج ابن سعد وأبو يعلى والحاكم والبيهقي في الدلائل، عن أنس رضي الله عنه قال : خرج عمر متقلداً بالسيف لقيه رجل من بني زهرة فقال له : أين تغدو يا عمر، قال : أريد أن أقتل محمداً. قال : وكيف تأمن بني هاشم وبني زهرة ؟ فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك ! قال : أفلا أدلك على العجب ؟ ! إن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك، فمشى عمرا زائراً حتى أتاهما، وعندهما خباب، فلما سمع خباب بحس عمر، توارى في البيت، فدخل عليهما فقال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم وكانوا يقرأون ﴿ طه ﴾ فقالا : ما عدا حديثاً تحدثنا به. قال : فلعلكما قد صبأتما. فقال له خنته : يا عمر، إن كان الحق في غير دينك ؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديداً : فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها، فنفخها نفخة بيده فدمى وجهها. فقال عمر : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فاقرأه، فقالت أخته : إنك رجس وإنه ﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ [ الواقعة : ٧٩ ] فقم فتوضأ، فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ ﴿ طه ﴾ حتى انتهى إلى ﴿ إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ﴾ فقال عمر : دلوني على محمد، فلما سمع خباب قول عمر، خرج من البيت فقال : أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لك - ليلة الخميس - «اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بعمر بن هشام » فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريل - عليه السلام - قال :«قال الله عز وجل ﴿ إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني ﴾ » من جاءني بشهادة أن لا إله إلا الله بالإخلاص دخل في حصني، ومن دخل حصني أمن عذابي ».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ وأقم الصلاة لذكري ﴾ قال : إذا صلى عبد ذكر ربه.
وأخرج عبد بن حميد، عن إبراهيم في قوله :﴿ وأقم الصلاة لذكري ﴾ قال : حين تذكر.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن مردويه، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها، فإن الله قال أقم الصلاة لذكري ».
وأخرج الترمذي وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :«لما قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر أسري ليلة حتى أدركه الكرى، أناخ فعرس ثم قال :«يا بلال، أكلأنا الليلة » قال : فصلى بلال ثم تساند إلى راحلته مستقبل الفجر، فغلبته عيناه فنام، فلم يستيقظ أحد منهم حتى ضربتهم الشمس، وكان أولهم استيقاظاً النبي صلى الله عليه وسلم فقال :«أي بلال » فقال بلال : بأبي أنت يا رسول الله، أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، فقال رسول الله :- صلى الله عليه وسلم - «اقتادوا » ثم أناخ فتوضأ وأقام الصلاة ثم صلى مثل صلاته للوقت في تمكث، ثم قال :«من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله قال :﴿ أقم الصلاة لذكري ﴾ وكان ابن شهاب يقرؤها «للذكرى ».
وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن عبادة بن الصامت قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل غفل عن الصلاة حتى طلعت الشمس أو غربت ما كفارتها ؟ قال :«يتقرب إلى الله ويحسن وضوءه ويصلي فيحسن الصلاة ويستغفر الله فلا كفارة لها إلا ذلك » إن الله يقول :﴿ أقم الصلاة لذكري ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن سمرة بن يحيى قال : نسيت صلاة العتمة حتى أصبحت، فغدوت إلى ابن عباس فأخبرته فقال : قم فصلها، ثم قرأ ﴿ أقم الصلاة لذكري ﴾.
وأخرج عبد بن حميد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا نسيت صلاة فاقضها متى ما ذكرت.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن الشعبي وإبراهيم في قوله :﴿ أقم الصلاة لذكري ﴾ قالا : صلِّها إذا ذكرتها وقد نسيتها.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن إبراهيم قال : من نام عن صلاة أو نسيها، يصلي متى ذكرها عند طلوع الشمس وعند غروبها، ثم قرأ ﴿ أقم الصلاة لذكري ﴾ قال : إذا ذكرتها فصلها في أي ساعة كنت.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :«أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية فنزلنا دهاساً من الأرض - والدهاس الرمل - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : من يكلؤنا ؟ قال بلال : أنا، فناموا حتى طلعت عليهم الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«افعلوا كما كنتم تفعلون » كذلك لمن نام أو نسي.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي جحيفة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفره الذي ناموا فيه، حتى طلعت الشمس ثم قال :«إنكم كنتم أمواتاً فرد الله إليكم أرواحكم، فمن نام عن الصلاة أو نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، وإذا استيقظ ».
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿إِن السَّاعَة آتِيَة أكاد أخفيها﴾ يَقُول: لَا أظهر عَلَيْهَا أحدا غَيْرِي
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿إِن السَّاعَة آتِيَة أكاد أخفيها﴾ قَالَ: أكاد أخفيها من نَفسِي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أكاد أخفيها﴾ قَالَ: من نَفسِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَنه قَرَأَ أكاد أخفيها من نَفسِي
يَقُول: لِأَنَّهَا لَا تخفى من نفس الله أبدا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ من أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض أحد إِلَّا وَقد أخْفى الله عَنهُ علم السَّاعَة وَهِي فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود أكاد أخفيها عَن نَفسِي
يَقُول: أكتمها من الْخَلَائق حَتَّى لَو اسْتَطَعْت أَن أكتمها من نَفسِي فعلت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة أكاد أخفيها عَن نَفسِي
قَالَ: لعمري لقد أخفاها الله من الْمَلَائِكَة المقربين وَمن الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح فِي قَوْله: ﴿أكاد أخفيها﴾ قَالَ: يخفيها من نَفسه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن وَرْقَاء قَالَ: أَقْرَأَنيهَا سعيد بن جُبَير ﴿أكاد أخفيها﴾ يَعْنِي بِنصب الْألف وخفض الْفَاء
يَقُول: أظهرها
ثمَّ قَالَ أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: دأت شَهْرَيْن ثمَّ شهرا دميكاً مَا دميكين يخفيان عُمَيْرًا
563
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْفراء قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أكاد أخفيها من نَفسِي فَكيف أطْلعكُم عَلَيْهَا
وَأخرج عبد بن جميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿لتجزى كل نفس بِمَا تسْعَى﴾ قَالَ: لتعطى ثَوَاب مَا تعْمل
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ وَابْن شبْرمَة قَالَ: إِنَّمَا سمي هوى لِأَنَّهُ يهوي بِصَاحِبِهِ إِلَى النَّار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس: عَصا مُوسَى - قَالَ -: أعطَاهُ إِيَّاهَا ملك من الْمَلَائِكَة إِذْ توجه إِلَى مَدين فَكَانَت تضيء لَهُ بِاللَّيْلِ وَيضْرب بهَا الأَرْض فَيخرج لَهُ النَّبَات ويهش بهَا على غنمه ورق الشّجر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿هِيَ عصاي أتوكأ عَلَيْهَا﴾ قَالَ: إِذا مَشى مَعَ غنمه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وأهش بهَا على غنمي﴾ قَالَ: أضْرب بهَا الشّجر فيتساقط مِنْهُ الْوَرق على غنمي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن مَيْمُون فِي قَوْله: ﴿وأهش بهَا على غنمي﴾ قَالَ: الهش أَن يخبط الرجل بعصاه الشّجر فيتساقط الْوَرق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: الهش الْعَصَا بَين الشعبتين ثمَّ يحركها حَتَّى يسْقط الْوَرق والخبط أَن يخبط حَتَّى يسْقط الْوَرق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن أنس قَالَ: الهش أَن يضع الرجل المحجن فِي الْغُصْن ثمَّ يحركه حَتَّى يسْقط ورقه وثمره وَلَا يكسر الْعود فَهَذَا الهش وَلَا يخبط
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وأهش بهَا على غنمي﴾ قَالَ: أخبط بهَا الشّجر
﴿ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى﴾ قَالَ: حاجات أُخْرَى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى﴾ قَالَ: حوائج
564
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿مآرب أُخْرَى﴾ قَالَ: حاجات وَمَنَافع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿مآرب أُخْرَى﴾ يَقُول: حوائج أُخْرَى أحمل عَلَيْهَا المزود والسقاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى﴾ قَالَ: كَانَت تضيء لَهُ بِاللَّيْلِ وَكَانَت عَصا آدم عَلَيْهِ السَّلَام
وأخلاج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس: ﴿فألقاها فَإِذا هِيَ حَيَّة تسْعَى﴾ وَلم تكن قبل ذَلِك حَيَّة فمرت بشجرة فَأَكَلتهَا وَمَرَّتْ بصخرة فابتلعتها فَجعل مُوسَى يسمع وَقع الصَّخْرَة فِي جوفها ف (ولى مُدبرا) (النَّمْل آيَة ١٠ والقصص ٣١) فَنُوديَ أَن يَا مُوسَى خُذْهَا فَلم يَأْخُذهَا ثمَّ نُودي الثَّانِيَة أَن ﴿خُذْهَا وَلَا تخف﴾ فَقيل لَهُ فِي الثَّالِثَة: (إِنَّك من الْآمنينَ) (الْقَصَص آيَة ٣١) فَأَخذهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿سنعيدها سيرتها الأولى﴾ قَالَ: حالتها الأولى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿سنعيدها سيرتها الأولى﴾ قَالَ: هيئتها الأولى: ﴿واضمم يدك إِلَى جناحك﴾ قَالَ: أَدخل كفك تَحت عضدك ﴿تخرج بَيْضَاء من غير سوء﴾ قَالَ: من غير برص
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿من غير سوء﴾ قَالَ: من غير برص
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أخرجهَا كَأَنَّهَا مِصْبَاح فَعلم مُوسَى أَنه قد لَقِي ربه وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لنريك من آيَاتنَا الْكُبْرَى﴾
565
الْآيَة ٢٥ - ٤٧
566
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله :﴿ هي عصاي أتوكأ عليها ﴾ قال : إذا مشى مع غنمه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله :﴿ وأهش بها على غنمي ﴾ قال : أضرب بها الشجر فيتساقط منه الورق على غنمي.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عمرو بن ميمون في قوله :﴿ وأهش بها على غنمي ﴾ قال : الهش أن يخبط الرجل بعصاه الشجر، فيتساقط الورق.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عمرو بن ميمون قال : الهش، العصا بين الشعبتين، ثم يحركها حتى يسقط الورق، والخبط، أن يخبط حتى يسقط الورق.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مالك بن أنس قال : الهش، أن يضع الرجل المحجن في الغصن، ثم يحركه حتى يسقط ورقه وثمره، ولا يكسر العود، فهذا الهش ولا يخبط.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر، عن قتادة في قوله :﴿ وأهش بها على غنمي ﴾ قال : أخبط بها الشجر. ﴿ ولي فيها مآرب أخرى ﴾ قال : حاجات أخرى.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ولي فيها مآرب أخرى ﴾ قال : حوائج.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ مآرب أخرى ﴾ قال : حاجات ومنافع.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ مآرب أخرى ﴾ يقول : حوائج أخرى، أحمل عليها المزود والسقاء.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ولي فيها مآرب أخرى ﴾ قال : كانت تضيء له بالليل، وكانت عصا آدم عليه السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس :﴿ فألقاها فإذا هي حية تسعى ﴾ ولم تكن قبل ذلك حية، فمرت بشجرة فأكلتها، ومرت بصخرة فابتلعتها، فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها ف ﴿ ولى مدبراً ﴾ [ النمل : ١٠ ] فنودي أن يا موسى خذها فلم يأخذها ثم نودي الثانية أن ﴿ خذها ولا تخف ﴾ فقيل له في الثالث :﴿ إنك من الآمنين ﴾ [ القصص : ٣١ ] فأخذها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٠:وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس :﴿ فألقاها فإذا هي حية تسعى ﴾ ولم تكن قبل ذلك حية، فمرت بشجرة فأكلتها، ومرت بصخرة فابتلعتها، فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها ف ﴿ ولى مدبراً ﴾ [ النمل : ١٠ ] فنودي أن يا موسى خذها فلم يأخذها ثم نودي الثانية أن ﴿ خذها ولا تخف ﴾ فقيل له في الثالث :﴿ إنك من الآمنين ﴾ [ القصص : ٣١ ] فأخذها.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ سنعيدها سيرتها الأولى ﴾ قال : حالتها الأولى.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ سنعيدها سيرتها الأولى ﴾ قال : هيئتها الأولى :﴿ واضمم يدك إلى جناحك ﴾ قال : أدخل كفك تحت عضدك ﴿ تخرج بيضاء من غير سوء ﴾ قال : من غير برص.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ سنعيدها سيرتها الأولى ﴾ قال : هيئتها الأولى :﴿ واضمم يدك إلى جناحك ﴾ قال : أدخل كفك تحت عضدك ﴿ تخرج بيضاء من غير سوء ﴾ قال : من غير برص.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ من غير سوء ﴾ قال : من غير برص.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه قال : أخرجها كأنها مصباح، فعلم موسى أنه قد لقي ربه، ولهذا قال تعالى :﴿ لنريك من آياتنا الكبرى ﴾.
أخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِزَاءِ ثبير وَهُوَ يَقُول: أشرق ثبير أشرق ثبير اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِمَا سَأَلَك أخي مُوسَى أَن تشرح لي صَدْرِي وَأَن تيَسّر لي أَمْرِي وَأَن تحل عقدَة من لساني ﴿يفقهوا قولي وَاجعَل لي وزيراً من أَهلِي هَارُون أخي اشْدُد بِهِ أزري وأشركه فِي أَمْرِي كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إِنَّك كنت بِنَا بَصيرًا﴾
وَأخرج السلَفِي فِي الطيوريات بِسَنَد واه عَن أبي حعفر مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: لما نزلت ﴿وَاجعَل لي وزيراً من أَهلِي هَارُون أخي اشْدُد بِهِ أزري﴾ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جبل ثمَّ دَعَا ربه وَقَالَ اللَّهُمَّ اشْدُد أزري بأخي عَليّ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله
566
عَنهُ فِي قَوْله: ﴿واحلل عقدَة من لساني﴾ قَالَ: عجمة بجمرة نَار أدخلها فِي فِيهِ عَن أَمر امْرَأَة فِرْعَوْن تدرأ بِهِ عَنهُ عُقُوبَة فِرْعَوْن حِين أَخذ مُوسَى بلحيته وَهُوَ لَا يعقل
قَالَ: هَذَا عدوّ لي فَقَالَت امْرَأَته: إِنَّه لَا يعقل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَاجعَل لي وزيراً من أَهلِي هَارُون أخي﴾ قَالَ: كَانَ أكبر من مُوسَى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي قَوْله: ﴿اشْدُد بِهِ أزري﴾ قَالَ ظَهْري
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿اشْدُد بِهِ أزري﴾ يَقُول: اشْدُد بِهِ أَمْرِي وقوّني بِهِ فَإِن لي بِهِ قوّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وأشركه فِي أَمْرِي﴾ قَالَ: نُبِئَ هرون ساعتئذ حِين نبئ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة أَن عَائِشَة سَمِعت رجلا يَقُول: إِنِّي لأدري أَي أَخ فِي الدُّنْيَا كَانَ أَنْفَع لِأَخِيهِ: مُوسَى حِين سَأَلَ لِأَخِيهِ النبوّة
فَقَالَت: صدق وَالله
وَأخرج الْحَاكِم عَن وهب قَالَ: كَانَ هرون فصيحاً بَين النُّطْق يتَكَلَّم فِي تؤدة وَيَقُول بِعلم وحلم وَكَانَ أطول من مُوسَى طولا وأكبرهما فِي السن وأكثرهما لَحْمًا وأبيضهما جسماً وأعظمهما ألواحاً وَكَانَ مُوسَى جَعدًا آدم طوَالًا كَأَنَّهُ من رجال شنؤاة وَلم يبْعَث الله نَبيا إِلَّا وَقد كَانَت عَلَيْهِ شامة النبوّة فِي يَده الْيُمْنَى إِلَّا أَن يكون نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن شامة النبوّة كَانَت بَين كَتفيهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم بن أبي النجُود أَنه قَرَأَ ﴿كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إِنَّك كنت بِنَا بَصيرًا﴾ بِنصب الْكَاف الأولى فِي كُلهنَّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش: أَنه كَانَ يجْزم هَذِه الكافات كلهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فاقذفيه فِي اليم﴾ قَالَ هُوَ النّيل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وألقيت عَلَيْك محبَّة مني﴾ قَالَ: كَانَ كل من رَآهُ ألقيت عَلَيْهِ مِنْهُ محبَّة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سَلمَة بن كهيل - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: ﴿وألقيت عَلَيْك محبَّة مني﴾ قَالَ: حببتك إِلَى عبَادي
567
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿وألقيت عَلَيْك محبَّة مني﴾ قَالَ: حَيْثُ نظرت آسِيَة وَجه مُوسَى فرأت حسنا وملاحة فَعندهَا قَالَت لفرعون: (قُرَّة عين لي وَلَك لَا تقتلوه) (الْقَصَص آيَة ٩)
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي رَجَاء فِي قَوْله: ﴿وألقيت عَلَيْك محبَّة مني﴾ قَالَ: الملاحة والحلاوة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وألقيت عَلَيْك محبَّة مني﴾ قَالَ: حلاوة فِي عَيْني مُوسَى لم ينظر إِلَيْهِ خلق إِلَّا أحبه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كنت مَعَ عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَتَلقاهُ النَّاس يسلمُونَ عَلَيْهِ ويحيونه ويثنون عَلَيْهِ وَيدعونَ لَهُ - فيضحك ابْن عمر - فَإِذا انصرفوا عَنهُ أقبل عَليّ فَقَالَ: إِن النَّاس ليجيئون حَتَّى لَو كنت أعطيهم الذَّهَب وَالْفِضَّة مَا زادوا عَلَيْهِ ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿وألقيت عَلَيْك محبَّة مني﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نهيك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: ﴿ولتصنع على عَيْني﴾ قَالَ: ولتعمل على عَيْني
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ولتصنع على عَيْني﴾ قَالَ: تربى بِعَين الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿ولتصنع على عَيْني﴾ قَالَ: ولتغذى على عَيْني
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة يَقُول: أَنْت بعيني إِذْ جعلتك أمك فِي التابوت ثمَّ فِي الْبَحْر ﴿إِذْ تمشي أختك﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنَّمَا قتل مُوسَى الَّذِي قتل من آل فِرْعَوْن خطأ
يَقُول الله: ﴿وَقتلت نفسا فنجيناك من الْغم﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فنجيناك من الْغم﴾ قَالَ: من قتل النَّفس ﴿وَفَتَنَّاك فُتُونًا﴾ قَالَ: أخلصناك إخلاصاً
568
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَفَتَنَّاك فُتُونًا﴾ قَالَ: ابتليناك إبتلاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَفَتَنَّاك فُتُونًا﴾ قَالَ: ابتليناك ببلاء نعْمَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَفَتَنَّاك فُتُونًا﴾ قَالَ: اختبرناك اختباراً
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَفَتَنَّاك فُتُونًا﴾ قَالَ: بلَاء إلقاؤه فِي التابوت ثمَّ فِي اليم ثمَّ الْتِقَاط آل فِرْعَوْن إِيَّاه ثمَّ خُرُوجه خَائفًا يترقب
وَأخرج ابْن أبي عمر الْعَدنِي فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَول الله تَعَالَى لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: ﴿وَفَتَنَّاك فُتُونًا﴾ فَسَأَلت عَن الْفُتُون مَا هُوَ فَقَالَ: اسْتَأْنف النَّهَار يَا ابْن جُبَير فَإِن لَهَا حَدِيثا طَويلا فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت على ابْن عَبَّاس لأتنجز مَا وَعَدَني من حَدِيث الْفُتُون فَقَالَ: تَذَاكر فِرْعَوْن وجلساؤه مَا كَانَ الله عز وَجل - وعد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام - من أَن يَجْعَل فِي ذُريَّته أَنْبيَاء وملوكاً
فَقَالَ بَعضهم: إِن بني إِسْرَائِيل ينتظرون ذَلِك مَا يَشكونَ فِيهِ وَلَقَد كَانُوا يظنون أَنه يُوسُف بن يَعْقُوب فَلَمَّا هلك قَالُوا: لَيْسَ هَذَا كَانَ وعد الله إِبْرَاهِيم
قَالَ فِرْعَوْن: فَكيف ترَوْنَ فائتمروا وَأَجْمعُوا أَمرهم على أَن يبْعَث رجَالًا - مَعَه الشفار - يطوفون فِي بني إِسْرَائِيل: فَلَا يَجدونَ مولوداً إِلَّا ذبحوه فَفَعَلُوا فَلَمَّا رَأَوْا أَن الْكِبَار يموتون بآجالهم وَإِن الصغار يذبحون قَالُوا: يُوشك أَن يفني بَنو إِسْرَائِيل فتصيروا تباشروا الْأَعْمَال والخدمة الَّتِي كَانُوا يكفونكم فَاقْتُلُوا عَاما كل مَوْلُود ذكر فتقل أبناؤهم
