ﰡ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)﴾.التفسير وأوجه القراءة
١ - وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ الهمزة فيه للاستفهام التعجيبي والتقريري؛ لتقرير رؤيته - ﷺ - بإنكار عدمها، وتعجيبه بما فعله الله تعالى، والخطاب لرسول الله - ﷺ -، ويجوز أن يكون لكل من يصلح له، والرؤية (١) علمية لا بصرية؛ لأنه لم يكن وقت الواقعة موجودًا، وحُذفت ألف ﴿تَرَ﴾ للجازم، والمعنى: أقر بأنك علمت قصة أصحاب الفيل. ﴿كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ﴾ يا محمد و ﴿كَيْفَ﴾ معلقة للرؤية منصوبة على المصدرية بالفعل المذكور بعدها، و ﴿رَبُّكَ﴾ فاعل، والتقدير (٢): أي فعل فعله ربك، والجملة سدت مسد مفعولي ﴿تَرَ﴾، ولا يصح نصب ﴿كَيْفَ﴾ على الحال من الفاعل؛ لأنه يلزم وصفه تعالى بالكيفية، وهو غير جائز اهـ "شهاب".
وقرأ السلمي: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ - بسكون الراء - وهو جزم بعد جزم، ونُقل عن صاحب "اللوامح": ﴿ترأ﴾ بهمزأ مفتوحة مع سكون الراء على الأصل، وهي لغة لتيم، ذكره في "البحر".
﴿بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾. وهم أبرهة بن الصباح الأشرم الحبشي ملك اليمن وقومه، ومعنى أبرهة بلسان الحبشة: الأبيض الوجه، ولُقّب بالأشرم؛ لأنه قُطع حاجبه وأنفه وعينه وشفته؛ أي: شُقَّت وخدشت كما سيأتي في القصة، وقيل: لأن أباه ضربه بحربة فشرم أنفه وجبينه، والمراد بالفيل: هو الفيل الأعظم الذي اسمه محمود، وكنيته أبو العباس، كما سيجيء، ونسبوا إليه؛ لأنه مقدمهم، وهو الذي برك وضربوه في رأسه فأبى، وكان معه اثنا عشر فيلًا، وقيل ثمانية عشر، وقيل ألف، وأفرده حينئذ موافقة لرؤوس الآي، أو لكونه نسبهم إلى الفيل الأعظم الذي يقال
(٢) الصاوي.
فإن قيل: اتحاد السنة بأن يكون وقوع القصة عام المولد أمر اتفاقي لا يمنع عن كون الواقعة لتعظيم الكعبة، قلنا شرفها أيضًا بشرف مكانه - ﷺ -، ألا ترى أنه تعالى كيف قيَّد الإقسام بالبلد بحلوله - ﷺ - فيه، حيث قال ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (٢)﴾.
قال في "فتح الرحمن": كان هذا عام مولد النبي - ﷺ -، في نصف المحرم، ووُلد - ﷺ - في شهر ربيع الأول، فبين الفيل ومولده - ﷺ - خمس وخمسون ليلة، وهي سنة: ستة آلاف ومئة وثلاث وستين من هبوط آدم عليه السلام على حكم التواريخ اليونانية المعتمدة عند المؤرخين، وبين قصة الفيل والهجرة الشريفة النبوية ثلاث وخمسون سنة والتاريخ الآن سبعة آلاف وست مئة وأربع وعشرون من هبوط آدم عليه السلام على ما أرخه اليونانيون هو الأصح. والمقصود من ذكر القصة إما تسلية النبي - ﷺ - بأنه سيجزي من يظلمه، كما جزى من قصد الكعبة، وإما تهديد الظلمة،
(٢) روح البيان.
ومعنى الآية: أي ألم تعلم (١) يا محمد الحال العجيبة والكيفية الهائلة الدالة على عظم قدرة الله تعالى وكمال علمه وحكمته فيما فعل بأصحاب الفيل الذين قصدوا هدم البيت الحرام، فتلك حال قد جاءت على غير ما يُعرف من الأسباب والعلل؛ إذ لم يُعهد أن يجيء طير في جهة، فيقصد قومًا دون قوم، وهم معهم في جهة واحدة، فذلك أمارة على أنه من صنع حكيم مدبر بعثه لإنفاذ مقصد معين.
