ﰡ
٨٦٦- ابن العربي : قال : مالك : ليس على النساء تظاهر، إنما قال الله تعالى :﴿ الذين يظاهرون منكم من نسائهم ﴾ ولم يقل : واللاتي يظاهرن منكن من أزواجهن، إنما الظهار١ على الرجل. ٢
٢ - أحكام القرآن لابن العربي: ٤/ ١٧٥١. وزاد ابن العربي بعض الإيضاحات حول هذه المسألة قائلا: "هكذا روى ابن القاسم وسالم، ويحيى بن سعيد، وربيعة، وأبي الزناد، وهو صحيح معنى، لأن الحل والعقد والتحليل والتحريم في النكاح بيد الرجال، ليس بيد المرأة منه شيء وهذا إجماع" ينظر: الجامع: ١٧/ ٢٧٦، وتفسير ابن كثير: ٤/٣٢٢..
٨٦٧- يحيى : قال مالك، في قوله الله تعالى :﴿ والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا ﴾ قال : سمعت أن تفسير ذلك أن يتظاهر الرجل من امرأته ثم يجمع على إمساكها وإصابتها، فإن أجمع على ذلك فقد وجبت عليه الكفارة وإن طلقها ولم يجمع بعد تظاهره منها، على إمساكها وإصابتها، فلا كفارة عليه. ١
قال مالك : فإن تزوجها بعد ذلك لم يمسها حتى يكفر كفارة المتظاهر.
قال مالك : قال الله تعالى في كفارة المتظاهر ﴿ فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير* فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ﴾.
قوله تعالى :﴿ فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ﴾ [ المجادلة : ٣ ].
٨٦٨- يحيى : قال مالك : إن أحسن ما سمع في الرقاب الواجبة، أنه لا يجوز أن يعتق فيها نصراني ولا يهودي، ولا يعتق فيها مكاتب ولا مدبر. ولا أم ولد معتق إلى سنين، ولا أعمى. ٢
قال مالك : " الرقاب الواجبة التي ذكر الله في الكتاب " ٣ فإنه لا يعتق فيها إلا رقبة مؤمنة.
وقيل إن إتيان المرأة وطهرها إلى السماء كان حراما عندهم وكان أهل المدينة يقولون: إذا أتيت المرأة ووجهها إلى الأرض جاء الولد أحول، فلقصد الرجل المطلق منهم إلى التغليظ في تحريم امرأته عليه شبهها بالظهر، ثم لم يقنع بذلك حتى جعلها كظهر أمه. وإنما عدي الظهار بمن لأنهم كانوا إذا ظاهروا المرأة تجنبوها كما يجتنبون المطلقة ويحترزون منها، فكان قوله: ظاهر من امرأته: أي بعد واحترز منها، كما قيل: آتى من امرأته فما ضمن معنى التباعد عد بمن" النهاية: ٣/ ١٦٥. ينظر: أنيس الفقهاء": ١٦٢، والتعريفات: ١٤٤..
٢ -الموطأ: ٢/٧٧٨، كتاب العتاق والولاء، باب ما لا يجوز من العتق في الرقاب الواجبة..
٣ - هي قوله تعالى: ﴿ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة، دية مسلمة إلى أهله﴾ النساء/٩٢.
وقوله تعالى: ﴿فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة﴾ النساء/٩٢.
وقوله تعالى: ﴿وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة﴾ النساء/ ٩٢.
وقوله تعالى: ﴿من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة﴾ المائدة/ ٨٩.
وقوله تعالى: ﴿ما أدراك ما العقبة، فك رقبة﴾ البلد/١٣.
وقوله تعالى: ﴿والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب﴾ البقرة /١٧٧.
وقوله تعالى: ﴿والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب﴾ التوبة/٦٠..
٨٦٩- يحيى : سمعت مالكا يقول : أحسن ما سمعت فيمن وجب عليه صيام شهرين متتابعين، في قتل خطأ أو تظاهر، فعرض له مرض يغلبه ويقطع عليه صيامه، أنه إن صح من مرضه وقوي الصيام، فليس له أن يؤخر ذلك وهو يبني على ما قد مضى من صيامه.
وليس لأحد وجب عليه صيام شهرين متتابعين في كتاب الله، أن يفطر إلا من علة : مرض، أو حيضة، وليس له أن يسافر فيفطر. ١قال مالك : وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
٨٧٠- يحيى : قال مالك : وأحب إلي أن يكون، ما سمى الله في القرآن يصام متتابعا. ٢.
قوله تعالى :﴿ فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ﴾ [ المجادلة : ٤ ].
٨٧١- ابن العربي : قال مالك في رواية ابن القاسم، وابن عبد الحكم مد بمد شام، وهو الشبع هاهنا، لأن الله تعالى أطلق الطعام ولم يذكر الوسط. ٣
وقال :- يعني مالكا- في رواية أشهب : مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم قيل له : ألم تكن قلت : مد هشام ؟ قال : بلى، ومدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلي. وكذلك قال عنه ابن القاسم أيضا. ومد هشام هو مدان غير ثلث بمد النبي صلى الله عليه وسلم. قال أشهب : قلت له : أيختلف الشبع عندنا وعندكم ؟.
قال : نعم الشبع عندنا مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم، والشبع عندكم أكثر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لنا البركة دونكم، وأنتم تأكلون أكثر مما نأكل نحن، وهذا بين جدا.
٨٧٢- يحيى : قال مالك في إطعام المساكين في الكفارات : لا ينبغي أن يطعم فيها إلا المسلمون، ولا يطعم فيها أحد على غير دين الإسلام ٤.
٢ - الموطأ: ١/٣٠٤، باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات..
٣ - أحكام القرآن لابن العربي: ٤/ ١٧٥٦، وقد تعقبه ابن العربي بحديث طويل قائلا: "وقع الكلام هاهنا كما ترون في مد هشام، وددت أن يهشم الزمان ذكره، ويمحو في الكتب رسمه، فإن المدينة التي نزل الوحي بها، واستقر بها الرسول، ووقع عندهم الظهار وقيل لهم فيه: ﴿فإطعام ستين مسكينا﴾ فهموه وعرفوا المراد به، وأنه الشبع، وقدره معروف عندهم متقدر لديهم، فقد كانوا يجوعون لحاجة ويشبعون بسنة لا بشوة، ومجاعة وقد ورد ذكر الشبع في الأخبار كثيرا. وقد تكلمنا على هذه الأنوار واستمر الحال على ذلك أيام الخلفاء الراشدين المهديين، ثم نفخ الشيطان في أذن هشام، فرأى مد النبي صلى الله عليه وسلم لا يشبعه، ولا مثله من حاشية ونظائره، فسول له أن يتخذ مدا يكون فيه شبعه، فجعله رطلين، وحمل الناس عليه، فإذا ابتل عاد نحو ثلاثة أرطال، فغير السنة، وأذهب محل البركة. قال النبي صلى الله عليه وسلم حين دعا ربه لأهل المدينة بالبركة لهم في مدهم وصاعهم: مثل ما بارك لإبراهيم بمكة. فكانت البركة تجري بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم في مده، فسعى الشيطان في تغيير هذه السنة وإذهاب البركة. فلم يستجب له في ذلك إلا هشام، فكان من حق العلماء أن يلغوا ذكره، ويمحوا رسمه، إذ لم يغيروا أمره، وأما أن يحيلوا على ذكره في الأحكام ويجعلوه تفسيرا لما ذكره الله ورسوله بعد أن كان مفسرا عند الصحابة الذين نزل عليهم فخطب جسيم، ولذلك كانت رواية أشهب في ذكر مد النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة الظهار أحب إلينا من الرواية بأنها بمد هشام. ألا ترى كيف نبه مالك هذا العلم بقوله لأشهب: الشبع عندنا بمد النبي صلى الله عليه وسلم والشبع عندكم أكثر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالبركة، وبهذا أقول، فإن العبادات إذا أديت بالسنة، فإن كانت في البدن كان أسرع للقبول. وإن كانت في المال كان قليلها أثقل في الميزان وأبرك في يد الأخذ، وأطيب في شدقه، وأقل آفة في بطنه، وأكثر إقامة لصلبه، والله الموفق لا رب غيره" ٤/١٧٥٦-١٧٥٧. ينظر: الهداية لمكي: ٢٥١ مخطوط خ. ح ٩٧٨٢، والجامع: ١٧/٢٨٥-٢٨٦-٢٨٧..
٤ - الموطأ: ٢/٧٧٨، كتاب العتاق والولاء، باب ما لا يجوز من العتق في الرقاب الواجبة..
٨٧٣- ابن العربي : روى ابن القاسم عن مالك قال : إن الآية في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ومجالسنا هذه، وإن الآية عامة في كل مجلس ١.
قوله تعالى :﴿ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ﴾[ المجادلة : ١١ ].
٨٧٤- ابن العربي : قال يحيى بن يحيى عن مالك : إن قوله :﴿ يرفع الله الذين آمنوا ﴾ الصحابة، ﴿ والذين أوتوا العلم درجات ﴾، يرفع الله بها العالم والطالب للحق ٢.
٢ - أحكام القرآن لابن العربي: ٤/ ١٧٦١. وزاد ابن العربي قائلا: "والعموم أوقع في المسألة، وأولى بمعنى الآية والله أعلم. ينظر: الجامع: ١٧/ ٢٩٩..
٨٧٥- ابن العربي : روى ابن وهب، عن مالك : لا تجالس القدرية وعادهم في الله لقول الله تعالى :﴿ لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ﴾. ١
وقد روي أن مجوسيا ناظر قدريا، فقال القدري للمجوسي: ما لك لا تؤمن؟ فقال له المجوسي: لو شاء الله لأمنت. قال له القدري قد شاء الله، ولكن الشيطان يصدك، قال المجوسي: فدعني مع أقواهما". ينظر: الجامع: ١٧/٣٠٨.
وفي البيان والتحصيل لابن رشد، قال: وسألته – يعني مالكا- عن مجالسة القدرية وكلامهم فقال لي: لا تكلمهم ولا تقعد إليهم إلا أن تجلس إليهم تغلظ عليهم قلت: إن لنا جيرانا لا أكلمهم ولا أخاصمهم، فقال: لا تجالسهم عادهم في الله، يقول الله عز وجل: ﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله﴾ [المجادلة: ٢٢] فلا توادهم.
قال مالك: ما أبين هذا في الرد على أهل القدر: ﴿لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم﴾ [التوبة: ١١٠] وقوله تعالى: ﴿أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن﴾ [هود: ٣٦] فهذا لا يكون أبدا ولا يرجع ولا يزال. قال: وسئل عن عيادة أهل القدر، قال: "لا تعودوهم ولا تحدث عنهم الأحاديث": ١٨/ ٢١٠.
وفي الاعتصام للشاطبي قال: "حكي عن مالك أنه قال: لا تجالس القدري ولا تكلمه إلا أن تجلس إليه، فتغلظ عليه، لقوله تعالى: ﴿ لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله﴾. فلا توادوهم}. ١/١٣١..