تفسير سورة النّور

آراء ابن حزم الظاهري في التفسير
تفسير سورة سورة النور من كتاب آراء ابن حزم الظاهري في التفسير .
لمؤلفه ابن حزم . المتوفي سنة 456 هـ

قوله تعالى :﴿ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ﴾
فيه ثلاث مسائل :
المسألة الحادية والثمانون : في جلد الزاني المحصن.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى جلد كل زان محصنا كان أو غير محصن، ولا يخص من ذلك إلا الإماء والعبيد فقط.
قال ابن حزم : قد جاء القرآن بجلد كل زان، ولم يخص محصنا من غيره، فقال تعالى :﴿ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ﴾١
ولم يخص تعالى من ذلك إلا الإماء والعبيد فقط.. نقول ونقطع أن الله عز وجل قد أمر بجلد كل زان على كل حال، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكم على الزاني المحصن بالجلد مع الرجم، وأنه عليه السلام لم يخالف ربه قط.
ولا شك عندنا في أن ماعزا جلد مع الرجم، وكذلك فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فإن جلد شراحة الهمدانية ثم رجمها٢ ٣. اه
المسألة الثانية والثمانون : في كم الطائفة التي تحضر حد الزاني.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن واحدا من الناس يكفي في ذلك، فإن زاد فجائز.
قال ابن حزم : قال الله تعالى :﴿ وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ﴾٤ قال :﴿ ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ﴾٥
فصح أن عذاب الزناة الجلد، ومع الجلد الرجم والنفي.
ثم اختلف العلماء في مقدرا الطائفة التي افترض الله تعالى أن تشهد العذاب المذكور.
ثم اختلف العلماء في مقدار الطائفة التي افترض الله تعالى أن تشهد العذاب المذكور.
فلما اختلفوا وجب أن ننظر في ذلك، فوجدنا جميع الأقوال لا يحتج بها إلا قول مجاهد، وابن عباس، وهو أن الطائفة : واحد فصاعدا. فوجدناه قولا يوجبه البرهان من القرآن، والإجماع، واللغة.
فأما القرآن فإن الله تعالى يقول :﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى ﴾الآية ٦
فبين تعالى نصا جليا أنه أراد بالطائفتين هنا الاثنين فصاعدا بقوله في أول الآية :﴿ اقتتلوا ﴾ وبقوله تعالى :﴿ فإن بغت إحداهما على الأخرى ﴾ وبقوله تعالى في آخر الآية :﴿ فأصلحوا بين أخويكم ﴾٧ وبرهان آخر، وهو أن الله تعالى قال :﴿ وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ﴾٨ وبيقين ندري أن الله تعالى لو أراد بذلك عددا من عدد لبينه، ولأوقفنا عليه، ولم يدعنا نخبط فيه عشواء، حتى نتكهن فيه الظنون الكاذبة، حاش لله تعالى من هذا. ٩ اه
المسألة الثالثة والثمانون : في أي الأعضاء يضرب في حد الزنا.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أنه لا يخص في الحد عضو بالضرب دون عضو إلا حد القذف وحده، فإنه يكون في الظهر ؛ لورود النص بذلك. ويتجنت في كل حال ضرب الوجه والمذاكر والمقاتل.
قال ابن حزم : اختلف الناس في هذا، وقال الله تعالى :﴿ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ﴾١٠ الآية.
ففعلنا، فوجدنا الله تعالى قال :﴿ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ﴾١١ وقال عليه السلام : " وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام " ١٢
ففلم نجد عن الله تعالى، ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم أمرا بأن يخص عضوا بالضرب دون عضو إلا حد القذف وحده، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه : " البينة وإلا حد ظهرك " ١٣
فوجب أن لا يخص بضرب الزنى، والخمر عضو من عضو ؛ إذ لو أراد الله تعالى ذلك لبينه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه يجب اجتناب الوجه ولا بد، والمذاكر، والمقاتل.
أما الوجه فلما روينا من طريق مسلم، نا عمرو الناقد وزهير بن حرب، قالا جميعا : نا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه " ١٤
وأما المقاتل فضربها غرر كالقلب، والأنثيين، ونحو ذلك، ولا يحل قتله، ولا التعريض به لما نخاف منه، وبالله تعالى التوفيق١٥. اه
١ قرأ الجمهور بالرفع في (الزانية والزاني) وقرئ بالنصب. وقال الزجاج: والرفع أقوى في العربية؛ لأن معناه: من زنى فاجلدوه، فتأويله الابتداء، ويجوز النصب على معنى (اجلدوا الزانية). انظر: زاد المسير ٦/٥، والجامع لأحكام القرآن ١٢/١٥٩-١٦٠، والبحر المحيط ٦/٤٢٧..
٢ أخرجه البخاري في: الحدود، باب: رجم المحصن (٦٨١٢) لكن دون ذكر الرجم. وأخرجه أحمد ١/٩٣ (٧١٦)، والبيهقي في: الحدود ٨/٢٢٠، وعبد الرزاق في المصنف، في الطلاق (١٣٣٥٠) (١٣٣٣٢٣)، وابن أبي شيبة في المصنف، في الحدود (٨٨٦٠)، والحاكم ٤/٣٦٥، وصحح إسناده، ووافقه الذهبي..
٣ انظر: الإحكام في أصول الأحكام (المجلد ١/١٩٧-١٩٩)..
٤ النور (٢)..
٥ النور (٨)..
٦ الحجرات (٩)..
٧ الحجرات (١٠)..
٨ النور (٢)..
٩ المحلى (١٣/١١٨-١١٩)..
١٠ النساء (٥٩)..
١١ النور (٢)..
١٢ سبق تخريجه..
١٣ أخرجه البخاري في: الشهادات، باب: إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة (٢٦٧١)، وفي التفسير، باب: ﴿ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع بالله إنه لمن الكاذبين﴾(٤٧٤٧)..
١٤ رجال الإسناد:
مسلم سبقت ترجمته ص (٧١).
عمرو بن محمد بن بكير الناقد، أبو عثمان البغدادي، نزل الرقة، ثقة حافظ، وهم في حديث، من العاشرة، مات سنة (٢٣٢ هـ/خ م د س) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٥١٤١).
زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة، النسائي، نزيل بغداد، ثقة ثبت، روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث، من العاشرة، مات سنة (٢٣٤ هـ/ خ م د س ق) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٢٠٥٣).
سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقة حافظ فقيه إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخره، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، من رؤوس الطبقة الثامنة، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار، مات سنة (١٩٨ هـ/ع ) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٢٤٦٤).
عبد الله بن ذكوان القرشي، أبو عبد الرحمن المدني، المعروف بأي الزناد، ثقة فقيه، من الخامسة، مات سنة (١٣٠ هـ وقيل بعدها / ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٣٣٢٢).
عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أبو داود المدني، مولى ربيعة بن الحارث، ثقة ثبت عالم، من الثالثة، مات سنة (١١٧ هـ/ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٤٠٦٠).
أبو هريرة سبقت ترجمته ص (٧٣).
يروي ابن حزم هنا صحيح مسلم في: البر، بابا النهي عن ضرب الوجه (٦٥٩٤) – (٦٥٩٩).
تخريج الحديث:
أخرجه مسلم كما سبق..

١٥ المحلى (١٣/٤٢-٤٣)..