وإنما عبر عن العلم بالرؤية؛ للإيماء إلى أن الخبر بهذا القصصى متواتر مستفيض، فالعلم به مساو في قوة الثبوت مع الوضوح للعلم الناشىء عن الرؤية والمشاهدة.
وخلاصة ذلك: أنك قد علمت ذلك علمًا واضحًا لا لبس فيه ولا خفاء،
٢ - ثم بيَّن الحال التي وقع عليها فعله، فقال: ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ﴾ ربك يا محمد: ﴿كَيْدَهُمْ﴾ ومكرهم وسعيهم في تخريب الكعبة واستباحة أهلها ﴿في تَضْلِيلٍ﴾ وخيبة وخسران فيما قصدوا إليه حتى لم يصلوا إلى البيت، ولا إلى ما أرادوا بكيدهم، والهمزة (٢) فيه للاستفهام التقريري، كأنه قال: قد جعل كيدهم في تضليل، والكيد: هو إرادة المضرة بالغير؛ لأنهم أرادوا أن يكيدوا قريشًا بالقتل والسبي، ويكيدوا البيت الحرام بالتخريب والهدم، ويقال: ضلل كيده إذا جعله ضالًا ضائعًا، ونحوه قوله تعالى: ﴿وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ وضل الماء في اللبن، إذا ذهب وغاب، وقيل لامرىء القيس: الضليل؛ لأنه ضلل ملك أبيه؛ أي: ضيّعه، والمعنى (٣): قد جعل مكرهم وحيلتهم في تعطيل الكعبة عن الزوار وتخريبها في تضييعٍ وإبطالٍ بأن أهلكهم أشنع إهلاك، وجزاهم بعد إهلاكهم بمثل ما قصدوا حيث خرَّب كنيستهم.
قال في "إنسان العيون": لما أُهلك صاحب الفيل وقومه.. عزت قريش وهابتهم الناس كلهم، وقالوا: هم أهل الله؛ لأن الله معهم، ومُزقت الحبشة كل ممزق، وخُرّب ما حول تلك الكنيسة التي بناها أبرهة بصنعاء، فلم يعمرها أحد، وكثرت حولها السباع والحيات ومردة الجن، وكل من أراد أن يأخذ منها شيئًا
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.
٣ - وقوله: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ﴾؛ أي: على أصحاب الفيل ﴿طَيْرًا﴾ معطوف (١) على قوله: ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ﴾؛ لأن الهمزة فيه للاستفهام التقريري كما سبق، فيكون في معنى الإثبات، والتقدير: فجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرًا ﴿أَبَابِيلَ﴾ صفة أولى لـ ﴿طَيْرًا﴾؛ أي: طيرًا أقاطيع؛ أي: جماعات يتبع بعضها بعضًا؛ لأنها كانت أفواجًا، فوجًا بعد فوج، متتابعة، بعضها على إثر بعض، أو من هاهنا وهاهنا، جمع أَبَّالة مشددة، وحكي تخفيفه، وهي الحزمة الكبيرة من الحطب، شُبِّهت بها الجماعة من الطير في تضامها، وقيل: ﴿أَبَابِيلَ﴾: مفرد، كعباديد، ومعناه: الفِرَق من الناس الذاهبون في كل وجه، وكشماطيط، ومعناه: القطع المتفرقة، وفيه أنها لو كانت مفردات لأشكل قول النحاة أن هذا الوزن من الجمع يُمنع صرفه؛ لأنه لا يوجد في المفردات.
قال النحاس: وحقيقته أنها جماعات عظام، يقال: فلان تَوَبَّل على فلان؛ أي: تعظم عليه وتكبر، وهو مشتق من الإبل، وهو من الجمع الذي لا واحد له. اهـ، وقال بعضهم: واحدهُ إبَّوْل، مثل عِجَّول لغة في العجل، وقال بعضهم: أبيل، قال الواحدي: ولم نر أحدًا يجعل لها واحدًا، قال الفراء: لا واحد له من لفظه، وزعم الرؤاسي، وكان ثقة: أنه سُمع في واحدها: أبَّالة مشددًا وحكى الفراء أيضًا أبالة بالتخفيف.
قال سعيد بن جبير: كانت طيرًا من السماء لم ير قبلها ولا بعدها قال قتادة: هي طير سود جاءت من قبل البحر فوجًا فوجًا مع كل طائر ثلاثة أحجار، حجران في رجليه وحجر في منقاره، لا يصيب شيئًا إلا هشمه، وقيل: كانت طيرًا خضرًا خرجت من البحر لها رؤوس كرؤوس السباع، وقيل: كان لها خراطيم كخراطيم الفيل، وأكف كأكف الكلاب، وأنيابها جاءت من جهة البحر ليست نجدية ولا
٤ - وقوله: ﴿تَرْمِيهِمْ﴾ صفة أخرى لـ ﴿طَيْرًا﴾، وقرأ الجمهور (١): ﴿تَرْمِيهِمْ﴾ بالتاء، والطير اسم جمع يؤنث، كما في هذه القراءة، ويذكَّر كما في القراءة الآتية، وقرأ أبو حنيفة وأبو معمر وعيسى وطلحة في رواية عنه وابن يعمر: ﴿يرميهم﴾ بالتحتية؛ لأن اسم الجمع يذكر ويؤنث كما مر آنفًا، وقيل الضمير في ﴿يرميهم﴾ على هذه القراءة عائد على ﴿رَبُّكَ﴾ عَزَّ وَجَلَّ. ﴿بِحِجَارَةٍ﴾: جمع (٢) حجر بالتحريك بمعنى الصخرة، ويقال: رمى الشيء ورمى به ألقاه، ﴿مِنْ سِجِّيلٍ﴾؛ أي: من طين متحجر، وهو الآجر معرب من سَنْكِ وكِلْ، وقال بعضهم: متحجر من هذين الجنسين، وهما سنج الذي هو الحجر وجيل الذي هو الطين، أو هوْ عَلَم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار، كما أن سجينا علم للديوان الذي تُكتب فيه أعمالهم، كأنه قيل بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدون، واشتقاقه من الإسجال، وهو الإرسال.
قال في "الصحاح": قالوا هي حجارة من طين طُبخت بنار جهنم مكتوب فيها أسماء القوم، قال عبد الرحمن بن أبزى: ﴿مِنْ سِجِّيلٍ﴾ من السماء، وهي الحجارة التي نزلت على قوم لوط، وقيل: من الجحيم التي هي سجين، ثم أُبدلت النون لامًا، ومنه قول ابن مقبل:
وَرُفْقَةٍ يَضْرِبُوْنَ الْبِيْضَ ضَاحِيَةً | ضَرْبًا تَوَاصَتْ بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّيْلَا |
(٢) روح البيان.
والمعنى: أي إنه تعالى (١) أرسل عليهم فرقًا من الطير تحمل حجارة يابسة سقطت على أفراد الجيش، فابتُلي بمرض الجدري، أو الحصبة حتى هلكوا، وقد يكون هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض، أو تكون هذه الحجارة من الطين اليابس المسموم الذي تحمله الرياح، فيعلق بأرجل هذا الطير، فإذا اتصل بجسم دخل في مسامه، فأثار فيه قروحًا تنتهي بإفساد الجسم وتساقط لحمه، ولا شك أن الذباب يحمل كثيرًا من جراثيم الأمراض، فوقوع ذبابة واحدة ملوثة بالمكروب على الإنسان كافية في إصابته بالمرض الذي يحمله، ثم هو ينقل هذا المرض إلى الجم الغفير من الناس، فإذا أراد الله أن يُهلك جيشًا كثير العدد ببعوضة واحدة.. لم يكن ذلك بعيدًا عن مجرى الإلف والعادة، وهذا أقوى في الدلالة على قدرة الله وعظيم سلطانه من أن يكون هلاكهم بكبار الطيور وغرائب الأمور، وأدل على ضعف الإنسان وذله أمام النهر الإلهي، وكيف لا وهو مخلوق تبيده ذبابة، وتقض مضجعه بعوضة، ويؤذيه هبوب الريح.
قال الإِمام: فهذا الطاغية الذي أراد أن يهدم البيت أرسل الله عليه ما يوصل إليه مادة الجدري أو الحصبة، فأهلكته وأهلكت قومه قبل أن يدخل مكة، وهي نعمة من الله غمر بها أهل حرمه على وثنيتهم حفظًا لبيته حتى يُرسل إليه من يحميه بقوة دينه - ﷺ -، وإن كانت نقمة من الله حلت بأعدائه أصحاب الفيل الذين أرادوا الاعتداء على البيت بدون جرم اجترمه ولا ذنب اقترفه اهـ.
٥ - وقوله: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)﴾ معطوف على ﴿أرسل﴾؛ أي: فجعل ربك أولئك الأقوام الذين قصدوا بيته المشرف، يعني: أصحاب الفيل كعصف؛ أي: كزرع مأكول؛ أي: كزرع وقع فيه الأكال، وهو السوس الدود المعروف الذي يأكل الحبوب حتى يصير دقيقًا، والكلام على حذف مضاف؛ أي: كحب (٢) زرع مأكول حبه، وسُمي ورق الزرع بالعصف؛ لأن شأنه أن يُقطع، فتعصفه الرياح؛ أي: تذهب به إلى هنا وهاهنا، شبههم به في فنائهم وذهابهم بالكلية، أو من حيث إنه حدثت فيهم بسبب رميهم منافذ وشقوق كالزرع الذي أكله الدود، ويجوز أن
(٢) روح البيان.
قال بعضهم: من كان اعتماده على غير الله أهلكه الله بأضعف خلقه، ألا ترى أصحاب الفيل لما اعتمدوا على الفيل من حيث أنه أقوى خلق الله تعالى بأضعف خلق من خلقه، وهو الطير.
وقرأ الجمهور (١): ﴿مَأْكُولٍ﴾ بسكون الهمزة وهو الأصل؛ لأنه صيغة مفعول من فعل، وقرأ أبو الدرداء فيما نقل ابن خالويه بفتح الهمزة إتباعًا لحركة الميم وهو شاذ، وهذا كما أتبعوا في قولهم: محموم بفتح الحاء لحركة الميم.
المعنى الإجمالي لهذه السورة: ذكَّر الله (٢) سبحانه نبيه ومَن تبلغه رسالته بعمل عظيم دال على بالغ قدرته، وأن كل قدرة دونها فهي خاضعة لسلطانها، ذاك أن قومًا أرادوا أن يتعززوا بفيلهم ليبلغوا بعض عباده على أمرهم، ويصلوا إليهم بشر وأذى، فأهلكهم الله تعالى ورد كيدهم، وأبطل تدبيرهم بعد أن كانوا في ثقة بعددهم وعددهم، ولم يفدهم ذلك شيئًا.
قصص أصحاب الفيل كما رواه أرباب السير
حادث الفيل معروف متواتر لدى العرب، حتى إنهم جعلوه مبدأ تاريخ يحددون به أوقات الحوادث، فيقولون: وُلد في عام الفيل، وحدث كذا لسنتين بعد عام الفيل، ونحو ذلك، وخلاصة ما أجمع عليه رواتهم كما سيأتي بسطه: أن قائدًا
(٢) المراغي.
فصل
وحاصل تفصيل قصة أصحاب الفيل: أن ملك (١) حمير وما حولها وهو ذو نواس اليهودي لما أحرق المؤمنين بنار الأخدود ذات الوقود على ما سبق في سورة البروج.. هرب رجل منهم إلى ملك الحبشة، وهو أصحمة بن بحر النجاشي - بتخفيف الياء - جد النجاشي الذي آمن بالنبي - ﷺ - وأخبره بذلك، وحرّضه على قتال ذي نواس، فبعث أصحمة سبعين ألفًا من الحبشة إلى اليمن، وأمَّر عليها أرياطًا، ومعه في جنده أبرهة بن الصباح الأشرم، فركبوا البحر حتى نزلوا ساحلًا مما يلي أرض اليمن، وهزم أرياط ذا نواس، وقتله في المعركة، أو ألقى هو نفسه في البحر فهلك، واستمر أمر أرياط في أرض اليمن زمانًا، وأقام فيها سنين في سلطانه ذلك، ثم نازعه أبرهة في أمر الحبشة، فكان من أمراء الجند، فتفرقت الحبشة فرقتين فرقة مع أرياط وفرقة مع أبرهة، فكان الأمر على ذلك إلى أن سار أحدهما إلى الآخر، فلما تقارب الفرقتان للقتال.. أرسل أبرهة إلى أرياط أنك لا تفعل شيئًا بأن تُغري الحبشة بعضها ببعض حتى تفنيها، فابرز لي وأبرز لك، فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده، فأرسل إليه أرياط أن قد أنصفت فأخرج، فخرج
وفي "إنسان العيون": واجتهد في زخرفتها، فجعل فيها الرخام المجذع، والحجارة المنقوشة بالذهب، وكان ينقل ذلك من قصر بلقيس صاحبة سليمان عليه السلام، وجعل فيها صلبانًا من الذهب والفضة، ومنابر من العاج والأبنوس، وسماها القُلَيْس - كجميز - لارتفاع بنائها وعلوها، ومنها القلانيس؛ لأنها في أعلى الرأس، وأراد أن يصرف إليها الحجاج، وكتب أبرهة إلى النجاشي: أيها الملك إني بنيت لك كنيسة لم يُبْنَ مثلها لملك قبلك، ولست أرضى حتى أصرف إليها حجاج العرب، فلما تحدث العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي غضب رجل من بني كنانة يقال له: مالك بن كنانة، فخرج لها ليلًا، فدخل إليها فقعد فيها، ولطخ بالعذرة قبتها، فبلغ ذلك أبرهة، فقال: من اجترأ علي؟ فقيل له: صنع ذلك رجل من العرب من أهل ذلك البيت قد سمع بالذي قلت، فحلف أبرهة عند ذلك ليسيرن
وفي "القاموس": المغمس - كمعظم ومحدث - موضع بطريق الطائف، فيه قبر أبي رغال، دليل أبرهة، وُيرجم، وبعث أبرهة رجلًا من الحبشة، يقال له: الأسود بن مسعود مقدمة خيله، وأمره بالغارة على نَعَم الناس، فجمع الأسود إليه أموال أصحاب الحرم، وأصاب لعبد المطلب مئتي بعير، ثم إن أبرهة أرسل حناطة الحميري إلى أهل مكة، وقال له: سل عن شريفها، ثم أبلغه ما أرسلك به إليه أخبره أني لم آت لقتال، إنما جئت لإهدام هذا البيت، فانطلق حتى دخل مكة، فلقي عبد المطلب، فقال له: إن الملك أرسلني لأخبرك أنه لم يأت لقتال، ولا أن تقاتلوه، وإنما جاء لهدم هذا البيت، ثم الانصراف عنكم، فقال عبد المطلب: ما له عندنا قتال، ولا لنا يد أن ندفعه عما جاء له، فإن هذا بيت الله الحرام، وبيت إبراهيم خليله عليه السلام، فإن يمنعه فهو بيته وحرمه، وإن يحل بينه وبين ذلك، فوالله ما لنا بدفعه قوة، قال: فانطلق معي إليه، فزعم بعض العلماء أنه أردفه على بغلة كان عليها، وركب معه بعض بنيه حتى قدم العسكر، وكان ذو نفر صديقًا لعبد المطلب، فقال: ياذا نفر هل عندك من غناء؟ أي: نفع فيما نزل بنا، قال: أنا رجل أسير، لا آمن أن أقتل بكرة أو عشية، ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل،
لَاهُمُّ إِنَّ أثمَرْءَ يَمْـ | ـنَعُ رَحْلَهُ فَامْنَعْ حِلَالَكْ |
فَانْصُرْ عَلَى آلِ الصَّلِيْـ | ـبِ وَعَابِدِيْهِ الْيَوْمَ آلَكْ |
لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيْبُهُمْ | وَمِحَالُهُمْ غَدْوًا مِحَالَكْ |
إِنْ كُنْتَ تَارِكَهُمْ وَكَعْـ | ـبَتَنَا فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكْ |
يَا رَبِّ لَا أَرْجُوْ لَهُمْ سِوَاكا | يَا رَبِّ فَامْنَعْ مِنْهُمُ حِمَاكا |
إِنَّ عَدُوَّ الْبَيْتِ مَنْ عَادَاكَا | امْنَعْهُمُ أَنْ يَخَرُبُوَا حِمَاكا |
فلما فرغ من دعائه توجه في بعض تلك الوجوه مع قومه، وأصبح أبرهة بالمغمَّس قد تهيأ للدخول وهيأ جيشه، وهيأ فيله، وكان فيلًا لم ير مثله في العظم والقوة، ويقال: كانت الأفيال اثني عشر فيلًا، فأقبل أنيس إلى الفيل الأعظم، ثم أخذ بأذنه وقال له: ابرك محمودًا وارجع رشيدًا، فإنك ببلد الله الحرام، فبرك، فبعثوه فأبى، فضربوه بالمعول في رأسه، فأدخل محاجنه تحت مراقه ومرافقه، ففزعوه ليقوم، فأبى، فوجهوه راجعًا إلى اليمن، فقام يهرول، ووجهوه إلى قدامه ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك، فصرفوه إلى الحرم فبرك وأبى، وخرج أنيس يشتد حتى صعد الجبل، وأرسل الله سبحانه طيرًا من البحر مثل الخطاطيف، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار، حجران في رجليه وحرج في منقاره، أكبر من العدسة وأقل من الحمصة، فلما غشيت القوم أرسلتها عليهم، فلم تُصب تلك الحجارة أحدًا إلا هلك، وخرجوا هاربين لا يهتدون إلى الطريق الذي جاءوا منه، وصرخ القوم وماج بعضهم في بعض يتساقطون بكل طريق، ويهلكون على كل منهل، وبعث الله على أبرهة داء في جسده فجعل تتساقط أنامله، كلما سقطت أنملة أتبعها المدة من قيح ودم، فانتهى إلى صنعاء، وهو مثل فرخ الطير، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه، ثم هلك وانفلت وزيره أبو يكسوم، وطائره فوق رأسه حتى وقف بين يدي النجاشي، فلما أخبره الخبر سقط عليه الحجر، فمات بين يديه، وأما محمود فيل النجاشي فربض، ولم يشجع على الحرم، فنجا لما وقع منه من الفعل الجميل الذي لم يقع مثله من العقلاء، ولذا قال البوصيري في همزيته:
كَمْ رَأَيْنَا مَا لَيْسَ يَعْقِلُ أُلْهِـ | ـمَ مَا لَيْسَ يُلْهَمُ الْعُقَلَاءُ |
إِذْ أَبَى الْفِيْلُ مَا أَتَى صَاحِبُ الْفِيْـ | ـلِ وَلَمْ يَنْفَعِ الْحِجَا وَالذَّكَاءُ |
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)﴾.
﴿أَلَمْ﴾: ﴿الهمزة﴾: للاستفهام التقريري، و ﴿لم﴾: حرف نفي وجزم. ﴿تَر﴾: فعل مضارع مجزوم بـ ﴿لم﴾ وعلامة جزمه حذف حرف العلة وفاعله ضمير مستتر يعود على محمد - ﷺ - أو على كل من يصلح للخطاب، والجملة مستأنفة، ﴿كَيْفَ﴾: اسم استفهام في محل النصب على المصدرية والعامل فيه ما بعده؛ لأنه في تقدير أيَّ فعلِ فَعَل ربك، ﴿فَعَلَ رَبُّكَ﴾: فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل النصب سدت مسد مفعولي ﴿تَرَ﴾ معلقة عنها، بالاستفهام لأن الرؤية هنا قلبية ﴿بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ ﴿فَعَلَ﴾. ﴿أَلَمْ﴾: ﴿الهمزة﴾: للاستفهام التقريري، ﴿لم﴾: حرف جزم. ﴿يَجْعَلْ﴾: فعل مضارع مجزوم بـ ﴿لم﴾، وفاعله ضمير يعود على ﴿رَبُّكَ﴾ ﴿كَيْدَهُمْ﴾: مفعول به أول. ﴿في تَضْلِيلٍ﴾: في موضع المفعول الثاني، والجملة مستأنفة إنشائية لا محل لها من الإعراب. ﴿وَأَرْسَلَ﴾: فعل، وفاعل مستتريعود على الله معطوف على ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ﴾: لأن الاستفهام فيه تقريري، فيكون المعنى: قد جعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم إلخ. ﴿عَلَيْهِمْ﴾: متعلق بـ ﴿أَرْسَلَ﴾. ﴿طَيْرًا﴾: مفعول به. ﴿أَبَابِيلَ﴾: صفة أولى لـ ﴿طَيْرًا﴾؛ لأنه اسم جمع مجرور بالفتحة؛ لأنه اسم لا ينصرف؛ لكونه على صيغة منتهى المجموع. ﴿تَرْمِيهِمْ﴾: فعل، وفاعل مستتر يعود على ﴿طَيْرًا﴾ ومفعول به. ﴿بِحِجَارَةٍ﴾: متعلق بـ ﴿تَرْمِيهِمْ﴾، والجملة الفعلية في محل النصب صفة ثانية لـ ﴿طَيْرًا﴾. ﴿مِنْ سِجِّيلٍ﴾: صفة لـ ﴿حجارة﴾. ﴿فَجَعَلَهُمْ﴾: ﴿الفاء﴾: عاطفة، ﴿جعلهم﴾: فعل، وفاعل مستتر يعود على الله ومفعول أول معطوف على ﴿أرسل﴾. ﴿كَعَصْفٍ﴾: في موضع المفعول الثاني. ﴿مَأْكُولٍ﴾: صفة لـ ﴿عصف﴾.
التصريف ومفردات اللغة
﴿أَلَمْ تَرَ﴾ وأصل ﴿تَرَ﴾: تَرْأَي بوزن تفعل، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فصارت ألفًا لفظًا، وياءً خطًا، ونقلوا فتحة الهمزة إلى الراء وأسقطوها تخفيفًا؛ لأن
﴿الْفِيلِ﴾ حيوان من أضخم الحيوانات جسمًا، له خرطوم طويل يرفع به العلف والماء إلى فمه ويضرب به، وهو مع عظم جسمه ضعيف يخاف من السنور ويفزع منه، ومعنى بروك الفيل في القصة السابقة: سقوطه على الأرض لما جاءه من أمر الله، أو لزوم موضعه كالذي برك، وإلا فالفيل لا يبرك، كما قال عبد اللطيف البغدادي: الفيلة تحمل سبع سنين، وإذا تم حملها وأرادت الوضع دخلت النهر حتى تضع ولدها؛ لأنها تلد وهي قائمة ولا فواصل لقوائمها، فتلد والذكر عند ذلك يحرسها وولدها من الحيتان. انتهى.
وقال بعضهم: الفيل صنفان صنف لا يبرك وصنف يبرك كالجمل، انتهى، ويُجمع على أفيال وفِيْلة وفيول، ومؤنثه فِيْلة، والفيل أيضًا الخسيس الثقيل، وداء الفيل مرض يحدث منه غلظ كثيف في القدم والساق، تتخلله عجر صغيرة ناتئة، والفيَّال صاحب الفيل، والجمع فيالة، وقال الرأي وفائله وفيله ضعيفه، والفيالة ضعيف الرأي.
﴿كَيْدَهُمْ﴾ والكيد: إرادة وقوع ضرر بغيرك على وجه الخفاء.
﴿في تَضْلِيلٍ﴾ والتضليل: التضييع والإبطال، تقول: ضلَّلت كيد فلان إذا جعلته
﴿طَيْرًا﴾ والطير: كل ما طار في الهواء صغيرًا كان أو كبيرًا، وهو اسم جنس يذكر ويؤنث.
﴿أَبَابِيلَ﴾ قال ابن خالويه: وأبابيل نعت للطير؛ أي: جماعات جماعات، جمع إبَّوْلٍ مثل عجَّول وعجاجيل، والعِجَّول - بوزن سكيت - لغة في العجل ولد البقرة، وقال أبو جعفر الرؤاسي: واحدتها أبيل، وقال آخرون: أبابيل لا واحد لها، ومثلها أساطير، والإبِّيل في غير هذا الموضع الراهب، والوبيل العصا، يقال: رأيت إبِّيلًا؛ أي: راهبًا متكئًا على وبيل يسوق أفيلًا، والأفيل ولد الناقة، قال عدي:
أَبْلِغِ النُّعْمَانَ عَنِّيْ مَأْلَكًا | قَوْلَ مَنْ خَافَ آظّنانًا وَاعْتَذَرْ |
إِنَّنِيْ وَاللهِ فَأقْبَلْ حَلِفِيْ | بِإِبيْلٍ كُلَّمَا صَلى جَأَرْ |
﴿مِنْ سِجِّيلٍ﴾ والسجيل: طين مطبوخ محرق كالآجر، واشتقاقه من الإسجال، وهو الإرسال كما مر؛ لأن العذاب موصوف بذلك.
﴿كَعَصْفٍ﴾ والعصف: ورق الزرع الذي يبقى بعد الحصاد، وتعصفه الرياح فتأكله الماشية.
﴿مَأْكُولٍ﴾؛ أي: أكلت الدواب بعضه، وتناثر الآخر من بين أسنانها.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستفهام التقريري التعجيبي في قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ﴾.
ومنها: الإضافة في قوله: ﴿فَعَلَ رَبُّكَ﴾؛ لتشريف المضاف إليه النبي - ﷺ -، وفيه التعبير بعنوان الربوبية، إشارة بشأن قدرة الله سبحانه وتعالى.
ومنها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)﴾؛ لأن فيه ذكر الأداة، وحذف وجه الشبه حيث شبههم في فنائهم وذهابهم بالكلية بورق الزرع المأكول؛ لأن شأنه أن يقطع فتعصفه الرياح؛ أي: تذهب به إلى هاهنا وهاهنا، أو شبههم بزرع أُكِل حَبُّه في ذهاب أرواحهم، وبقاء أجسادهم، فالكلام على حذف مضاف؛ أي: كعصف مأكول الحب، كما مر.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع (١).
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب
* * *
سورة قريش مكية عند الجمهور، وقال الضحاك والكلبي هي مدنية نزلت بعد سورة التين، ويقال لها: سورة لإيلاف قريش.
وهي أربع آيات، وسبع عشرة كلمة، ثلاثة وسبعون حرفًا.
مناسبتها لما قبلها (١): أن كلًّا من السورتين تضمن ذكر نعمة من نعم الله تعالى على أهل مكة، فالأولى تضمنت إهلاك عدوهم الذي جاء لهدم بيتهم، وهو أساس مجدهم وعزهم، والثانية ذكرت نعمة أخرى، وهي اجتماع أمرهم والتئام شملهم؛ ليتمكنوا من الارتحال صيفًا وشتاءً في تجارتهم، وجلب المبرة لهم، ولوثيق الصلة بين السورتين كان أبي بن كعب يعتبرهما سورة واحدة، حتى روي عنه أنه لم يفصل بينهما ببسملة، وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن هاتين إنما هما سورة واحدة فصل بينهما بالبسملة، وقالوا: إن هذه السورة متعلقة بالتي قبلها، وأن ﴿اللام﴾ في قوله: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١)﴾ متعلقة بقوله: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)﴾؛ أي: إنه أرسل الجماعة من الطير على أصحاب الفي، ترميهم بالحجارة حتى أصيبوا وهلكوا ودمروا، وقد فعل ذلك كله فيهم لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف.
ومن قال: إنهما سورة واحدة قال: إن الفصل بالبسملة إنما هو لإظهار العناية بما احتوت عليه كل سورة من السورتين، حتى إن كل جملة مما حوتا يصح أن تقصد لذاتها، وما تضمنته سورة قريش جدير بالعناية؛ لأن الخطاب والتذكير كان لهم، وهم قوم النبي - ﷺ - والسامعون لدعوته والحاملون لرسالته المبشرون بها، فحق لهم أن يفصل ما يختص بهم عما قبله بفاصل يلتفت الذهن إليه وان كان مرتبطًا به، والأصح أنهما سورتان منفصلتان.
قال ابن جرير: الصواب أن ﴿اللام﴾ لام التعجب، كأنه يقول: اعجبوا
ونقل الإِمام الطبري في "تفسيره" قال: قال عمرو بن ميمون الأزدي: صليت المغرب خلف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقرأ في الركعة الأولى سورة والتين والزيتون، وفي الثانية ألم تر كيف ولإيلاف قريش، وسميت سورة قريش، لذكر لفظ قريش فيها، وقال محمد بن حزم - رحمه الله تعالى -: سورة قريش كلها محكم لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
فضائلها: ومما يدل على فضلها: ما أخرجه (١) البخاري في "تاريخه" والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أم هانىء بنت أبي طالب - رضي الله عنها - أن رسول الله - ﷺ - قال: "فضَّل الله قريشًا بسبع خصال لم يعطها أحدًا قبلهم، ولا يعطيها أحدًا بعدهم: أني فيهم، - وفي لفظٍ: النبوةُ فيهم -، والخلافة فيهم، والحجابة فيهم، والسقاية فيهم، ونصروا على الفيل، وعبدوا الله سنين - وفي لفظ عشر سنين - لم يعبده أحد غيرهم، ونزلت فيهم سورة من القرآن لم يُذكر فيها أحد غيرهم ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١)﴾ " وفيه إشارة إلى أنهم سبب نزولها، قال ابن كثير هو حديث غريب، ويشهد له ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" وابن مردويه وابن عساكر عن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله - ﷺ -: "فضل الله قريشًا بسبع خصال: فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده إلا قريش، وفضلهم بأنه نصرهم يوم الفيل وهم مشركون، وفضلهم بأنها نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيها أحد من العالمين غيرهم، وهي: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١)﴾ "، وفضلهم بأن فيهم النبوة والخلافة والسقاية، وأخرج الخطيب في "تاريخه" عن سعيد بن المسيب مرفوعًا نحوه، وهو مرسل.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *