تفسير سورة سورة النور من كتاب زاد المسير في علم التفسير
المعروف بـزاد المسير
.
لمؤلفه
ابن الجوزي
.
المتوفي سنة 597 هـ
سورة النور
وهي مدنية كلها بإجماعهم
روى أبو عبد الله الحاكم في " صحيحه " من حديث عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :: لا تنزلوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة، وعلموهن المغزل وسوره النور " يعني : النساء.
وهي مدنية كلها بإجماعهم
روى أبو عبد الله الحاكم في " صحيحه " من حديث عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :: لا تنزلوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة، وعلموهن المغزل وسوره النور " يعني : النساء.
ﰡ
سورة النّور
وهي مدنيّة كلّها بإجماعهم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة النور (٢٤) : الآيات ١ الى ٣]
(١٠٢٠) روى أبو عبد الله الحاكم في صحيحه من حديث عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا تُنْزِلُوهُنَّ الغُرَف ولا تُعَلمِّوهُنَّ الكتابة، وعلّموهنّ الغزل وسورة النّور»، يعني: النّساء.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى: سُورَةٌ قرأ الجمهور بالرفع. وقرأ أبو رزين العقيلي، وابن أبي عبلة، ومحبوب عن أبي عمرو: «سورةً» بالنصب. قال أبو عبيدة: من رفع، فعلى الابتداء. وقال الزجاج: هذا قبيح، لأنها نكرة، وأَنْزَلْناها صفة لها، وإِنما الرفع على إِضمار: هذه سُورةٌ، والنصب على وجهين: أحدهما على معنى: أنزلنا سورة والثاني على معنى: أُتلُ سُورةً.
قوله تعالى: وَفَرَضْناها قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتشديد. وقرأ ابن مسعود وأبو عبد الرحمن السلمي والحسن وعكرمة والضحاك والزهري ونافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وابن يعمر والأعمش وابن أبي عبلة بالتخفيف. قال الزجاج: من قرأ بالتشديد فعلى وجهين: أحدهما:
على معنى التكثير، أي إِننا فرضنا فيها فروضاً. والثاني: على معنى: بيَّنَّا وفصَّلنا ما فيها من الحلال والحرام ومن قرأ بالتخفيف، فمعناه: ألزمناكم العمل بما فُرض فيها. وقال غيره: مَنْ شدَّد، أراد:
فصَّلنا فرائضها، ومَنْ خفَّف، فمعناه: فرضنا ما فيها.
قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي القراءة المشهورة بالرفع. وقرأ أبو رزين العقيلي، وأبو الجوزاء، وابن
وهي مدنيّة كلّها بإجماعهم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة النور (٢٤) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)(١٠٢٠) روى أبو عبد الله الحاكم في صحيحه من حديث عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا تُنْزِلُوهُنَّ الغُرَف ولا تُعَلمِّوهُنَّ الكتابة، وعلّموهنّ الغزل وسورة النّور»، يعني: النّساء.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قوله تعالى: سُورَةٌ قرأ الجمهور بالرفع. وقرأ أبو رزين العقيلي، وابن أبي عبلة، ومحبوب عن أبي عمرو: «سورةً» بالنصب. قال أبو عبيدة: من رفع، فعلى الابتداء. وقال الزجاج: هذا قبيح، لأنها نكرة، وأَنْزَلْناها صفة لها، وإِنما الرفع على إِضمار: هذه سُورةٌ، والنصب على وجهين: أحدهما على معنى: أنزلنا سورة والثاني على معنى: أُتلُ سُورةً.
قوله تعالى: وَفَرَضْناها قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتشديد. وقرأ ابن مسعود وأبو عبد الرحمن السلمي والحسن وعكرمة والضحاك والزهري ونافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وابن يعمر والأعمش وابن أبي عبلة بالتخفيف. قال الزجاج: من قرأ بالتشديد فعلى وجهين: أحدهما:
على معنى التكثير، أي إِننا فرضنا فيها فروضاً. والثاني: على معنى: بيَّنَّا وفصَّلنا ما فيها من الحلال والحرام ومن قرأ بالتخفيف، فمعناه: ألزمناكم العمل بما فُرض فيها. وقال غيره: مَنْ شدَّد، أراد:
فصَّلنا فرائضها، ومَنْ خفَّف، فمعناه: فرضنا ما فيها.
قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي القراءة المشهورة بالرفع. وقرأ أبو رزين العقيلي، وأبو الجوزاء، وابن
موضوع. أخرجه الحاكم ٢/ ٣٩٦ والبيهقي في «الشعب» ٢٤٥٣ من حديث عائشة وفيه عبد الوهّاب بن الضحاك، وهو متروك متهم، ومع ذلك، صححه الحاكم! لكن تعقّبه الذهبي بقوله: بل موضوع، وآفته عبد الوهّاب. قال أبو حاتم: كذاب اه. وأخرجه الخطيب ١٣/ ٢٢٤ ومن طريقه ابن الجوزي والواحدي في «الوسيط» ٣/ ٣٠٢ والبغوي في «التفسير» ٣/ ٣٦٠ من طريقين عن محمد بن إبراهيم الشامي، وإسناده ساقط، فيه محمد بن إبراهيم الشامي، قال عنه الذهبي في «الميزان» ٣/ ٤٤٥- ٤٤٦: قال الدارقطني: كذاب، وقال ابن حبان: يضع الحديث، ثم ذكر الذهبي أحاديث ومنها حديث الباب هذا، وقال: صدق الدارقطني. وورد من حديث ابن عباس أخرجه ابن عدي ٢/ ١٥٣ ومن طريقه ابن الجوزي ٢/ ٢٦٨ وفيه جعفر بن نصر أعله ابن عدي به، وقال: حدّث عن الثقات بالبواطل، وله موضوعات. وانظر «تفسير الشوكاني» ١٧٢٤ بتخريجنا.
275
أبي عبلة، وعيسى بن عمر: «الزانيةَ» بالنصب. واختاره الخليل وسيبويه والرّفع اختيار الأكثرين. قال الزجاج: والرفع أقوى في العربية، لأن معناه: من زنى فاجلدوه، فتأويله الابتداء، ويجوز النصب على معنى: اجلدوا الزانية. فأما الجَلْد، فهو ضرب الجِلْد، يقال: جَلَدَه: إِذا ضرب جِلْده، كما يقال:
بَطَنَه: إِذا ضَرَب بَطْنه. قال المفسرون: ومعنى الآية: الزانية والزاني إِذا كانا حُرّين بالغَين بِكْرَيْن، فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ.
قال شيخنا علي بن عبيد الله: هذه الآية تقتضي وجوب الجَلْدِ على البِكْر والثَّيّب «١».
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حق البِكْر زيادة على الجَلْد بتغريب عام، وفي حق الثَّيِّب زيادة على الجلد بالرجم بالحجارة.
(١٠٢١) فروى عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «البِكْر بالبِكْر جَلْدُ مائة وتغريب عامٍ، والثَّيِّب بالثَّيِّب جلد مائة ورجم بالحجارة». وممن قال بوجوب النَّفي في حق البِكْر: أبو بكر،
بَطَنَه: إِذا ضَرَب بَطْنه. قال المفسرون: ومعنى الآية: الزانية والزاني إِذا كانا حُرّين بالغَين بِكْرَيْن، فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ.
فصل:
قال شيخنا علي بن عبيد الله: هذه الآية تقتضي وجوب الجَلْدِ على البِكْر والثَّيّب «١».
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حق البِكْر زيادة على الجَلْد بتغريب عام، وفي حق الثَّيِّب زيادة على الجلد بالرجم بالحجارة.
(١٠٢١) فروى عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «البِكْر بالبِكْر جَلْدُ مائة وتغريب عامٍ، والثَّيِّب بالثَّيِّب جلد مائة ورجم بالحجارة». وممن قال بوجوب النَّفي في حق البِكْر: أبو بكر،
تقدم في سورة النساء: عند الآية ١٥ و ١٦ وقد خرجه مسلم وغيره.
__________
(١) قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» ١٢/ ٣٧٠: الزنى حرام، وهو من الكبائر العظام وقد كان حد الزاني في صدر الإسلام الحبس للثيب، والأذى بالكلام من التقريع والتوبيخ للبكر. ثم نسخ بما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وقد ذهب بعض أصحابنا بجواز نسخ القرآن بالسنة ومن منع ذلك قال: ليس هذا نسخا، وإنما هو تفسير للقرآن وتبيين له. ويمكن أن يقال إن نسخه حصل بالقرآن، فإن الجلد في كتاب الله تعالى، والرجم كان فيه، فنسخ رسمه، وبقي حكمه. وإذا زنى الحر المحصن، أو الحرة المحصنة، جلدا ورجما حتى يموتا، في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله رحمه الله، والرواية الأخرى، يرجمان ولا يجلدان.
وفي وجوب الرجم على الزاني المحصن، رجلا كان أو امرأة قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار ولا نعلم فيه مخالفا إلا الخوارج، فإنهم قالوا: الجلد للبكر والثيب، ولا يجوز ترك كتاب الله تعالى الثابت بطريق القطع واليقين بخبر الآحاد.
والرد عليهم- لقد ثبت الرجم عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقوله وفعله، في أخبار تشبه التواتر وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلّم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأتها وعقلتها ووعيتها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورجمنا بعده. فأخشى إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حق على من زنى إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل، أو الاعتراف وقد قرأتها: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم» متفق عليه.
وأما الجلد فنقول بها، إن الزاني يجب جلده، فإن كان ثيبا رجم مع الجلد والآية لم تتعرض لنفيه. في إحدى الروايتين، فعل ذلك علي رضي الله عنه، وبه قال ابن عباس وأبي بن كعب وأبو ذر وفي الرواية الثانية، يرجم ولا يجلد. روي عن عمر وعثمان وابن مسعود، والنخعي، والزهري والأوزاعي ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وإذا زنى الحر البكر، جلد مائة، وغرّب عاما. ولا خلاف في وجوب الجلد على الزاني ويجب مع الجلد تغريبه عاما في قول جمهور العلماء. وقال مالك والأوزاعي: يغرّب الرجل دون المرأة، لأنها إن غرّبت بمحرم، أفضى إلى تغريب من ليس بزان، ونفي من لا ذنب له، وإن كلفت أجرته ففي ذلك زيادة على عقوبتها بما لم يرد الشرع به، ويلزم منه الزيادة على ذلك. وفوات حكمته. وفي تغريبها إغراء به، وتمكين منه. وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن: لا يجب التغريب وقول مالك فيما يقع لي، أصح الأقوال وأعدلها. [.....]
__________
(١) قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» ١٢/ ٣٧٠: الزنى حرام، وهو من الكبائر العظام وقد كان حد الزاني في صدر الإسلام الحبس للثيب، والأذى بالكلام من التقريع والتوبيخ للبكر. ثم نسخ بما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وقد ذهب بعض أصحابنا بجواز نسخ القرآن بالسنة ومن منع ذلك قال: ليس هذا نسخا، وإنما هو تفسير للقرآن وتبيين له. ويمكن أن يقال إن نسخه حصل بالقرآن، فإن الجلد في كتاب الله تعالى، والرجم كان فيه، فنسخ رسمه، وبقي حكمه. وإذا زنى الحر المحصن، أو الحرة المحصنة، جلدا ورجما حتى يموتا، في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله رحمه الله، والرواية الأخرى، يرجمان ولا يجلدان.
وفي وجوب الرجم على الزاني المحصن، رجلا كان أو امرأة قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار ولا نعلم فيه مخالفا إلا الخوارج، فإنهم قالوا: الجلد للبكر والثيب، ولا يجوز ترك كتاب الله تعالى الثابت بطريق القطع واليقين بخبر الآحاد.
والرد عليهم- لقد ثبت الرجم عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقوله وفعله، في أخبار تشبه التواتر وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلّم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأتها وعقلتها ووعيتها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورجمنا بعده. فأخشى إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حق على من زنى إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل، أو الاعتراف وقد قرأتها: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم» متفق عليه.
