تفسير سورة الملك

الوجيز للواحدي
تفسير سورة سورة الملك من كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المعروف بـالوجيز للواحدي .
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ
مكية وهي ثلاثون آية

﴿تبارك﴾ أَيْ: تعالى وتعظَّم ﴿الذي بيده الملك﴾ يُؤتيه مَنْ يشاء وينزعه عمَّن يشاء
﴿الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم﴾ في الحياة ﴿أيكم أحسن عملاً﴾ أَيْ: أطوع لله وأروع عن محارمه ثمَّ يُجازيكم بعد الموت
﴿الذي خلق سبع سماوات طباقا﴾ بعضها فوق بعض ﴿ما ترى في خلق الرحمن﴾ أَيْ: خلقه السَّماء ﴿من تفاوت﴾ اضطرب واختلافٍ بل هي مستويةٌ مستقيمةٌ ﴿فارجع البصر﴾ أعد فيها النَّظر ﴿هل ترى من فطور﴾ صدوعٍ وشقوقٍ ﴿ثم ارجع البصر﴾ كرِّر النظر ﴿كرَّتين﴾ مرَّتين
﴿ينقلب إليك البصر﴾ ينصرف ويرجع ﴿خاسئاً﴾ صاغراً ذليلاً ﴿وهو حسير﴾ أيْ: وقد أعيا من قبل أن يرى في السَّماء خللاً
﴿ولقد زيَّنا السماء الدنيا﴾ التي تدنو منكم ﴿بمصابيح﴾ بكواكب ﴿وجعلناها رجوماً﴾ مرامي ﴿للشياطين﴾ إذا استرقوا السَّمع ﴿وأعتدنا لهم﴾ في الآخرة ﴿عذاب السعير﴾
﴿وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير﴾
﴿إذا ألقوا فيها سمعوا لها﴾ لجهنَّم ﴿شهيقاً﴾ صوتاً كصوت الحمار ﴿وهي تفور﴾ تغلي
﴿تكاد تميز من الغيظ﴾ تنقطع غضباً على الكفَّار ﴿كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها﴾ سؤال توبيخ: ﴿ألم يأتكم نذير﴾ رسولٌ في الدُّنيا ينذركم عذاب الله؟ فقالوا:
﴿قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلاَّ في ضلال كبير﴾
﴿لو كنا نسمع﴾ من الرسل مَنْ يفهم ويتفكَّر ﴿أو نعقل﴾ عقل مَن ينظر ﴿ما كنا في أصحاب السعير﴾ وقوله:
﴿فاعترفوا بذنبهم﴾ بتكذيب الرُّسل ثمَّ اعترفوا بجهلهم ﴿فسحقاً لأصحاب السعير﴾ أَيْ: أسحقهم الله سحقاً أَيْ: باعدهم من رحمته مُباعدةً
﴿إن الذين يخشون ربهم بالغيب﴾ قبل مُعاينة العذاب وأحكام الآخرة
﴿وأسروا قولكم أو اجهروا به﴾ نزلت في المشركين الذين كانوا ينالون من رسول الله ﷺ بألسنتهم فيخبره الله تعالى فقالوا: فيما بينهم: أَسرّوا قولكم كيلا يسمع إله محمد فقال الله تعالى:
﴿ألا يعلم من خلق﴾ أَيْ: ألا يعلم ما في صدوركم وما تُسرّون به مَنْ خلقكم؟
﴿هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً﴾ سهلاً مُسخَّرةً ﴿فامشوا في مناكبها﴾ جوانبها ﴿وإليه النشور﴾ إليه يبعث الخلق
﴿أأمنتم من في السماء﴾ قدرته وسلطانه وعرشه ﴿أن يخسف بكم الأرض﴾ تغور بكم ﴿فإذا هي تمور﴾ تتحرَّك بكم وترتفع فوقكم وقوله:
﴿فستعلمون﴾ أَيْ: عند مُعاينة العذاب ﴿كيف نذير﴾ أَيْ: إنذاري بالعذاب
﴿ولقد كذَّب الذين من قبلهم فكيف كان نكير﴾ إنكاري إذ أهلكتهم
﴿أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات﴾ باسطاتٍ أجنحتها ﴿ويقبضن﴾ يضربن بها جنوبهنَّ ﴿ما يمسكهنَّ﴾ في حال القبض والبسط ﴿إلاَّ الرحمن﴾ بقدرته
﴿أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم مِنْ دون الرحمن﴾ يدفع عنكم عذابه
﴿بل لجُّوا﴾ تمادوا ﴿في عتوّ﴾ عصيانٍ وضلالٍ ﴿ونفور﴾ تباعدٍ عن الحقِّ
﴿أفمن يمشي مكباً على وجهه﴾ أَيْ: الكافر يُحشر يوم القيامة وهو يمشي على وجهه يقال: كببْتُ فلاناً على وجهه فأكبَّ هو يقول هذا ﴿أهدى أمن يمشي سوياً﴾ مستوياً مستقيماً ﴿على صراط مستقيم﴾ وهو المؤمن
﴿قل هو الذي أنشأكم﴾ خلقكم ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تشكرون﴾ أَيْ: لا تشكرون خالقكم وخالق هذه الأعضاء لكم إذ أشركتم به غيره
﴿قل هو الذي ذرأكم﴾ خلقكم ﴿في الأرض وإليه تحشرون﴾
﴿ويقولون متى هذا الوعد﴾ أَيْ: وعد الحشر
﴿قل إنما العلم﴾ بوقوعه ومجيئه ﴿عند الله وإنما أنا نذير﴾ مُخوِّفٌ ﴿مبين﴾ أُبيِّن لكم الشَّريعة
﴿فلمَّا رأوه﴾ أَيْ: العذاب في الآخرة ﴿زلفة﴾ قريباً ﴿سيئت وجوه الذين كفروا﴾ تبيَّن في وجوههم السُّوء وعلتها الكآبة ﴿وقيل هذا﴾ العذاب ﴿الذي كنتم به تَدَّعُون﴾ تفتعلون من الدُّعاء أَيْ: تدعون الله به إذ تقولون: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عندك﴾ الآية
﴿قل أرأيتم إن أهلكني الله﴾ فعذَّبني ﴿ومَنْ معي أو رحمنا﴾ غفر لنا ﴿فمن يجير الكافرين من عذاب أليم﴾ يعني: نحن مع إيماننا خائفون نخاف عذاب الله ونرجو رحمته فمن يمنعكم من عذابه وأنتم كافرون؟
﴿قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين﴾
﴿قُلْ أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً﴾ غائراً ذاهباً في الأرض ﴿فمن يأتيكم بماء معين﴾ ظاهر تناله الأيدي والدِّلاء
Icon