ﰡ
سورة الملك١
مكية وآياتها ثلاثون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (٥)شرح الكلمات:
تبارك الذي بيده الملك: أي تعاظم وكثر خير الذي بيده الملك أجمع ملكاً وتصرفا وتدبيراً.
وهو على كل شيء قدير: أي وهو على إيجاد كل ممكن وإعدامه قدير.
الذي خلق الموت والحياة: أي أوجد الموت والحياة فكل حي هو بالحياة التي خلق الله وكل ميت هو بالموت الذي خلق الله.
ليبلوكم أيكم أحسن عملا: أي أحياكم ليختبركم أيكم يكون أحسن عملا ثم يميتكم ويحييكم ليجزيكم.
وهو العزيز الغفور: أي وهو العزيز الغالب على ما يريده الغفور العظيم المغفرة للتائبين.
ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت: أي من تباين وعدم تناسب.
هل ترى من فطور: أي من شقوق أو تصدع.
كرتين: أي مرتين مرة بعد مرة.
خاسئا وهو حسير: أي ذليلا مبعداً كالاً تعباً منقطعاً عن الرؤية إذ لا يرى خللا.
بمصابيح: أي بنجوم مضيئة كالمصابيح.
رجوما للشياطين: أي مراجم جمع مرجم وهو ما يرجم به أي يرمى.
وأعتدنا لهم عذاب السعير: أي وهيأنا لهم عذاب النار المسعرة الشديدة الاتقاد.
معنى الآيات:
قوله ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ مجد الرب تعالى نفسه وعظمها وأثنى عليها بما هو أهله من الملك والسلطان والقدرة والعلم والحكمة فقال عز وجل١ تبارك أي تعاظم وكثر خير الذي بيده الملك الحقيقي يحكم ويتصرف ويدبر بعلمه وحكمته لا شريك له في هذا الملك والتدبير والسلطان. ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فما أراد٢ ممكنا إلا كان، ولا أراد انعدام ممكن إلا انعدم. الذي خلق الموت٣ والحياة لحكمة عالية لا بطلا ولا عبثا كما يتصور الكافرون والملاحدة الدهريون بل ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ٤ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ أي خلق الحياة بكل ما فيها، ليذكر ويشكر من عبادة فمن ذكر وشكر وأحسن ذلك، أعد له جناتٍ ينقله إليها بعد نهاية الحياة والعمل فيها، ومن لم يذكر ولم يشكر أو ذكر وشكر ولم يحسن ذلك بأن لم يخلص فيه لله، ولم يؤده كما شرع الله أعد له ناراً ينقله إليها بعد نهاية الحياة الدنيا حياة العمل، إذ هذه الحياة للعمل، وحياة الآخرة للجزاء على العمل. وقوله تعالى ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ ثناء آخر أثنى به تعالى على نفسه فأعلم أنه العزيز الغالب الذي لا يحال بينه وبين ما يريد الغفور العظيم المغفرة إذ يغفر الذنوب للتائب ولو كانت مثل الجبال وزبد البحر. وقوله ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً﴾ هذا ثناء آخر بعظيم القدرة وسعة
٢ التعبير بالممكن وغير الممكن فيه جواب لمن قال من المبطلين إن كان الله على كل شيء قديراً فهل يقدر أن يخلق إلهاً مثله: والجواب أن خلق إله مثل الله غير ممكن فلذا لا يخلقه سبحانه وتعالى.
٣ قدم ذكر الموت على الحياة لأن الموت أكبر واعظ للإنسان. قال العلماء الموت ليس عدماً محضاً ولا فناءً صرفاً، وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته، وحيلولة بينهما وتبديل حال وانتقال من دار إلى دار. والحياة عكس ذلك.
٤ ليبلوكم أي ليعاملكم معاملة المختبر لكم فيرى أحسنكم عملاً من أسوأه وقد رتب الجزاء على ذلك، وأحسن العمل أخلصه وأصوبه أي أخلصه لله تعالى وأصوبه أي أداؤه كما شرعه بلا زيادة ولا نقصان.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير ربوبية الله تعالى بعرض دلائل القدرة والعلم والحكمة والخير والبركة وهي موجبة لألوهيته أي عبادته دون من سواه عز وجل.
٢- بيان الحكمة من خلق الموت والحياة.
٣- بيان الحكمة من خلق النجوم وهي في قول قتادة رحمه الله: أن الله جل ثناؤه إنما خلق هذه النجوم لثلاث خصال: زينة لسماء الدنيا، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها. ٦
٢ يقال خسئت الكلب أي أبعدته وطردته.
٣ سميت الكواكب مصابيح لإضائتها.
٤ الرجوم جمع رجم وهو اسم لما يرجم به أي ما يرمى به الرامي من حجر وغيره من باب تسمية المفعول بالمصدر مثل الخلق للمخلوق والرد للمردود، والمراد من النجوم التي يرمى بها هي الشهب التي تنفصل عن النجوم والكواكب، وجائز أن تكون كواكب صغيرة ترمى بها الشياطين شأنها شأن الشهب لحديث: الكوكب الذي انقض البارحة.
٥ لا يقولن قائل: الشياطين خلقوا من نار فكيف يعذبون بها؟ والجواب: السعير أقوى من مادة النار التي خلقوا منها كما أن الشياطين تحولوا عن أصل المادة التي خلقوا منها. تحول الإنسان من طين إلى لحم وعظم وعصب ودم.
٦ تمام قوله: فمن تأول فيها غير ذلك فقد تكلف ما لا علم له به، وتعدى وظلم.
شرح الكلمات:
كفروا بربهم: أي لم يؤمنوا به فلم يعبدوه.
إذا ألقوا فيها: أي في جهنم ألقتهم الملائكة فيها وذلك يوم القيامة.
سمعوا لها شهيقا: أي سمعوا لجهنم صوتاً منكراً مزعجا كصوت الحمار.
وهي تفور تكاد تميز من الغيظ: أي تغلي تكاد تتقطع من الغيظ غضباً على الكفار.
سألهم خزنتها: سؤال توبيخ وتقريع وتأنيب.
ألم يأتكم نذير: أي رسول ينذركم عذاب الله يوم القيامة؟.
وقلنا ما نزل الله من شيء: أي كذبنا الرسل وقلنا لهم ما نزل الله مما تقول لنا من شيء.
إن أنتم إلا في ضلال كبير: أي ما أنتم أيها الرسل إلا في ضلال كبير أي خطأ عقلي وتصور نفسي باطل.
لو كنا نسمع أو نعقل: أي وبخوا أنفسهم بأنفسهم وقالوا لو كنا في الدنيا نسمع أو نعقل لآمنا وعبدنا الله وما كنا اليوم في أصحاب السعير.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى في الآيات السابقة أنه أعد للشياطين مسترقي السمع من الملائكة في السماء عذاب السعير عطف عليه قوله ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ١﴾ أي جحدوا ألوهيته ولقاءه فما عبدوه ولا
﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ﴾ أي جماعة ﴿سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا﴾ أي الملائكة الموكلون بالنار وعذابها وهم الزبانية وعددهم تسعة عشر ملكاً سألوهم سؤال توبيخ وتقريع لأنهم يعلمون ما يسألونهم عنه ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ٤ نَذِيرٌ﴾ أي رسول في الدنيا يدعوكم إلى الإيمان والطاعة؟ فيجيبون قائلين ﴿بَلَى﴾ قد جاءنا نذير ولكن كذبنا الرسل وقلنا لهم رداً على دعوتهم ﴿مَا نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ﴾ أي مما تقولون وتدعوننا إليه ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ٥﴾ أي وقلنا لهم ما أنتم أيها الرسل إلا في ضلال عقلي وخطأ تصوري كبير. ثم رجعوا إلى أنفسهم يوبخونها بما أخبر تعالى به عنهم في قوله ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ قال تعالى ﴿فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً﴾ أي بعداً بعداً من رحمة الله ﴿لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ أي سعير جهنم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١-تقرير عقيدة البعث والجزاء ببيان ما يجري فيها من عذاب وعقاب.
٢- بيان أن تكذيب الرسل كفر موجب للعذاب، وتكذب العلماء كتكذيب الرسل بعدهم أي في وجوب العذاب المترتب على ترك طاعة الله ورسوله.
٣- بيان أن ما يقوله أهل النار في اعترافهم هو ما يقوله الملاحدة اليوم في ردهم على العلماء بأن التدين تأخر عقلي ونظر رجعي.
٤- تقرير أن الكافر لا يسمع ولا يعقل أي سماعاً ينفعه وعقلاً يحجزه عن المهالك باعتراف أهل النار إذ قالوا ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾.
٢ قال حسان:
تركتم قدركم لا شيء فيها
وقدر القوم حامية تفور
أي تغلي.
٣ أصل تميز أي تتميز أي تنقطع وينفصل بعضها عن بعض قيل هذا التغيظ هو من شدة الغيظ على أعداء الله، وقيل هو من الغليان.
٤ الاستفهام للتوبيخ والتقريع.
٥ إن أنتم إن نافية بدليل الاستثناء بعدها.
شرح الكلمات:
يخشون ربهم بالغيب: أي يخافونه وهم غائبون عن أعين الناس فلا يعصونه.
لهم مغفرة وأجر كبير: أي لذنوبهم وأجر كبير وهو الجنة.
ألا يعلم من خلق: أي كيف لا يعلم سركم كما يعلم جهركم وهو الخالق لكم فالخالق يعرف مخلوقه.
وهو اللطيف الخبير: أي بعباده الخبير بهم وبأعمالهم.
ذلولا: أي سهلة للمشي والسير عليها.
فامشوا في مناكبها: أي في جوانبها ونواحيها.
وإليه النشور: أي إليه وحده مهمة نشركم أي إحياءكم من قبوركم للحساب والجزاء.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى جزاء الكافرين وأنه عذاب السعير رغب في الإيمان والطاعة للنجاة من السعير فقال ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ١ بِالْغَيْبِ﴾ أي يخافونه وهم لا يرونه، وكذا وهم في غيبة عن الناس فيطيعونه ولا يعصونه هؤلاء لهم مغفرة لما فرط من ذنوبهم وأجر كبير عند ربهم أي الجنة. ولما قال بعض المشركين في مكة لا تجهروا بالقول فيسمعكم إله محمد فيطلعه على قولكم قال تعالى رداً عليهم وتعليما ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ﴾ فإنه يعلم السر وما هو أخفى منه كحديث
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- فضيلة الإيمان بالغيب ومراقبة الله تعالى في السر والعلن.
٢- مشروعية السير في الأرض لطلب الرزق من التجارة والفلاحة وغيرهما.
٣- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩)
شرح الكلمات:
أن يخسف بكم الأرض: أي يجعلها بحيث تغورون فيها وتصبحون في جوفها.
فإذا هي تمور: أي تتحرك وتضطرب حتى يتم الخسف بكم.
أن يرسل عليكم حاصباً: أي ريحاً عاصفاً نرميكم بالحصباء فتهلكون.
كيف نذير: أي كان عاقبة إنذاري لكم بالعذاب على ألسنة رسلي.
٢ ألا يعلم السر من خلق السر أي أنا خلقت السر في القلب أفلا أكون عالماً بما في قلوب العباد. إذ لابد وأن يكون الخالق عالماً بما خلق والاستفهام إنكاري وجملة وهو اللطيف الخبير في محل نصب حال.
٣ ذلولاً فعول بمعنى مفعول أي مذللة مسخرة منقادة لما تريدون منها من مشي عليها وزرع وغرس وبناء وإنشاء وتعمير.
صآفات: أي باسطات أجنحتها.
ويقبضن: أي ويمسكن أجنحتهن.
ما يمسكهن إلا الرحمن: أي حتى لا يسقطن على الأرض حال البسط للأجنحة والقبض لها.
معنى الآيات:
يقول تعالى واعظاً عباده ليؤمنوا به ويعبدوه وحده فيكملوا ويسعدوا أأمنتم١ من في السماء الذي هو العلو المطلق وهو الله عز وجل في عليائه فوق عرشه بائن من خلقه أن يخسف بكم الأرض لتهلكوا كلكم في جوفها فإذا هي حال الخسف تمور أي تتحرك وتضطرب حتى تغوروا في بطنها والجواب لم يأمنوا ذلك فكيف إذاً يصرون على الشرك والتكذيب للرسول وقوله ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ٢ فِي السَّمَاءِ﴾ وهو الله عز وجل أن يرسل عليكم حاصباً أي ريحاً تحمل الحصباء والحجارة فتهلكهم ﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ أي إنذاري لكم الكفر والتكذيب أي أنه حق وواقع مقتضاه وقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ كعاد وثمود وغيرهما أي كذبوا رسلي بعدما أنكروا عليهم الشرك والكفر فأهلكناهم ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ أي إنكاري لهم كان حقاً وواقع المقتضى وقوله تعالى ﴿أَوَلَمْ ٣يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾ أي باسطات أجنحتهن ويقبضنا ما يمسكهن في حالة البسط أو القبض إلا الرحمن الذي أنكره المشركون وقالوا وما الرحمن وهم يعيشون في رحمته التي وسعت كل شيء وهي متجلية حتى في الطير تحفظه من السقوط والتحطيم أي أينكرون ألوهية الله ورحمته ولم يروا إلى الطير وهي صافات وقابضات أجنحتها ولا يمسكها أحد من الناس فمن يمسكها إذاً؟ إنه الرحمن جل جلاله وعظم سلطانه بما شاء من السنن والنواميس التي يحكم بها خلقه ويدبر بها ملكوته إن أمر المشركين في كفرهم بالله لعجب وقوله {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
٢ أم: هي المنقطعة التي تؤول ببل والاستفهام وهو إنكاري تعجبي ينكر عليهم أمنهم من عذاب الله بإرسال حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط فتهلكهم كما أهلكتهم إذ هم متعرضون لذلك بتكذيبهم وشركهم وكفرهم وحذفت الياء من نذيري ونكيري وهي ضمير المتكلم حذفت تخفيفاً.
٣ الهمزة داخلة على محذوف أي أغفلوا ولم يروا إلى الطير فوقهم حال كونها صافات أجنحتها وتقبضها أحياناً ولم تسقط فتتجلى لهم قدرة الله ورحمته ليؤمنوا ويطيعوا فينجوا ويسعدوا.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تحذير المعرضين عن الله وإنذارهم بسوء العواقب إن استمروا على إعراضهم فإن الله قادر على أن يخسف بهم الأرض أو يرسل عليهم حاصباً من السماء وليس هناك من يؤمنهم ويجيرهم بحال من الأحوال. إلا إيمانهم وإسلامهم لله عز وجل.
٢- في الهالكين الأولين عبر وعظات لمن له قلب حي وعقل يعقل به.
٣- من آيات الله في الآفاق الدالة على قدرة الله وعلمه ورحمته الموجبة لعبادته وحده طيران الطير في السماء وهو يبسط جناحيه ويقبضها ولا يسقط إذ المفروض أن يبقى دائما يخفق بجناحيه يدفع نفسه فيطير بمساعدة الهواء أما إذا قبض أو بسط المفروض أنه يسقط ولكن الرحمن عز وجل يمسكه فلا يسقط.
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧)
جند لكم: أي أعوان لكم.
من دون الرحمن: أي غيره تعالى يدفع عنكم عذابه.
إن الكافرون: أي ما الكافرون.
إلا في غرور: غرهم الشيطان بأن لا عذاب ينزل بهم.
إن أمسك رزقه: أي إن أمسك الرحمن رزقه؟ لا أحد غير الله يرسله.
بل لجوا في عتو ونفور: أي إنهم لم يتأثروا بذلك التبكيت بل تمادوا في التكبر والتباعد عن الحق.
أفمن يمشي مكبا على وجهه: أي واقعا على وجهه.
أمن يمشي سويا: أي مستقيما.
والأفئدة: أي القلوب.
قليلا ما تشركون: أي شكركم قليل.
ذرأكم في الأرض: أي خلقكم في الأرض وإليه تحشرون لا إلى سواه.
متى هذا الوعد: أي الذي تعدوننا به وهو يوم القيامة.
قل إنما العلم عند الله: أي علم مجيئه عند الله لا غير.
فلما رأوه زلفة: أي لما رأوا العذاب قريباً منهم في عرصات القيامة.
سيئت وجوه الذين كفروا: أي تغيرت مسودة.
هذا الذي كنتم به توعدون: أي هذا العذاب الذي كنتم بإنذاره تكذبون وتطالبون به تحديا منكم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في مطلب هداية قريش فقال تعالى مخاطباً لهم ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي١ هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ؟﴾ أي من هذا الذي هو جند لكم أيها المشركون بالله تعالى ينصركم من دون الرحمن إن أراد الرحمن بكم سوءاً فيدفعه عنكم. وقوله تعالى ﴿إِنِ الْكَافِرُونَ٢ إِلَّا فِي غُرُورٍ﴾ أي ما الكافرون إلا في غرور أوقعهم الشيطان فيه زين لهم الشرك ووعدهم ومناهم
٢ الجملة معترضة مقررة لما قبلها والالتفات فيها من الخطاب إلى الغيبة لاقتضاء حالهم الإعراض عنهم والإظهار في موضع الإضمار إذ قال إن الكافرون، ولم يقل إن هم إلا في غرور لذمهم بالكفر وتعليل غرورهم به.
وقوله تعالى ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أي ويقول الكافرون لرسول الله والمؤمنين: متى هذا الوعد الذي تعدوننا به وهو يوم القيامة أي متى يجيء؟ وهنا قال تعالى لرسوله إجابة لهم على سؤالهم: قل ﴿إِنَّمَا الْعِلْمُ ٥عِنْدَ اللهِ﴾ أي علم مجيء يوم القيامة عند الله، وليس هو من شأني وإنما أنا نذير منه مبين لا غير. وقوله تعالى ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ﴾ أي عذاب يوم القيامة ﴿زُلْفَةً﴾ أي٦ قريبا منهم ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي أساءها الله فتغيرت بالاسوداد والكآبة
٢ مكبا اسم فاعل من اكب اللازم أما المعتدي فهو كبه يكبه وجواب الاستفهام الأول هو جملة أهدى وحذف جواب الاستفهام الثاني لدلالة الأول عليه.
٣ أهدى أي أكثر هداية واستقامة والسوي هو الشديد الاستواء وهو الاعتدال ولاستقامة.
٤ جائز أن يراد بالمكب على وجهه أبو جهل، والسوي على صراط مستقيم أبو بكر رضي الله عنه والمثل عام في كل مشرك وموحد أو كافر ومؤمن.
٥ كقوله تعالى: قل إنما علمها عند ربي الآية من سورة الأعراف.
٦ زلفة: اسم مصدر من أزلف إزلافاً إذا أقرب، والزلفى القربة والمنزلة. والفاء في فلما رأوه زلفة هي الفصيحة إذ أعربت من جملتين وترتيب الشرطية عليها كأنه قيل وقد أتاهم الموعود به فرأوه، فلما رأوه زلفة سيئت أي اسودت وجوه الذين كفروا لما فيها من الخوف والحزن.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير حقيقة ثابتة وهي أن الكافر يعيش في غرور كامل ولذا يرفض دعوة الحق.
٢- تقرير حقيقة ثابتة وهي انحراف الكافر وضلاله واستقامة المؤمن وهدايته.
٣- وجوب الشكر لله تعالى على نعمة السمع والبصر والقلب وذلك بالإيمان والطاعة.
٤- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (٣٠)
شرح الكلمات:
قل أرأيتم: أي أخبروني.
ومن معي: أي من المؤمنين.
أو رحمنا: أي لم يهلكنا.
فمن يجير الكافرين: أي فمن يحفظ ويقي الكافرين العذاب.
قل هو الرحمن: أي قل هو الرحمن الذي أدعوكم إلى عبادته.
إن أصبح ماؤكم غوراً: أي غائراً لا تناله الدلاء ولا تراه العيون.
بماء معين: أي تراه العيون لجريانه على الأرض.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في مطلب هداية كفار قريش فقال تعالى لرسوله قل لهؤلاء المشركين الذين
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١-بيان ما كان عليه المشركون من عداوة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى تمنوا موته.
٢-وجوب التوكل على الله عز وجل بعد الإيمان.
٣-مشروعية الحجاج لإحقاق الحق وإبطال الباطل.
٢فتح كلا من ياءي أهلكني ومن معي. نافع وحفص سواء.
٣ الاستفهام للنفي.
٤ وهي بئر ميمون كانوا يشربون منها كبئر زمزم.
٥ معين أصلها معيون كمبيع أصلها مبيوع فنقلت ضمة الياء إلى العين قبلها فالتقى ساكنان الياء والواو فحذفت الواو. ثم كسرت العين لتصبح الياء
٦ روى استحباب قول القارئ: الله رب العالمين إذا قرأ فمن يأتيكم بماء معين وروي أن جاهلاً ملحداً لما سمعها قال: تأتي بها الفؤوس والمعاول فذهب ماء عينيه وعمي. والعياذ بالله تعالى من الجهل والكفر والجرأة على الله.
مكية وآياتها اثنتان وخمسون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)