قوله تعالى :﴿ الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ﴾
المسألة الرابعة والثمانون : في حكم نكاح المسلم العفيف من الزانية، والعكس.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أنه يحرم تزويج الزاني من عفيفة أو زانية مثله حتى يتوب، وكذلك الزانية يحرم زواجها من عفيف أو زان مثلها حتى تتوب.
قال ابن حزم : ولا يحل لزانية أن تنكح أحدا، لا زانيا ولا عفيفا حتى تتوب، فإذا تابت حل لها الزواج من عفيف حينئذ.
ولا يحل للزاني المسلم أن يتزوج مسلمة، لا زانية ولا عفيفة حتى يتوب، فإذا تاب حل له نكاح العفيفة المسلمة حينئذ..
فإن وقع شيء مما ذكرنا فهو مفسوخ أبدا.
والحجة لقولنا هو قول الله عز وجل :﴿ الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ﴾١
فقال قوم : روي عن سعيد بن المسيب أنه قال : يزعمون أنها نسخت بالآية التي بعدها :﴿ وأنكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ﴾٢ ٣
وهذه دعوى بلا برهان، ولا يجوز أن يقال في قرآن أو سنة : هذا منسوخ إلا بيقين يقطع به، لا بظن لا يصح، وإنما الفرض استعمال النصوص كلها.
فمعنى قوله تعالى :﴿ وأنكحوا الأيامى منكم ﴾٤ وقوله :﴿ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى ﴾٥ إلا ما حرم عليكم من الأقارب وغيرهن، هذا ما لا شك فيه.
ونكاح الزانية ونكاح الزاني لمؤمنة مما حرم علينا، فهو مستثنى من ذلك العموم بلا شك كاستثناء سائر ما حرم علينا من النساء.
قوال آخرون : معنى ينكح ههنا : ليس معناه يتزوج.
وهذه دعوى أخرى بلا برهان، وتخصيص للآية بالظن الكاذب، ولو كان ما قالوه لحرم على الزوج وطء زوجته إذا زنت، وهذا لا يقولونه.
فإن قالوا : إنما حرم وطؤها بالزنى فقط.
قلنا : وهذه زيادة في التخصيص بلا برهان، ودعوى كاذبة بيقين، إذ لا دليل عليها، وهذا لا يحل في دين الله عز وجل، مع أنه تفسير كاذب بيقين ؛ لأننا قد نجد الزاني يستكره العفيفة المسلمة فيكون زانيا بغير زانية، وحاش الله من أن نقول ما يدفعه العيان٦. اه
١ قراءة الجمهور (وحرم ذلك) بضم الحاء وتشديد الراء مكسورة، وقرئ (وحرم الله ذلك)، وقرئ أيضا (وحرم ذلك) بفتح الحاء وضم الراء مخففة. انظر: الكشاف ٣/٢٠٨، والمحرر الوجيز ٤/١٦٤، وزاد المسير ٦/١٠ والتفسير الكبير ٨/٣١٨، والبحر المحيط ٦/٤٣١..
٢ النور (٣٢)..
٣ انظر: جامع البيان ٩/٢٦٤، وتفسير ابن أبي حاتم ٨/٢٥٢٤..
٤ النور (٢٣)..
٥ النساء (٣)..
٦ المحلى (١١/٣٣-٣٦) بتصرف، وانظر: الإحكام (المجلد ١/٣٨٠)..
قوله تعالى :﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأًصلحوا فإن الله غفور رحيم ﴾
فيه ست مسائل :
المسألة الخامسة والثمانون : في بيان المراد بالرمي في الآية، وهل هو بمعنى القذف أم لا ؟
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن المراد بالرمي في الآية، هو الرمي بالزنا بين الرجال والنساء، وأنه لا فرق بين الرمي وبين القذف، لا من جهة اللغة ولا من جهة الشرع، فهما اسمان لمعنى واحد.
قال ابن حزم : ذكر الله تعالى هذا الحكم باسم ( الرمي ) في الآية المذكورة، وصح أن ( القذف والرمي ) اسمان لمعنى واحد.
لما ناه عبد الله بن ربيع، نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، نا إسحاق بن إبراهيم – هو ابن راهويه – أنا عبد الأعلى – هو ابن عبد الأعلى السلمي – قال : سئل هشام – هو ابن حسان – عن الرجل يقذف امرأته ؟ فحدثنا هشام عن محمد – يعني ابن سيرين – قال : سألت أنس بن مالك عن ذلك – وأنا أرى أن عنده من ذلك علما – فقال : إن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء، وكان أخا البراء بن مالك، وكان أول من لاعن، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، ثم قال :( ( أبصروه، فإن جاءت به أبيض، نض العينين، فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به أكحل جعدا أحمش١ الساقين فهو لشريك بن سحماء ) )٢ قال أنس : فأنبئت أنها جاءت به أكحل جعد أحمش الساقين.
فهذا أنس بن مالك حجة في اللغة وفي النقل في الديانة قد سمى الرمي قذفا، مع أنه لا خلاف في ذلك من أحد من أهل اللغة، ولا بين أحد من أهل الديانة.
وكذلك لا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أن الرمي المذكور في الآية المذكورة الموجب للجلد والفسق وسقوط الشهادة هو الرمي بالزنا بين الرجال والنساء. ٣ اه
المسألة السادسة والثمانون : في المراد بالمحصنات في الآية.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن المراد بالمحصنات في هذه الآية : الفروج، فذكر النعت وهو المحصنات، وحذف المنعوت وهو الفروج.
قال ابن حزم : قال الله تعالى :﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ﴾٤ الآية.
فكان ظاهر هذا أن : المحصنات المذكورات هن النساء ؛ لأن هذا اللفظ جاء بجمع المؤنث، فاعترض علينا أصحاب القياس ههنا، وقالوا لنا : إن النص إنما ورد بجلد الحد من قذف امرأة، فمن أين لكم أن تجلدوا من قذف رجلا بالزنى ؟ وما هذا إلا قياس منكم وأنتم تنكرون القياس ؟..
وأما جوابنا الذي نعتمد عليه ونقطع على صحته، وأنه مراد الله تعالى بالبرهان الواضح فهو أن الله تعالى إنما أراد بقوله :﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ﴾الفروج المحصنات.
برهان ذلك أن الأربعة الشهود المذكورين لا يختلف اثنان من الأمة في أن شهادتهم التي يكلفونها هي أن يشهدوا بأنهم رأوا فرجه في فرجها والجا خارجا، والإجماع قد صح بأن ما عدا هذه الشهادة ليست شهادة بزنى، ولا يبرأ القاذف من الحد.
فصح أن الرمي المذكور إنما هو الفروج فقط.
وأيضا، برهان آخر، كما روينا من طريق مسلم، نا إسحاق ابن إبراهيم، هو ابن راهويه – أنا عبد الرزاق، نا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال : ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " ٥
فلم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الزنى إلا للفرج فقط، وأبطله عن جميع أعضاء الجسم أولها عن آخرها إلا أن يصدقه فيها الفرج.
فصح يقينا أن النفس والقلب وجميع أعضاء الجسد حاش الفرج لا رمي فيها، ولا قذف أصلا، وأنه لا رمي إلا للفروج فقط، فإذ لا شك في هذا ولا مرية، فالمراد من الله تعالى :﴿ والذين يرمون المحصنات ﴾ هي بلا شك الفروج التي لا يقع الرمي إلا عليها، لا يكون الزنى المرمي به إلا منها..
وأما دعواهم أن الله تعالى أراد بذلك ( النساء ) فدعوى عارية لا برهان عليها، لا من نص ولا إجماع ؛ لأنهم يخصون تأويلهم هذا، ويسقطون الحد عن قاذف نساء كثيرة : كالإماء، والكوافر، والصغار، والمجانين، فقد أفسدوا دعواهم من قرب مع تعريها من البرهان. وبالله تعالى التوفيق. اه٦
المسألة السابعة والثمانون : في حكم قذف المحصنات.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن قذف المحصنة من كبائر الذنوب، ويجب التوبة منه.
قال ابن حزم : قذف المؤمنات من الكبائر، قال الله تعالى :﴿ إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ﴾٧
فصح أن قذف المؤمنات المحصنات البريئات من الكبائر الموجبة للعنة في الدنيا والآخرة، والعذاب العظيم في الآخرة، ودخل فيها قذف الأمة والحرة دخولا مستويا ؛ لأن الله تعالى لم يخص مؤمنة من مؤمنة.
وبقي قذف الكافرة، فوجدنا الله تعالى قال :﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ﴾٨الآية
فهذا عموم تدخل فيه الكافرة والمؤمنة، فوجب أن قاذفها فاسق إلا أن يتوب.
وروينا من طريق مسلم، أنا محمد بن الوليد بن عبد الحميد، أنا محمد بن جعفر، نا شعبة، نا عبيد الله بن أبي بكر، قال : سمعت أنس بن مالك قال :( ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر – أو سُئل عن الكبائر – فقال : الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، قال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قول الزور، أو قال : شهادة الزور " قال شعبة : وأكبر ظني أنه قال : شهادة الزور. ٩
فصح أن قذف الكافرة البريئة قول زور بلا خلاف من أحد، وقول الزور من الكبائر كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم. ١٠ اه
المسألة الثامنة والثمانون : في عدد الشهود المقبولين في الزنى.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أنه لا يجوز أن يقبل في الزنى أقل من أربعة شهود.
قال ابن حزم : ولا يجوز أن يقبل في الزنى أقل من أربعة رجال عدول مسلمين، أو مكان كل رجل امرأتان مسلمتان عدلتان، فيكون ذلك ثلاثة رجال وامرأتين، أو رجلين وأربع نسوة، أو رجلا واحدا وست نسوة، أو ثمان فقط.
فأما وجوب قبول أربعة في الزنى فبنص القرآن، ولا خلاف فيه، قال تعالى :﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ﴾١١ اه١٢
المسألة التاسعة والثمانون : إذا شهد أربعة بالزنا على امرأة، أحدهم زوجها هل تقبل شهادته أم لا ؟
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن الزوج العدل إذا جاء شاهدا ومعه ثلاثة عدول، فإن النصاب قد تم، وعلى المرأة الحد.
وأما إذا كان الزوج قاذفا فلا بد من أربعة شهود سواء، وإلا حد أو يلاعن.
قال ابن حزم : شهد أربعة بالزنا على امرأة، أحدهم زوجها، اختلف الناس في هذا.
فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر فيما احتج به كل قائل منهم لقوله، فوجدنا كلتا الطائفتين تتعلق بقول الله تعالى :﴿ والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ﴾١٣ وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهلال بن أمية : " البينة وإلا حد في ظهرك " ١٤
فنظرنا في هذين النصين فوجدناهما إنما نزلا في الزوج إذا كان راميا قاذفا، فوجب أن نطلب حكم شهادة الزوج في غيرهما.
فوجدنا الله تعالى يقول :﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ﴾١٥ فشرط الله تعالى على القاذف إن لم يأت بأربعة شهداء أن يجلد، ولم يخص تعالى أولئك الأربعة الشهداء أن لا يكون منهم زوجها ﴿ وما كان ربك نسيا ﴾١٦ ولو أراد الله تعالى أن لا يكون الزوج أحد أولئك الشهداء لبين ذلك، ولما كتمه، ولا أهمله، فإذ عم الله تعالى، ولم يخص فالزوج وغير الزوج في ذلك سواء بيقين لا شك فيه. ١٧ اه
١ أي دقيقهما. انظر: النهاية في غريب الحديث (حمش) ص (٢٣٢)..
٢ رجال الإسناد:
هشام بن حسان الأزدي، القردوسي، بالقاف وضم الدال، أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال، لأنه قيل: كان يرسل عنهما، من السادسة، مات سنة (١٤٧ هـ/ع) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٧٣٣٩).
محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر ابن أبي عمرة البصري، ثقة ثبت عابد كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى، من الثالثة، مات سنة (١١٠ هـ/ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٥٩٨٥).
أنس بن مالك بن النضر، الأنصاري، الخزرجي، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابي مشهور، مات سنة (٩٣ وقيل: قبلها بسنة، وقد جاوز المائة /ع) انظر: الاستيعاب ١/١٠٩، والإصابة ١/٧١، وتقريب التهذيب، ترجمة (٥٧٠).
وبقية رجال الإسناد سبقت تراجمهم.
تخريج الحديث:
أخرجه مسلم في اللعان (٣٧٣٥)..

٣ المحلى (١٣/١١٩-١٢٠)..
٤ النور (٤)..
٥ رجال الإسناد:
سبقت تراجمهم جميعا.
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في: الاستئذان، باب: زنا الجوارح (٦٢٤٣)، وفي: القدر، باب: (وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون) (٦٦١٢)، ومسلم في: القدر، باب: قدر على ابن حظه من الزنا وغيره (٦٦٩٥)..

٦ المحلى (١٣/١٢٣-١٢٤)..
٧ النور (٢٣)..
٨ النور (٤)..
٩ رجال الإسناد:
مسلم سبقت ترجمته ص (٧١)
محمد بن الوليد بن عبد الحميد، القرشي، البسري، بضم الموحدة، وسكون المهملة، البصري، يلقب حمدان، ثقة، من العاشرة، مات سنة (٢٥٠ هـ أو بعدها/ خ م س ق) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٦٤١٣).
محمد بن جعفر الهذلي (غندر) سبقت ترجمته ص (٢٩٢).
شعبة سبقت ترجمته ص (٢٩٢).
عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك، أبو معاذ، ثقة، من الرابعة / ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٤٣٠٧).
أنس بن مالك سبقت ترجمته ص (٤٢٧).
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في الشهادات، باب: ما قيل في شهادة الزور (٢٦٥٣)، ومسلم في: الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها (٢٥٦) – (٢٥٧)..

١٠ المحلى (١٣/١٢٢- ١٢٣)..
١١ النور (٤)..
١٢ المحلى (١٠/٢٦٦)..
١٣ النور (٦)..
١٤ سبق تخريجه..
١٥ النور (٤)..
١٦ مريم (٦٤)..
١٧ المحلى (١٣/١١٦-١١٧) باختصار..
المسألة التسعون : في مرد الاستثناء في الآية الكريمة.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن الاستثناء في قوله تعالى :﴿ إلا الذين تابوا ﴾ يعود إلى كل ما سبق إلا الحد فإن الدليل قد استثناه فلا يسقط بالتوبة.
قال ابن حزم : وإذا وردت أشياء معطوفات بعضها على بعض، ثم جاء الاستثناء في آخرها، فإن لم يكن في الكلام نص على ذلك الاستثناء مردود على بعضها دون بعض، فواجب حمله على أنه مردود على جميعها.