ودعوا عَاما لَا تقتلُوا مِنْهُم أحدا فيشب الصغار مَكَان من يَمُوت من الْكِبَار فَإِنَّهُم لن يكثروا فتخافون مكاثرتهم إيَّاكُمْ وَلنْ يفنوا بِمن تقتلون فتحتاجون إِلَيْهِم فاجمعوا أَمرهم على ذَلِك فَحملت أم مُوسَى بهرون فِي الْعَام الَّذِي لَا يذبح فِيهِ الغلمان فَولدت عَلَانيَة آمِنَة حَتَّى إِذا كَانَ فِي قَابل حملت بمُوسَى فَوَقع فِي قَلبهَا الْهم والحزن فَذَلِك من الْفُتُون يَا ابْن جُبَير لما دخل عَلَيْهِ فِي بطن أمه مَا يُرَاد بِهِ فَأوحى الله إِلَيْهَا أَن: (لَا تخافي وَلَا تحزني إِنَّا
569
رادوه إِلَيْك وجاعلوه من الْمُرْسلين) (الْقَصَص آيَة ٧) وأمرها إِذا وَلدته أَن تَجْعَلهُ فِي تَابُوت ثمَّ تلقيه فِي اليم فَلَمَّا ولدت فعلت مَا أمرت بِهِ حَتَّى إِذا توارى عَنْهَا ابْنهَا - أَتَاهَا الشَّيْطَان - وَقَالَت فِي نَفسهَا: مَا فعلت بِابْني لَو ذبح عِنْدِي فواريته وكفنته كَانَ أحب إليّ من أَن ألقيه إِلَى دَوَاب الْبَحْر وحيتانه
فَانْطَلق بِهِ المَاء حَتَّى أوفى بِهِ عِنْد مستقى جواري امْرَأَة فِرْعَوْن فرأينه فأخذنه فهممن أَن يفتحن الْبَاب فَقَالَ بَعضهنَّ لبَعض: إِن فِي هَذَا لمالاً وَإِنَّا إِن فتحناه لم تصدقنا امْرَأَة الْملك بِمَا وجدنَا فِيهِ فحملنه بهيئته لم يحركن مِنْهُ شَيْئا حَتَّى دفعنه إِلَيْهَا فَلَمَّا فَتحته رَأَتْ فِيهِ الْغُلَام فألقي عَلَيْهَا محبَّة لم تلق مِنْهَا على أحد من الْبشر قطّ (وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا) (الْقَصَص آيَة ١٠) من ذكر كل شَيْء إِلَّا من ذكر مُوسَى
فَلَمَّا سمع الذَّبَّاحُونَ بأَمْره أَقبلُوا إِلَى امْرَأَة فِرْعَوْن بشفَارهمْ يُرِيدُونَ أَن يذبحوه وَذَلِكَ من الْفُتُون يَا ابْن جُبَير فَقَالَت للذباحين: إِن هَذَا الْوَاحِد لَا يزِيد فِي بني إِسْرَائِيل وَإِنِّي آتِي فِرْعَوْن فَأَسْتَوْهبهُ مِنْهُ فَإِن وهبه لي فقد أَحْسَنْتُم وَأَجْمَلْتُمْ وَإِن أَمر بذَبْحه لم أَلمكُم فَلَمَّا أَتَت بِهِ فِرْعَوْن قَالَت: (قُرَّة عين لي وَلَك لَا تقتلوه) (الْقَصَص آيَة ٩) قَالَ فِرْعَوْن: يكون لَك وأمَّا لي فَلَا حَاجَة لي فِيهِ
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي يحلف بِهِ لَو أقرّ فِرْعَوْن بِأَن يكون قُرَّة عين لَهُ كَمَا قَالَت امْرَأَته لهداه الله بِهِ كَمَا هدى بِهِ امْرَأَته وَلَكِن الله عز وَجل - حرمه ذَلِك فَأرْسلت إِلَى من حولهَا من كل امْرَأَة لَهَا لبن لتختار لَهُ ظِئْرًا فَكلما أَخَذته امْرَأَة مِنْهُنَّ لترضعه لم يقبل ثديها حَتَّى أشفقت امْرَأَة فِرْعَوْن أَن يمنتع من اللَّبن فَيَمُوت فأحزنها ذَلِك فَأمرت بِهِ فَأخْرج إِلَى السُّوق وَمجمع النَّاس ترجو أَن تَجِد لَهُ ظِئْرًا يَأْخُذ مِنْهَا فَلم يفعل وأصبحت أم مُوسَى والهاً فَقَالَت لأخته: قصي أَثَره واطلبيه هَل تسمعين لَهُ ذكرا أَحَي أم قد أَكلته الدَّوَابّ ونسيت الَّذِي كَانَ وعد الله
(فبصرت بِهِ أُخْته عَن جنب وهم لَا يَشْعُرُونَ) وَالْجنب أَن يسمو بصر الْإِنْسَان إِلَى شَيْء بعيد وَهُوَ إِلَى جنبه وَهُوَ لَا يشْعر بِهِ (فَقَالَت) - من الْفَرح حِين أعياهم الظوائر - (هَل أدلكم على أهل بَيت يكفلونه لكم وهم لَهُ ناصحون) فَأَخَذُوهَا فَقَالُوا: وَمَا يدْريك مَا نصحهمْ لَهُ هَل يعرفونه
570
حَتَّى شكوا فِي ذَلِك وَذَلِكَ من الْفُتُون يَا ابْن جُبَير
فَقَالَت: نصحهمْ لَهُ وشفقتهم عَلَيْهِ رغبتهم فِي جَانب الْملك رَجَاء شفقته
فتركوها فَانْطَلَقت إِلَى أمه فَأَخْبَرتهَا الْخَبَر فَجَاءَت فَلَمَّا وَضعته فِي حجرها نزا إِلَى ثديها فمصه حَتَّى امْتَلَأَ جنباه ريا وَانْطَلق الْبُشْرَى إِلَى امْرَأَة فِرْعَوْن يبشرونها: إِنَّا قد وجدنَا لابنك ظِئْرًا
فَأرْسلت إِلَيْهَا فَأتيت بهَا وَبِه فَلَمَّا رَأَتْ مَا يصنع قَالَت لَهَا: امكثي عِنْدِي أرضعني [أرضعي] ابْني هَذَا - فَإِنِّي لم أحب حب شَيْئا قطّ - قَالَت: لَا أَسْتَطِيع أَن أدع بَيْتِي وَوَلَدي فيضيع فَإِن طابت نَفسك أَن تعطينيه فَأذْهب بِهِ إِلَى بَيْتِي فَيكون معي لَا آلوه خيرا فعلت وَإِلَّا فَإِنِّي غير تاركة بَيْتِي وَوَلَدي
فَذكرت أم مُوسَى مَا كَانَ الله عز وَجل وعدها فتعاسرت على امْرَأَة فِرْعَوْن لذَلِك وأيقنت أَن الله عز وَجل منجز وعده
فَرَجَعت بابنها من يَوْمهَا فأنبته الله نباتاً حسنا وَحفظه لما قد قضى فِيهِ فَلم يزل بَنو إِسْرَائِيل - وهم يَجْتَمعُونَ فِي نَاحيَة الْقرْيَة - يمتنعون بِهِ من الظُّلم والسخرة مُنْذُ كَانَ فيهم فَلَمَّا ترعرع قَالَت امْرَأَة فِرْعَوْن لأم مُوسَى: أُرِيد أَن تريني ابْني فوعدتها يَوْمًا تزورها فِيهِ بِهِ
فَقَالَت لخزانها وجواريها وقهارمتها: لَا يبْقى مِنْكُم الْيَوْم وَاحِد إِلَّا اسْتقْبل ابْني بهدية وكرامة أرى ذَلِك فِيهِ وَأَنا باعثة أَمينا يحضر مَا صنع كل إِنْسَان مِنْكُم فَلم تزل الْهَدَايَا والنحل والكرامة تستقبله من حِين خرج من بَيت أمه إِلَى أَن دخل عَلَيْهَا فَلَمَّا دخل عَلَيْهَا أكرمته ونحلته وفرحت بِهِ وأعجبها ونحلت أمه لحسن أَثَرهَا عَلَيْهِ ثمَّ قَالَت لأنطلقن بِهِ إِلَى فِرْعَوْن فلينحله وليكرمنه
فَلَمَّا دخلت بِهِ عَلَيْهِ وَجَعَلته فِي حجره فَتَنَاول مُوسَى لحية فِرْعَوْن فَمدَّهَا إِلَى الأَرْض فَقَالَت لَهُ الغواة - من أَعدَاء الله -: أَلا ترى إِلَى مَا وعد الله إِبْرَاهِيم إِنَّه يرثك ويصرعك ويعلوك
فَأرْسل إِلَى الذباحين ليَذْبَحُوهُ
وَذَلِكَ من الْفُتُون يَا ابْن جُبَير بعد كل بلَاء ابْتُلِيَ بِهِ وَأُرِيد بِهِ فُتُونًا
فَجَاءَت امْرَأَة فِرْعَوْن تسْعَى إِلَى فِرْعَوْن فَقَالَت: مَا بدا لَك فِي هَذَا الصَّبِي الَّذِي وهبته لي قَالَ: أَلا ترينه يزْعم أَنه سيصرعني ويعلوني قَالَت لَهُ: اجْعَل بيني وَبَيْنك أمرا تعرف فِيهِ الْحق ائْتِ بجَمْرَتَيْن وَلُؤْلُؤَتَيْن فَقَربهُنَّ إِلَيْهِ فَإِن بَطش بالؤلؤتين واجتنب الْجَمْرَتَيْن علمت أَن يعقل وَإِن هُوَ تنَاول الْجَمْرَتَيْن وَلم يرد اللُّؤْلُؤَتَيْن فَاعْلَم أَن أحد لَا يُؤثر الْجَمْرَتَيْن على اللُّؤْلُؤَتَيْن وَهُوَ يعقل
فَلَمَّا قرب إِلَيْهِ الْجَمْرَتَيْن واللؤلؤتين أَخذ الْجَمْرَتَيْن فانتزعهما مِنْهُ مَخَافَة أَن يحرقا بدنه
فَقَالَ للْمَرْأَة: لَا يذبح
وَصَرفه الله عَنهُ بعد أَن كَانَ هم بِهِ وَكَانَ الله بَالغ أمره
571
فِيهِ فَلَمَّا بلغ أشده - وَكَانَ من الرِّجَال - لم يكن أحد من آل فِرْعَوْن يخلص إِلَى أحد من بني إِسْرَائِيل مَعَه بظُلْم وَلَا بسخرة حَتَّى امْتَنعُوا كل الإمتناع
فَبَيْنَمَا هُوَ يمشي فِي نَاحيَة الْمَدِينَة إِذا هُوَ برجلَيْن يقتتلان - أَحدهمَا من بني إِسْرَائِيل وَالْآخر من آل فِرْعَوْن - فاستغاثة الإسرائيلي على الفرعوني فَغَضب مُوسَى وَاشْتَدَّ غَضَبه لِأَنَّهُ تنَاوله وَهُوَ يعلم منزلَة مُوسَى من بني إِسْرَائِيل وَحفظه لَهُم: لَا يعلم إِلَّا أَن ذَلِك من الرَّضَاع من أم مُوسَى إِلَّا أَن يكون الله تَعَالَى أطلع مُوسَى من ذَلِك على مَا لم يطلع غَيره عَلَيْهِ فَوَكَزَ مُوسَى الفرعوني فَقتله وَلَيْسَ يراهما أحد إِلَّا الله ومُوسَى والإسرائيلي
(فَقَالَ) مُوسَى: حِين قتل الرجل (هَذَا من عمل الشَّيْطَان إِنَّه عَدو مضل مُبين) (الْقَصَص آيَة ١٥) ثمَّ (قَالَ رَبِّي إِنِّي ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي فغفر لَهُ وَأصْبح فِي الْمَدِينَة خَائفًا يترقب) (الْقَصَص آيَة ١٧) الْأَخْبَار فَأتى فِرْعَوْن فَقيل لَهُ: إِن بني إسرئيل قتلوا رجلا من آل فِرْعَوْن فَخذ لنا بحقنا وَلَا ترخص لَهُم
فَقَالَ ائْتُونِي بِهِ وَمن شهد عَلَيْهِ فَإِن الْملك - وَإِن كَانَ صَفوه مَعَ قومه لَا يَسْتَقِيم لَهُ أَن يُقيد بِغَيْر بَيِّنَة وَلَا ثَبت فَاطْلُبُوا علم ذَلِك آخذ لكم بحقكمز فَبَيْنَمَا هم يطوفون فَلَا يَجدونَ بَيِّنَة وَلَا ثبتاً إِذا مُوسَى من الْغَد قد رأى ذَلِك الإسرائيلي يُقَاتل فرعونياً آخر فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فصادف مُوسَى قد نَدم على مَا كَانَ من وكزه الَّذِي رأى فَغَضب من الإسرائيلي لما فعل بالْأَمْس وَالْيَوْم وَقَالَ: (إِنَّك لغَوِيّ مُبين) (الْقَصَص آيَة ١٨) فَنظر الإسرائيلي إِلَى مُوسَى حِين قَالَ لَهُ مَا قَالَ - فَإِذا هُوَ غَضْبَان كغضبه بالْأَمْس - فخاف بَعْدَمَا قَالَ لَهُ: (إِنَّك لغَوِيّ مُبين) أَن يكون إِيَّاه أَرَادَ وَإِنَّمَا أَرَادَ الفرعوني (فَقَالَ: يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تقتلني كَمَا قتلت نفسا بالْأَمْس) (الْقَصَص آيَة ١٩) وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك مَخَافَة أَن يكون إِيَّاه أَرَادَ مُوسَى ليَقْتُلهُ فيتداركا فَانْطَلق الفرعوني إِلَى قومه فَأخْبرهُم بِمَا سمع من الإسرائيلي حِين يَقُول: (أَتُرِيدُ أَن تقتلني كَمَا قتلت نفسا بالْأَمْس) (الْقَصَص آيَة ١٩) فَأرْسل فِرْعَوْن الذباحين ليقتلوا مُوسَى فَأخذ رسل فِرْعَوْن فِي الطَّرِيق الْأَعْظَم يَمْشُونَ على هينتهم يطْلبُونَ مُوسَى وهم لَا يخَافُونَ أَن يفوتهُمْ (وَجَاء رجل) من شيعَة مُوسَى (من أقْصَى الْمَدِينَة) (الْقَصَص آيَة ٢٠) فاختصر طَرِيقا قَرِيبا حَتَّى سبقهمْ إِلَى مُوسَى فَأخْبرهُ الْخَبَر
وَذَلِكَ من الْفُتُون يَا ابْن جُبَير
572
فَخرج مُوسَى مُتَوَجها نَحْو مَدين لم يلق بلَاء مثل ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ بِالطَّرِيقِ علم الْأَحْسَن ظَنّه بربه فَإِنَّهُ (قَالَ عَسى رَبِّي أَن يهديني سَوَاء السَّبِيل) (الْقَصَص آيَة ٢٢) (وَلما ورد مَاء مَدين وجد عَلَيْهِ أمة من النَّاس يسقون وَوجد من دونهم امْرَأتَيْنِ تذودان) (الْقَصَص آيَة ٢٣) يَعْنِي فَلم تسقيا غنمهما قَالَ: (مَا خطبكما) (الْقَصَص آيَة ٢٣) معتزلتين لَا تسقيان مَعَ النَّاس قَالَتَا: لَيست لنا قُوَّة نزاحم الْقَوْم وَإِنَّمَا نَنْتَظِر فضول حياضهم (فسقى لَهما) (الْقَصَص آيَة ٢٤) فَجعل يغْرف فِي الدَّلْو مَاء كثيرا حَتَّى كَانَتَا أول الرُّعَاة فراغاً - فانصرفتا إِلَى أَبِيهِمَا بغنمهما وَانْصَرف مُوسَى إِلَى شَجَرَة فاستظل بهَا (فَقَالَ رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير) ز فاستنكر أَبُو الجاريتين سرعَة صدورهما بغنمهما حفلاً بطاناً وَقَالَ: إِن لَكمَا الْيَوْم لشأناً: فحدثتاه بِمَا صنع مُوسَى
فَأمر إِحْدَاهمَا أَن تَدعُوهُ لَهُ فَأَتَتْهُ فدعته
فَلَمَّا كَلمه (قَالَ لَا تخف نجوت من الْقَوْم الظَّالِمين) (الْقَصَص آيَة ٢٥) لَيْسَ لفرعون وَلَا لِقَوْمِهِ علينا سُلْطَانا ولسنا فِي مَمْلَكَته
قَالَت ابْنَته: (يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِن خير من اسْتَأْجَرت الْقوي الْأمين) (الْقَصَص آيَة ٢٦) فَحَملته الْغيرَة أَن قَالَ: وَمَا يدْريك مَا قوته وَمَا أَمَانَته قَالَت: أما قوته: فَمَا رَأَيْت مِنْهُ حِين سقى لنا لم أر رجلا قطّ أقوى فِي ذَلِك السَّقْي مِنْهُ حِين سقى لنا: وأمانته: فَإِنَّهُ نظر حِين أَقبلت إِلَيْهِ وشخصت لَهُ فَلَمَّا علم أَنِّي امْرَأَة صوب رَأسه وَلم يرفعهُ وَلم ينظر إليّ حِين أَقبلت إِلَيْهِ حَتَّى بلغته رِسَالَتك
فَقَالَ لي: امشي خَلْفي وانعتي لي الطَّرِيق فَلم يقل هَذَا إِلَّا وَهُوَ أَمِين
فَسرِّي عَن أَبِيهَا وصدقها وَظن بِهِ الَّذِي قَالَت
فَقَالَ: هَل لَك (أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج فَإِن أتممت عشرا فَمن عنْدك وَمَا أُرِيد أَن أشق عَلَيْك) (الْقَصَص آيَة ٢٧) فَفعل وَكَانَت على مُوسَى ثَمَانِي حجج وَاجِبَة وَكَانَت سنتَانِ عدَّة مِنْهُ فَقضى الله عدته فأتمها عشرا
قَالَ سعيد: فَسَأَلَنِي رجل من أهل النَّصْرَانِيَّة من عُلَمَائهمْ: هَل تَدْرِي أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قلت: لَا
وَأَنا يَوْمئِذٍ لَا أعلم
فَلَقِيت ابْن عَبَّاس فَذكرت لَهُ الَّذِي قَالَ النَّصْرَانِي فَقَالَ: أما كنت تعلم أَن ثمانياً وَاجِبَة لم يكن مُوسَى لينتقص مِنْهَا وَتعلم أَن الله تَعَالَى كَانَ قَاضِيا عَن مُوسَى عدته
573
الَّتِي وعد فَإِنَّهُ قضى عشرا فَأخْبرت النَّصْرَانِي فَقَالَ: الَّذِي أخْبرك بِهَذَا هُوَ أعلم مِنْك
قلت: أجل وَأولى (سَار مُوسَى بأَهْله) وَرَأى من أَمر النَّار مَا قصّ الله عَلَيْك فِي الْقُرْآن وَأمر الْعَصَا وَيَده فَشَكا إِلَى ربه مَا يتخوف من آل فِرْعَوْن فِي الْقَتِيل وعقدة لِسَانه - فَإِنَّهُ كَانَ فِي لِسَانه عقدَة تَمنعهُ من كثير من الْكَلَام - فَسَأَلَ ربه أَن يُعينهُ بأَخيه هَارُون ليَكُون لَهُ ردْءًا وَيتَكَلَّم عَنهُ بِكَثِير مِمَّا لَا يفصح بِهِ فَأَتَاهُ الله سؤله فَحل عقدَة من لِسَانه وَأوحى إِلَى هَارُون وَأمره أَن يلقى مُوسَى
فَانْدفع مُوسَى بالعصا وَلَقي هَارُون فَانْطَلقَا جَمِيعًا إِلَى فِرْعَوْن فأقاما بِبَابِهِ حينا لَا يُؤذن لَهما ثمَّ أذن لَهما بعد حجاب شَدِيد فَقَالَا: ﴿إِنَّا رَسُولا رَبك﴾ فَقَالَ: ﴿فَمن رَبكُمَا يَا مُوسَى﴾ فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي قصّ الله فِي الْقُرْآن
قَالَ: فَمَا تريدان وَذكره بالقتيل فَاعْتَذر بِمَا قد سَمِعت قَالَ: أُرِيد أَن تؤمن بِاللَّه وَترسل معي بني إِسْرَائِيل
فَأبى عَلَيْهِ ذَلِك وَقَالَ: ائْتِ بِآيَة إِن كنت من الصَّادِقين فَألْقى بعصاه فتحوّلت حَيَّة عَظِيمَة فاغرة فاها مسرعة إِلَى فِرْعَوْن - فَلَمَّا رأى فِرْعَوْن أَنَّهَا قاصدة إِلَيْهِ - خافها فاقتحم عَن سَرِيره واستغاث بمُوسَى: أَن يكفها عَنهُ فَفعل وَأخرج يَده من جيبه بَيْضَاء من غير سوء) يَعْنِي برص ثمَّ أَعَادَهَا إِلَى كمه فَصَارَت إِلَى لَوْنهَا الأول
فَاسْتَشَارَ الْمَلأ فِيمَا رأى فَقَالُوا لَهُ: ﴿هَذَانِ لساحران يُريدَان أَن يخرجاكم من أَرْضكُم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى﴾ يعنون ملكهم الَّذِي هم فِيهِ والعيش فَأَبَوا على مُوسَى أَن يعطوه شَيْئا مِمَّا طلب
وَقَالُوا لَهُ: اجْمَعْ لَهُم السَّحَرَة - فَإِنَّهُم بأرضنا كثير - حَتَّى تغلب بسحرهم سحرهما (فَأرْسل فِرْعَوْن فِي الْمَدَائِن حاشرين) (الشُّعَرَاء آيَة ٥٤) فحشر لَهُ كل سَاحر متعالم فَلَمَّا أَتَوا فِرْعَوْن قَالُوا: بِمَ يعْمل هَذَا السَّاحر
قَالُوا: يعْمل بالحيات والحبال
قَالَ: فَلَا وَالله مَا فِي الأَرْض قوم يعْملُونَ بالحيات والحبال والعصي بِالسحرِ مَا نعمل بِهِ فَمَا أجرنا إِن غلبناه قَالَ لَهُم: أَنْتُم أقاربي وخاصتي وَأَنا صانع بكم كل شَيْء أَحْبَبْتُم فتواعدوا ليَوْم الزِّينَة ﴿وَأَن يحْشر النَّاس ضحى﴾ قَالَ سعيد: فَحَدثني ابْن عَبَّاس: أَن يَوْم الزِّينَة - الْيَوْم الَّذِي أظهر الله فِيهِ مُوسَى على فِرْعَوْن والسحرة - وَهُوَ يَوْم عَاشُورَاء فَلَمَّا اجْتَمعُوا فِي صَعِيد وَاحِد
قَالَ النَّاس لبَعْضهِم لبَعض: اذْهَبُوا بِنَا فلنحضر هَذَا الْأَمر و (نتبع السَّحَرَة
574
إِن كَانُوا هم الغالبين) (الشُّعَرَاء آيَة ٤٠) - يعنون بذلك مُوسَى وَهَارُون استهزاء بهما - فَقَالُوا: يَا مُوسَى - لقدرتهم بسحرهم - (إِمَّا أَن تلقي وَإِمَّا أَن نَكُون نَحن الملقين) (الْأَعْرَاف آيَة ١١٥) قَالَ: ألقوا ﴿فَألْقوا حبالهم وعصيهم وَقَالُوا بعزة فِرْعَوْن إِنَّا لنَحْنُ الغالبون﴾ ) (الْأَعْرَاف آيَة ٤٤) فَرَأى مُوسَى من سحرهم مَا أوجس مِنْهُ خيفة
فَأوحى الله إِلَيْهِ (أَن ألق عصاك) (الْقَصَص آيَة ٣١) فَلَمَّا أَلْقَاهَا صَارَت ثعباناً عَظِيما فاغرة فاها فَجعل الْعَصَا بدعوة مُوسَى تَلْتَبِس بالحبال حَتَّى صَارَت [] جردا إِلَى الثعبان حَتَّى تدخل فِيهِ حَتَّى مَا أبقت عَصا وَلَا حبلاً إِلَّا ابتلعته فَلَمَّا عاين السَّحَرَة ذَلِك قَالُوا: لَو كَانَ هَذَا سحرًا لم تبتلع من سحرنَا كل هَذَا وَلَكِن هَذَا من أَمر الله عز وَجل
فَآمَنا بِاللَّه وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى ونتوب إِلَى الله عز وَجل مِمَّا كُنَّا فِيهِ فَكسر الله ظهر فِرْعَوْن فِي ذَلِك الموطن وأشياعه فَظهر الْحق وَبَطل مَا كَانُوا يعْملُونَ (فغلبوا هُنَالك وانقلبوا صاغرين) (الْأَعْرَاف الْآيَة ١١٩) وَامْرَأَة فِرْعَوْن بارزة مبتذلة - تَدْعُو الله بالنصر لمُوسَى على فِرْعَوْن - فَمن رَآهَا - من آل فِرْعَوْن ظن أَنَّهَا تبذلت شَفَقَة على فِرْعَوْن وأشياعه وَإِنَّمَا كَانَ حزنها وهمها لمُوسَى
فَلَمَّا طَال مكث مُوسَى لمواعد فِرْعَوْن الكاذبة كلما جَاءَ بِآيَة وعد عِنْدهَا أَن يُرْسل مَعَه بني إِسْرَائِيل فَإِذا كشف ذَلِك عَنهُ نكث عَهده وَاخْتلف وعده حَتَّى أَمر مُوسَى بقَوْمه فَخرج بهم لَيْلًا
فَلَمَّا أصبح فِرْعَوْن وَرَأى أَنهم قد مضوا بعث فِي الْمَدِينَة وحولها حاشرين فتبعتهم جنود عَظِيمَة كَثِيرَة وَأوحى الله إِلَى الْبَحْر: إِذا ضربك عَبدِي مُوسَى فانفرق لَهُ اثْنَي عشر فرقا حَتَّى يجوز مُوسَى وَمن مَعَه ثمَّ التق بعد على من بَقِي من قوم فِرْعَوْن وأشياعه
فنسي مُوسَى أَن يضْرب بعصاه فَدفع إِلَى الْبَحْر وَله قصيف مَخَافَة أَن يضْربهُ بعصاه وَهُوَ غافل فَيصير عَاصِيا (فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ) وتقاربا (قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لمدركون) (الشُّعَرَاء الْآيَة ٦١) فافعل مَا أَمرك بِهِ رَبك فَإنَّك لم تكذب وَلم تكذب
قَالَ: وَعَدَني رَبِّي إِذا انْتَهَيْت إِلَى الْبَحْر أَن ينفرق لي حَتَّى أجوز ثمَّ ذكر بعد ذَلِك الْعَصَا فَضرب الْبَحْر - حِين دنا أَوَائِل جند فِرْعَوْن - من أَوَاخِر جند مُوسَى فانفرق الْبَحْر - كَمَا أمره الله وكما وعد مُوسَى فَلَمَّا جَازَ أَصْحَاب مُوسَى كلهم وَدخل أَصْحَاب فِرْعَوْن كلهم التقى الْبَحْر عَلَيْهِم كَمَا
575
أمره الله عز وَجل فَمَا أَن جَاوز الْبَحْر (قَالَ أَصْحَاب مُوسَى: إِنَّا لمدركون) (الشُّعَرَاء الْآيَة ٦١) إِنَّا نَخَاف أَن لَا يكون فِرْعَوْن غرق وَلَا نَأْمَن هَلَاكه فَدَعَا ربه فَأخْرجهُ لَهُ بِبدنِهِ من الْبَحْر حَتَّى استيقنوا
ثمَّ مروا بعد ذَلِك (على قوم يعكفون على أصنام لَهُم قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة
قَالَ إِنَّكُم قوم تجهلون إِن هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هم فِيهِ وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ) (الْأَعْرَاف آيَة ١٣٨) قد رَأَيْتُمْ من العبر مَا يكفيكم وسمعتم بِهِ فَمضى حَتَّى أنزلهم منزلا ثمَّ قَالَ لَهُم: أطِيعُوا هَارُون فَإِنِّي قد استخلفته عَلَيْكُم وَإِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي وأجلهم ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَن يرجع إِلَيْهِم فِيهَا فَلَمَّا أَتَى ربه وَأَرَادَ أَن يكلمهُ فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا - فصامهن ليلهن ونهارهن - كره أَن يكلم ربه وريح فَمه ريح فَم الصَّائِم فَتَنَاول مُوسَى من نَبَات الأَرْض شَيْئا فمضغه
فَقَالَ لَهُ ربه: - حِين أَتَاهُ - لم أفطرت وَهُوَ أعلم بِالَّذِي كَانَ
قَالَ: يَا رب إِنِّي كرهت أَن أُكَلِّمك إِلَّا فمي طيب الرّيح
قَالَ: وَمَا علمت يَا مُوسَى أَن ريح فَم الصَّائِم أطيب عِنْدِي من ريح الْمسك ارْجع حَتَّى تَصُوم عشرَة أَيَّام ثمَّ ائْتِنِي
فَفعل مُوسَى الَّذِي أمره الله بِهِ فَلَمَّا رأى قوم مُوسَى أَنه لم يَأْتهمْ للأجل ساءهم ذَلِك وَقد كَانَ هَارُون خطبهم وَقَالَ لَهُم: إِنَّكُم خَرجْتُمْ من مصر وعندكم ودائع لقوم فِرْعَوْن وعوار وَلكم فيهم مثل ذَلِك وَأَنا أرى أَن تحتسبوا مَا كَانَ لكم عِنْدهم وَلَا أحل لكم وَدِيعَة استودعتموها أَو عَارِية ولسنا نرى أَدَاء شَيْء من ذَلِك إِلَيْهِم وَلَا مُمْسِكيه
فحفر حُفْرَة وَأمر كل قوم عِنْدهم شَيْء من ذَلِك من مَتَاع أَو حلية بِأَن يدفنوه فِي الحفرة ثمَّ أوقد عَلَيْهِ النَّار فأحرقه وَقَالَ: لَا يكون لنا وَلَا لَهُم
وَكَانَ السامري رجلا من قوم يعْبدُونَ الْبَقر لَيْسَ من بني إِسْرَائِيل جَار لَهُم فَاحْتمل مَعَ بني إسرئيل حِين احتملوا فَقضى لَهُ أَن رأى أثر الْفرس فَقبض مِنْهُ قَبْضَة فَمر بهَارُون فَقَالَ لَهُ هَارُون: يَا سامري
أَلا تلقي مَا فِي يَديك - وَهُوَ قَابض عَلَيْهِ لَا يرَاهُ أحد [] طوال ذَلِك - فَقَالَ: هَذِه بضة [قَبْضَة] من أثر الرَّسُول الَّذِي جَاوز بكم الْبَحْر فَلَا ألقيها لشَيْء إِلَّا أَن تَدْعُو الله إِذا ألقيتها أَن يكون مَا أُرِيد
قَالَ: فألقاها ودعا لَهُ هَارُون
قَالَ: أُرِيد أَن يكون عجلاً فَاجْتمع مَا كَانَ فِي الحفرة من مَتَاع: نُحَاس أَو حَدِيد أَو حلى فَصَارَ عجلاً أجوف لَيْسَ فِيهِ روح لَهُ خوار
فَقَالَ ابْن عَبَّاس:
576
وَالله مَا كَانَ لَهُ صَوت وَلَكِن الرّيح كَانَت تدخل فِي دبره وَتخرج من فِيهِ فَكَانَ ذَلِك الصَّوْت من ذَلِك
فَتفرق بَنو إِسْرَائِيل فَقَالَت فرقة: يَا سامري مَا هَذَا فَإنَّك أَنْت أعلم بِهِ فَقَالَ: هَذَا ربكُم وَلَكِن مُوسَى أَخطَأ الطَّرِيق
فَقَالُوا: لَا نكذب بِهَذَا ﴿حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى﴾ طه آيَة ٩١ فَإِن يَك رَبنَا لم يكن ضيعنا وعجزنا حِين رَأَيْنَاهُ وَإِن لم يكن رَبنَا فإننا نتبع قَول مُوسَى
وَقَالَ فرقة: هَذَا من عمل الشَّيْطَان وَلَيْسَ رَبنَا وَلَا نصدق بِهِ وَلَا نؤمن بِهِ
وأشرب فرقة فِي قُلُوبهم التَّصْدِيق بِمَا قَالَ السامري فِي الْعجل: وأعلنوا التَّكْذِيب و ﴿قَالَ لَهُم هَارُون من قبل يَا قوم إِنَّمَا فتنتم بِهِ وَإِن ربكُم الرَّحْمَن﴾ وَلَيْسَ بهكذا
قَالُوا: فَمَا بَال مُوسَى وعدنا ثَلَاثِينَ لَيْلَة ثمَّ أخلفنا فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ لَيْلَة: فَقَالَ سفهاؤهم: أَخطَأ ربه فَهُوَ يَطْلُبهُ ويتبعه
فَلَمَّا كلم الله مُوسَى وَقَالَ مَا قَالَ لَهُ وَأخْبرهُ بِمَا لَقِي قومه من بعده (فَرجع مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا) فَقَالَ لَهُم مَا سَمِعْتُمْ فِي الْقُرْآن (وَألقى الألواح وَأخذ بِرَأْس أَخِيه يجره إِلَيْهِ) (الْأَعْرَاف آيَة ١٥٠) من الْغَضَب غير أَنه عذر أَخَاهُ واستغفر ربه ثمَّ انْصَرف إِلَى السامري فَقَالَ لَهُ: مَا حملك على مَا صنعت فَقَالَ: ﴿فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول﴾ وفطنت وعميت عَلَيْكُم ﴿فنبذتها وَكَذَلِكَ سَوَّلت لي نَفسِي﴾ ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِن لَك فِي الْحَيَاة أَن تَقول لَا مساس﴾ إِلَى قَوْله: ﴿فِي اليم نسفاً﴾ وَلَو كَانَ إِلَهًا لم يخلص إِلَى ذَلِك فاستيقن بَنو إِسْرَائِيل بالفتنة واغتبط الَّذين كَانَ رَأْيهمْ رَأْي هَارُون فَقَالُوا: يَا مُوسَى سل رَبك أَن يفتح لنا بَاب تَوْبَة نعملها ونكفر عَنَّا مَا عَملنَا (فَاخْتَارَ مُوسَى من قومه سبعين رجلا) (الْأَعْرَاف آيَة ١٥٥) لذَلِك لَا يألوا لخير خِيَار بني إِسْرَائِيل وَمن لم يُشْرك فِي الْعجل فَانْطَلق بهم ليسأل رَبهم التَّوْبَة فرجفت الأَرْض بهم فاستحيا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من قومه ووفده حِين فعل بهم ذَلِك فَقَالَ: ( ﴿رب لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء﴾ الْأَعْرَاف آيَة ١٥٥ الْآيَة
وَمِنْهُم من قد اطلع الله مِنْهُ على مَا أشْرب قلبه الْعجل وَالْإِيمَان بِهِ فَلذَلِك رجفت بهم الأَرْض
فَقَالَ: (رَحْمَتي وسعت كل شَيْء فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ) إِلَى قَوْله: (وَالْإِنْجِيل) (الْأَعْرَاف آيَة ١٥٦) فَقَالَ: رب سَأَلتك التَّوْبَة لقومي فَقلت: إِن رحمت [رحمتك] كتبتها لقوم غير قومِي فليتك أخرتني حَتَّى أخرج فِي أمة ذَلِك الرجل المرحومة
قَالَ الله عز
577
وَجل: فَإِن تَوْبَتهمْ أَن يقتل كل رجل مِنْهُم كل من لَقِي من وَالِد أَو ولد فيقتله بِالسَّيْفِ وَلَا يُبَالِي من قبل ذَلِك الموطن
فَتَابَ أُولَئِكَ الَّذين كَانَ خَفِي على مُوسَى وَهَارُون وَمَا طلع الله عابهم من ذنوبهم فَاعْتَرفُوا بهَا
وفعلوا مَا أمروا بِهِ فغفر الله للْقَاتِل والمقتول
ثمَّ سَار بهم مُوسَى مُتَوَجها نَحْو الأَرْض المقدسة فَأخذ الألواح بعد مَا سكت عَنهُ الْغَضَب وَأمرهمْ بِالَّذِي أمره الله أَن يبلغهم من الْوَظَائِف فَثقلَتْ عَلَيْهِم وأبوا أَن يقرُّوا بهَا حَتَّى نتق الله عَلَيْهِم الْجَبَل كَأَنَّهُ ظلة ودنا مِنْهُم حَتَّى خَافُوا أَن يَقع عَلَيْهِم فَأخذُوا الْكتاب بأيمانهم وهم مصغون ينظرُونَ الأَرْض وَالْكتاب الَّذِي أَخَذُوهُ بِأَيْدِيهِم وهم ينظرُونَ إِلَى الْجَبَل مَخَافَة أَن يَقع عَلَيْهِم
ثمَّ مضوا حَتَّى أَتَوا الأَرْض المقدسة فوجدوا فِيهَا مَدِينَة جبارين خلقهمْ خلق مُنكر وَذكروا من ثمارهم أمرا عجيباً من عظمها فَقَالُوا: يَا مُوسَى (إِن فِيهَا قوم جبارين) (الْمَائِدَة آيَة ٢٢) لَا طَاقَة لنا الْيَوْم بهم وَلَا ندْخلهَا مَا داموا فِيهَا (فَإِن يخرجُوا مِنْهَا فَإنَّا داخلون) قَالَ رجلَانِ من الجبارين: آمنا بمُوسَى فَخَرَجَا إِلَيْهِ فَقَالَا: نَحن أعلم بقومنا إِن كُنْتُم تخافون مَا رَأَيْتُمْ من أجسامهم وعددهم فَإِنَّهُم لَيْسَ لَهُم قُلُوب وَلَا مَنْعَة عِنْدهم (فادخلوا عَلَيْهِم الْبَاب فَإِذا دخلتموه فَإِنَّكُم غالبون) (الْمَائِدَة آيَة ٢٣) وَيَقُول أنَاس إنَّهُمَا من قوم مُوسَى وَزعم سعيد أَنَّهُمَا من الجبارين آمنا بمُوسَى
يَقُول: (من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا) (الْمَائِدَة آيَة ٣٣) وَإِنَّمَا يَعْنِي بذلك الَّذين يخافهم بَنو إِسْرَائِيل
فَقَالُوا: (يَا مُوسَى إِنَّا لن ندْخلهَا أبدا مَا داموا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة آيَة ٢٤) فأغضبوا مُوسَى فَدَعَا عَلَيْهِم فسماهم فاسقين وَلم يدع عَلَيْهِم قبل ذَلِك لما رأى فيهم من الْمعْصِيَة وإساءتهم - حَتَّى كَانَ يَوْمئِذٍ - فَدَعَا عَلَيْهِم فَاسْتَجَاب الله لَهُ وَسَمَّاهُمْ كَمَا سماهم مُوسَى فاسقين (فَحَرمهَا عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ يتيهون فِي الأَرْض) (الْمَائِدَة آيَة ٢٦) يُصْبِحُونَ كل يَوْم فيسيرون لَيْسَ لَهُم قَرَار
ثمَّ ظلل عَلَيْهِم فِي التيه بالغمام وَأنزل عَلَيْهِم الْمَنّ والسلوى وَجعل لَهُم ثيابًا لَا تبلى وَلَا تتسخ وَجعل بَين ظهرانيهم حجرا مربعًا وَأمر مُوسَى فَضَربهُ بعصاه (فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا) (الْبَقَرَة آيَة ٦٠) فِي كل نَاحيَة ثَلَاث عُيُون وَأعلم كل سبط عينهم الَّتِي يشربون مِنْهَا لَا
578
يرتحلون بهَا من مرحلة إِلَّا وجدوا ذَلِك الْحجر مِنْهُم بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ مِنْهُم بالمنزل الأوّل
رفع الحَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَصدق ذَلِك عِنْدِي: أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان سمع من ابْن عَبَّاس هَذَا الحَدِيث فَأنْكر عَلَيْهِ أَن يكون الفرعوني هُوَ الَّذِي أفشى على مُوسَى أَمر الْقَتِيل وَقَالَ: إِنَّمَا أفشى عَلَيْهِ الإسرائيلي
فَأخذ ابْن عَبَّاس بِيَدِهِ فَانْطَلق إِلَى سعد بن مَالك الزُّهْرِيّ فَقَالَ: أَرَأَيْت يَوْم حَدثنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - عَن قَتِيل مُوسَى من آل فِرْعَوْن من أفشى عَلَيْهِ الإسرائيلي أَو الفرعوني قَالَ: أفشى عَلَيْهِ الفرعوني بِمَا سمع من الإسرائيلي الَّذِي شهد ذَلِك وحضره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَلَبثت سِنِين فِي أهل مَدين﴾ قَالَ: عشر سِنِين ﴿ثمَّ جِئْت على قدر يَا مُوسَى﴾ طه آيَة ٤٠ قَالَ على موعد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ثمَّ جِئْت على قدر﴾ قَالَ: الْمِيقَات
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ثمَّ جِئْت على قدر﴾ قَالَ: على موعد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تنيا فِي ذكري﴾ قَالَ لَا تضعفا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ - مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ - مثله
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس: إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله - عزَّ وَجل - ﴿وَلَا تنيا فِي ذكري﴾ قَالَ: وَلَا تضعفا عَن أَمْرِي
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: إِنِّي وَجدك مل ونيت وإنني أبغي الفكاك لَهُ بِكُل سَبِيل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تنيا﴾ قَالَ: لَا تبطئا
579
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فقولا لَهُ قولا لينًا﴾ قَالَ: كنه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فقولا لَهُ قولا لينًا﴾ قَالَ: كنياه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ: ﴿فقولا لَهُ قولا لينًا﴾ قَالَ: كنياه يَا أَبَا مرّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن ﴿فقولا لَهُ قولا لينًا﴾ قَالَ اعذرا إِلَيْهِ وقولا لَهُ: إِن لَك رَبًّا وَلَك معاداً وَإِن بَين يَديك جنَّة وَنَارًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْفضل بن عِيسَى الرقاشِي أَنه تَلا هَذِه الْآيَة ﴿فقولا لَهُ قولا لينًا﴾ فَقَالَ: يَا من يتحبب إِلَى من يعاديه فَكيف بِمن يتَوَلَّى ويناديه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لَعَلَّه يتَذَكَّر﴾ قَالَ: هَل يتَذَكَّر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إننا نَخَاف أَن يفرط علينا﴾ قَالَ: يعجل ﴿أَو أَن يطغى﴾ قَالَ: يعتدي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إننا نَخَاف أَن يفرط علينا أَو أَن يطغى﴾ قَالَ: عُقُوبَة مِنْهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿قَالَ لَا تخافا إِنَّنِي مَعَكُمَا أسمع وَأرى﴾ قَالَ: أسمع مَا يَقُول ﴿وَأرى﴾ مَا يجاوبكما فَأُوحي إلَيْكُمَا فتجاوباه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد جيد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما بعث الله مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن قَالَ: رب أَي شَيْء أَقُول قَالَ: قل أهيا شرا هيا
قَالَ الْأَعْمَش: تَفْسِير ذَلِك الْحَيّ قبل كل شَيْء والحي بعد كل شَيْء
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بعث الله مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن قَالَ: لَا يغرنكما لِبَاسه الَّذِي ألبسته فَإِن ناصيته بيَدي فَلَا ينْطق وَلَا يطرف إِلَّا بإذني وَلَا يغرنكما مَا متع بِهِ من زهرَة الدُّنْيَا وزينة المترفين فَلَو شِئْت أَن أزينكما من زِينَة الدُّنْيَا بِشَيْء يعرف فِرْعَوْن أَن قدرته تعجز عَن ذَلِك لفَعَلت وَلَيْسَ ذَلِك لهوانكما عَليّ وَلَكِنِّي ألبستكما نصيبكما من الْكَرَامَة على: أَن لَا تنقصكما الدُّنْيَا
580
شَيْئا وَإِنِّي لأذود أوليائي عَن الدُّنْيَا كَمَا يذود الرَّاعِي إبِله عَن مبارك ٧ الْغيرَة وَإِنِّي لأجنبهم كَمَا يجنب الرَّاعِي إبِله عَن مراتع الهلكة أُرِيد أَن أنور بذلك صُدُورهمْ وأطهر بذلك قُلُوبهم فيَّ سِيمَاهُمْ الَّذين يعْرفُونَ وَأمرهمْ الَّذِي يفتخرون بِهِ وَأعلم: أَنه من أَخَاف لي وليا فقد بارزني وَأَنا الثائر لأوليائي يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن عَبَّاس عَن أبي سُفْيَان بن حَرْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى هِرقل من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل عَظِيم الرّوم سَلام على من اتبع الْهدى
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قَتَادَة قَالَ: التَّسْلِيم على أهل الْكتاب إِذا دخلت عَلَيْهِم بُيُوتهم أَن تَقول: السَّلَام على من اتبع الْهدى
الْآيَة ٤٨ - ٥٢
581
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ واحلل عقدة من لساني ﴾ قال : عجمة بجمرة نار أدخلها في فيه، عن أمر امرأة فرعون تدرأ به عنه عقوبة فرعون حين أخذ موسى بلحيته، وهو لا يعقل. قال : هذا عدوّ لي، فقالت امرأته : إنه لا يعقل.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس في قوله :﴿ واجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي ﴾ قال : كان أكبر من موسى.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عطية في قوله :﴿ اشدد به أزري ﴾ قال ظهري.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله :﴿ اشدد به أزري ﴾ يقول : اشدد به أمري وقوّني به، فإن لي به قوّة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وأشركه في أمري ﴾ قال : نُبِئَ هرون ساعتئذ حين نبئ موسى عليهما السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عروة أن عائشة سمعت رجلاً يقول : إني لأدري أي أخ في الدنيا كان أنفع لأخيه : موسى حين سأل لأخيه النبوّة. فقالت : صدق والله.
وأخرج الحاكم، عن وهب قال : كان هرون فصيحاً بين النطق يتكلم في تؤدة ويقول بعلم وحلم، وكان أطول من موسى طولاً، وأكبرهما في السن، وأكثرهما لحماً، وأبيضهما جسماً، وأعظمهما ألواحاً، وكان موسى جعداً آدم طوالاً، كأنه من رجال شنوأة، ولم يبعث الله نبياً إلا وقد كان عليه شامة النبوّة في يده اليمنى، إلا أن يكون نبينا - صلى الله عليه وسلم - فإن شامة النبوّة كانت بين كتفيه.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم بن أبي النجود أنه قرأ ﴿ كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنك كنت بنا بصيراً ﴾ بنصب الكاف الأولى في كلهن.
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش : أنه كان يجزم هذه الكافات كلها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ فاقذفيه في اليم ﴾ قال هو النيل.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وألقيت عليك محبة مني ﴾ قال : كان كل من رآه ألقيت عليه منه محبة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سلمة بن كهيل - رضي الله عنه - في قوله :﴿ وألقيت عليك محبة مني ﴾ قال : حببتك إلى عبادي.
وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة في قوله :﴿ وألقيت عليك محبة مني ﴾ قال : حيث نظرت آسية وجه موسى، فرأت حسناً وملاحة، فعندها قالت لفرعون :﴿ قرة عين لي ولك لا تقتلوه ﴾ [ القصص : ٩ ].
وأخرج الحكيم الترمذي، عن أبي رجاء في قوله :﴿ وألقيت عليك محبة مني ﴾ قال : الملاحة والحلاوة.
وأخرج ابن عساكر، عن قتادة في قوله :﴿ وألقيت عليك محبة مني ﴾ قال : حلاوة في عيني موسى، لم ينظر إليه خلق إلا أحبه.
وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : كنت مع عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - فتلقاه الناس يسلمون عليه ويحيونه ويثنون عليه ويدعون له - فيضحك ابن عمر - فإذا انصرفوا عنه، أقبل علي فقال : إن الناس ليجيئون حتى لو كنت أعطيهم الذهب والفضة ما زادوا عليه، ثم تلا هذه الآية ﴿ وألقيت عليك محبة مني ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي نهيك - رضي الله عنه - في قوله :﴿ ولتصنع على عيني ﴾ قال : ولتعمل على عيني.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله :﴿ ولتصنع على عيني ﴾ قال : تربى بعين الله.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ولتصنع على عيني ﴾ قال : ولتغذى على عيني.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في الآية يقول : أنت بعيني إذ جعلتك أمك في التابوت ثم في البحر ﴿ إذ تمشي أختك ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والخطيب، عن ابن عمر : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ. يقول الله :﴿ وقتلت نفساً فنجيناك من الغم ﴾ ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ فنجيناك من الغم ﴾ قال : من قتل النفس ﴿ وفتناك فتوناً ﴾ قال : أخلصناك إخلاصاً.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وفتناك فتوناً ﴾ قال : ابتليناك ابتلاء.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وفتناك فتوناً ﴾ قال : ابتليناك ببلاء نعمة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وفتناك فتوناً ﴾ قال : اختبرناك اختباراً.
وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد في قوله :﴿ وفتناك فتوناً ﴾ قال : بلاء إلقاؤه في التابوت، ثم في اليم، ثم التقاط آل فرعون إياه، ثم خروجه خائفاً يترقب.
وأخرج ابن أبي عمر العدني في مسنده، وعبد بن حميد، والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : سألت ابن عباس عن قول الله تعالى لموسى عليه السلام :﴿ وفتناك فتوناً ﴾ فسألت عن الفتون ما هو ؟ فقال : استأنف النهار يا ابن جبير، فإن لها حديثاً طويلاً، فلما أصبحت غدوت على ابن عباس، لأتنجز ما وعدني من حديث الفتون فقال : تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله عز وجل - وعد إبراهيم عليه السلام - من أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكاً. فقال بعضهم : إن بني إسرائيل ينتظرون ذلك ما يشكون فيه، ولقد كانوا يظنون أنه يوسف بن يعقوب، فلما هلك قالوا : ليس هذا كان وعد الله إبراهيم. قال فرعون : فكيف ترون ؟ فائتمروا وأجمعوا أمرهم، على أن يبعث رجالاً - معه الشفار - يطوفون في بني إسرائيل : فلا يجدون مولوداً إلا ذبحوه، ففعلوا فلما رأوا أن الكبار يموتون بآجالهم، وإن الصغار يذبحون قالوا : يوشك أن يفني بنو إسرائيل، فتصيروا تباشروا الأعمال والخدمة التي كانوا يكفونكم، فاقتلوا عاماً كل مولود ذكر، فتقل أبناؤهم. ودعوا عاماً لا تقتلوا منهم أحداً، فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار ؛ فإنهم لن يكثروا فتخافون مكاثرتهم إياكم، ولن يفنوا بمن تقتلون فتحتاجون إليهم، فاجمعوا أمرهم على ذلك، فحملت أم موسى بهرون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان، فولدت علانية آمنة، حتى إذا كان في قابل حملت بموسى، فوقع في قلبها الهم والحزن، فذلك من الفتون يا ابن جبير، لما دخل عليه في بطن أمه ما يراد به، فأوحى الله إليها : أن :﴿ لا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ﴾ [ القصص : ٧ ] وأمرها إذا ولدته أن تجعله في تابوت، ثم تلقيه في اليم، فلما ولدت فعلت ما أمرت به، حتى إذا توارى عنها ابنها - أتاها الشيطان - وقالت في نفسها : ما فعلت بابني ؟ ! لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إليّ من أن ألقيه إلى دواب البحر وحيتانه. فانطلق به الماء حتى أوفى به عند مستقى جواري امرأة فرعون، فرأينه فأخذنه فهممن أن يفتحن الباب، فقال بعضهن لبعض : إن في هذا لمالاً، وإنا إن فتحناه لم تصدقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه، فحملنه بهيئته لم يحركن منه شيئاً، حتى دفعنه إليها، فلما فتحته رأت فيه الغلام، فألقي عليها محبة لم تلق منها على أحد من البشر قط، ﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً ﴾ [ القصص : ١٠ ] من ذكر كل شيء، إلا من ذكر موسى، فلما سمع الذباحون بأمره، أقبلوا إلى امرأة فرعون بشفارهم يريدون أن يذبحوه، وذلك من الفتون يا ابن جبير، فقالت للذباحين : إن هذا الواحد لا يزيد في بني إسرائيل، وإني آتي فرعون فأستوهبه منه، فإن وهبه لي فقد أحسنتم وأجملتم، وإن أمر بذبحه لم ألمكم، فلما أتت به فرعون قالت :
﴿ قرة عين لي ولك لا تقتلوه ﴾ [ القصص : ٩ ] قال فرعون : يكون لك، وأمَّا لي فلا حاجة لي فيه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«والذي يحلف به، لو أقر فرعون بأن يكون قرة عين له، كما قالت امرأته لهداه الله به، كما هدى به امرأته ولكن الله - عز وجل - حرمه ذلك، فأرسلت إلى من حولها من كل امرأة لها لبن لتختار له ظئراً، فكلما أخذته امرأة منهن لترضعه، لم يقبل ثديها حتى أشفقت امرأة فرعون أن يمتنع من اللبن، فيموت فأحزنها ذلك، فأمرت به فأخرج إلى السوق، ومجمع الناس ترجو أن تجد له ظئراً يأخذ منها، فلم يفعل، وأصبحت أم موسى والهاً، فقالت لأخته : قصي أثره واطلبيه هل تسمعين له ذكراً ؟ أحي أم قد أكلته الدواب ؟ ونسيت الذي كان وعد الله ﴿ فبصرت به أخته عن جنب وهم لا يشعرون ﴾ والجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى شيء بعيد وهو إلى جنبه، وهو لا يشعر به ( فقالت ) - من الفرح حين أعياهم الظوائر - ﴿ هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ﴾ فأخذوها، فقالوا : وما يدريك ما نصحهم له ؟ هل يعرفونه حتى شكوا في ذلك ؟ وذلك من الفتون يا ابن جبير. فقالت : نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في جانب الملك رجاء شفقته. فتركوها فانطلقت إلى أمه فأخبرتها الخبر فجاءت، فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها فمصه حتى امتلأ جنباه ريا، وانطلق البشرى إلى امرأة فرعون يبشرونها : إنا قد وجدنا لابنك ظئراً. فأرسلت إليها فأتيت بها وبه، فلما رأت ما يصنع قالت لها : امكثي عندي أرضعي ابني هذا - فإني لم أحب حبه شيئاً قط - قالت : لا أستطيع أن أدع بيتي وولدي فيضيع، فإن طابت نفسك أن تعطينيه ؟ فأذهب به إلى بيتي فيكون معي لا آلوه خيراً فعلت، وإلا فإني غير تاركة بيتي وولدي. فذكرت أم موسى ما كان الله عز وجل وعدها، فتعاسرت على امرأة فرعون لذلك، وأيقنت أن الله عز وجل منجز وعده. فرجعت بابنها من يومها، فأنبته الله نباتاً حسناً، وحفظه لما قد قضى فيه، فلم يزل بنو إسرائيل - وهم يجتمعون في ناحية القرية - يمتنعون به من الظلم والسخرة منذ كان فيهم، فلما ترعرع، قالت امرأة فرعون لأم موسى : أريد أن تريني ابني، فوعدتها يوماً تزورها فيه به.
