تفسير سورة سبأ

تفسير ابن عباس
تفسير سورة سورة سبأ من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المعروف بـتفسير ابن عباس .
لمؤلفه الفيروزآبادي . المتوفي سنة 817 هـ

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿الْحَمد لِلَّهِ﴾ يَقُول الشُّكْر لله وَهُوَ أَن صنع إِلَى خلقه فحمدوه ﴿الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات﴾ من الْخلق ﴿وَمَا فِي الأَرْض﴾ من الْخلق ﴿وَلَهُ الْحَمد﴾ الْمِنَّة ﴿فِي الْآخِرَة﴾ على أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة ﴿وَهُوَ الْحَكِيم﴾ فِي أمره وقضائه أَمر أَلا يعبد غَيره ﴿الْخَبِير﴾ الْعَلِيم بخلقه وبأعمالهم
﴿يَعْلَمُ مَا يَلْجُ﴾ مَا يدْخل ﴿فِي الأَرْض﴾ من الأمطار والمياه والأموات والكنوز ﴿وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾ وَيعلم مَا يخرج من الأَرْض من النَّبَات وَمن الْمِيَاه والكنوز والموتى ﴿وَمَا يَنزِلُ مِنَ السمآء﴾ من الأمطار والرزق وَغير ذَلِك ﴿وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ وَيعلم مَا يصعد إِلَيْهَا من الْمَلَائِكَة والحفظة بديوان الْعباد ﴿وَهُوَ الرَّحِيم﴾ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴿الغفور﴾ لمن تَابَ
﴿وَقَالَ الَّذين كَفَرُواْ﴾ كفار مَكَّة أَبُو جهل وَأَصْحَابه ﴿لاَ تَأْتِينَا السَّاعَة﴾ قيام السَّاعَة ﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿بلَى وَرَبِّي﴾ أقسم بِنَفسِهِ ﴿لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ السَّاعَة قيام السَّاعَة ﴿عَالِمِ الْغَيْب﴾ مَا غَابَ عَن الْعباد يعلم ذَلِك ﴿لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ﴾ لَا يغيب عَن الله ﴿مِثْقَالُ ذَرَّةٍ﴾ وزن نملة وَهِي النملة الْحَمْرَاء الصَّغِيرَة ﴿فِي السَّمَاوَات وَلاَ فِي الأَرْض﴾ من أَعمال الْعباد
358
﴿وَلاَ أَصْغَرُ﴾ أخف ﴿مِن ذَلِك وَلاَ أَكْبَرُ﴾ أثقل من ذَلِك ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ مَكْتُوب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ محصي عَلَيْهِم
359
﴿ليجزي﴾ لكى يجزى ﴿الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الْخيرَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ﴾ لذنوبهم فِي الدُّنْيَا ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ ثَوَاب حسن فِي الْجنَّة
﴿وَالَّذين سَعَوْا﴾ كذبُوا ﴿فِي آيَاتِنَا﴾ بِآيَاتِنَا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿مُعَاجِزِينَ﴾ لَيْسُوا بفائتين من عذابنا ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ﴾ عَذَاب وجيع
﴿وَيَرَى﴾ لكَي يرى ﴿الَّذين أُوتُواْ الْعلم﴾ أعْطوا الْعلم بِالتَّوْرَاةِ عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه ﴿الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحق﴾ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿وَيهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيز﴾ يدل إِلَى دين الْعَزِيز بالنقمة لمن لَا يُؤمن بِهِ ﴿الحميد﴾ لمن وَحده
﴿وَقَالَ الَّذين كَفَرُواْ﴾ كفار مَكَّة أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه للسفلة ﴿هَلْ نَدُلُّكُمْ على رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ﴾ يُخْبِركُمْ ﴿إِذَا مُزِّقْتُمْ﴾ فرقتم فِي الأَرْض ﴿كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ كل مفرق الْجلد والعظم هَذَا مُحَمَّد يزْعم ﴿إِنَّكُم لفي خلق جَدِيد﴾ يجددفينا الرّوح بعد الْمَوْت
﴿أفترى﴾ أختلق مُحَمَّد ﴿عَلَى الله كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ﴾ جُنُون قَالَ الله تَعَالَى ﴿بَلِ الَّذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿فِي الْعَذَاب﴾ فِي الْآخِرَة ﴿والضلال﴾ الْخَطَأ ﴿الْبعيد﴾ عَن الْحق وَالْهدى فِي الدُّنْيَا
﴿أَفَلَمْ يَرَوْاْ﴾ كفار مَكَّة ﴿إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ فَوْقهم وتحتهم من السَّمَاء وَالْأَرْض ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ فَوْقهم وتحتهم ﴿مِّنَ السمآء وَالْأَرْض إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ﴾ نغر ﴿بِهِمُ الأَرْض﴾ فِي الأَرْض ﴿أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً﴾ قطعا ﴿مِّنَ السمآء﴾ فنهلكهم ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ فِيمَا ذكرت لَهُم من السَّمَاء وَالْأَرْض (لآيَةً) لعبرة ﴿لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ﴾ مقبل إِلَى الله وَإِلَى طَاعَته
﴿وَلَقَد آتَيْنَا﴾ أعطينا ﴿دَاوُد منا فضلا﴾ ملكا ونبوة ﴿يَا جبال﴾ وَقُلْنَا يَا جبال ﴿أَوِّبِي مَعَهُ﴾ سبحي مَعَ دَاوُد ﴿وَالطير﴾ وسخرنا لَهُ الطير ﴿وَأَلَنَّا﴾ لينًا ﴿لَهُ الْحَدِيد﴾ يعْمل بِهِ مَا يَشَاء كَمَا يعْمل بالطين
﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ الدروع الواسعات ﴿وَقَدِّرْ فِي السرد﴾ قدر المسمار فِي الْحلق لَا تدقق المسمار فيمور فِيهِ وَيخرج مِنْهُ وَلَا تغلظه فيخرمه ﴿وَاعْمَلُوا صَالِحاً﴾ خَالِصا ﴿إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر ﴿بَصِيرٌ﴾ عَالم
﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرّيح﴾ وسخرنا لِسُلَيْمَان الرّيح ﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ﴾ يسير عَلَيْهَا غدْوَة من بَيت الْمُقَدّس إِلَى إصطخر مسيرَة شهر ﴿وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ يسير عَلَيْهَا رَاجعا من إصطخر إِلَى بَيت الْمُقَدّس مسيرَة شهر يَجِيء وَيذْهب فِي يَوْم ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ﴾ أجرينا لَهُ ﴿عَيْنَ الْقطر﴾ الصفر الْمُذَاب يعْمل بِهِ مَا يَشَاء كَمَا يعْمل بالطين ﴿وَمِنَ الْجِنّ﴾ وسخرنا لَهُ من الْجِنّ ﴿مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ بالسخرة من الْبُنيان وَغير ذَلِك ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ بِأَمْر ربه ﴿وَمَن يَزِغْ﴾ يمل ويعص ﴿مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا﴾ الَّذِي أمرنَا وَيُقَال عَن أَمر سُلَيْمَان ﴿نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السعير﴾ الْوقُود فِي النَّار وَيُقَال كَانَ يَضْرِبهُمْ ملك بعمود من نَار
﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ﴾ يَعْنِي الْمَسَاجِد ﴿وَتَمَاثِيلَ﴾ صور الْمَلَائِكَة والنبيين والعباد لكَي ينظر إِلَيْهِم النَّاس فيعبدوا رَبهم على مثالهم ﴿وجفان كالجواب﴾
359
قطاع كالجواب كحياض الْإِبِل لَا تتحرك ﴿وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ﴾ ثابتات عِظَام لَا ترفع يَأْكُل مِنْهَا ألف رجل ﴿اعْمَلُوا آل دَاوُد﴾ يَعْنِي سُلَيْمَان ﴿شُكْراً﴾ دَائِما بِمَا أَنْعَمت عَلَيْكُم يَقُول اعْمَلُوا عملا خيرا حَتَّى تُؤَدُّوا بذلك شكر مَا أَنْعَمت عَلَيْكُم ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكُور﴾ من يُؤَدِّي شكر الشكُور
360
﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ﴾ على سُلَيْمَان ﴿الْمَوْت﴾ كَانَ سُلَيْمَان مَيتا قَائِما فِي محرابه سنة ﴿مَا دَلَّهُمْ على مَوْتِهِ﴾ موت سُلَيْمَان ﴿إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ﴾ الأرضة ﴿تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ﴾ عَصَاهُ وَيُقَال عنزته ﴿فَلَمَّا خَرَّ﴾ وَقع سُلَيْمَان ﴿تَبَيَّنَتِ الْجِنّ﴾ تبين للإنس أَن الْجِنّ لَا يعلمُونَ ﴿أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُواْ فِي الْعَذَاب المهين﴾ الشَّديد من الْعَمَل بالسخرة وَكَانَ قبل ذَلِك يظنّ الْإِنْس أَن الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب فَتبين لَهُم بعد ذَلِك أَنهم لَا يعلمُونَ
﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ﴾ لأهل سبأ قَرْيَة فِي الْيمن ﴿فِي مَسْكَنِهِمْ﴾ فِي مَنَازِلهمْ ﴿آيَةٌ﴾ عَلامَة ﴿جَنَّتَانِ﴾ بستانان ﴿عَن يَمِينٍ﴾ يَمِين الطَّرِيق ﴿وَشِمَالٍ﴾ شمال الطَّرِيق وَكَانَ ثَلَاث عشرَة قَرْيَة نَحْو الْيَمين بعث الله إِلَيْهِم ثَلَاثَة عشر نَبيا فَقَالَ لَهُم الْأَنْبِيَاء ﴿كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ﴾ من فضل ربكُم من الثِّمَار وَالنَّعِيم ﴿واشكروا لَهُ﴾ بِالتَّوْحِيدِ ﴿بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ﴾ هَذِه بَلْدَة طيبَة لَيست بسبخة ﴿وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ لمن آمن بِهِ وَتَابَ
﴿فَأَعْرَضُواْ﴾ عَن الْإِيمَان وَإجَابَة الرُّسُل وَلم يشكروا بذلك ﴿فَأَرْسَلْنَا﴾ سُلْطَانا ﴿عَلَيْهِمْ سَيْلَ العرم﴾ سيل الْوَادي فَأهْلك مَا كَانَ لَهُم من الْبَسَاتِين والبيوت وَالنَّعِيم وَغير ذَلِك والعرم وَاد فِي الْيَمين يُقَال لَهُ وَادي الشّجر وَكَانَ فِيهِ مسناة يحبسون المَاء فِي الْوَادي بذلك وَكَانَ لَهَا ثَلَاثَة أَبْوَاب بَعْضهَا أَسْفَل من بعض فهدم الله تِلْكَ المسناة وأهلكهم بذلك المَاء ﴿وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ﴾ اللَّتَيْنِ هلكتا ﴿جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ﴾ ثَمَر خمط أَرَاك ﴿وَأَثْلٍ﴾ طرفاء ﴿وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ من شجر قَلِيل الثَّمر كثير الشوك
﴿ذَلِك جَزَيْنَاهُمْ﴾ أَي الَّذِي أَصَابَهُم عُقُوبَة لَهُم عاقبناهم ﴿بِمَا كفرُوا﴾ بِاللَّه وبنعمته ﴿وَهل نجازي﴾ نعاقب ﴿إِلاَّ الكفور﴾ الْكَافِر بِاللَّه وبنعمته
﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ﴾ بَين أهل سبأ ﴿وَبَيْنَ﴾ أهل ﴿الْقرى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾ بِالْمَاءِ وَالشَّجر يَعْنِي الْأُرْدُن وفلسطين ﴿قُرًى ظَاهِرَةً﴾ مُتَّصِلَة مُعَاينَة ﴿وَقَدَّرْنَا فِيهَا﴾ يَعْنِي الْقرى ﴿السّير﴾ على قدر المقيل وَالْمَبِيت ﴿سِيرُواْ فِيهَا﴾ سافروا فِيهَا ﴿لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ﴾ من الْجُوع والعطش واللصوص فَقَالَ لَهُم الْأَنْبِيَاء بعد ذَلِك اشكروا نعْمَة ربكُم لِئَلَّا يَأْخُذهَا مِنْكُم كَمَا أَخذ النِّعْمَة الأولى
﴿فَقَالُواْ رَبَّنَا﴾ يَا رَبنَا ﴿بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ مسيرنا ﴿وظلموا أَنفُسَهُمْ﴾ بالْكفْر والشرك وَتركُوا شكر ذَلِك ﴿فجعلناهم أَحَادِيث﴾ لمن بعدهمْ ﴿ومزقناهم﴾ فرقناهم فِي الْبلدَانِ ﴿كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ مفرق وأهلكناهم كل مهلك ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ فِيمَا تقدم فعلنَا بهم ﴿لآيَاتٍ﴾ لعلامات وعبرات ﴿لِّكُلِّ صَبَّارٍ﴾ على الطَّاعَة ﴿شَكُورٍ﴾ بنعم الله
﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾ قَوْله أَي ظن بهم ظنا فَوَافَقَ ظَنّه قَوْله ﴿فَاتَّبعُوهُ﴾ فِي الْكفْر ﴿إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤمنِينَ﴾ جملَة الْمُؤمنِينَ وَيُقَال فَاتَّبعُوهُ بالمعصية إِلَّا فريقاً طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ وهم سَبْعُونَ ألفا الَّذين يدْخلُونَ الْجنَّة بِلَا حِسَاب وَلَا عَذَاب
﴿وَمَا كَانَ الله﴾ لإبليس ﴿عَلَيْهِمْ﴾ على بني آدم ﴿مِّن سُلْطَانٍ﴾ من مقدرَة ونفاذ أَمر ﴿إِلاَّ لِنَعْلَمَ﴾ إِلَّا بِقدر مَا نرى ونميز ﴿مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَة﴾ من علمت فِي الْقدَم أَن يُؤمن بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا﴾ من قيام السَّاعَة ﴿فِي شَكٍّ﴾ ريب ﴿وَرَبُّكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من أَعْمَالهم ﴿حَفُيظٌ﴾ عليم
﴿قُلِ﴾ يَا مُحَمَّد لكفار مَكَّة بني مليح ﴿ادعوا الَّذين زَعَمْتُمْ﴾ عَبدْتُمْ ﴿مِّن دُونِ الله﴾ حَتَّى يجيبوكم وَكَانُوا يعْبدُونَ الْجِنّ ويظنون أَنهم الْمَلَائِكَة قَالَ الله لَهُم ﴿لاَ يَمْلِكُونَ﴾ لَا يقدرُونَ أَن ينفعوكم ﴿مِثُقَالَ ذَرَّةٍ﴾ وزن ذرة ﴿فِي السَّمَاوَات﴾ مِمَّا فِي السَّمَوَات
360
﴿وَلاَ فِي الأَرْض﴾ وَلَا مِمَّا فِي الأَرْض ﴿وَمَا لَهُمْ﴾ للْمَلَائكَة ﴿فِيهِمَا﴾ فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ﴿مِن شِرْكٍ﴾ من شركَة مَعَ الله ﴿وَمَا لَهُ﴾ لله ﴿مِنْهُمْ﴾ من الْمَلَائِكَة ﴿مِّن ظَهِيرٍ﴾ من عون فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض
361
﴿وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَة﴾ وَلَا تشفع الْمَلَائِكَة ﴿عِندَهُ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ بالشفاعة ثمَّ ذكر ضعف الْمَلَائِكَة حَيْثُ كلم الله جِبْرِيل بالوحى إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسمِعت الْمَلَائِكَة كَلَام الرب تبَارك وَتَعَالَى فَخَروا مغشياً عَلَيْهِم من هَيْبَة كَلَام الله فَكَانُوا كَذَلِك ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ﴾ كشط وجلي ﴿عَن قُلُوبِهِمْ﴾ الْخَوْف حِين انحدر عَلَيْهِم جِبْرِيل فَرفعُوا رُءُوسهم ﴿قَالُواْ﴾ يَعْنِي الْمَلَائِكَة لجبريل وَمن مَعَه من الْمَلَائِكَة ﴿مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ﴾ يَا جِبْرِيل ﴿قَالُواْ﴾ يَعْنِي جِبْرِيل وَمن مَعَه من الْمَلَائِكَة ﴿الْحق﴾ الْقُرْآن ﴿وَهُوَ الْعلي﴾ أَعلَى كل شَيْء ﴿الْكَبِير﴾ أكبر كل شَيْء
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لكفار مَكَّة ﴿مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاوَات﴾ بالمطر ﴿وَالْأَرْض﴾ بالنبات فَإِن أجابوك وَقَالُوا الله وَإِلَّا ﴿قُلِ الله﴾ يرزقكم ﴿وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿لعلى هُدىً أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ فِي رزق الله سَوَاء وَيُقَال وَإِنَّا معشر الْمُؤمنِينَ لعلى هدى أَو إيَّاكُمْ يَا أهل مَكَّة فِي ضلال مُبين فِي كفر وَخطأ بَين مقدم ومؤخر فِي الْكَلَام
﴿قُل﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا﴾ أَذْنَبْنَا ﴿وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ فِي كفركم ثمَّ نسخ بعد ذَلِك بِآيَة السَّيْف
﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿ثُمَّ يَفْتَحُ﴾ يقْضِي ﴿بَيْنَنَا بِالْحَقِّ﴾ بِالْعَدْلِ ﴿وَهُوَ الفتاح﴾ القَاضِي بلغَة عمان ﴿الْعَلِيم﴾ بالحكم
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة ﴿أَرُونِيَ الَّذين أَلْحَقْتُمْ بِهِ﴾ أشركتم بِهِ ﴿شُرَكَآءَ﴾ آلِهَة مَاذَا خلقُوا ثمَّ قَالَ الله ﴿كَلاَّ﴾ حَقًا لم يخلقوا شَيْئا ﴿بَلْ هُوَ الله﴾ خلق ذَلِك ﴿الْعَزِيز﴾ بالنقمة لمن لَا يُؤمن بِهِ ﴿الْحَكِيم﴾ فِي أمره وقضائه أَمر أَن لَا يعبد غَيره
﴿وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِلاَّ كَآفَّةً﴾ جمَاعَة ﴿لِّلنَّاسِ﴾ الْإِنْس وَالْجِنّ ﴿بَشِيراً﴾ بِالْجنَّةِ لمن آمن بِاللَّه ﴿وَنَذِيراً﴾ من النَّار لمن كفر بِهِ ﴿وَلَكِن أَكْثَرَ النَّاس﴾ أهل مَكَّة ﴿لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك وَلَا يصدقون
﴿وَيَقُولُونَ﴾ كفار مَكَّة ﴿مَتى هَذَا الْوَعْد﴾ يَا مُحَمَّد الَّذِي تعدنا ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ إِن كنت من الصَّادِقين أَن نبعث بعد الْمَوْت
﴿قُل﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ﴾ مِيقَات يَوْم يَوْم الْقِيَامَة ﴿لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً﴾ بعد الْأَجَل ﴿وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ﴾ قبل الْأَجَل سَاعَة
﴿وَقَالَ الَّذين كَفَرُواْ﴾ كفار مَكَّة أَبُو جهل بن هِشَام وَأَصْحَابه ﴿لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآن﴾ الذى يقرأه علينا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَلاَ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ قبله من التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَسَائِر الْكتب ﴿وَلَوْ ترى﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِذِ الظَّالِمُونَ﴾ الْمُشْركُونَ أَبُو جهل وَأَصْحَابه ﴿مَوْقُوفُونَ﴾ محبوسون ﴿عِندَ رَبِّهِمْ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ القَوْل﴾ يُجيب بَعضهم بَعْضًا وَيرد بَعضهم بَعْضًا ويلعن بَعضهم بَعْضًا ﴿يَقُولُ الَّذين استضعفوا﴾ قهروا وهم السفلة ﴿لِلَّذِينَ استكبروا﴾ تعظموا عَن الْإِيمَان وهم القادة ﴿لَوْلاَ أَنتُمْ لَكنا مُؤمنين﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن
﴿قَالَ الَّذين استكبروا﴾ تعظموا عَن الْإِيمَان وهم القادة ﴿لِلَّذِينَ استضعفوا﴾ قهروا وهم السفلة ﴿أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ﴾ صرفناكم ﴿عَنِ الْهدى﴾ عَن الْإِيمَان ﴿بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ﴾ مُحَمَّد بِهِ ﴿بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ﴾ مُشْرِكين قبل مجىء مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْكُم
﴿وَقَالَ الَّذين استضعفوا﴾ قهروا وهم السفلة ﴿لِلَّذِينَ استكبروا﴾
361
تعظموا عَن الْإِيمَان وهم القادة ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ قَوْلكُم إيانا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار ﴿إِذْ تَأْمُرُونَنَآ﴾ إِذْ أمرتمونا ﴿أَن نَّكْفُرَ بِاللَّه﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً﴾ أعدالاً وأشكالاً ﴿وَأَسَرُّواْ﴾ أخفوا ﴿الندامة﴾ القادة من السفلة وَيُقَال أظهر الندامة القادة والسفلة ﴿لَمَّا﴾ حِين ﴿رَأَوُاْ الْعَذَاب وَجَعَلْنَا الأغلال فِي أَعْنَاق الَّذين كفرُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن يَقُول غلت أَيْمَانهم إِلَى أَعْنَاقهم ﴿هَلْ يُجْزَوْنَ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ إِلَّا بِمَا كَانُوا يعْملُونَ وَيَقُولُونَ فِي كفرهم
362
﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ﴾ إِلَى أهل قَرْيَة ﴿مِّن نَّذِيرٍ﴾ رَسُول مخوف ﴿إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ﴾ جبابرتها وأغنياؤها ﴿إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ جاحدون
﴿وَقَالُواْ﴾ للرسل ﴿نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً﴾ مِنْكُم ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ بديننا هَذَا مَعَ هَذِه الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد وَهَكَذَا قَالَ كفار مَكَّة لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ الله ﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرزق﴾ يُوسع المَال ﴿لِمَن يَشَآءُ﴾ على من يَشَاء وَهُوَ مكر مِنْهُ ﴿وَيَقْدِرُ﴾ يقتر على من يَشَاء وَهُوَ نظر مِنْهُ ﴿وَلَكِن أَكْثَرَ النَّاس﴾ أهل مَكَّة ﴿لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك وَلَا يصدقون بِهِ
﴿وَمَآ أَمْوَالُكُمْ﴾ كَثْرَة أَمْوَالكُم يَا أهل مَكَّة ﴿وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ﴾ كَثْرَة أَوْلَادكُم ﴿بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زلفى﴾ قربى بالدرجات ﴿إِلاَّ مَنْ آمَنَ﴾ بِاللَّه وَلَكِن إِيمَان من آمن بِاللَّه ﴿وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ خَالِصا فِيمَا بَينه وَبَين ربه يقربهُ إِلَى الله ﴿فَأُولَئِك لَهُمْ جَزَآءُ الضعْف﴾ فِي الْحَسَنَات ﴿بِمَا عَمِلُواْ﴾ فِي إِيمَانهم ﴿وَهُمْ فِي الغرفات﴾ فِي الدَّرَجَات ﴿آمِنُونَ﴾ من الْمَوْت والزوال
﴿وَالَّذين يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا﴾ يكذبُون بِآيَاتِنَا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿مُعَاجِزِينَ﴾ لَيْسُوا بفائتين من عذابنا ﴿أُولَئِكَ فِي الْعَذَاب﴾ فِي النَّار ﴿مُحْضَرُونَ﴾ معذبون
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ﴾ يُوسع المَال على من يَشَاء ﴿من عباده﴾ وَهُوَ مكر مِنْهُ ﴿وَيقدر لَهُ﴾ يقتر لَهُ وَهُوَ نظر مِنْهُ ﴿وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ﴾ فِي سَبِيل الله ﴿فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ وَفِي الْآخِرَة بِالْحَسَنَاتِ ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرازقين﴾ أفضل الْمُخلفين والمعطين
﴿وَيَوْم نحشرهم﴾ يَعْنِي بني مليح وَالْمَلَائِكَة ﴿جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ للْمَلَائكَة أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ﴾ بأمركم
﴿قَالُواْ﴾ يَعْنِي الْمَلَائِكَة ﴿سُبْحَانَكَ﴾ نزهوا الله ﴿أَنتَ وَلِيُّنَا﴾ رَبنَا ﴿مِن دُونِهِمْ﴾ من دون أَن أمرناهم بعبادتنا ﴿بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الْجِنّ أَكْثَرُهُم بهم مُؤمنُونَ﴾ مقرون يرَوْنَ أَنهم الْمَلَائِكَة
﴿فاليوم﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿لاَ يَمْلِكُ﴾ لَا يقدر ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ﴾ يَعْنِي الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ لكم ﴿نَّفْعاً﴾ من الشَّفَاعَة ﴿وَلاَ ضَرّاً﴾ بِدفع الْعَذَاب ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ أشركوا ﴿ذُوقُواْ عَذَابَ النَّار الَّتِي كُنتُم بِهَا﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ أَنَّهَا لَا تكون
﴿وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ﴾
362
تقْرَأ على كفار مَكَّة ﴿آيَاتُنَا﴾ آيَات الْقُرْآن ﴿بَيِّنَاتٍ﴾ مبينات بالحلال وَالْحرَام ﴿قَالُواْ مَا هَذَا﴾ يعنون مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ﴾ يصرفكم ﴿عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ﴾ من الْآلهَة ﴿وَقَالُواْ مَا هَذَا﴾ الذى يَقُول مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِلاَّ إِفْكٌ﴾ كذب ﴿مُّفْتَرىً﴾ مختلق من تِلْقَاء نَفسه ﴿وَقَالَ الَّذين كَفَرُواْ﴾ كفار مَكَّة ﴿لِلْحَقِّ﴾ لِلْقُرْآنِ ﴿لَمَّا جَآءَهُمْ﴾ حِين جَاءَهُم بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِن هَذَا﴾ مَا هَذَا ﴿إِلَّا سحر مُبين﴾ كذب بَين
363
﴿وَمَآ آتَيْنَاهُمْ﴾ أعطيناهم كفار مَكَّة ﴿مِّنْ كُتُبٍ يدرسونها﴾ يقرءُون فِيهَا مَا يَقُولُونَ ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿مِّن نَّذِيرٍ﴾ من رَسُول مخوف لَهُم إِلَّا قَالُوا لَهُ مثل مَا يَقُولُونَ لَك
﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ﴾ من قبل قَوْمك قُرَيْش الرُّسُل ﴿وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ آتَيْنَاهُمْ﴾ يَقُول مَا بلغت قُرَيْش عشر من كَانَ قبلهم من الْكفَّار وَيُقَال مَا بلغت أَمْوَالهم وَلَا أَوْلَادهم وأعمارهم وقوتهم عشر مَا أعطينا من كَانَ قبلهم ﴿فَكَذَّبُواْ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ تغييري عَلَيْهِم بِالْعَذَابِ حِين لم يُؤمنُوا
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لكفار مَكَّة ﴿إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ﴾ بِكَلِمَة وَاحِدَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَهَذَا كَقَوْل الرجل للرجل تعال حَتَّى أُكَلِّمك كلمة وَاحِدَة ثمَّ يكلمهُ بِأَكْثَرَ من ذَلِك ﴿أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مثنى﴾ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ ﴿وفرادى﴾ وَاحِدًا وَاحِدًا ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ﴾ هَل كَانَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ساحراً أَو كَاهِنًا أَو كَاذِبًا أَو مَجْنُونا ثمَّ قَالَ الله تَعَالَى ﴿مَا بِصَاحِبِكُمْ﴾ مَا بنبيكم (مِّن جِنَّةٍ) من جُنُون ﴿إِنْ هُوَ﴾ مَا هُوَ يعْنى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِلاَّ نَذِيرٌ﴾ رَسُول مخوف ﴿لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ يَوْم الْقِيَامَة إِن لم تؤمنوا
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ﴾ من جعل وَمؤنَة ﴿فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ﴾ مَا ثوابي ﴿إِلاَّ عَلَى الله وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ﴾ من أَعمالكُم ﴿شَهِيدٍ﴾ عَالم
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ﴾ يبين الْحق وَيَأْمُر بِالْحَقِّ ﴿عَلاَّمُ الغيوب﴾ مَا غَابَ عَن الْعباد يعلم الله ذَلِك
﴿قُلْ جَآءَ الْحق﴾ ظهر الْإِسْلَام وَكثر الْمُسلمُونَ ﴿وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِل﴾ مَا يخلق الشَّيْطَان والأصنام ﴿وَمَا يُعِيدُ﴾ يحيي بعد الْمَوْت
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿إِن ضَلَلْتُ﴾ عَن الْحق وَالْهدى ﴿فَإِنَّمَآ أَضِلُّ على نَفْسِي﴾ يَقُول عُقُوبَة ذَلِك على نَفسِي ﴿وَإِنِ اهتديت﴾ إِلَى الْحق وَالْهدى ﴿فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾ اهتديت ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ﴾ لمن دَعَاهُ ﴿قَرِيبٌ﴾ بالإجابة لمن وَحده
﴿وَلَوْ ترى﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِذْ فَزِعُواْ﴾ خسف بهم الأَرْض وماتوا وَهُوَ خسف الْبَيْدَاء بهم ﴿فَلاَ فَوْتَ﴾ فَلَا يفوت مِنْهُم وَاحِد ﴿وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ من تَحت أَقْدَامهم وَخسف بهم الأَرْض
﴿وَقَالُوا﴾ عِنْدَمَا خسف بهم الأَرْض ﴿آمَنَّا بِهِ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن قَالَ الله تَعَالَى ﴿وأنى لَهُمُ التناوش﴾ التَّوْبَة وَالرَّجْعَة ﴿مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ﴾ بعد الْمَوْت
﴿وَقد كفرُوا بِهِ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿مِن قَبْلُ﴾ من قبل مَا خسف بهم الأَرْض ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ﴾ يَقُولُونَ بِالظَّنِّ فِي الدُّنْيَا أَن لَا جنَّة وَلَا نَار ﴿مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ بعد الْمَوْت وَيُقَال يقذفون بِالْغَيْبِ يسْأَلُون الرّجْعَة إِلَى الدُّنْيَا بِالظَّنِّ من مَكَان بعيد بعد الْمَوْت
﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ﴾ فرق بَينهم ﴿وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ من الرُّجُوع إِلَى الدُّنْيَا ﴿كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم﴾ بأشباههم وَأهل دينهم ﴿مِّن قَبْلُ﴾ من قبلهم من الْكفَّار ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ مُّرِيبِ﴾ ظَاهر الشَّك بفاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالله أعلم بأسرار كِتَابه
363
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْمَلَائِكَة وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها خمس وَأَرْبَعُونَ وكلماتها مائَة وَسبع وَتسْعُونَ وحروفها ثَلَاثَة آلَاف وَمِائَة وَثَلَاثُونَ وَالله أعلم بأسرار كِتَابه
tit/٢ { بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {/ tit
364
Icon