كذلك نقول في آية القذف في قوله تعالى :﴿ وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا ﴾١ راجع إلى كل ما تقدم، ومسقط للفسق عنهم، وموجب لقبول شهادتهم.
فإن قال قائل : فهلا أسقطتم به الحد ؟
قلنا : منع من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لقاذف امرأته : " البينة وإلا فحد في ظهرك " ٢ لأنه عليه السلام لم يسقط الحد إلا ببينة لا بالتوبة٣ اه.
١ النور (٤-٥)..
٢ سبق تخريجه..
٣ الإحكام في أصول الأحكام (المجلد ١/٤٣٠-٤٣١)..
قوله تعالى :﴿ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والأخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ﴾
المسألة الحادية والتسعون : في من قذف إنسانا قد ثبت عليه الزنى، وحد فيه أو لم يحد.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن من سب مسلما بزنى أو نحوه من المعاصي التي كانت منه، فإن كان ذلك على سبيل الأذى فهو منكر، ويلزمه الأدب، لأنه فعل منكرا، والمنكر يجب تغييره.
وإن كان ذلك منه على سبيل الوعظ والتذكر الجميل سرا، فلا شيء عليه، بل هو في ذلك محسن.
قال ابن حزم : والذي نقول به – وبالله تعالى التوفيق – أن الله تعالى قال :﴿ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم ﴾ وقد ذكرنا فيما سلف من كتابنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذي تزني أمته " فليجلدها ولا يثرب١ " ٢
فصح أن التثريب على الزاني حرام، وأن إشاعة الفاحشة حرام، ولا يحل – بلا خلاف – أذى المسلم بغير ما أنزل الله تعالى أن يؤذى به.
فصح من هذا أن من سب مسلما بزنى كان منه، أو بسرقة كانت منه، أو معصية كانت منه، وكان ذلك على سبيل الأذى – لا على سبيل الوعظ والتذكير الجميل سرا – لزمه الأدب لأنه منكر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع، فإن لم يستطع فبلسانه " ٣
فهذا الحديث بيان ما قدمنا نصا ؛ لأن فيه أباح تغيير المنكرات باليد واللسان، فمن بكت آخر بما فعل على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو محسن، ومن ذكره على غير هذا الوجه فقد أتى منكرا، ففرض على الناس تغييره ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام " ٤
فصح أن أعراض كل أحد حرام إلا حيث أباحه النص أو الإجماع، وسواء عرض العاصي وغيره. ٥ اه
١ ولا يثرب: أي لا يوبخها ولا يقرعها بالزنا بعد الضرب. النهاية ص (١٢١)..
٢ أخرجه البخاري في: البيوع، باب: بيع العبد الزاني (٢١٥٢)، ومسلم في: الحدود، باب: رجم اليهود أهل الذمة في الزنى (٤٤٢٠)..
٣ أخرجه مسلم في: الإيمان، باب: بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان (١٧٥)..
٤ أخرجه البخاري في: العلم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رب مبلغ أوعى من سامع (٦٧، ومسلم في: القسامة، باب: تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال (٤٣٥٩) (٤٣٦٠) غير أنه ليس فيه (وأبشاركم)..
٥ المحلى (١٣/١٣٢-١٣٣)..
قوله تعالى :﴿ الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم ﴾
المسألة الثانية والتسعون : في من سب عائشة أو إحدى أمهات المؤمنين بالرمي رضي الله عنهن.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن من سب عائشة أو غيرها من أمهات المؤمنين بالرمي، فإن ذلك منه ردة تامة، وموجب قتله.
قال ابن حزم : نا أحمد بن إسماعيل بن دليم الحضرمي، نا محمد بن أحمد بن الخلاص، نا محمد بن القاسم بن شعبان، نا الحسن بن علي الهاشمي، نا محمد بن سليمان الباغندي، نا هشام بن عمار، قال : سمعت مالك بن أنس يقول :( من سب أبا بكر وعمر جلد، ومن سب عائشة قتل، قيل له : لم يقتل في عائشة ؟ قال : لأن الله تعالى يقول في عائشة رضي الله عنها :﴿ يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ﴾١ ٢
قال مالك : فمن رماها فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قتل.
قول مالك ههنا صحيح، وهي ردة تامة وتكذيب لله تعالى في قطعه ببراءتها.
وكذلك القول في سائر أمهات المؤمنين، ولا فرق ؛ لأن الله تعالى يقول :﴿ والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون ﴾٣ فكلهن مبرءات من قول إفك، والحمد لله رب العالمين٤.
١ النور (١٧)..
٢ رجال الإسناد:
أحمد بن إسماعيل بن دليم، أبو عمر القاضي، الجزيري، سمع محمد بن أحمد بن الخلاص وغيره، مات قبل (٤٤٠ هـ) انظر: جذوة المقتبس ص (١١٨)، والصلة ١/٥٥.
محمد بن أحمد بن الخلاص البجاني، فقيه محدث من أهل بجانة، رحل وسمع محمد بن القاسم بن شعبان القرطبي ونحوه، مات في حدود (٤٠٠ هـ) انظر: جذوة المقتبس ص (٤١).
محمد بن القاسم بن شعبان، العماري، المصري، أبو إسحاق، ويعرف بابن القرطي، نسبة إلى بيع القرط، شيخ المالكية، كان صاحب سنة واتباع، وباع مديد في الفقه، مع بصر بالأخبار وأيام الناس، مع الورع والتقوى وسعة الرواية، قال ابن حزم: ابن شعبان في المالكية نظير عبد الباقي بن قانع في الحنفية، فإما تغير حفظهما، وإما اختلطت كتبهما. مات سنة (٣٥٥ هـ) انظر: سير أعلام النبلاء ١٦/٧٨، وشجرة النور الزكية ص (٨٠).
الحسين بن علي الهاشمي لم أهتد إليه.
محمد بن سليمان بن الحارث الواسطي، الإمام، المحدث، العالم، الصادق، أبو بكر، المعروف بالباغندي، سئل عنه الدارقطني فقال: لا بأس به، وقال الخطيب: رواياته كلها مستقيمة. مات في آخر سنة (٢٨٣ هـ) انظر: سير أعلام النبلاء ١٣/٣٨٦، وشذرات الذهب ٢/١٨٥.
هشام بن عمار بن نصير، بنون، مصغر، السلمي الدمشقي، الخطيب، صدوق مقرئ، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح، من كبار العاشرة، وقد سمع من معروف الخياط، لكن معروف ليس بثقة، مات سنة (٢٤٥ هـ على الصحيح/ خ ٤) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٧٣٥٣).
مالك بن أنس سبقت ترجمته ص (٤٨).
شيخ ابن حزم لم أجد فيه جرحا ولا تعديلا، وفي الإسناد من لم أهتد إلى ترجمته وهو: الحسن بن علي الهاشمي.
تخريج الأثر:
ذكره ابن العربي في: أحكام القرآن ٣/٣٦٦، والقاضي بن عياض في الشفا بتعريف حقوق المصطفى ص (٤٦٧)، والقرطبي في المفهم ٦/٤٩٣ – ٤٩٤، وابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة ١/١٤٤. ولم أهتد إلى من أخرجه بالإسناد غير ابن حزم..