فقالت لخزانها وجواريها وقهارمتها : لا يبقى منكم اليوم واحد إلا استقبل ابني بهدية وكرامة أرى ذلك فيه، وأنا باعثة أميناً يحضر ما صنع كل إنسان منكم، فلم تزل الهدايا والنحل والكرامة تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن دخل عليها، فلما دخل عليها أكرمته ونحلته وفرحت به وأعجبها، ونحلت أمه لحسن أثرها عليه، ثم قالت لأنطلقن به إلى فرعون فلينحلنه وليكرمنه. فلما دخلت به عليه وجعلته في حجره، فتناول موسى لحية فرعون فمدها إلى الأرض، فقالت له الغواة - من أعداء الله - : ألا ترى إلى ما وعد الله إبراهيم ؟ إنه يرثك ويصرعك ويعلوك. فأرسل إلى الذباحين ليذبحوه. وذلك من الفتون يا ابن جبير، بعد كل بلاء ابتلي به، وأريد به فتوناً. فجاءت امرأة فرعون تسعى إلى فرعون، فقالت : ما بدا لك في هذا الصبي الذي وهبته لي ؟ قال : ألا ترينه يزعم أنه يصرعني ويعلوني ! ؟ قالت له : اجعل بيني وبينك أمراً تعرف فيه الحق ؛ ائت بجمرتين ولؤلؤتين فقربهن إليه، فإن بطش باللؤلؤتين واجتنب الجمرتين علمت أن يعقل، وإن هو تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين، فاعلم أن أحداً لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل. فلما قرب إليه الجمرتين واللؤلؤتين أخذ الجمرتين، فانتزعهما منه مخافة أن يحرقا بدنه. فقال للمرأة : لا يذبح. وصرفه الله عنه بعد أن كان هم به، وكان الله بالغ أمره فيه، فلما بلغ أشده - وكان من الرجال - لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل معه بظلم، ولا بسخرة حتى امتنعوا كل الامتناع. فبينما هو يمشي في ناحية المدينة، إذا هو برجلين يقتتلان - أحدهما من بني إسرائيل والآخر من آل فرعون - فاستغاثة الإسرائيلي على الفرعوني، فغضب موسى واشتد غضبه، لأنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل، وحفظه لهم : لا يعلم إلا أن ذلك من الرضاع من أم موسى، إلا أن يكون الله تعالى أطلع موسى من ذلك على ما لم يطلع غيره عليه، فوكز موسى الفرعوني فقتله، وليس يراهما أحد إلا الله، وموسى والإسرائيلي. ( فقال ) موسى : حين قتل الرجل ﴿ هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ﴾ [ القصص : ١٥ ] ثم ﴿ قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له، وأصبح في المدينة خائفاً يترقب ﴾ [ القصص : ١٧ ] الأخبار، فأتى فرعون فقيل له : إن بني إسرائيل قتلوا رجلاً من آل فرعون، فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم. فقال ائتوني به ومن شهد عليه، فإن الملك - وإن كان صفوه مع قومه لا يستقيم له، أن يقيد بغير بينة ولا ثبت، فاطلبوا علم ذلك آخذ لكم بحقكم، فبينما هم يطوفون فلا يجدون بينة ولا ثبتاً، إذا موسى من الغد قد رأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونياً آخر، فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني، فصادف موسى قد ندم على ما كان من وكزه الذي رأى، فغضب من الإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم وقال :
﴿ إنك لغوي مبين ﴾ [ القصص : ١٨ ] فنظر الإسرائيلي إلى موسى حين قال له ما قال - فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس - فخاف بعدما قال له :﴿ إنك لغوي مبين ﴾ [ القصص : ١٨ ] أن يكون إياه أراد، وإنما الفرعوني ﴿ فقال يا موسى، أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس ﴾ [ القصص : ١٩ ] وإنما قال ذلك مخافة أن يكون إياه أراد موسى ؛ فليقتله فيتداركا، فانطلق الفرعوني إلى قومه، فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي حين يقول :﴿ أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس ﴾ [ القصص : ١٩ ] فأرسل فرعون الذباحين ليقتلوا موسى، فأخذ رسل فرعون في الطريق الأعظم يمشون على هينتهم يطلبون موسى وهم لا يخافون أن يفوتهم ( وجاء رجل ) من شيعة موسى ﴿ من أقصى المدينة ﴾ [ القصص : ٢٠ ] فاختصر طريقاً قريباً حتى سبقهم إلى موسى فأخبره الخبر، وذلك من الفتون يا ابن جبير، فخرج موسى متوجهاً نحو مدين، لم يلق بلاء مثل ذلك، وليس له بالطريق علم إلا حسن ظنه بربه، فإنه ﴿ قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ﴾ [ القصص : ٢٢ ] ﴿ ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان ﴾ [ القصص : ٢٣ ] يعني فلم تسقيا غنمهما قال :﴿ ما خطبكما ﴾ [ القصص : ٢٣ ] معتزلتين لا تسقيان مع الناس ؟ قالتا : ليست لنا قوة نزاحم القوم، وإنما ننتظر فضول حياضهم ﴿ فسقى لهما ﴾ [ القصص : ٢٤ ] فجعل يغرف في الدلو ماءً كثيراً حتى كانتا أول الرعاة فراغاً - فانصرفتا إلى أبيهما بغنمهما، وانصرف موسى إلى شجرة فاستظل بها ﴿ فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ﴾ فاستنكر أبو الجاريتين سرعة صدورهما بغنمهما حفلاً بطاناً وقال : إن لكما اليوم لشأناً : فحدثتاه بما صنع موسى. فأمر إحداهما أن تدعوه له، فأتته فدعته. فلما كلمه ﴿ قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين ﴾ [ القصص : ٢٥ ] ليس لفرعون ولا لقومه علينا سلطان، ولسنا في مملكته. قالت ابنته :﴿ يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ﴾ [ القصص : ٢٦ ] فحملته الغيرة أن قال : وما يدريك ما قوته ؟ وما أمانته ؟ قالت : أما قوته : فما رأيت منه حين سقى لنا، لم أر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله :﴿ ولا تنيا في ذكري ﴾ قال لا تضعفا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة - رضي الله عنه - مثله.
وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد - رضي الله عنه - مثله.
وأخرج الطستي، عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله - عز وجل - ﴿ ولا تنيا عن ذكري ﴾ قال : ولا تضعفا عن أمري.
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت الشاعر وهو يقول :
إني وجدك ما ونيت وإنني أبغي الفكاك له بكل سبيل
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله :﴿ ولا تنيا ﴾ قال : لا تبطئا.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن علي رضي الله عنه في قوله :﴿ فقولا له قولاً ليناً ﴾ قال : كنه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله :﴿ فقولا له قولاً ليناً ﴾ قال : كنِّياه.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سفيان الثوري :﴿ فقولا له قولاً ليناً ﴾ قال : كنياه يا أبا مرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن ﴿ فقولا له قولاً ليناً ﴾ قال اعذرا إليه، وقولا له : إن لك رباً ولك معاداً وإن بين يديك جنة وناراً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الفضل بن عيسى الرقاشي أنه تلا هذه الآية ﴿ فقولا له قولاً ليناً ﴾ فقال : يا من يتحبب إلى من يعاديه، فكيف بمن يتولى ويناديه ؟.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ لعله يتذكر ﴾ قال : هل يتذكر.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ إنا نخاف أن يفرط علينا ﴾ قال : يعجل ﴿ أو أن يطغى ﴾ قال : يعتدي.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ إنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى ﴾ قال : عقوبة منه.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله :﴿ قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ﴾ قال : أسمع ما يقول ﴿ وأرى ﴾ ما يجاوبكما، فأوحي إليكما فتجاوباه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم بسند جيد، عن ابن مسعود قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون، قال : رب، أي شيء أقول ؟ قال : قل أهيا شراً هيا. قال الأعمش : تفسير ذلك، الحي قبل كل شيء، والحي بعد كل شيء.
وأخرج أحمد في الزهد، عن ابن عباس قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون قال :«لا يغرنكما لباسه الذي ألبسته، فإن ناصيته بيدي، فلا ينطق ولا يطرف إلا بإذني، ولا يغرنكما ما متع به من زهرة الدنيا وزينة المترفين، فلو شئت أن أزينكما من زينة الدنيا بشيء، يعرف فرعون أن قدرته تعجز عن ذلك لفعلت، وليس ذلك لهوانكما علي، ولكني ألبستكما نصيبكما من الكرامة على أن لا تنقصكما الدنيا شيئاً، وإني لأذود أوليائي عن الدنيا، كما يذود الراعي إبله عن مبارك الغيرة، وإني لأجنبهم كما يجنب الراعي إبله عن مراتع الهلكة، أريد أن أنور بذلك صدورهم، وأطهر بذلك قلوبهم فيَّ، سيماهم الذين يعرفون وأمرهم الذي يفتخرون به، وأعلم : أنه من أخاف لي ولياً فقد بارزني، وأنا الثائر لأوليائي يوم القيامة ».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري ومسلم وابن مردويه من طريق ابن عباس، عن أبي سفيان بن حرب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى هرقل « من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى ».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في الشعب، عن قتادة قال : التسليم على أهل الكتاب إذا دخلت عليهم بيوتهم أن تقول : السلام على من اتبع الهدى.
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِنَّا قد أُوحِي إِلَيْنَا أَن الْعَذَاب على من كذب وَتَوَلَّى﴾ قَالَ: من كذب بِكِتَاب الله وَتَوَلَّى عَن طَاعَة الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿الَّذِي أعْطى كل شَيْء خلقه﴾ قَالَ: خلق لكل شَيْء روحه ثمَّ ﴿هدى﴾ قَالَ: هداه لمنكحه ومطعمه ومشربه ومسكنه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أعْطى كل شَيْء خلقه﴾ يَقُول: مثله أعْطى الْإِنْسَان انسانة وَالْحمار حمارة وَالشَّاة شاته: ﴿ثمَّ هدى﴾ إِلَى الْجِمَاع
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى﴾ قَالَ: أعْطى كل شَيْء مَا يصلحه ثمَّ هداه لَهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله
581
عَنهُ - فِي قَوْله: ﴿أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى﴾ قَالَ: سوى خلق كل دَابَّة ثمَّ هداها لما يصلحها وَعلمهَا إِيَّاه لم يَجْعَل خلق النَّاس كخلق الْبَهَائِم وَلَا خلق الْبَهَائِم كخلق النَّاس وَلَكِن (خلق كل شَيْء فقدره تَقْديرا) (الْفرْقَان آيَة ٢)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أعْطى كل شَيْء خلقه﴾ قَالَ: أعْطى كل ذِي خلق مَا يصلحه وَلم يَجْعَل الْإِنْسَان فِي خلق الدَّابَّة وَلَا الدَّابَّة فِي خلق الْكَلْب وَلَا الْكَلْب فِي خلق الشَّاة وَأعْطى كل شَيْء مَا يَنْبَغِي لَهُ من النِّكَاح وهيأ كل شَيْء على ذَلِك لَيْسَ مِنْهَا شَيْء يملك شَيْئا فِي فعاله فِي الْخلق والرزق وَالنِّكَاح ﴿ثمَّ هدى﴾ قَالَ: هدى كل شَيْء إِلَى رزقه وَإِلَى زَوجته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أعْطى كل شَيْء خلقه﴾ قَالَ: أعْطى كل شَيْء صورته ﴿ثمَّ هدى﴾ قَالَ: لمعيشته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى﴾ قَالَ: ألم تَرَ إِلَى الْبَعِير كَيفَ يقوم لصَاحبه ينتظره حَتَّى يَجِيء هَذَا مِنْهُ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ثمَّ هدى﴾ قَالَ: كَيفَ يَأْتِي الذّكر الْأُنْثَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سابط قَالَ: مَا أبهت الْبَهَائِم فَلم تبهم عَن أَربع: تعلم أَن الله رَبهَا وَيَأْتِي الذّكر الْأُنْثَى وتهتدي لمعايشها وَتخَاف الْمَوْت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿قَالَ فَمَا بَال الْقُرُون الأولى﴾ يَقُول: فَمَا حَال الْقُرُون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿لَا يضل رَبِّي﴾ قَالَ: لَا يُخطئ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿لَا يضل رَبِّي وَلَا ينسى﴾ قَالَ: هما شَيْء وَاحِد
582
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿لَا يضل رَبِّي وَلَا ينسى﴾ قَالَ: ﴿لَا يضل رَبِّي﴾ الْكتاب ﴿وَلَا ينسى﴾ مَا فِيهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْمليح قَالَ: النَّاس يعيبون علينا الْكتاب وَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿علمهَا عِنْد رَبِّي فِي كتاب﴾
وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هِلَال قَالَ: كُنَّا عِنْد قَتَادَة فَذكرُوا الْكتاب وسألوه عَن ذَلِك فَقَالَ: وَمَا بَأْس بذلك
أَلَيْسَ الله الْخَبِير يخبر قَالَ: ﴿فَمَا بَال الْقُرُون الأولى قَالَ علمهَا عِنْد رَبِّي فِي كتاب﴾
الْآيَة ٥٣ - ٥٤
583
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس في قوله :﴿ الذي أعطى كل شيء خلقه ﴾ قال : خلق لكل شيء روحه، ثم ﴿ هدى ﴾ قال : هداه لمنكحه، ومطعمه، ومشربه، ومسكنه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ أعطى كل شيء خلقه ﴾ يقول : مثله، أعطى الإنسان إنسانة، والحمار حمارة، والشاة شاته :﴿ ثم هدى ﴾ إلى الجماع.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر، عن الحسن في قوله :﴿ أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ﴾ قال : أعطى كل شيء ما يصلحه ثم هداه له.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله :﴿ أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ﴾ قال : سوى خلق كل دابة ثم هداها لما يصلحها وعلمها إياه، لم يجعل خلق الناس كخلق البهائم، ولا خلق البهائم كخلق الناس، ولكن ﴿ خلق كل شيء فقدره تقديراً ﴾ [ الفرقان : ٢ ].
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ أعطى كل شيء خلقه ﴾ قال : أعطى كل ذي خلق ما يصلحه من خلقه، ولم يجعل الإنسان في خلق الدابة، ولا الدابة في خلق الكلب، ولا الكلب في خلق الشاة، وأعطى كل شيء ما ينبغي له من النكاح، وهيأ كل شيء على ذلك، ليس منها شيء يملك شيئاً في فعاله، في الخلق والرزق والنكاح ﴿ ثم هدى ﴾ قال : هدى كل شيء إلى رزقه وإلى زوجته.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ أعطى كل شيء خلقه ﴾ قال : أعطى كل شيء صورته ﴿ ثم هدى ﴾ قال : لمعيشته.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله :﴿ أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ﴾ قال : ألم تر إلى البعير كيف يقوم لصاحبه ينتظره ! حتى يجيء هذا منه !.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ ثم هدى ﴾ قال : كيف يأتي الذكر الأنثى.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن سابط قال : ما أبهمت البهائم، فلم تبهم عن أربع : تعلم أن الله ربها، ويأتي الذكر الأنثى، وتهتدي لمعايشها، وتخاف الموت.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ قال فما بال القرون الأولى ﴾ يقول : فما حال القرون.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ لا يضل ربي ﴾ قال : لا يخطئ.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ لا يضل ربي ولا ينسى ﴾ قال : هما شيء واحد.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ لا يضل ربي ولا ينسى ﴾ قال :﴿ لا يضل ربي ﴾ الكتاب ﴿ ولا ينسى ﴾ ما فيه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي المليح قال : الناس يعيبون علينا الكتاب، وقال الله تعالى :﴿ علمها عند ربي في كتاب ﴾.
وأخرج ابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي هلال قال : كنا عند قتادة فذكروا الكتاب وسألوه عن ذلك ؟ فقال : وما بأس بذلك. أليس الله الخبير يخبر ؟ قال :﴿ فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب ﴾.
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فأخرجنا بِهِ أَزْوَاجًا﴾ يَقُول: أصنافاً فَكل صنف من نَبَات الأَرْض أَزوَاج
النّخل زوج صنف وَالْأَعْنَاب زوج صنف وكل شَيْء تنبته الأَرْض أَزوَاج
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿من نَبَات شَتَّى﴾ قَالَ: مُخْتَلف وَفِي قَوْله: ﴿لأولي النهى﴾ قَالَ: لأولي التقى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿لأولي النهى﴾ قَالَ: لِذَوي الحجا والعقول
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿لأولي النهى﴾ قَالَ: لأولي الْوَرع
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿لأولي النهى﴾ قَالَ: الَّذين ينتهون عَمَّا نهوا عَنهُ
الْآيَة ٥٥ - ٥٨
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ من نبات شتى ﴾ قال : مختلف وفي قوله :﴿ لأولي النهى ﴾ قال : لأولي التقى.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ لأولي النهى ﴾ قال : لذوي الحجا والعقول.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ لأولي النهى ﴾ قال : لأولي الورع.
وأخرج ابن المنذر، عن سفيان رضي الله عنه في قوله :﴿ لأولي النهى ﴾ قال : الذين ينتهون عما نهوا عنه.
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: إِن الْملك ينْطَلق فَيَأْخُذ من تُرَاب الْمَكَان الَّذِي يدْفن فِيهِ فيذره على النُّطْفَة فيخلق من التُّرَاب وَمن النُّطْفَة وَذَلِكَ قَوْله مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: لما وضعت أم كُلْثُوم بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقَبْر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى﴾ بِسم الله وَفِي سَبِيل الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿تَارَة أُخْرَى﴾ قَالَ مرّة أُخْرَى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم ن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿مَكَانا سوى﴾ قَالَ: منصفاً بَينهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿مَكَانا سوى﴾ قَالَ: نصفا بيني وَبَيْنك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿مَكَانا سوى﴾ قَالَ: عدلا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿مَكَانا سوى﴾ قَالَ: مَكَانا مستوياً يتَبَيَّن النَّاس سَوَاء فِيهِ لَا يكون صَوت وَلَا شَيْء يتغيب بعض ذَلِك عَن بعض مستو حِين يرى
الْآيَة ٥٩ - ٦٠
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ مكاناً سوى ﴾ قال : منصفاً بينهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ مكاناً سوى ﴾ قال : نصفاً بيني وبينك.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ مكاناً سوى ﴾ قال : عدلاً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ مكاناً سوى ﴾ قال : مكاناً مستوياً يتبين الناس سواء فيه. لا يكون صوت، ولا شيء يتغيب بعض ذلك، عن بعض مستوحين يرى.
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة﴾ قَالَ: يَوْم عَاشُورَاء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من
584
صَامَ يَوْم الزِّينَة أدْرك مَا فَاتَهُ من صِيَام تِلْكَ السّنة وَمن تصدق يَوْمئِذٍ بِصَدقَة أدْرك مَا فَاتَهُ من صَدَقَة تِلْكَ السّنة يَعْنِي يَوْم عَاشُورَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿قَالَ مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة﴾ قَالَ: هُوَ يَوْم عيد كَانَ لَهُم
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿قَالَ مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة﴾ قَالَ: هُوَ عيدهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ﴿مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة﴾ قَالَ: يَوْم السُّوق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ﴿مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة﴾ قَالَ: يَوْم الْعِيد يَوْم يتفرغ النَّاس من الْأَعْمَال وَيشْهدُونَ ويحضرون ويرون
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَأَن يحْشر النَّاس ضحى﴾ قَالَ: يَجْتَمعُونَ لذَلِك الميعاد الَّذِي واعدوه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نهيك أَنه قَرَأَ وَأَن تحْشر النَّاس ضحى بِالتَّاءِ وَأَن تشحر النَّاس أَنْت قَالَ: فِرْعَوْن يحْشر قومه
الْآيَة ٦١ - ٧١
585
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ويذهبا بطريقتكم المثلى﴾ قَالَ: أولو الْعقل والشرف والأسنان
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم ووكيع فِي الْغرُور عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ويذهبا بطريقتكم المثلى﴾ قَالَ باشرافكم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ويذهبا بطريقتكم المثلى﴾ قَالَ: يذهبا بِالَّذِي أَنْتُم عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَقد أَفْلح الْيَوْم من استعلى﴾ قَالَ: من غلب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿تلقف مَا صَنَعُوا﴾ قَالَ: أَلْقَاهَا مُوسَى فتحوّلت حَيَّة تَأْكُل حبالهم وَمَا صَنَعُوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ رضّي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أَخَذْتُم السَّاحر فَاقْتُلُوهُ ثمَّ قَرَأَ ﴿وَلَا يفلح السَّاحر حَيْثُ أَتَى﴾ قَالَ: لَا يَأْمَن حَيْثُ وجد
الْآيَة ٧٢ - ٧٦
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ ويذهبا بطريقتكم المثلى ﴾ قالوا : أولو العقل والشرف والأسنان.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ووكيع في الغرور، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله :﴿ ويذهبا بطريقتكم المثلى ﴾ قال بإشرافكم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ ويذهبا بطريقتكم المثلى ﴾ قال : يذهبا بالذي أنتم عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ وقد أفلح اليوم من استعلى ﴾ قال : من غلب.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ تلقف ما صنعوا ﴾ قال : ألقاها موسى فتحوّلت حية تأكل حبالهم وما صنعوا.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إذا أخذتم الساحر فاقتلوه » ثم قرأ ﴿ ولا يفلح الساحر حيث أتى ﴾ قال : لا يأمن حيث وجد.
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة: أَن سحرة فِرْعَوْن كَانُوا تِسْعمائَة فَقَالُوا لفرعون: إِن يَكُونَا هَذَانِ ساحران فَإنَّا نغلبهم فَإِنَّهُ لَا
586
أَسحر منا وَإِن كَانَ من رب الْعَالمين فَلَمَّا كَانَ من أَمرهم ﴿خروا سجدا﴾ أَرَاهُم الله فِي سجودهم مَنَازِلهمْ الَّتِي إِلَيْهَا يصيرون فَعندهَا قَالُوا: ﴿لن نؤثرك على مَا جَاءَنَا من الْبَينَات﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وَالله خير وَأبقى﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة قَالَ: لما وَقَعُوا سجدا رَأَوْا أهل النَّار وَأهل الْجنَّة وثواب أهليهما فَقَالُوا: ﴿لن نؤثرك على مَا جَاءَنَا من الْبَينَات﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَمَا أكرهتنا عَلَيْهِ من السحر﴾ قَالَ: أَخذ فِرْعَوْن أَرْبَعِينَ غُلَاما من بني إِسْرَائِيل فَأمر أَن يعلمُوا السحر بالعوماء وَقَالَ: علموهم تَعْلِيما لَا يَغْلِبهُمْ أحد فِي الأَرْض
قَالَ ابْن عَبَّاس: فهم من الَّذين قَالُوا: ﴿إِنَّا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وَمَا أكرهتنا عَلَيْهِ من السَحَر﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله: ﴿وَالله خير وَأبقى﴾ قَالَ: خير مِنْك أَن أطيع وَأبقى مِنْك عذَابا إِن عصي
وَأخرج مُسلم وَأحمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب فَأتى على هَذِه الْآيَة ﴿إِنَّه من يَأْتِ ربه مجرماً فَإِن لَهُ جَهَنَّم لَا يَمُوت فِيهَا وَلَا يحيى﴾ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما أَهلهَا الَّذين هم أَهلهَا فَإِنَّهُم لَا يموتون فِيهَا وَلَا يحيون وَأما الَّذين لَيْسُوا بِأَهْلِهَا فَإِن النَّار تميتهم إماتة ثمَّ يقوم الشفعاء فيشفعون فَيُؤتى بهم ضبائر على نهر يُقَال لَهُ الْحَيَاة أَو الْحَيَوَان فينبتون كَمَا ينْبت القثاء فِي حميل السَّيْل وَالله أعلم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث من كن فِيهِ لم ينل الدَّرَجَات العلى: من تكهَّن أَو استقسم أَو رده من سَفَره طيرة
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من كَانَ وصلَة لِأَخِيهِ إِلَى سُلْطَان فِي مبلغ بر أَو مدفع مَكْرُوه رَفعه الله فِي الدَّرَجَات
وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عون بن عبد الله قَالَ: إِن الله ليدْخل خلقا الْجنَّة فيعطيهم حَتَّى يملوا وفوقهم نَاس فِي ﴿الدَّرَجَات العلى﴾ فَإِذا نظرُوا إِلَيْهِم عرفوهم فَيَقُول: يَا رَبنَا إِخْوَاننَا كُنَّا مَعَهم فَبِمَ فضلتهم علينا فَيُقَال: هَيْهَات
إِنَّهُم كَانُوا يجوعون حِين تشبعون ويظمؤون حِين تروون ويقومون حِين تنامون ويستحصون حِين تختصون
587
فِيهِ قَالَ: ﴿يَا قوم إِنَّمَا فتنتم بِهِ وَإِن ربكُم الرَّحْمَن فَاتبعُوني وَأَطيعُوا أَمْرِي قَالُوا لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى﴾ فَأَقَامَ هرون فِيمَن مَعَه من الْمُسلمين مَخَافَة أَن يَقُول لَهُ مُوسَى: ﴿فرقت بَين بني إِسْرَائِيل وَلم ترقب قولي﴾ وَكَانَ لَهُ سَامِعًا مُطيعًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن هرون مر بالسامري وَهُوَ يتنحت الْعجب فَقَالَ لَهُ: مَا تصنع قَالَ: اصْنَع مَا لَا يضر وَلَا ينفع فَقَالَ هرون: اللَّهُمَّ أعْطه مَا سَأَلَ على نَفسه وَمضى هرون فَقَالَ السامري: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك أَن يخور فخار
فَكَانَ إِذا خار سجدوا لَهُ وَإِذا خار رفعوا رؤوسهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل استعاروا حليا من القبط فَخَرجُوا بِهِ مَعَهم فَقَالَ لَهُم هَارُون: قد ذهب مُوسَى إِلَى السَّمَاء اجْمَعُوا هَذِه الْحلِيّ حَتَّى يَجِيء مُوسَى فَيَقْضِي فِيهِ مَا قضى فَجمع ثمَّ أذيب فَلَمَّا ألْقى السامري القبضة تحول ﴿عجلاً جسداً لَهُ خوار﴾ فَقَالَ: ﴿هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى فنسي﴾ قَالَ: إِن مُوسَى ذهب يطْلب ربه فضل فَلم يعلم مَكَانَهُ وَهُوَ هَذَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن جِبْرِيل لما نزل فَصَعدَ بمُوسَى إِلَى السَّمَاء بصر بِهِ السامري من بَين النَّاس فَقبض قَبْضَة من أثر الْفرس وَحمل جِبْرِيل مُوسَى خَلفه حَتَّى إِذا دنا من بَاب السَّمَاء صعد وَكتب الله الألواح وَهُوَ يسمع صرير الأقلام فِي الألواح فَلَمَّا أخبرهُ أَن قومه قد فتنُوا من بعده نزل مُوسَى فَأخذ الْعجل فأحرقه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ السامري من أهل كرمان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ انْطلق مُوسَى إِلَى ربه فَكَلمهُ فَلَمَّا كَلمه قَالَ لَهُ: ﴿وَمَا أعجلك عَن قَوْمك يَا مُوسَى﴾ ﴿قَالَ هم أولاء على أثري وعجلت إِلَيْك رب لترضى﴾ قَالَ: ﴿فَإنَّا قد فتنا قَوْمك من بعْدك وأضلهم السامري﴾ فَلَمَّا خَبره خبرهم قَالَ: يَا رب هَذَا السامري أَمرهم أَن يتخذوا الْعجل
أَرَأَيْت الرّوح من نفخها فِيهِ قَالَ الرب: أَنا
قَالَ: يَا رب
فَأَنت إِذا أضللتهم
ثمَّ رَجَعَ ﴿مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا﴾ قَالَ: حَزينًا ﴿قَالَ يَا قوم ألم﴾
588
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن عُمَيْر قَالَ: إِن الرجل وَعَبده يدخلَانِ الْجنَّة فَيكون عَبده أرفع دَرَجَة مِنْهُ فَيَقُول: يَا رب هَذَا كَانَ عَبدِي فِي الدُّنْيَا فَيُقَال: إِنَّه كَانَ أَكثر ذكرا لله تَعَالَى مِنْك
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أهل الدَّرَجَات العلى ليراهم من تَحْتهم كَمَا ترَوْنَ الْكَوْكَب الذري فِي أفق السَّمَاء وَأَن أَبَا بكر وَعمر مِنْهُم وانعما
الْآيَة ٧٧ - ٩٧
589
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وما أكرهتنا عليه من السحر ﴾ قال : أخذ فرعون أربعين غلاماً من بني إسرائيل، فأمر أن يعلموا السحر بالعوماء، وقال : علموهم تعليماً لا يغلبهم أحد في الأرض. قال ابن عباس : فهم من الذين قالوا :﴿ إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر ﴾.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن محمد بن كعب القرظي في قوله :﴿ والله خير وأبقى ﴾ قال : خير منك أن أطيع وأبقى منك عذاباً إن عصي.
وأخرج مسلم وأحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري :«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فأتى على هذه الآية ﴿ إنه من يأت ربه مجرماً فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أما أهلها الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأما الذين ليسوا بأهلها، فإن النار تميتهم إماتة، ثم يقوم الشفعاء فيشفعون، فيؤتى بهم ضبائر على نهر يقال له الحياة أو الحيوان فينبتون كما ينبت القثاء في حميل السبيل والله أعلم ».
وأخرج الطبراني، عن أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :«ثلاث من كن فيه، لم ينل الدرجات العلى : من تكهن، أو استقسم، أو رده من سفره طيرة ».
وأخرج الأصبهاني في الترغيب، عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«من كان وصلة لأخيه إلى سلطان في مبلغ بر، أو مدفع مكروه، رفعه الله في الدرجات ».
وأخرج ابن المبارك في الزهد وأبو نعيم في الحلية، عن عون بن عبد الله قال : إن الله ليدخل خلقاً الجنة فيعطيهم حتى يملوا، وفوقهم ناس في ﴿ الدرجات العلى ﴾ فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون : يا ربنا إخواننا كنا معهم فبم فضلتهم علينا ؟ فيقال : هيهات. . ! إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون، ويظمؤون حين تروون، ويقومون حين تنامون، ويستحصون حين تختصون.
وأخرج أحمد في الزهد، عن ابن عمير قال : إن الرجل وعبده يدخلان الجنة، فيكون عبده أرفع درجة منه، فيقول : يا رب هذا كان عبدي في الدنيا ؟ ! فيقال : إنه كان أكثر ذكراً لله تعالى منك.
وأخرج أبو داود وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الذري في أفق السماء، وأن أبا بكر وعمر منهم وانعما ».
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: ﴿فَاضْرب لَهُم طَرِيقا فِي الْبَحْر يبساً﴾ قَالَ: يَابسا لَيْسَ فِيهِ مَاء وَلَا طين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿طَرِيقا فِي الْبَحْر يبساً﴾ قَالَ: يَابسا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ أَصْحَاب مُوسَى: هَذَا فِرْعَوْن قد أدركنا وَهَذَا الْبَحْر قد عمنَا
فَأنْزل الله (وَلَا تخَاف دركاً وَلَا تخشى) من الْبَحْر غرقاً وَلَا وحلاً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لَا تخَاف دركاً﴾ قَالَ: من آل فِرْعَوْن ﴿وَلَا تخشى﴾ من الْبَحْر غرقاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿فغشيهم من اليم﴾ قَالَ الْبَحْر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَلَا تطغوا فِيهِ﴾ قَالَ: الطغيان فِيهِ أَن يَأْخُذهُ بِغَيْر حلّه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله: ﴿فَيحل عَلَيْكُم غَضَبي﴾ قَالَ: فَينزل عَلَيْكُم غَضَبي
590
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ ﴿وَمن يحلل عَلَيْهِ غَضَبي﴾ بِكَسْر اللَّام على تَفْسِير من يجب عَلَيْهِ غَضَبي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مجلز فِي قَوْله: ﴿وَمن يحلل عَلَيْهِ غَضَبي﴾ قَالَ: إِن غَضَبه خلق من خلقه يَدعُوهُ فيكلمه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فقد هوى﴾ قَالَ: شقي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سقِِي بن ماتع: أَن فِي جَهَنَّم قصراً يرْمى الْكَافِر من أَعْلَاهُ فَيهْوِي فِي جَهَنَّم أَرْبَعِينَ قبل أَن يبلغ الصلصال فَذَلِك قَوْله: ﴿وَمن يحلل عَلَيْهِ غَضَبي فقد هوى﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِنِّي لغفار لمن تَابَ﴾ قَالَ: من الشّرك ﴿آمن﴾
قَالَ: وحد الله ﴿وَعمل صَالحا﴾ قَالَ: أدّى الْفَرَائِض ﴿ثمَّ اهْتَدَى﴾ قَالَ: لم يشك
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَإِنِّي لغفار﴾ الْآيَة
قَالَ: تَابَ من الذَّنب وآمن من الشّرك
وَعَملا صَالحا فِيمَا بَينه وَبَين ربه ﴿ثمَّ اهْتَدَى﴾ علم أَن لعمله ثَوابًا يجزى عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿ثمَّ اهْتَدَى﴾ قَالَ: ثمَّ استقام لفرقة السّنة وَالْجَمَاعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق عَمْرو بن مَيْمُون عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فَعجل مُوسَى إِلَى ربه فَقَالَ الله: ﴿وَمَا أعجلك عَن قَوْمك يَا مُوسَى قَالَ هم أولاء على أثري وعجلت إِلَيْك رب لترضى﴾ قَالَ: فَرَأى فِي ظلّ الْعَرْش رجلا فَعجب لَهُ
فَقَالَ: من هَذَا يَا رب قَالَ: لَا أحَدثك حَدِيثه لَكِن سأحدثك بِثَلَاث فِيهِ: كَانَ لَا يسحد النَّاس على مَا آتَاهُم الله من فَضله وَلَا يعق وَالِديهِ وَلَا يمشي بالنميمة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن وهب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله لما وعد مُوسَى أَن يكلمهُ خرج للْوَقْت الَّذِي وعده فَبَيْنَمَا هُوَ يُنَاجِي ربه إِذْ سمع خَلفه صَوتا فَقَالَ إلهي إِنِّي أسمع خَلْفي صَوتا قَالَ: لَعَلَّ قَوْمك ضلوا قَالَ: إلهي من أضلهم قَالَ: السامري
قَالَ: كَيفَ أضلهم قَالَ:
591
صاغ لَهُم ﴿عجلاً جسداً لَهُ خوار﴾ قَالَ: إلهي هَذَا السامري صاغ لَهُم الْعجل: فَمن نفخ فِيهِ الرّوح حَتَّى صَار لَهُ خوار قَالَ: أَنا يَا مُوسَى قَالَ: فبعزتك مَا أَضَلَّ قومِي أحد غَيْرك
قَالَ: صدقت
قَالَ: يَا حَكِيم الْحُكَمَاء لَا يَنْبَغِي حَكِيم أَن يكون أحكم مِنْك
وَأخرج ابْن جرير فِي تهذيبه عَن رَاشد بن سعد قَالَ: إِن مُوسَى لما قدم على ربه - وَاعد قومه أَرْبَعِينَ لَيْلَة - قَالَ: يَا مُوسَى إِن قَوْمك قد افتتنوا من بعْدك
قَالَ: يَا رب كَيفَ يفتنون وَقد نجيتهم من فِرْعَوْن ونجيتهم من الْبَحْر وأنعمت عَلَيْهِم وَفعلت بهم قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّهُم اتَّخذُوا من بعْدك عجلاً لَهُ خوار قَالَ: يَا رب فَمن جعل فِيهِ الرّوح قَالَ: أَنا
قَالَ: فَأَنت يَا رب أضللتهم
قَالَ: يَا مُوسَى يَا رَأس النَّبِيين وَيَا أَبَا الْحُكَّام إِنِّي رَأَيْت ذَلِك فِي قُلُوبهم فيسرته لَهُم
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما تعجل مُوسَى إِلَى ربه عمد السامري فَجمع مَا قدر عَلَيْهِ من حلي بني إِسْرَائِيل فَضَربهُ عجلاً ثمَّ ألْقى القبضة فِي جَوْفه فَإِذا هُوَ عجل جَسَد لَهُ خوار فَقَالَ لَهُم السامري: ﴿هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى﴾ فَقَالَ لَهُم هرون: ﴿يَا قوم ألم يَعدكُم ربكُم وَعدا حسنا﴾ فَلَمَّا أَن رَجَعَ مُوسَى أَخذ رَأسه أَخِيه فَقَالَ لَهُ هرون مَا قَالَ فَقَالَ مُوسَى للسامري: ﴿فَمَا خَطبك﴾ فَقَالَ: ﴿فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول فنبذتها وَكَذَلِكَ سَوَّلت لي نَفسِي﴾ فَعمد مُوسَى إِلَى الْعجل فَوضع عَلَيْهِ المبارد فبرده وَهُوَ على شطر نهر فَمَا شرب أحد من ذَلِك المَاء - مِمَّن كَانَ يعبد ذَلِك الْعجل - إِلَّا اصفر وَجهه مثل الذَّهَب فَقَالُوا: يَا مُوسَى مَا تَوْبَتنَا قَالَ: يقتل بَعْضكُم بَعْضًا فَأخذُوا السكاكين فَجعل الرجل يقتل أَبَاهُ وأخاه وَابْنه لَا يُبَالِي من قتل حَتَّى قتل مِنْهُم سَبْعُونَ ألفا فَأوحى الله إِلَى مُوسَى: مرهم فَلْيَرْفَعُوا أَيْديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بَقِي
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لما هجم فِرْعَوْن على الْبَحْر وَأَصْحَابه - وَكَانَ فِرْعَوْن على فرس أدهم حصان هاب الحصان أَن يقتحم الْبَحْر فَمثل لَهُ جِبْرِيل على فرس لأنثى فَلَمَّا رَآهَا الحصان هجم خلفهَا
592
وَعرف السامري جِبْرِيل - لِأَن أمه حِين خَافت أَن يذبح خلفته فِي غَار وأطبقت عَلَيْهِ - فَكَانَ جِبْرِيل يَأْتِيهِ فيغذوه بأصابعه فِي وَاحِدَة لَبَنًا وَفِي الْأُخْرَى عسلاً وَفِي الْأُخْرَى سمناً فَلم يزل يغذوه حَتَّى نَشأ فَلَمَّا عاينه فِي الْبَحْر عرفه فَقبض قَبْضَة من أثر فرسه
قَالَ أَخذ من تَحت الْحَافِر قَبْضَة وَألقى فِي روع السامري: إِنَّك لَا تلقيها على شَيْء فَتَقول: كن كَذَا إِلَّا كَانَ فَلم تزل القبضة مَعَه فِي يَده حَتَّى جَاوز الْبَحْر فَلَمَّا جَاوز مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل الْبَحْر أغرق الله آل فِرْعَوْن
قَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هرون (اخلفني فِي قومِي وَأصْلح وَلَا تتبع سَبِيل المفسدين) وَمضى مُوسَى لموعد ربه وَكَانَ مَعَ بني إِسْرَائِيل حلي من حلي آل فِرْعَوْن فكأنهم تأثموا مِنْهُ فأخرجوه لتنزل النَّار فتأكله فَلَمَّا جَمَعُوهُ قَالَ السامري: بالقبضة هَكَذَا فقذفها فِيهِ وَقَالَ: كن عجلاً جسداً لَهُ خوار فَصَارَ ﴿عجلاً جسداً لَهُ خوار﴾ فَكَانَ يدْخل الرّيح من دبره وَيخرج من فِيهِ يسمع لَهُ صَوت فَقَالَ ﴿هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى﴾ فعكفوا على الْعجل يعبدونه
فَقَالَ هَارُون: ﴿يَا قوم إِنَّمَا فتنتم بِهِ وَإِن ربكُم الرَّحْمَن فَاتبعُوني وَأَطيعُوا أَمْرِي﴾ ﴿قَالُوا لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى﴾
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ السامري رجلا من أهل ماجرما وَكَانَ من قوم يعْبدُونَ الْبَقر فَكَانَ يحب عبَادَة الْبَقر فِي نَفسه وَكَانَ قد أظهر الْإِسْلَام فِي بني إِسْرَائِيل فَلَمَّا فصل مُوسَى إِلَى ربه قَالَ لَهُم هرون: إِنَّكُم قد حملتم ﴿أوزاراً من زِينَة الْقَوْم﴾ آل فِرْعَوْن ومتاعاً وحلياً فتطهروا مِنْهَا فَإِنَّهَا رِجْس وأوقد لَهُم نَارا فَقَالَ: اقذفوا مَا مَعكُمْ من ذَلِك فِيهَا فَجعلُوا يأْتونَ بِمَا مَعَهم فيقذفون فِيهَا وَرَأى السامري أثر فرس جِبْرِيل فَأخذ تُرَابا من أثر حَافره ثمَّ أقبل إِلَى النَّار فَقَالَ لهرون يَا نَبِي الله ألقِي مَا فِي يَدي قَالَ: نعم
وَلَا يظنّ هرون إِلَّا أَنه كبعض مَا جَاءَ بِهِ غَيره من ذَلِك الْحلِيّ والأمتعة فقذفه فِيهَا فَقَالَ: كن ﴿عجلاً جسداً لَهُ خوار﴾ فَكَانَ للبلاء والفتنة
فَقَالَ: ﴿هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى﴾ فعكفوا عَلَيْهِ وأحبوه حبا لم يُحِبُّوا مثله شَيْئا قطّ: يَقُول الله: ﴿فنسي﴾ أَي ترك مَا كَانَ عَلَيْهِ من الْإِسْلَام يَعْنِي السامري ﴿أَفلا يرَوْنَ أَلاَّ يرجع إِلَيْهِم قولا وَلَا يملك لَهُم ضراً وَلَا نفعا﴾ وَكَانَ اسْم السامري: مُوسَى بن ظفروقع فِي أَرض مصر فَدخل فِي بني إِسْرَائِيل فَلَمَّا رأى هرون مَا وَقَعُوا
593
﴿يَعِدَكُم ربكُم وَعدا حسنا﴾ إِلَى قَوْله: ﴿مَا أخلفنا موعدك بملكنا﴾ يَقُول: بطاقتنا ﴿وَلَكنَّا حملنَا أوزاراً من زِينَة الْقَوْم﴾ يَقُول: من حلي القبط: ﴿فقذفناها فَكَذَلِك ألْقى السامري فَأخْرج لَهُم عجلاً جسداً لَهُ خوار﴾ فعكفوا عَلَيْهِ يعبدونه وَكَانَ يخور وَيَمْشي
فَقَالَ لَهُم هرون: ﴿يَا قوم إِنَّمَا فتنتم بِهِ﴾ يَقُول ابتليتم بالعجل
قَالَ: ﴿فَمَا خَطبك يَا سامري﴾ مَا بالك
إِلَى قَوْله: ﴿وَانْظُر إِلَى إلهك الَّذِي ظلت عَلَيْهِ عاكفاً لنحرقنه﴾ قَالَ: فَأَخذه فذبحه ثمَّ خرقه بالمبرد
يَعْنِي سحكه ثمَّ ذراه فِي اليم
فَلم يبْق نهر يجْرِي يَوْمئِذٍ إِلَّا وَقع فِيهِ مِنْهُ شَيْء ثمَّ قَالَ لَهُم مُوسَى: اشربوا مِنْهُ فَشَرِبُوا
فَمن كَانَ يُحِبهُ خرج على شاربيه الذَّهَب فَذَلِك حِين يَقُول: ﴿وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل بكفرهم﴾
قَالَ: فَلَمَّا سقط فِي أَيدي بني إِسْرَائِيل حِين جَاءَ مُوسَى ﴿وَرَأَوا أَنهم قد ضلوا قَالُوا لَئِن لم يَرْحَمنَا رَبنَا وَيغْفر لنا لنكونن من الخاسرين﴾ فَأبى الله أَن يقبل تَوْبَة بني إِسْرَائِيل إِلَّا بِالْحَال الَّتِي كَرهُوا أَنهم كَرهُوا أَن يقاتلوهم حِين عبدُوا الْعجل ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قوم إِنَّكُم ظلمتم أَنفسكُم باتخاذكم الْعجل فتوبوا إِلَى بارئكم فَاقْتُلُوا أَنفسكُم﴾ فاجتلد الَّذين عبدوه وَالَّذين لم يعبدوا بِالسُّيُوفِ فَكَانَ من قتل من الْفَرِيقَيْنِ شَهِيدا حَتَّى كثر الْقَتْل حَتَّى كَادُوا أَن يهْلكُوا حَتَّى قتل مِنْهُم سَبْعُونَ ألفا وَحَتَّى دَعَا مُوسَى وهرون: رَبنَا هَلَكت بَنو إِسْرَائِيل رَبنَا الْبَقِيَّة
الْبَقِيَّة
فَأَمرهمْ أَن يضعوا السِّلَاح وَتَابَ عَلَيْهِم فَكَانَ من قتل مِنْهُم كَانَ شَهِيدا وَمن بَقِي كَانَ مكفراً عَنهُ فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُم إِنَّه هُوَ التواب الرَّحِيم﴾
ثمَّ إِن الله تَعَالَى أَمر مُوسَى أَن يَأْتِيهِ فِي نَاس من بني إِسْرَائِيل يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ من عبَادَة الْعجل فَوَعَدَهُمْ موعدا ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا﴾ ثمَّ ذهب ليعتذروا من عبَادَة الْعجل فَلَمَّا أَتَوا ذَلِك قَالُوا: ﴿لن نؤمن لَك حَتَّى نرى الله جهرة﴾ فَإنَّك قد كَلمته فأرناه ﴿فَأَخَذتهم الصاعقة﴾ فماتوا فَقَامَ مُوسَى يبكي وَيَدْعُو الله وَيَقُول: رب
مَاذَا أَقُول لنَبِيّ إِسْرَائِيل إِذا أتيتهم وَقد أهلكت خيارهم ﴿رب لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا﴾ فَأوحى الله إِلَى مُوسَى أَن هَؤُلَاءِ السّبْعين مِمَّن اتَّخذُوا الْعجل
فَذَلِك حِين يَقُول مُوسَى: ﴿إِن هِيَ إِلَّا فتنتك تضل بهَا من تشَاء﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أفطال عَلَيْكُم الْعَهْد﴾ يَقُول: الْوَعْد وَفِي قَوْله: ﴿فأخلفتم موعدي﴾
594
يَقُول: عهدي وَفِي قَوْله: ﴿مَا أخلفنا موعدك بملكنا﴾ بِأَمْر ملكنا ﴿وَلَكنَّا حملنَا أوزاراً﴾ قَالَ: أثقالاً من زِينَة الْقَوْم وَهِي الْحلِيّ الَّذِي استعاروه من آل فِرْعَوْن ﴿فقذفناها﴾ قَالَ: فألقيناها ﴿فَكَذَلِك ألْقى السامري﴾ قَالَ: كَذَلِك صنع ﴿فَأخْرج لَهُم عجلاً جسداً لَهُ خوار﴾ قَالَ: حفيف الرّيح فِيهِ
فَهُوَ خواره والعجل ولد الْبَقَرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿بملكنا﴾ قَالَ: بأمرنا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿مَا أخلفنا موعدك بملكنا﴾ قَالَ: بطاقتنا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿بملكنا﴾ قَالَ: بسلطاننا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن يحيى أَنه قَرَأَ ﴿بملكنا﴾ وملكنا وَاحِد
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله: ﴿هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى فنسي﴾ قَالَ: نسي مُوسَى أَن يذكر لكم: إِن هَذَا إلهه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿فنسي﴾ قَالَ هم يَقُولُونَهُ قومه: أَخطَأ الرب الْعجل ﴿أَفلا يرَوْنَ أَلاَّ يرجع إِلَيْهِم قولا﴾ قَالَ: الْعجل ﴿وَلَا يملك لَهُم ضراً﴾ قَالَ: ضَلَالَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿قَالَ يَا هَارُون مَا مَنعك إِذْ رَأَيْتهمْ ضلوا أَلا تتبعن﴾ قَالَ: تَدعهُمْ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: أمره مُوسَى أَن يصلح وَلَا يتبع سَبِيل المفسدين فَكَانَ من إِصْلَاحه أَن يُنكر الْعجل
فَذَلِك قَوْله: ﴿إِلَّا تتبعن أفعصيت أَمْرِي﴾ كَذَلِك أَيْضا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿إِنِّي خشيت أَن تَقول فرقت بَين بني إِسْرَائِيل﴾ قَالَ: خشيت أَن يَتبعني بَعضهم ويتخلف بَعضهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي اله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِنِّي خشيت أَن تَقول فرقت بَين بني إِسْرَائِيل﴾ قَالَ: قد كره الصالحون الْفرْقَة قبلكُمْ
595
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿وَلم ترقب قولي﴾ قَالَ: لم تنْتَظر قولي وَمَا أَنا صانع وَقَائِل
قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿وَلم ترقب قولي﴾ لم تحفظ قولي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿قَالَ فَمَا خَطبك يَا سامري﴾ قَالَ: لم يكن اسْمه وَلكنه كَانَ من قَرْيَة اسْمهَا سامرة ﴿قَالَ بصرت بِمَا لم يبصروا بِهِ﴾ يَعْنِي فرس جِبْرِيل
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿بِمَا لم يبصروا بِهِ﴾ بِالْيَاءِ وَرفع الصَّاد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول﴾ قَالَ: من تَحت حافر فرس جِبْرِيل ﴿فنبذتها﴾ قَالَ: نبذ السامري على حلية بني إِسْرَائِيل فَانْقَلَبت عجلاً
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول﴾ قَالَ: قبض السامري قَبْضَة من أثر الْفرس فصره فِي ثَوْبه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرؤهَا فقنصت بالصَّاد
قَالَ: والقبص بأطراف الْأَصَابِع
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْأَشْهب قَالَ: كَانَ الْحسن يقْرؤهَا فقبصت قبصة بالصَّاد يَعْنِي بأطراف أَصَابِعه وَكَانَ أَبُو رَجَاء يقْرؤهَا فقبصت قبصة بالصَّاد هَكَذَا بِجَمِيعِ كفيه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: القبضة ملْء الْكَفّ والقبصة بأطراف الْأَصَابِع
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿فقبضت قَبْضَة﴾ بالضاد على معنى الْقَبْض
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فَإِن لَك فِي الْحَيَاة أَن تَقول لَا مساس﴾ قَالَ: عُقُوبَة لَهُ ﴿وَإِن لَك موعداً لن تخلفه﴾ قَالَ: لن تغيب عَنهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَانْظُر إِلَى إلهك الَّذِي ظلت عَلَيْهِ عاكفاً﴾
596
قَالَ: أَقمت ﴿لنحرقنه﴾ قَالَ: بالنَّار ﴿ثمَّ لننسفنه فِي اليم نسفاً﴾ قَالَ: لنذرينه فِي الْبَحْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿لنحرقنه﴾ خَفِيفَة
يَقُول: إِن الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يحرقان بالنَّار يسحل بالمبرد ثمَّ يلقى على النَّار فَيصير رَمَادا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة لنذبحنه ثمَّ لنحرقنه خَفِيفَة
قَالَ قَتَادَة: وَكَانَ لَهُ لحم وَدم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نهيك الْأَزْدِيّ أَنه قَرَأَ ﴿لنحرقنه﴾ بِنصب النُّون وخفض الرَّاء وخففها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اليم الْبَحْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: اليم النَّهر
الْآيَة ٩٨ - ١١٠
597
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله :﴿ فغشيهم من اليم ﴾ قال البحر.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ ولا تطغوا فيه ﴾ قال : الطغيان فيه أن يأخذه بغير حله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم في قوله :﴿ فيحل عليكم غضبي ﴾ قال : فينزل عليكم غضبي.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الأعمش أنه قرأ ﴿ من يحلل عليه غضبي ﴾ بكسر اللام على تفسير من يجب عليه غضبي.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مجلز في قوله :﴿ ومن يحلل عليه غضبي ﴾ قال : إن غضبه خلق من خلقه يدعوه فيكلمه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ فقد هوى ﴾ قال : شقي.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سقي بن ماتع : أن في جهنم قصراً يرمى الكافر من أعلاه، فيهوي في جهنم أربعين، قبل أن يبلغ الصلصال، فذلك قوله :﴿ ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ﴾.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ وإني لغفار لمن تاب ﴾ قال : من الشرك ﴿ وآمن ﴾. قال : وحد الله ﴿ وعمل صالحاً ﴾ قال : أدى الفرائض ﴿ ثم اهتدى ﴾ قال : لم يشك.
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي، عن ابن عباس في قوله :﴿ وإني لغفار ﴾ الآية. قال : تاب من الذنب، وآمن من الشرك. وعمل صالحاً فيما بينه وبين ربه ﴿ ثم اهتدى ﴾ علم أن لعمله ثواباً يجزى عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ ثم اهتدى ﴾ قال : ثم استقام لفرقة السنة والجماعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والبيهقي في الشعب من طريق عمرو بن ميمون، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : فعجل موسى إلى ربه فقال الله :﴿ وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى ﴾ قال : فرأى في ظل العرش رجلاً فعجب له. فقال : من هذا يا رب ؟ قال : لا أحدثك حديثه لكن سأحدثك بثلاث فيه : كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يعق والديه، ولا يمشي بالنميمة.
وأخرج ابن مردويه، عن وهب بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إن الله لما وعد موسى أن يكلمه، خرج للوقت الذي وعده، فبينما هو يناجي ربه، إذ سمع خلفه صوتاً، فقال إلهي إني أسمع خلفي صوتاً، قال : لعل قومك ضلوا، قال : إلهي، من أضلهم ؟ قال : السامري. قال : كيف أضلهم ؟ قال : صاغ لهم ﴿ عجلاً جسداً له خوار ﴾ قال : إلهي هذا السامري صاغ لهم العجل : فمن نفخ فيه الروح حتى صار له خوار ؟ قال : أنا يا موسى، قال : فبعزتك، ما أَضَلَّ قومي أحد غيرك. قال : صدقت. قال : يا حكيم الحكماء، لا ينبغي حكيم أن يكون أحكم منك ».
وأخرج ابن جرير في تهذيبه، عن راشد بن سعد قال : إن موسى لما قدم على ربه - واعد قومه أربعين ليلة - قال : يا موسى، إن قومك قد افتتنوا من بعدك. قال : يا رب كيف يفتنون ؟ وقد نجيتهم من فرعون، ونجيتهم من البحر، وأنعمت عليهم، وفعلت بهم ؟ ! قال : يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلاً له خوار قال : يا رب، فمن جعل فيه الروح ؟ قال : أنا. قال : فأنت يا رب أضللتهم. قال : يا موسى، يا رأس النبيين، ويا أبا الحكام، إني رأيت ذلك في قلوبهم، فيسرته لهم.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن علي رضي الله عنه قال : لما تعجل موسى إلى ربه، عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلي بني إسرائيل فضربه عجلاً، ثم ألقى القبضة في جوفه، فإذا هو عجل جسد له خوار فقال لهم السامري :﴿ هذا إلهكم وإله موسى ﴾ فقال لهم هارون :﴿ يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً ﴾ فلما أن رجع موسى أخذ رأس أخيه، فقال له هارون ما قال، فقال موسى للسامري :﴿ ما خطبك ﴾ فقال :﴿ قبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي ﴾ فعمد موسى إلى العجل، فوضع عليه المبارد فبرده بها وهو على شطر نهر، فما شرب أحد من ذلك الماء - ممن كان يعبد ذلك العجل - إلا اصفر وجهه مثل الذهب ! فقالوا : يا موسى، ما توبتنا ؟ قال : يقتل بعضكم بعضاً، فأخذوا السكاكين، فجعل الرجل يقتل أباه وأخاه وابنه، لا يبالي من قتل، حتى قتل منهم سبعون ألفاً ! فأوحى الله إلى موسى : مرهم فليرفعوا أيديهم، فقد غفرت لمن قتل، وتبت على من بقي.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لما هجم فرعون على البحر وأصحابه - وكان فرعون على فرس أدهم حصان، هاب الحصان أن يقتحم البحر، فمثل له جبريل على فرس أنثى، فلما رآها الحصان هجم خلفها، وعرف السامري جبريل - لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه - فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه، في واحدة لبناً، وفي الأخرى عسلاً، وفي الأخرى سمناً، فلم يزل يغذوه حتى نشأ، فلما عاينه في البحر عرفه، فقبض قبضة من أثر فرسه.
قال أخذ من تحت الحافر قبضة، وألقى في روع السامري : إنك لا تلقيها على شيء فتقول كن كذا إلا كان، فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر، فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر، أغرق الله آل فرعون. قال موسى لأخيه هارون ﴿ اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ﴾ ومضى موسى لموعد ربه، وكان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون، فكأنهم تأثموا منه، فأخرجوه لتنزل النار فتأكله، فلما جمعوه قال السامري : بالقبضة هكذا، فقذفها فيه، وقال : كن عجلاً جسداً له خوار فصار ﴿ عجلاً جسداً له خوار ﴾ فكان يدخل الريح من دبره، ويخرج من فيه يسمع له صوت ! فقال ﴿ هذا إلهكم وإله موسى فعكفوا ﴾ على العجل يعبدونه. فقال هارون :﴿ يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري ﴾ ﴿ قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ﴾.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان السامري رجلاً من أهل ماجرما، وكان من قوم يعبدون البقر، فكان يحب عبادة البقر في نفسه، وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل، فلما فصل موسى إلى ربه قال لهم هارون : إنكم قد حملتم ﴿ أوزاراً من زينة القوم ﴾ آل فرعون ومتاعاً وحلياً فتطهروا منها، فإنها رجس، وأوقد لهم ناراً، فقال : اقذفوا ما معكم من ذلك فيها، فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون فيها، ورأى السامري أثر فرس جبريل، فأخذ تراباً من أثر حافره، ثم أقبل إلى النار، فقال لهارون يا نبي الله، ألقي ما في يدي ؟ قال : نعم. ولا يظن هارون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال : كن ﴿ عجلاً جسداً له خوار ﴾، فكان للبلاء والفتنة. فقال :﴿ هذا إلهكم وإله موسى ﴾ ﴿ فعكفوا عليه ﴾ وأحبوه حباً لم يحبوا مثله شيئاً قط : يقول الله :﴿ فنسي ﴾ أي ترك ما كان عليه من الإسلام، يعني السامري ﴿ أفلا يرون أَلاَّ يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً ﴾ وكان اسم السامري : موسى بن ظفر وقع في أرض مصر، فدخل في بني إسرائيل، فلما رأى هارون ما وقعوا فيه قال :﴿ يا قوم، إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ﴾ فأقام هارون فيمن معه من المسلمين مخافة أن يقول له موسى :﴿ فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ﴾ وكان له سامعاً مطيعاً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن هارون مر بالسامري وهو يتنحت العجل فقال له : ما تصنع ؟ قال : اصنع ما لا يضر ولا ينفع ! فقال هارون : اللهم أعطه ما سأل على ما في نفسه، ومضى هارون فقال السامري : اللهم إني أسألك أن يخور، فخار. فكان إذا خار سجدوا له، وإذا خار رفعوا رؤوسهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن بني إسرائيل استعاروا حليا من القبط، فخرجوا به معهم، فقال لهم هارون : قد ذهب موسى إلى السماء اجمعوا هذا الحلي حتى يجيء موسى، فيقضي فيه ما قضى، فجمع ثم أذيب، فلما ألقى السامري القبضة تحول ﴿ عجلاً جسداً له خوار ﴾ فقال :﴿ هذا إلهكم وإله موسى فنسي ﴾ قال : إن موسى ذهب يطلب ربه، فضل فلم يعلم مكانه وهو هذا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن علي رضي الله عنه قال : إن جبريل لما نزل فصعد بموسى إلى السماء، بصر به السامري من بين الناس، فقبض قبضة من أثر الفرس، وحمل جبريل موسى خلفه حتى إذا دنا من باب السماء صعد، وكتب الله الألواح، وهو يسمع صرير الأقلام في الألواح، فلما أخبره أن قومه قد فتنوا من بعده، نزل موسى فأخذ العجل فأحرقه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان السامري من أهل كرمان.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه قال انطلق موسى إلى ربه فكلمه قال له :﴿ ما أعجلك عن قومك يا موسى ﴾ ﴿ قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى ﴾ قال :﴿ فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري ﴾ فلما خبره خبرهم قال : يا رب، هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل. أرأيت الروح من نفخها فيه ؟ قال الرب : أنا. قال : يا رب. فأنت إذاً أضللتهم. ثم رجع ﴿ موسى إلى قومه غضبان أسفاً ﴾ قال : حزيناً ﴿ قال يا قوم ألم يَعِدَكُم ربكم وعداً حسناً ﴾ إلى قوله :﴿ ما أخلفنا موعدك بملكنا ﴾ يقول : بطاقتنا ﴿ ولكنا حملنا أوزاراً من زينة القوم ﴾ يقول : من حلي القبط :﴿ فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلاً جسداً خوار ﴾ ﴿ فعكفوا عليه يعبدونه ﴾ وكان يخور ويمشي. فقال لهم هارون :﴿ يا قوم إنما فتنتم به ﴾ يقول ابتليتم بالعجل. قال :﴿ فما خطبك يا سامري ﴾ ما بالك. إلى قوله :﴿ وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليك عاكفاً لنحرقنه ﴾ قال : فأخذه فذبحه ثم خرقه بالمبرد. يعني سحكه، ثم ذراه في اليم. فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء، ثم قال لهم موسى : اشربوا منه، فشربوا.
فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب، فذلك حين يقول :﴿ وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ﴾ قال : فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى ﴿ ورأوا أنهم قد ضلوا، قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ﴾ فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل ؛ إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم، حين عبدوا العجل ﴿ فقال موسى يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم، فاقتلوا أنفسكم ﴾ فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوه بالسيوف، فكان من قتل من الفريقين شهيداً، حتى كثر القتل، حتى كادوا أن يهلكوا، حتى قتل منهم سبعون ألفاً، وحتى دعا موسى وهارون : ربنا هلكت بنو إسرائيل، ربنا البقية. . . البقية، فأمرهم أن يضعوا السلاح، وتاب عليهم، فكان من قتل منهم. . . . كان شهيداً، ومن بقي كان مكفراً عنه، فذلك قوله تعالى :﴿ فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ﴾ ثم إن الله تعالى أمر موسى : أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل، فوعدهم موعداً ﴿ فاختار موسى سبعين رجلاً ﴾ ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل، فلما أتوا ذلك، قالوا :﴿ لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ﴾ فإنك قد كلمته فأرناه ﴿ فأخذتهم الصاعقة ﴾ فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول : رب. ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم ؟ ﴿ رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ﴾ فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل. فذلك حين يقول موسى :﴿ إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ أفطال عليكم العهد ﴾ يقول : الوعد وفي قوله :﴿ فأخلفتم موعدي ﴾ يقول : عهدي وفي قوله :﴿ ما أخلفنا موعدك بملكنا ﴾ بأمر ملكنا ﴿ ولكنا حملنا أوزاراً ﴾ قال : أثقالاً من زينة القوم، وهي الحلي الذي استعاروه من آل فرعون ﴿ فقذفناها ﴾ قال : فألقيناها ﴿ فكذلك ألقى السامري ﴾ قال : كذلك صنع ﴿ فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار ﴾ قال : حفيف الريح فيه. فهو خواره، والعجل ولد البقرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ بملكنا ﴾ قال : بأمرنا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ ما أخلفنا موعدك بملكنا ﴾ قال : بطاقتنا.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ بملكنا ﴾ قال : بسلطاننا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن يحيى أنه قرأ ﴿ بملكنا ﴾ وملكنا. واحد.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله :﴿ هذا إلهكم وإله موسى فنسي ﴾ قال : نسي موسى أن يذكر لكم : إن هذا إلهه !
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ فنسي ﴾ قال هم يقولونه، قومه : أخطأ الرب العجل ﴿ أفلا يرون أَلاَّ يرجع إليهم قولاً ﴾ قال : العجل ﴿ ولا يملك لهم ضراً ﴾ قال : ضلالة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ فنسي ﴾ قال هم يقولونه، قومه : أخطأ الرب العجل ﴿ أفلا يرون أَلاَّ يرجع إليهم قولاً ﴾ قال : العجل ﴿ ولا يملك لهم ضراً ﴾ قال : ضلالة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله :﴿ قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعن ﴾ قال : تدعهم.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في الآية قال : أمره موسى أن يصلح، ولا يتبع سبيل المفسدين، فكان من إصلاحه أن ينكر العجل. فذلك قوله :﴿ أن لا تتبعن أفعصيت أمري ﴾ كذلك أيضاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله :﴿ إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ﴾ قال : خشيت أن يتبعني بعضهم ويتخلف بعضهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ﴾ قال : قد كره الصالحون الفرقة قبلكم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ ولم ترقب قولي ﴾ قال : لم تنتظر قولي وما أنا صانع وقائل. قال : وقال ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ لم ترقب قولي ﴾ لم تحفظ قولي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ قال فما خطبك يا سامري ﴾ قال : لم يكن اسمه، ولكنه كان من قرية اسمها سامرة ﴿ قال بصرت بما لم يبصروا به ﴾ يعني فرس جبريل.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٥:وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ قال فما خطبك يا سامري ﴾ قال : لم يكن اسمه، ولكنه كان من قرية اسمها سامرة ﴿ قال بصرت بما لم يبصروا به ﴾ يعني فرس جبريل.

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم، أنه قرأ ﴿ بما لم يبصروا به ﴾ بالياء ورفع الصاد.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ فقبضت قبضة من أثر الرسول ﴾ قال : من تحت حافر فرس جبريل ﴿ فنبذتها ﴾ قال : نبذ السامري على حلية بني إسرائيل فانقلبت عجلاً.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ فقبضت قبضة من أثر الرسول ﴾ قال : قبض السامري قبضة من أثر الفرس فصره في ثوبه.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن الحسن أنه كان يقرؤها «فقبصت » بالصاد. قال : والقبص بأطراف الأصابع.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الأشهب قال : كان الحسن يقرؤها «فقبصت قبصة » بالصاد، يعني بأطراف أصابعه، وكان أبو رجاء يقرؤها «فقبصت قبصة » بالصاد، هكذا بجميع كفيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : القبضة ملء الكف، والقبصة بأطراف الأصابع.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم، أنه قرأ ﴿ فقبضت قبضة ﴾ بالضاد على معنى القبض.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس ﴾ قال : عقوبة له ﴿ وإن لك موعداً لن تخلفه ﴾ قال : لن تغيب عنه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفاً ﴾ قال : أقمت ﴿ لنحرقنه ﴾ قال : بالنار ﴿ ثم لننسفنه في اليم نسفاً ﴾ قال : لنذرينه في البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس، أنه كان يقرأ ﴿ لنحرقنه ﴾ خفيفة. يقول : إن الذهب والفضة لا يحرقان بالنار، يسحل بالمبرد ثم يلقى على النار فيصير رماداً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : في بعض القراءة «لنذبحنه ثم لنحرقنه » خفيفة. قال قتادة : وكان له لحم ودم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك الأزدي، أنه قرأ ﴿ لنحرقنه ﴾ بنصب النون وخفض الراء وخففها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اليم، البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال : اليم، النهر.
