أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزلت سورة النور بالمدينة.
وأخرج ابن أبي الزبير مثله.
وأخرج الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وابن مردويه عن عائشة مرفوعا " لا تنزلوهن الغرف، ولا تعلموهن الكتابة يعني النساء، وعلموهن الغزل وسورة النور ".
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " علموا رجالكم سورة المائدة وعلموا نساءكم سورة النور ".
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن حارثة بن مضرب قال : كتب إلينا عمر بن الخطاب. أن تعلموا سورة النساء، والأحزاب، والنور.
وأخرج الحاكم عن أبي وائل قال : حججت أنا وصاحب لي وابن عباس على الحج، فجعل يقرأ سورة النور ويفسرها فقال صاحبي : سبحان الله. ماذا يخرج من رأس هذا الرجل ؟ لو سمعت هذا الترك لأسلمت.
ﰡ
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَارِثَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿سُورَة أنزلناها وفرضناها﴾ قَالَ: بيناها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وفرضناها﴾ قَالَ: وفسرناها الْأَمر بالحلال وَالنَّهْي عَن الْحَرَام
وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿وفرضناها﴾ قَالَ: فرض الله فِيهَا فَرَائِضه وَأحل حَلَاله وَحرم حرَامه وحدَّ حُدُوده وَأمر بِطَاعَتِهِ وَنهى عَن مَعْصِيَته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه قَرَأَ ﴿وفرضناها﴾ خَفِيفَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿وأنزلنا فِيهَا آيَات بَيِّنَات﴾ قَالَ: الْحَلَال وَالْحرَام وَالْحُدُود
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء ﴿وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله﴾ قَالَ: فِي الحدِّ أَن يُقَام عَلَيْهِم وَلَا يعطل
أما أَنه لَيْسَ بِشدَّة الْجلد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿وَلَا تأخذكم بهما رأفة﴾ قَالَ: فِي اقامة الْحَد
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك ﴿وَلَا تأخذكم بهما رأفة﴾ قَالَ: فِي تَعْطِيل الْحَد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمرَان بن حدير قَالَ: قلت لأبي مجلز ﴿وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله﴾ قَالَ: انا لنرجم الرجل أَو يجلد أَو يقطع قَالَ: لَيْسَ كَذَاك إِنَّمَا إِذا رفع للسُّلْطَان فَلَيْسَ لَهُ أَن يدعهم رَحْمَة لَهُم حَتَّى يُقيم عَلَيْهِم الْحَد
وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن جرير عَن الْحسن ﴿وَلَا تأخذكم بهما رأفة﴾ قَالَ: الْجلد الشَّديد
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم وعامر ﴿وَلَا تأخذكم بهما رأفة﴾ قَالَا: شدَّة الْجلد فِي الزِّنَا وَيُعْطى كل عُضْو مِنْهُ حَقه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير عَن شُعْبَة قَالَ: قلت لحماد الزَّانِي يضْرب ضربا شَدِيدا قَالَ: نعم ويخلع عَنهُ ثِيَابه قَالَ الله ﴿وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله﴾ قلت لَهُ: إِنَّمَا ذَلِك فِي الحكم قَالَ: فِي الحكم وَالْجَلد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قضى الله وَرَسُوله إِن شهد أَرْبَعَة على بكرين جلدا كَمَا قَالَ الله مائَة جلدَة وغربا سنة غير الأَرْض الَّتِي كَانَا بهَا وتغريبهما سنتي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبيد الله بن عبد الله بن عمر
أَن جَارِيَة لِابْنِ عمر زنت فَضرب رِجْلَيْهَا
وَلَا أَن أجلد رَأسهَا وَقد أوجعت حَيْثُ ضربت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي بَرزَة الاسلمي أَنه أُتِي بِأمة لبَعض أَهله قد زنت وَعِنْده نفر نَحْو عشرَة فَأمر بهَا فاجلست فِي نَاحيَة ثمَّ أَمر بِثَوْب فَطرح عَلَيْهَا ثمَّ أعْطى السَّوْط رجلا فَقَالَ: اجلد خمسين جلدَة لَيْسَ باليسير وَلَا بالخضفة فَقَامَ فجلدها وَجعل يفرق عَلَيْهَا الضَّرْب ثمَّ قَرَأَ ﴿وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ الطَّائِفَة الرجل فَمَا فَوْقه
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن ﴿وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: الطَّائِفَة عشرَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: الطَّائِفَة وَاحِد إِلَى الْألف
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أَمر الله أَن يشْهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ ليَكُون ذَلِك عِبْرَة وموعظة ونكالاً لَهُم
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: ليحضر رجلَانِ فَصَاعِدا
وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: الطَّائِفَة الثَّلَاثَة فَصَاعِدا
وَأخرج عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الطَّائِفَة أَرْبَعَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نصر بن عَلْقَمَة فِي قَوْله ﴿وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: لَيْسَ ذَلِك للفضيحة إِنَّمَا ذَاك ليدعو الله لَهما بِالتَّوْبَةِ وَالرَّحْمَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ: قلت لِابْنِ أبي أوفى رجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم
قلت: بَعْدَمَا أنزلت سُورَة النُّور أَو قبلهَا قَالَ: لَا أَدْرِي
أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن الحميد وَابْن أبي شيبَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل: لما قدم الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة قدموها وهم بِجهْد إِلَّا قَلِيل مِنْهُم وَالْمَدينَة غَالِيَة السّعر شَدِيدَة الْجهد وَفِي السُّوق زوان متعالنات من أهل الْكتاب وَأما الْأَنْصَار مِنْهُنَّ أُميَّة وليدة عبد الله بن أبي ونيسكة بنت أُميَّة لرجل من الْأَنْصَار فِي بَغَايَا من ولائد الْأَنْصَار قد رفعت كل إمرأة مِنْهُنَّ عَلامَة على بَابهَا ليعرف أَنَّهَا زَانِيَة وَكن من أخصب أهل الْمَدِينَة وَأَكْثَره خيرا فَرغب أنَاس من مُهَاجِرِي الْمُسلمين فِيمَا يكتسبن للَّذي هم فِيهِ من الْجهد فاشار بَعضهم على بعض لَو تزوّجنا بعض هَؤُلَاءِ الزواني فنصيب من فضول أطعامهنَّ فَقَالَ بَعضهم: نستأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتوهُ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله قد شقّ علينا الْجهد وَلَا نجد مَا نَأْكُل وَفِي السُّوق بَغَايَا نسَاء أهل الْكتاب وولائدهن وولائد الْأَنْصَار يكتسبن لأنفسهن فيصلح لنا أَن نتزوّج مِنْهُنَّ فنصيب من فضول مَا يكتسبن فَإِذا وجدنَا عَنْهُن غنى تركناهن فَأنْزل الله ﴿الزَّانِي لَا ينْكح﴾ فَحرم على الْمُؤمنِينَ أَن يتزوّجوا الزواني المسافحات العالنات زناهن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير فِي قَوْله ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة﴾ قَالَ: كن نسَاء فِي الْجَاهِلِيَّة بغيات فَكَانَت مِنْهُنَّ امْرَأَة جميلَة تدعى أم مهزول فَكَانَ الرجل من فُقَرَاء الْمُسلمين يتزوّج إِحْدَاهُنَّ فتنفق عَلَيْهِ من كسبها فَنهى الله أَن يتزوّجهن أحد من الْمُسلمين
وَأخرج عبد بن حميد عَن سُلَيْمَان بن يسَار فِي قَوْله ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة﴾ قَالَ: كن نسَاء فِي الْجَاهِلِيَّة بغيات فَنهى الله الْمُسلمين عَن نِكَاحهنَّ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: كَانَت بَغَايَا فِي الْجَاهِلِيَّة بَغَايَا آل فلَان وبغايا آل فلَان فَقَالَ الله ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك﴾ فأحكم الله ذَلِك من أَمر الْجَاهِلِيَّة بِالْإِسْلَامِ
قيل لَهُ: أعن ابْن عَبَّاس قَالَ: نعم
قيل لَهُم هَذَا حرَام فأرادوا نِكَاحهنَّ فَحرم الله عَلَيْهِم نِكَاحهنَّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ فِي بَدْء الإِسلام قوم يزنون قَالُوا: أَفلا نتزوّج النِّسَاء الَّتِي كُنَّا نفجر بِهن
فَأنْزل الله ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك ﴿والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك﴾ قَالَ إِنَّمَا عني بذلك الزِّنَا وَلم يعن بِهِ التَّزْوِيج
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة﴾ قَالَ: لَا يَزْنِي حِين يَزْنِي إِلَّا بزانية مثله أَو مُشركَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: الزَّانِي من أهل الْقبْلَة لَا يَزْنِي إِلَّا بزانية مثله من أهل الْقبْلَة أَو مُشركَة من غير أهل الْقبْلَة والزانية من أهل الْقبْلَة لَا تَزني إِلَّا بزان مثلهَا من أهل الْقبْلَة أَو مُشْرك من غير أهل الْقبْلَة وَحرم الزِّنَا على الْمُؤمنِينَ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد قَالَ: لما حرم الله الزِّنَا فَكَانَ زوان عِنْدهن جمال وَمَال فَقَالَ النَّاس حِين حُرِّم الزِّنَا: لتُطَلَّقْنَ فلنتزوّجهن
فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة﴾
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن عبد الله بن عمر قَالَ: كَانَت امْرَأَة يُقَال لَهَا أم مهزول وَكَانَت تسافح الرِّجَال وتشرط أَن تنْفق عَلَيْهِ فَأَرَادَ رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَتَزَوَّجهَا فَأنْزل الله ﴿والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن
فَقلت: مرْثَد
فَقَالَت: مرْحَبًا وَأهلا هَلُمَّ فَبِتْ عندنَا اللَّيْلَة قلت: يَا عنَاق حرّم الله الزِّنَا قَالَت: يَا أهل الْخيام هَذَا الرجل يحمل أَسْرَاكُم قَالَ: فَتَبِعَنِي ثَمَانِيَة وسلكت الخندمة فانتهيت إِلَى غَار أَو كَهْف فَدخلت فجاؤا حَتَّى قَامُوا على رَأْسِي فبالوا وظل بَوْلهمْ على رَأْسِي ونحاهم الله عني ثمَّ رجعُوا وَرجعت إِلَى صَاحِبي فَحَملته حَتَّى قدمت الْمَدِينَة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله أنكح عنَاقًا فَأمْسك فَلم يرد عليّ شَيْئا حَتَّى نزلت ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك وَحرم ذَلِك على الْمُؤمنِينَ﴾ فَلَا تنكحها
وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن عمر فِي قَوْله ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة﴾ قَالَ: كَانَ نسَاء مَعْلُومَات فَكَانَ الرجل من فُقَرَاء الْمُسلمين يتَزَوَّج الْمَرْأَة مِنْهُنَّ لتنفق عَلَيْهِ فنهاهم الله عَن ذَلِك
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس
أَنَّهَا نزلت فِي بَغَايَا معلنات كن فِي الْجَاهِلِيَّة وَكن زوان مشركات فَحرم الله نِكَاحهنَّ على الْمُؤمنِينَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد مولى ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت مَعَ ابْن عَبَّاس فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي كنت أتبع امْرَأَة فَأَصَبْت مِنْهَا مَا حرّم الله عليّ وَقد رَزَقَنِي الله مِنْهَا تَوْبَة فَأَرَدْت أَن أتزوّجها فَقَالَ النَّاس ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة﴾ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَيْسَ هَذَا مَوضِع هَذِه الْآيَة إِنَّمَا كن نسَاء بَغَايَا متعالنات يجعلن على أبوابهن رايات يأتيهن النَّاس يعرفن بذلك فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة
تزَوجهَا فَمَا كَانَ فِيهَا من اثم فعلي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن عدي وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينْكح الزَّانِي الْمَحْدُود إِلَّا مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الْحسن ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة﴾ قَالَ: الْمَحْدُود لَا يتَزَوَّج إِلَّا محدودة مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَسَعِيد مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عليّ أَن رجلا تزوج امْرَأَة ثمَّ إِنَّه زنى فأقيم عَلَيْهِ الْحَد فجاؤا بِهِ إِلَى عَليّ فَفرق بَينه وَبَين زَوجته وَقَالَ لَهُ: لَا تتزوّج إِلَّا مجلودة مثلك
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة
الْعَاق لوَالِديهِ وَالْمَرْأَة المترجلة والديوث
وَأخرج ابْن ماجة عَن أنس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من أَرَادَ أَن يلقى الله طَاهِرا مطهراً فليتزوّج الْحَرَائِر
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو عبيد مَعًا فِي التَّارِيخ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب فِي هَذِه الْآيَة ﴿الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة﴾ قَالَ: يرَوْنَ أَن هَذِه الْآيَة الَّتِي بعْدهَا نسختها ﴿وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم﴾ فهن من أيامى الْمُسلمين
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ﴾ يَعْنِي الْحُكَّام إِذا رفع إِلَيْهِم جلدُوا الْقَاذِف ثَمَانِينَ جلدَة ﴿وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا﴾ يَعْنِي بعد الْجلد مَا دَامَ حَيا ﴿وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ﴾ العاصون فِيمَا قَالُوهُ من الْكَذِب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات﴾ إِلَى ﴿رَحِيم﴾ فَأنْزل الله الْجلد وَالتَّوْبَة تقبل وَالشَّهَادَة ترد
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لأبي بكرَة: إِن تبت قبلت شهادتك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا﴾ قَالَ: تَوْبَتهمْ اكذابهم أنفسهم فَإِن كذبُوا أنفسهم قبلت شَهَادَتهم
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي سُورَة النُّور ﴿وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ﴾ وَاسْتثنى من ذَلِك فَقَالَ (وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم) فَإِذا حلفا فرق بَينهمَا وَإِن لم يحلفا أقيم الْحَد
الْجلد أَو الرَّجْم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا﴾ ثمَّ قَالَ ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا﴾ قَالَ: فَمن تَابَ وَأصْلح فشهادته فِي كتاب الله تقبل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ شهد على الْمُغيرَة بن شُعْبَة ثَلَاثَة بِالزِّنَا وَنكل زِيَاد فحد عمر الثَّلَاثَة وَقَالَ لَهُم: تُوبُوا تقبل شهادتكم فَتَابَ رجلَانِ وَلم يتب أَبُو بكرَة فَكَانَ لَا تقبل شَهَادَته وَكَانَ أَبُو بكرَة أَخا زِيَاد لأمه فَلَمَّا كَانَ من أَمر زِيَاد مَا كَانَ حلف أَبُو بكرَة أَن لَا يكلمهُ أبدا فَلم يكلمهُ حَتَّى مَاتَ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: إِذا تَابَ الْقَاذِف وأكذب نَفسه قبلت شَهَادَته
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ وَالزهْرِيّ وَطَاوُس ومسروق قَالُوا: إِذا تَابَ الْقَاذِف قبلت شَهَادَته
وتوبته أَن يكذب نَفسه
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب وَالْحسن قَالَا: الْقَاذِف إِذا تَابَ
وَأخرج عبد بن حميد عَن مَكْحُول فِي الْقَاذِف اذا تَابَ لم تقبل شَهَادَته
وَأخرج عبد بن حميد عَن ممد بن سِيرِين قَالَ: الْقَاذِف إِذا تَابَ فَإِنَّمَا تَوْبَته فِيمَا بَينه وَبَين الله فَأَما شَهَادَته فَلَا تجوز أبدا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَا شَهَادَة لَهُ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: تَوْبَته فِيمَا بَينه وَبَين ربه من الْعَذَاب الْعَظِيم
وَلَا تقبل شَهَادَته
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا﴾ قَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول: لَا تقبل شَهَادَة الْقَاذِف أبدا
تَوْبَته فِيمَا بَينه وَبَين الله
وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: كل صَاحب حد تجوز شَهَادَته إِلَّا الْقَاذِف فَإِن تَوْبَته فِيمَا بَينه وَبَين ربه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَا تقبل للقاذف شَهَادَة
تَوْبَته بَينه وَبَين ربه
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِيسَى بن عَاصِم قَالَ: كَانَ أَبُو بكرَة إِذا جَاءَهُ رجل يشهده قَالَ: أشهد غَيْرِي فَإِن الْمُسلمين قد فسقوني
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: شهِدت عمر بن الْخطاب حِين جلد قذفة الْمُغيرَة وَابْن شُعْبَة مِنْهُم أَبُو بكرَة وماتع وشبل ثمَّ دَعَا أَبَا بكرَة فَقَالَ: إِن تكذب نَفسك تجز شهادتك فَأبى أَن يكذب نَفسه
وَلم يكن عمر يُجِيز شَهَادَتهمَا حَتَّى هلكا فَذَلِك قَوْله ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا﴾ وتوبتهم اكذابهم أنفسهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى الله وَرَسُوله أَن لَا تقبل شَهَادَة ثَلَاثَة وَلَا اثْنَيْنِ وَلَا وَاحِد على الزِّنَا ويجلدون ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ وَلَا تقبل لَهُم شَهَادَة أبدا حَتَّى يتَبَيَّن للْمُسلمين مِنْهُم تَوْبَة نصوح وَإِصْلَاح
وَأخرج عبد بن حميد عَن جَعْفَر بن يرقان قَالَ: سَأَلت مَيْمُون بن مهْرَان عَن هَذِه الْآيَة ﴿وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات﴾ إِلَى قَوْله ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا﴾ فَجعل الله فِيهَا تَوْبَته
وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى ﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات لُعِنوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: لما كَانَ زمن الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين أهل مَكَّة جعلت الْمَرْأَة تخرج من أهل مَكَّة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مهاجرة فِي طلب الإِسلام فَقَالَ الْمُشْركُونَ: إِنَّمَا انْطَلَقت فِي طلب الرِّجَال فَأنْزل الله ﴿وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن قَالَ: الزِّنَا أَشد من الْقَذْف وَالْقَذْف أَشد من الشّرْب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء قَالَ: جلد الزَّانِي أَشد من جلد الْفِرْيَة وَالْخمر وَجلد الْفِرْيَة وَالْخمر فَوق الْحَد وَالله تَعَالَى أعلم
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال : في سورة النور ﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ﴾ واستثنى من ذلك فقال ﴿ والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ﴾ [ النور : ٤ ] فإذا حلفا فرق بينهما وإن لم يحلفا أقيم الحد. الجلد أو الرجم.
وأخرج ابن المنذر وابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله ﴿ ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ﴾ ثم قال ﴿ إلا الذين تابوا ﴾ قال : فمن تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله تقبل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة بالزنا ونكل زياد، فحد عمر الثلاثة وقال لهم : توبوا تقبل شهادتكم، فتاب رجلان ولم يتب أبو بكرة فكان لا تقبل شهادته، وكان أبو بكرة أخا زياد لأمه، فلما كان من أمر زياد ما كان حلف أبو بكرة أن لا يكلمه أبداً، فلم يكلمه حتى مات.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء في الآية قال : إذا تاب القاذف، وأكذب نفسه، قبلت شهادته.
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي والزهري وطاوس ومسروق قالوا : إذا تاب القاذف قبلت شهادته. وتوبته أن يكذب نفسه.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب والحسن قالا : القاذف إذا تاب فتوبته فيما بينه وبين الله ولا تجوز شهادته.
وأخرج عبد بن حميد عن مكحول في القاذف إذا تام لم تقبل شهادته.
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين قال : القاذف إذا تاب فإنما توبته فيما بينه وبين الله، فأما شهادته فلا تجوز أبداً.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : لا شهادة له.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : توبته فيما بينه وبين ربه من العذاب العظيم. ولا تقبل شهادته.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ﴾ قال : كان الحسن يقول : لا تقبل شهادة القاذف أبداً. توبته فيما بينه وبين الله.
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : كل صاحب حد تجوز شهادته إلا القاذف، فإن توبته فيما بينه وبين ربه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : لا تقبل للقاذف شهادة ؛ توبته بينه وبين ربه.
وأخرج عبد بن حميد عن عيسى بن عاصم قال : كان أبو بكرة إذا جاءه رجل يشهده قال : أشهد غيري فإن المسلمين قد فسقوني.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب قال : شهدت عمر بن الخطاب حين جلد قذفة المغيرة بن شعبة منهم أبو بكرة، وماتع، وشبل، ثم دعا أبا بكرة فقال : إن تكذب نفسك تجز شهادتك فأبى أن يكذب نفسه. ولم يكن عمر يجيز شهادتهما حتى هلكا، فذلك قوله ﴿ إلا الذين تابوا ﴾ وتوبتهم اكذابهم أنفسهم.
وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن شعيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « قضى الله ورسوله أن لا تقبل شهادة ثلاثة، ولا اثنين، ولا واحد على الزنا، ويجلدون ثمانين ثمانين، ولا تقبل لهم شهادة أبداً حتى يتبين للمسلمين منهم توبة نصوح وإصلاح ».
وأخرج عبد بن حميد عن جعفر بن يرقان قال : سألت ميمون بن مهران عن هذه الآية ﴿ والذين يرمون المحصنات ﴾ إلى قوله ﴿ إلا الذين تابوا ﴾ فجعل الله فيها توبته. وقال في آية أخرى ﴿ إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعِنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ﴾ فقال : أما الأولى، فعسى أن تكون قارفت، وأما الأخرى فهي التي لم تقارف شيئاً من ذلك.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : لما كان زمن العهد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة، جعلت المرأة تخرج من أهل مكة إلى رسول صلى الله عليه وسلم مهاجرة في طلب الإِسلام فقال المشركون : إنما انطلقت في طلب الرجال، فأنزل الله ﴿ والذين يرمون المحصنات. . . ﴾ إلى آخر الآية.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : الزنا أشد من القذف، والقذف أشد من الشرب.
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : جلد الزاني أشد من جلد الفرية والخمر، وجلد الفرية والخمر فوق الحد والله تعالى أعلم.
أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَاصِم بن عدي قَالَ: لما نزلت ﴿وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء﴾ قلت: يَا رَسُول الله إِلَى أَن يَأْتِي الرجل بأَرْبعَة شُهَدَاء قد خرج الرجل فَلم ألبث إِلَّا أَيَّامًا فَإِذا ابْن عَم لي مَعَه امْرَأَته وَمَعَهَا ابْن وَهِي تَقول: مِنْك
وَهُوَ يَقُول: لَيْسَ مني
فَنزلت آيَة اللّعان قَالَ عَاصِم: فَأَنا أول من تكلم وَأول من ابتلى بِهِ
وَأخرج أَحْمد وَعبد الرَّزَّاق وَالطَّيَالِسِي وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت ﴿وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء﴾ الْآيَة قَالَ سعد بن عبَادَة وَهُوَ
وَالله مَا تزوّج امْرَأَة قطّ إِلَّا بكرا وَمَا طلق امْرَأَة قطّ فاجترأ رجل منا على أَن يَتَزَوَّجهَا من شدَّة غيرته فَقَالَ سعد: يَا رَسُول الله إِنِّي لأعْلم أَنَّهَا حق وَأَنَّهَا من الله وَلَكِنِّي تعجبت إِنِّي لَو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل لم يكن لي أَن أهيجه وَلَا أحركه حَتَّى أُتِي بأَرْبعَة شُهَدَاء - فوَاللَّه - لَا آتِي بهم حَتَّى يقْضِي حَاجته قَالَ: فَمَا لَبِثُوا إِلَّا يَسِيرا حَتَّى جَاءَ هِلَال بن أُميَّة
وَهُوَ أحد الثَّلَاثَة الَّذين تيب عَلَيْهِم فجَاء من أرضه عشَاء فَدخل على امْرَأَته فَوجدَ عِنْدهَا رجلا فَرَأى بِعَيْنِه وَسمع بأذنيه فَلم يهجه حَتَّى أصبح فغدا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي جِئْت أَهلِي عشَاء فَوجدت عِنْدهَا رجلا فَرَأَيْت بعيني وَسمعت بأذني فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا جَاءَ بِهِ وَاشْتَدَّ بِهِ وَاجْتمعت الْأَنْصَار فَقَالُوا: قد ابتلينا بِمَا قَالَ سعد بن عبَادَة الْآن
فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِلَال بن أُميَّة وأبطل شَهَادَته فِي الْمُسلمين فَقَالَ هِلَال: وَالله إِنِّي لأرجو أَن يَجْعَل الله لي مِنْهَا مخرجا فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي قد أرى مَا اشْتَدَّ عَلَيْك مِمَّا جِئْت بِهِ وَالله يعلم ايْنَ لصَادِق وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد أَن يَأْمر بضربه إِذْ نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي وَكَانَ اذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي عرفُوا ذَلِك فِي تَرَبد جلده فأمسكوا عَنهُ حَتَّى فرغ من الْوَحْي فَنزلت ﴿وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم﴾ فَسرِّي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي فَقَالَ: اُبْشُرْ يَا هِلَال قد جعل الله لَك فرجا ومخرجا فَقَالَ هِلَال: قد كنت أَرْجُو ذَلِك من رَبِّي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ارسلوا إِلَيْهَا فَجَاءَت فَتَلَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِمَا وذكرهما وأخبرهما أَن عَذَاب الْآخِرَة أَشد من عَذَاب الدُّنْيَا فَقَالَ هِلَال: وَالله يَا رَسُول الله لقد صدقت عَلَيْهَا فَقَالَت: كذب
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَاعِنُوا بَينهمَا فَقيل لهِلَال اشْهَدْ
فَشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الصَّادِقين فَلَمَّا كَانَ فِي الْخَامِسَة قيل لهِلَال: فَإِن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة وَإِن هَذِه الْمُوجبَة الَّتِي توجب عَلَيْك الْعَذَاب فَقَالَ: وَالله لَا يُعَذِّبنِي الله عَلَيْهَا كَمَا لم يجلدني عَلَيْهَا
فَشهد فِي الْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين
ثمَّ قيل لَهَا اشهدي
فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين
فَلَمَّا كَانَت فِي الْخَامِسَة قيل لَهَا: اتقِي الله فَإِن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة وَإِن هَذِه
فَفرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا وَقضى أَنه لَا يدعى لأَب وَلَا يرْمى وَلَدهَا من أجل الشَّهَادَات الْخمس وَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَيْسَ لَهَا قوت وَلَا سُكْنى وَلَا عدَّة من أجل أَنَّهَا تفَرقا من غير طَلَاق وَلَا متوفى عَنْهَا
وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس: أَن هِلَال بن أُميَّة قذف امْرَأَته عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشريك بن سَحْمَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْبَيِّنَة أوحد فِي ظهرك
فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِذا رأى أَحَدنَا على امْرَأَته رجلا ينْطَلق يلْتَمس الْبَيِّنَة فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْبَيِّنَة وإلاَّ حَدٌّ فِي ظهرك
فَقَالَ هِلَال: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِنِّي لصَادِق ولينزلن الله مَا يبرىء ظَهْري من الْحَد فَنزل جِبْرِيل فَأنْزل الله عَلَيْهِ ﴿وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم﴾ حَتَّى بلغ ﴿إِن كَانَ من الصَّادِقين﴾ فَانْصَرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل إِلَيْهِمَا فجَاء هِلَال يشْهد وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الله يعلم أَن أَحَدكُمَا كَاذِب فَهَل مِنْكُمَا تائب ثمَّ قَامَت فَشَهِدت فَلَمَّا كَانَت عِنْد الْخَامِسَة وقفوها وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجبَة
فتلكأت وَنَكَصت حَتَّى ظننا أَنَّهَا ترجع ثمَّ قَالَت: لَا أفضح قومِي سَائِر الْيَوْم فمضت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبصروها فَإِن جَاءَت بِهِ أكحل الْعَينَيْنِ سابغ الاليتين خَدلج السَّاقَيْن فَهُوَ لِشَرِيك بن سَحْمَاء
فَجَاءَت بِهِ كَذَلِك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَوْلَا مَا مضى من كتاب الله لَكَانَ لي وَلها شَأْن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرمى امْرَأَته بِرَجُل
فكره ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يزل يردده حَتَّى أنزل الله ﴿وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم﴾ حَتَّى فرغ من الْآيَتَيْنِ فَأرْسل إِلَيْهِمَا فدعاهما فَقَالَ: إِن الله قد أنزل فيكما
فَدَعَا الرجل فَقَرَأَ عَلَيْهِ
فَشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين ثمَّ أَمر بِهِ فَأمْسك على فِيهِ فوعظه فَقَالَ لَهُ: كل شَيْء أَهْون عَلَيْك من لعنة الله
ثمَّ أرْسلهُ فَقَالَ: لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين ثمَّ دَعَا بهَا فَقَرَأَ عَلَيْهَا
فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الكاذبينن ثمَّ أَمر بهَا فَأمْسك على فِيهَا فوعظها وَقَالَ: وَيحك كل شَيْء أَهْون عَلَيْك من غضب الله ثمَّ أرْسلت فَقَالَت: غضب الله عَلَيْهَا أَن كَانَ من الصَّادِقين
وَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ منكس فِي الأَرْض ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ: قد أنزل الله فِيك وَفِي صَاحبَتك فَائت بهَا
فَجَاءَت فَقَالَ: قُم فاشهد أَربع شَهَادَات فَقَامَ فَشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الصَّادِقين
فَقَالَ لَهُ: وَيلك أَو وَيحك إِنَّهَا مُوجبَة
فَشهد الْخَامِسَة ان لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين
ثمَّ قَامَت امْرَأَته فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين
ثمَّ قَالَ وَيلك أَو يحك إِنَّهَا مُوجبَة
فَشَهِدت الْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا أَن كَانَ من الصَّادِقين
ثمَّ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَلَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَالِي
قَالَ: لَا مَال لَك إِن كنت صدقت عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا استحللت من فرجهَا وَإِن كنت كذبت عَلَيْهَا فَذَاك أبعد لَك مِنْهَا
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن الحميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلت عَن المتلاعنين أيفرق بَينهمَا فَقَالَ: سُبْحَانَ الله نعم
إِن أول من سَأَلَ عَن ذَلِك فلَان بن فلَان قَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت الرجل يرى امْرَأَته على فَاحِشَة فَإِن تكلم تكلم بِأَمْر عَظِيم وَإِن سكت سكت على مثل ذَلِك فَسكت فَلم يجبهُ فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك أَتَاهُ فَقَالَ: إِن الَّذين سَأَلتك عَنهُ قد ابْتليت بِهِ فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فِي سُورَة النُّور ﴿وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم﴾ حَتَّى بلغ ﴿أَن غضب الله عَلَيْهَا أَن كَانَ من الصَّادِقين﴾ فَبَدَأَ بِالرجلِ فوعظه وَذكره وَأخْبرهُ أَن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا كذبتك
ثمَّ ثنى بِالْمَرْأَةِ فوعظها وَذكرهَا وأخبرها أَن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة فَقَالَت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ أَنه لَكَاذِب
فَبَدَأَ بِالرجلِ فَشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الصَّادِقين وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين
ثمَّ ثنى بِالْمَرْأَةِ فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عَشِيَّة الْجُمُعَة فِي الْمَسْجِد فجَاء رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ: أَحَدنَا إِذا رأى مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله
فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَحَدنَا إِذا رأى مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله قَتَلْتُمُوهُ وان تكلم جلدتموه وَإِن سكت سكت على غيظ
اللَّهُمَّ احكم
فَنزلت آيَة اللّعان فَكَانَ ذَلِك الرجل أول من ابتلى بِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن سهل بن سعد قَالَ: جَاءَ عُوَيْمِر إِلَى عَاصِم بن عدي فَقَالَ: سل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَأَيْت رجلا وجد مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله أيقتل بِهِ أم كَيفَ يصنع: فَسَأَلَ عَاصِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمسَائِل فَلَقِيَهُ عُوَيْمِر فَقَالَ: وَالله لَآتِيَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا سألنه فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ قد أنزل عَلَيْهِ
فَدَعَا بهما فَلَا عَن بَينهمَا قَالَ عُوَيْمِر: أَن انْطلق بهَا يَا رَسُول الله لقد كذبت عَلَيْهَا ففارقها قبل أَن يُخبرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَارَت سنة المتلاعنين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبصروها فَإِن جَاءَت بِهِ أسحم أدعج الْعَينَيْنِ عَظِيم الاليتين فَلَا أرَاهُ إِلَّا قد صدق
وَإِن جَاءَت بِهِ أَحْمَر كَأَنَّهُ وحرة فَلَا أرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا
فَجَاءَت بِهِ على النَّعْت الْمَكْرُوه
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: لأوّل لعان كَانَ فِي الإِسلام أَن شريك بن سَحْمَاء رَمَاه هِلَال بن أُميَّة بامرأته فَرَفَعته إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرْبَعَة شُهُود وَإِلَّا فحد فِي ظهرك
فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن الله ليعلم أَنِّي لصَادِق ولينزلن الله مَا يبرىء ظَهْري من الْجلد
فَأنْزل الله آيَة اللّعان ﴿وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم﴾ إِلَى آخر الْآيَة فَدَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أشهد بِاللَّه إِنَّك لمن الصَّادِقين فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا
فَشهد بذلك أَربع شَهَادَات بِاللَّه ثمَّ قَالَ لَهُ فِي الْخَامِسَة: لعنة الله عَلَيْك إِن كنت من الْكَاذِبين فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا
فَفعل
ثمَّ دَعَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قومِي فاشهدي بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين فِيمَا رماك بِهِ من الزِّنَا
فَشَهِدت بذلك أَربع شَهَادَات ثمَّ قَالَ لَهَا فِي الْخَامِسَة وَغَضب الله عَلَيْك ان كَانَ من الصَّادِقين فِيمَا رماك بِهِ من الزِّنَا
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَة أَو الْخَامِسَة سكتت سكته حَتَّى ظنُّوا أَنَّهَا ستعترف
ثمَّ قَالَت لَا أفضح قومِي سَائِر الْيَوْم فمضت على القَوْل
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رجلا من الْأَنْصَار من بني زُرَيْق قذف امْرَأَته فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرد ذَلِك عَلَيْهِ أَربع مَرَّات
فَأنْزل الله آيَة الْمُلَاعنَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيْن السَّائِل قد نزل من الله أَمر عَظِيم فَأبى الرجل إِلَّا أَن يلاعنها وأبت أَلا تدرأ عَن نَفسهَا الْعَذَاب
فَتَلَاعَنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما تَجِيء بِهِ أصفر أخمش مفتول الْعِظَام فَهُوَ للملاعن واما تَجِيء بِهِ أسود كَالْجمَلِ الأورق فَهُوَ لغيره فَجَاءَت بِهِ أسود كَالْجمَلِ الأورق فَدَعَا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعله لعصبة أمه وَقَالَ: لَوْلَا الْآيَات الَّتِي مَضَت لَكَانَ فِيهِ كَذَا وَكَذَا
وَأخرج الْبَزَّار عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر لَو رَأَيْت مَعَ أم رُومَان رجلا مَا كنت فَاعِلا بِهِ قَالَ: كنت - وَالله - فَاعِلا بِهِ شرا قَالَ: فَأَنت يَا عمر قَالَ: كنت - وَالله - قَاتله فَنزلت ﴿وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم﴾ قلت: رجال إِسْنَاده ثِقَات إِلَّا أَن الْبَزَّار كَانَ يحدث من حفظه فيخطىء
وَقد أخرجه ابْن مرْدَوَيْه والديلمي من هَذَا الطَّرِيق وَزَاد بعد قَوْله كنت قَاتله قَالَ: فَأَنت يَا سُهَيْل بن بَيْضَاء قَالَ: كنت أَقُول لعن الله الْأَبْعَد فَهُوَ خَبِيث وَلعن الله البُعْدَى فَهِيَ خبيثة وَلعن الله أَو الثَّلَاثَة أخبر بِهَذَا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تأوّلت الْقُرْآن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن زيد بن نفيع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر: أَرَأَيْت لَو وجدت مَعَ أهلك رجلا كَيفَ كنت صانعاً قَالَ: إِذا لقتلته
ثمَّ قَالَ لعمر
فَقَالَ مثل ذَلِك
فتتابع الْقَوْم على قَول أبي بكر وَعمر
ثمَّ قَالَ لسهيل بن الْبَيْضَاء
قَالَ: كنت أَقُول لعنك الله فَأَنت خبيثة ولعنك الله فَأَنت خَبِيث وَلعن الله أول الثَّلَاثَة منا يخرج هَذَا الحَدِيث
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تأوّلت الْقُرْآن يَا ابْن الْبَيْضَاء لَو قَتله بِهِ وَلَو قذفه جلد وَلَو قَذفهَا لاعنها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم﴾ قَالَ: هُوَ الرجل يَرْمِي زَوجته بِالزِّنَا ﴿وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم﴾ يَعْنِي لَيْسَ للرجل شُهَدَاء غَيره ان امْرَأَته قد زنت فَرفع ذَلِك إِلَى الْحُكَّام فشهادة أحدهم - يَعْنِي الزَّوْج - يقوم بعد الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد فَيحلف أَربع شَهَادَات بِاللَّه يَقُول: أشهد بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَن فُلَانَة - يَعْنِي امْرَأَته - زَانِيَة
وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ - يَعْنِي على نَفسه - ان كَانَ من الْكَاذِبين فِي قَوْله
ويدرأ يدْفع الْحُكَّام عَن الْمَرْأَة الْعَذَاب - يَعْنِي الْحَد - أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه - يَعْنِي زَوجهَا - لمن الْكَاذِبين
فتقوم الْمَرْأَة مقَام زَوجهَا فَتَقول أَربع مَرَّات أشهد بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَنِّي لست بزانية وَإِن زَوجي لمن الْكَاذِبين
وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا - يَعْنِي على نَفسهَا - إِن كَانَ زَوجهَا من الصَّادِقين
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين﴾ قَالَ: فَإِن هِيَ اعْترفت رجمت وَإِن هِيَ أَبَت يدْرَأ عَنْهَا الْعَذَاب قَالَ: عَذَاب الدُّنْيَا ﴿أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا ان كَانَ من الصَّادِقين﴾
ثمَّ يفرق بَينهمَا وَتعْتَد عدَّة الْمُطلقَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَا يجْتَمع المتلاعنان أبدا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود
مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الشّعبِيّ قَالَ: اللّعان أعظم من الرَّجْم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: وَجَبت اللَّعْنَة على أكذبهما
وَأخرج الْبَزَّار عَن جَابر قَالَ: مَا نزلت آيَة التلاعن إِلَّا لِكَثْرَة السُّؤَال
وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ سعد بن عبَادَة: إِنِّي لَو رَأَيْت أَهلِي وَمَعَهَا رجل أنْتَظر حَتَّى آتِي بأَرْبعَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم
قَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَو رَأَيْته لعاجلته بِالسَّيْفِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معشر الْأَنْصَار اسمعوا مَا يَقُول سيدكم ان سَعْدا لغيور وَأَنا أغير مِنْهُ وَالله أغير مني
وَأخرج ابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع
وَأَيّمَا رجل جحد وَلَده وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ احتجب الله مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة وفضحه على رُؤُوس الاولين والآخرين
وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب قال : لا يجتمع المتلاعنان أبداً.