٣ النور (٢٦)..
٤ المحلى (١٣/٢٣٨)..
قوله تعالى :﴿ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ﴾
المسألة الثالثة والتسعون : في حكم نظر الرجل إلى امرأة يريد أن يتزوجها.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن من أراد أن يتزوج امرأة فله أن ينظر منها إلى ما بطن وما ظهر.
قال ابن حزم : ومن أراد أن يتزوج امرأة حرة أو أمة، فله أن ينظر منها – متغفلا لها وغير متغفل – إلى ما بطن منها وظهر.
برهان ذلك : قول الله عز وجل :﴿ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ﴾
فافترض الله عز وجل غض البصر جملة، كما افترض حفظ الفرج، فهو عموم لا يجوز أن يخص منه إلا ما خصه نص صحيح، وقد خص النص نظر من أراد الزواج فقط.
كما روينا من طريق أبي داود، نا مسدد، نا عبد الواحد بن زياد، نا محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن واقد بن عبد الرحمن – هو ابن سعد بن معاذ – عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل " ١.
قال جابر : فخطبت امرأة من بني سلمة فكنت أختبئ تحت الكرب٢ حتى رأيت منها بعض ما دعاني إليها.
فكان هذا عموما مخرجا لهذه الحال من جملة ما حرم من غض البصر٣ اه
١ رجال الإسناد:
أبو داود سبقت ترجمته ص (٣٨٧).
مسدد بن مسرهد بن مسربل الأسدي، البصري، أبو الحسن، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة (٢٢٨ هـ/ خ د ت س) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٦٦٤٢).
عبد الواحد بن زياد العبدي، مولاهم، البصري، ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال، من الثامنة مات سنة (١٧٦ هـ وقيل بعدها / ع) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٤٢٦٨).
محمد بن إسحاق بن يسار، أبو بكر المطلبي مولاهم، المدني، نزيل العراق، إمام المغازي، صدوق يدلس، رمي بالتشيع والقدر، من صغار الخامسة، مات سنة (١٥٠ هـ ويقال: بعدها / خت م ٤) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٥٧٦٢).
داود بن الحصين الأموي مولاهم، أبو سليمان المدني، ثقة إلا في عكرمة، ورمي برأي الخوارج، من السادسة، مات سنة (١٣٥ هـ/ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (١٧٨٩).
واقد بن عبد الرحمن بن سعد، مجهول، من الخامسة / د) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٧٤٣٧).
جابر بن عبد الله الصحابي سبقت ترجمته ص ٣٨٨.
يروي ابن حزم هنا سنن أبي داود في: النكاح، باب: الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها (٢٠٧٥).
تخريج الحديث:
أخرجه الطحاوي في: شرح معاني الآثار ٣/١٤، وأحمد ٣/٣٣٤، والحاكم ٢/١٦٥، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح ٩/٢٢٧-٢٢٨، والألباني في صحيح سنن أبي داود ١/٥٨٤ (٢٠٨٢)..

٢ الكرب: أصل سعف النخل، وقيل: ما يبقى من أصوله في النخلة بعد القطع كالمراقي. النهاية ص (٧٩٦)..
٣ المحلى (١١/١٠٥-١٠٦)..
قوله تعالى :﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
فيه أربع مسائل :
المسألة الرابعة والتسعون : في حكم ستر العورة.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن ستر العورة عن عين الناظر فرض.
قال ابن حزم : وستر العورة فرض عن عين الناظر، وفي الصلاة جملة، كان هنالك أحد أو لم يكن.
قال الله تعالى :﴿ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ﴾﴿ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ﴾
فمن أبدى فرجه لغير من أبيح له فقد عصى الله تعالى. وقال تعالى :﴿ خذوا زينتكم عند كل مسجد ﴾١ فاتفق على أنه ستر العورة٢ اه
المسألة الخامسة والتسعون : في ما يجب على المرأة ستره في الصلاة، وعن الناظر.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أنه يجب على المرأة أن تستر جميع جسمها في الصلاة وعن الناظر إلا الوجه والكفين ؛ بحجة أن المرأة عورة ما عدا وجهها وكفيها فقط.
قال ابن حزم : والعورة المفترض سترها على الناظر، وفي الصلاة من المرأة جميع جسمها، حاشا الوجه والكفين فقط.
الله تعالى يقول :﴿ ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ﴾ إلى قوله :﴿ ولا يضرين بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ﴾٣
فأمرهن الله تعالى بالضرب بالخمار على الجيوب، وهذا نص على ستر العورة، والعنق، والصدر.
وفيه نص على إباحة كشف الوجه، لا يمكن غير ذلك أصلا.
وقوله تعالى :﴿ ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ﴾ نص على أن الرجلين والساقين مما يخفى، ولا يحل إبداؤه.
وحدثنا عبد الله بن يوسف، ثنا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا أحمد بن محمد، ثنا أحمد بن علي، ثنا مسلم بن الحجاج، ثنا عمرو الناقد، ثنا عيسى بن يونس، ثنا هشام، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية قالت :( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى : العواتق، والحيض، وذوات الخدور، قالت : قلت : يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب، قال : " لتلبسها أختها من جلبابها " ٤
وهذا أمر بلبسهن الجلابيب للصلاة، والجلباب في لغة العرب التي خاطبنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما عطى جميع الجسم، لا بعضه، فصحح ما قلناه نصا.
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد، ثنا إبراهيم بن أحمد، ثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا مسدد، ثنا يحيى – هو ابن سعد القطان – عن سفيان – هو الثوري، أخبرني عبد الرحمن بن عانس، قال : سمعت ابن عباس يذكر ( أنه شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه السلام خطب بعد أن صلى، ثم أتى النساء ومعه بلال، فوعظهن، وذكرهن، وأمرهن أن يتصدقن، فرأيتهن يهوين بأيدهن يقذفنه في ثوب بلال )٥
فهذا ابن عباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أيديهن، فصح أن اليد من المرأة والوجه ليسا عورة، وما عداهما ففرض عليها ستره.
حدثنا عبد الله بن ربيع، ثنا محمد بن معاوية، ثنا أحمد بن شعيب، ثنا سليمان بن سيف، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ثنا أبي، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، أن سليمان بن يسار أخبره أن ابن عباس أخبره ( أن امرأة من خثعم استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، والفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وذكرا لحديث وفيه :( فأخذ الفضل يلتفت إليها، وكانت امرأة حسناء، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحول وجه الفضل من الشق الآخر )٦
فلو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها عليه السلام على كشفه بحضرة الناس، ولأمرها أن تسبل عليه من فوق، ولو كان وجهها مغطى ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء، فصح كل ما قلناه يقينا، والحمد لله كثيرا اه٧
المسألة السادسة والتسعون : في ما يباح لذي المحرم رؤيته من ذات محرمه.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أنه يجوز لذي المحرم أن يرى من ذات محرمه جميع جسمها إلا الدبر والفرج.
قال ابن حزم : وجائز لذي المحرم أن يرى جميع جسم حريمته، كالأم والجدة والبنت وابنة البنت والخالة والعمة وبنت الأخ وبنت الأخت وامرأة الأب وامرأة الابن، حاش الدبر والفرج فقط.
برهان ذلك قول الله تعالى :﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾ الآية٨.
فذكر الله عز وجل في هذه الآية : أن زينتهن زينة ظاهرة تبدى لكل أحد، وهي الوجه والكفان، على ما بينا فقط. وزينة باطنة حرم عز وجل إبداءها إلا لمن ذكر في الآية وقد أوضحنا في كتاب الصلاة أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين، فحكم العورة سواء فيما ذكرنا، إلا ما لا خلاف فيه من أنه لا يحل لغير الزوج النظر إليه : الفرج والدبر.
ولم نجد لا في قرآن ولا سنة ولا معقول فرقا بين الشعر والعنق والذراع والساق والصدر، وبين البطن والظهر والفخذ، إلا أنه لا يحل لأحد أن يتعمد النظر إلى شيء من امرأة لا يحل له، لا الوجه ولا غيره إلا لقصة تدعو إلى ذلك لا يقصد منها منكر بقلب أو بعين. ٩ اه
المسألة السابعة والتسعون : في عورة الأمة.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن عورة الأمة وعورة الحرة سواء، لأن الطبيعة واحدة، والدين واحد، ولا معنى للتفريق إلا بالنص.
قال ابن حزم : وأما الفرق بن الحرة والأمة فدين الله تعالى واحد، والخلقة والطبيعة واحدة، كل ذلك في الحرائر والإماء سواء حتى يأتي نص في الفرق بينهما في شيء فيوقف عنده. ؟
فإن قيل : إن قول الله تعالى :﴿ ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن ﴾ الآية١٠. يدل على أنه تعالى أراد الحرائر.
فقلنا : هذا هو الكذب بلا شك ؛ لأن البعل في لغة العرب : السيد، والزوج.
وأيضا فالأمة قد تتزوج، وما علمنا قط أن الإماء لا يكون لهن أبناء، وآباء، وأخوال، وأعمام، كما للحرائر.
وقد ذهب بعض من وهل في قول الله تعالى :﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ﴾١١ إلى أنه إنما أمر الله تعالى بذلك لأن الفساق كانوا يتعرضون للنساء للفسق، فأمر الحرائر بأن يلبس الجلابيب ليعرف الفساق أنهن حرائر فلا يعترضوهن.
ونحن نبرأ من هذا التفسير الفاسد الذي هو إما زلة عالم ووهلة فاضل عاقل، أو افتراء كاذب فاسق ؛ لأن فيه أن الله تعالى أطلق الفساق على أعراض إماء المسلمين، وهذه مصيبة الأبد، وما اختلف اثنان من أهل الإسلام في أن تحريم الزنا بالحرة كتحريمه بالأمة، وأن الحد على الزاني بالحرة كالحد على الزاني بالأمة ولا فرق.
ولهذا وشبهه وجب أن لا يقبل قول أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بأن يسنده إليه عليه السلام.
لم يخف علينا ما روي عن عمر رضي الله عنه في خلاف هذا وعن غيره، ولكن لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا تنازع السلف رضي الله عنهم وجب الرد إلى ما افترض الله تعالى الرد إليه من القرآن والسنة، وليس في القرآن ولا في السنة فرق في الصلاة بين حرة ولا أمة.
فإن قالوا : قد جاء الفرق في الحدود بين الحرة والأمة.
قلنا : نعم، وبين الحر والعبد، فلم ساويتم بين الحر والعبد فيما هو منهما عورة في الصلاة، وفرقتم بين الحرة والأمة فيما هو منهما عورة في الصلاة ؟ !
وقد صح الإجماع والنص على وجوب الصلاة على الأمة كوجوبها على الحرة في جميع أحكامها، من الطهارة، والقبلة، وعدد الركوع، وغير ذلك، فمن أين وقع لكم الفرق بينهما في العورة ؟ ! ١٢ اه
١ الأعراف (٣١)..
٢ المحلى (٣/١٢٥)..
٣ النور (٣١)..
٤ رجال الإسناد:
عبد الله بن يوسف سبقت ترجمته
أحمد بن فتح سبقت ترجمته.
عبد الوهاب بن عيسى سبقت ترجمته.
أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر سبقت ترجمته.
أحمد بن علي بن الحسن القلانسي سبقت ترجمته ص ٧١.
مسلم بن الحجاج سبقت ترجمته ص ٧١
عمرو الناقد سبقت ترجمته ص ٤١٣.
عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، بفتح المهملة، وكسر الموحدة، أخو إسرائيل، كوفي، نزل الشام مرابطا، ثقة مأمون، من الثامنة، مات سنة (١٨٧ هـ وقيل: سنة (١٩١ هـ/ع) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٥٣٧٦).
هشام هو ابن حسان سبقت ترجمته ص ٤٢٧.
حفصة بنت سيرين، أم الهذيل الأنصارية، البصرية، ثقة، من الثالثة، ماتت بعد (١٠٠ هـ/ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٨٦٥٩).
نسيبة، بالتصغير، ويقال: بفتح أولها، بنت كعب، ويقال: بنت الحارث، أم عطية الأنصارية، صحابية مشهورة، مدنية، ثم سكنت البصرة /ع) انظر: الاستيعاب ٤/١٩١٩، والإصابة ٤/٤٧٦، وتقريب التهذيب، ترجمة (٨٧٩١).
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في: الصلاة، باب: وجوب الصلاة في الثياب (٣٥١)، ومسلم في: صلاة العيدين، باب: إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى (٢٠٥٣) واللفظ له..

٥ رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد سبقت ترجمته ص (٧٢).
إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البلخي سبقت ترجمته ص ٧٢.
الفربري (محمد بن يوسف) سبقت ترجمته ص ٧٢.
البخاري (محمد بن إسماعيل) سبقت ترجمته ص ٧٢.
مسدد سبقت ترجمته ص ٤٦٢.
يحيى بن سعيد القطان سبقت ترجمته ص ٣٠٦.
سفيان الثوري سبقت ترجمته ص ٤٨.
عبد الرحمن بن عابس، بموحدة ومهملة، ابن ربيعة النخعي، الكوفي، ثقة، من الرابعة، مات سنة (١١٩ هـ/خ م د س ق) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٣٩٣٢).
ابن عباس (عبد الله بن عباس الصحابي) سبقت ترجمته ص (٣٠٦).
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في: العيدين، باب: موعظة الإمام النساء يوم العيد (٩٧٩، وفي الأذان، باب وضوء الصبيان (٨٦٣)، ومسلم في: صلاة العيدين، باب: كتاب صلاة العيدين (٢٠٤١) – (٢٠٤٣).

٦ رجال الإسناد:
عبد الله بن ربيع سبقت ترجمته ص (٢٥٨).
محمد بن معاوية سبقت ترجمته ص (٢٥٩).
أحمد بن شيعب سبقت ترجمته ص ٢٥٩.
سليمان بن سيف بن يحيى بن درهم الطائي مولاهم، أبو داود الحراني، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة (٢٧٢ هـ/ س) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٢٥٨٦).
يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف، الزهري، أبو يوسف المدني، نزيل بغداد، ثقة فاضل، من صغار التاسعة، مات سنة (٢٠٨ هـ/ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٧٨٦٥).
إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، الزهري، أبو إسحاق المدني، نزيل بغداد، ثقة حجة، تكلم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات سنة (١٨٥ هـ/ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (١٧٩).
صالح بن كيسان المدني، أبو محمد أو أبو الحارث، ثقة ثبت فقيه، من الرابعة، مات سنة (١٣٠ هـ أو بعد الأربعين /ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٢٩٠٠).
ابن شهاب (هو الزهري) سبقت ترجمته ص ٣٠٧.
سليمان بن يسار الهلالي، المدني، مولى ميمونة، وقيل: أم سلمة، ثقة فاضل، أحد الفقهاء السبعة، من كبار الثالثة، مات بعد (١٠٠ هـ، وقيل: قبلها /ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٢٦٣٤).
ابن عباس سبقت ترجمته ص ٣٠٦
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في: الاستئذان، باب: قول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم﴾(٦٢٢٨)، ومسلم في: الحج، باب: الحج عن العاجز (٣٢٣٨)..

٧ المحلى (٣/١٢٦-١٣٠)..
٨ النور (٣١).
٩ المحلى (١١/١٠٦-١٠٧) باختصار..
١٠ النور (٣١)..
١١ الأحزاب (٥٩)..
١٢ المحلى (٣/١٣٠-١٣٢) بتصرف..
قوله تعالى :﴿ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم ﴾
فيه ثلاث مسائل :
المسألة الثامنة والتسعون : في حكم الولاية على المرأة في النكاح.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أنه لا يحل لامرأة أن تنكح إلا بإذن وليها، أو من يقوم مقامه شرعا كالسلطان.
قال ابن حزم : ولا يحل للمرأة نكاح ثيبا كانت أو بكرا إلا بإذن وليها الأب، أو الجد، أو الأعمام، أو بني الأعمام وإن بعدوا.
ومعنى ذلك أن يأذن لها في الزواج، فإن أبى أولياؤها من الإذن لها زوجها السلطان.
برهان ذلك قول الله تعالى :﴿ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ﴾ وقوله :﴿ ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ﴾١
وهذا خطاب للأولياء لا للنساء.
وروينا من طريق ابن وهب، نا ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنكح المرة بغير وليها، فإن نكحت فنكاحها باطل – ثلاث مرات – فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " ٢ ٣ اه
المسألة التاسعة والتسعون : في حكم ولاية المرأة في النكاح.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن المرأة لا تكون وليا في النكاح، لكنها تستأذن أقرب ولي لها أو السلطان في إنكاح أمتها أو عبدها ولا بد.
قال ابن حزم : ولا تكون المرأة وليا في النكاح، فإن أرادت إنكاح أمتها أو عبدها أمرت أقرب الرجال إليها من عصبتها أن يأذن لها في النكاح، فإن لم يكن لها عاصب فالسلطان يأذن لها في النكاح.
برهان ذلك قول الله عز وجل :﴿ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ﴾٤
فصح يقينا أن المأمورين بإنكاح العبيد والإماء هم المأمورون بإنكاح الأيامى ؛ لأن الخطاب واحد، ونص الآية يوجب أن المأمورين بذلك الرجال في إنكاح الأيامى والعبيد والإماء.
فصح بهذا أن المرأة لا تكون وليا في إنكاح أحد أصلا، لكن لا بد من إذنها في ذلك وإلا فلا يجوز ؛ لقول الله تعالى :﴿ ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن ﴾٥ ٦
المسألة المائة : في ولي المرأة، هل له أن ينكحها من نفسه أم لا.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أنه يجوز لولي المرأة أن ينكحها من نفسه بشرطين :
أحدهما : أن ترضى به زوجا.
والثاني : ألا يوجد أحد أقرب إليها منه.
قال ابن حزم : وجائز لولي المرأة أن ينكحها من نفسه إذا رضيت به زوجا ولم يكن أحد أقرب إليها منه، وإلا فلا، وهو قول مالك، وأبي حنيفة.
البرهان على صحة قولنا : ما رُويناه من طريق البخاري، نا مسدد، عن عبد الوارث بن سعيد، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها وأولم عليها بحيس٧ )٨
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج مولاته من نفسه، وهو الحجة على من سواه.
وأيضا فإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل " ٩
فمن نكح وليته من نفسه بإذنها فقد نكحت بإذن وليها، فهو نكاح صحيح، ولم يشترط عليه الصلاة والسلام أن يكون الولي غير الناكح ولا بد، فإذا لم يمنع منه عليه الصلاة والسلام فهو جائز.
قال تعالى :﴿ وقد فصل لكم ما حرم عليكم ﴾١٠ فهذا مما لم يفصل علينا تحريمه.
وقال تعالى :﴿ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ﴾١١
فمن أنكح أيمة من نفسه برضاها فقد فعل ما أمره الله تعالى به، ولم يمنع عز وجل من أن يكون المنكح لأيمة هو الناكح لها، فصح أنه الواجب. وبالله تعالى التوفيق. ١٢ اه
١ البقرة (٢٢١)..
٢ رجال الإسناد:
ابن وهب سبقت ترجمته ص (٣٠٧).
ابن جريج سبقت ترجمته ص (٢٩٤).
سليمان بن موسى الأموي مولاهم، الدمشقي الأشدق، صدوق فقيه، في حديثه بعض لين، وخولط قبل موته بقليل، من الخامسة /مق ٤) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٢٦٣١).
عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات قبل المائة سنة (٩٤ هـ على الصحيح / ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٤٥٩٣).
عائشة بنت أبي بكر الصديق أم المؤمنين، أفقه النساء مطلقا، ماتت سنة (٥٧ هـ على الصحيح / ع) انظر: الاستيعاب ٤/١٨٨١، والإصابة ٤/٣٥٩، وتقريب التهذيب، ترجمة (٨٧٣٢).
إسناد ابن حزم ضعيف؛ لأنه معلق.
تخريج الحديث:
اخرجه أبو داود في: النكاح، باب: في الولي (٢٠٧٦)، والترمذي في: النكاح، باب: ما جاء: لا نكاح إلا بولي (١١٠٣) وابن ماجة في: النكاح، باب: لا نكاح إلا بولي (١٨٧٩)، والحاكم بهذا اللفظ ٢/١٦٨، وقال الترمذي: (حديث حسن)، وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي..

٣ المحلى (١١/١٤-١٧) باختصار..
٤ النور (٣٢)..
٥ النساء (٢٥)..
٦ المحلى (١١/٢٩)..
٧ الحيس: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن. انظر: النهاية ص (٢٤٥)..
٨ رجال الإسناد:
البخاري سبقت ترجمته ص ٧٢.
مسدد سبقت ترجمته ص ٤٦٢.
عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم، أبو عبيدة التنوري، بفتح المثناة وتشديد النون، البصري، ثقة ثبت، رمي بالقدر ولم يثبت عنه، من الثامنة، مات سنة (١٠٨ هـ / ع) انظر: تقريب التهذيب، ترجمة (٤٢٧٩).
شعيب بن الحبحاب الأزدي مولاهم المعولي، أبو صالح البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة (١٣١ هـ أو قبلها / خ م د س ت س) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٢٨١١).
أنس بن مالك سبقت ترجمته ص ٤٢٧.
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في: النكاح، باب: من جعل عنق الأمة صداقها (٥٠٨٦)..

٩ سبق تخريجه..
١٠ الأنعام (١١٩)..
١١ النور (٣٢)..
١٢ المحلى (١١/٣٢-٣٣) بتصرف..
قوله تعالى :﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
فيه أربع مسائل :
المسألة الواحدة بعد المائة : في الحكم فيما إذا طلب المملوك من سيده المكاتبة.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن المملوك المسلم إذا طلب من سيده المكاتبة وجب على السيد القبول بما يحقق المصلحة للطرفين، وإن أبى السيد أجبره السلطان.
قال ابن حزم : من كان له مملوك مسلم أو مسلمة فدعا أو دعت إلى الكتابة فرض على السيد الإجابة إلى ذلك، ويجبره السلطان على ذلك بما يدري أن المملوك العبد أو الأمة يطيقه مما لا حيف فيه على السيد، لكن مما يكاتب عليه مثلهما.
برهان ذلك قول الله تعالى :﴿ والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ﴾
أمر الله تعالى بالمكاتبة وبكل ما أمر به فرض لا يحل لأحد أن يقول له الله تعالى : افعل أمرا كذا، فيقول هو : لا أفعل إلا أن يقول له تعالى : إن شئت فافعل وإلا فلا. ١ اه
المسألة الثانية بعد المائة : في حكم كتابة بعض عبد.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أنه لا تجوز كتابة بعض عبد، إلا باتفاق الشركاء فيه على الكتابة.
قال ابن حزم : ولا تجوز كتابة بعض عبد، ولا كتابة شقص له في عبد مع غيره ؛ لأن الله تعالى يقول :﴿ والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ﴾٢
وليس بعض العبد مما ملكت يمين مالك بعضه، ولا يقال فيه : إنه ملك يمينه أصلا، ولا أنه مما ملكت يمينه، ومن قال ذلك فقد كذب بيقين.
فلو اتفق الشريكان معا على كتابه عبدهما أو أمتهما معا بلا فصل جاز ذلك ؛ لأنهما حينئذ مخاطبون بآية النور، بخلاف الواحد ؛ لأنه يقال لسادات المشترك – وإن لم يكونوا جماعة – هذا العبد ملك يمينكم، ومما ملت أيمانكم، فكان فعلهما هذا داخلا في أمر الله تعالى مع صحة خبر بريرة٣، وأنها مكاتبة لجماعة، هكذا في نص الخبر. ٤ اه
المسألة الثالثة بعد المائة : في المراد بالخير في الآية.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن المراد بالخير في هذه الآية هو الدين.
قال ابن حزم : واختلف الناس في الخير، فقالت طائفة : المال، وقالت طائفة : الدين.
فنظرنا في ذلك فوجدنا موضوع كلام العرب الذي به نزل القرآن، قال تعالى :﴿ ٍبلسان عربي مبين ﴾٥ أنه تعالى لو أراد المال لقال : أن علمتم لهم خيرا، أو عندهم خيرا، أو معهم خيرا ؛ لأن بهذه الحروف يضاف المال إلى من هو له في لغة العرب.
ولا يقال أصلا : في فلان مال، فلما قال تعالى :﴿ إن علمتم فيهم خيرا ﴾٦ علمنا أنه تعالى لم يرد المال. فصح أنه الدين. ٧ اه
المسألة الرابعة بعد المائة : في حكم إعطاء السيد مملوكه مالا حال عقد المكاتبة.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أنه يجب على السيد أن يعطي لمكاتبه ما طابت به نفسه من المال أول عقد المكاتبة إعانة له، وإن لم يفعل أجير.
قال ابن حزم : وفرض على السيد أن يعطي المكاتب مالا من عند نفسه ما طابت به نفسه، مما يسمى مالا في أول عقد للكتابة، ويجبر السيد على ذلك.
فلو مات قبل أن يعطيه كلف الورثة ذلك من رأس المال مع الغرماء.
برهان ذلك قول الله تعالى :﴿ ٍفكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ﴾٨ فهذا أمر لا يجوز تعديه٩. اه
١ المحلى (١٠/ ١٢٠-١٢١)..
٢ النور (٣٣)..
٣ هو حديث عروة بن الزبير ((أن عائشة أم المؤمنين أخبرته أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكن ولاؤك لي فعلت، فذكرت ذلك بريرة لأهلها، فأبوا وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكن ولاؤك لنا، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابتاعي فأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق"، قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما بال الناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله تعالى فليس له، وإن اشترط مائة مرة، شرط أحق وأوثق" أخرجه البخاري في: البيوع، باب: إذا اشترط شروطا في البيع لا تحل (٢١٦٨)..
٤ المحلى (١٠/١٣٨)..
٥ الشعراء (١٩٥).
٦ النور ٣٣.
٧ المحلى (١٠/١٢٠-١٢١) والإحكام في أصول الأحكام (المجلد ١/٤٠٨)..
٨ النور ٣٣..
٩ المحلى (١٠/١٣٩)..
قوله تعالى :﴿ في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ﴾
المسألة الخامسة بعد المائة : في حكم كنس المساجد وتنظيفها.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن كنس المساجد وتنظيفها واجب.
قال ابن حزم : وواجب كنسها ( أي المساجد ) ويستحب أن تطيب بالطيب.
وأما كنس المساجد فإن الله تعالى يقول :﴿ في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة ﴾١
حدثنا عبد الله ربيع، ثنا عمر بن عبد الملك، ثنا محمد بن بكر، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن العلاء، حدثنا حسين بن علي – هو الجعفي – عن زائدة، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين قالت ( ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تطيب وتنظف ) )٢.
الدور هي المحلات، والإرباض، تقول : دار بني عبد الأشهل، ودار بني النجار تريد محلة كل طائفة منهم. ٣
١ النور (٣٦-٣٧)..
٢ رجال الإسناد:
عبد الله بن ربيع سبقت ترجمته ص ٢٥٨.
لعله عمر بن عبد الملك بن سليمان الخولاني، قرطبي، توفي سنة ٣٥٦ هـ، انظر: بغية الملتمس ص ٤٠٥.
محمد بن بكر بن محمج بن داسة، أبو بكر، الثقة العالم، البصري، التمار، راوي السنن، توفي سنة (٣٤٦ هـ) انظر: سير أعلام النبلاء ١٥/٥٣٨.
أبو داود سبقت ترجمته ص ٣٨٧.
محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، سبقت ترجمته ص ١٥٦.
الحسين بن علي بن الوليد الجعفي، الكوفي، المقرئ، ثقة عابد، من التاسعة، مات سنة (٢٠٣ هـ أو بعدها بسنة / ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (١٣٤٤).
زائدة بن قدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي، ثقة ثبت، صاحب سنة، من السابعة، مات سنة (١٦٠ هـ وقيل: بعدها / ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (١٩٩٤).
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة (١٤٥ هـ أو بعدها بسنة /ع) انظر: المصدر السابق، ترجمة (٧٣٥٢).
عروة سبقت ترجمته ص (٤٩٤).
عائشة رضي الله عنها سبقت ترجمتها ص (٤٩٤).
يروي ابن حزم هنا سنن أبي داود في: الصلاة، باب: اتخاذ المساجد في الدور (٤٥٦).
تخريج الحديث:
أخرجه الترمذي في: أبواب الصلاة، باب: ما ذكر في تطييب المسجد (٥٩٣)، وابن ماجه في المساجد، باب: تطهير المساجد وتنظيفها (٧٥٨) وأحمد ٦/٢٧٩ (٢٦٣٨٦) وصححه الألباني.
انظر: صحيح سنن أبي داود ١/١٣٥ (٤٥٦)..

٣ المحلى (٤/١٥٥-١٥٦)..
Icon