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وسع كل شَيْء علما﴾ يَقُول: مَلأ
597
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي زيد فِي قَوْله: ﴿وَقد آتيناك من لدنا ذكرا﴾ قَالَ: الْقُرْآن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿يحمل يَوْم الْقِيَامَة وزراً﴾ قَالَ: إِثْمًا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وساء لَهُم يَوْم الْقِيَامَة حملا﴾ يَقُول: بئس مَا حملُوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿وساء لَهُم يَوْم الْقِيَامَة حملا﴾ قَالَ: لَيْسَ هِيَ وسألهم مَوْصُولَة يَنْبَغِي أَن يقطع فَإنَّك إِن وصلت لم تفهم وَلَيْسَ بهَا خَفَاء ساءلهم حملا ﴿خَالِدين فِيهِ وساء لَهُم يَوْم الْقِيَامَة حملا﴾ قَالَ: حمل السوء وبوئ صَاحبه النَّار
قَالَ: وَإِنَّمَا هِيَ ﴿وساء لَهُم﴾ مَقْطُوعَة وساء بعْدهَا لَهُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: أَرَأَيْت قَوْله: ﴿ونحشر الْمُجْرمين يَوْمئِذٍ زرقاً﴾ وَأُخْرَى عميا
قَالَ: إِن يَوْم الْقِيَامَة فِيهِ حالات: يكونُونَ فِي حَال زرقاً وَفِي حَال عميا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿يتخافتون بَينهم﴾ قَالَ: يتسارّون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿إِذْ يَقُول أمثلهم طَريقَة﴾ قَالَ: أعلمهم فِي نَفسه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِذْ يَقُول أمثلهم طَريقَة﴾ قَالَ: أعدلهم من الْكفَّار ﴿إِن لبثتم﴾ أَي فِي الدُّنْيَا ﴿إِلَّا يَوْمًا﴾ لما تقاصرت فِي أنفسهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَت قُرَيْش: يَا مُحَمَّد كَيفَ يفعل رَبك بِهَذِهِ الْجبَال يَوْم الْقِيَامَة فَنزلت ﴿ويسألونك عَن الْجبَال﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فيذرها قاعاً﴾ قَالَ: مستوياً ﴿صفصفاً﴾ قَالَ: لَا نَبَات فِيهِ ﴿لَا ترى فِيهَا عوجا﴾ قَالَ: وَاديا ﴿وَلَا أمتاً﴾ قَالَ: رابية
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزوجل: ﴿فيذرها قاعاً صفصفاً﴾ قَالَ: القاع الأملس
والصفصف المستوي
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول:
598
ملمومة شهباء لَو قذفوا بهَا شماريخ من رضوى إِذا عَاد صفصفا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: ﴿قاعاً صفصفاً لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتاً﴾ قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: هِيَ الأَرْض الملساء الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رابية مُرْتَفعَة وَلَا انخفاض
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿قاعاً صفصفاً﴾ قَالَ: مستوياً ﴿لَا ترى فِيهَا عوجا﴾ قَالَ: خفضاً ﴿وَلَا أمتاً﴾ قَالَ: إرتفاعاً
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿صفصفاً﴾ قَالَ: القاع: الأَرْض والصفصف: المستوية ﴿لَا ترى فِيهَا عوجا﴾ قَالَ: صدعاً
﴿وَلَا أمتاً﴾ قَالَ: أكمة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لَا ترى فِيهَا عوجا﴾ قَالَ: ميلًا ﴿وَلَا أمتاً﴾ قَالَ: الأمت الْأَثر مثل الشرَاك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: العوج الإرتفاع والأمت الْمَبْسُوط
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي بالأمت حفراً
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتاً﴾ مَا الأمت قَالَ: الشي الشاخص من الأَرْض قَالَ فِيهِ كَعْب بن زُهَيْر: فَأَبْصَرت لمحة من رَأس عكرشة فِي كَافِر مَا بِهِ أمت وَلَا شرف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: يحْشر الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي ظلمَة تطوى السَّمَاء وتتناثر النُّجُوم وَتذهب الشَّمْس وَالْقَمَر وينادي مُنَاد فَيسمع النَّاس الصَّوْت يأتونه
فَذَلِك قَول الله: ﴿يَوْمئِذٍ يتبعُون الدَّاعِي لَا عوج لَهُ﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله: ﴿يتبعُون الدَّاعِي لَا عوج لَهُ﴾ قَالَ: لَا عوج عَنهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿لَا عوج لَهُ﴾ لَا يميلون عَنهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَلَا تسمع إِلَّا همساً﴾ قَالَ: الصَّوْت الْخَفي
599
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَلَا تسمع إِلَّا همساً﴾ قَالَ: صَوت وَطْء الْأَقْدَام
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿فَلَا تسمع إِلَّا همساً﴾ قَالَ: أصوات أَقْدَامهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَسَعِيد فِي قَوْله: ﴿فَلَا تسمع إِلَّا همساً﴾ قَالَ: وَطْء الْأَقْدَام
وَأخرج عبد بن حميد عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: كنت قَاعِدا عِنْد الشّعبِيّ فمرت علينا إبل قد كَانَ عَلَيْهَا جص فَطَرَحته فَسمِعت صَوت أخفافها فَقَالَ: هَذَا الهمس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَلَا تسمع إِلَّا همساً﴾ قَالَ: هُوَ خفض الصَّوْت بالْكلَام يُحَرك لِسَانه وشفتيه وَلَا يسمع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِلَّا همساً﴾ قَالَ: سر الحَدِيث وَصَوت الْأَقْدَام
وَالله أعلم
الْآيَة ١١١ - ١١٤
600
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي زيد في قوله :﴿ وقد آتيناك من لدنا ذكراً ﴾ قال : القرآن.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ يحمل يوم القيامة وزراً ﴾ قال : إثماً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وساء لهم يوم القيامة حملاً ﴾ يقول : بئس ما حملوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله :﴿ وساء لهم يوم القيامة حملاً ﴾ قال : ليس هي، وسألهم موصولة ينبغي أن يقطع، فإنك إن وصلت لم تفهم وليس بها خفاء، ساءلهم حملاً ﴿ خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملاً ﴾ قال : حمل السوء وبوئ صاحبه النار. قال : وإنما هي ﴿ وساء لهم ﴾ مقطوعة وساء بعدها لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس، أن رجلاً أتاه فقال : أرأيت قوله :﴿ ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً ﴾ وأخرى عمياً. قال : إن يوم القيامة فيه حالات : يكونون في حال زرقاً وفي حال عمياً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ يتخافتون بينهم ﴾ قال : يتسارّون.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ إذ يقول أمثلهم طريقة ﴾ قال : أعلمهم في نفسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ إذ يقول أمثلهم طريقة ﴾ قال : أعدلهم من الكفار ﴿ إن لبثتم ﴾ أي في الدنيا ﴿ إلا يوماً ﴾ لما تقاصرت في أنفسهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قالت قريش : يا محمد، كيف يفعل ربك بهذه الجبال يوم القيامة ؟ فنزلت ﴿ ويسألونك عن الجبال ﴾ الآية.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فيذرها قاعاً ﴾ قال : مستوياً ﴿ صفصفاً ﴾ قال : لا نبات فيه ﴿ لا ترى فيها عوجاً ﴾ قال : وادياً ﴿ ولا أمتاً ﴾ قال : رابية.
وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل :﴿ فيذرها قاعاً صفصفاً ﴾ قال : القاع، الأملس. والصفصف، المستوي، قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول :
ملمومة شهباء لو قذفوا بها شماريخ من رضوى إذا عاد صفصفا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة، أنه سئل عن قوله :﴿ قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً ﴾ قال : كان ابن عباس يقول : هي الأرض الملساء التي ليس فيها رابية مرتفعة ولا انخفاض.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله :﴿ قاعاً صفصفاً ﴾ قال : مستوياً ﴿ لا ترى فيها عوجاً ﴾ قال : خفضاً ﴿ ولا أمتاً ﴾ قال : ارتفاعاً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ صفصفاً ﴾ قال : القاع : الأرض، والصفصف : المستوية ﴿ لا ترى فيها عوجاً ﴾ قال : صدعاً. ﴿ ولا أمتاً ﴾ قال : أكمة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ صفصفاً ﴾ قال : القاع : الأرض، والصفصف : المستوية ﴿ لا ترى فيها عوجاً ﴾ قال : صدعاً. ﴿ ولا أمتاً ﴾ قال : أكمة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ لا ترى فيها عوجاً ﴾ قال : ميلاً ﴿ ولا أمتاً ﴾ قال : الأمت، الأثر مثل الشراك.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : العوج، الارتفاع، والأمت، المبسوط.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : يعني بالأمت، حفراً.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى :﴿ لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً ﴾ ما الأمت ؟ قال : الشيء الشاخص من الأرض، قال فيه كعب بن زهير :
فأبصرت لمحة من رأس عكرشة في كافر ما به أمت ولا شرف
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : يحشر الله الناس يوم القيامة في ظلمة تطوى السماء وتتناثر النجوم وتذهب الشمس والقمر، وينادي مناد فيسمع الناس الصوت يأتونه. فذلك قول الله :﴿ يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ يتبعون الداعي لا عوج له ﴾ قال : لا عوج عنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ لا عوج له ﴾ لا يميلون عنه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ لا تسمع إلا همساً ﴾ قال : الصوت الخفي.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فلا تسمع إلا همساً ﴾ قال : صوت وطء الأقدام.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله :﴿ فلا تسمع إلا همساً ﴾ قال : أصوات أقدامهم.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وسعيد في قوله :﴿ فلا تسمع إلا همساً ﴾ قال : وطء الأقدام.
وأخرج عبد بن حميد عن حصين بن عبد الرحمن قال : كنت قاعداً عند الشعبي فمرت علينا إبل قد كان عليها جص فطرحته، فسمعت صوت أخفافها فقال : هذا الهمس.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ فلا تسمع إلا همساً ﴾ قال : هو خفض الصوت بالكلام، يحرك لسانه وشفتيه ولا يسمع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ إلا همساً ﴾ قال : سر الحديث وصوت الأقدام. والله أعلم.
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وعنت الْوُجُوه﴾ قَالَ: ذلت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وعنت الْوُجُوه﴾ قَالَ: خَشَعت
600
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وعنت الْوُجُوه﴾ قَالَ: استأسرت صَارُوا أُسَارَى كلهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة ﴿وعنت الْوُجُوه﴾ قَالَ: خضعت
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل: ﴿وعنت الْوُجُوه للحي القيوم﴾ قَالَ: استسلمت وخضعت يَوْم الْقِيَامَة
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: ليبك عَلَيْك كل عان بكربه وَآل قصيّ من مقل وَذي وفر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي اله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وعنت الْوُجُوه﴾ قَالَ: الرُّكُوع وَالسُّجُود
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طلق بن حبيب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وعنت الْوُجُوه للحي القيوم﴾ قَالَ: هُوَ وضعك جبهتك وكفيك وركبتيك وأطراف قَدَمَيْك فِي السُّجُود
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَقد خَابَ من حمل ظلما﴾ قَالَ: شركا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَول: ﴿وَقد خَابَ من حمل ظلما﴾ قَالَ: شركا
وَفِي قَوْله: ﴿فَلَا يخَاف ظلما وَلَا هضماً﴾ قَالَ: ﴿ظلما﴾ أَن يُزَاد فِي سيئاته
﴿وَلَا هضماً﴾ قَالَ: لَا ينقص من حَسَنَاته
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَلَا يخَاف ظلما وَلَا هضماً﴾ قَالَ: لَا يخَاف أَن يظلم فيزاد فِي سيئاته وَلَا يهضم من حَسَنَاته
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَلَا يخَاف ظلما﴾ قَالَ: أَن يُزَاد عَلَيْهِ أَكثر من ذنُوبه ﴿وَلَا هضماً﴾ قَالَ: أَن ينتقص من حَسَنَاته شَيْئا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَلَا هضماً﴾ قَالَ: غصبا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أَو يحدث لَهُم ذكرا﴾ قَالَ: الْقُرْآن ﴿ذكرا﴾ قَالَ: جدا وورعاً
601
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أنزل عَلَيْهِ جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ أتعب نَفسه فِي حفظه حَتَّى يشق على نَفسه يتخوف أَن يصعد جِبْرِيل وَلم يحفظه فينسى مَا علمه
فَقَالَ الله: ﴿وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه﴾ وَقَالَ: (لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ) (الْقِيَامَة آيَة ١٦)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه﴾ يَقُول: لَا تعجل حَتَّى نبينه لَك
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: لطم رجل امْرَأَته فَجَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تطلب قصاصا فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا الْقصاص فَأنْزل الله ﴿وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه وَقل رب زِدْنِي علما﴾ فَوقف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزلت (الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء) (النِّسَاء آيَة ٣٤) الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن الْحسن أَنه قَرَأَ ﴿من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ﴾ قَالَ: لَا تمله على أحد حَتَّى نتمه لَك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه﴾ قَالَ: تبيانه
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اللَّهُمَّ انفعني بِمَا علمتني وَعَلمنِي مَا يَنْفَعنِي وزدني علما وَالْحَمْد لله على كل حَال
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود: أَنه كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ زِدْنِي إِيمَانًا وفقها ويقينا وعلما
الْآيَة ١١٥
602
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ وقد خاب من حمل ظلماً ﴾ قال : شركاً وفي قوله :﴿ فلا يخاف ظلماً ولا هضماً ﴾ قال :﴿ ظلماً ﴾ أن يزاد في سيئاته. ﴿ ولا هضماً ﴾ قال : لا ينقص من حسناته.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله :﴿ فلا يخاف ظلماً ولا هضماً ﴾ قال : لا يخاف أن يظلم فيزاد في سيئاته، ولا يهضم من حسناته.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ فلا يخاف ظلماً ﴾ قال : أن يزاد عليه أكثر من ذنوبه ﴿ ولا هضماً ﴾ قال : أن ينتقص من حسناته شيئاً.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ولا هضماً ﴾ قال : غصباً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ أو يحدث لهم ذكراً ﴾ قال : القرآن ﴿ ذكراً ﴾ قال : جداً وورعاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه جبريل بالقرآن، أتعب نفسه في حفظه حتى يشق على نفسه، يتخوف أن يصعد جبريل ولم يحفظه فينسى ما علمه.
فقال الله :﴿ ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ﴾ وقال :﴿ لا تحرك به لسانك لتعجل به ﴾ [ القيامة : ١٦ ].
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ﴾ يقول : لا تعجل حتى نبينه لك.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن الحسن قال : لطم رجل امرأته فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تطلب قصاصاً، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص، فأنزل الله ﴿ ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماً ﴾ فوقف النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت ﴿ الرجال قوّامون على النساء ﴾ [ النساء : ٣٤ ] الآية.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن الحسن، أنه قرأ ﴿ من قبل أن يقضى إليك وحيه ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ ولا تعجل بالقرآن ﴾ قال : لا تمله على أحد حتى نتمه لك.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ من قبل أن يقضى إليك وحيه ﴾ قال : تبيانه.
وأخرج الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علماً، والحمد لله على كل حال ».
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن ابن مسعود : أنه كان يدعو : اللهم زدني إيماناً وفقهاً ويقيناً وعلماً.
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَابْن مَنْدَه فِي التَّوْحِيد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّمَا سمي الْإِنْسَان: لِأَنَّهُ عهد إِلَيْهِ فنسي
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: لَو أَن أَحْلَام بني آدم جمعت مُنْذُ يَوْم خلق آدم إِلَى أَن تقوم السَّاعَة فَوضعت فِي كفة وحلم آدم فِي كفة لرجح حلمه بأحلامهم
ثمَّ قَالَ الله: ﴿وَلم نجد لَهُ عزماً﴾ قَالَ: حفظا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن قَالَ: كَانَ عقل آدم مثل عقل جَمِيع وَلَده
قَالَ الله: ﴿فنسي وَلم نجد لَهُ عزماً﴾
وَأخرج عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿وَلَقَد عهدنا إِلَى آدم﴾ قَالَ: أَن لَا يقرب الشَّجَرَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مَنْدَه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَلم نجد لَهُ عزماً﴾ قَالَ: حفظا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فنسي﴾ قَالَ: فَترك ﴿وَلم نجد لَهُ عزماً﴾ يَقُول: لم نجْعَل لَهُ عزماً
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن قَول الله: (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسؤْكُم) (الْمَائِدَة آيَة ١٠١) قَالَ: كَانَ رجال من الْمُهَاجِرين فِي أنسابهم شَيْء فَقَالُوا يَوْمًا: وَالله لَوَدِدْنَا أَن الله أنزل قُرْآنًا فِي نسبنا
فَأنْزل الله مَا قَرَأت ثمَّ قَالَ لي: إِن صَاحبكُم هَذَا - يَعْنِي عَليّ بن أبي طَالب - أَن ولِّي زهد وَلَكِنِّي أخْشَى عجب نَفسه أَن يذهب بِهِ
قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن صاحبنا من قد علمت
وَالله مَا نقُول أَنه غير وَلَا عدل وَلَا أَسخط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام صحبته فَقَالَ: وَلَا فِي بنت أبي جهل
وَهُوَ يُرِيد أَن يخطبها على فَاطِمَة قلت: قَالَ الله فِي مَعْصِيّة آدم عَلَيْهِ السَّلَام ﴿وَلم نجد لَهُ عزماً﴾ وصاحبنا لم يعزم على إسخاط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن الخواطر الَّتِي لم يقدر على دَفعهَا عَن نَفسه
وَرُبمَا كَانَت من
603
الْفَقِيه فِي دين الله الْعَالم بِأَمْر الله فَإِذا نبه عَلَيْهَا رَجَعَ وأناب
فَقَالَ: يَا ابْن عَبَّاس منْ ظَنّ أَنه يرد بحوركم فيغوص فِيهَا حَتَّى يبلغ قعرها فقد ظن عَجزا
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لعمر بن الْخطاب: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم يذكر الرجل وَلم ينس فَقَالَ: إِن على الْقلب طخاة كطخاة الْقَمَر فَإِذا تغشت الْقلب نسي ابْن آدم مَا كَانَ يذكر فَإِذا انجلت ذكر مَا نسي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا بشمائلكم وَلَا تشْربُوا بشمائلكم فَإِن آدم أكل بِشمَالِهِ فنسي فأورث ذَلِك النسْيَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة ﴿وَلم نجد لَهُ عزما﴾ قَالَ: حفظا لما أَمر بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلم نجد لَهُ عزماً﴾ قَالَ: صبرا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: لَو وزن حلم آدم بحلم الْعَالمين لوزنه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: لم يكن آدم من أولي الْعَزْم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فنسي﴾ قَالَ: ترك مَا قدم إِلَيْهِ وَلَو كَانَ مِنْهُ نِسْيَان مَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْء لِأَن الله قد وضع عَن الْمُؤمنِينَ النسْيَان وَالْخَطَأ وَلَكِن آدم ترك مَا قدم إِلَيْهِ من أكل الشَّجَرَة
الْآيَة ١١٦ - ١٢٢
604
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَلَا يخرجنكما من الْجنَّة فتشقى﴾ قَالَ: عَنى بِهِ شقاء الدُّنْيَا فَلَا تلقى ابْن آدم إِلَّا شقياً ناصباً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عَيْنِيَّة قَالَ: لم يقل فتشقيان لِأَنَّهَا دخلت مَعَه فَوَقع الْمَعْنى عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وعَلى أولادهما كَقَوْلِه: (يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم) (الطَّلَاق آيَة ١) و (يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم) (التَّحْرِيم آيَة ١) فَدَخَلُوا فِي الْمَعْنى مَعَه وَإِنَّمَا كلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحده
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن آدم عَلَيْهِ السَّلَام لما أهبط إِلَى الأَرْض استقبله ثَوْر أبلق فَقيل لَهُ: اعْمَلْ عَلَيْهِ
فَجعل يمسح الْعرق عَن جَبينه وَيَقُول: هَذَا مَا وَعَدَني رَبِّي ﴿فَلَا يخرجنكما من الْجنَّة فتشقى﴾ ثمَّ نَادَى حَوَّاء: أحواء أَنْت عملت فِي هَذَا فَلَيْسَ أحد من بني آدم يعْمل على ثَوْر إِلَّا قَالَ: حوّاء دخلت عَلَيْهِم من قبل آدم عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَأَنَّك لَا تظمأ فِيهَا وَلَا تضحى﴾ قَالَ: لَا يصيبك فِيهَا عَطش وَلَا حر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿لَا تظمأ﴾ قَالَ: لَا تعطش ﴿وَلَا تضحى﴾ قَالَ: لَا يصيبك فِيهَا حر
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس: إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: ﴿وَأَنَّك لَا تظمأ فِيهَا وَلَا تضحى﴾ قَالَ: لَا تعرق فِيهَا من شدَّة الشَّمْس
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: رَأَتْ رجلا أما إِذا الشَّمْس عارضت فيضحى وَأما بالْعَشي فيخضر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تضحى﴾ قَالَ: لَا يصيبك حر الشَّمْس
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
605
قَالَ إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا وَهِي شَجَرَة الْخلد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسكن الله آدم الْجنَّة وَزَوجته وَنَهَاهُ عَن الشَّجَرَة رأى غصونها متشعبة بَعْضهَا على بعض وَكَانَ لَهَا ثَمَر تَأْكُله الْمَلَائِكَة لخلدهم وَهِي الثَّمَرَة الَّتِي نهى الله آدم عَنْهَا وَزَوجته فَلَمَّا أَرَادَ إِبْلِيس أَن يستزلهما دخل الْحَيَّة وَكَانَت الْحَيَّة لَهَا أَربع قَوَائِم كَأَنَّهَا بُخْتِيَّة من أحسن دَابَّة خلقهَا الله فَلَمَّا دخلت الْحَيَّة الْجنَّة خرج من جوفها إِبْلِيس فَأخذ من الشَّجَرَة الَّتِي نهى الله آدم وَزَوجته عَنْهَا فجَاء بهَا إِلَى حَوَّاء فَقَالَ: انظري إِلَى هَذِه الشَّجَرَة مَا أطيب رِيحهَا وَأطيب طعمها وَأحسن لَوْنهَا فأخذتها حَوَّاء فَأَكَلتهَا ثمَّ ذهبت بهَا إِلَى آدم فَقَالَت: انْظُر إِلَى هَذِه الشَّجَرَة مَا أطيب رِيحهَا وَأطيب طعمها وَأحسن لَوْنهَا
فَأكل مِنْهَا آدم ﴿فبدت لَهما سوآتهما﴾ فَدخل آدم فِي جَوف الشَّجَرَة فناداه ربه: أَيْن أَنْت قَالَ: هَا أناذا يَا رب
قَالَ: أَلا تخرج قَالَ: أستحي مِنْك يَا رب
قَالَ: اهبط إِلَى الأَرْض
ثمَّ قَالَ: يَا حَوَّاء غررت عَبدِي فَإنَّك لَا تحملين حملا إِلَّا كرْهاً فَإِذا أردْت أَن تَضَعِي مَا فِي بَطْنك أشرفت على الْمَوْت مرَارًا
وَقَالَ للحية: أَنْت الَّتِي دخل الملعون فِي جوفك حَتَّى غرّ عَبدِي
أَنْت ملعونة لعنة تتحوّل قوائمك فِي بَطْنك وَلَا يكون لَك رزق إِلَّا التُّرَاب أَنْت عَدو بني آدم وهم أعداؤك أَيْنَمَا لقِيت أحد مِنْهُم أخذت بعقبيه وَحَيْثُ مَا لقيك أحد مِنْهُم شرخ رَأسك
قيل لوهب: وَهل كَانَت الْمَلَائِكَة تَأْكُل قَالَ: يفعل الله مَا يَشَاء
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عَلْقَمَة قَالَ: اقْتُلُوا الْحَيَّات كلهَا إِلَى الجان الَّذِي كَأَنَّهُ ميل فَإِنَّهُ جنها وَلَا يضر أحدكُم كَافِرًا قتل أَو مُسلما
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي عبد الله المغربي قَالَ: تفكر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي شَأْن آدم قَالَ: يَا رب خلقته بِيَدِك ونفخت فِيهِ من روحك وأسجدت لَهُ ملائكتك ثمَّ بذنب وَاحِد مَلَأت أَفْوَاه النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: (وَعصى آدم ربه فغوى) فَأوحى اله إِلَيْهِ: يَا إِبْرَاهِيم أما علمت أَن مُخَالفَة الحبيب على الحبيب شَدِيدَة
606
الْآيَة ١٢٣ - ١٢٦
607
أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ﴾ قال : عنى به شقاء الدنيا، فلا تلقى ابن آدم إلا شقياً ناصباً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة قال : لم يقل فتشقيان ؛ لأنها دخلت معه فوقع المعنى عليهما جميعاً وعلى أولادهما، كقوله :﴿ يا أيها النبي إذا طلقتم ﴾ [ الطلاق : ١ ] و ﴿ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ﴾ [ التحريم : ١- ٢ ] فدخلوا في المعنى معه وإنما كلم النبي وحده.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنهما قال : إن آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض استقبله ثور أبلق، فقيل له : اعمل عليه. فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول : هذا ما وعدني ربي ﴿ فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ﴾ ثم نادى حواء : أحواء، أنت عملت في هذا ؟ فليس أحد من بني آدم يعمل على ثور إلا قال : حوّاء دخلت عليهم من قبل آدم عليه السلام.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ﴾ قال : لا يصيبك فيها عطش ولا حر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله :﴿ لا تظمأ ﴾ قال : لا تعطش ﴿ ولا تضحى ﴾ قال : لا يصيبك فيها حر.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله :﴿ وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ﴾ قال : لا تعرق فيها من شدة الشمس. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت الشاعر يقول :
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشي فيخصر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله :﴿ ولا تضحى ﴾ قال : لا يصيبك حر الشمس.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وهي شجرة الخلد ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لما أسكن الله آدم الجنة وزوجته ونهاه عن الشجرة، رأى غصونها متشعبة بعضها على بعض، وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم وهي الثمرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته، فلما أراد إبليس أن يستزلهما دخل الحية، وكانت الحية لها أربع قوائم كأنها بختية من أحسن دابة خلقها الله، فلما دخلت الحية الجنة خرج من جوفها إبليس فأخذ من الشجرة التي نهى الله آدم وزوجته عنها فجاء بها إلى حواء فقال : انظري إلى هذه الشجرة، ما أطيب ريحها ! وأطيب طعمها وأحسن لونها ! فأخذتها حواء فأكلتها ثم ذهبت بها إلى آدم فقالت : انظر إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها وأطيب طعمها وأحسن لونها !.. فأكل منها آدم ﴿ فبدت لهما سوآتهما ﴾، فدخل آدم في جوف الشجرة فناداه ربه : أين أنت ؟ قال : ها أناذا يا رب. قال : ألا تخرج ؟ قال : أستحي منك يا رب. قال : اهبط إلى الأرض. ثم قال : يا حواء، غررت عبدي ؟ فإنك لا تحملين حملاً إلا حملتِ كرْهاً، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مراراً.
وقال للحية : أنت التي دخل الملعون في جوفك حتى غرّ عبدي... أنت ملعونة لعنة تتحوّل قوائمك في بطنك ولا يكون لك رزق إلا التراب، أنت عدو بني آدم وهم أعداؤك، أينما لقيت أحداً منهم أخذت بعقبيه وحيث ما لقيك أحد منهم شرخ رأسك. قيل لوهب : وهل كانت الملائكة تأكل ؟ قال : يفعل الله ما يشاء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لما أسكن الله آدم الجنة وزوجته ونهاه عن الشجرة، رأى غصونها متشعبة بعضها على بعض، وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم وهي الثمرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته، فلما أراد إبليس أن يستزلهما دخل الحية، وكانت الحية لها أربع قوائم كأنها بختية من أحسن دابة خلقها الله، فلما دخلت الحية الجنة خرج من جوفها إبليس فأخذ من الشجرة التي نهى الله آدم وزوجته عنها فجاء بها إلى حواء فقال : انظري إلى هذه الشجرة، ما أطيب ريحها ! وأطيب طعمها وأحسن لونها ! فأخذتها حواء فأكلتها ثم ذهبت بها إلى آدم فقالت : انظر إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها وأطيب طعمها وأحسن لونها !.. فأكل منها آدم ﴿ فبدت لهما سوآتهما ﴾، فدخل آدم في جوف الشجرة فناداه ربه : أين أنت ؟ قال : ها أناذا يا رب. قال : ألا تخرج ؟ قال : أستحي منك يا رب. قال : اهبط إلى الأرض. ثم قال : يا حواء، غررت عبدي ؟ فإنك لا تحملين حملاً إلا حملتِ كرْهاً، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مراراً.
وقال للحية : أنت التي دخل الملعون في جوفك حتى غرّ عبدي... أنت ملعونة لعنة تتحوّل قوائمك في بطنك ولا يكون لك رزق إلا التراب، أنت عدو بني آدم وهم أعداؤك، أينما لقيت أحداً منهم أخذت بعقبيه وحيث ما لقيك أحد منهم شرخ رأسك. قيل لوهب : وهل كانت الملائكة تأكل ؟ قال : يفعل الله ما يشاء.
وأخرج الحكيم الترمذي عن علقمة قال : اقتلوا الحيات كلها إلا الجان الذي كأنه ميل، فإنه جنها ولا يضر أحدكم كافراً قتل أو مسلماً.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن أبي عبد الله المغربي قال : تفكر إبراهيم عليه السلام في شأن آدم قال : يا رب، خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وأسجدت له ملائكتك، ثم بذنب واحد ملأت أفواه الناس حتى يقولوا :﴿ وعصى آدم ربه فغوى ﴾ فأوحى الله إليه : يا إبراهيم، أما علمت أن مخالفة الحبيب على الحبيب شديدة ؟
أخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الطُّفَيْل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ: ﴿فَمن اتبع هُدَايَ﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اتبع كتاب الله هداه الله من الضَّلَالَة فِي الدُّنْيَا ووقاه سوء الْحساب يَوْم الْقِيَامَة
وَذَلِكَ أَن الله يَقُول: ﴿فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى﴾
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَجَارَ الله تَابع الْقُرْآن من أَن يضل فِي الدُّنْيَا أَو يشقى فِي الْآخِرَة
ثمَّ قَرَأَ: ﴿فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى﴾ قَالَ: لَا يضل فِي الدُّنْيَا وَلَا يشقى فِي الْآخِرَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور ومسدد فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا فِي قَوْله: ﴿معيشة ضنكا﴾ قَالَ: عَذَاب الْقَبْر
وَفِي لفظ عبد الرَّزَّاق قَالَ: يضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه
وَفِي لفظ ابْن أبي حَاتِم عَن ضمة الْقَبْر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: إِن الْمَعيشَة الضنك: أَن يُسَلط عَلَيْهِ تِسْعَة وَتسْعُونَ تنيناً تنهشه فِي الْقَبْر
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: الْمَعيشَة الضنك الَّتِي قَالَ الله: إِنَّه يُسَلط عَلَيْهِ تِسْعَة وَتسْعُونَ حَيَّة تنهش لَحْمه حَتَّى تقوم السَّاعَة
607
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم من وَجه آخر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: عَذَاب الْقَبْر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت والحكيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمُؤمن فِي قَبره فِي رَوْضَة خضراءويرحب لَهُ قَبره سبعين ذراعاويضيءحتى يكون كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر
هَل تَدْرُونَ فِيمَا أنزلت ﴿فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً﴾ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم
قَالَ: عَذَاب الْكَافِر فِي قَبره يُسَلط عَلَيْهِ تِسْعَة وَتسْعُونَ تنيناً
هَل تَدْرُونَ مَا التنين تِسْعَة وَتسْعُونَ حَيَّة لكل حَيَّة سَبْعَة رُؤُوس يخدشونه ويلسعونه وينفخون فِي جمسه إِلَى يَوْم يبعثون
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا حدثتكم بِحَدِيث أنبأتكم بِتَصْدِيق ذَلِك من كتاب الله إِن الْمُؤمن إِذا وضع فِي قَبره أَجْلِس فِيهِ فَيُقَال لَهُ: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فيثبته الله فَيَقُول: رَبِّي الله وديني الإِسلام ونبيي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فيوسع لَهُ فِي قَبره ويروّح لَهُ فِيهِ
ثمَّ قَرَأَ عبد الله ﴿يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة﴾ فَإِذا مَاتَ الْكَافِر أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول: لَا أَدْرِي
قَالَ: فيضيق عَلَيْهِ قَبره ويعذب فِيهِ
ثمَّ قَرَأَ: ﴿وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: الشَّقَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: شدَّة عَلَيْهِ فِي النَّار
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: الضنك الشَّديد من كل وَجه
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك
قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وَالْخَيْل قد لحق بِنَا فِي مارق ضنك نواحيه شَدِيد الْمُقدم
608
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: ﴿فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: عَذَاب الْقَبْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي صَالح وَالربيع مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: الْمَعيشَة الضنك خصم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: يَقُول: كل مَال أَعْطيته عبدا من عبَادي قلّ أَو كثر لَا يطيعني فِيهِ فَلَا خير فِيهِ وَهُوَ الضنك فِي الْمَعيشَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿معيشة ضنكا﴾ قَالَ: ضيقَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: الضنك من الْمَعيشَة إِذا وسع الله على عَبده أَن يَجْعَل معيشته من الْحَرَام فَيَجْعَلهُ الله عَلَيْهِ ضيقا فِي نَار جَهَنَّم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن دِينَار فِي قَوْله: ﴿معيشة ضنكا﴾ قَالَ: يحول الله رزقه فِي الْحَرَام فَلَا يطعمهُ إِلَّا رانا حَتَّى يَمُوت فيعذبه عَلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: الْعَمَل السيء والرزق الْخَبيث
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: فِي النَّار شوك وزقوم وغسلين والضريع وَلَيْسَ فِي الْقَبْر وَلَا فِي الدُّنْيَا معيشة مَا الْمَعيشَة والحياة إِلَّا فِي الْآخِرَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد ﴿معيشة ضنكاً﴾ ضيقَة يضيق عَلَيْهِ قَبره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً﴾ قَالَ: رزقا ﴿ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى﴾ قَالَ: عَن الْحجَّة ﴿قَالَ رب لم حشرتني أعمى وَقد كنت بَصيرًا﴾ قَالَ: فِي الدُّنْيَا ﴿قَالَ كَذَلِك أتتك آيَاتنَا فنسيتها وَكَذَلِكَ الْيَوْم تنسى﴾ قَالَ: تتْرك فِي النَّار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله: ﴿ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى﴾ قَالَ: لَيْسَ لَهُ حجَّة
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله:
609
﴿ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى﴾ قَالَ: عمي عَلَيْهِ كل شَيْء إِلَّا جَهَنَّم
وَفِي لفظ قَالَ: لَا يبصر إِلَّا النَّار
وَأخرج هناد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿لم حشرتني أعمى﴾ قَالَ: لَا حجَّة لَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿أتتك آيَاتنَا فنسيتها﴾ يَقُول: تركتهَا أَن تعْمل بهَا
﴿وَكَذَلِكَ الْيَوْم تنسى﴾ قَالَ: فِي النَّار
وَالله أعلم
الْآيَة ١٢٧ - ١٣١
610
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده، وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في كتاب عذاب القبر، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً في قوله :﴿ معيشة ضنكا ﴾ قال : عذاب القبر. ولفظ عبد الرزاق قال : يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه. ولفظ ابن أبي حاتم عن ضمة القبر.
وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : إن المعيشة الضنك : أن يسلط عليه تسعة وتسعون تنيناً تنهشه في القبر.
وأخرج البزار وابن أبي حاتم عن أبي هريرة، «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ فإن له معيشة ضنكاً ﴾ قال : المعيشة الضنك التي قال الله : إنه يسلط عليه تسعة وتسعون حية تنهش لحمه حتى تقوم الساعة ».
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم من وجه آخر، عن أبي هريرة «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ فإن له معيشة ضنكاً ﴾ قال :«عذاب القبر ».
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت والحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«المؤمن في قبره في روضة خضراء، ويرحب له قبره سبعين ذراعاً، ويضيء حتى يكون كالقمر ليلة البدر. . . هل تدرون فيما أنزلت ﴿ فإن له معيشة ضنكاً ﴾ ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : عذاب الكافر في قبره، يسلط عليه تسعة وتسعون تنيناً. . . هل تدرون ما التنين ؟ تسعة وتسعون حية، لكل حية سبعة رؤوس يخدشونه ويلسعونه وينفخون في جسمه إلى يوم يبعثون ».
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في كتاب عذاب القبر، عن ابن مسعود قال : إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديق ذلك من كتاب الله، إن المؤمن إذا وضع في قبره أجلس فيه فيقال له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيثبته الله فيقول : ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم.
فيوسع له في قبره ويروّح له فيه. ثم قرأ عبد الله ﴿ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴾ فإذا مات الكافر أجلس في قبره فيقال له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : لا أدري. قال : فيضيق عليه قبره ويعذب فيه. ثم قرأ :﴿ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ﴾.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ معيشة ضنكاً ﴾ قال : الشقاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ معيشة ضنكاً ﴾ قال : شدة عليه في النار.
وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله :﴿ معيشة ضنكاً ﴾ قال : الضنك، الشديد من كل وجه. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول :
والخيل قد لحقت بنا في مارق ضنك نواحيه شديد المقدم
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي، عن ابن مسعود في قوله :﴿ فإن له معيشة ضنكاً ﴾ قال : عذاب القبر.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود مثله.
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن أبي صالح والربيع مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن قال : المعيشة الضنك، خصم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ معيشة ضنكاً ﴾ قال : يقول : كل مال أعطيته عبداً من عبادي قلّ أو كثر لا يطيعني فيه فلا خير فيه، وهو الضنك في المعيشة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله :﴿ معيشة ضنكاً ﴾ قال : ضيقة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله :﴿ معيشة ضنكاً ﴾ قال : الضنك، من المعيشة إذا وسع الله على عبده أن يجعل معيشته من الحرام، فيجعله الله عليه ضيقاً في نار جهنم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار في قوله :﴿ معيشة ضنكاً ﴾ قال : يحول الله رزقه في الحرام، فلا يطعمه إلا حراماً حتى يموت فيعذبه عليه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله :﴿ معيشة ضنكاً ﴾ قال : العمل السيء والرزق الخبيث.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله :﴿ معيشة ضنكاً ﴾ قال : في النار شوك وزقوم وغسلين والضريع، وليس في القبر ولا في الدنيا معيشة، ما المعيشة والحياة إلا في الآخرة.
وأخرج البيهقي عن مجاهد ﴿ معيشة ضنكاً ﴾ ضيقة يضيق عليه قبره.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ فإن له معيشة ضنكاً ﴾ قال : رزقاً ﴿ ونحشره يوم القيامة أعمى ﴾ قال : عن الحجة ﴿ قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً ﴾ قال : في الدنيا ﴿ قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ﴾ قال : تترك في النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله :﴿ ونحشره يوم القيامة أعمى ﴾ قال : ليس له حجة.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة في قوله :﴿ ونحشره يوم القيامة أعمى ﴾ قال : عمي عليه كل شيء إلا جهنم. وفي لفظ قال : لا يبصر إلا النار.
وأخرج هناد عن مجاهد في قوله :﴿ لم حشرتني أعمى ﴾ قال : لا حجة له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ أتتك آياتنا فنسيتها ﴾ يقول : تركتها أن تعمل بها. ﴿ وكذلك اليوم تنسى ﴾ قال : في النار. والله أعلم.
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله: ﴿وَكَذَلِكَ نجزي من أسرف﴾ قَالَ: من أشرك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أفلم يهد لَهُم﴾ قَالَ: ألم نبين لَهُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿أفلم يهد لَهُم﴾ قَالَ: أفلم نبين لَهُم ﴿كم أهلكنا قبلهم من الْقُرُون يَمْشُونَ فِي مساكنهم﴾ نَحْو عَاد وَثَمُود وَمن أهلك من الْأُمَم
وَفِي قَوْله: ﴿وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك لَكَانَ لزاماً وَأجل مُسَمّى﴾ قَالَ: هَذَا من مقاديم الْكَلَام يَقُول: لَوْلَا كلمة من رَبك وَأجل مُسَمّى لَكَانَ لزاماً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك لَكَانَ لزاماً﴾ قَالَ: لَكَانَ أخذا وَلَكنَّا أخرناهم إِلَى يَوْم بدر وَهُوَ اللُّزُوم وتفسيرها ﴿وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك لَكَانَ لزاماً وَأجل مُسَمّى﴾ لَكَانَ لزاماً وَلكنه تَقْدِيم وَتَأْخِير فِي الْكَلَام
610
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: الْأَجَل الْمُسَمّى الْكَلِمَة الَّتِي سبقت من رَبك ﴿لَكَانَ لزاماً وَأجل مُسَمّى﴾ قَالَ: أجل مُسَمّى الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لَكَانَ لزاماً﴾ قَالَ: موتا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا﴾ قَالَ: هِيَ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس﴾ قَالَ: هِيَ صَلَاة الْفجْر ﴿وَقبل غُرُوبهَا﴾ قَالَ: صَلَاة الْعَصْر ﴿وَمن آنَاء اللَّيْل﴾ قَالَ: صَلَاة الْمغرب وَالْعشَاء ﴿وأطراف النَّهَار﴾ قَالَ: صَلَاة الظّهْر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن جرير عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا﴾ قَالَ: ﴿قبل طُلُوع الشَّمْس﴾ صَلَاة الصُّبْح ﴿وَقبل غُرُوبهَا﴾ صَلَاة الْعَصْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا﴾ قَالَ: كَانَ هَذَا قبل أَن تفرض الصَّلَاة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن جرير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم كَمَا ترَوْنَ هَذَا الْقَمَر لَا تضَامون فِي رُؤْيَته فَإِن اسْتَطَعْتُم أَن لَا تغلبُوا على صَلَاة قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا فافعلوا
ثمَّ قَرَأَ: ﴿وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عمَارَة بن رُومِية: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لن يلج النَّار أحد صلى قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا
وَأخرج الْحَاكِم عَن فضَالة بن وهب اللَّيْثِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: حَافظ على العصرين
قلت: وَمَا العصران قَالَ: صَلَاة قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿وَمن آنَاء اللَّيْل فسبح وأطراف النَّهَار﴾ قَالَ: بعد الصُّبْح وَعند غرُوب الشَّمْس
611
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿لَعَلَّك ترْضى﴾ قَالَ: الثَّوَاب فِيمَا يزيدك الله على ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن أَنه قَرَأَ ﴿لَعَلَّك ترْضى﴾ بِرَفْع التَّاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن زاهويه وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أبي رَافع قَالَ: أضَاف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضيفاً وَلم يكن عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يصلحه فأرسلني إِلَى رجل من الْيَهُود أَن بعنا أَو أسلِفْنا دَقِيقًا إِلَى هِلَال رَجَب
فَقَالَ: لَا إِلَّا برهن
فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: أما وَالله إِنِّي لأمين فِي السَّمَاء أَمِين فِي الأَرْض وَلَو أَسْلفنِي أَو بَاعَنِي لَأَدَّيْت إِلَيْهِ اذْهَبْ بِدِرْعِي الْحَدِيد فَلَمَّا أخرج من عِنْده حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم﴾ كَأَنَّهُ يعزيه عَن الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله: ﴿وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك﴾ الْآيَة
قَالَ: تَعْزِيَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن مَا أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم مَا يفتح الله لكم من زهرَة الدُّنْيَا
قَالُوا: وَمَا زهرَة الدُّنْيَا يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَرَكَات الأَرْض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿زهرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ قَالَ: زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا ﴿لنفتنهم فِيهِ﴾ قَالَ: لنبتليهم فِيهِ ﴿ورزق رَبك خير وَأبقى﴾ قَالَ: مِمَّا متع بِهِ هَؤُلَاءِ من زهرَة الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿ورزق رَبك خير وَأبقى﴾ يَقُول: رزق الْجنَّة
وَأخرج المرهبي فِي فضل الْعلم عَن زِيَاد الصدعي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من طلب الْعلم تكفل الله برزقه
وَأخرج المرهبي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من غَدا فِي طلب الْعلم أظلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة وبورك لَهُ فِي معيشته وَلم ينقص من رزقه وَكَانَ عَلَيْهِ مُبَارَكًا
612
الْآيَة ١٣٢
613
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ أفلم يهد لهم ﴾ قال : ألم نبين لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ أفلم يهد لهم ﴾ قال : أفلم نبين لهم ﴿ كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم ﴾ نحو عاد وثمود ومن أهلك من الأمم وفي قوله :﴿ ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجل مسمى ﴾ قال : هذا من مقاديم الكلام يقول : لولا كلمة من ربك وأجل مسمى لكان لزاماً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ أفلم يهد لهم ﴾ قال : أفلم نبين لهم ﴿ كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم ﴾ نحو عاد وثمود ومن أهلك من الأمم وفي قوله :﴿ ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجل مسمى ﴾ قال : هذا من مقاديم الكلام يقول : لولا كلمة من ربك وأجل مسمى لكان لزاماً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً ﴾ قال : لكان أخذاً، ولكنا أخرناهم إلى يوم بدر وهو اللزوم، وتفسيرها ﴿ ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجل مسمى ﴾ لكان لزاماً، ولكنه تقديم وتأخير في الكلام.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : الأجل المسمى، الكلمة التي سبقت من ربك ﴿ لكان لزاماً وأجل مسمى ﴾ قال : أجل مسمى الدنيا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ لكان لزاماً ﴾ قال : موتاً.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ﴾ قال : هي الصلاة المكتوبة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس ﴾ قال : هي صلاة الفجر ﴿ وقبل غروبها ﴾ قال : صلاة العصر ﴿ ومن آناء الليل ﴾ قال : صلاة المغرب والعشاء ﴿ وأطراف النهار ﴾ قال : صلاة الظهر.
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن جرير، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ﴾ قال :﴿ قبل طلوع الشمس ﴾ صلاة الصبح ﴿ وقبل غروبها ﴾ صلاة العصر ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ﴾ قال : كان هذا قبل أن تفرض الصلاة.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان وابن مردويه، عن جرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا » ثم قرأ :﴿ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي، عن عمارة بن رومية : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ».
وأخرج الحاكم عن فضالة بن وهب الليثي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له :«حافظ على العصرين. قلت : وما العصران ؟ قال : صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله :﴿ ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار ﴾ قال : بعد الصبح وعند غروب الشمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله :﴿ لعلك ترضى ﴾ قال : الثواب فيما يزيدك الله على ذلك.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن، أنه قرأ ﴿ لعلك ترضى ﴾ برفع التاء.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن راهويه والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق، وأبو نعيم في المعرفة عن أبي رافع قال :«أضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيفاً ولم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم ما يصلحه، فأرسلني إلى رجل من اليهود أن بعنا أو أسلِفْنا دقيقاً إلى هلال رجب. فقال : لا، إلا برهن. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض، ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه، اذهب بدرعي الحديد، فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية ﴿ ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم ﴾ كأنه يعزيه عن الدنيا ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله :﴿ ولا تمدن عينيك ﴾ الآية. قال : تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إن أخوف ما أخاف عليكم، ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا. قالوا : وما زهرة الدنيا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بركات الأرض ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ زهرة الحياة الدنيا ﴾ قال : زينة الحياة الدنيا ﴿ لنفتنهم فيه ﴾ قال : لنبتليهم فيه ﴿ ورزق ربك خير وأبقى ﴾ قال : مما متع به هؤلاء من زهرة الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ ورزق ربك خير وأبقى ﴾ يقول : رزق الجنة.
وأخرج المرهبي في فضل العلم عن زياد الصدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من طلب العلم تكفل الله برزقه ».
وأخرج المرهبي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من غدا في طلب العلم، أظلت عليه الملائكة، وبورك له في معيشته ولم ينقص من رزقه وكان عليه مباركاً ».
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ﴾ قَالَ: قَوْمك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله: ﴿لَا نَسْأَلك رزقا﴾ قَالَ: لَا نكلفك بِالطَّلَبِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة أَنه كَانَ إِذا دخل على أهل الدُّنْيَا فَرَأى من دنياهم طرفا فَإِذا رَجَعَ إِلَى أَهله فَدخل الدَّار قَرَأَ ﴿وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك﴾ إِلَى قَوْله: ﴿نَحن نرزقك﴾ ثمَّ يَقُول: الصَّلَاة
الصَّلَاة رحمكم الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر وَابْن النجار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: لما نزلت ﴿وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ﴾ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَجِيء إِلَى بَاب عليّ صَلَاة الْغَدَاة ثَمَانِيَة أشهر يَقُول: الصَّلَاة رحمكم الله (إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا) (الْأَحْزَاب آيَة ٣٣)
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ثَابت قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَصَابَت أَهله خصَاصَة نَادَى أَهله بِالصَّلَاةِ: صلوا
صلوا
قَالَ ثَابت: وَكَانَت الْأَنْبِيَاء إِذا نزل بهم أَمر فزعوا إِلَى الصَّلَاة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد عَن معمر عَن رجل من قُرَيْش قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل على أَهله بعض الضّيق فِي الرزق أَمر أَهله بِالصَّلَاةِ ثمَّ قَرَأَ ﴿وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ﴾ الْآيَة
وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد صَحِيح عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزلت بأَهْله شدَّة أَو ضيق أَمرهم بِالصَّلَاةِ وتلا ﴿وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ﴾ الْآيَة
وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن أسلم قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب يُصَلِّي من اللَّيْل مَا
613
شَاءَ الله أَن يُصَلِّي حَتَّى إِذا كَانَ آخر اللَّيْل أيقظ أَهله للصَّلَاة وَيَقُول لَهُم: الصَّلَاة
الصَّلَاة
وَيَتْلُو هَذِه الْآيَة: ﴿وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن هِشَام بن عُرْوَة قَالَ: قَالَ لنا أبي: إِذا رأى أحدكُم شَيْئا من زِينَة الدُّنْيَا وزهرتها فليأت أَهله وليأمر أَهله بِالصَّلَاةِ وليصطبر عَلَيْهَا فَإِن الله قَالَ لنَبيه: ﴿وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم﴾ وَقَرَأَ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي وَله ﴿وَالْعَاقبَة للتقوى﴾ قَالَ: هِيَ الْجنَّة
وَالله أعلم
الْآيَة ١٣٣ - ١٣٥
614
أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أَو لم تأتهم بَيِّنَة مَا فِي الصُّحُف الأولى﴾ قَالَ: التَّوْرَاة والإِنجيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة قَالَ: الْهَالِك فِي الفترة وَالْمَعْتُوه والمولود يَقُول: رب لم يأتني كتاب وَلَا رَسُول
وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿وَلَو أَنا أهلكناهم بِعَذَاب من قبله لقالوا رَبنَا لَوْلَا أرْسلت إِلَيْنَا رَسُولا﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿أَصْحَاب الصِّرَاط السوي﴾ قَالَ: الْعدْل
614

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

٢١
سُورَة الْأَنْبِيَاء
مَكِّيَّة وآياتها اثْنَتَا عشرَة وَمِائَة
مُقَدّمَة سُورَة الْأَنْبِيَاء أخرج النّحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْبِيَاء بِمَكَّة
وَأخر البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْبِيَاء بِمَكَّة
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الضريس عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: بَنو إِسْرَائِيل والكهف وَمَرْيَم وطه والأنبياء هن من الْعتاق الأول وَهن من تلادي
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن عَامر بن ربيعَة أَنه نزل بِهِ رجل من الْعَرَب وَأكْرم عَامر مثواه وكلم فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء الرجل فَقَالَ: إِنِّي استقطعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاديا مَا فِي الْعَرَب أفضل مِنْهُ وَقد أردْت أَن أقطع لَك مِنْهُ قِطْعَة تكون لَك ولعقبك
فَقَالَ عَامر: لَا حَاجَة لي فِي قطيعتك نزلت الْيَوْم سُورَة أذهلتنا عَن الدُّنْيَا ﴿اقْترب للنَّاس حسابهم وهم فِي غَفلَة معرضون﴾
الْآيَة ١ - ١٥
615
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال : الهالك في الفترة والمعتوه والمولود يقول : رب لم يأتني كتاب ولا رسول. وقرأ هذه الآية ﴿ ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً. . . ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ أصحاب الصراط السوي ﴾ قال : العدل.
Icon