ﰡ
﴿قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ التى تُجَادِلُكَ﴾ تحاورك وقرئ بها وهي خولة بنت ثعلبة امرأة أوس ابن الصامت أخي عبادة رآها وهي تصلي وكانت حسنة الجسم فلما سلمت راودها فأبت فغضب فظاهر منها فأتت رسول الله ﷺ فقالت ان اوساتزوجني وأنا شابة مرغوب في فلما خلاسني ونثرت بطني أي كثر ولدي جعلني عليه كأمه ورُوي أنها قالت إن لي صبية صغاراً إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلى جاءوا فقال ﷺ ما عندي في أمرك شيء وروي أنه قال لها حرمت عليه فقال يا رسول الله ما ذكر طلاقاً وإنما هو أبو ولدي وأحب الناس إليّ فقال حرمت عليه فقال اشكوا إلى الله فاتقى ووجدي كلما قال رسول الله ﷺ حرمت عليه هتفت وشكت فنزلت ﴿فِى زَوْجِهَا﴾ في شأنه ومعناه ﴿وَتَشْتَكِى إِلَى الله﴾ تظهر ما بها من المكروه ﴿والله يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما﴾
﴿الذين يظاهرون﴾ عاصم يظَّهرون حجازي وبصري غيرهم يظاهرون وفي ﴿مّنكُمْ﴾ توبيخ للعرب لأنه كان من أيمان أهل جاهليتهم خصة دون سائر الأمم ﴿مِن نّسَائِهِمْ﴾ زوجاتهم ﴿مَّا هن أمهاتهم﴾ أمهاتهم الفضل الأول حجازي والثاني تميمي ﴿إِنْ أمهاتهم إِلاَّ اللائي ولدنهم﴾ يريدان الامهات على الخفيفة الوالدات والمرضعات ملحقات بالوالدات بواسطة الرضاع وكذا ازواج رسول الله ﷺ لزيادة حرمتهن وأما
فأبعد شيء من الأمومة فلذا قال ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مّنَ القول﴾ تنكره الحقيقة والأحكام الشرعية ﴿وَزُوراً﴾ وكذباً باطلاً منحرفاً عن الحق ﴿وَإِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ لما سلف منهم
﴿والذين يظاهرون مِن نّسَائِهِمْ﴾ بين في الآية الأولى أن ذلك من قائله منكر وزور بين في الثانية حكم الظهار ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ﴾ العود الصيرورة ابتداء أو بناء فمن الأول قوله تعالى حتى عَادَ كالعرجون القديم ومن الثاني وان عدتم عدنا ويعدى بنفسه كقولك عدته إذا أتيته وصرت اليه وبحرف الجر بالي وعلى وفي واللام كقوله وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا لما نهوا عنه ومنه ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ أي يعودون لنقض ما قالوا أو تداركه على حذف المضاف وعن ثعلبة يعودون لتحليل ما حرموا على حذف المضاف أيضاً غير أنه أراد بما قالوا ما حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار تنزيلاً للقول منزلة المقول فيه كقوله وترثه ما يقول أراد المقول فيه وهو المال والولد ثم اختلفوا أن النقض بماذا يحصل فعندنا بالعزم على الوطء وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة وعند الشافعي بمجرد الإمساك وهو أن لا يطلقها عقيب
﴿فمن لم يجد﴾ القربة ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ﴾ فعليه صيام شهرين ﴿مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ﴾ الصيام ﴿فَإِطْعَامُ﴾ فعليه إطعام ﴿سِتّينَ مِسْكِيناً﴾ لكل مسكين نصف صاع من برا وصاع من غيره ويجب أو يقدمه على المسيس ولكن لا يستأنف إن جامع في خلال الإطعام ﴿ذلك﴾ البيان والتعليم للأحكام ﴿لّتُؤْمِنُواْ﴾ لتصدقوا ﴿بالله وَرَسُولِهِ﴾ في العمل بشرائعه التي شرعها من الظهار وغيره ورفض ما كنتم
عليه في جاهليتكم ﴿وَتِلْكَ﴾ أي الأحكام التي
﴿إِنَّ الذين يُحَادُّونَ الله وَرَسُولَهُ﴾ يعادون ويشاقون ﴿كُبِتُواْ﴾ أخزوا وأهلكوا ﴿كَمَا كُبِتَ الذين مِن قبلهم﴾ من اعداء الرسل ﴿وقد أنزلنا آيات بينات﴾ تدل على صدق الرسول وصحة ما جاء به ﴿وللكافرين﴾ بهذه الآيات ﴿عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ يذهب بعزهم وكبرهم
﴿يوم يبعثهم﴾ منصوب بمهين أو باضمارا ذكر تعظيماً لليوم ﴿الله جَمِيعًا﴾ كلهم لا يترك منهم احد غير مبعوث أو مجتمعين في حال واحدة ﴿فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ﴾ تخجيلاً لهم وتوبيخاً وتشهيراً بحالهم يتمنون عنده المسارعة بهم إلى النار لما يلحقهم من الخزي على رؤس الأشهاد ﴿أحصاه الله﴾ أحاط به عدداً لم يفته منه شيء ﴿ونسوه﴾ لانهم تهاونوا ونوابه حين ارتكبوه وإنما تحفظ معظمات الأمور ﴿والله على كل شيء شهيد﴾ لا يغيب عن شيء
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِى السماوات وَمَا فِى الأرض مَا يَكُونُ﴾ من كان التامة أي ما يقع ﴿مِن نجوى ثلاثة﴾ النجوى التناجي وقد أضيفت إلى ثلاثة أي من نجوى ثلاثة نفر ﴿إِلاَّ هُوَ﴾ أي الله ﴿رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أدنى﴾ ولا أقل ﴿مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ﴾ يعلم ما يتناجون به ولا يخفى عليه ما هم فيه وقد تعالى عن المكان علواً كبيراً وتخصيص الثلاثة والخمسة لأنها نزلت في المنافقين وكانوا يتحلقون للتناجي مغايظة للمؤمنين على هذين العددين وقيل ما يتناجى منهم ثلاثة ولا خمسة ولا أدنى من عدديهم ولا أكثر إلا والله معهم يسمع
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نُهُواْ عَنِ النجوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول﴾ كانت اليهود والمنافقون يتناجون فيما بينهم ويتغامرون فيما بينهم ويتغامرون بأعينهم إذا رؤوا المؤمنين ويريدون ان يغيظوهم ويؤهموهم في نجواهم وتغامزهم غلبوا وأن أقاربهم قتلوا فنهاهم رسول
الله ﷺ فعادوا لمثل فعلهم وكان تناجيهم بما هو إثم وعدوان للمؤمنين وتواص بمعصية الرسول ومخالفته وينجون حمزة وهو بمعنى الأول ﴿وإذا جاؤوك حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ الله﴾ يعني أنهم يقولون في تحيتك السام عليك والسام الموت والله تعالى يقول وسلام على عباده الذين اصطفى يا أيها الرسول ويا أيها النبي ﴿وَيَقُولُونَ فِى أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذّبُنَا الله بِمَا نَقُولُ﴾ أي يقولون فيما بينهم لو كان نبينا لعاقبنا الله بما نقوله فقال الله تعالى ﴿حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ﴾ عذاباً ﴿يَصْلَوْنَهَا﴾ حال أي يدخلونها ﴿فبئس المصير﴾ المرجع جهنم
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ بألسنتهم وهو خطاب للمنافقين والظاهر أنه خطاب للمؤمنين ﴿إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول﴾ أي إذا تناجيتم فلا تشبهوا باليهود والمنافقين في تناجيهم بالشر ﴿وتناجوا بالبر﴾ بأداء الفرائض والطاعات ﴿والتقوى﴾ وترك المعاصي ﴿واتقوا الله الذى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
﴿إِنَّمَا النجوى﴾ بالإثم والعدوان ﴿مِنَ الشيطان﴾ من تزينه ﴿لِيَحْزُنَ﴾ أي الشيطان وبضم الياء نافع ﴿الذين آمنوا وَلَيْسَ﴾ الشيطان أو الحزن ﴿بِضَارّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ الله﴾ بعلمه وقضائه وقدره ﴿وَعَلَى الله فليتوكل المؤمنون﴾ أي يوكلون أمرهم إلى اله ويستعيذون به من الشيطان
﴿يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس﴾ توسعوا فيه فِى المجالس عاصم ونافع والمراد مجلس رسول الله ﷺ وكانوا يتضامنون فيه تنافساً على القرب منه وحرصاً على استماع كلامه وقيل هو المجلس من مجالس القتال وهي مراكز الغزاة كقوله مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ مقاتل في صلاة الجمعة ﴿فافسحوا﴾ فوسعوا ﴿يَفْسَحِ الله لكم﴾ مطلق في كل ما ينبغي الناس الفسحة فيه من المكان والرزق ﴿فافسحوا﴾ فوسعوا ﴿يَفْسَحِ الله لَكُمْ﴾ مطلق في كل ما ينبغي الناس الفسحة فيها من المكان والرزق والصدر والقبر وغير ذلك ﴿وإذا قيل انشزوا﴾ انهضوا للتوسع على المقبلين أو انهضوا عن مجلس رسول الله ﷺ إذا أمرتم بالنهوض عنه أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير ﴿فَانشُزُواْ﴾ بالضم فيهما مدني وشامي وعاصم غير حماد ﴿يَرْفَعِ الله الذين آمنوا مِنكُمْ﴾ بامتثال أوامره وأوامر رسوله ﴿والذين أُوتُواْ العلم﴾ والعالمين منهم خاصة ﴿درجات والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ وفي
الدرجات قولان أحدهما في الدنيا في المرتبة والشرف والآخر في الآخرة وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه كان إذا قرأها يا أيها الناس اهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم وعن النبي ﷺ فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وعنه ﷺ عبادة العالم يوما واحدا تعدل عابدة العابد أربعين
﴿يا أيها الذين آمنوا إِذَا ناجيتم الرسول﴾ إذا أردتم مناجاته ﴿فَقَدّمُواْ بَيْنَ يَدَىْ نجواكم صَدَقَةً﴾ أي قبل نجواكم هي استعارة ممن له يدان كقول عمر رضي الله عنه من أفضل ما أوتيت العرب الشعر يقدمه الرجل أمام حاجته فيستمطر به الكريم ويستنزل به اللئيم يريد قبل حاجته ﴿ذلك﴾ التقديم ﴿خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ في دينكم ﴿وَأَطْهَرُ﴾ لأن الصدقة طهرة ﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ﴾ ما تتصدقون به ﴿فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ في ترخيص المناجاة من غير صدقة قيل كان لك عشر ليال ثم نسخ وقيل ما كان إلا ساعة من نهار ثن نسخ وقال علي رضي الله عنه هذه آية من كتاب الله ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي كان لي دينار فصرفته فكنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم وسألت رسول اله ﷺ عشر مسائل فأجابني عنها قلت يا رسول الله ما الوفاء قال التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله قلت وما الفساد قال الكفر والشرك بالله قلت وما الحق قال الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك قلت وما الحيلة قال ترك الحيلة قلت وما عليّ قال طاعة الله وطاعة رسوله قلت وكيف أدعو الله تعالى قال بالصدق واليقين قلت وماذا
﴿أأشفقتم أَن تُقَدّمُواْ بَيْنَ يَدَىْ نجواكم صدقات﴾ أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من الإنفاق الذي تكرهونه ﴿فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ﴾ ما أمرتم به وشق عليكم ﴿وَتَابَ الله عَلَيْكُمْ﴾ أي خفف عنكم وأزال عنكم المؤاخذة بترك تقديم الصدقة على المناجاة كما أزال المؤاخذة بالذنب عن التائب عنه ﴿فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله وَرَسُولِهُ﴾ أي فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات ﴿والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ وهذا وعد ووعيد
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ الله عليهم﴾
كان المنافقين يتولون اليهود وهم الذين غضب الله عليهم في قوله لعنة الله وغضب عليه وينقلون إليهم أسرار المؤمنين ﴿مَّا هُم مّنكُمْ﴾ يا مسلمون ﴿وَلاَ مِنْهُمْ﴾ ولا من اليهود كقوله مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هَؤُلاء ولا إلى هؤلاء ﴿وَيَحْلِفُونَ عَلَى الكذب﴾ أي يقولون والله إنا لمسلمون لا منافقون ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ أنهم كاذبون منافقون
﴿أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً﴾ نوعاً من العذاب متفاقماً ﴿إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ أي انهم في الزمان الماضي مصرين على سوء العمل أو هي حكاية ما يقال لهم في الآخرة
﴿اتخذوا أيمانهم﴾ الكاذبة ﴿جَنَّةُ﴾ وقاية دون أموالهم ودمائهم
﴿لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أموالهم وَلاَ أولادهم مِّنَ الله﴾ من عذاب الله ﴿شَيْئاً﴾ قليلاً من الأغنياء ﴿أُولَئِكَ أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون﴾
﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ﴾ أي لله في الآخرة أنهم كانوا مخلصين في الدنيا غير منافقين ﴿كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ﴾ في الدنيا على ذلك ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ﴾ في الدنيا ﴿على شَىْءٍ﴾ من النفع أو يحسبون أنهم على شئ من النفع بإيمانهم الكاذبة كما انتفعوا ههنا ﴿إنهم هم الكاذبون﴾ حيث اسوت حالهم فيه في الدنيا والآخرة
﴿استحوذ عَلَيْهِمُ الشيطان﴾ استولى عليهم ﴿فأنساهم ذِكْرَ الله﴾ قال شاه الكرماني علامة استحواذ الشيطان على العبد أن يشغله بعمارة ظاهره من المآكل والمشارب والملابس ويشغل قلبه عن التفكر في آلاء الله ونعمائه والقيام بشكرها ويشغل لسانه عن ذكر ربه بالكذب والغيبة والبهتان ويشغل لبه عن التفكر والمراقبة بتدبير الدنيا وجمعها ﴿أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشيطان﴾ جنده ﴿أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشيطان هُمُ الخاسرون﴾
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ الله وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِى الأذلين﴾ في جملة من هو أذل خلق الله تعالى لا ترى أحداً أذل منهم
﴿كتب الله﴾ في اللوح ﴿لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى﴾
بالحجة والسيف أو بأحدهما ﴿إِنَّ الله قَوِىٌّ﴾ لا يمتنع عليه ما يريد ﴿عَزِيزٌ﴾ غالب غير مغلوب
﴿لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر يوادون﴾ هو مفعول ثان لتجد أو حال أو صفة لقوما نجد بمعنى تصادف على هذا ﴿مَنْ حَادَّ الله﴾ خالفه وعاداه ﴿ورسوله﴾ أي من الممتع أن نجد قوما مؤمنين يوالون المشركون والمراد أنه لا ينبغي أن يكون ذلك وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال مبالغة في الزجر عن مجانبة أعداء الله ومباعدتهم والاحتراز عن مخالطتهم ومعاشرتهم وزاد ذلك تأكيد وتشديد بقوله ﴿ولو كانوا آباءهم أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إخوانهم أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ وبقوله ﴿أولئك كتب في قلوبهم الإيمان﴾ أي وأثبته فيها وبمقابلة قوله أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشيطان بقوله أُوْلَئِكَ حِزْبُ الله ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ﴾ أي بكتاب أنزله فيه حياة لهم ويجوز أن يكون الضمير للإيمان أي بروح من الإيمان على أنه في نفسه روح لحياة القلوب به وعن الثوري أنه قال كانوا يرون أنها نزلت فيمن يصحب السلطان وعن عبد العزيز بن أبي رواد أنه لقيه المنصور فلا عرفه هرب منه وتلاها وقال سهل من صحح ايمانه وأخاص توحيده فإنه لا يأنس بمبتدع ولا يجالسه ويظهر له من نفسه العداوة ومن داهن مبتدعاً سلبه الله حلاوة السنن ومن أجاب مبتدعاً لطلب عز الدنيا أو غناها أذله الله بذلك العزو أفقر بذلك الغنى ومن ضحك إلى مبتدع نزع الله نور الإيمان من قلبه ومن لم يصدق فليجرب ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا رَضِىَ الله عَنْهُمْ﴾ بتوحيدهم الخالص وطاعتهم ﴿وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ بثوابه الجسيم في الآخرة أو بما قضى عليهم في الدنيا ﴿أُوْلَئِكَ حِزْبُ الله﴾ أنصار حقه ودعاة خلقه ﴿أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ المفلحون﴾ الباقون في النعيم المقيم الفائزون بكل محبوب الآمنون من كل مرهوب
بسم الله الرحمن الرحيم