وأما الجلد فنقول بها، إن الزاني يجب جلده، فإن كان ثيبا رجم مع الجلد والآية لم تتعرض لنفيه. في إحدى الروايتين، فعل ذلك علي رضي الله عنه، وبه قال ابن عباس وأبي بن كعب وأبو ذر وفي الرواية الثانية، يرجم ولا يجلد. روي عن عمر وعثمان وابن مسعود، والنخعي، والزهري والأوزاعي ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وإذا زنى الحر البكر، جلد مائة، وغرّب عاما. ولا خلاف في وجوب الجلد على الزاني ويجب مع الجلد تغريبه عاما في قول جمهور العلماء. وقال مالك والأوزاعي: يغرّب الرجل دون المرأة، لأنها إن غرّبت بمحرم، أفضى إلى تغريب من ليس بزان، ونفي من لا ذنب له، وإن كلفت أجرته ففي ذلك زيادة على عقوبتها بما لم يرد الشرع به، ويلزم منه الزيادة على ذلك. وفوات حكمته. وفي تغريبها إغراء به، وتمكين منه. وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن: لا يجب التغريب وقول مالك فيما يقع لي، أصح الأقوال وأعدلها. [.....]
276
وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر، وممن بعدهم عطاء، وطاوس، وسفيان، ومالك، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإِسحاق، وممن قال بالجمع بين الجلد والرجم في حق الثَّيِّب عليُّ بن أبي طالب، والحسن البصري، والحسن بن صالح، وأحمد، وإِسحاق. قال: وذهب قوم من العلماء إِلى أن المراد بالجَلْد المذكور في هذه الآية: البِكْر، فأما الثَّيِّب، فلا يجب عليه الجَلْد، وإِنما يجب الرجم، روي عن عمر، وبه قال النخعي والزهري والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة ومالك، وروي عن أحمد رواية مثل قول هؤلاء.
قوله تعالى: وَلا تَأْخُذْكُمْ وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وأبو رزين والضحاك وابن يعمر والأعمش: «يَأْخُذْكُمْ» بالياء بِهِما رَأْفَةٌ قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي:
«رَأْفَةٌ» باسكان الهمزة. وقرأ أبو المتوكل ومجاهد وأبو عمران الجوني وابن كثير: بفتح الهمزة وقصرها على وزن رَعَفَة. وقرأ سعيد بن جبير والضحاك وأبو رجاء العطاردي: «رآفَةٌ» مثل سآمة وكآبة، وفي معنى الكلام قولان: أحدهما: لا تأخذكم بهما رأفة، فتخفِّفوا الضرب، ولكن أوجعوهما، قاله سعيد بن المسيب والحسن والزهري وقتادة. والثاني: لا تأخذكم بهما رأفة فتعطِّلوا الحدود ولا تقيموها، قاله مجاهد والشعبي وابن زيد في آخرين.
واختلف العلماء في شدة الضرب في الحدود، فقال الحسن البصري: ضرب الزنا أشد من القذف، والقذف أشد من الشُّرب، ويضرب الشارب أشد من ضرب التعزير، وعلى هذا مذهب أصحابنا، وقال أبو حنيفة: التعزير أشد الضرب، وضرب الزنى أشد من ضرب الشارب، وضرب الشارب أشد من ضرب القذف. وقال مالك: الضرب في الحدود كلِّها سواءٌ غير مبرِّح.
فأما ما يُضرَب من الأعضاء، فنقل الميموني عن أحمد في جَلْد الزاني، قال: يجرَّد، ويعطى كل عضو حقَّه، ولا يضرب وجهه ولا رأسه. ونقل يعقوب بن بختان: لا يُضرب الرأس ولا الوجه ولا المذاكير، وهو قول أبي حنيفة. وقال مالك: لا يُضرب إِلا في الظَّهر. وقال الشافعي: يُتَّقى الفرج والوجه.
قوله تعالى: فِي دِينِ اللَّهِ فيه قولان: أحدهما: في حُكمه، قاله ابن عباس. والثاني: في طاعة الله، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما قال الزجاج: القراءة باسكان اللام، ويجوز كسرها، والمراد بعذابهما ضربهما، وفي المراد بالطّائفة ها هنا خمسة أقوال «١» : أحدها: الرجل فما فوقه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد. وقال النخعي: الواحد طائفة. والثاني: الاثنان فصاعدا، قاله
قوله تعالى: وَلا تَأْخُذْكُمْ وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وأبو رزين والضحاك وابن يعمر والأعمش: «يَأْخُذْكُمْ» بالياء بِهِما رَأْفَةٌ قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي:
«رَأْفَةٌ» باسكان الهمزة. وقرأ أبو المتوكل ومجاهد وأبو عمران الجوني وابن كثير: بفتح الهمزة وقصرها على وزن رَعَفَة. وقرأ سعيد بن جبير والضحاك وأبو رجاء العطاردي: «رآفَةٌ» مثل سآمة وكآبة، وفي معنى الكلام قولان: أحدهما: لا تأخذكم بهما رأفة، فتخفِّفوا الضرب، ولكن أوجعوهما، قاله سعيد بن المسيب والحسن والزهري وقتادة. والثاني: لا تأخذكم بهما رأفة فتعطِّلوا الحدود ولا تقيموها، قاله مجاهد والشعبي وابن زيد في آخرين.
فصل:
واختلف العلماء في شدة الضرب في الحدود، فقال الحسن البصري: ضرب الزنا أشد من القذف، والقذف أشد من الشُّرب، ويضرب الشارب أشد من ضرب التعزير، وعلى هذا مذهب أصحابنا، وقال أبو حنيفة: التعزير أشد الضرب، وضرب الزنى أشد من ضرب الشارب، وضرب الشارب أشد من ضرب القذف. وقال مالك: الضرب في الحدود كلِّها سواءٌ غير مبرِّح.
فصل:
فأما ما يُضرَب من الأعضاء، فنقل الميموني عن أحمد في جَلْد الزاني، قال: يجرَّد، ويعطى كل عضو حقَّه، ولا يضرب وجهه ولا رأسه. ونقل يعقوب بن بختان: لا يُضرب الرأس ولا الوجه ولا المذاكير، وهو قول أبي حنيفة. وقال مالك: لا يُضرب إِلا في الظَّهر. وقال الشافعي: يُتَّقى الفرج والوجه.
قوله تعالى: فِي دِينِ اللَّهِ فيه قولان: أحدهما: في حُكمه، قاله ابن عباس. والثاني: في طاعة الله، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما قال الزجاج: القراءة باسكان اللام، ويجوز كسرها، والمراد بعذابهما ضربهما، وفي المراد بالطّائفة ها هنا خمسة أقوال «١» : أحدها: الرجل فما فوقه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد. وقال النخعي: الواحد طائفة. والثاني: الاثنان فصاعدا، قاله
(١) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ٩/ ٢٦٠: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قول: أقل ما ينبغي حضور ذلك من عدد المسلمين: الواحد فصاعدا، وذلك أن الله عمّ بقوله وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ والطائفة:
قد تقع عند العرب على الواحد فصاعدا، غير أنّي وإن كان الأمر على ما وصفت أستحب أن لا يقصر بعدد من يحضر ذلك الموضع عن أربعة أنفس، عدد من تقبل شهادته على الزنا لأن ذلك إذا كان كذلك، فلا خلاف بين الجميع أنه قد أدى المقيم الحدّ ما عليه في ذلك وهم فيما دون ذلك مختلفون.
قد تقع عند العرب على الواحد فصاعدا، غير أنّي وإن كان الأمر على ما وصفت أستحب أن لا يقصر بعدد من يحضر ذلك الموضع عن أربعة أنفس، عدد من تقبل شهادته على الزنا لأن ذلك إذا كان كذلك، فلا خلاف بين الجميع أنه قد أدى المقيم الحدّ ما عليه في ذلك وهم فيما دون ذلك مختلفون.
277
سعيد بن جبير، وعطاء وعن عكرمة كالقولين. قال الزجاج: والقول الأول على غير ما عند أهل اللغة، لأن الطائفة في معنى جماعة، وأقل الجماعة اثنان. والثالث: ثلاثة فصاعداً، قاله الزهري.
والرابع: أربعة، قاله ابن زيد. والخامس: عشرة، قاله الحسن البصري.
قوله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً.
(١٠٢٢) قال عبد الله بن عمرو: كانت امرأة تسافح، وتشترط للذي يتزوجها أن تكفيه النفقة فأراد رجل من المسلمين أن يتزوجها، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية.
(١٠٢٣) وقال عكرمة: نزلت في بغايا، كُنَّ بمكة، ومنهن تسع صواحب رايات، وكانت بيوتهن تسمى في الجاهلية: المواخير، ولا يدخل عليهن إِلا زانٍ من أهل القِبلة، أو مشرك من أهل الأوثان، فأراد ناس من المسلمين نكاحهن، فنزلت هذه الآية. قال المفسرون: ومعنى الآية: الزاني من المسلمين لا يتزوج من أولئك البغايا إِلا زانية أَوْ مُشْرِكَةً لأنهن كذلك كن وَالزَّانِيَةُ منهن لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ، ومذهب أصحابنا «١» أنه إِذا زنى بامرأة، لم يجز له أن يتزوّجها إلّا بعد التّوبة منهما.
والرابع: أربعة، قاله ابن زيد. والخامس: عشرة، قاله الحسن البصري.
قوله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً.
(١٠٢٢) قال عبد الله بن عمرو: كانت امرأة تسافح، وتشترط للذي يتزوجها أن تكفيه النفقة فأراد رجل من المسلمين أن يتزوجها، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية.
(١٠٢٣) وقال عكرمة: نزلت في بغايا، كُنَّ بمكة، ومنهن تسع صواحب رايات، وكانت بيوتهن تسمى في الجاهلية: المواخير، ولا يدخل عليهن إِلا زانٍ من أهل القِبلة، أو مشرك من أهل الأوثان، فأراد ناس من المسلمين نكاحهن، فنزلت هذه الآية. قال المفسرون: ومعنى الآية: الزاني من المسلمين لا يتزوج من أولئك البغايا إِلا زانية أَوْ مُشْرِكَةً لأنهن كذلك كن وَالزَّانِيَةُ منهن لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ، ومذهب أصحابنا «١» أنه إِذا زنى بامرأة، لم يجز له أن يتزوّجها إلّا بعد التّوبة منهما.
حسن. أخرجه النسائي في «التفسير» ٣٧٩ وأحمد ٢/ ١٥٩- ٢٢٥ والحاكم ٢/ ١٩٣ والطبري ٢٥٧٤٢ والواحدي في «الأسباب» ٦٣٢ والبيهقي ٧/ ١٥٣ كلهم من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الحضرمي عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص به مع اختلاف يسير في ألفاظهم. وإسناده ضعيف لجهالة الحضرمي هذا، وقد وثقه ابن حبان وحده. واعتمده الهيثمي، فقال في «المجمع» ٧/ ٧٤: رجال أحمد ثقات! وكذا صححه الحاكم! ووافقه الذهبي. وأخرجه الحاكم ٢/ ٣٩١ من طريق هشيم عن سليمان التيمي عن القاسم عن عبد الله بن عمرو به، وإسناده ضعيف، فقد سقط منه الحضرمي، ولعل ذلك بسبب عنعنة هشيم، فإنه مدلس، وقد جرى الحاكم على ظاهره، فصححه على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي! وليس كما قالا. وله شاهد من مرسل مجاهد، أخرجه الطبري ٢٥٧٤٩ ومع إرساله فيه راو لم يسم، ومع ذلك هذه الروايات تشهد للحديث الآتي وليست مخالفة له، والله أعلم فقد تكون الحادثة مكررة والسبب واحد. وانظر «أحكام القرآن» ١٥٤٩.
مرسل. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٣١ عن عكرمة بدون إسناد. وانظر ما قبله.
__________
(١) قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» ٩/ ٥٦١: إذا زنت المرأة، لم يحل ذلك نكاحها إلا بشرطين:
أحدهما: انقضاء عدتها ولا يحل نكاحها قبل وضع حملها. وبهذا قال مالك وأبو يوسف وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة، وفي الأخرى قال: يحل نكاحها ويصح. وهو مذهب الشافعي لأنه وطء لا يلحق به النسب فلم يحرّم النكاح، كما لو لم تحمل. والثاني: أن تتوب من الزنى. وبه قال قتادة، وأبو عبيد، وإسحاق وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يشترط ذلك. وإذا وجد الشرطان حل نكاحها للزاني وغيره في قول أكثر العلم. وروي عن ابن مسعود وعائشة والبراء: أنها لا تحل للزاني بحال، قالوا: لا يزالان زانيين ما اجتمعا، ويحتمل أنهم أرادوا بذلك ما كان قبل التوبة. أو قبل استبرائها فيكون كقولنا. أما تحريمها على الإطلاق فلا يصح. هذا وإن عدة الزانية كعدة المطلقة، لأنه استبراء لحرة، فأشبه عدة الموطوءة بشبهة. وحكى ابن أبي موسى، أنها تستبرأ بحيضة. وأما التوبة، فهي الاستغفار والندم والإقلاع عن الذنب، كالتوبة من سائر الذنوب.
وهو الصحيح. وروي عن ابن عمر، أنه قيل له: كيف تعرف توبتها؟ قال يريدها على ذلك، فإن طاوعته لم تتب وإن أبت فقد تابت. فصار أحمد إلى قول ابن عمر اتباعا له. والصحيح الأول، فإنه لا ينبغي لمسلم أن يدعو امرأة إلى الزنا، ويطلبه منها، ولا تحل الخلوة بأجنبية ولو كان في تعليمها القرآن. فلا يحل التعرض لمثل هذا. قال الطبري رحمه الله ٩/ ٢٦٤: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عني بالنكاح في هذا الموضع: الوطء، وأن الآية نزلت في البغايا المشركات وإنه لم يعن بالآية أن الزاني من المؤمنين لا يعقد عقد نكاح على عفيفة من المسلمات، ولا ينكح إلا بزانية أو مشركة. وإذا كان ذلك كذلك، فبين أن معنى الآية: الزاني لا يزني إلا بزانية لا تستحل الزنا، أو بمشركة تستحله. وقوله وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يقول: وحرّم الزنا على المؤمنين بالله ورسوله، وذلك هو النكاح الذي قال جل ثناؤه الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً. ووافقه ابن كثير رحمه الله ٣/ ٣٢٩ وقال: وهذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة، أي: لا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة، لا ترى حرمة ذلك وكذلك:
الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أي: عاص بزناه أَوْ مُشْرِكٌ لا يعتقد تحريمه.
مرسل. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٣١ عن عكرمة بدون إسناد. وانظر ما قبله.
__________
(١) قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» ٩/ ٥٦١: إذا زنت المرأة، لم يحل ذلك نكاحها إلا بشرطين:
أحدهما: انقضاء عدتها ولا يحل نكاحها قبل وضع حملها. وبهذا قال مالك وأبو يوسف وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة، وفي الأخرى قال: يحل نكاحها ويصح. وهو مذهب الشافعي لأنه وطء لا يلحق به النسب فلم يحرّم النكاح، كما لو لم تحمل. والثاني: أن تتوب من الزنى. وبه قال قتادة، وأبو عبيد، وإسحاق وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يشترط ذلك. وإذا وجد الشرطان حل نكاحها للزاني وغيره في قول أكثر العلم. وروي عن ابن مسعود وعائشة والبراء: أنها لا تحل للزاني بحال، قالوا: لا يزالان زانيين ما اجتمعا، ويحتمل أنهم أرادوا بذلك ما كان قبل التوبة. أو قبل استبرائها فيكون كقولنا. أما تحريمها على الإطلاق فلا يصح. هذا وإن عدة الزانية كعدة المطلقة، لأنه استبراء لحرة، فأشبه عدة الموطوءة بشبهة. وحكى ابن أبي موسى، أنها تستبرأ بحيضة. وأما التوبة، فهي الاستغفار والندم والإقلاع عن الذنب، كالتوبة من سائر الذنوب.
وهو الصحيح. وروي عن ابن عمر، أنه قيل له: كيف تعرف توبتها؟ قال يريدها على ذلك، فإن طاوعته لم تتب وإن أبت فقد تابت. فصار أحمد إلى قول ابن عمر اتباعا له. والصحيح الأول، فإنه لا ينبغي لمسلم أن يدعو امرأة إلى الزنا، ويطلبه منها، ولا تحل الخلوة بأجنبية ولو كان في تعليمها القرآن. فلا يحل التعرض لمثل هذا. قال الطبري رحمه الله ٩/ ