تفسير سورة سورة الملك من كتاب تفسير السمعاني
المعروف بـتفسير السمعاني
.
لمؤلفه
أبو المظفر السمعاني
.
المتوفي سنة 489 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الملك وهي مكية، روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي عليه الصلاة والسلام - قال :" إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له، وهي ( تبارك الذي بيده الملك ) " ١.وروى أبو الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم كان لا ينام حتى يقرأ :( الم تنزيل الكتاب )٢، و ( تبارك الذي بيده الملك )٣ قال طاوس : يفضلان سائر السور بسبعين حسنة. وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس أن رجلا ضرب خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فسمع قارئا :( تبارك الذي بيده الملك ) حتى ختم السورة، فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فذكر له ذلك، فقال :" هي المنجية، هي المانعة، تنجيه من عذاب القبر " ٤ ذكر هذه الأخبار أبو عيسى الترمذي في جامعه بإسناده. وفي غيره أن الزهري روى عن حميد ابن عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :" سورة الملك تجادل عن صاحبها يوم القيامة ".
وروى مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود : أن رجلا أتي في قبره من جوانبه، فجعلت سورة من القرآن تجادل عن صاحبها حتى الجنة. قال مرة : فنظرت أنا وخيثمة فإذا هي سورة الملك، والله أعلم.
١ - رواه أبو داود ( ٢ /٥٧ رقم ١٤٠٠)، و الترمذى ( ٥ /١٥١ -١٥٢ رقم ٢٨٩١)و حسنه. و النسلئي في الكبرى ( ٦ /١٧٨ – ٤٩٦ رقم ١٠٥٤٦ – ١١٦١٢)، و ابن ماجة ( ٢ /١٢٤٤ رقم ٣٧٨٦ )، و أحمد ( ٢ /٢٩٩ -٣٢١)، و عبد حميد ( ٤٢١ – ٤٢٢ رقم ١٤٤٥) و و ابن حبان فب صحيحه (٣/٦٧ -٦٩ رقم ٧٨٧ -٧٨٨)، و الحاكم (١/ ٥٦٥ -٢ /٤٩٧ -٤٩٨) و صححه، و البيهقي في الشعب ( ٥ /٤٤٥ رقم ٢٢٧٦)..
٢ - بعني سورة السجدة..
٣ - تقدم تخريجه في تفسير سورة السجدة..
٤ - رواه الترمذى ( ٥ /١٥١ رقم ٢٨٩ ) و قال : حسن غريب، و الطبراني في الكبير ( ١٢ /١٧٤ -١٧٥ رقم ١٢٨٠١)، و لبن عدى ( ٧ /٢٠٥)، و أبو نعبم فب الحلية ( ٣ /٨١) و و البيهقي في الدلائل (٧/٤١) و قال : تفرد به يحيى بن عمرو النكرى، و ÷و ضعيف ’ إلأ أن معناه شاهدا عن لبن مسعود، و البيهفي في الشعب ( ٥ /٤٤٨-٤٤٩ رقم ٢٢٨٠ ). و عده ابن عدى و الذهبي في الميزان (٤ /٣٩٩) من مناكر يحيى بن عمرو النكرى..
٢ - بعني سورة السجدة..
٣ - تقدم تخريجه في تفسير سورة السجدة..
٤ - رواه الترمذى ( ٥ /١٥١ رقم ٢٨٩ ) و قال : حسن غريب، و الطبراني في الكبير ( ١٢ /١٧٤ -١٧٥ رقم ١٢٨٠١)، و لبن عدى ( ٧ /٢٠٥)، و أبو نعبم فب الحلية ( ٣ /٨١) و و البيهقي في الدلائل (٧/٤١) و قال : تفرد به يحيى بن عمرو النكرى، و ÷و ضعيف ’ إلأ أن معناه شاهدا عن لبن مسعود، و البيهفي في الشعب ( ٥ /٤٤٨-٤٤٩ رقم ٢٢٨٠ ). و عده ابن عدى و الذهبي في الميزان (٤ /٣٩٩) من مناكر يحيى بن عمرو النكرى..
ﰡ
قَوْله تَعَالَى: ﴿تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ﴾ قد بَينا أَن تبَارك تفَاعل من الْبركَة، وَالْمعْنَى: أَن جَمِيع البركات مِنْهُ تَعَالَى.
وَيُقَال: تبَارك أَي: تعظم وتقدس وَتَعَالَى، وَمِنْه البرك فِي الصَّدْر.
وَقَوله ﴿الَّذِي بِيَدِهِ الْملك﴾ أَي: ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض.
وَيُقَال: ملك النُّبُوَّة، يعز بِهِ من اتبعهُ، ويذل بِهِ من خَالفه، حكى ذَلِك عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
وَقَوله ﴿وَهُوَ على كل شَيْء قدير﴾ أَي: قَادر.
وَيُقَال: تبَارك أَي: تعظم وتقدس وَتَعَالَى، وَمِنْه البرك فِي الصَّدْر.
وَقَوله ﴿الَّذِي بِيَدِهِ الْملك﴾ أَي: ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض.
وَيُقَال: ملك النُّبُوَّة، يعز بِهِ من اتبعهُ، ويذل بِهِ من خَالفه، حكى ذَلِك عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
وَقَوله ﴿وَهُوَ على كل شَيْء قدير﴾ أَي: قَادر.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿الَّذِي خلق الْمَوْت والحياة﴾ أَي: الْمَوْت فِي الدُّنْيَا، والحياة فِي الْآخِرَة.
وَيُقَال: خلق الْمَوْت أَي: النُّطْفَة فِي الرَّحِم لِأَنَّهَا ميتَة، والحياة هُوَ أَنه نفخ فِيهَا الرّوح من بعد.
وَيُقَال: خلق الْمَوْت والحياة، أَي: الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
وَحكى أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس: " أَن الله تَعَالَى خلق الْمَوْت على صُورَة كَبْش أغبر، لَا يمر بِشَيْء، وَلَا يطَأ على شَيْء وَلَا يجد رِيحه شَيْء إِلَّا مَاتَ، وَخلق الْحَيَاة على صُورَة فرس أُنْثَى بلقاء لَا تمر على شَيْء، وَلَا تطَأ على شَيْء وَلَا تَجِد [رِيحهَا] شَيْء إِلَّا حيى.
قَالَ: وَهِي دون البغلة وَفَوق الْحمار، خطوها مد الْبَصَر، وَكَانَ جِبْرِيل رَاكِبًا [عَلَيْهَا] يَوْم غرق فِرْعَوْن، وَمن تَحت حافرها أَخذ السامري القبضة.
وَقَالَ بَعضهم: خلق الدُّنْيَا للحياة ثمَّ للْمَوْت، وَخلق الْآخِرَة للجزاء ثمَّ للبقاء.
وَقَوله ﴿ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا﴾ أَي: ليختبركم فَيظْهر مِنْكُم أَعمالكُم الْحَسَنَة وَأَعْمَالكُمْ السَّيئَة ويجازكم عَلَيْهَا.
وَقَوله ﴿أحسن عملا﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: أتم عقلا وَأَوْرَع عَن محارم الله، وَهُوَ
وَيُقَال: خلق الْمَوْت أَي: النُّطْفَة فِي الرَّحِم لِأَنَّهَا ميتَة، والحياة هُوَ أَنه نفخ فِيهَا الرّوح من بعد.
وَيُقَال: خلق الْمَوْت والحياة، أَي: الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
وَحكى أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس: " أَن الله تَعَالَى خلق الْمَوْت على صُورَة كَبْش أغبر، لَا يمر بِشَيْء، وَلَا يطَأ على شَيْء وَلَا يجد رِيحه شَيْء إِلَّا مَاتَ، وَخلق الْحَيَاة على صُورَة فرس أُنْثَى بلقاء لَا تمر على شَيْء، وَلَا تطَأ على شَيْء وَلَا تَجِد [رِيحهَا] شَيْء إِلَّا حيى.
قَالَ: وَهِي دون البغلة وَفَوق الْحمار، خطوها مد الْبَصَر، وَكَانَ جِبْرِيل رَاكِبًا [عَلَيْهَا] يَوْم غرق فِرْعَوْن، وَمن تَحت حافرها أَخذ السامري القبضة.
وَقَالَ بَعضهم: خلق الدُّنْيَا للحياة ثمَّ للْمَوْت، وَخلق الْآخِرَة للجزاء ثمَّ للبقاء.
وَقَوله ﴿ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا﴾ أَي: ليختبركم فَيظْهر مِنْكُم أَعمالكُم الْحَسَنَة وَأَعْمَالكُمْ السَّيئَة ويجازكم عَلَيْهَا.
وَقَوله ﴿أحسن عملا﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: أتم عقلا وَأَوْرَع عَن محارم الله، وَهُوَ
6
﴿وَهُوَ الْعَزِيز الغفور (٢) الَّذِي خلق سبع سموات طباقا مَا ترى فِي خلق الرَّحْمَن من تفَاوت فَارْجِع الْبَصَر هَل ترى من فطور (٣) ثمَّ ارْجع الْبَصَر كرتين﴾
قَول مأثور.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أحسن عملا أخْلص عملا.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أحسن عملا أَي: أزهد فِي الدُّنْيَا وأترك لَهَا، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن الْحسن وسُفْيَان الثَّوْريّ.
وَالْقَوْل الرَّابِع: أحسن عملا أَي: أَشدّكُم ذكرا للْمَوْت وَأَحْسَنُكُمْ لَهَا اسْتِعْدَادًا.
وَيُقَال: أَشدّكُم لله مَخَافَة.
وَيُقَال: أبصركم بعيوب نَفسه.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ الْعَزِيز الغفور﴾ قد بَينا.
قَول مأثور.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أحسن عملا أخْلص عملا.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أحسن عملا أَي: أزهد فِي الدُّنْيَا وأترك لَهَا، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن الْحسن وسُفْيَان الثَّوْريّ.
وَالْقَوْل الرَّابِع: أحسن عملا أَي: أَشدّكُم ذكرا للْمَوْت وَأَحْسَنُكُمْ لَهَا اسْتِعْدَادًا.
وَيُقَال: أَشدّكُم لله مَخَافَة.
وَيُقَال: أبصركم بعيوب نَفسه.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ الْعَزِيز الغفور﴾ قد بَينا.
7
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذِي خلق سبع سموات طباقا﴾ أَي: بَعْضهَا فَوق بعض، بَين كل سماءين أَمر من أمره، وَخلق من خلقه.
وَقَوله ﴿مَا ترى فِي خلق الرَّحْمَن من تفَاوت﴾ أَي: من خلل وعيب.
وَيُقَال: من اضْطِرَاب وتباين.
وَقُرِئَ " تفوت " وَاخْتَارَهُ أَبُو عبيد.
قَالَ الْفراء: تفوت وتفاوت بِمَعْنى وَاحِد كَمَا يُقَال: تعهد وتعاهد وَغير ذَلِك.
وَيُقَال: تفوت أَي: لَا تفوت بعضه بَعْضًا.
وَقَوله: ﴿فَارْجِع الْبَصَر﴾ أَي: رد الْبَصَر.
وَقَوله: ﴿هَل ترى من فطور﴾ أَي: صدوع وشقوق وخروق.
وَيُقَال: فطر نَاب الْبَعِير أَي: انْشَقَّ.
وَقَوله ﴿مَا ترى فِي خلق الرَّحْمَن من تفَاوت﴾ أَي: من خلل وعيب.
وَيُقَال: من اضْطِرَاب وتباين.
وَقُرِئَ " تفوت " وَاخْتَارَهُ أَبُو عبيد.
قَالَ الْفراء: تفوت وتفاوت بِمَعْنى وَاحِد كَمَا يُقَال: تعهد وتعاهد وَغير ذَلِك.
وَيُقَال: تفوت أَي: لَا تفوت بعضه بَعْضًا.
وَقَوله: ﴿فَارْجِع الْبَصَر﴾ أَي: رد الْبَصَر.
وَقَوله: ﴿هَل ترى من فطور﴾ أَي: صدوع وشقوق وخروق.
وَيُقَال: فطر نَاب الْبَعِير أَي: انْشَقَّ.
وَقَوله: ﴿ثمَّ ارْجع الْبَصَر كرتين﴾ أَي: مرَّتَيْنِ، وَمَعْنَاهُ: مرّة بعد مرّة، وَإِن زَاد على الْمَرَّتَيْنِ، كَالرّجلِ يَقُول لغيره: قد قلت لَك هَذَا القَوْل مرّة بعد مرّة، وَقد كَانَ قَالَ لَهُ مَرَّات، ذكر الْقفال.
وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا ذكر الْمَرَّتَيْنِ، لِأَن الْإِنْسَان فِي الْمرة الثَّانِيَة يكون أحد بصرا وَأكْثر بصرا وَأكْثر نظرا.
وَيُقَال: الكرة الأولى بِالْعينِ.
وَالْأُخْرَى بِالْقَلْبِ.
قَالَ الْفراء: يجوز أَن يكون معنى كرتين كرة وَاحِدَة وأنشدوا:
وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا ذكر الْمَرَّتَيْنِ، لِأَن الْإِنْسَان فِي الْمرة الثَّانِيَة يكون أحد بصرا وَأكْثر بصرا وَأكْثر نظرا.
وَيُقَال: الكرة الأولى بِالْعينِ.
وَالْأُخْرَى بِالْقَلْبِ.
قَالَ الْفراء: يجوز أَن يكون معنى كرتين كرة وَاحِدَة وأنشدوا:
7
﴿يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خاسئا وَهُوَ حسير (٤) وَلَقَد زينا السَّمَاء الدُّنْيَا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين﴾
وَأَرَادَ مهمها وَاحِدًا.
وَقَوله: ﴿يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر﴾ أَي: يرجع إِلَيْك الْبَصَر ﴿خاسئا﴾ أَي: صاغرا ﴿وَهُوَ حسير﴾ أَي: كليل يَعْنِي ضَعِيف عَن إِدْرَاك مَا أَرَادَهُ من طلب الْعَيْب والخلل.
وَيُقَال: دَابَّة حسرى أَي: كالة.
قَالَ الشَّاعِر:
قَالَ الزّجاج: معنى الْآيَة: أَنه يُبَالغ فِي النّظر، فَرجع الْبَصَر إِلَيْهِ خاسئا وَلم ينل مَا أَرَادَهُ، وَلم ير عَيْبا وخللا.
وَقَوله: ﴿خاسئا﴾ من ذَلِك قَوْلهم للكلب اخْسَأْ وابعد، قَالَ الفرزدق فِي جرير:
(مهمهين قذفين مرَّتَيْنِ | قطعته [بالسمت] لَا بالسمتين) |
وَقَوله: ﴿يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر﴾ أَي: يرجع إِلَيْك الْبَصَر ﴿خاسئا﴾ أَي: صاغرا ﴿وَهُوَ حسير﴾ أَي: كليل يَعْنِي ضَعِيف عَن إِدْرَاك مَا أَرَادَهُ من طلب الْعَيْب والخلل.
وَيُقَال: دَابَّة حسرى أَي: كالة.
قَالَ الشَّاعِر:
(بِهِ جيف الحسرى فَأَما عظامها | فبيض وَأما جلدهَا فصليب) |
وَقَوله: ﴿خاسئا﴾ من ذَلِك قَوْلهم للكلب اخْسَأْ وابعد، قَالَ الفرزدق فِي جرير: