ﰡ
قدّم الموت لأنه هو المخلوق أولا، لقوله تعالى :﴿ وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ﴾ [ البقرة : ٢٨ ].
أي من خلل وعيب، وإلا فالتفاوت بين المخلوقات، بالصّغر والكبر وغيرهما كثير.
قوله تعالى :﴿ فارجع البصر هل ترى من فطور ﴾ [ الملك : ٣ ].
قال بعده :﴿ ثم ارجع البصر كرّتين ﴾ [ الملك : ٤ ] قيل : أي من الكرّة الأولى، فتصير ثلاث مرات، والمشهور أن المراد بهذه التثنية التكثير، بدليل قوله تعالى :﴿ ينقلب إليك البصر خاسئا ﴾ [ الملك : ٤ ] أي ذليلا ﴿ وهو حسير ﴾ أي كليل، وهذان الوصفان لا يتأتّيان بنظرتين ولا ثلاث، فالمعنى كرّات كثيرة، كنظيره في قولهم : لبّيك وسعديك، وحنانيك، ودواليك، وهذا كذلك.
ليس بتكرار مع قوله تعالى :﴿ أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ﴾ [ الملك : ١٧ ]، لأن الأول في تخويفهم بخسف الأرض بهم، والثاني في تخويفهم بالحصب من السماء، وقدّم الأول لأن الأرض التي جعلها الله مقرا لهم، وعبدوا فيها غيره، أقرب إليهم من السماء البعيدة عنهم.
إن قلتَ : كيف قال ﴿ من في السماء ﴾ مع أنه تعالى فيها ولا في غيرها، بل هو تعالى منزّه عن كلّ مكان ؟ !
قلتُ : المعنى مَنْ مَلكوتُه في السماء( ١ )، التي هي مسكن ملائكته، ومحلّ عرشه وكرسيّه، واللوح المحفوظ، منه تنزل أقضيتُه وكتُبُه.