وأخرج عبد الرزاق عن علي وابن مسعود. مثله.
وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي قال : اللعان أعظم من الرجم.
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال : وجبت اللعنة على أكذبهما.
وأخرج البزار عن جابر قال : ما نزلت آية التلاعن إلا لكثرة السؤال.
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أبي هريرة قال :« لما نزلت هذه الآية قال سعد بن عبادة : إني لو رأيت أهلي ومعها رجل أنتظر حتى آتي بأربعة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم. قال : والذي بعثك بالحق لو رأيته لعاجلته بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا معشر الأنصار اسمعوا ما يقول سيدكم أن سعداً لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني ".
وأخرج ابن ماجة وابن حبان والحاكم وابن مردويه عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة « أيما امرأة أدخلت على قوم ما ليس منهم فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته. وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين ».
أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَعبد بن الحميد وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن يخرج إِلَى سفر أَقرع بَين أَزوَاجه فأيتهن خرج سهمها خرج بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَه
قَالَت عَائِشَة: فأقرع بَيْننَا فِي غَزْوَة غَزَاهَا فَخرج سهمي فَخرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مَا نزل الْحجاب وَأَنا أحمل فِي هودجي وَأنزل فِيهِ فسرنا حَتَّى إِذا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غزوته تِلْكَ وقفل فَدَنَوْنَا من الْمَدِينَة قافلين
آذن لَيْلَة بالرحيل فَقُمْت حِين آذنوا بالرحيل فمشيت حَتَّى جَاوَزت الْجَيْش فَلَمَّا قضيت شأني أَقبلت إِلَى رحلي فَإِذا عقد لي من جزع ظفار قد انْقَطع فَالْتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه وَأَقْبل الرَّهْط الَّذين كَانُوا يرحلون بِي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بَعِيري الَّذِي كنت أركب وهم يحسبون أَنِّي فِيهِ وَكَانَ النِّسَاء إِذْ ذَاك خفافاً لم يثقلهن اللَّحْم إِنَّمَا تَأْكُل الْمَرْأَة الْعلقَة من الطَّعَام فَلم يستنكر الْقَوْم خفَّة الهودج حِين رَفَعُوهُ وَكنت جَارِيَة حَدِيثَة السن فبعثوا الْجمل فَسَارُوا فَوجدت عقدي بَعْدَمَا اسْتمرّ الْجَيْش فَجئْت مَنَازِلهمْ وَلَيْسَ بهَا دَاع وَلَا مُجيب فيممت منزلي الَّذِي كنت بِهِ فظنت أَنهم سيفقدوني فيرجعون إِلَيّ
فَبينا أَنا جالسة فِي منزلي غلبتني فَنمت
وَكَانَ صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ ثمَّ الذكواني من وَرَاء الْجَيْش فأدلج فَأصْبح عِنْد منزلي فَرَأى سَواد إِنْسَان نَائِم فَأَتَانِي فعرفني حِين رَآنِي وَكَانَ يراني قبل الْحجاب فَاسْتَيْقَظت باسترجاعه حِين
وَكَانَ الَّذِي تولى الافك عبد الله بن أبي ابْن سلول
فقدمنا الْمَدِينَة فاشتكيت حِين قدمت شهرا وَالنَّاس يفيضون فِي قَول أَصْحَاب الإِفك لَا أشعر بِشَيْء من ذَلِك وَهُوَ يريبني فِي وجعي أَنِّي لَا أعرف من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللطف الَّذِي كنت أرى مِنْهُ حِين أشتكي إِنَّمَا يدْخل عليَّ فَيسلم ثمَّ يقولك كَيفَ تيكم ثمَّ ينْصَرف
فَذَاك الَّذِي يريبني وَلَا أشعر بِالشَّرِّ حَتَّى خرجت بَعْدَمَا نقهت وَخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وَهِي متبرزنا وَكُنَّا لَا نخرج إِلَّا لَيْلًا إِلَى ليل وَذَلِكَ قبل أَن نتَّخذ الكنف قَرِيبا من بُيُوتنَا وأمرنا أَمر الْعَرَب الأول فِي التبرز قبل الْغَائِط
فَكُنَّا نتأذى بالكنف أَن نتخذها عِنْد بُيُوتنَا فَانْطَلَقت أَنا وَأم مسطح فَأَقْبَلت أَنا وَأم مسطح قبل بَيْتِي قد أشرعنا من ثيابنا فَعَثَرَتْ أم مسطح فِي مرْطهَا فَقَالَت: تعس مسطح فَقلت لَهَا: بئس مَا قلت اتسبين رجلا شهد بَدْرًا قَالَت: أَي هنتاه أَو لم تسمعي مَا قَالَ قلت: وَمَا قَالَ
فأخبرتني بقول أهل الإِفك فازددت مَرضا على مرضِي
فَلَمَّا رجعت إِلَى بَيْتِي دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسلم ثمَّ قَالَ: كَيفَ تيكم فَقلت: أتأذن لي أَن آتِي أَبَوي قَالَت: - وَأَنا حِينَئِذٍ أُرِيد أَن أستيقن الْخَبَر من قبلهمَا - قَالَت: فَأذن لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجئْت لأبوي فَقلت لأمي يَا أمتاه مَا يتحدث النَّاس قَالَت يَا بنية هوني عَلَيْك فو الله لقلما كَانَت امْرَأَة قطّ وضيئة عِنْد رجل يُحِبهَا وَلها ضرائر إِلَّا أكثرن عَلَيْهَا فَقلت - سُبْحَانَ الله - وَلَقَد تحدث النَّاس بِهَذَا فَبَكَيْت تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى أَصبَحت لَا يرقأ لي دمع وَلَا اكتحل بنوم ثمَّ أَصبَحت أبْكِي ودعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بن أبي طَالب وَأُسَامَة بن زيد حِين استلبث الْوَحْي يستأمرهما فِي فِرَاق أَهله
فَأَما أُسَامَة فَأَشَارَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالَّذِي يعلم من بَرَاءَة أَهله وَبِالَّذِي يعلم لَهُم فِي نَفسه من الود فَقَالَ يَا رَسُول الله: أهلك وَلَا نعلم إِلَّا خيرا وَأما عليّ بن أبي طَالب فَقَالَ يَا رَسُول الله: لم يضيّق الله عَلَيْك وَالنِّسَاء سواهَا كثير وان تسْأَل الْجَارِيَة تصدقك
فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَرِيرَة فَقَالَ:
فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستعذر يَوْمئِذٍ من عبد الله بن أبي فَقَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر: يَا معشر الْمُسلمين من يعذرني من رجل بَلغنِي أَذَاهُ فِي أهل بَيْتِي فوَاللَّه مَا علمت على أَهلِي إِلَّا خيرا وَلَقَد ذكرُوا رجلا مَا علمت عَلَيْهِ إِلَّا خيرا وَمَا كَانَ يدْخل على أَهلِي إِلَّا معي
فَقَالَ سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا أعذرك مِنْهُ إِن كَانَ من الْأَوْس ضربت عُنُقه وَإِن كَانَ من إِخْوَاننَا من بني الْخَزْرَج أمرتنا فَفَعَلْنَا أَمرك فَقَامَ سعد بن عبَادَة وَهُوَ سيد الْخَزْرَج وَكَانَ قبل ذَلِك رجلا صَالحا وَلَكِن احتملته الحمية فَقَالَ لسعد: كذبت لعمر الله مَا تقتله وَلَا تقدر على قَتله
فَقَامَ أسيد بن حضير وَهُوَ ابْن عَم سعد فَقَالَ لسعد بن عبَادَة: كذبت لنقتلنه فَإنَّك مُنَافِق تجَادل عَن الْمُنَافِقين
فتثاور الْحَيَّانِ الْأَوْس والخزرج حَتَّى هموا أَن يقتتلوا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم على الْمِنْبَر فَلم يزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخفضهم حَتَّى سكتوا وَسكت
فَبَكَيْت يومي ذَلِك فَلَا يرقا لي دمع وَلَا أكتحل بنوم فَأصْبح أبواي عِنْدِي وَقد بَكَيْت لَيْلَتَيْنِ وَيَوْما لَا أكتحل بنوم وَلَا يرقا لي دمع وأبواي يظنان أَن الْبكاء فالق كَبِدِي
فَبَيْنَمَا هما جالسان عِنْدِي وَأَنا أبْكِي فاستأذنت على امْرَأَة من الْأَنْصَار فَأَذنت لَهَا فَجَلَست تبْكي معي فَبينا نَحن على ذَلِك دخل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جلس وَلم يجلس عِنْدِي مُنْذُ قيل فيّ مَا قيل قبلهَا وَقد لبث شهرا لَا يُوحى إِلَيْهِ فِي شأني بِشَيْء فَتَشَهَّدْ حِين جلس ثمَّ قَالَ: أما بعد يَا عَائِشَة فَإِنَّهُ بَلغنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا
فَإِن كنت بريئة فسيبرئك الله وَإِن كنت أَلممْت بذنب فاستغفري الله وتوبي إِلَيْهِ فَإِن العَبْد إِذا اعْترف بِذَنبِهِ ثمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ
فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَالَته قلص دمعي حَتَّى مَا أحس مِنْهُ قَطْرَة فَقلت لأبي: أجب عني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت لأمي: أجيبي عني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت وَأَنا جَارِيَة حَدِيثَة السن لَا أَقرَأ كثيرا من الْقُرْآن: إِنِّي وَالله لقد علمت أَنكُمْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيث حَتَّى اسْتَقر فِي أَنفسكُم - وصدقتم بِهِ فلئن قلت لكم اني بريئة - وَالله يعلم اني بريئة - لَا تصدقوني وَلَئِن
ثمَّ تحولت فاضطجعت على فِرَاشِي وَأَنا حِينَئِذٍ أعلم أَنِّي بريئة وَأَن الله مبرئي ببراءتي وَلَكِن وَالله مَا كنت أَظن أَن الله منزل فِي شأني وَحيا يُتْلَى ولشأني فِي نَفسِي كَانَ أَحْقَر من أَن يتَكَلَّم الله فيّ بِأَمْر يُتْلَى وَلَكِن كنت أَرْجُو أَن يرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤْيا يبرئني الله بهَا قَالَت: فو الله مَا رام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَجْلِسه وَلَا خرج أحد من أهل الْبَيْت حَتَّى أنزل عَلَيْهِ فَأَخذه مَا كَانَ يَأْخُذهُ من البرحاء عِنْد الْوَحْي حَتَّى أَنه ليتحدر مِنْهُ مثل الجمان من الْعرق وَهُوَ فِي يَوْم شات من ثقل القَوْل الَّذِي أنزل عَلَيْهِ فَلَمَّا سري عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سري عَنهُ وَهُوَ يضْحك فَكَانَ أول كلمة تكلم بهَا أَن قَالَ: ابشري يَا عَائِشَة أما الله فقد برأك فَقَالَت أُمِّي: قومِي إِلَيْهِ فَقلت: وَالله لَا أقوم إِلَيْهِ وَلَا أَحْمد إِلَّا الله الَّذِي أنزل براءتي
وَأنزل الله ﴿إِن الَّذين جاؤوا بالإِفك عصبَة مِنْكُم﴾ الْعشْر الْآيَات كلهَا
فَلَمَّا أنزل الله هَذَا فِي براءتي قَالَ أَبُو بكر: وَكَانَ ينْفق على مسطح بن أَثَاثَة لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقره وَالله لَا أنْفق على مسطح شَيْئا أبدا بعد الَّذِي قَالَ لعَائِشَة مَا قَالَ فَأنْزل الله ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين﴾ النُّور الْآيَة ٢٢ إِلَى قَوْله ﴿رَحِيم﴾ قَالَ أَبُو بكر: وَالله إِنِّي أحب أَن يغْفر الله لي فَرجع إِلَى مسطح النَّفَقَة الَّتِي كَانَ ينْفق عَلَيْهِ وَقَالَ: وَالله لَا أَنْزعهَا مِنْهُ أبدا قَالَت عَائِشَة: فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل زَيْنَب ابْنة جحش عَن أَمْرِي فَقَالَ: يَا زَيْنَب مَاذَا علمت أَو رَأَيْت فَقَالَت: يَا رَسُول الله أحمي سَمْعِي وبصري مَا علمت إِلَّا خيرا قَالَت: وَهِي الَّتِي كَانَت تساميني من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أُخْتهَا حمْنَة تحارب لَهَا فَهَلَكت فِيمَن هلك من أَصْحَاب الإِفك
وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: لما ذكر من شأني الَّذِي ذكر وَمَا علمت بِهِ
قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خَطِيبًا فَتشهد فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد أَشِيرُوا عليَّ فِي أنَاس أنبوا أَهلِي - وأيم الله - مَا علمت على أَهلِي من سوء وأنبوهم بِمن - وَالله - مَا علمت عَلَيْهِ من سوء قطّ وَلَا يدْخل بَيْتِي قطّ إِلَّا وَأَنا حَاضر وَلَا غبت فِي سفر إِلَّا غَابَ معي
فَلَمَّا كَانَ مسَاء ذَلِك الْيَوْم خرجت لبَعض حَاجَتي وَمَعِي أم مسطح فَعَثَرَتْ فَقَالَت: تعس مسطح فَقلت: أَي أم تسبين ابْنك فَسَكَتَتْ ثمَّ عثرت الثَّالِثَة فَقَالَت: تعس مسطح فَقلت لَهَا: أَي أم تسبين ابْنك ثمَّ عثرت الثَّالِثَة فَقَالَت: تعس مسطح فانتهرتها فَقَالَت: وَالله لم أسبه إِلَّا فِيك فَقلت: فِي أَي شأني فَقَرَأت لي الحَدِيث
فَقلت وَقد كَانَ هَذَا قَالَت: نعم
وَالله
فَرَجَعت إِلَى بَيْتِي كَأَن الَّذِي خرجت لَهُ لَا أجد مِنْهُ قَلِيلا وَلَا كثيرا ووعكت فَقلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرْسلنِي إِلَى بَيت أبي فَأرْسل معي الْغُلَام فَدخلت الدَّار فَوجدت أم رُومَان فِي السّفل وَأَبا بكر فَوق الْبَيْت يقْرَأ
فَقَالَت أُمِّي: مَا جَاءَ بك يَا بنية فَأَخْبَرتهَا وَذكرت لَهَا الحَدِيث وَإِذا هُوَ لم يبلغ مِنْهَا مثل مَا بلغ مني
فَقَالَت: يَا بنية خففي عَلَيْك الشَّأْن فَإِنَّهُ - وَالله - لقلما كَانَت امْرَأَة حسناء عِنْد رجل يُحِبهَا لَهَا ضرائر إِلَّا حسدتها وَقيل: فِيهَا
قلت: وَقد علم بِهِ أبي فَقَالَت: نعم قلت: وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: نعم
فاستعبرت وبكيت فَسمع أَبُو بكر صوتي وَهُوَ فَوق الْبَيْت يقْرَأ فَنزل فَقَالَ لأمي: مَا شَأْنهَا قَالَت: بلغَهَا الَّذِي ذكر من شَأْنهَا فَفَاضَتْ عَيناهُ فَقَالَ: أَقْسَمت عَلَيْك أَي بنية إِلَّا رجعت إِلَى بَيْتك فَرَجَعت
وَلَقَد جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْتِي فَسَأَلَ عني خادمي فَقَالَت: لَا وَالله مَا علمت عَلَيْهَا عَيْبا إِلَّا أَنَّهَا كَانَت ترقد حَتَّى تدخل الشَّاة فتأكل خميرها أَو عَجِينهَا وانتهرها بعض أَصْحَابه فَقَالَ: اصدقي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أسقطوا لهابه فَقَالَت - سُبْحَانَ الله - مَا علمت عَلَيْهَا إِلَّا مَا يعلم الصَّائِغ على تبر الذَّهَب الْأَحْمَر فَبلغ إِلَى ذَلِك الرجل الَّذِي قيل لَهُ فَقَالَ - سُبْحَانَ الله - وَالله مَا كشفت كنف أُنْثَى قطّ قَالَت: فَقتل شَهِيدا فِي سَبِيل الله قَالَ: وَأصْبح أبواي عِنْدِي فَلم يَزَالَا حَتَّى دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد صلى الْعَصْر ثمَّ دخل وَقد اكتنفني أبواي عَن يَمِيني وشمالي
قَالَت: وَقد جَاءَت إمرأة من الْأَنْصَار فَهِيَ جالسة بِالْبَابِ فَقلت: أَلا تَسْتَحي من هَذِه الْمَرْأَة أَن تذكر شَيْئا فوعظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَالْتَفت إِلَى أبي فَقلت: أجبه قَالَ: مَاذَا أَقُول فَالْتَفت إِلَى أُمِّي فَقلت: أجيبيه قَالَت: أَقُول مَاذَا فَلَمَّا يجيباه تشهدت فحمدت الله وأثنيت عَلَيْهِ ثمَّ قلت: أما بعد - فو الله - لَئِن قلت لكم أَنِّي لم أفعل - وَالله يشْهد أَنِّي لصادقة - مَا ذَاك بنافعي عنْدكُمْ وَقد تكلمتم بِهِ وأشربته قُلُوبكُمْ
وَإِن قلت: إِنِّي فعلت - وَالله يعلم أَنِّي لم أفعل - لتقولن قد باءت بِهِ على نَفسهَا وَأَنِّي - وَالله - لَا أجد لي وَلكم مثلا
والتمست اسْم يَعْقُوب فَلم أقدر عَلَيْهِ إِلَّا أَبَا يُوسُف حِين قَالَ ﴿فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون﴾ يُوسُف الْآيَة ١٨
وَأنزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَاعَته فسكتنا فَرفع عَنهُ
وَإِنِّي لأتبين السرُور فِي وَجهه وَهُوَ يمسح جَبينه وَيَقُول: ابشري يَا عَائِشَة فقد أنزل الله براءتك قَالَت: وَقد كنت أَشد مِمَّا كنت غَضبا فَقَالَ لي أبواي: قومِي إِلَيْهِ فَقلت: وَالله لَا أقوم إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَده وَلَكِن أَحْمد الله الَّذِي أنزل براءتي لقد سمعتموه فَمَا أنكرتموه وَلَا غيرتموه وَكَانَت عَائِشَة تَقول: أما زَيْنَب بنة جحش فعصمها الله بدينها فَلم تقل إِلَّا خيرا وَأما أُخْتهَا حمْنَة فَهَلَكت فِيمَن هلك وَكَانَ الَّذِي تكلم فِيهَا مسطح وَحسان بن ثَابت وَالْمُنَافِق عبد الله بن أبي وَهُوَ الَّذِي كَانَ يستوشيه ويجمعه وَهُوَ الَّذِي كَانَ تولى كبره مِنْهُم هُوَ وَحمْنَة قَالَ: فَحلف أَبُو بكر أَن لَا ينفع مسطحًا بنافعة أبدا فَأنْزل الله ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم﴾ النُّور الْآيَة ٢٢
إِلَى آخر الْآيَة
يَعْنِي أَبَا بكر
﴿وَالسعَة أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين﴾ يَعْنِي مسطحًا
إِلَى قَوْله ﴿أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم وَالله غَفُور رَحِيم﴾ قَالَ أَبُو بكر: بلَى وَالله إِنَّا نحب أَن يغْفر الله لنا وَعَاد لَهُ كَمَا كَانَ يصنع
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم رُومَان قَالَ: بَينا أَنا عِنْد عَائِشَة اذ دخلت عَلَيْهَا امْرَأَة فَقَالَت: فعل الله بابنها وَفعل فَقَالَت عَائِشَة: وَلم قَالَت: إِنَّه كَانَ فِيمَن حدث الحَدِيث قَالَت عَائِشَة: وَأي حَدِيث قَالَت: كَذَا وَكَذَا قلت: وَقد بلغ ذَاك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: نعم
فخرت عَائِشَة مغشياً عَلَيْهَا فَمَا أفاقت إِلَّا وَعَلَيْهَا حمى بنافض فَقُمْت فزبرتها وَجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا شَأْن هَذِه قلت: يَا رَسُول الله أَخَذتهَا حمى بنافض قَالَ: فَلَعَلَّهُ من حَدِيث تحدث بِهِ
قَالَت واستوت عَائِشَة قَاعِدَة فَقَالَت: وَالله لَئِن حَلَفت لَا تصدقوني
وَلَئِن اعتذرت إِلَيْكُم لَا تعذروني فمثلى ومثلكم كَمثل يَعْقُوب وبنيه ﴿وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون﴾ وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله عذرها فَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَه أَبُو بكر فَدخل فَقَالَ: يَا عَائِشَة إِن الله قد أنزل عذرك فَقَالَت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك فَقَالَ لَهَا أَبُو بكر: أتقولين هَذَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: نعم
قَالَت: وَكَانَ فِيمَن حدث الحَدِيث رجل كَانَ يعوله أَبُو بكر فَحلف أَبُو بكر أَن لَا يصله فَأنْزل ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة﴾ إِلَى آخر الْآيَة قَالَ أَبُو بكر: بلَى
فوصله
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذا أَرَادَ سفر أَقرع بَين نِسَائِهِ فَأصَاب عَائِشَة الْقرعَة فِي غَزْوَة بني المصطلق فَلَمَّا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل انْطَلَقت عَائِشَة لحَاجَة فانحلت قلادتها فَذَهَبت فِي طلبَهَا وَكَانَ مسطح يَتِيما لأبي بكر وَفِي عِيَاله فَلَمَّا رجعت عَائِشَة لم تَرَ الْعَسْكَر وَكَانَ صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ يتَخَلَّف عَن النَّاس فَيُصِيب الْقدح والجراب والاداوة فيحمله فَنظر فَإِذا عَائِشَة فَغطّى وَجهه عَنْهَا ثمَّ أدنى بعيره مِنْهَا فَانْتهى إِلَى الْعَسْكَر فَقَالُوا: قولا: وَقَالُوا فِيهِ قَالَ: ثمَّ ذكر الحَدِيث حَتَّى انْتهى وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَجِيء فَيقوم على الْبَاب فَيَقُول: كَيفَ تيكم حَتَّى جَاءَ يَوْمًا فَقَالَ: ابشري يَا عَائِشَة قد أنزل الله عذرك فَقَالَت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك وَأنزل فِي ذَلِك عشر آيَات ﴿إِن الَّذين جاؤوا بالإِفك عصبَة مِنْكُم﴾ فحد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسطحًا وَحمْنَة وَحسان
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بِسَنَدِهِ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سَافر جَاءَ بِبَعْض نِسَائِهِ
وسافر بعائشة وَكَانَ لَهَا هودج وَكَانَ الهودج لَهُ رجال يحملونه
ويضعونه فعرس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَخرجت عَائِشَة للْحَاجة فباعدت فَلم يعلم بهَا فَاسْتَيْقَظَ النَّبِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس قد ارتحلوا وَجَاء الَّذين يحملون الهودج
وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد نزل وفقد عَائِشَة فَأَكْثرُوا القَوْل وَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشق عَلَيْهِ حَتَّى اعتزلها وَاسْتَشَارَ فِيهَا زيد بن ثَابت وَغَيره فَقَالَ: يَا رَسُول الله دعها لَعَلَّ الله أَن يحدث أمره فِيهَا فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: النِّسَاء كثير
وَخرجت عَائِشَة لَيْلَة تمشي فِي نسَاء فَعَثَرَتْ أم مسطح فَقَالَت: تعس مسطح قَالَت عَائِشَة: بئس مَا قلت فَقَالَت: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا يَقُول فأخبريها
فَسَقَطت عَائِشَة مغشياً عَلَيْهَا ثمَّ أنزل الله ﴿إِن الَّذين جاؤوا بالإِفك﴾ الْآيَات
وَكَانَ أَبُو بكر يُعْطي مسطحًا ويصله ويبره فَحلف أَبُو بكر لَا يُعْطِيهِ فَنزل ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم﴾ فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتِيهَا ويبشرها فجَاء أَبُو بكر فَأَخْبرهَا بعذرها وَمَا أنزل الله فِيهَا فَقَالَت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك وَلَا بِحَمْد صَاحبك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَدِهِ عَن عمر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اراد سفرا أَقرع بَين نِسَائِهِ ثَلَاثًا فَمن أَصَابَته الْقرعَة خرج بهَا مَعَه فَلَمَّا غزا بني المصطلق أَقرع بَينهُنَّ فأصابت عَائِشَة وَأم سَلمَة فَخرج بهما مَعَه فَلَمَّا كَانُوا فِي بعض الطَّرِيق مَال رَحل أم سَلمَة فأناخوا بَعِيرهَا لِيُصْلِحُوا رَحلهَا وَكَانَت عَائِشَة تُرِيدُ قَضَاء حَاجَة فَلَمَّا أبركوا إبلهم قَالَت عَائِشَة: فَقلت فِي نَفسِي إِلَى مَا يصلح رَحل أم سَلمَة أَقْْضِي حَاجَتي
قَالَت: فَنزلت من الهودج وَلم يعلمُوا بنزولي
فَأتيت خربة فَانْقَطَعت قلادتي فاحتبست فِي جمعهَا ونظامها وَبعث الْقَوْم إبلهم ومضوا وظنوا أَنِّي فِي الهودج فَخرجت وَلم أر أحد فاتبعهم حَتَّى أعييت
فَقلت فِي نَفسِي: إِن الْقَوْم سيفقدوني ويرجعون فِي طلبي فَقُمْت على بعض الطَّرِيق فَمر بِي صَفْوَان بن الْمُعَطل وَكَانَ سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَجعله على السَّاقَة فَجعله
وَكَانَ إِذا رَحل النَّاس قَامَ يُصَلِّي ثمَّ اتبعهم فَمَا سقط مِنْهُم من شَيْء حمله
فَقَالَ عبد الله بن أبي ابْن سلول للنَّاس: فجربها وَرب الْكَعْبَة وأعانه على ذَلِك حسان بن ثَابت ومسطح بن أَثَاثَة وَحمْنَة وشاع ذَلِك فِي الْعَسْكَر فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ فِي قلب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا قَالُوا حَتَّى رجعُوا إِلَى الْمَدِينَة وأشاع عبد الله بن أبي هَذَا الحَدِيث فِي الْمَدِينَة وَاشْتَدَّ ذَلِك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ عَائِشَة: فَدخلت ذَات يَوْم أم مسطح فرأتني وَأَنا أُرِيد الْمَذْهَب فَحملت معي السطل وَفِيه مَاء فَوَقع السطل مِنْهَا فَقَالَت: تعس مسطح قَالَت لَهَا عَائِشَة - سُبْحَانَ الله - تسبين رجلا من أهل بدر وَهُوَ ابْنك قَالَت لَهَا أم مسطح: أَنه سَالَ بك السَّيْل وَأَنت لَا تدرين وأخبرتها بالْخبر
قَالَت: فَلَمَّا أَخْبَرتنِي أخذتني الْحمى بنافض مِمَّا كَانَ وَلم أجد الْمَذْهَب
قَالَت عَائِشَة: وَقد كنت أرى من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل ذَلِك جفوة وَلم أدر من أَي شَيْء هُوَ فَلَمَّا حَدَّثتنِي أم مسطح علمت أَن جفوة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَاك فَلَمَّا دخل عليَّ قلت: تَأذن لي أَن أذهب إِلَى أَهلِي قَالَ: اذهبي فَخرجت عَائِشَة حَتَّى أَتَت أَبَاهَا فَقَالَ لَهَا: مَالك قلت: اخرجني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَيته قَالَ لَهَا أَبُو بكر: فأخرجك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَيته وآويك أَنا وَالله لَا آويك حَتَّى يَأْمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يؤويها فَقَالَ لَهَا أَبُو بكر: وَالله مَا قيل لنا هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّة قطّ فَكيف وَقد أعزنا الله بالإِسلام فَبَكَتْ عَائِشَة وَأمّهَا أم رُومَان وَأَبُو بكر وَعبد الرَّحْمَن وَبكى مَعَهم أهل الدَّار
وَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ فَقَالَ: أَيهَا النَّاس من يعذرني مِمَّن يُؤْذِينِي فَقَامَ إِلَيْهِ سعد بن معَاذ فسل سَيْفه وَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا أعذرك مِنْهُ إِن يكن من الْأَوْس أَتَيْتُك بِرَأْسِهِ وَإِن يكن من الْخَزْرَج أمرتنا بِأَمْرك
فاضطربوا بالنعال وَالْحِجَارَة فتلاطموا فَقَامَ أسيد بن حضير فَقَالَ: فيمَ الْكَلَام هَذَا رَسُول الله يَأْمُرنَا بأَمْره فنفعله عَن رغم أنف من رغم
وَنزل جِبْرِيل وَهُوَ على الْمِنْبَر فَلَمَّا سري عَنهُ تَلا عَلَيْهِم مَا نزل بِهِ جِبْرِيل ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ الحجرات الْآيَة ٩ إِلَى آخر الْآيَات فصاح النَّاس: رَضِينَا بِمَا أنزل الله وَقَامَ وَبَعْضهمْ إِلَى بعض وتلازموا وتصايحوا فَنزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمِنْبَر
وَأَبْطَأ الْوَحْي فِي عَائِشَة فَبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَليّ بن أبي طَالب وَأُسَامَة بن زيد وبريرة وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يستشير فِي أَمر أَهله لم يعد عليا وَأُسَامَة بن زيد بعد موت أَبِيه زيد فَقَالَ لعَلي: مَا تَقول فِي عَائِشَة فقد أهمني مَا قَالَ النَّاس قَالَ: يَا رَسُول الله قد قَالَ النَّاس وَقد حل لَك طَلاقهَا وَقَالَ لأسامة: مَا تَقول أَنْت قَالَ - سُبْحَانَ الله - مَا يحل لنا أَن نتكلم بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم
فَقَالَ لبريرة: مَا تَقُولِينَ يَا بَرِيرَة قَالَت وَالله يَا رَسُول الله مَا علمت على أهلك إِلَّا خيرا إِلَّا أَنَّهَا امْرَأَة نَؤُم تنام حَتَّى تَجِيء الدَّاجِن فتأكل عَجِينهَا وَإِن كَانَ شَيْء من هَذَا ليخبرنك الله
فَخرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى منزل أبي بكر فَدخل عَلَيْهَا فَقَالَ: يَا عَائِشَة إِن كنت فعلت هَذَا الْأَمر فَقولِي لي حَتَّى أسْتَغْفر الله لَك فَقَالَت: وَالله لَا أسْتَغْفر الله مِنْهُ أبدا
إِن كنت قد فعلته فَلَا غفر الله لي وَمَا أجد مثلي ومثلكم إِلَّا مثل أبي يُوسُف اذْهَبْ اسْم يَعْقُوب من الأسف قَالَ ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله وَأعلم من الله مَا لَا تعلمُونَ﴾ يُوسُف الْآيَة ٨٦
فَبينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكلمها إِذْ نزل جِبْرِيل بِالْوَحْي فَأخذت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعسة فَسرِّي وَهُوَ يتبسم فَقَالَ: يَا عَائِشَة إِن الله قد أنزل عذرك فَقَالَت: بِحَمْد الله بحَمْدك
فَتلا عَلَيْهَا سُورَة النُّور إِلَى الْموضع الَّذِي انْتهى إِلَيْهِ عذرها وبراءتها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ك قومِي إِلَى الْبَيْت فَقَامَتْ
وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَسْجِد فَدَعَا أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح فَجمع النَّاس ثمَّ تَلا عَلَيْهِم مَا أنزل الله من الْبَرَاءَة لعَائِشَة وَبعث إِلَى عبد الله بن
فَبعث أَبُو بكر إِلَى مسطح لَا وصلتك بدرهم أبدا وَلَا عطف عَلَيْك بِخَير أبدا ثمَّ طرده أَبُو بكر وَأخرجه من منزله
وَنزل الْقُرْآن ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم﴾ إِلَى آخر الْآيَة
فَقَالَ أَبُو بكر: أما إِذْ نزل الْقُرْآن يَأْمُرنِي فِيك لأضاعفن لَك
وَكَانَت امْرَأَة عبد الله بن أبيّ منافقَةً مَعَه فَنزل الْقُرْآن ﴿الخبيثات﴾ يَعْنِي امْرَأَة عبد الله ﴿للخبيثين﴾ يَعْنِي عبد الله ﴿والخبيثون للخبيثات﴾ عبد الله وَامْرَأَته ﴿والطيبات﴾ يَعْنِي عَائِشَة وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿للطيبين﴾ يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْيُسْر الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة: يَا عَائِشَة قد أنزل الله عذرك قَالَت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك
فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عِنْد عَائِشَة فَبعث إِلَى عبد الله بن أبيّ فَضَربهُ حَدَّيْنِ وَبعث إِلَى مسطح وَحمْنَة فضربهم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿إِن الَّذين جاؤوا بالإِفك عصبَة مِنْكُم﴾ يُرِيد أَن الَّذين جاؤا بِالْكَذِبِ على عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَرْبَعَة مِنْكُم ﴿لَا تحسبوه شرا لكم بل هُوَ خير لكم﴾ يُرِيد خيرا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَرَاءَة لسيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ وَخير لأبي بكر وَأم عَائِشَة وَصَفوَان بن الْمُعَطل ﴿لكل امْرِئ مِنْهُم مَا اكْتسب من الإِثم وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم﴾ يُرِيد إشاعته مِنْهُم يُرِيد عبد الله بن أُبي بن سلول ﴿لَهُ عَذَاب عَظِيم﴾ يُرِيد فِي الدُّنْيَا جلده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الْآخِرَة مصيره إِلَى النَّار ﴿لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفسِهِم خيرا وَقَالُوا هَذَا إفْك مُبين﴾ وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَشَارَ فِيهَا بَرِيرَة وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: خيرا وَقَالُوا: هَذَا كذب عَظِيم ﴿لَوْلَا جاؤوا عَلَيْهِ بأَرْبعَة شُهَدَاء﴾ لكانوا هم وَالَّذين شهدُوا كاذبين ﴿فَإذْ لم يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِك عِنْد الله هم الْكَاذِبُونَ﴾ يُرِيد الْكَذِب بِعَيْنِه ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته﴾ يُرِيد وَلَوْلَا مَا من الله بِهِ عَلَيْكُم وستركم ﴿هَذَا بهتان عَظِيم﴾ يُرِيد الْبُهْتَان الافتراء مثل قَوْله فِي مَرْيَم بهتاناً عَظِيما ﴿يعظكم الله أَن تعودوا لمثله﴾ يُرِيد مسطحًا
﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم﴾ يُرِيد لَوْلَا مَا تفضل الله بِهِ عَلَيْكُم ﴿وَرَحمته﴾ يُرِيد مسطحًا وَحمْنَة وَحسان ﴿وَإِن الله رؤوف رَحِيم﴾ يُرِيد من الرَّحْمَة رؤوف بكم حَيْثُ ندمتم وَرَجَعْتُمْ إِلَى الْحق ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا﴾ يُرِيد صدقُوا بتوحيد الله ﴿لَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان﴾ يُرِيد الزلات ﴿فَإِنَّهُ يَأْمر بالفحشاء وَالْمُنكر﴾ يُرِيد بالفحشاء عصيان الله وَالْمُنكر كل مَا يكره الله تَعَالَى ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته﴾ يُرِيد مَا تفضل الله بِهِ عَلَيْكُم وَرَحِمَكُمْ ﴿مَا زكا مِنْكُم من أحد أبدا﴾ يُرِيد مَا قبل تَوْبَة أحد مِنْكُم أبدا ﴿وَلَكِن الله يُزكي من يَشَاء﴾ فقد شِئْت أَن يَتُوب عَلَيْكُم ﴿وَالله سميع عليم﴾ يُرِيد سميع لقولكم عليم بِمَا فِي أَنفسكُم من الندامة
﴿وَلَا يَأْتَلِ﴾ يُرِيد وَلَا يحلف ﴿أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة﴾ يُرِيد وَلَا يحلف أَبُو بكر أَن لَا ينْفق على مسطح ﴿أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين والمهاجرين فِي سَبِيل الله وليعفوا وليصفحوا﴾ فقد جعلت فِيك يَا أَبَا بكر الْفضل وَجعلت عنْدك السعَة والمعرفة بِاللَّه فَسَخِطَتْ يَا أَبَا بكر على مسطح فَلهُ قرَابَة وَله هِجْرَة ومسكنة ومشاهد رضيتها مِنْهُ يَوْم بدر ﴿أَلا تحبون﴾ يَا أَبَا بكر ﴿أَن يغْفر الله لكم﴾ يُرِيد فَاغْفِر لمسطح ﴿وَالله غَفُور رَحِيم﴾ يُرِيد فَإِنِّي غَفُور لمن أَخطَأ رَحِيم بأوليائي
﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات﴾ يُرِيد العفائف ﴿الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات﴾ يُرِيد المصدقات بتوحيد الله وبرسله وَقد قَالَ حسان بن ثَابت فِي عَائِشَة: حصان رزان مَا تزن بريبة وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل فَقَالَت عَائِشَة: لكنك لست كَذَلِك ﴿لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم﴾ يَقُول أخرجهم من الإِيمان مثل قَوْله فِي سُورَة الْأَحْزَاب لِلْمُنَافِقين ﴿ملعونين أَيْنَمَا ثقفوا أخذُوا وقتِّلوا تقتيلا﴾ الْأَحْزَاب الْآيَة ٦١
﴿يَوْمئِذٍ يوفيهم الله دينهم الْحق﴾ يُرِيد يجازيهم بأعمالهم بِالْحَقِّ كَمَا يجازي أولياءه بالثواب كَذَلِك يجازي أعداءه بالعقاب كَقَوْلِه فِي الْحَمد ﴿مَالك يَوْم الدّين﴾ يُرِيد يَوْم الْجَزَاء ﴿ويعلمون﴾ يُرِيد يَوْم الْقِيَامَة ﴿أَن الله هُوَ الْحق الْمُبين﴾ وَذَلِكَ أَن عبد الله بن أبي كَانَ يشك فِي الدُّنْيَا وَكَانَ رَأس الْمُنَافِقين فَذَلِك قَوْله ﴿يَوْمئِذٍ يوفيهم الله دينهم الْحق﴾ وَيعلم ابْن سلول ﴿إِن الله هُوَ الْحق الْمُبين﴾ يُرِيد انْقَطع الشَّك واستيقن حَيْثُ لَا يَنْفَعهُ الْيَقِين
﴿الخبيثات للخبيثين﴾ يُرِيد أَمْثَال عبد الله بن أبيّ وَمن شكّ فِي الله ويقذف مثل سيدة نسَاء الْعَالمين ﴿والطيبات للطيبين﴾ عَائِشَة طيبها الله لرَسُوله
أَتَى بهَا جِبْرِيل فِي سَرقَة من حَرِير قبل أَن تصور فِي رحم أمهَا فَقَالَ لَهُ: عَائِشَة بنت أبي بكر زَوجتك فِي الدُّنْيَا وزوجتك فِي الْجنَّة عوضا من خَدِيجَة وَذَلِكَ عِنْد مَوتهَا بشر بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقر بهَا عَيناهُ
﴿والطيبون للطيبات﴾ يُرِيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طيبه الله لنَفسِهِ وَجعله سيد ولد آدم ﴿والطيبات﴾ يُرِيد عَائِشَة ﴿أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ﴾ يُرِيد برأها الله من كذب عبد الله بن أبي ﴿لَهُم مغْفرَة﴾ يُرِيد عصمَة فِي الدُّنْيَا ﴿ومغفرة﴾ فِي الْآخِرَة ﴿ورزق كريم﴾ يُرِيد الْجنَّة وثواب عَظِيم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير ﴿أَن الَّذين جاؤوا بالإِفك﴾ الْكَذِب ﴿عصبَة مِنْكُم﴾ يَعْنِي عبد الله بن أبي الْمُنَافِق وَحسان بن ثَابت ومسطح بن أَثَاثَة وَحمْنَة بنت جحش ﴿لَا تحسبوه شرا لكم﴾ يَقُول لعَائِشَة وَصَفوَان: لَا تحسبوا الَّذِي قيل لكم من الْكَذِب ﴿شرا لكم بل هُوَ خير لكم﴾ لأنكم تؤجرون على ذَلِك ﴿لكل امْرِئ مِنْهُم﴾ يَعْنِي مِمَّن خَاضَ فِي أَمر عَائِشَة ﴿مَا اكْتسب من الإِثم﴾ على قدر مَا خَاضَ فِيهِ من أمرهَا ﴿وَالَّذِي تولى كبره﴾ يَعْنِي حَظه مِنْهُم يَعْنِي القدفة وَهُوَ ابْن أبي رَأس الْمُنَافِقين وَهُوَ الَّذِي قَالَ: مَا بَرِئت مِنْهُ وَمَا برىء مِنْهَا ﴿لَهُ عَذَاب عَظِيم﴾
﴿لَوْلَا إِذْ سمعتموه﴾ قذف عَائِشَة وَصَفوَان ﴿ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات﴾ لِأَن مِنْهُم حمْنَة بنت جحش هلا كَذبْتُمْ بِهِ ﴿بِأَنْفسِهِم خيرا﴾ هلا ظن بَعضهم بِبَعْض خيرا أَنهم لم يزنوا ﴿وَقَالُوا هَذَا إِِفك مُبين﴾ الا قَالُوا هَذَا الْقَذْف كذب بَين ﴿لَوْلَا جاؤوا عَلَيْهِ﴾ يَعْنِي على الْقَذْف ﴿بأَرْبعَة شُهَدَاء فَإذْ لم يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِك﴾ يَعْنِي الَّذِي قذفوا عَائِشَة ﴿عِنْد الله هم الْكَاذِبُونَ﴾ فِي قَوْلهم ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة﴾ من تَأْخِير الْعقُوبَة ﴿لمسكم فِيمَا أَفَضْتُم فِيهِ﴾ يَعْنِي فِيمَا قُلْتُمْ من الْقَذْف ﴿عَذَاب عَظِيم إِذْ تلقونه بألسنتكم﴾ وَذَلِكَ حِين خَاضُوا فِي أَمر عَائِشَة فَقَالَ بَعضهم: سَمِعت فلَانا يَقُول كَذَا وَكَذَا وَقَالَ بَعضهم: بل كَانَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ ﴿تلقونه بألسنتكم﴾ يَقُول: يرويهِ بَعْضكُم عَن بعض ﴿وتقولون بأفواهكم﴾ يَعْنِي بألسنتكم من قَذفهَا ﴿مَا لَيْسَ لكم بِهِ علم﴾ يَعْنِي من غير أَن تعلمُوا أَن الَّذِي قُلْتُمْ من الْقَذْف حق ﴿وتحسبونه هيناً﴾ تحسبون أَن الْقَذْف ذَنْب هَين ﴿وَهُوَ عِنْد الله عَظِيم﴾ يَعْنِي من الزُّور ﴿لَوْلَا إِذْ سمعتموه﴾ يَعْنِي الْقَذْف ﴿قُلْتُمْ مَا يكون﴾ يَعْنِي أَلا قُلْتُمْ مَا يكون ﴿مَا يكون لنا أَن نتكلم بِهَذَا﴾ وَلم تره أَعيننَا ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم﴾ يَعْنِي أَلا قُلْتُمْ هَذَا كذب عَظِيم مثل مَا قَالَ سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ: وَذَلِكَ أَن سَعْدا لما سمع قَول من قَالَ فِي أَمر عَائِشَة قَالَ ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم﴾ يَعْنِي أَلا قُلْتُمْ هَذَا كذب عَظِيم مثل مَا قَالَ سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ: وَذَلِكَ أَن سَعْدا لما سمع قَول من قَالَ فِي أَمر عَائِشَة قَالَ ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم﴾ والبهتان الَّذِي يبهت فَيَقُول مَا لم يكن
﴿يعظكم الله أَن تعودوا لمثله أبدا﴾ يَعْنِي الْقَذْف ﴿إِن كُنْتُم مُؤمنين﴾ يَعْنِي مُصدقين ﴿وَيبين الله لكم الْآيَات﴾ يَعْنِي مَا ذكر من المواعظ ﴿إِن الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة﴾ تفشوا وَيظْهر الزِّنَا ﴿لَهُم عَذَاب أَلِيم فِي الدُّنْيَا﴾ بِالْحَدِّ ﴿فِي الْآخِرَة عَذَاب النَّار﴾
﴿وَلَوْلَا فضل الله﴾ لعاقبكم بِمَا قُلْتُمْ لعَائِشَة ﴿وَإِن الله رؤوف رَحِيم﴾ حِين عَفا عَنْكُم فَلم يعاقبكم ﴿وَمن يتبع خطوَات الشَّيْطَان﴾ يَعْنِي تزيينه ﴿فَإِنَّهُ يَأْمر بالفحشاء﴾ يَعْنِي بِالْمَعَاصِي ﴿وَالْمُنكر﴾ مَا لَا يعرف مثل مَا قيل لعَائِشَة ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته﴾
فَلَمَّا أنزل الله عذر عَائِشَة وبرأها وَكذب الَّذين قذفوها حلف أَبُو بكر أَن لَا يصل مسطح بن أَثَاثَة بِشَيْء أبدا لِأَنَّهُ كَانَ فِيمَن ادّعى على عَائِشَة من الْقَذْف وَكَانَ مسطح من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين وَكَانَ ابْن خَالَة أبي بكر وَكَانَ يَتِيما فِي حجره فَقِيرا فَلَمَّا حلف أَبُو بكر أَن لَا يصله نزلت فِي أبي بكر ﴿وَلَا يَأْتَلِ﴾ أَي وَلَا يحلف ﴿أولُوا الْفضل مِنْكُم﴾ يَعْنِي فِي الْغنى أَبَا بكر الصّديق ﴿وَالسعَة﴾ يَعْنِي فِي الرزق ﴿أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى﴾ يَعْنِي مسطح ابْن أَثَاثَة قرَابَة أبي بكر وَابْن خَالَته ﴿وَالْمَسَاكِين﴾ يَعْنِي أَن مسطحًا كَانَ فَقِيرا ﴿والمهاجرين فِي سَبِيل الله﴾ يَعْنِي أَن مسطحًا كَانَ من الْمُهَاجِرين ﴿وليعفوا وليصفحوا﴾ يَعْنِي ليتجاوزوا عَن مسطح ﴿أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم﴾ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر: أما تحب أَن يغْفر الله لَك قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: فَاعْفُ وَاصْفَحْ فَقَالَ أَبُو بكر: قد عَفَوْت وصفحت لَا أمْنَعهُ مَعْرُوفا بعد الْيَوْم
﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات﴾ يَعْنِي يقذفون بِالزِّنَا الحافظات لفروجهن العفائف ﴿الْغَافِلَات﴾ يَعْنِي عَن الْفَوَاحِش يَعْنِي عَائِشَة ﴿الْمُؤْمِنَات﴾ يَعْنِي الصادقات ﴿لعنُوا﴾ يَعْنِي جلدُوا ﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة﴾ يُعَذبُونَ بالنَّار يَعْنِي عبد الله بن أبي لِأَنَّهُ مُنَافِق لَهُ عَذَاب عَظِيم
﴿يَوْم تشهد عَلَيْهِم ألسنتهم﴾ يَعْنِي من قذف عَائِشَة يَوْم الْقِيَامَة ﴿يَوْمئِذٍ﴾ يَعْنِي فِي الْآخِرَة ﴿يوفيهم الله دينهم الْحق﴾ حسابهم الْعدْل لَا يظلمهم ﴿ويعلمون أَن الله هُوَ الْحق الْمُبين﴾ يَعْنِي الْعدْل الْمُبين ﴿الخبيثات﴾ يَعْنِي السيء من الْكَلَام قذف عَائِشَة ﴿للخبيثين﴾ من الرِّجَال وَالنِّسَاء يَعْنِي الَّذين قذفوها ﴿والخبيثون﴾ يَعْنِي من الرِّجَال وَالنِّسَاء ﴿للخبيثات﴾ يَعْنِي السيء من الْكَلَام لِأَنَّهُ يَلِيق بهم الْكَلَام السيء ﴿والطيبات﴾ يَعْنِي الْحسن من الْكَلَام ﴿للطيبين﴾ من الرِّجَال وَالنِّسَاء يَعْنِي الَّذين ظنُّوا بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات خيرا ﴿والطيبون﴾ من الرِّجَال وَالنِّسَاء ﴿للطيبات﴾ لِلْحسنِ من الْكَلَام لِأَنَّهُ يَلِيق بهم الْكَلَام الْحسن ﴿أُولَئِكَ﴾ يَعْنِي الطيبين من الرِّجَال وَالنِّسَاء ﴿مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ﴾ هم برَاء من الْكَلَام السيء ﴿لَهُم مغْفرَة﴾ يَعْنِي لذنوبهم ﴿ورزق كريم﴾
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أنزل الله عُذْري وكادت الْأمة تهْلك فِي سببي فَلَمَّا سري عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعرج الْملك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَبِيك اذْهَبْ إِلَى ابْنَتك فاخبرها أَن الله قد أنزل عذرها من السَّمَاء قَالَت: فَأَتَانِي أبي وَهُوَ يعدو يكَاد أَن يعثر فَقَالَ: ابشري يَا بنية بِأبي وَأمي فَإِن الله قد أنزل عذرك قلت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك وَلَا بِحَمْد صَاحبك الَّذِي أرسلك ثمَّ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَنَاول ذراعي فَقلت بِيَدِهِ هَكَذَا فَأخذ أَبُو بكر النَّعْل ليعلوني بهَا فمنعته أُمِّي فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَقْسَمت لَا تفعل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: وَالله مَا كنت أَرْجُو أَن ينزل فيّ كتاب الله وَلَا أطمع فِيهِ وَلَكِنِّي كنت أَرْجُو أَن يرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤْيا فَيذْهب مَا فِي نَفسه وَقد سَأَلَ الْجَارِيَة الحبشية فَقَالَت: وَالله لعَائِشَة أطيب من طيب الذَّهَب وَلكنهَا ترقد حَتَّى تدخل تدخل الشَّاة فتأكل عَجِينهَا وَالله لَئِن كَانَ مَا يَقُول النَّاس حَقًا ليخبرنك الله
فَعجب النَّاس من فقهها
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الحكم ابْن عتيبة قَالَ: لما خَاضَ النَّاس فِي أَمر عَائِشَة أرسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَائِشَة فَقَالَ: يَا عَائِشَة مَا يَقُول النَّاس فَقَالَت: لَا أعْتَذر من شَيْء قَالُوهُ حَتَّى ينزل عُذْري من السَّمَاء
فَأنْزل الله فِيهَا خمس عشرَة آيَة من سُورَة النُّور ثمَّ قَرَأَ حَتَّى بلغ ﴿الخبيثات للخبيثين﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: نزلت ثَمَان عشرَة آيَة مُتَوَالِيَات بتكذيب من قذف عَائِشَة وببراءتها
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة قَالَت: لما رميت بِمَا رميت بِهِ هَمَمْت أَن آتِي قلبيا فاطرح نَفسِي فِيهِ
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة: أَنه لما نزل عذرها قبَّل أَبُو بكر رَأسهَا فَقَالَت: الا عذرتني فَقَالَ: أَي سَمَاء تُظِلنِي وَأي أَرض تُقِلني إِن قلت مَا لَا أعلم
وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت عُذْري من السَّمَاء جَاءَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبرنِي بذلك فَقلت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك
أَمر برجلَيْن وَامْرَأَة فَضربُوا حَدَّيْنِ
وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن جحش قَالَ: تفاخرت عَائِشَة وَزَيْنَب فَقَالَت زَيْنَب: أَنا الَّتِي نزل تزويجي وَقَالَت عَائِشَة: وَأَنا الَّتِي نزل عُذْري فِي كِتَابه حِين حَملَنِي ابْن الْمُعَطل فَقَالَت لَهَا زَيْنَب: يَا عَائِشَة مَا قلت حِين ركبتيها قَالَت: قلت حسبي الله وَنعم الْوَكِيل قَالَت: قلتِ كلمة الْمُؤمنِينَ
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس: أَنه دخل على عَائِشَة قبل مَوتهَا وَهِي مغلوبة فَقَالَ: كَيفَ تجدينك قَالَت: بِخَير إِن اتَّقَيْت قَالَ: فَأَنت بِخَير
زوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم ينْكح بكرا غَيْرك وَنزل عذرك من السَّمَاء
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: خلال فيَّ تسع لم تكن لأحد إِلَّا مَا آتى الله مَرْيَم جَاءَ الْملك بِصُورَتي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَزَوَّجنِي وَأَنا ابْنة سبع سِنِين وَأهْديت إِلَيْهِ وَأَنا ابْنة تسع وتزوّجني بكرا وَكَانَ يَأْتِيهِ الْوَحْي وَأَنا وَهُوَ فِي لِحَاف وَاحِد وَكنت من أحب النَّاس إِلَيْهِ وَنزل فيَّ آيَات من الْقُرْآن كَادَت الْأمة تهْلك فِيهَا وَرَأَيْت جِبْرِيل وَلم يره أحد من نِسَائِهِ غَيْرِي وَقبض فِي بَيْتِي لم يَله أحد غير الْملك إِلَّا انا
وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت: فضلت على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعشر
قيل مَا هن يَا أم الْمُؤمنِينَ قَالَت: لم ينْكح بكرا قطّ غَيْرِي وَلم ينْكح امْرَأَة أبواها مهاجران غَيْرِي وَأنزل الله براءتي من السَّمَاء وجاءه جِبْرِيل بِصُورَتي من السَّمَاء فِي حريرة وَقَالَ تزوّجها فَإِنَّهَا امْرَأَتك وَكنت أَغْتَسِل أَنا وَهُوَ من اناء وَاحِد وَلم يكن يصنع ذَلِك بِأحد من نِسَائِهِ غَيْرِي وَكَانَ يُصَلِّي وَأَنا مُعْتَرضَة بَين يَدَيْهِ وَلم يكن يفعل ذَلِك بِأحد من نِسَائِهِ غَيْرِي وَكَانَ ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي وَهُوَ معي وَلم يكن ينزل عَلَيْهِ وَهُوَ مَعَ أحد من نِسَائِهِ غَيْرِي وَقبض الله نَفسه وَهُوَ بَين سحرِي وَنَحْرِي وَمَات فِي اللَّيْلَة الَّتِي كَانَ يَدُور عليَّ فِيهَا ودُفِنَ فِي بَيْتِي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الَّذين افتروا على عَائِشَة حسان ومسطح وَحمْنَة بنت جحش وَعبد الله بن أبي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة: أَن عبد الْملك بن مَرْوَان كتب إِلَيْهِ يسْأَله عَن الَّذين جاؤا بالإِفك فَكتب إِلَيْهِ أَنه لم يسم مِنْهُم إِلَّا حسان ومسطح وَحمْنَة بنت جحش فِي آخَرين لَا علم لي بهم
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: كنت عِنْد الْوَلِيد بن عبد الْملك فَقَالَ: الَّذِي تولى كبره مِنْهُم عَليّ
فَقلت: لَا
حَدثنِي سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير وعلقمة بن وَقاص وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود كلهم سمع عَائِشَة تَقول: الَّذِي تولى كبره عبد الله بن أبي قَالَ: فَقَالَ لي فَمَا كَانَ جرمه قلت: حَدثنِي شَيْخَانِ من قَوْمك أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام أَنَّهُمَا سمعا عَائِشَة تَقول: كَانَ مسيئاً فِي أَمْرِي
وَقَالَ يَعْقُوب بن شبة فِي مُسْنده: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي ثَنَا الشَّافِعِي ثَنَا عمي قَالَ: دخل سُلَيْمَان بن يسَار على هِشَام بن عبد الْملك فَقَالَ لَهُ: يَا سُلَيْمَان الَّذِي تولى كبره من هُوَ قَالَ: عبد الله بن أبي قَالَ: كذبت هُوَ عليّ
قَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ أعلم بِمَا يَقُول فَدخل الزُّهْرِيّ فَقَالَ: يَا ابْن شهَاب من الَّذِي تولى كبره فَقَالَ لَهُ: ابْن أبي قَالَ: كذبت
هُوَ عليّ قَالَ: أَنا أكذب - لَا أَبَا لَك - لَو نَادَى منادٍ من السَّمَاء أَن الله أحل الْكَذِب مَا كذبت
حَدثنِي عُرْوَة وَسَعِيد وَعبيد الله وعلقمة عَن عَائِشَة: أَن الَّذِي تولى كبره عبد الله بن أبي
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق قَالَ: دخل حسان بن ثَابت على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فشبب وَقَالَ: حصان رزان مَا تزن بريبة وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل
قَوْله لأبي سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب بن هَاشم: هجوت مُحَمَّدًا وأجبت عَنهُ وَعند الله فِي ذَاك الْجَزَاء فان أبي ووالده وعرضي لعرض مُحَمَّد مِنْكُم وقاء أتشتمه وَلست لَهُ بكفء فشركما لخيركما الْفِدَاء لساني صارم لَا عيب فِيهِ وبحري لَا تكدره الدلاء فَقيل: يَا أم الْمُؤمنِينَ أَلَيْسَ هَذَا لَغوا قَالَت: لَا إِنَّمَا اللَّغْو مَا قيل عِنْد النِّسَاء قيل: أَلَيْسَ الله يَقُول ﴿وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم﴾ قَالَت: أَلَيْسَ قد أَصَابَهُ عَذَاب أَلِيم أَلَيْسَ قد أُصِيب بَصَره وكسع بِالسَّيْفِ وتعني الضَّرْبَة الَّتِي ضربهَا إِيَّاه صَفْوَان بن الْمُعَطل حِين بلغه عَنهُ أَنه تكلم فِي ذَلِك فعلاه بِالسَّيْفِ وَكَاد يقْتله وَأخرج مُحَمَّد بن سعد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين
أَن عَائِشَة كَانَت تَأذن لحسان بن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك ﴿وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم﴾ يَقُول: الَّذِي بَدَأَ بذلك
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد ﴿وَالَّذِي تولى كبره﴾ قَالَ: عبد الله بن أبي ابْن سلول يذيعه
وَأخرج عبد بن الحميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن الَّذِي تولى كبره رجلَانِ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَحدهمَا من قُرَيْش وَالْآخر من الْأَنْصَار
عبد الله بن أبيّ بن سلول وَلم يكن شرٌ قطُّ إِلَّا وَله قادة ورؤساء فِي شرهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين
أَن عَائِشَة كَانَت تَأذن لحسان بن ثابتن وتلقي لَهُ الوسادة وَتقول
لَا تَقولُوا لحسان إِلَّا خيرا فَإِنَّهُ كَانَ يرد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قَالَ الله ﴿وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم﴾ وَقد عمي والعمى عَذَاب عَظِيم وَالله قَادر على أَن يَجعله ذَلِك وَيغْفر لحسان ويدخله الْجنَّة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق قَالَ فِي قِرَاءَة عبد الله (وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب أَلِيم)
وَأخرج الواحدي وَابْن عَسَاكِر وَالْحَاكِم عَن أَفْلح مولى أبي أَيُّوب أَن أم أَيُّوب قَالَت: أَلا تسمع مَا يَقُول النَّاس فِي عَائِشَة قَالَ: بلَى وَذَلِكَ الْكَذِب أفكنت يَا أم أَيُّوب فاعلة ذَلِك قَالَت: لَا وَالله قَالَ: فعائشة وَالله خير مِنْك
فَلَمَّا نزل الْقُرْآن وَذكر أهل الافك قَالَ الله ﴿لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات﴾
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ ﴿إِذْ تلقونه بألسنتكم﴾ قَالَ: يرويهِ بَعْضكُم عَن بعض
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿إِذْ تلقونه بألسنتكم﴾ قَالَ: يرويهِ بَعْضكُم عَن بعض
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مليكَة قَالَ: كَانَت عَائِشَة تقْرَأ ﴿إِذْ تلقونه بألسنتكم﴾ وَتقول: إِنَّمَا هُوَ ولق القَوْل
والولق الْكَذِب قَالَ ابْن أبي مليكَة: هِيَ أعلم بِهِ من غَيرهَا لِأَن ذَلِك نزل فِيهَا
أما قَوْله تَعَالَى ﴿وتحسبونه هيناً وَهُوَ عِنْد الله عَظِيم﴾
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من سخط الله لَا يلقِي لَهَا بَالا يهوي بهَا فِي النَّار أبعد مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قذف المحصنة يهدم عمل مائَة سنة
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ حِين أخْبرته امْرَأَته قَالَت: يَا أَبَا أَيُّوب أَلا تسمع مَا يتحدث النَّاس فَقَالَ (مَا يكون لنا أَن نتكلم بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم) فَأنْزل الله ﴿وَلَوْلَا إِذْ سمعتموه قُلْتُمْ مَا يكون لنا أَن نتكلم بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم﴾
وَأخرج سنيد فِي تَفْسِيره عَن سعيد بن جُبَير أَن سعد بن معَاذ لما سمع مَا قيل فِي أَمر عَائِشَة قَالَ: سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم
وَأخرج ابْن أخي سمي فِي فَوَائده عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كَانَ رجلَانِ من
زيد بن حَارِثَة وَأَبُو أَيُّوب
أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه ﴿يعظكم الله أَن تعودوا لمثله أبدا﴾ قَالَ يحرج الله عَلَيْكُم
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿يعظكم الله﴾ قَالَ: يَنْهَاكُم
أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد ﴿إِن الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة﴾ قَالَ: تظهر
يحدث عَن شَأْن عَائِشَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿إِن الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة﴾ قَالَ: يحبونَ أَن يظْهر الزِّنَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن معدان قَالَ: من حدث بِمَا أَبْصرت عَيناهُ وَسمعت أذنَاهُ فَهُوَ من الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة فِي الَّذين آمنُوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: من أشاع الْفَاحِشَة فَعَلَيهِ النكال وَإِن كَانَ صَادِقا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الْعَامِل الْفَاحِشَة وَالَّذِي يشيع بهَا فِي الإِثم سَوَاء
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن شبْل بن عون قَالَ: كَانَ يُقَال من سمع بِفَاحِشَة فأفشاها فَهُوَ فِيهَا كَالَّذي أبداها
فَإِنَّهُ من طلب عَورَة أَخِيه الْمُسلم طلب الله عَوْرَته حَتَّى يَفْضَحهُ فِي بَيته
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿مَا زكا مِنْكُم﴾ قَالَ: مَا اهْتَدَى أحد من الْخَلَائق لشَيْء من الْخَيْر
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل﴾ يَقُول: لَا تقسموا أَن لَا تنفقوا على أحد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ مسطح بن اثاثة مِمَّن تولى كبره من أهل الإِفك وَكَانَ قَرِيبا لأبي بكر وَكَانَ فِي عِيَاله فَحلف أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ أَن لَا ينيله خيرا أبدا فَأنْزل الله ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة﴾ قَالَت: فَأَعَادَهُ أَبُو بكر إِلَى عِيَاله وَقَالَ: لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى غَيرهَا خيرا مِنْهَا إِلَّا تحللتها وأتيت الَّذِي هُوَ خير
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم﴾ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل من قُرَيْش يُقَال لَهُ مسطح كَانَ بَينه وَبَين أبي بكر قرَابَة وَكَانَ يَتِيما فِي حجره وَكَانَ مِمَّن أذاع على عَائِشَة مَا
فَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا أَبَا بكر فَتَلَاهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: أَلا تحب أَن يغْفر الله لَك قَالَ: بلَى قَالَ: فَاعْفُ عَنهُ وَتجَاوز فَقَالَ أَبُو بكر: لَا جرم
وَالله لَا أمْنَعهُ مَعْرُوفا كنت أوليه قبل الْيَوْم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: كَانَ ذُو قرَابَة لأبي بكر مِمَّن كثر على عَائِشَة فَحلف أَبُو بكر لَا يصله بِشَيْء وَقد كَانَ يصله قبل ذَلِك فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة﴾ إِلَى آخر الْآيَة فَصَارَ أَبُو بكر يضعف لَهُ بعد ذَلِك بَعْدَمَا نزلت هَذِه الْآيَة ضعْفي مَا كَانَ يُعْطِيهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: حلف أَبُو بكر لَا ينفع مسطح بن أَثَاثَة وَلَا يصله وَكَانَ بَينه وَبَين أبي بكر قرَابَة من قبل النِّسَاء فَأقبل إِلَى أبي بكر يعْتَذر فَقَالَ مسطح: جعلني الله فداءك وَالله الَّذِي أنزل على مُحَمَّد مَا قذفتها وَمَا تَكَلَّمت بِشَيْء مِمَّا قيل لَهَا أَي خَالِي - وَكَانَ أَبُو بكر خَاله - قَالَ أَبُو بكر: وَلَكِن قد ضحِكت وَأَعْجَبَك الَّذِي قيل فِيهَا قَالَ: لَعَلَّه يكون قد كَانَ بعض ذَلِك فَأنْزل الله فِي شَأْنه ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: حلف أَبُو بكر فِي يتيمين كَانَا فِي حجره كَانَا فِيمَن خَاضَ فِي أَمر عَائِشَة
أَحدهمَا مسطح بن اثاثة قد شهد بَدْرًا فَحلف لَا يصلهمَا وَلَا يصيبا مِنْهُ خيرا
فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة﴾ قَالَ: كَانَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد رموا عَائِشَة بالقبيح وأفشوا ذَلِك وَتَكَلَّمُوا فِيهَا فأقسم نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم أَبُو بكر أَن لَا يتصدقوا على رجل تكلم بِشَيْء من هَذَا وَلَا يصلوه قَالَ: لَا يقسم أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَن يصلوا أرحامهم وَأَن يعطوهم من أَمْوَالهم كَالَّذي كَانُوا يَفْعَلُونَ قبل ذَلِك فَأمر الله أَن يغْفر لَهُم وَأَن يعْفُو عَنْهُم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي سَلمَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا نقص مَال من صَدَقَة قطّ
تصدقوا وَلَا عَفا رجل عَن مظْلمَة إِلَّا زَاده الله عزا
فاعفوا يعزكم
إِلَّا أَن الْعِفَّة خير
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَضَب والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي وَائِل قَالَ: رَأَيْت عبد الله أَتَاهُ رجل بِرَجُل نشوان فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْحَد ثمَّ قَالَ للرجل الَّذِي جَاءَ بِهِ: مَا أَنْت مِنْهُ قَالَ: عَمه
قَالَ: ماأحسنت الْأَدَب وَلَا سترته ﴿وليعفوا وليصفحوا أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم﴾ ثمَّ قَالَ عبد الله: إِنِّي لأذكر أول رجل قطعه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى رجل فَلَمَّا أَمر بِهِ لتقطع يَده كَأَنَّمَا سف وَجهه رَمَادا فَقيل: يَا رَسُول الله كَانَ هَذَا شقّ عَلَيْك قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَن تَكُونُوا للشَّيْطَان عوناً على أخيكم فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي للْحَاكِم إِذا انْتهى إِلَيْهِ حد إِلَّا أَن يقيمه وَإِن الله عَفْو يحب الْعَفو ثمَّ قَرَأَ ﴿وليعفوا وليصفحوا أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم﴾
أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات﴾ قَالَ: نزلت فِي عَائِشَة خَاصَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن خصيف قَالَ: قلت لسَعِيد بن جُبَير أَيّمَا أَشد
الزِّنَا أم الْقَذْف قَالَ: الزِّنَا
قلت: إِن الله يَقُول ﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات﴾ قَالَ: إِنَّمَا أنزل هَذَا فِي شَأْن عَائِشَة خَاصَّة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الضَّحَّاك قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي عَائِشَة خَاصَّة ﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جريرعن الضَّحَّاك ﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات﴾ قَالَ: إِنَّمَا عني بِهَذَا نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الجوزاء ﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات﴾
وأخرجابن أبي حَاتِم عَن سَلمَة بن نبيط ﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات﴾ قَالَ: هن نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس
أَنه قَرَأَ سُورَة النُّور فَفَسَّرَهَا فَلَمَّا أَتَى على هَذِه الْآيَة ﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات﴾ قَالَ: هَذِه فِي عَائِشَة وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يَجْعَل لمن فعل ذَلِك تَوْبَة وَجعل لمن رمى امْرَأَة من الْمُؤْمِنَات من غير أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّوْبَة ثمَّ قَرَأَ ﴿وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء﴾ إِلَى قَوْله ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا﴾ وَلم يَجْعَل لمن قذف امْرَأَة من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوْبَة ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم﴾ فهم بعض الْقَوْم أَن يقوم إِلَى ابْن عَبَّاس فَيقبل رَأسه لحسن مَا فسر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: رميت بِمَا رميت بِهِ وَأَنا غافلة فبلغني بعد ذَلِك: فَبينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْدِي جَالس إِذْ أُوحِي إِلَيْهِ وَهُوَ جَالس ثمَّ اسْتَوَى فَمسح على وَجهه وَقَالَ: يَا عَائِشَة ابشري فَقلت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك فَقَرَأَ ﴿إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات﴾ حَتَّى بلغ ﴿أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ﴾
أخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة عرف الْكَافِر بِعَمَلِهِ فَجحد وَخَاصم فَيُقَال: هَؤُلَاءِ جيرانك يشْهدُونَ عَلَيْك فَيَقُول: كذبُوا فَيُقَال: أهلك وعشيرتك فَيَقُول: كذبُوا فَيُقَال: احلفوا فَيحلفُونَ ثمَّ يصمتهم الله وَتشهد عَلَيْهِم ألسنتهم وأيديهم ثمَّ يدخلهم النَّار
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أول من يخْتَصم يَوْم الْقِيَامَة الرجل وَامْرَأَته فَمَا ينْطق لسانها وَلَكِن يداها ورجلاها يَشْهَدَانِ عَلَيْهَا بِمَا كَانَت تغتاله أَو توليه أَو كلمة نَحْوهَا ويداه وَرجلَاهُ يشْهدُونَ
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنكُمْ تدعون مُقَدّمَة أَفْوَاهكُم بالفدام وَإِن أول مَا يبين عَن أحدكُم فرجه وكفه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا ينْطق من ابْن آدم يَوْم الْقِيَامَة فَخذه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا يستنطق من ابْن آدم جوارحه فِي محاقير عمله
فَيَقُول وَعزَّتك يَا رب إِن عِنْدِي المضرات الْعِظَام
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنِّي لأعْلم آخر رجل من أمتِي يجوز الصِّرَاط رجل يتلوى على الصِّرَاط كالغلام حِين يضْربهُ أَبوهُ
تزلّ يَده مرّة فتصيبها النَّار وتزل رجله مرّة فتصيبها النَّار فَتَقول لَهُ الْمَلَائِكَة: أَرَأَيْت إِن بَعثك الله من مقامك هَذَا فمشيت سوياً أتخبرنا بِكُل عمل عملته فَيَقُول: أَي وعزته لَا أكتمكم من عَمَلي شَيْئا فَيَقُولُونَ لَهُ: قُم فامش سوياً
فَيقوم فَيَمْشِي حَتَّى يُجَاوز الصِّرَاط فَيَقُولُونَ لَهُ: اُخْبُرْنَا باعمالك الَّتِي عملت فَيَقُول فِي نَفسه: إِن أَخْبَرتهم بِمَا عملت ردوني إِلَى مَكَاني فَيَقُول: لَا وعزته مَا عملت ذَنبا قطّ فَيَقُولُونَ: إِن لنا عَلَيْك بَيِّنَة فيلتفت يَمِينا وَشمَالًا هَل يرى من الْآدَمِيّين مِمَّن كَانَ يشْهد فِي الدُّنْيَا أحد
فَلَا يرَاهُ فَيَقُول: هاتوا بينتكم فيختم الله على فِيهِ فَتَنْطِق يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَجلده بِعَمَلِهِ فَيَقُول: أَي وَعزَّتك لقد عملتها وان عِنْدِي العظائم المضرات فَيَقُول: اذْهَبْ فقد غفرتها لَك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول عظم يتَكَلَّم من الإِنسان بعد أَن يخْتم على فِيهِ فَخذه من جَانِبه الْأَيْسَر
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَوْمئِذٍ يوفيهم الله دينهم الْحق﴾ قَالَ: حسابهم وكل شَيْء فِي الْقُرْآن الدّين فَهُوَ الْحساب
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَهَا (الْحق) بِالرَّفْع
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ: (يَوْمئِذٍ يُوفيه الله الْحق دينهم)
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿الخبيثات﴾ قَالَ: من الْكَلَام ﴿للخبيثين﴾ قَالَ: من الرِّجَال ﴿والخبيثون﴾ من الرِّجَال ﴿للخبيثات﴾ من الْكَلَام ﴿والطيبات﴾ من الْكَلَام ﴿للطيبين﴾ من النَّاس ﴿والطيبون﴾ من النَّاس ﴿للطيبات﴾ من الْكَلَام
نزلت فِي الَّذين قَالُوا فِي زَوْجَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالُوا من الْبُهْتَان
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿الخبيثات﴾ قَالَ من الْكَلَام ﴿للخبيثين﴾ من النَّاس ﴿والخبيثون﴾ من النَّاس ﴿للخبيثات﴾ من الْكَلَام ﴿والطيبات﴾ من الْكَلَام ﴿للطيبين﴾ من النَّاس ﴿والطيبون﴾ من النَّاس ﴿للطيبات﴾ من الْكَلَام ﴿أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ﴾ قَالَ: من كَانَ طيبا فَهُوَ مبرأ من كل قَول خَبِيث لقَوْله يغْفر الله لَهُ
وَمن كَانَ خبيثاً فَهُوَ مبرأ من كل قَول صَالح يَقُوله يردهُ الله عَلَيْهِ لَا يقبله مِنْهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿الخبيثات﴾ قَالَ: من القَوْل وَالْعَمَل ﴿للخبيثين﴾ من النَّاس ﴿والخبيثون﴾ من النَّاس ﴿للخبيثات﴾ من القَوْل وَالْعَمَل ﴿والطيبات﴾ من القَوْل وَالْعَمَل ﴿للطيبين﴾ من النَّاس ﴿والطيبون﴾ من النَّاس ﴿للطيبات﴾ من القَوْل وَالْعَمَل ﴿لَهُم مغْفرَة﴾ لذنوبهم ﴿ورزق كريم﴾ هُوَ الْجنَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن ﴿للخبيثات﴾ قَالَ: من الْكَلَام
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير عَن الضَّحَّاك وَإِبْرَاهِيم
مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء ﴿الخبيثات﴾ قَالَ: من القَوْل ﴿للخبيثين﴾ من النَّاس ﴿والخبيثون﴾ من النَّاس ﴿للخبيثات﴾ من القَوْل ﴿والطيبات﴾ من القَوْل ﴿للطيبين﴾ من النَّاس ﴿والطيبون﴾ من النَّاس ﴿للطيبات﴾ من القَوْل
أَلا ترى أَنَّك تسمع بِالْكَلِمَةِ الخبيثة من الرجل الصَّالح فَتَقول غفر الله لفُلَان مَا هَذَا من خلقه وَلَا من شيمه وَلَا مِمَّا يَقُول
قَالَ الله ﴿أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ﴾ أَن يكون ذَلِك من شيمهم وَلَا من أخلاقهمن وَلَكِن الزلل قد يكون
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى الجزار قَالَ: جَاءَ أَسِير بن جَابر إِلَى عبد الله فَقَالَ: قد سَمِعت الْوَلِيد بن عقبَة الْيَوْم تكلم بِكَلَام اعجبني فَقَالَ عبد الله: إِن الرجل الْمُؤمن يكون فِي فِيهِ الْكَلِمَة غير طيبَة تتجلجل فِي صَدره مَا تَسْتَقِر حَتَّى يلفظها فيسمعها رجل عِنْده مثلهَا فيضمها إِلَيْهَا
وان الرجل الْفَاجِر تكون فِي قلبه الْكَلِمَة الطّيبَة تتجلجل فِي صَدره مَا تَسْتَقِر حَتَّى يلفظها فيسمعها الرجل الَّذِي عِنْده مثلهَا فيضمها إِلَيْهَا
ثمَّ قَرَأَ عبد الله ﴿الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿الخبيثات للخبيثين﴾ قَالَ: نزلت فِي عَائِشَة حِين رَمَاهَا الْمُنَافِق بالبهتان والفرية فبرأها الله من ذَلِك وَكَانَ عبد الله بن أبي هُوَ الْخَبيث فَكَانَ هُوَ أولى بِأَن تكون لَهُ الخبيثة وَيكون لَهَا وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طيبا وَكَانَ أولى أَن تكون لَهُ الطّيبَة وَكَانَت عَائِشَة الطّيبَة فَكَانَت أولى أَن يكون لَهَا الطّيب وَفِي قَوْله ﴿أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ﴾ قَالَ: هَهُنَا بَرِئت عَائِشَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: لقد نزل عُذْري من السَّمَاء وَلَقَد خلقت طيبَة وَعند طيب وَلَقَد وعدت مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ذكْوَان حَاجِب عَائِشَة قَالَ: دخل ابْن عَبَّاس على عَائِشَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة حد الله الَّذين قذفوا عَائِشَة ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ على رُؤُوس الْخَلَائق فيستوهب رَبِّي الْمُهَاجِرين مِنْهُم فاستأمرك يَا عَائِشَة فَسمِعت عَائِشَة الْكَلَام وَهِي فِي الْبَيْت فَبَكَتْ ثمَّ قَالَت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ نَبيا لَسُرُورُكَ أحب إليّ من سروري فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَاحِكا وَقَالَ: إِنَّهَا ابْنة أَبِيهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فضل عَائِشَة على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على الطَّعَام
وَأخرج الْحَاكِم عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَو جمع علم النَّاس كلهم ثمَّ علم أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكَانَتْ عَائِشَة أوسعهم علما
وَأخرج الْحَاكِم عَن عُرْوَة قَالَ مَا رَأَيْت أحدا أعلم بالحلال وَالْحرَام وَالْعلم وَالشعر والطب من عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
وَأخرج الْحَاكِم عَن مُوسَى بن طَلْحَة قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا أفْصح من عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْحَاكِم عَن الْأَحْنَف قَالَ: سَمِعت خطْبَة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي والخطباء هَلُمَّ جرا فَمَا سَمِعت الْكَلَام من فَم مَخْلُوق أفخم وَلَا أحسن مِنْهُ من عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم عَن مَسْرُوق أَنه سُئِلَ أَكَانَت عَائِشَة تحسن الْفَرَائِض فَقَالَ: لقد رَأَيْت الأكابر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونها عَن الْفَرَائِض
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مسلمالبطين قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَائِشَة زَوْجَتي فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: خلال فيَّ سبع لم تكن فِي أحد من النَّاس إِلَّا مَا آتى الله مَرْيَم بنت عمرَان
وَالله مَا أَقُول هَذَا لكَي أفتخر على صواحبي قيل: وَمَا هن قَالَت: نزل الْملك بِصُورَتي وَتَزَوَّجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسبع سِنِين وَأهْديت إِلَيْهِ وَأَنا بنت تسع سِنِين وَتَزَوَّجنِي بكرا لم يشركهُ فيَّ أحدٌ من النَّاس وَأَتَاهُ الْوَحْي وَأَنا وإياه فِي لِحَاف وَاحِد وَكنت من أحب النَّاس إِلَيْهِ وَنزل فيَّ آيَات من الْقُرْآن كَادَت الْأمة تهْلك فِيهِنَّ وَرَأَيْت جِبْرِيل لم يره أحد من نِسَائِهِ غَيْرِي وَقبض لم يَله أحد غير الْملك وَأَنا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: إِن جِبْرِيل يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام قَالَت عَائِشَة: وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد من طَرِيق أبي بكر مُحَمَّد بن عمر الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ عَن أَبِيه ثَنَا مُحَمَّد بن الْحسن الكاراني حَدثنِي إِبْرَاهِيم الخرجي قَالَ: ضَاقَ بِي شَيْء من أُمُور الدُّنْيَا فدعوت بدعوات يُقَال لَهَا دُعَاء الْفرج فَقلت: وَمَا هِيَ فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو عبد الله أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن حَنْبَل حَدثنِي سُفْيَان بن عُيَيْنَة ثَنَا مُحَمَّد بن وَاصل الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عَن جده عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة لأقر عينيها بِالْبَرَاءَةِ وَهِي تبْكي فَقَالَت: وَالله لقد هجرني الْقَرِيب والبعيد حَتَّى هجرتني الْهِرَّة وَمَا عرض عليَّ طَعَام وَلَا شراب فَكنت أرقد وَأَنا جائعة ظامئة فَرَأَيْت فِي مَنَامِي فَتى فَقَالَ لي: مَا لَك فَقلت: حزينة مِمَّا ذكر النَّاس فَقَالَ: ادعِي بِهَذِهِ يفرج عَنْك فَقلت: وَمَا هِيَ فَقَالَ: قولي يَا سابغ النعم ودافع النقم وَيَا فارج الغمم وَيَا كاشف الظُّلم يَا أعدل من حكم يَا حسيب من ظلم يَا ولي من ظلم يَا أول بِلَا بداية وَيَا آخر بِلَا نِهَايَة يَا من لَهُ اسْم بِلَا كنية اللَّهُمَّ اجْعَل لي من أَمْرِي فرجا ومخرجاً قَالَت: فانتبهت وَأَنا ريانة شبعانة وَقد أنزل الله مِنْهُ فَرجي قَالَ ابْن النجار: خبر غَرِيب
أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير من طَرِيق عدي بن ثَابت عَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ: قَالَت: امْرَأَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أكون فِي بَيْتِي على الْحَالة الَّتِي لَا أحب أَن يراني عَلَيْهَا أحد ولد وَلَا وَالِد فيأتيني الْآتِي فَيدْخل عَليّ فَكيف أصنع وَلَفظ ابْن جرير: وانه لَا يزَال يدْخل عليَّ رجل من أَهلِي وَأَنا على تِلْكَ الْحَال فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ﴾ الْآيَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء فِي المختارة من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا﴾ قَالَ: أَخطَأ الْكَاتِب إِنَّمَا هِيَ حَتَّى تستأذنوا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: فِي مصحف عبد الله (حَتَّى تسلموا على أَهلهَا وتستأذنوا)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة أبي (حَتَّى تسلموا وتستأذنوا)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿حَتَّى تستأنسوا﴾ قَالَ: حَتَّى تستأذنوا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الِاسْتِئْنَاس
الاسْتِئْذَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أَيُّوب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الِاسْتِئْنَاس
أَن تَدْعُو الْخَادِم حَتَّى يسْتَأْنس أهل الْبَيْت الَّذين يسلم عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿حَتَّى تستأنسوا﴾ قَالَ: تنحنحوا وتنخموا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق ربعي قَالَ: حَدثنَا رجل من بني عَامر اسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي بَيت فَقَالَ: أَأَلِجُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِخَادِمِهِ: أخرج إِلَى هَذَا فَعلمه الاسْتِئْذَان فَقيل لَهُ: قل السَّلَام عَلَيْكُم
أَأدْخل
وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن سعد الثَّقَفِيّ أَن رجلا اسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَأَلِجُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمة لَهُ يُقَال لَهَا رَوْضَة
قومِي إِلَى هَذَا فَعَلِّمِيهِ فَإِنَّهُ لَا يحسن يسْتَأْذن فَقولِي لَهُ يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم
أَأدْخل
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق كلدة
أَن صَفْوَان بن أُميَّة بَعثه فِي الْفَتْح بلياي وصقانيس وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَعْلَى الْوَادي قَالَ: فَدخلت عَلَيْهِ وَلم أسلم وَلم اسْتَأْذن فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ارْجع فَقل السَّلَام عَلَيْكُم
أَأدْخل
وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: اسْتَأْذن عمر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: السَّلَام على رَسُول الله السَّلَام عَلَيْكُم
أَيَدْخُلُ عمر وَأخرج ابْن وهب فِي كتاب الْمجَالِس وَابْن أبي شيبَة عَن زيد بن أسلم قَالَ: أَرْسلنِي أبي إِلَى ابْن عمر فَجِئْته فَقلت: أَأَلِجُ فَقَالَ: ادخل
فَلَمَّا دخلت قَالَ: مرْحَبًا يَا ابْن أخي لَا تقل أَأَلِجُ وَلَكِن قل السَّلَام عَلَيْكُم فَإِذا قَالُوا وَعَلَيْك فَقل
أَأدْخل فَإِن قَالُوا ادخل فَأدْخل
فَقَالَت وَاحِدَة: السَّلَام عَلَيْكُم
أندخل قَالَت: ادخُلُوا ثمَّ قَالَت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا﴾
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّلَام قبل الْكَلَام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي هُرَيْرَة
فِيمَن يسْتَأْذن قبل أَن يسلم قَالَ: لَا يُؤذن لَهُ حَتَّى يبْدَأ بِالسَّلَامِ
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِذا دخل وَلم يقل السَّلَام عَلَيْكُم فَقل: لَا
حَتَّى تَأتي بالمفتاح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: كَانَ عبد الله إِذا دخل الدَّار استأنس تكلم وَرفع صَوته
وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: عَلَيْكُم أَن تستأذنوا على أُمَّهَاتكُم واخواتكم
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا دخل الْبَصَر فَلَا اذن لَهُ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الاسْتِئْذَان فِي الْبيُوت فَقَالَ من دخلت عينه قبل أَن يسْتَأْذن وَيسلم فقد عصى الله وَلَا أذن لَهُ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَ يشْهد أَنِّي رَسُول الله فَلَا يدْخل على أهل بَيت حَتَّى يسْتَأْنس وَيسلم فَإِذا نظر فِي قَعْر الْبَيْت فقد دخل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن هُذَيْل قَالَ: جَاءَ سعد فَوقف على بَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَأْذن فَقَامَ على الْبَاب فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا عَنْك فَإِنَّمَا الإِستئذان من النّظر
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن بشر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَلَكِن من رُكْنه الْأَيْمن أَو الايسر وَيَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم السَّلَام عَلَيْكُم وَذَلِكَ أَن الدّور لم يكن عَلَيْهَا يَوْمئِذٍ ستور
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن سهل بن سعد قَالَ: اطلع رجل من حجر فِي حجرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ مدرى يحك بهَا رَأسه فَقَالَ لَو أعلم أَنَّك تنظر لطعنت بهَا فِي عَيْنك إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر
وَفِي لفظ: إِنَّمَا جعل الله الإِذن من أجل الْبَصَر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن عبَادَة قَالَ: جِئْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي بَيته فَقُمْت مُقَابل الْبَاب فاستأذنت فَأَشَارَ إليَّ أَن تبَاعد وَقَالَ هَل الاسْتِئْذَان إِلَّا من أجل النّظر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿حَتَّى تستأنسوا﴾ قَالَ: هُوَ الاسْتِئْذَان قَالَ: وَكَانَ يُقَال الاسْتِئْذَان ثَلَاث فَمن لم يُؤذن لَهُ فِيهِنَّ فَليرْجع
أما الأولى فَيسمع الْحَيّ
وَأما الثَّانِيَة فيأخذوا حذرهم
وَأما الثَّالِثَة فَإِن شاؤا أذنوا وان شاؤا ردُّوهُ
وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كنت جَالِسا فِي مجْلِس من مجَالِس الْأَنْصَار فجَاء أَبُو مُوسَى فَزعًا فَقُلْنَا لَهُ: مَا أفزعك قَالَ: أَمرنِي عمر أَن آتيه فَأَتَيْته فاستأذنت ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لي فَرَجَعت فَقَالَ: مَا مَنعك أَن تَأتِينِي قلت: قد جِئْت فاستأذنت ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لي وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اسْتَأْذن أحدكُم ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لَهُ فَليرْجع قَالَ: لتَأْتِيني على هَذَا بِالْبَيِّنَةِ فَقَالُوا: لَا يقوم إِلَّا أَصْغَر الْقَوْم فَقَامَ أَبُو سعيد مَعَه فَشهد لَهُ فَقَالَ عمر لأبي مُوسَى: إِنِّي لم أتهمك وَلَكِن الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَدِيد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ﴾ يَعْنِي بُيُوتًا لَيست لكم ﴿حَتَّى تستأنسوا وتسلموا﴾ فِيهَا تَقْدِيم يَعْنِي حَتَّى تسلموا ثمَّ تستأذنوا وَالسَّلَام قبل الاسْتِئْذَان ﴿ذَلِكُم﴾ يَعْنِي الاسْتِئْذَان وَالتَّسْلِيم ﴿خير لكم﴾ يَعْنِي أفضل من أَن تدخل من غير إِذن ان لَا تأثموا وَيَأْخُذ أهل الْبَيْت حذرهم ﴿لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ﴾ ﴿فَإِن لم تَجدوا فِيهَا أحدا فَلَا تدخلوها حَتَّى يُؤذن لكم﴾ يَعْنِي فِي
وَهِي الْخَانَات الَّتِي على طرق النَّاس للْمُسَافِر لَا جنَاح عَلَيْكُم أَن تدخلوها بِغَيْر اسْتِئْذَان وَلَا تَسْلِيم ﴿فِيهَا مَتَاع لكم﴾ يَعْنِي مَنَافِع من الْبرد وَالْحر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَإِن لم تَجدوا فِيهَا أحدا﴾ يَقُول: إِن لم يكن لكم فِيهَا مَتَاع فَلَا تدخلوها إِلَّا بِإِذن وَفِي قَوْله ﴿لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح﴾ قَالَ: كَانُوا يضعون بطرِيق الْمَدِينَة أقتاباً وامتعات فِي بيُوت لَيْسَ فِيهَا أحد فأحلت لَهُم أَن يدخلوها بِغَيْر إِذن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿بُيُوتًا غير مسكونة﴾ قَالَ: هِيَ بِالْبُيُوتِ الَّتِي منزلهَا السّفر لَا يسكنهَا أحد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة فِي قَوْله ﴿بُيُوتًا غير مسكونة﴾ قَالَ: هِيَ هَذِه الْخَانَات الَّتِي فِي الطّرق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿فِيهَا مَتَاع لكم﴾ قَالَ: الْخَلَاء وَالْبَوْل
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿بُيُوتًا غير مسكونة﴾ قَالَ: هِيَ الْبيُوت الْخَرِبَةُ لقَضَاء الْحَاجة
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ
مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿فِيهَا مَتَاع لكم﴾ يَعْنِي الْخَانَات
ينْتَفع بهَا من الْمَطَر وَالْبرد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿بُيُوتًا غير مسكونة﴾ قَالَ: هِيَ الْبيُوت الَّتِي ينزلها النَّاس فِي أسفارهم لَا أحد فِيهَا وَفِي قَوْله ﴿فِيهَا مَتَاع لكم﴾ قَالَ: بلغَة وَمَنْفَعَة
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رجل من الْمُهَاجِرين: لقد طلبت عمري كُله هَذِه الْآيَة فَمَا أدركتها
أَن اسْتَأْذن على بعض
فأرجع وَأَنا مغتبط لقَوْله تَعَالَى ﴿وَإِن قيل لكم ارْجعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أزكى لكم﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا لَقِي صَاحبه لَا يسلم عَلَيْهِ يَقُول: حييت صباحاً
وحييت مسَاء
وَكَانَ ذَلِك تَحِيَّة الْقَوْم بَينهم وَكَانَ أحدهم ينْطَلق إِلَى صَاحبه فَلَا يسْتَأْذن حَتَّى يقتحم وَيَقُول: قد دخلت
فَيشق ذَلِك على الرجل وَلَعَلَّه يكون مَعَ أَهله فَغير الله ذَلِك كُله فِي ستر وعفة فَقَالَ ﴿لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ﴾ فَلَمَّا نزلت آيَة التَّسْلِيم فِي الْبيُوت والاستئذان فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله فَكيف بتجار قُرَيْش الَّذين يَخْتَلِفُونَ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَالشَّام وَبَيت الْمُقَدّس وَلَهُم بيُوت مَعْلُومَة على الطَّرِيق فَكيف يستأذنون ويسلمون وَلَيْسَ فيهم سكان فَرخص الله فِي ذَلِك
فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تدْخلُوا بُيُوتًا غير مسكونة﴾ بِغَيْر اذن
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد فِي النَّاسِخ وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا﴾ ففسح وَاسْتثنى من ذَلِك فَقَالَ ﴿لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تدْخلُوا بُيُوتًا غير مسكونة فِيهَا مَتَاع لكم﴾
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن سعد الثقفي أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أألج ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأمة له يقال لها روضة : قومي إلى هذا فعلميه، فإنه لا يحسن يستأذن فقولي له يقول السلام عليكم. أأدخل ؟ ".
وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري في الأدب وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق كلدة ؛ أن صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلبن وجداية وضغابيس والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي قال : فدخلت عليه ولم أسلم، ولم استأذن فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ارجع فقل السلام عليكم. أأدخل ؟ ".
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر في التمهيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : استأذن عمر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام على رسول الله السلام عليكم. أيدخل عمر ؟
وأخرج ابن وهب في كتاب المجالس وابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : أرسلني أبي إلى ابن عمر فجئته فقلت : أألج ؟ فقال : ادخل. فلما دخلت قال : مرحباً يا ابن أخي لا تقل أألج ؟ ولكن قل السلام عليكم، فإذا قالوا وعليك فقل : أأدخل ؟ فإن قالوا ادخل فأدخل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أم أياس قالت : كنت في أربع نسوة نستأذن على عائشة فقلت : ندخل فقالت : لا. فقالت واحدة : السلام عليكم. أندخل ؟ قالت : ادخلوا ثم قالت ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ﴾.
وأخرج الترمذي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « السلام قبل الكلام ».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن أبي هريرة ؛ فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال : لا يؤذن له حتى يبدأ بالسلام.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : إذا دخل ولم يقل السلام عليكم فقل : لا. . حتى تأتي بالمفتاح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال : كان عبد الله إذا دخل الدار استأنس تكلم ورفع صوته.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن مسعود قال : عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم وأخواتكم.
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :« إذا دخل البصر فلا أذن له ».
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستئذان في البيوت فقال « من دخلت عينه قبل أن يستأذن ويسلم فقد عصى الله، ولا أذن له ».
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من كان يشهد أني رسول الله فلا يدخل على أهل بيت حتى يستأنس ويسلم، فإذا نظر في قعر البيت فقد دخل ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي في شعب الإِيمان عن هذيل قال :
« جاء سعد فوقف على باب النبي صلى الله عليه وسلم يستأذن، فقام على الباب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " هكذا عنك فإنما الاستئذان من النظر ".
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود عن عبد الله بن بشر قال :« كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم، لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه. ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول : السلام عليكم السلام عليكم، وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور ».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن سهل بن سعد قال :" اطلع رجل من جحر في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه مدرى يحك بها رأسه فقال " لو أعلم أنك تنظر لطعنت بها في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر. وفي لفظ : إنما جعل الله الإِذن من أجل البصر ".
وأخرج الطبراني عن سعد بن عبادة قال :" جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فقمت مقابل الباب استأذنت، فأشار إليَّ أن تباعد وقال « هل الاستئذان إلا من أجل النظر ».
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة في قوله ﴿ حتى تستأنسوا ﴾ قال : هو الاستئذان قال : وكان يقال الاستئذان ثلاث، فمن لم يؤذن له فيهن فليرجع. أما الأولى فيسمع الحي. وأما الثانية فيأخذوا حذرهم. وأما الثالث فإن شاؤوا أذنوا وإن شاؤوا ردوه.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : كنت جالساً في مجلس من مجالس الأنصار، فجاء أبو موسى فزعاً، فقلنا له : ما أفزعك ؟ قال : أمرني عمر أن آتيه، فأتيته فاستأذنت ثلاثاً، فلم يؤذن لي، فرجعت فقال : ما منعك أن تأتيني قلت : قد جئت، فاستأذنت ثلاثاً، فلم يؤذن لي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع " قال : لتأتيني على هذا بالبينة فقالوا : لا يقوم إلا أصغر القوم، فقام أبو سعيد معه فشهد له فقال عمر لأبي موسى : إني لم أتهمك، ولكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم ﴾ يعني بيوتاً ليست لكم ﴿ حتى تستأنسوا وتسلموا ﴾ فيها تقديم يعني حتى تسلموا ثم تستأذنوا، والسلام قبل الاستئذان، ﴿ ذلكم ﴾ يعني الاستئذان والتسليم ﴿ خير لكم ﴾ يعني أفضل من أن تدخلوا من غير إِذن، إن لا تأثموا، ويأخذ أهل البيت حذرهم ﴿ لعلكم تذكرون ﴾ ﴿ فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم ﴾ يعني في الدخول ﴿ وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا ﴾ يعني لا تقعدوا ولا تقوموا على أبواب الناس ﴿ هو أزكى لكم ﴾ يعني الرجوع خير لكم من القيام والقعود على أبوابهم ﴿ والله بما تعملون عليم ﴾ يعني بما يكون عليم ﴿ ليس عليكم جناح ﴾ لا حرج عليكم ﴿ أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة ﴾ يعني ليس بها ساكن.
وهي الخانات التي على طرق الناس للمسافر، لا جناح عليكم أن تدخلوها بغير استئذان ولا تسليم ﴿ فيها متاع لكم ﴾ يعني منافع من البرد والحر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ فإن لم تجدوا فيها أحداً ﴾ يقول : إن لم يكن لكم فيها متاع، فلا تدخلوها إلا بإذن. وفي قوله ﴿ ليس عليكم جناح.... ﴾ قال : كانوا يضعون بطرق المدينة أقتاباً وامتعات في بيوت ليس فيها أحد، فأحلت لهم أن يدخلوها بغير إذن.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ﴿ بيوتاً غير مسكونة ﴾ قال : هي بالبيوت التي منزلها السفر، لا يسكنها أحد.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن الحنفية في قوله ﴿ بيوتاً غير مسكونة ﴾ قال : هي هذه الخانات التي في الطرق.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله ﴿ فيها متاع لكم ﴾ قال : الخلاء والبول.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله ﴿ بيوتاً غير مسكونة ﴾ قال : هي البيوت الْخَرِبَةُ لقضاء الحاجة.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي. مثله.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله ﴿ فيها متاع لكم ﴾ يعني الخانات. ينتفع بها من المطر والحر والبرد.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ بيوتاً غير مسكونة ﴾ قال : هي البيوت التي ينزلها الناس في أسفارهم لا أحد فيها وفي قوله ﴿ فيها متاع لكم ﴾ قال : بلغة ومنفعة.
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن مردويه عن أنس قال : قال رجل من المهاجرين : لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما أدركتها ؛ أن استأذن على بعض إخواني فيقول لي : ارجع. فأرجع وأنا مغتبط لقوله تعالى ﴿ وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : كان الرجل في الجاهلية إذا لقي صاحبه لا يسلم عليه يقول : حييت صباحاً، وحييت مساء. وكان ذلك تحية القوم بينهم، وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه فلا يستأذن حتى يقتحم ويقول : قد دخلت. فيشق ذلك على الرجل، ولعله يكون مع أهله، فغير الله ذلك كله في ستر وعفة فقال ﴿ لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم ﴾ فلما نزلت آية التسليم في البيوت والاستئذان فقال أبو بكر : يا رسول الله فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام وبيت المقدس، ولهم بيوت معلومة على الطريق، فكيف يستأذنون ويسلمون، وليس فيهم سكان ؟ فرخص الله في ذلك. فأنزل الله ﴿ ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة ﴾ بغير إذن.
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود في الناسخ وابن جرير عن ابن عباس قال ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ﴾ ففسح واستثنى من ذلك فقال ﴿ ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة فيها متاع لكم ﴾.
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: مر رجل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَرِيق من طرقات الْمَدِينَة فَنظر إِلَى امْرَأَة وَنظرت إِلَيْهِ فوسوس لَهما الشَّيْطَان: إِنَّه لم ينظر أَحدهمَا إِلَى الآخر إِلَّا اعجاباً بِهِ فَبينا الرجل يمشي إِلَى جنب حَائِط ينظر إِلَيْهَا إِذْ استقبله الْحَائِط فشق أَنفه فَقَالَ: وَالله لَا اغسل الدَّم حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعلمه أَمْرِي فَأَتَاهُ فَقص عَلَيْهِ قصَّته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا عُقُوبَة ذَنْبك وَأنزل الله ﴿قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم﴾ الْآيَة أَي عَمَّا لَا يحل لَهُم ﴿ويحفظوا فروجهم﴾ أَي عَمَّا لَا يحل لَهُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم﴾ يَعْنِي أَبْصَارهم فَمن هُنَا صلَة فِي الْكَلَام
يَعْنِي يحفظوا أَبْصَارهم عَمَّا لَا يحل لَهُم النّظر إِلَيْهِ ويحفظوا فروجهم عَن الْفَوَاحِش ﴿ذَلِك أزكى لَهُم﴾ يَعْنِي غض الْبَصَر وَحفظ الْفرج
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كل آيَة يذكر فِيهَا حفظ الْفرج فَهُوَ من الزِّنَا إِلَّا هَذِه الْآيَة فِي النُّور ﴿ويحفظوا فروجهم﴾ ﴿ويحفظن فروجهن﴾ فَهُوَ ان يَرَاهَا
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قلت يَا رَسُول الله عوراتنا مَا نأتي مِنْهَا وَمَا نذر قَالَ: احفظ عورتك إِلَّا من زَوجتك أَو مَا ملكت يَمِينك قلت: يَا نَبِي الله إِذا كَانَ الْقَوْم بَعضهم فِي بعض قَالَ: إِن اسْتَطَعْت أَن لَا يَرَاهَا أحد فَلَا يرينها قلت: إِذا كَانَ أَحَدنَا خَالِيا قَالَ: الله أَحَق أَن يستحي مِنْهُ من النَّاس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْعَلَاء بن زِيَاد قَالَ: كَانَ يُقَال لَا تتبعن بَصرك حسن رِدَاء امْرَأَة فَإِن النّظر يَجْعَل شبقاً فِي الْقلب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الشَّيْطَان من الرجل على ثَلَاثَة منَازِل
على عَيْنَيْهِ وَقَلبه وَذكره وَهُوَ من الْمَرْأَة على ثَلَاثَة
على عينهَا وقلبها وعجزها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جرير البَجلِيّ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نظرة الفجاة فَأمرنِي أَن أصرف بَصرِي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي لاتتبع النظرة النظرة فَإِن لَك الأولى وَلَيْسَت لَك الْآخِرَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث عَليّ مثله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تجلسوا فِي الْمجَالِس فان كُنْتُم لابد فاعلين فَردُّوا السَّلَام وغضوا الْأَبْصَار واهدوا السَّبِيل وأعينوا على الحمولة
نتحدث فِيهَا فَقَالَ: إِن أَبَيْتُم فاعطوا الطَّرِيق حَقه قَالُوا: وَمَا حق الطَّرِيق يَا رَسُول الله قَالَ: غض الْبَصَر وكف الْأَذَى ورد السَّلَام وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر
وَأخرج أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اكفلوا لي بست أكفل لكم بِالْجنَّةِ
إِذا حدث أحدكُم فَلَا يكذب واذ ائْتمن فَلَا يخن وَإِذا وعد فَلَا يخلف غضوا أبصاركم وَكفوا أَيْدِيكُم واحفظوا فروجكم
وَأخرج أَحْمد والحكيم فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من مُسلم ينظر إِلَى امْرَأَة أول رمقة ثمَّ يغض بَصَره إِلَّا أحدث الله لَهُ عبَادَة يجد حلاوتها فِي قلبه
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان الله عز وَجل كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا أدْرك ذَلِك لَا محَالة
فزنا الْعين النّظر وزنا اللِّسَان الْمنطق وزنا الْأُذُنَيْنِ الِاسْتِمَاع وزنا الْيَدَيْنِ الْبَطْش وزنا الرجلَيْن الخطو وَالنَّفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النظرة سهم من سِهَام إِبْلِيس مَسْمُومَة فَمن تَركهَا من خوف الله أثابه إِيماناً يجد حلاوته فِي قلبه
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل عين باكية يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا عينا غضت عَن محارم الله وعيناً سهرت فِي سَبِيل الله وعيناً خرج مِنْهَا مثل رَأس الذُّبَاب من خشيَة الله
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل قَالَ: بلغنَا - وَالله أعلم - أَن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ حدث: أَن أَسمَاء بنت مرشد كَانَت فِي نخل لَهَا فِي بني حَارِثَة فَجعل النِّسَاء يدخلن عَلَيْهَا غير مؤتزرات فيبدو مَا فِي أرجلهن يَعْنِي الخلاخل ويبدو صدورهن وذوائبهن فَقَالَت أَسمَاء: مَا أقبح هَذَا
فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿وَلَا يبدين زينتهن﴾ قَالَ: الزِّينَة
السوار والدملج والخلخال والقرط والقلادة ﴿إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ: الثِّيَاب والجلبات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الزِّينَة زينتان
زِينَة ظَاهِرَة وزينة باطنة لَا يَرَاهَا إِلَّا الزَّوْج فاما الزِّينَة الظَّاهِرَة: فالثياب
وَأما الزِّينَة الْبَاطِنَة: فالكحل والسوار والخاتم وَلَفظ ابْن جرير فالظاهرة مِنْهَا: الثِّيَاب
وَمَا يخفي: فالخلخالان والقرطان والسوارن
وَأخرج احْمَد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة استعطرت فَخرجت فمرت على قوم فيجدوا رِيحهَا فَهِيَ زَانِيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أنس فِي قَوْله ﴿وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ: الْكحل والخاتم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ: الْكحل والخاتم والقرط والقلادة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ: وَجههَا وكفاها والخاتم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ: رقْعَة الْوَجْه وباطن الْكَفّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سُئِلت عَن الزِّينَة الظَّاهِرَة فَقَالَت: الْقلب والفتخ وضمت طرف كمها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ: الْوَجْه وثغرة النَّحْر
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ: الْوَجْه والكف
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ الكفان وَالْوَجْه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ: المسكتان والخاتم والكحل قَالَ قَتَادَة: وَبَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تخرج يَدهَا إِلَّا إِلَى هَهُنَا وَيقبض نصف الذِّرَاع
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْمسور بن مخرمَة فِي قَوْله ﴿إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ: القلبين يَعْنِي السوار والخاتم والكحل
وَأخرج سنيد وَابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ قَالَ: الْخَاتم والمسكة قَالَ ابْن جريج
وَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: الْقلب والفتخة
قَالَت عَائِشَة: دخلت على ابْنة أخي لأمي عبد الله بن الطُّفَيْل مزينة فَدخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأعْرض فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: انها ابْنة أخي وَجَارِيَة فَقَالَ إِذا عركت الْمَرْأَة لم يحل لَهَا أَن تظهر إِلَّا وَجههَا
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أم سَلمَة إِنَّهَا كَانَت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَيْمُونَة فَقَالَت: بَينا نَحن عِنْده أقبل ابْن أبي مَكْتُوم فَدخل عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احتجبا عَنهُ فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ هُوَ أعمى لَا يُبصرنَا فَقَالَ أفعمياوان أَنْتُمَا ألستما تبصرانه
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة: أَن أَسمَاء بنت أبي بكر دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلَيْهَا ثِيَاب رقاق فَأَعْرض عَنْهَا وَقَالَ يَا أَسمَاء إِن الْمَرْأَة إِذا بلغت الْمَحِيض لم يصلح أَن يُرى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجهه وكفه
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْجَارِيَة إِذا حَاضَت لم يصلح أَن يرى مِنْهَا إِلَّا وَجههَا ويداها إِلَى الْمفصل وَالله أعلم
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: رحم الله نسَاء الْمُهَاجِرَات الأول
لما أنزل الله ﴿وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ﴾ أَخذ النِّسَاء أزُرَهُنَّ فشققنها من قبل الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ﴾ شققْنَ أكتف مُرُوطهنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهِ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا وَهِي تختمر فَقَالَ: لية لَا ليتين
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت: بَينا نَحن عِنْد عَائِشَة فذكرن نسَاء قُرَيْش وَفَضْلهنَّ فَقَالَت عَائِشَة: ان نسَاء قُرَيْش لفضلى وَإِنِّي وَالله مَا رَأَيْت أفضل من نسَاء الْأَنْصَار أَشد تَصْدِيقًا لكتاب الله وَلَا إِيمَانًا بالتنزيل لقد أنزلت سُورَة النُّور ﴿وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ﴾ انْقَلب رِجَالهنَّ إلَيْهِنَّ يَتلون عَلَيْهِنَّ مَا أنزل إلَيْهِنَّ فِيهَا وَيَتْلُو الرجل على امْرَأَته وبنته
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة: أَن امْرَأَة دخلت عَلَيْهَا وَعَلَيْهَا خمار رَقِيق يشف جبينها فَأَخَذته عَائِشَة فشقته ثمَّ قَالَت: أَلا تعلمين مَا أنزل الله فِي سُورَة النُّور فدعَتْ لَهَا بخمار فكستها اياه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿وَليَضْرِبن﴾ وليشددن ﴿بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ﴾ يَعْنِي النَّحْر والصدر فَلَا يرى مِنْهُ شَيْء
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي النَّاسِخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي سُورَة النُّور ﴿وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ﴾ وَقَالَ ﴿يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن﴾ ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ ﴿وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن ثيابهن﴾ والمتبرجات اللَّاتِي يخْرجن غير نحورهن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا﴾ والزينة الظَّاهِرَة
الْوَجْه وكحل الْعَينَيْنِ وخضاب الْكَفّ والخاتم فَهَذَا تظهره فِي بَيتهَا لمن دخل عَلَيْهَا ثمَّ قَالَ: ﴿وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن أَو آبائهن﴾ والزينة الَّتِي تبديها لهَؤُلَاء قرطاها وقلادتها وسوارها فَأَما خلْخَالهَا ومعضدها ونحرها وشعرها فَإِنَّهَا لَا تبديه إِلَّا لزَوجهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿وَلَا يبدين زينتهن﴾ يَعْنِي وَلَا يَضعن الجلباب وَهُوَ القناع من فَوق الْخمار ﴿إِلَّا لبعولتهن أَو آبائهن﴾ قَالَ: فَهُوَ محرم
وَكَذَلِكَ الْعم وَالْخَال ﴿أَو نسائهن﴾ يَعْنِي نسَاء الْمُؤْمِنَات ﴿أَو مَا ملكت أيمانهن﴾ يَعْنِي عبد الْمَرْأَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ وَعِكْرِمَة فِي هَذِه الْآيَة ﴿وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن﴾ حَتَّى فرغ مِنْهَا قَالَ: لم يذكر الْعم وَالْخَال لِأَنَّهُمَا ينعتان لأبنائهما فَلَا تضع خمارها عِنْد الْعم وَالْخَال
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا تضع الْمسلمَة خمارها أَي لَا تكون قَابِلَة عِنْد مُشركَة وَلَا تقبلهَا لِأَن الله تَعَالَى يَقُول ﴿أَو نسائهن﴾ فلسن من نسائهن
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه كتب إِلَى أبي عُبَيْدَة أما بعد
فَإِنَّهُ بَلغنِي أَن نسَاء الْمُسلمين يدخلن الحمامات مَعَ نسَاء أهل الشّرك فَإِنَّهُ لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن ينظر إِلَى عورتها إِلَّا أهل ملتها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿أَو مَا ملكت أيمانهن﴾ يَعْنِي عبد الْمَرْأَة لَا يحل لَهَا أَن تضع جلبابها عِنْد عبد زَوجهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا بَأْس أَن يرى العَبْد شعر سيدته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تضع الْمَرْأَة الجلباب عِنْد الْمَمْلُوك
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى فَاطِمَة بِعَبْد قد وهبه لَهَا وعَلى فَاطِمَة ثوب إِذا قنعت بِهِ رَأسهَا لم يبلغ رِجْلَيْهَا وَإِذا غطت بِهِ رِجْلَيْهَا لم يبلغ رَأسهَا فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تلقى قَالَ: إِنَّه لَيْسَ عَلَيْك بَأْس إِنَّمَا هُوَ أَبوك وغلامك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا كَانَ لإِحداكن مكَاتب وَكَانَ لَهُ مَا يُؤَدِّي فلتحتجب مِنْهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ العبيد يدْخلُونَ على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿أَو مَا ملكت أيمانهن﴾ قَالَ: فِي
الَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِمَّا ملكت أَيْمَانكُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن طَاوس وَمُجاهد قَالَ: لَا ينظر الْمَمْلُوك لشعر سيدته قَالَا: وَفِي بعض الْقِرَاءَة (أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم الَّذين لم يبلغُوا الْحلم)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء أَنه سُئِلَ: هَل يرى غُلَام الْمَرْأَة رَأسهَا وقدمها قَالَ: مَا أحب ذَلِك إِلَّا أَن يكون غُلَاما يسرا فَأَما رجل ذُو لحية فَلَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: لَا تغرنكم هَذِه الْآيَة ﴿أَو مَا ملكت أيمانهن﴾ إِنَّمَا عني بهَا الإِماء وَلم يعن بهَا العبيد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: تستتر الْمَرْأَة من غلامها
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن بن حميد وَابْن جريرعن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَو التَّابِعين غير أولي الإِربة من الرِّجَال﴾ قَالَ: هُوَ الَّذِي لَا يستحي مِنْهُ النِّسَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَو التَّابِعين غير أولي الإِربة﴾ قَالَ: هَذَا الرجل يتبع الْقَوْم وَهُوَ مُغفل فِي عقله لَا يكترث للنِّسَاء وَلَا يَشْتَهِي النِّسَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَو التَّابِعين غير أولي الإِربة من الرِّجَال﴾ قَالَ كَانَ الرجل يتبع الرجل فِي الزَّمَان الأول لَا يغار عَلَيْهِ وَلَا ترهب الْمَرْأَة أَن تضع خمارها عِنْده وَهُوَ الأحمق الَّذِي لَا حَاجَة لَهُ فِي النِّسَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن طَاوس ﴿غير أولي الإِربة﴾ قَالَ: هُوَ الأحمق الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي النِّسَاء أرب وَلَا حَاجَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿غير أولي الإِربة﴾ قَالَ: هُوَ الأبله الَّذِي لَا يعرف أَمر النِّسَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿غير أولي الإِربة﴾ قَالَ: هُوَ المخنث الَّذِي لَا يقوم زبه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿غير أولي الإِربة من الرِّجَال﴾ قَالَ: هُوَ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يُطيق النِّسَاء
وَعبد بن حميد ابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ ﴿غير أولي الإِربة﴾ قَالَ: هُوَ الْخصي والعنين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ هُوَ الَّذِي لَا يقوم زبه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: هُوَ الْمَعْتُوه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: هُوَ الَّذِي لم يبلغ أربه أَن يطلع على عورات النِّسَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رجل يدْخل على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مخنث فَكَانُوا يعدونه من غير أولي الأربة فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا وَهُوَ عِنْد بعض نِسَائِهِ وَهُوَ ينعَت امْرَأَة قَالَ: إِذا أَقبلت أَقبلت بِأَرْبَع وَإِذا أَدْبَرت أَدْبَرت بثمان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أرى هَذَا يعرف مَا هَهُنَا لَا يدخلن عَلَيْكُم فحجبوه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ يدْخل على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هيت وَإِنَّمَا كن يعددنه من غير أولي الإِربة من الرِّجَال فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم وَهُوَ ينعَت امْرَأَة يَقُول: إِنَّهَا إِذا أَقبلت أَقبلت بِأَرْبَع وَإِذا أَدْبَرت أَدْبَرت بثمان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا أسمع هَذَا يعلم مَا هَهُنَا لَا يدخلن عَلَيْكُم فَأخْرجهُ فَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يدْخل كل جُمُعَة يستطعم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء﴾ قَالَ: هم الَّذين لَا يَدْرُونَ مَا النِّسَاء من الصغر قبل الْحلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء﴾ قَالَ: الْغُلَام الَّذِي لم يَحْتَلِم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام قَالَ: كل شَيْء من الْمَرْأَة عَورَة حَتَّى ظفرها
وَالله أعلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا يضربن بأرجلهن﴾ وَهُوَ أَن تقرع الخلخال بِالْآخرِ عِنْد الرِّجَال أَو تكون على رِجْلَيْهَا خلاخل فتحركهن عِنْد الرِّجَال
فَنهى الله عَن ذَلِك لِأَنَّهُ من عمل الشَّيْطَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿وَلَا يضربن بأرجلهن﴾ قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة تضرب برجلها ليسمع قعقعة الخلخال فِيهَا فَنهى عَن ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿وَلَا يضربن بأرجلهن ليعلم مَا يخفين من زينتهن﴾ قَالَ: الخلخال
نهى أَن تضرب برجلها ليسمع صَوت الخلخال
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: كن نسَاء الْجَاهِلِيَّة يلبسن الخلاخيل الصم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة ﴿وَلَا يضربن بأرجلهن ليعلم مَا يخفين من زينتهن﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَت المراة تمر على الْمجْلس فِي رجلهَا الخرز فَإِذا جَاوَزت الْمجْلس ضربت برجلها فَنزلت ﴿وَلَا يضربن بأرجلهن﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ان الْمَرْأَة كَانَت يكون فِي رجلهَا الخلخال فِيهِ الجلاجل فَإِذا دخل عَلَيْهَا غَرِيب تحرّك رجلهَا عمدا ليسمع صَوت الخلخال فَقَالَ: ﴿وَلَا يضربن﴾ يَعْنِي لَا يحركن أرجلهن ﴿ليعلم مَا يخفين﴾ يَعْنِي ليعلم الْغَرِيب اذا عَلَيْهَا مَا تخفي من زينتها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود ﴿ليعلم مَا يخفين من زينتهن﴾ قَالَ: الخلخال
وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن مَيْمُونَة بنت سعد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الرافلة فِي الزِّينَة فِي غير أَهلهَا كَمثل ظلمَة يَوْم الْقِيَامَة لَا نور لَهَا
وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة قَالَ: كَانَ فِي لساني ذوب إِلَى أَهلِي فَلم أعده إِلَى غَيره فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَيْن أَنْت من الاسْتِغْفَار يَا حُذَيْفَة أَنِّي لأستغفر الله فِي كل يَوْم مائَة مرّة وَأَتُوب إِلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ: كم للْمُؤْمِنين من ستر قَالَ: هِيَ أَكثر من أَن يُحْصى وَلَكِن الْمُؤمن إِذا عمل خَطِيئَة هتك مِنْهَا سترا فَإِذا تَابَ رَجَعَ إِلَيْهِ ذَلِك السّتْر وَتِسْعَة مَعَه واذا لم يتب هتك عَنهُ مِنْهَا ستر وَاحِد حَتَّى إِذا لم يبْق عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء قَالَ الله تَعَالَى لمن يَشَاء من مَلَائكَته: إِن بني آدم يعيرون وَلَا يغفرون فحفوه بأجنحتكم فيفعلون بِهِ ذَلِك فَإِن تَابَ رجعت إِلَيْهِ الأستار كلهَا وَإِذا لم يتب عجبت مِنْهُ الْمَلَائِكَة فَيَقُول الله لَهُم
اسلموه
فيسلموه حَتَّى لَا يستر مِنْهُ عَورَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن مُغفل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النَّدَم تَوْبَة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النَّدَم تَوْبَة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أنس قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النَّدَم تَوْبَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ: عَن الرجل يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ ثمَّ يَتَزَوَّجهَا فَقَالَ: أوّله سفاح وَآخره نِكَاح وتوبتهما إِلَيّ جَمِيعًا أحب من توبتهما إِلَيّ مُتَفَرّقين إِن الله يَقُول ﴿وتوبوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ﴾
أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم﴾ قَالَ: قد أَمركُم الله - كَمَا تَسْمَعُونَ - أَن تنكحوهن فَإِنَّهُ أَغضّ لأبصارهم واحفظ لفروجهم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ انكحوا الصَّالِحين والصالحات فَمَا تَبِعَهُمْ بعد ذَلِك فَهُوَ حسن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَانْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم﴾ الْآيَة
قَالَ: أَمر الله سُبْحَانَهُ بِالنِّكَاحِ ورغبهم فِيهِ وَأمرهمْ أَن يتزوجوا أحرارهم وعبيدهم وَوَعدهمْ فِي ذَلِك الْغنى فَقَالَ ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: أطِيعُوا الله فِيمَا أَمركُم بِهِ من النِّكَاح ينجز لكم مَا وَعدكُم من الْغنى قَالَ تَعَالَى ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: مَا رَأَيْت كَرجل لم يلْتَمس الْغنى فِي الْبَاءَة وَقد وعده الله فِيهَا مَا وعده فَقَالَ ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة مَعًا فِي المُصَنّف عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: ابْتَغوا الْغنى فِي الْبَاءَة
وَفِي لفظ اطْلُبُوا الْفضل فِي الْبَاءَة وتلا ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: التمسوا الْغنى فِي النِّكَاح
يَقُول الله ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله﴾
وَأخرج الديلمي عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوا الرزق بِالنِّكَاحِ
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي من طَرِيق عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انكحوا النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ يَأْتينكُمْ بِالْمَالِ وَأخرجه ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن عُرْوَة مَرْفُوعا مُرْسلا
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن جَابر قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشكو إِلَيْهِ الْفَاقَة فَأمره أَن يتَزَوَّج
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿وليستعفف الَّذين لَا يَجدونَ نِكَاحا﴾ قَالَ: هُوَ الرجل يرى الْمَرْأَة فَكَأَنَّهُ يَشْتَهِي فَإِن كَانَت لَهُ امْرَأَة فليذهب إِلَيْهَا فليقض حَاجته مِنْهَا وَإِن لم تكن لَهُ امْرَأَة فَلْينْظر فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى يُغْنِيه الله من فَضله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي روق ﴿وليستعفف﴾ يَقُول: عَمَّا حرم الله عَلَيْهِم حَتَّى يرزقهم الله
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وليستعفف الَّذين لَا يَجدونَ نِكَاحا﴾ الْآيَة قَالَ: ليتزوج من لَا يجد فَإِن الله سيغنيه
وَأخرج ابْن السكن فِي معرفَة الصَّحَابَة عَن عبد الله بن صبيح عَن أَبِيه قَالَ: كنت مَمْلُوكا لحويطب بن عبد الْعُزَّى
فَسَأَلته الْكتاب فَأبى فَنزلت ﴿وَالَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿وَالَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب﴾ يَعْنِي الَّذين يطْلبُونَ الْمُكَاتبَة من المملوكين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَامر الشّعبِيّ ﴿فكاتبوهم﴾ قَالَ: إِن شَاءَ كَاتب وَإِن شَاءَ لم يُكَاتب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن أنس بن مَالك قَالَ: سَأَلَني سِيرِين الْمُكَاتبَة فأبيت عَلَيْهِ فَأتى عمر بن الْخطاب فَأقبل عليَّ بِالدرةِ وَقَالَ: كَاتبه وتلا ﴿فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا﴾ فكاتبته
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا﴾ قَالَ: إِن علمْتُم فيهم حِرْفَة وَلَا ترسلوهم كلا على النَّاس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن علمْتُم فيهم خيرا﴾ قَالَ: المَال
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن علمْتُم فيهم خيرا﴾ قَالَ: أَمَانَة ووفاء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا﴾ إِن علمت إِن مكاتبك يقضيك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء مَا قَوْله ﴿فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا﴾ الْخَيْر المَال أم الصّلاح أم كل ذَلِك قَالَ مَا أرَاهُ إِلَّا المَال كَقَوْلِه ﴿كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِن ترك خيرا﴾ الْخَيْر
المَال
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي ﴿إِن علمْتُم فيهم خيرا﴾ قَالَ: إِن علمْتُم عِنْدهم أَمَانَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة وَإِبْرَاهِيم وَأبي صَالح
مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر يكره أَن
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد وَطَاوُس فِي قَوْله ﴿إِن علمْتُم فيهم خيرا﴾ قَالَ: مَالا وَأَمَانَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْحسن مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن علمْتُم فيهم خيرا﴾ قَالَ: إِن علمْتُم لَهُم حِيلَة وَلَا تلقوا مؤنتهم على الْمُسلمين ﴿وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم﴾ يَعْنِي ضَعُوا عَنْهُم من مكاتبتهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالرُّويَانِيّ فِي مُسْنده والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن بُرَيْدَة ﴿وَآتُوهُمْ من مَال الله﴾ قَالَ: حث النَّاس عَلَيْهِ أَن يعطوه
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن ﴿وَآتُوهُمْ من مَال الله﴾ قَالَ: حث النَّاس عَلَيْهِ مولى وَغَيره
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: يتْرك للْمكَاتب طَائِفَة من كِتَابَته
وَعبد بن الحميد ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس ﴿وَآتُوهُمْ من مَال الله﴾ أَمر الله الْمُؤمنِينَ أَن يعينوا فِي الرّقاب قَالَ عَليّ بن أبي طَالب: أَمر الله السَّيِّد أَن يدع للْمكَاتب الرّبع من ثمنه وَهَذَا تَعْلِيم من الله لَيْسَ بفريضة وَلَكِن فِيهِ أجر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ فِي قَوْله ﴿إِن علمْتُم فيهم خيرا﴾ قَالَ: مَالا
﴿وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم﴾ قَالَ: يتْرك للْمكَاتب الرّبع
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ والديلمي وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن عبد الله بن حبيب عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم﴾ قَالَ: يتْرك للْمكَاتب الرّبع
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: يتْرك لَهُ الْعشْر من كِتَابَته
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ ابْن عمر إِذا كَانَ لَهُ مكَاتب لم يضع عَنهُ شَيْئا من أول نجومه مَخَافَة أَن يعجز فترجع إِلَيْهِ صدقته وَلكنه إِذا كَانَ فِي آخر مُكَاتبَته وضع عَنهُ مَا أحب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم ﴿وَآتُوهُمْ من مَال الله﴾ قَالَ: ذَلِك على الْوُلَاة
يعطوهم من الزَّكَاة يَقُول الله ﴿وَفِي الرّقاب﴾ التَّوْبَة الْآيَة ٦٠
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَزَّار وَالدَّارقطني وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي سُفْيَان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ عبد الله بن أبي يَقُول لجارية لَهُ: اذهبي فابغينا شَيْئا وَكَانَت كارهة فَأنْزل الله ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء إِن أردن تَحَصُّنًا لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا وَمن يكرههن فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم﴾ هَكَذَا كَانَ يَقْرَأها
وَأخرج مُسلم من هَذَا الطَّرِيق عَن جَابر: أَن جَارِيَة لعبد الله بن أبي يُقَال لَهَا مُسَيْكَة
وَأُخْرَى يُقَال لَهَا أُمَيْمَة
فَكَانَ يُرِيدهُمَا على الزِّنَا فشكيا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم﴾
وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: كَانَت مُسَيْكَة لبَعض الْأَنْصَار فَجَاءَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن سَيِّدي يكرهني على الْبغاء فَنزلت ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء﴾
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: كَانَت جَارِيَة لعبد الله بن أبي يُقَال لَهَا معَاذَة
يكرهها على الزِّنَا فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام نزلت ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة
مثله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يكْرهُونَ إماءهم على الزِّنَا يَأْخُذُونَ أُجُورهم فَنزلت الْآيَة
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس أَن جَارِيَة لعبد الله بن أبي كَانَت تَزني فِي الْجَاهِلِيَّة فَولدت لَهُ أَوْلَاد من الزِّنَا فَلَمَّا حرم الله الزِّنَا قَالَ لَهَا: مَا لَك لَا تزنين قَالَت: لَا وَالله لَا أزني أبدا فضربها فَأنْزل الله ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَن عبد الله بن أبي كَانَت لَهُ أمتان
مسيكه ومعاذة وَكَانَ يكرههما على الزِّنَا فَقَالَت إِحْدَاهمَا: إِن كَانَ خيرا فقد استكثرت مِنْهُ وَإِن كَانَ غير ذَلِك فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن أَدَعهُ
فَأنْزل الله ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن أبي مَالك فِي قَوْله ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء﴾ قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن أبي وَكَانَت لَهُ جَارِيَة تكسب عَلَيْهِ فَأسْلمت وَحسن إسْلَامهَا فأرادها أَن تفعل كَمَا كَانَت تفعل فَأَبت عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ لعبد الله بن أبي جَارِيَة تدعى معَاذَة فَكَانَ إِذا نزل بِهِ ضيف أرسلها إِلَيْهِ ليواقعها إِرَادَة الثَّوَاب مِنْهُ والكرامة لَهُ فَأَقْبَلت الْجَارِيَة إِلَى أبي بكر فشكت ذَلِك إِلَيْهِ فَذكره أَبُو بكر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره بقبضها فصاح عبد الله بن أبي: من يعذرنا من مُحَمَّد يغلبنا على مماليكنا فَنزلت الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ أَن رجلا من قُرَيْش أسر يَوْم بدر وَكَانَ عِنْد عبد الله بن أبي أَسِيرًا وَكَانَت لعبد الله بن أبي جَارِيَة يُقَال لَهَا معَاذَة وَكَانَ الْقرشِي الْأَسير يريدها على نَفسهَا وَكَانَت مسلمة فَكَانَت تمْتَنع مِنْهُ لإِسلامها وَكَانَ عبد الله بن أبي يكرهها على ذَلِك ويضربها رَجَاء أَن تحمل للقرشي فيطلب فدَاء ولد فَأنْزل الله ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء﴾
وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك من طَرِيق مَالك عَن ابْن شهَاب أَن عمر بن ثَابت أَخا بني الْحَرْث بن الْخَزْرَج حَدثهُ: أَن هَذِه الْآيَة فِي سُورَة النُّور ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يأمرون ولائدهم أَن يباغوا فَكُن يفعلن ذَلِك ويصبن فيأتين بكسبهن قَالَ: وَكَانَ لعبد الله بن أبي جَارِيَة فَكَانَت تباغي وكرهت ذَلِك وَحلفت أَن لَا بِفِعْلِهِ فأكرهها فَأنْزل الله الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: بلغنَا - وَالله أعلم - أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي رجلَيْنِ كَانَا يكرهان أمتين لَهما إِحْدَاهمَا اسْمهَا مُسَيْكَة وَكَانَت للْأَنْصَارِيِّ وَالْأُخْرَى أُمَيْمَة أم مُسَيْكَة لعبد الله بن أبي وَكَانَت معَاذَة وأروى بِتِلْكَ الْمنزلَة فَأَتَت مُسَيْكَة وامها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فذكرتا ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء﴾ يَعْنِي الزِّنَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء﴾ قَالَ: لَا تكْرهُوا إماءكم على الزِّنَا فَإِن فَعلْتُمْ فَإِن الله لَهُنَّ غَفُور رَحِيم وإثمهن على من يكرههن
وأخرجابن أبي شيبَة عَن رَافع بن خديج أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كسب الْحجام خَبِيث وَمهر الْبَغي خَبِيث
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مهر الْبَغي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (فَإِن الله من بعد اكراههن لَهُنَّ غَفُور رَحِيم) قَالَ: للمكرهات على الزِّنَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿إِن أردن تَحَصُّنًا﴾ أَي عفة وإسلاماً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ يَعْنِي كَسْبهنَّ وألادهن من الزِّنَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم﴾ قَالَ: لَهُنَّ وَلَيْسَت لَهُم
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل ﴿وَلَقَد أنزلنَا إِلَيْكُم آيَات مبينات﴾ يَعْنِي مَا فرض عَلَيْهِم فِي هَذِه السُّورَة
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم﴾
أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تهجد فِي اللَّيْل يَدْعُو اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَلَك الْحَمد أَنْت نور السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَلَك الْحَمد أَنْت قيام السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ أَنْت الْحق وقولك حق وَوَعدك حق ولقاؤك حق وَالْجنَّة حق وَالنَّار حق والساعة حق الله لَك أسلمت وَبِك آمَنت وَعَلَيْك توكلت وَإِلَيْك أنبت وَبِك خَاصَمت وَإِلَيْك حاكمت فَاغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا أسررت وَمَا أعلنت أَنْت إلهي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِنور وَجهك الَّذِي أشرقت لَهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض أَن تجعلني فِي حرزك وحفظك وجوارك وَتَحْت كنفك
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ يدبر الْأَمر فيهمَا
نجومهما وشمسهما وقمرهما
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره﴾ الَّذِي أعطَاهُ الْمُؤمن ﴿كمشكاة﴾ مثل الكوّة ﴿فِيهَا مِصْبَاح الْمِصْبَاح فِي زجاجة الزجاجة كَأَنَّهَا كَوْكَب دري يُوقد من شَجَرَة مباركة زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية﴾ فِي سفح جبل لَا تصيبها الشَّمْس إِذا طلعت وَلَا إِذا غربت ﴿يكَاد زيتها يضيء وَلَو لم تمسسه نَار نور على نور﴾ فَذَلِك مثل قلب الْمُؤمن نور على نور ﴿وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب بقيعة﴾ قَالَ: أَعمال الْكفَّار اذا جاؤا رأوها مثل السراب إِذا أَتَاهُ الرجل قد احْتَاجَ إِلَى المَاء فَأَتَاهُ فَلم يجد شَيْئا
فَذَلِك مثل عمل الْكَافِر يرى أَن لَهُ ثَوابًا وَلَيْسَ لَهُ ثَوَاب ﴿أَو كظلمات فِي بَحر لجي﴾ إِلَى قَوْله ﴿لم يكد يَرَاهَا﴾ فَذَلِك مثل قلب الْكَافِر ظلمَة فَوق ظلمَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن الشّعبِيّ قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب / مثل نور الْمُؤمن كمشكاة /
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ يَقُول: مثل نور من آمن بِاللَّه كمشكاة قَالَ: وَهِي النقرة يَعْنِي الكوّة
هُوَ أعظم من أَن يكون نوره مثل نور الْمشكاة قَالَ: مثل نور الْمُؤمن كمشكاة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ قَالَ: هادي أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض ﴿مثل نوره﴾ مثل هداه فِي قلب الْمُؤمن ﴿كمشكاة﴾ يَقُول: مَوضِع الفتيلة يَقُول: كَمَا يكَاد الزَّيْت الصافي يضيء قبل أَن تمسه النَّار إِذا مسته النَّار ازْدَادَ ضوأً على ضوئه كَذَلِك يكون قلب الْمُؤمن يعْمل بِالْهدى قبل أَن يَأْتِيهِ الْعلم فَإِذا أَتَاهُ الْعلم ازْدَادَ هدى على هدى ونوراً على نور
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب مثل نور من آمن بِهِ
أَو قَالَ مثل من آمن بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبيّ بن كَعْب ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره﴾ قَالَ: هُوَ الْمُؤمن الَّذِي جعل الإِيمان وَالْقُرْآن فِي صَدره فَضرب الله مثله فَقَالَ ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ فَبَدَأَ بِنور نَفسه ثمَّ ذكر نور الْمُؤمن فَقَالَ: مثل نور من آمن بِهِ فَكَانَ أُبي بن كَعْب يقْرؤهَا: مثل نور من آمن بِهِ فَهُوَ الْمُؤمن جعل الإِيمان وَالْقُرْآن فِي صَدره ﴿كمشكاة﴾ قَالَ: فصدر الْمُؤمن الْمشكاة ﴿فِيهَا مِصْبَاح﴾ والمصباح: النُّور وَهُوَ الْقُرْآن والإِيمان الَّذِي جعل فِي صَدره ﴿فِي زجاجة﴾ والزجاجة: قلبه
﴿كَأَنَّهَا كَوْكَب دري﴾ فقلبه مِمَّا استنار فِيهِ الْقُرْآن والإِيمان كَأَنَّهُ كَوْكَب دري يَقُول: كَوْكَب مضيء
﴿يُوقد من شَجَرَة مباركة﴾ والشجرة الْمُبَارَكَة: أصل الْمُبَارك الإِخلاص لله وَحده
وعبادته لَا شريك لَهُ
﴿زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية﴾ قَالَ: فَمثله كَمثل شَجَرَة التف بهَا الشجرن فَهِيَ خضراء ناعمة لَا تصيبها الشَّمْس على أَي حَالَة كَانَت لَا إِذا طلعت وَلَا إِذا غربت فَكَذَلِك هَذَا الْمُؤمن قد أجِير من أَن يصله شَيْء من الْفِتَن وَقد ابْتُلِيَ بهَا فثبته الله فِيهَا فَهُوَ بَين ارْبَعْ خلال
إِن قَالَ صدق وَإِن حكم عدل وَأَن أعْطى شكر وَإِن ابتلى صَبر
فَهُوَ فِي سَائِر النَّاس كَالرّجلِ الْحَيّ يمشي بَين قُبُور الْأَمْوَات ﴿نور على نور﴾ فَهُوَ يتقلب فِي خَمْسَة من
فَكَلَامه نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره إِلَى نور يَوْم الْقِيَامَة إِلَى الْجنَّة
ثمَّ ضرب مثل الْكَافِر فَقَالَ: ﴿وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب﴾ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْكَافِر يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ يحْسب أَن لَهُ عِنْد الله خيرا فَلَا يجده ويدخله الله النَّار قَالَ: وَضرب مثلا آخر للْكَافِرِ فَقَالَ ﴿أَو كظلمات فِي بَحر لجي﴾ فَهُوَ يتقلب فِي خمس من الظُّلم
فَكَلَامه ظلمَة وَعَمله ظلمَة ومخرجه ظلمَة ومدخله ظلمَة ومصيره يَوْم الْقِيَامَة إِلَى الظُّلُمَات إِلَى النَّار
فَكَذَلِك ميت الْأَحْيَاء يمشي فِي النَّاس لَا يدْرِي مَاذَا لَهُ وماذا عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الْيَهُود قَالُوا لمُحَمد: كَيفَ يخلص نور الله من دون السَّمَاء فَضرب الله مثل ذَلِك لنوره فَقَالَ ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره كمشكاة﴾ والمشكاة: كوَّة الْبَيْت
﴿فِيهَا مِصْبَاح﴾ وَهُوَ السراج يكون فِي الزجاجة
وَهُوَ مثل ضربه الله لطاعته فَسمى طَاعَته نورا ثمَّ سَمَّاهَا أنواعاً شَتَّى ﴿لَا شرقية وَلَا غربية﴾ قَالَ: هِيَ وسط الشَّجَرَة لَا تنالها الشَّمْس إِذا طلعت وَلَا إِذا غربت وَذَلِكَ لوُجُود الزَّيْت ﴿يكَاد زيتها يضيء﴾ يَقُول: بِغَيْر نَار ﴿نور على نور﴾ يَعْنِي بذلك إِيمَان العَبْد وَعَمله ﴿يهدي الله لنوره من يَشَاء﴾ هُوَ مثل الْمُؤمن
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عديّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿كمشكاة فِيهَا مِصْبَاح﴾ قَالَ: الْمشكاة: جَوف مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
والزجاجة: قلبه
والمصباح: النُّور الَّذِي فِي قلبه
﴿يُوقد من شَجَرَة مباركة﴾ الشَّجَرَة: إِبْرَاهِيم
﴿زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية﴾ لَا يَهُودِيَّة وَلَا نَصْرَانِيَّة ثمَّ قَرَأَ ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما وَمَا كَانَ من الْمُشْركين﴾ آل عمرَان الْآيَة ٦٧
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن شمر بن عَطِيَّة قَالَ: جَاءَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِلَى كَعْب الْأَحْبَار فَقَالَ: حَدثنِي عَن قَول الله ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره﴾ قَالَ: مثل نور مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كمشكاة قَالَ: الْمشكاة الكوة
ضربهَا مثلا لفمه ﴿فِيهَا مِصْبَاح﴾ والمصباح: قلبه
﴿فِي زجاجة﴾ والزجاجة صَدره
﴿كَأَنَّهَا كَوْكَب دري﴾ شبه صدر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالكوكب الدُّرِّي ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِصْبَاح إِلَى قلبه فَقَالَ: توقد من شَجَرَة مباركة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ قَالَ: الله هادي أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض ﴿مثل نوره﴾ يَا مُحَمَّد فِي قَلْبك كَمثل هَذَا الْمِصْبَاح فِي هَذِه الْمشكاة فَكَمَا هَذَا الْمِصْبَاح فِي هَذِه الْمشكاة كَذَلِك فُؤَادك فِي قَلْبك
وَشبه قلب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالكوكب الدُّرِّي الَّذِي لَا يخبو [توقد من شَجَرَة مباركة زيتونة] تَأْخُذ دينك عَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام
وَهِي الزيتونة ﴿لَا شرقية وَلَا غربية﴾ لَيْسَ بنصراني فَيصَلي نَحْو الْمشرق وَلَا يَهُودِيّ فَيصَلي نَحْو الْمغرب ﴿يكَاد زيتها يضيء﴾ فَيَقُول: يكَاد مُحَمَّد ينْطق بالحكمة قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ بِالنورِ الَّذِي جعل الله فِي قلبه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿مثل نوره﴾ قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿يكَاد زيتها يضيء﴾ قَالَ: يكَاد من رأى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلم أَنه رَسُول الله وَإِن لم يتَكَلَّم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره﴾ قَالَ مثل نور الْمُؤمن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ ﴿مثل نوره﴾ قَالَ: مثل هَذَا الْقُرْآن فِي الْقلب ﴿كمشكاة﴾ قَالَ: ككوة
وَأخرج ابْن جرير عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن إلهي يَقُول إِن نوري هُدَايَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله ﴿كمشكاة﴾ قَالَ: هِيَ مَوضِع الفتيلة من الْقنْدِيل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿كمشكاة﴾ قَالَ: ككوة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ ﴿كمشكاة﴾ الكوّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْمشكاة بِلِسَان الْحَبَشَة
الكوّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن عِيَاض ﴿كمشكاة﴾ قَالَ: ككوة بِلِسَان الْحَبَشَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير ﴿كمشكاة﴾ قَالَ: الكوة الَّتِي لَيست بنافذة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك
مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ الْمشكاة الكوة الَّتِي لَيْسَ لَهَا منفذ والمصباح السراج
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿مثل نوره﴾ قَالَ: مثل نور الله فِي قلب الْمُؤمن ﴿كمشكاة﴾ قَالَ: الكوة ﴿كَأَنَّهَا كَوْكَب دري﴾ قَالَ: مُنِير يضيء ﴿زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية﴾ قَالَ: لَا يَفِي عَلَيْهَا ظلّ شَرْقي وَلَا غربي كُنَّا نتحدث انها صَاحِبَة الشَّمْس
وَهُوَ أصفى الزَّيْت وأطيبه وأعذبه هَذَا مثل ضربه الله لِلْقُرْآنِ أَي قد جَاءَكُم من الله نور وَهدى متظاهر أَن الْمُؤمن يسمع كتاب الله
فوعاه وَحفظه وانتفع بِمَا فِيهِ وَعمل بِهِ فَهَذَا مثل الْمُؤمن
وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿كمشكاة﴾ قَالَ: الصفر الَّذِي فِي جَوف الْقنْدِيل ﴿فِيهَا مِصْبَاح﴾ قَالَ: السراج ﴿فِي زجاجة﴾ قَالَ: الْقنْدِيل ﴿لَا شرقية وَلَا غربية﴾ قَالَ: هِيَ الشَّمْس من حِين تطلع إِلَى أَن تغرب لَيْسَ لَهَا ظلّ وَذَلِكَ أَضْوَأ لزيتها وَأحسن لَهُنَّ وأنور لَهُ ﴿نور على نور﴾ قَالَ: النَّار على الزَّيْت جاورته
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك ﴿كَأَنَّهَا كَوْكَب دري﴾ قَالَ: يَعْنِي الزهرة
ضرب الله مثل الْمُؤمن مثل ذَلِك النُّور يَقُول: قلبه نور وجوفه نور وَيَمْشي فِي نور
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿كَوْكَب دري﴾ قَالَ: ضخم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿لَا شرقية وَلَا غربية﴾ قَالَ: شَجَرَة لَا يظلمها كَهْف وَلَا جبل وَلَا يواريها شَيْء وَهُوَ أَجود لزيتها
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَالضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ وَمُحَمّد بن سِيرِين
مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿لَا شرقية وَلَا غربية﴾ قَالَ: لَيست شرقية لَيْسَ فِيهَا غرب وَلَا غربية لَيْسَ فِيهَا شَرق وَلكنهَا شرقية غربية
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿لَا شرقية وَلَا غربية﴾ قَالَ: هِيَ فِي وسط الشّجر لَا تصيبها الشَّمْس فِي شَرق وَلَا غرب وَهِي من وُجُوه الشّجر
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك وَمُحَمّد بن كَعْب
مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو كَانَت هَذِه الشَّجَرَة فِي الأَرْض لكَانَتْ شرقية أَو غربية
وَلكنه مثل ضربه الله لنوره
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿يُوقد من شَجَرَة مباركة﴾ قَالَ: رجل صَالح ﴿لَا شرقية وَلَا غربية﴾ قَالَ: لَا يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ
وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ائتدموا بالزيت وادهنوا بِهِ فَإِنَّهُ يخرج من شَجَرَة مباركة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا ذكر عِنْدهَا الزَّيْت فَقَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر أَن يُؤْكَل ويدهن ويستعط بِهِ وَيَقُول إِنَّه من شَجَرَة مباركة
وَقَالَ: هَذَا الزَّيْت الْمُبَارك الَّذِي قَالَ الله لنَبيه
وَأخرج عبد بن الحميد عَن عِكْرِمَة ﴿يكَاد زيتها يضيء﴾ يَقُول: من شدَّة النُّور
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ الضَّوْء إشراق الزَّيْت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ ﴿نور على نور﴾ قَالَ: نور النَّار وَنور الزَّيْت حِين اجْتمعَا أضاءا
وَكَذَلِكَ نور الْقُرْآن وَنور الإِيمان
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْعَالِيَة ﴿نور على نور﴾ قَالَ: أَتَى نور الله تَعَالَى على نور مُحَمَّد
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع﴾ قَالَ: هِيَ الْمَسَاجِد تكرم وَنهى عَن اللَّغْو فِيهَا ﴿وَيذكر فِيهَا اسْمه﴾ يُتْلَى فِيهَا كِتَابه يسبح: يُصَلِّي لَهُ فِيهَا بالغدوة: صَلَاة الْغَدَاة وَالْآصَال: صَلَاة الْعَصْر وهما أول مَا فرض الله من الصَّلَاة وَأحب أَن يذكرهما ويذكرهما عباده
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد ينفذهم الْبَصَر وَيسْمعهُمْ الدَّاعِي فينادي مُنَاد: سَيعْلَمُ أهل الْجمع لمن الْكَرم الْيَوْم ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يَقُول: أَيْن الَّذين كَانَت تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع: ثمَّ يَقُول: أَيْن الَّذين كَانَت لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله ثمَّ يَقُول: أَيْن الْحَمَّادُونَ الَّذين كَانُوا يحْمَدُونَ رَبهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع﴾ قَالَ: هِيَ الْمَسَاجِد
أذن الله فِي بنيانها ورفعها وَأمر بعمارتها وبطهورها
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع﴾ قَالَ: فِي مَسَاجِد أَن تبنى
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿أذن الله أَن ترفع﴾ يَقُول:
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع﴾ قَالَ: هِيَ بيُوت النَّبِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد ﴿فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع﴾ قَالَ: إِنَّمَا هِيَ أَربع مَسَاجِد لم يُبْنِهُنَّ إِلَّا نَبِي
الْكَعْبَة بناها إِبْرَاهِيم واسمعيل وَبَيت الْمُقَدّس بناه دَاوُد وَسليمَان وَمَسْجِد الْمَدِينَة بناه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَسْجِد قبَاء أسس على التَّقْوَى بناه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك وَبُرَيْدَة قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة ﴿فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع﴾ فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: أَي بيُوت هَذِه يَا رَسُول الله قَالَ: بيُوت الْأَنْبِيَاء
فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو بكر فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَذَا الْبَيْت مِنْهَا الْبَيْت عَليّ وَفَاطِمَة قَالَ: نعم
من أفاضلها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن بُرَيْدَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع رجلا يَقُول: من دَعَا إِلَى الْجمل الْأَحْمَر فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: لَا وجدته ثَلَاثًا إِنَّمَا بنيت هَذِه الْمَسَاجِد للَّذي بنيت لَهُ: وَقَالَ أَبُو سِنَان الشَّيْبَانِيّ فِي قَوْله ﴿فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع﴾ قَالَ: تعظم
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة قَالَت: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبِنَاء الْمَسَاجِد فِي الدّور وَأَن تنظف وتطيب
وَأخرج أَحْمد عَن عُرْوَة بن الزبير عَمَّن حَدثهُ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنَا أَن نصْنَع الْمَسَاجِد فِي دُورنَا وَأَن نصلح صنعتها ونطهرها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى عَن ابْن عمر
أَن عمر كَانَ يجمر الْمَسْجِد فِي كل جُمُعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التفل فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة وكفارته أَن يواريه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البزاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة وَدَفنه حَسَنَة
وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البزاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة وكفارته دَفنه
وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبْعَث النخامة يَوْم الْقِيَامَة فِي الْقبْلَة وَهِي فِي وَجه صَاحبهَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من بزق فِي قبْلَة وَلم يوارها جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة أحمى مَا تكون حَتَّى تقع بَين عَيْنَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة قَالَ من صلى فبزق تجاه الْقبْلَة جَاءَت البزقة يَوْم الْقِيَامَة فِي وَجهه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ إِذا بزق فِي الْقبْلَة جَاءَت أحمى مَا تكون يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى تقع بَين عَيْنَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن الْمَسْجِد لينزوي من المخاط أَو النخامة كَمَا تنزوي الْجلْدَة من النَّار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْعَبَّاس بن عبد الرَّحْمَن الْهَاشِمِي قَالَ: أول مَا خلقت الْمَسَاجِد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى فِي الْمَسْجِد نخامة فحكها ثمَّ أَمر بخلوق فلطخ مَكَانهَا قَالَ فخلق النَّاس الْمَسَاجِد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى فِي قبْلَة الْمَسْجِد نخامة فَقَامَ إِلَيْهَا فحكها بِيَدِهِ ثمَّ دَعَا بخلوق فَقَالَ الشّعبِيّ: هُوَ سنة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يَعْقُوب بن زيد
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتبع غُبَار الْمَسْجِد بجريدة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ الْمَسْجِد يرش ويقم على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وجد أحدكُم القملة فِي الْمَسْجِد فليصرها فِي ثَوْبه حَتَّى يُخرجهَا
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خِصَال لَا ينبغين فِي
لَا يتَّخذ طَرِيقا وَلَا يشهر فِيهِ سلَاح وَلَا يقبض فِيهِ بقوس وَلَا يتَّخذ سوقاً
وَأخرج ابْن ماجة عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ وشراركم وَبَيْعكُمْ وَخُصُومَاتكُمْ واقامة حُدُودكُمْ وسل سُيُوفكُمْ وَاتَّخذُوا على أَبْوَابهَا الْمَطَاهِر وبخروها فِي الْجمع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مر أحدكُم بِالنَّبلِ فِي الْمَسْجِد فليمسك على نصولها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن البيع وَالشِّرَاء فِي الْمَسْجِد وَعَن تناشد الْأَشْعَار وَلَفظ ابْن أبي شيبَة عَن انشاد الضوال
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من رَأَيْتُمُوهُ ينشد شعرًا فِي الْمَسْجِد فَقولُوا لَهُ فض الله فَاك ثَلَاث مَرَّات وَمن رَأَيْتُمُوهُ ينشد ضَالَّة فِي الْمَسْجِد فَقولُوا لَا وَجدتهَا ثَلَاث مَرَّات وَمن رَأَيْتُمُوهُ يَبِيع أَو يبْتَاع فِي الْمَسْجِد فقولا: لَا أربح الله تجارتك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتسل السيوف وَلَا تنثر النبل فِي الْمَسَاجِد وَلَا يحلف بِاللَّه فِي الْمَسَاجِد وَلَا تمنع القائلة فِي الْمَسَاجِد مُقيما وَلَا مضيفاً وَلَا تبنى التصاوير وَلَا تزين بِالْقَوَارِيرِ فَإِنَّمَا بنيت بالأمانة وشرفت بالكرامة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تُقَام الْحُدُود فِي الْمَسَاجِد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لرجل أخرج حَصَاة من الْمَسْجِد: ردهَا وَإِلَّا خاصمتك يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: إِن الْحَصَاة إِذا أخرجت من الْمَسْجِد تناشد صَاحبهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: إِذا خرجت الْحَصَاة من الْمَسْجِد صاحت أَو سبحت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ: الْحَصَاة إِذا خرجت من الْمَسْجِد تصيح حَتَّى ترد إِلَى موضعهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الْمَسْجِد يَقُول: بِسم الله وَالسَّلَام على رَسُول الله
اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك
وَإِذا خرج قَالَ: بِسم الله وَالسَّلَام على رَسُول الله
اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لي أَبْوَاب فضلك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اعطوا الْمَسَاجِد حَقّهَا قيل: وَمَا حَقّهَا قَالَ: رَكْعَتَانِ قبل أَن تجْلِس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقاً
وَالله أعلم
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿يسبح لَهُ فِيهَا بالغدوّ وَالْآصَال﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (يسبح) بِنصب الْبَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن صَلَاة الضُّحَى لفي الْقُرْآن وَمَا يغوص عَلَيْهَا الأغواص
فِي قَوْله ﴿فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع وَيذكر فِيهَا اسْمه يسبح لَهُ فِيهَا بالغدوّ وَالْآصَال﴾
أخرج أَحْمد عَن أم سَلمَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خير مَسَاجِد النِّسَاء قَعْر بُيُوتهنَّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ عَن أَبِيه عَن جدته أم حميد قَالَت: قلت يَا رَسُول الله تَمْنَعنَا أَزوَاجنَا أَن نصلي مَعَك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا صلت امْرَأَة قطّ صَلَاة أفضل من صَلَاة تصليها فِي بَيتهَا إِلَّا أَن تصلي عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام
إِلَّا عَجُوز فِي منقلبها يَعْنِي حقبها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى ﴿رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله﴾ قَالَ: هم الَّذين يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله﴾ قَالَ: هم الَّذين يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله﴾ قَالَ: كَانُوا رجَالًا يَبْتَغُونَ من فضل الله يشْتَرونَ ويبيعون فَإِذا سمعُوا النداء بِالصَّلَاةِ ألقوا مَا بِأَيْدِيهِم وَقَامُوا إِلَى الْمَسْجِد فصلوا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله﴾ قَالَ: أما وَالله وَلَقَد كَانُوا تجارًا فَلم تكن تِجَارَتهمْ وَلَا بيعهم يلهيهم عَن ذكر الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ضرب الله هَذَا الْمثل قَوْله ﴿مثل نوره كمشكاة﴾ لأولئك الْقَوْم الَّذين لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله وَكَانُوا اتّجر النَّاس وأبيعهم وَلمن لم تكن تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله﴾ قَالَ: عَن شُهُود الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن عَطاء مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر:
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود أَنه رأى نَاسا من أهل السُّوق سمعُوا الْأَذَان فتركوا أمتعتهم وَقَامُوا إِلَى الصَّلَاة فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين قَالَ الله ﴿لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله﴾ قَالَ: هم فِي أسواقهم يبيعون ويشترون فَإِذا جَاءَ وَقت الصَّلَاة لم يلههم البيع وَالشِّرَاء عَن الصَّلَاة ﴿يخَافُونَ يَوْمًا تتقلب فِيهِ الْقُلُوب والأبصار﴾ قَالَ: تتقلب فِي الْجوف وَلَا تقدر تخرج حَتَّى تقع فِي الحنجرة فَهُوَ قَوْله ﴿إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر كاظمين﴾ غَافِر الْآيَة ١٨
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله ﴿يخَافُونَ يَوْمًا﴾ قَالَ يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: أحب أَن أبايع على هَذَا الدرج وأربح كل يَوْم ثلثمِائة دِينَار وَأشْهد الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة أما أَنا لَا أزعم أَن ذَلِك لَيْسَ بحلال ولكنني أحب أَن أكون من الَّذين قَالَ الله ﴿رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله﴾
وَأخرج هناد بن السّري فِي الزّهْد وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي صَعِيد وَاحِد يسمعهم الدَّاعِي وَينْفذهُمْ الْبَصَر
فَيقوم مُنَاد فينادي: أَيْن الَّذين كَانُوا يحْمَدُونَ الله فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء فَيقومُونَ - وهم قَلِيل - فَيدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب ثمَّ يعود فينادي أَيْن الَّذين كَانَت تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع فَيقومُونَ - وهم قَلِيل - فَيدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب فَيَعُود فينادي أَيْن الَّذين كَانُوا لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله فَيقومُونَ - وهم قَلِيل - فَيدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب ثمَّ يقوم سَائِر النَّاس فيحاسبون
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَقَالَ: يجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد
ثمَّ يَقُول: أَيْن الْحَمَّادُونَ الَّذين كَانُوا يحْمَدُونَ رَبهم
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن أبي سعيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُول الرب عز وَجل سَيعْلَمُ أهل الْجمع الْيَوْم من أهل الْكَرم فَقيل: وَمن أهل الْكَرم يَا رَسُول الله قَالَ: أهل الذّكر فِي الْمَسَاجِد
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد: سَيعْلَمُ أهل الْجمع من أولى بِالْكَرمِ
أَيْن الَّذين كَانَت تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ فَيقومُونَ فيتخطون رِقَاب النَّاس ثمَّ يناادي مُنَاد: سَيعْلَمُ أهل الْجمع من أولى بِالْكَرمِ
أَيْن الَّذين كَانَت لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله فَيقومُونَ فيتخطون رِقَاب النَّاس ثمَّ يُنَادي أَيْضا فَيَقُول: سَيعْلَمُ أهل الْجمع من أولى بِالْكَرمِ
أَيْن الْحَمَّادُونَ لله على كل حَال فَيقومُونَ وهم كثير
ثمَّ تكون التبعة والحساب على من بَقِي
أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب﴾ الْآيَة
قَالَ: هُوَ مثل ضربه الله لرجل عَطش فَاشْتَدَّ عطشه فَرَأى سراباً فحسبه مَاء فَظن أَنه قدر عَلَيْهِ حَتَّى أَتَى فَلَمَّا أَتَاهُ لم يجده شَيْئا وَقبض عِنْد ذَلِك يَقُول الْكَافِر: كَذَلِك أَن عمله يُغني عَنهُ أَو نافعه شَيْئا
وَلَا يكون على شَيْء حَتَّى يَأْتِيهِ الْمَوْت فَأَتَاهُ الْمَوْت لم يجد عمله أغْنى عَنهُ شَيْئا وَلم يَنْفَعهُ إِلَّا
وبالبحر اللجي: قلب الإِنسان
﴿يَغْشَاهُ موج﴾ يَعْنِي بذلك الغشاوة الَّتِي على الْقلب والسمع وَالْبَصَر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿كسراب بقيعة﴾ يَقُول: أَرض مستوية
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿كسراب بقيعة﴾ قَالَ: بقاع من الأَرْض والسراب عمل الْكَافِر ﴿حَتَّى إِذا جَاءَهُ لم يجِدْهُ شَيْئا﴾ واتيانه إِيَّاه
مَوته وفراقه الدُّنْيَا ﴿وَوجد الله عِنْده﴾ وَوجد الله عِنْد فِرَاقه الدُّنْيَا ﴿فوفاه حسابه﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿كسراب بقيعة﴾ قَالَ: بقيعة من الأَرْض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أَبِيه عَن أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْكفَّار يبعثون يَوْم الْقِيَامَة ردا عطاشاً فَيَقُولُونَ: أَيْن المَاء فيمثل لَهُم السراب فيحسبونه مَاء فَيَنْطَلِقُونَ إِلَيْهِ فيجدون الله عِنْده فيوفيهم حسابهم
وَالله سريع الْحساب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿أَو كظلمات فِي بَحر لجي﴾ قَالَ: اللجي: العميق القعر
﴿يَغْشَاهُ موج من فَوْقه موج﴾ قَالَ: هَذَا مثل عمل الْكَافِر ف ضلاضلات لَيْسَ لَهُ مخرج وَلَا منفذ
أعمى فِيهَا لَا يبصر
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: ﴿إِذا أخرج يَده لم يكد يَرَاهَا﴾ قَالَ: أما رَأَيْت الرجل يَقُول: وَالله مَا رَأَيْتهَا وَمَا كدت أَن أَرَاهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي امامة أَنه قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّكُم قد أَصْبَحْتُم وأمسيتم فِي منزل تقتسمون فِيهِ الْحَسَنَات والسيئات ويوشك أَن تظعنوا مِنْهُ إِلَى منزل آخر وَهُوَ الْقَبْر
بَيت الْوحدَة وَبَيت الظلمَة وَبَيت الضّيق إِلَّا مَا وسع الله ثمَّ تنقلون إِلَى مَوَاطِن يَوْم الْقِيَامَة وَإِنَّكُمْ لفي بعض المواطن حِين يغشى النَّاس أَمر من أَمر الله فتبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه ثمَّ تنتقلون إِلَى منزل آخر فيغشى ظلمَة
وأخرج أبن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ كسراب بقيعة ﴾ يقول : أرض مستوية.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ كسراب بقيعة ﴾ قال : بقاع من الأرض، والسراب عمل الكافر ﴿ حتى إذا جاءه لم يجِدْهُ شيئاً ﴾ وإتيانه إياه. موته وفراقه الدنيا ﴿ ووجد الله عنده ﴾ ووجد الله عند فراقه الدنيا ﴿ فوفاه حسابه ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ كسراب بقيعة ﴾ قال : بقيعة من الأرض.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبيه عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال :« إن الكفار يبعثون يوم القيامة رداً عطاشاً فيقولون : أين الماء ؟ فيمثل لهم السراب، فيحسبونه ماء، فينطلقون إليه، فيجدون الله عنده، فيوفيهم حسابهم. والله سريع الحساب ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ أو كظلمات في بحر لجي ﴾ قال : اللجي : العميق القعر. ﴿ يغشاه موج من فوقه موج. . . ﴾ قال : هذا مثل عمل الكافر في ضلالات ليس له مخرج ولا منفذ. أعمى فيها لا يبصر.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال :﴿ إذا أخرج يده لم يكد يراها ﴾ قال : أما رأيت الرجل يقول : والله ما رأيتها، وما كدت أن أراها.
وأخرج ابن المنذر عن أبي امامة أنه قال : أيها الناس إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، ويوشك أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو القبر. بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الضيق إلا ما وسع الله، ثم تنقلون إلى مواطن يوم القيامة، وإنكم لفي بعض تلك المواطن حين يغشى الناس أمر من أمر الله، فتبيض وجوه وتسود وجوه، ثم تنتقلون إلى منزل آخر، فيغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور، فيعطى المؤمن نوراً، ويترك الكافر والمنافق فلا يعطى شيئاً، وهو المثل الذي ضربه الله في كتابه ﴿ أو كظلمات في بحر لجي ﴾ إلى قوله ﴿ فما له من نور ﴾ فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير.
أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ألم تَرَ أَن الله يسبح لَهُ﴾ إِلَى قَوْله ﴿كل قد علم صلَاته وتسبيحه﴾ قَالَ: الصَّلَاة للإِنسان وَالتَّسْبِيح لما سوى ذَلِك من خلقه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَالطير صافات﴾ قَالَ: بسط أجنحتهن
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿وَالطير صافات﴾ قَالَ: صافات بأجنحتها
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مسعر فِي قَوْله ﴿وَالطير صافات كل قد علم صلَاته وتسبيحه﴾ قَالَ: قد سمي لَهَا صَلَاة وَلم يذكر رُكُوعًا وَلَا سجودا
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿فترى الودق﴾ قَالَ: الْمَطَر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فترى الودق﴾ قَالَ: الْقطر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بجيلة عَن أَبِيه قَالَ: ﴿الودق﴾ الْبَرْق
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا (من خلله) بِفَتْح الْخَاء من غير ألف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن كَعْب قَالَ: لَو أَن الجليد ينزل من السَّمَاء الرَّابِعَة لم يمر بِشَيْء إِلَّا أهلكه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يكَاد سنا برقه﴾ يَقُول: ضوء برقه
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿يكَاد سنا برقه﴾ قَالَ: السنا الضَّوْء
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت أَبَا سُفْيَان بن الْحَارِث وَهُوَ يَقُول: يَدْعُو إِلَى الْحق لَا يَنْبَغِي بِهِ بَدَلا يجلو بضوء سناه داجي الظُّلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿يكَاد سنا برقه﴾ قَالَ: لمعان الْبَرْق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب أَن كَعْبًا سَأَلَ عبد الله بن عَمْرو عَن الْبَرْق قَالَ: هُوَ مَا يسْبق من الْبرد
وَقَرَأَ / جبال فِيهَا من برد يكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار /
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿يقلب الله اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ قَالَ: يَأْتِي اللَّيْل وَيذْهب بِالنَّهَارِ وَيَأْتِي بِالنَّهَارِ وَيذْهب بِاللَّيْلِ
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد ﴿وَالله خلق كل دَابَّة من مَاء﴾ قَالَ: النُّطْفَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن مُغفل أَنه قَرَأَ / وَالله خَالق كل دَابَّة من مَاء /
- أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿وَيَقُولُونَ آمنا بِاللَّه وبالرسول وأطعنا ثمَّ يتَوَلَّى فريق مِنْهُم من بعد ذَلِك وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ قَالَ: أنَاس من الْمُنَافِقين أظهرُوا الإِيمان وَالطَّاعَة وهم فِي ذَلِك يصدون عَن سَبِيل الله وطاعته وَجِهَاد مَعَ رَسُوله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: إِن الرجل كَانَ يكون بَينه وَبَين الرجل خُصُومَة أَو مُنَازعَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاذا دعِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محق أذعن وَعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيقضي لَهُ بِالْحَقِّ وَإِذا أَرَادَ أَن يظلم فدعي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعرض وَقَالَ: انْطلق إِلَى فلَان فَأنْزل الله ﴿وَإِذا دعوا إِلَى الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم﴾ إِلَى قَوْله ﴿هم الظَّالِمُونَ﴾ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ بَينه وَبَين أَخِيه شَيْء فَدَعَاهُ إِلَى حكم [حَاكم] من حكام الْمُسلمين فَلم يجب فَهُوَ ظَالِم لَا حق لَهُ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن عَن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دعِي إِلَى سُلْطَان فَلم يجب فَهُوَ ظَالِم لَا حق لَهُ
وأخرج الطبراني عن الحسن عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من دعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له ».
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَى قوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَو أمرتنا أَن نخرج من أَمْوَالنَا لخرجنا فَأنْزل الله ﴿وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله ﴿وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَئِن أَمرتهم ليخرجن﴾ قَالَ: ذَلِك من شَأْن الْجِهَاد ﴿قل لَا تقسموا﴾ قَالَ: يَأْمُرهُم أَن لَا يحلفوا على شَيْء ﴿طَاعَة مَعْرُوفَة﴾ قَالَ: أَمرهم أَن يكون مِنْهُم طَاعَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير أَن يقسموا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿طَاعَة مَعْرُوفَة﴾ يَقُول قد عرفت طاعتكم أَي أَنكُمْ تكذبون بِهِ
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حمل﴾ فَيبلغ مَا أرسل بِهِ إِلَيْكُم ﴿وَعَلَيْكُم مَا حملتم﴾ قَالَ: أَن تطيعوه وتعملوا بِمَا أَمركُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الزبير عَن جَابر أَنه سُئِلَ: إِن كَانَ على امام فَاجر فَلَقِيت مَعَه أهل ضَلَالَة أقَاتل أم لَا لَيْسَ بِي حبه وَلَا مُظَاهرَة قَالَ: قَاتل أهل الضَّلَالَة أَيْنَمَا وَجَدتهمْ وعَلى الإِمام مَا حمل وَعَلَيْك مَا حملت
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن وَائِل أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن كَانَ علينا أُمَرَاء يعْملُونَ بِغَيْر طَاعَة الله تَعَالَى فَقَالَ: عَلَيْهِم مَا حملُوا وَعَلَيْكُم مَا حملتم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَلْقَمَة بن وَائِل الْحَضْرَمِيّ عَن سَلمَة بن يزِيد الْجُهَنِيّ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن كَانَ علينا امراء من بعْدك يأخذونا بِالْحَقِّ الَّذِي علينا ويمنعونا الْحق الَّذِي جعله الله لنا نقاتلهم ونبغضهم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم مَا حملُوا وَعَلَيْكُم مَا حملتم
أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء فِي قَوْله ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم﴾ الْآيَة
قَالَ: فِينَا نزلت وَنحن فِي خوف شَدِيد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه بِمَكَّة نَحوا من عشر سِنِين يدعونَ إِلَى الله وَحده وعبادته وَحده لَا شريك لَهُ سرا وهم خائفون لَا يؤمرون بِالْقِتَالِ حَتَّى أمروا بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة فقدموا الْمَدِينَة فَأَمرهمْ الله بِالْقِتَالِ وَكَانُوا بهَا خَائِفين يمسون فِي السِّلَاح ويصبحون فِي السِّلَاح فغيروا بذلك مَا شَاءَ الله ثمَّ إِن رجلا من أَصْحَابه قَالَ: يَا رَسُول الله أَبَد الدَّهْر نَحن خائفون هَكَذَا أما يَأْتِي علينا يَوْم نَأْمَن فِيهِ وَنَضَع فِيهِ السِّلَاح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن [] تغيرُوا إِلَّا قَلِيلا حَتَّى يجلس الرجل مِنْكُم فِي املأ الْعَظِيم مُحْتَبِيًا لَيست فيهم جَدِيدَة فَأنْزل الله ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض﴾ إِلَى آخر الْآيَة
فاظهر الله نبيه على جَزِيرَة الْعَرَب فَأمنُوا وَوَضَعُوا السِّلَاح ثمَّ إِن الله قبض نبيه فَكَانُوا كَذَلِك آمِنين فِي امارة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان حَتَّى وَقَعُوا فِيمَا وَقَعُوا وَكَفرُوا النِّعْمَة فَأدْخل الله عَلَيْهِم الْخَوْف الَّذِي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه الْمَدِينَة وآوتهم الْأَنْصَار رَمَتْهُمْ الْعَرَب عَن قَوس وَاحِدَة فَكَانُوا لَا يبيتُونَ إِلَّا فِي السِّلَاح وَلَا يُصْبِحُونَ إِلَّا فِيهِنَّ فَقَالُوا: أَتَرَوْنَ أَنا نَعِيش حَتَّى نبيت آمِنين مُطْمَئِنين لَا نَخَاف إِلَّا الله فَنزلت ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي بن كَعْب قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾ قَالَ: بشر هَذِه الْأمة بالسنا والرفعة وَالدّين والنصر والتمكين فِي الأَرْض فَمن عمل مِنْهُم عمل الْآخِرَة للدنيا لم يكن لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (ليستخلفهم) بِالْيَاءِ (فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف) بِرَفْع التَّاء وَكسر اللَّام (وليمكنن) بِالْيَاءِ مثقلة (وليبدلنهم) مُخَفّفَة بِالْيَاءِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض﴾ قَالَ: أهل بَيت هَهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْقبْلَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم﴾ قَالَ: هُوَ الإِسلام
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس ﴿يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا﴾ قَالَ: لَا يخَافُونَ أحدا غَيْرِي
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا﴾ قَالَ: لَا يخَافُونَ أحدا غَيْرِي ﴿وَمن كفر بعد ذَلِك فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ﴾ قَالَ: العاصون
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة ﴿وَمن كفر بعد ذَلِك﴾ قَالَ: كفر بِهَذِهِ النِّعْمَة لَيْسَ الْكفْر بِاللَّه
وَعبد بن حميد ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الشعْثَاء قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ حُذَيْفَة وَابْن مَسْعُود فَقَالَ حُذَيْفَة: ذهب النِّفَاق إِنَّمَا كَانَ النِّفَاق على عهذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا هُوَ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿لَا تحسبن الَّذين كفرُوا معجزين فِي الأَرْض﴾ قَالَ: سابقين فِي الأَرْض وَالله تَعَالَى أعلم
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل ابْن حَيَّان قَالَ: بلغنَا أَن رجلا من الْأَنْصَار وَامْرَأَته أَسمَاء بنت مرشدة صنعا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما فَقَالَت أَسمَاء: يَا رَسُول الله مَا أقبح هَذَا انه ليدْخل على الْمَرْأَة وَزوجهَا وهما فِي ثوب وَاحِد كل مِنْهُمَا بِغَيْر إِذن فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم﴾ من العبيد والاماء ﴿وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم﴾ قَالَ: من أحراركم من الرِّجَال وَالنِّسَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَ أنَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعجبهم أَن يواقعوا نِسَاءَهُمْ فِي هَذِه السَّاعَات ليغتسلوا ثمَّ يخرجُوا إِلَى الصَّلَاة فَأَمرهمْ الله أَن يأمروا المملوكين والغلمان أَن لَا يدخلُوا عَلَيْهِم فِي تِلْكَ السَّاعَات إِلَّا باذن
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ثَعْلَبَة الْقرظِيّ عَن عبد الله بن سُوَيْد قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن العورات الثَّلَاث فَقَالَ إِذا أَنا وضعت ثِيَابِي بعد الظهيرة لم يلج عليّ أحد من الخدم من الَّذين لم يبلغُوا الْحلم وَلَا أحد من الاجراء إِلَّا باذن وَإِذا وضعت ثِيَابِي بعد صَلَاة الْعشَاء وَمن قبل صَلَاة الصُّبْح
قَالَ: فَتلك العورات الثَّلَاث
وَأخرج ابْن سعد عَن سُوَيْد بن النُّعْمَان أَنه سُئِلَ عَن العورات الثَّلَاث فَقَالَ: إِذا وضعت ثِيَابِي من الظهيرة لم يدْخل عَليّ أحد من أَهلِي إِلَّا أَن أَدْعُوهُ فَذَلِك اذنه واذا طلع الْفجْر وتحرك النَّاس حَتَّى يُصَلِّي الصُّبْح وَإِذا صليت الْعشَاء وضعت ثِيَابِي فَتلك العورات الثَّلَاث
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آيَة لم يُؤمن بهَا أَكثر النَّاس
آيَة الاذن لآمر جاريتي هَذِه الْجَارِيَة قَصِيرَة قَائِمَة على رَأسه أَن تستأذن عَليّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: هَذِه الْآيَة تهاون النَّاس بهَا ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم﴾ وَمَا نسخت قطّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله ﴿لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: لَيست مَنْسُوخَة
قيل فَإِن النَّاس لَا يعْملُونَ بهَا قَالَ: الله الْمُسْتَعَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يمْكث النَّاس فِي السَّاعَات الَّذين ملكت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ترك النَّاس ثَلَاث آيَات فَلم يعملوا بِهن ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم﴾ وَالْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء ﴿وَإِذا حضر الْقِسْمَة﴾ النِّسَاء الْآيَة ٨ وَالْآيَة الَّتِي فِي الحجرات ﴿إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم﴾ الحجرات الْآيَة ١٣
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: إِذا خلا الرجل بأَهْله بعد الْعشَاء فَلَا يدْخل عَلَيْهِ خَادِم وَلَا صبي إِلَّا باذنه حَتَّى يُصَلِّي الْغَدَاة وَإِذا خلا
وَهُوَ قَوْله ﴿لَيْسَ عَلَيْكُم وَلَا عَلَيْهِم جنَاح بعدهن﴾ فاما من بلغ الْحلم فَإِنَّهُ لَا يدْخل على الرجل وَأَهله إِلَّا باذن على كل حَال
وَهُوَ قَوْله ﴿وَإِذا بلغ الْأَطْفَال مِنْكُم الْحلم فليستأذنوا كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلهم﴾
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلَيْنِ سألاه عَن الاسْتِئْذَان فِي الثَّلَاث عورات الَّتِي أَمر الله بهَا فِي الْقُرْآن فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ان الله ستير يحب السّتْر وَكَانَ النَّاس لَيْسَ لَهُم ستور على أَبْوَابهم وَلَا حجال فِي بُيُوتهم فَرُبمَا فاجأ الرجل خادمه أَو وَلَده أَو يتيمه فِي حجره وَهُوَ على أَهله
فَأَمرهمْ الله أَن يستأذنوا فِي تِلْكَ العورات الَّتِي سمى الله ثمَّ جَاءَ الله بعد بالستور وَبسط الله عَلَيْهِم فِي الرزق فاتخذوا الستور وَاتَّخذُوا الحجال فَرَأى النَّاس أَن ذَلِك قد كفاهم من الاستذان الَّذِي أمروا بِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر فِي قَوْله ﴿لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ هُوَ على الذُّكُور دون الاناث
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عمر فِي قَوْله ﴿ثَلَاث عورات لكم لَيْسَ عَلَيْكُم وَلَا عَلَيْهِم جنَاح بعدهن طَوَّافُونَ عَلَيْكُم﴾ قَالَ: هُوَ للاناث دون الذُّكُور أَن يدخلُوا بِغَيْر إِذن
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: نزلت فِي النِّسَاء أَن يسْتَأْذن علينا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله ﴿لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: النِّسَاء فَإِن الرِّجَال يستأذنون
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هِيَ فِي النِّسَاء خَاصَّة
الرِّجَال يستأذنون على كل حَال بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة قَالَ: سَأَلت الشّعبِيّ عَن هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم﴾ أمنسوخة هِيَ قَالَ: لَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿طَوَّافُونَ عَلَيْكُم﴾ قَالَ: يَعْنِي بالطوّافين: الدُّخُول وَالْخُرُوج غدْوَة وَعَشِيَّة بِغَيْر إِذن
وَفِي قَوْله ﴿وَإِذا بلغ الْأَطْفَال﴾ يَعْنِي الصغار ﴿مِنْكُم الْحلم﴾ يَعْنِي من الْأَحْرَار من ولد الرجل وأقاربه ﴿فليستأذنوا كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلهم﴾ يَعْنِي كَمَا اسْتَأْذن الْكِبَار من ولد الرجل وأقاربه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله ﴿كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلهم﴾ قَالَ: كَمَا اسْتَأْذن الَّذين بلغُوا الْحلم من قبلهم الَّذين أمروا بالاستئذان على كل حَال
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: ليستأذن الرجل على أمه فانما نزلت ﴿وَإِذا بلغ الْأَطْفَال مِنْكُم الْحلم﴾ فِي ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن مَسْعُود أَن رجلا سَأَلَهُ اسْتَأْذن على أُمِّي فَقَالَ: نعم
مَا على كل أحيانها تحب أَن ترَاهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن جَابر قَالَ: ليستأذن الرجل على وَلَده وَأمه - وَإِن كَانَت عجوزاً - وأخيه وَأُخْته وَأَبِيهِ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَطاء أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس اسْتَأْذن على أُخْتِي قَالَ: نعم
قلت إِنَّهَا فِي حجري وَإِنِّي أنْفق عَلَيْهَا وانها معي فِي الْبَيْت اسْتَأْذن عَلَيْهَا قَالَ: نعم
إِن الله يَقُول ﴿لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم﴾ فَلم يُؤمر هَؤُلَاءِ بالإِذن إِلَّا فِي هَؤُلَاءِ العورات الثَّلَاث قَالَ: ﴿وَإِذا بلغ الْأَطْفَال مِنْكُم الْحلم فليستأذنوا كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلهم﴾ فالإِذن وَاجِب على خلق الله أَجْمَعِينَ
وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَأْذن على أُمِّي قَالَ: نعم
أَتُحِبُّ أَن ترَاهَا عُرْيَانَة
وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَطاء بن يسَار أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله اسْتَأْذن على أُمِّي قَالَ: نعم
قَالَ: إِنِّي مَعهَا فِي الْبَيْت قَالَ: اسْتَأْذن عَلَيْهَا قَالَ: إِنِّي خَادِمهَا أفاستأذن عَلَيْهَا كلما دخلت قَالَ: أفتحب أَن ترَاهَا عُرْيَانَة قَالَ: لَا
قَالَ: فَاسْتَأْذن عَلَيْهَا
إِن لم تفعل رَأَيْت مِنْهَا مَا تكره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين فِي قَوْله ﴿وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم﴾ قَالَ: كَانُوا يعلمونا إِذا جَاءَ أَحَدنَا أَن نقُول السَّلَام عَلَيْكُم
أَيَدْخُلُ فلَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يغلبنكم الْأَعْرَاب على اسْم صَلَاتكُمْ قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء﴾ وَإِنَّمَا الْعَتَمَة عتمة الابل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تغلبنكم الْأَعْرَاب على اسْم صَلَاتكُمْ الْعشَاء فَإِنَّمَا هِيَ فِي كتاب الله الْعشَاء وَإِنَّمَا يعتم بحلاب الإِبل
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (ثَلَاث عورات) بِالنّصب
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي في السنن عن ابن مسعود أن رجلاً سأله استأذن على أمي ؟ فقال : نعم. ما على كل أحيانها تحب أن تراها.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن جابر قال : ليستأذن الرجل على ولده وأمه - وإن كانت عجوزاً - وأخيه وأخته وأبيه.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عطاء أنه سأل ابن عباس استأذن على أختي ؟ قال : نعم. قلت إنها في حجري، وإني أنفق عليها، وانها معي في البيت، استأذن عليها ؟ قال : نعم. إن الله يقول ﴿ ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم. . . ﴾ فلم يؤمر هؤلاء بالإِذن إلا في هؤلاء العورات الثلاث قال :﴿ وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ﴾ فالإِذن واجب على خلق الله أجمعين.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم « أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم استأذن على أمي ؟ قال : نعم. أتحب أن تراها عريانة ».
وأخرج ابن جرير والبيهقي في السنن عن عطاء بن يسار أن رجلاً قال : يا رسول الله استأذن على أمي ؟ قال : نعم. قال : إني معها في البيت قال : استأذن عليها قال : إني خادمها أفاستأذن عليها كلما دخلت عليها ؟ قال : أفتحب أن تراها عريانة ؟ قال : لا. قال : فاستأذن عليها.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب والبيهقي عن حذيفة أنه سئل أيستأذن الرجل على والدته ؟ قال : نعم. إن لم تفعل رأيت منها ما تكره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين في قوله ﴿ والذين لم يبلغوا الحلم منكم ﴾ قال : كانوا يعلمونا إذا جاء أحدنا أن نقول السلام عليكم. أيدخل فلان ؟.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :« لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم قال الله تعالى ﴿ ومن بعد صلاة العشاء ﴾ وإنما العتمة عتمة الإبل ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء، فإنما هي في كتاب الله العشاء، وإنما يعتم بحلاب الإِبل ».
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ « ثلاث عورات » بالنصب.
أخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن﴾ فنسخ وَاسْتثنى من ذَلِك ﴿وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء﴾ قَالَ: هِيَ الْمَرْأَة لَا جنَاح عَلَيْهَا أَن تجْلِس فِي بَيتهَا بدرع وخمار وتضع عَنْهَا الجلباب مَا لم تتبرج لما يكره الله وَهُوَ قَوْله ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة﴾
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿أَن يَضعن ثيابهن﴾ وَيَقُول: هِيَ الجلباب
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر فِي الْآيَة قَالَ: تضع الجلباب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن ﴿وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء﴾ يَقُول: الْمَرْأَة إِذا قعدت عَن النِّكَاح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء﴾ يَعْنِي الْمَرْأَة الْكَبِيرَة الَّتِي لَا تحيض من الْكبر ﴿اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا﴾ يَعْنِي تزويجاً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا﴾ قَالَ: لَا يردنه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: أَخْبرنِي مُسلم مولى امْرَأَة حُذَيْفَة بن الْيَمَان أَنه خضب رَأس مولاته فَدخلت عَلَيْهَا فسألتها فَقَالَت: نعم يَا بني إِنِّي من ﴿وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا﴾ وَقد قَالَ الله فِي ذَلِك مَا سَمِعت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: فِي مصحف أبي بن كَعْب ومصحف ابْن مَسْعُود (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن جلابيبهن غير متبرجات)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود عَن ابْن عَبَّاس أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن (فَلَيْسَ عَلَيْهِم جنَاح أَن يَضعن جلابيبهن خير متبرجات)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن جلابيبهن غير متبرجات)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة أَنَّهَا سُئِلت: عَن الخضاب والصباغ والقرطين والخلخال وَخَاتم الذَّهَب وَثيَاب الرقَاق فَقَالَ: يَا معشر النِّسَاء قصتكن كلهَا وَاحِدَة أحل الله لَكِن الزِّينَة غير متبرجات
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَأَن يستعففن خير لَهُنَّ﴾ قَالَ: يلبسن جلابيبهن
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَاصِم الْأَحول قَالَ:
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ﴾ النِّسَاء الْآيَة ٢٩ قَالَت الْأَنْصَار: مَا بِالْمَدِينَةِ مَال أعز من الطَّعَام
كَانُوا يتحرجون أَن يَأْكُلُوا مَعَ الْأَعْمَى يَقُولُونَ: أَنه لَا يبصر مَوضِع الطَّعَام وَكَانُوا يتحرجون الْأكل مَعَ الْأَعْرَج يَقُولُونَ: الصَّحِيح يسْبقهُ إِلَى الْمَكَان وَلَا يَسْتَطِيع أَن يزاحم ويتحرجون الْأكل مَعَ الْمَرِيض يَقُولُونَ: لَا يَسْتَطِيع أَن يَأْكُل مثل الصَّحِيح وَكَانُوا يتحرجون أَن يَأْكُلُوا فِي بيُوت أقربائهم فَنزلت ﴿لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج﴾ يَعْنِي فِي الْأكل مَعَ الْأَعْمَى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقسم قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يَأْكُلُوا مَعَ الْأَعْمَى والأعرج وَالْمَرِيض لأَنهم لَا ينالون كَمَا ينَال الصَّحِيح فَنزلت ﴿لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَإِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ الرجل يذهب بالأعمى أَو
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ الْمُسلمُونَ يرغبون فِي النفير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيدفعون مفاتيحهم إِلَى أمنائهم وَيَقُولُونَ لَهُم: قد أحلننا لكم أَن تَأْكُلُوا مِمَّا احتجتم إِلَيْهِ فَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّه لَا يحل لنا أَن نَأْكُل إِنَّهُم أذنوا لنا من غير طيب أنفسهم وَإِنَّمَا نَحن أُمَنَاء فَأنْزل الله ﴿وَلَا على أَنفسكُم أَن تَأْكُلُوا﴾ إِلَى قَوْله ﴿أَو مَا ملكتم مفاتحه﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن شهَاب أَخْبرنِي عبيد الله ابْن عبد الله وَابْن مسيب أَنه كَانَ رجال من أهل الْعلم يحدثُونَ إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي أُمَنَاء الْمُسلمين كَانُوا يرغبون فِي النفير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَبِيل الله فيعطون مفاتيحهم أمناءهم وَيَقُولُونَ لَهُم: قد أَحللنَا لكم أَن تَأْكُلُوا مِمَّا فِي بُيُوتنَا فَيَقُول الَّذين استودعوهم المفاتيح: وَالله مَا يحل لنا مِمَّا فِي بُيُوتهم شَيْء وَإِن أحلوه لنا حَتَّى يرجِعوا إِلَيْنَا وانها لأمانة ائتمنا عَلَيْهَا فَلم يزَالُوا على ذَلِك حَتَّى أنزل الله هَذِه الْآيَة فطابت أنفسهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ﴾ النِّسَاء الْآيَة ٢٩ قَالَ الْمُسلمُونَ: إِن الله قد نَهَانَا أَن نَأْكُل أَمْوَالنَا بَيْننَا بِالْبَاطِلِ وَالطَّعَام هُوَ من أفضل الْأَمْوَال فَلَا يحل لأحد منا أَن يَأْكُل من عِنْد أحد
فَكف النَّاس عَن ذَلِك فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج﴾ إِلَى قَوْله ﴿أَو مَا ملكتم مفاتحه﴾ وَهُوَ الرجل يُوكل الرجل بضيعته وَالَّذِي رخص الله أَن يَأْكُل من ذَلِك الطَّعَام وَالتَّمْر وَشرب اللَّبن وَكَانُوا أَيْضا يتحرجون أَن يَأْكُل الرجل الطَّعَام وَحده حَتَّى يكون مَعَه غَيره فَرخص الله لَهُم فَقَالَ ﴿لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَو أشتاتاً﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أهل الْمَدِينَة قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يخالطهم فِي طعامهم أعمى وَلَا مَرِيض وَلَا أعرج لِأَن الْأَعْمَى لَا يبصر طيب الطَّعَام وَالْمَرِيض لَا يَسْتَوْفِي الطَّعَام كَمَا يَسْتَوْفِي الصَّحِيح والأعرج لَا يَسْتَطِيع الْمُزَاحمَة على الطَّعَام فَنزلت رخصَة فِي مؤاكلتهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي مراسيله وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج﴾ الْآيَة مَا بَال الْأَعْمَى والأعرج وَالْمَرِيض ذكرُوا هُنَا فَقَالَ: أخبرنَا عبيد الله أَن الْمُسلمين كَانُوا إِذا غزوا أَقَامُوا أوصاتهم وَكَانُوا يدْفَعُونَ إِلَيْهِم مَفَاتِيح أَبْوَابهم يَقُولُونَ: قد أَحللنَا لكم أَن تَأْكُلُوا مِمَّا فِي بُيُوتنَا وَكَانُوا يتحرجون من ذَلِك يَقُولُونَ: لَا ندْخلهَا وهم غيب فأنزلت هَذِه الْآيَة رخصَة لَهُم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَيّ من بني كنَانَة بن خُزَيْمَة يرى أحدهم أَن عَلَيْهِ مخزاة أَن يَأْكُل وَحده فِي الْجَاهِلِيَّة حَتَّى إِن كَانَ الرجل يَسُوق الذود الحفل وَهُوَ جَائِع حَتَّى يجد من يؤاكله ويشاربه فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَو أشتاتاً﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عطرمة وَأبي صَالح قَالَا: كَانَت الْأَنْصَار إِذا نزل بهم الضَّيْف لَا يَأْكُلُون مَعَه حَتَّى يَأْكُل مَعَهم الضَّيْف فَنزلت رخصَة لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أَو صديقكم﴾ قَالَ: إِذا دخلت بَيت صديقك من غير مؤامرته ثمَّ أكلت من طَعَامه بِغَيْر إِذْنه لم يكن بذلك بَأْس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿أَو صديقكم﴾ قَالَ: هَذَا شَيْء قد انْقَطع إِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي أَوله وَلم يكن لَهُم أَبْوَاب وَكَانَت الستور مرخاة فَرُبمَا دخل الرجل الْبَيْت وَلَيْسَ فِيهِ أحد فَرُبمَا وجد الطَّعَام وَهُوَ جَائِع فسوّغ لَهُ الله أَن يَأْكُلهُ قَالَ: وَذهب ذَلِك
الْيَوْم الْبيُوت فِيهَا أَهلهَا فَإِذا خَرجُوا أغلقوا فقد ذهب ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم﴾ يَقُول: إِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَهلهَا تَحِيَّة من عِنْد الله
وَهُوَ السَّلَام لِأَنَّهُ اسْم الله وَهُوَ تَحِيَّة أهل الْجنَّة
وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا دَخَلْتُم بُيُوتكُمْ فَسَلمُوا على أَهلهَا واذا طَعِمْتُمْ فاذكروا اسْم الله وَإِذا سلم أحدكُم حِين يدْخل بَيته وَذكر اسْم الله على طَعَامه يَقُول الشَّيْطَان لأَصْحَابه: لَا مبيت لكم وَلَا عشَاء وَإِذا لم يسلم أحدكُم وَلم يسم يَقُول الشَّيْطَان لأَصْحَابه: أدركتم الْمبيت وَالْعشَاء
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن جَابر أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا دخل الرجل بَيته فَذكر الله عِنْد دُخُوله وَعند طَعَامه قَالَ الشَّيْطَان: لَا مبيت لكم وَلَا عشَاء فَإِذا دخل فَلم يذكر الله عِنْد دُخُوله قَالَ الشَّيْطَان: أدركتم الْمبيت وَإِن لم يذكر الله عِنْد طَعَامه قَالَ الشَّيْطَان: أدركتم الْمبيت وَالْعشَاء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا دخل بَيته يَقُول السَّلَام علينا من رَبنَا التَّحِيَّات الطَّيِّبَات المباركات لله سَلام عَلَيْكُم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: إِذا دخلت على أهلك فَقل: السَّلَام عَلَيْكُم تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة فَإِذا لم يكن فِيهِ أحد فَقل: السَّلَام علينا من رَبنَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ماهان فِي قَوْله ﴿فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم﴾ قَالَ: يَقُول السَّلَام علينا من رَبنَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي البخْترِي قَالَ: جَاءَ الاشعث بن قيس وَجَرِير بن عبد الله البَجلِيّ إِلَى سلمَان فَقَالَا: جئْنَاك من عِنْد أَخِيك أبي الدَّرْدَاء قَالَ: فَأَيْنَ هديته الَّتِي أرسلها مَعَكُمَا فالا: مَا أرسل مَعنا بهدية قَالَ: اتقيا الله وأديا الْأَمَانَة مَا جَاءَنِي أحد من عِنْده إِلَّا جَاءَ مَعَه بهدية قَالَا: وَالله مَا بعث مَعنا شَيْئا إِلَّا أَنه قَالَ: اقرؤوه مني السَّلَام قَالَ: فَأَي هَدِيَّة كنت أُرِيد مِنْكُمَا غير هَدِيَّة وَأي هَدِيَّة أفضل من السَّلَام تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة
وَأخرج ابْن عدي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ أحدكُم على حجرته ليدْخل فليسم الله فَإِنَّهُ يرجع قرينه من الشَّيْطَان الَّذِي مَعَه وَلَا يدْخل فَإِذا دَخَلْتُم فَسَلمُوا فَأَنَّهُ يخرج ساكنه مِنْهُم وَإِذا وضع الطَّعَام فسموا فَإِنَّكُم تدحرون الْخَبيث إِبْلِيس عَن أرزاقكم وَلَا يشرككم فِيهَا وَإِذا ارتحلتم دَابَّة فسموا الله حِين تضعون أول حلْس فَإِن كل دَابَّة معتقدة وَإِنَّكُمْ إِذا سميتم حططتموه عَن ظهرهَا وَإِن نسيتم ذَلِك شرككم فِي مراكبكم
وَلَا تبيتوا منديل الْغمر مَعكُمْ فِي الْبَيْت فَأَنَّهُ بَيت الشَّيْطَان ومضجعه وَلَا تتركوا الْعِمَامَة ممسية إِذا جمعت فِي جَانب الْحُجْرَة فَإِنَّهَا مقْعد الشَّيْطَان وَلَا تسكنوا بُيُوتًا غير مغلقة وَلَا تفترشوا الزبالا الَّتِي تُفْضِي إِلَى ظُهُور الدَّوَابّ وَلَا تبيتوا على سطح لَيْسَ بمحجور وَإِذا سَمِعْتُمْ نباح الْكلاب أَو نهيق الْحمار فاستعيذوا بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَإِنَّهُمَا لَا يريان الشَّيْطَان إِلَّا نبح الْكَلْب ونهق الْحمار
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ للاسلام ضِيَاء وعلامات كمنار الطَّرِيق فرأسها وجماعها شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله واقام الصَّلَاة وايتاء الزَّكَاة وَتَمام الْوضُوء وَالْحكم بِكِتَاب الله وَسنة نبيه وَطَاعَة وُلَاة الْأَمر وتسليمكم على أَنفسكُم وتسليمكم إِذا دَخَلْتُم بُيُوتكُمْ وتسليمكم على بني آدم إِذا لقيتموهم
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس قَالَ: أَوْصَانِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخمْس خِصَال قَالَ أَسْبغ الْوضُوء يزدْ فِي عمركن وَسلم على من لقيك من أمتِي تكْثر حَسَنَاتك وَإِذا دخلت بَيْتك فَسلم على أهل بَيْتك يكثر خير بَيْتك وصل صَلَاة الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاة الْأَوَّابِينَ قبلك يَا أنس ارْحَمْ الصَّغِير وَوقر الْكَبِير تكن من رُفَقَائِي يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم﴾ قَالَ: هُوَ الْمَسْجِد إِذا دَخلته فَقل: السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا دخل الْبَيْت غير المسكون أَو الْمَسْجِد فيلقل: السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: إِذا دخلت بَيْتك وَلَيْسَ فِيهِ أحد أَو بَيت غَيْرك فَقل: بِسم الله وَالْحَمْد لله السَّلَام علينا من رَبنَا السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم﴾ قَالَ: إِذا دخلت بَيْتك فَسلم على أهلك وَإِذا دخلت بَيْتا لَا أحد فِيهِ فَقل: السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين فَإِنَّهُ كَانَ يُؤمر بذلك وَحدثنَا أَن الْمَلَائِكَة ترد عَلَيْهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿فَسَلمُوا على أَنفسكُم﴾ قَالَ: ليسلم بَعْضكُم على بعض كَقَوْلِه ﴿وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم﴾ النِّسَاء الْآيَة ٢٩
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿فَسَلمُوا على أَنفسكُم﴾ قَالَ: إِذا دخل الْمُسلم على الْمُسلم سلم عَلَيْهِ مثل قَوْله ﴿وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم﴾ النِّسَاء الْآيَة ٢٩ إِنَّمَا هُوَ لَا تقتل أَخَاك الْمُسلم وَقَوله ﴿ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ تقتلون أَنفسكُم﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٨٥ قَالَ: يقتل بَعْضكُم بَعْضًا
قُرَيْظَة وَالنضير
وَقَوله ﴿جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا﴾ الرّوم الْآيَة ٢١ كَيفَ يكون زوج الإِنسان من نَفسه إِنَّمَا هِيَ جعل لكم أرواحاا من بني آدم وَلم يَجْعَل من الإِبل وَالْبَقر وكل شَيْء فِي الْقُرْآن على هَذَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَسَلمُوا على أَنفسكُم﴾ قَالَ: بَعْضكُم على بعض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا أخذت التَّشَهُّد إِلَّا من كتاب الله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ثَابت بن عبيد قَالَ: أتيت ابْن عمر قبل الْغَدَاة
وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد فَقَالَ لي: أَلا سلمت حِين جِئْت فانها تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة
أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَا: لما أَقبلت قُرَيْش عَام الْأَحْزَاب نزلُوا بمجمع الأسيال من بِئْر رومة بِالْمَدِينَةِ قائدها أَبُو سُفْيَان وَأَقْبَلت غطفان حَتَّى نزلُوا بتغمين إِلَى جَانب أحد وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَبَر وَضرب الخَنْدَق على الْمَدِينَة وَعمل فِيهِ وَعمل الْمُسلمُونَ فِيهِ وابطأ رجال من الْمُنَافِقين وَجعلُوا يورون بالضعيف من الْعَمَل فيتسللون إِلَى أَهْليهمْ بِغَيْر علم من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا اذن وَجعل الرجل من الْمُسلمين إِذا نابته النائبة من الْحَاجة الَّتِي لابد مِنْهَا يذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويستأذنه فِي اللحوق لِحَاجَتِهِ فَيَأْذَن لَهُ فَإِذا قضى حَاجته رَجَعَ فَأنْزل الله فِي أُولَئِكَ الْمُؤمنِينَ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَالله بِكُل شَيْء عليم﴾ النُّور الْآيَة ٦٤
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع لم يذهبوا حَتَّى يستأذنوه﴾
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن مَكْحُول فِي قَوْله ﴿وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع﴾ قَالَ: إِذا جمعهم لأمر حزبهم من الْحَرْب وَنَحْوه لم يذهبوا حَتَّى يستأذنوه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: هِيَ فِي الْجِهَاد وَالْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿على أَمر جَامع﴾ قَالَ: من طَاعَة الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ النَّاس يستأذنون فِي الْجُمُعَة وَيَقُولُونَ: هَكَذَا ويشيرون بِثَلَاث أَصَابِع
فَلَمَّا كَانَ زِيَاد كثر عَلَيْهِ فَاغْتَمَّ فَقَالَ: من أمسك على أُذُنه فَهُوَ أُذُنه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مَكْحُول فِي الْآيَة قَالَ: يعْمل بهَا الْآن فِي الْجُمُعَة والزحف
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِسْمَعِيل بن عَيَّاش قَالَ: رَأَيْت عَمْرو بن قيس السكونِي يخْطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو المدلَّهْ الْيحصبِي فِي شَيْء وجده فِي بَطْنه فَأَشَارَ إِلَيْهِ عَمْرو بِيَدِهِ أَي انْصَرف فَسَأَلت عمرا وَأَبا المدلَّهْ فَقَالَ: هَكَذَا كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنعون
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا﴾ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّد
يَا أَبَا الْقَاسِم
فنهاهم الله عَن ذَلِك اعظاما لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا نَبِي الله يَا رَسُول الله
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا﴾ يَعْنِي كدعاء أحدكُم إِذا دَعَا أَخَاهُ باسمه وَلَكِن وقروه وعظموه وَقُولُوا لَهُ: يَا رَسُول الله
وَيَا نَبِي الله
وَأخرج عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي تَفْسِيره وَأَبُو نعيم فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا﴾ يُرِيد وَلَا تصيحوا بِهِ من
وَلَكِن كَمَا قَالَ الله فِي الحجرات ﴿إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله﴾ الحجرات الْآيَة ٣
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: أَمرهم الله أَن يَدعُوهُ: يَا رَسُول الله
فِي لين وتواضع وَلَا يَقُولُوا: يَا مُحَمَّد
فِي تجهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أَمر الله أَن يهاب نبيه وَأَن يُبَجَّلَ وَأَن يعظم وَأَن يفخم ويشرف
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: لَا تَقولُوا يَا مُحَمَّد
وَلَكِن قُولُوا يَا رَسُول الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير وَالْحسن
مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم﴾ يَقُول: دَعْوَة الرَّسُول عَلَيْكُم مُوجبَة فاحذرها
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الشّعبِيّ فِي الْآيَة قَالَ: لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم على بعض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله ﴿قد يعلم الله الَّذين يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لِوَاذًا﴾ قَالَ: هم المُنَافِقُونَ
كَانَ يثقل عَلَيْهِم الحَدِيث فِي يَوْم الْجُمُعَة - وَيَعْنِي بِالْحَدِيثِ الْخطْبَة - فيلوذون بِبَعْض الصَّحَابَة حَتَّى يخرجُوا من الْمَسْجِد وَكَانَ لَا يصلح للرجل أَن يخرج من الْمَسْجِد إِلَّا بِإِذن من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم الْجُمُعَة بَعْدَمَا يَأْخُذ فِي الْخطْبَة وَكَانَ إِذا أَرَادَ أحدهم الْخُرُوج أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَأْذَن لَهُ من غير أَن يتَكَلَّم الرجل لِأَن الرجل مِنْهُم كَانَ اذا تكلم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب بطلت جمعته
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن مقَاتل قَالَ: كَانَ لَا يخرج أحد لرعاف أَو أَحْدَاث حَتَّى يسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُشِير إِلَيْهِ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تلِي الابهام فَيَأْذَن لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُشِير إِلَيْهِ بِيَدِهِ وَكَانَ من الْمُنَافِقين من يثقل عَلَيْهِ الْخطْبَة وَالْجُلُوس فِي الْمَسْجِد فَكَانَ إِذا اسْتَأْذن رجل من الْمُسلمين قَامَ الْمُنَافِق إِلَى جنبه يسْتَتر بِهِ حَتَّى يخرج فَأنْزل الله ﴿قد يعلم الله الَّذين يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لِوَاذًا﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿لِوَاذًا﴾ قَالَ: خلافًا
وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان ﴿قد يعلم الله الَّذين يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لِوَاذًا﴾ قَالَ: يَتَسَلَّلُونَ من الصَّفّ فِي الْقِتَال ﴿فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة﴾ قَالَ: أَن يطبع على قُلُوبهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن بن صَالح قَالَ: إِنِّي لخائف على من ترك الْمسْح على الْخُفَّيْنِ أَن يكون دَاخِلا فِي هَذِه الْآيَة ﴿فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة أَو يصيبهم عَذَاب أَلِيم﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: نهي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه أَن يقاتلوا نَاحيَة من خَيْبَر فَانْصَرف الرِّجَال عَنْهُم وَبَقِي رجل فَقَاتلهُمْ فَرَمَوْهُ فَقَتَلُوهُ فجيء بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أبعد مَا نهينَا عَن الْقِتَال فَقَالُوا: نعم
فَتَركه وَلم يصل عَلَيْهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد قَالَ: أَشد حَدِيث سمعناه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله فِي سعد بن معَاذ فِي أَمر الْقَبْر
وَلما كَانَت غَزْوَة تَبُوك قَالَ لَا يخرج مَعنا إِلَّا رجل مُقْوٍ فَخرج رجل على بكر لَهُ صَعب فصرعه فَمَاتَ فَقَالَ النَّاس: الشَّهِيد الشَّهِيد
فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَالًا أَن يُنَادي فِي النَّاس لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مُؤمنَة وَلَا يدْخل الْجنَّة عَاص
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن زيد بن أسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه ذَات يَوْم وَهُوَ مُسْتَقْبل الْعَدو: لَا يُقَاتل أحد مِنْكُم فَعمد رجل مِنْهُم وَرمى الْعَدو وَقَاتلهمْ فَقَتَلُوهُ فَقيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسشتهد فلَان فَقَالَ: أبعد مَا نهيت عَن الْقِتَال قَالُوا: نعم
قَالَ لَا يدْخل الْجنَّة عَاص
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿لَا يستأذنك الَّذين يُؤمنُونَ بِاللَّه﴾ قَالَ: كَانَ لَا يَسْتَأْذِنهُ إِذا غزا إِلَّا المُنَافِقُونَ
فَكَانَ لَا يحل لأحد أَن يسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو يتَخَلَّف بعده إِذا غزا وَلَا تَنْطَلِق سَرِيَّة إِلَّا باذنه وَلم يَجْعَل الله للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَأْذَن لأحد حَتَّى نزلت الْآيَة ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع﴾
فَكَانَ إِذا جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس لأمر يَأْمُرهُم وينهاهم صَبر الْمُؤْمِنُونَ فِي مجَالِسهمْ وأحبوا مَا أحدث لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا يُوحى إِلَيْهِ وَبِمَا أَحبُّوا وكرهوا فَإِذا كَانَ شَيْء مِمَّا يكره المُنَافِقُونَ خَرجُوا يَتَسَلَّلُونَ يلوذ الرجل بِالرجلِ يسْتَتر لكَي لَا يرَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ الله تَعَالَى: إِن الله تَعَالَى يبصر الَّذين يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لِوَاذًا
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله ﴿ لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً ﴾ يعني كدعاء أحدكم إذا دعا أخاه باسمه، ولكن وقروه، وعظموه، وقولوا له : يا رسول الله. ويا نبي الله.
وأخرج عبد الغني بن سعيد في تفسيره وأبو نعيم في تفسيره عن ابن عباس في قوله ﴿ لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً ﴾ يريد ولا تصيحوا به من بعيد : يا أبا القاسم. ولكن كما قال الله في الحجرات ﴿ إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ﴾ [ الحجرات : ٣ ].
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : أمرهم الله أن يدعوه : يا رسول الله. في لين وتواضع ولا يقولوا : يا محمد. في تجهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : أمر الله أن يهاب نبيه، وأن يُبَجَّلَ، وأن يعظم، وأن يفخم، ويشرف.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : لا تقولوا يا محمد. ولكن قولوا يا رسول الله.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير والحسن. مثله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ﴿ لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم ﴾ يقول : دعوة الرسول عليكم موجبة، فاحذروها.
وأخرج سعيد بن منصور عن الشعبي في الآية قال : لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم على بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله ﴿ قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً ﴾ قال : هم المنافقون. كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة - ويعني بالحديث الخطبة - فيلوذون ببعض الصحابة حتى يخرجوا من المسجد، وكان لا يصلح للرجل أن يخرج من المسجد إلا بإذن من النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة بعدما يأخذ في الخطبة، وكان إذا أراد أحدهم الخروج أشار بأصبعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيأذن له من غير أن يتكلم الرجل، لأن الرجل منهم كان إذا تكلم والنبي يخطب بطلت جمعته.
وأخرج أبو داود في مراسيله عن مقاتل قال : كان لا يخرج أحد لرعاف، أو أحداث، حتى يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم يشير إليه بأصبعه التي تلي الإبهام، فيأذن له النبي صلى الله عليه وسلم يشير إليه بيده، وكان من المنافقين من يثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد، فكان إذا استأذن رجل من المسلمين قام المنافق إلى جنبه يستتر به حتى يخرج، فأنزل الله ﴿ قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً ﴾ قال : يتسللون عن نبي الله، وعن كتابه، وعن ذكره.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ لواذاً ﴾ قال : خلافاً.
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان ﴿ قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً ﴾ قال : يتسللون من الصف في القتال ﴿ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة ﴾ قال : أن يطبع على قلوبهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن صالح قال : إني لخائف على من ترك المسح على الخفين أن يكون داخلاً في هذه الآية ﴿ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ﴾.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن يحيى بن أبي كثير قال :« نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقاتلوا ناحية من خيبر، فانصرف الرجال عنهم وبقي رجل، فقاتلهم، فرموه، فقتلوه، فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبعد ما نهينا عن القتال ؟ فقالوا : نعم. فتركه ولم يصل عليه ».
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال :« أشد حديث سمعناه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله في سعد بن معاذ في أمر القبر. ولما كانت غزوة تبوك قال " لا يخرج معنا إلا رجل مُقْوٍ " فخرج رجل على بكر له صعب، فصرعه، فمات فقال الناس : الشهيد الشهيد. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً أن ينادي في الناس " لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يدخل الجنة عاص ".
وأخرج عبد الرزاق عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات يوم وهو مستقبل العدو : لا يقاتل أحد منكم، فعمد رجل منهم ورمى العدو وقاتلهم، فقتلوه، فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم استشهد فلان فقال : أبعد ما نهيت عن القتال ؟ قالوا : نعم. قال « لا يدخل الجنة عاص ».
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله ﴿ لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله ﴾ [ التوبة : ٤٤ ] قال : كان لا يستأذنه إذا غزا إلا المنافقون. فكان لا يحل لأحد أن يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يتخلف بعده إذا غزا، ولا تنطلق سرية إلا بإذنه، ولم يجعل الله للنبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لأحد حتى نزلت الآية ﴿ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع ﴾ يقول : أمر طاعة ﴿ لم يذهبوا حتى يستأذنوه ﴾ فجعل الإذن إليه يأذن لمن يشاء. فكان إذا جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس لأمر يأمرهم وينهاهم صبر المؤمنون في مجالسهم، وأحبوا ما أحدث لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يوحى إليه، وبما أحبوا وكرهوا، فإذا كان شيء مما يكره المنافقون، خرجوا يتسللون يلوذ الرجل بالرجل يستتر لكي لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم. فقال الله تعالى : إن الله تعالى يبصر الذين يتسللون منكم لواذاً.
أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿قد يعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ﴾ الْآيَة
قَالَ: مَا كَانَ قوم قطّ على أَمر وَلَا على حَال إِلَّا كاانوا بِعَين الله وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِم شَاهد من الله
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة
يَعْنِي خَاتِمَة سُورَة النُّور
وَهُوَ عَاجل أصبعيه تَحت عَيْنَيْهِ يَقُول
(وَالله بِكُل شَيْء بَصِير) وَالله أعلم
مَكِّيَّة وآياتها سبع وَسَبْعُونَ مُقَدّمَة سُورَة الْفرْقَان أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْفرْقَان بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة الْفرْقَان
وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: سَمِعت هِشَام بن حَكِيم يقْرَأ سُورَة الْفرْقَان فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَمَعْت لقرَاءَته فاذا هُوَ يقْرَأ على حُرُوف كَثِيرَة لم يقرئنيها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكدت أساوره فِي الصَّلَاة فتصبرت حَتَّى سلم فلببته بردائه فَقلت: من أَقْرَأَك هَذِه السُّورَة الَّتِي سَمِعتك تقْرَأ قَالَ: أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: كذبت
فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقْرَأَنيهَا على غير مَا قَرَأت فَانْطَلَقت بِهِ أقوده إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: أَنى سَمِعت هَذَا يقْرَأ سُورَة الْفرْقَان على حُرُوف لم تقرئنيها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لهشام: اقْرَأ
فَقَرَأَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذَلِك أنزلت ثمَّ قَالَ: اقْرَأ يَا عمر
فَقَرَأت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذَلِك أنزلت
إِن هَذَا الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف فاقرأوا مَا تيَسّر مِنْهُ
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الصُّبْح فَقَرَأَ سُورَة الْفرْقَان فاسقط آيَة فَلَمَّا سلم قَالَ: هَل فِي الْقَوْم أبي فَقَالَ أبي: هَا أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ: ألم أسقط آيَة قَالَ: بلَى
قَالَ: فَلم لم تفتحها عَليّ قَالَ: حسبتها آيَة نسخت قَالَ: لَا
وَلَكِنِّي أسقطتها
وَالله تَعَالَى أعلم
- بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم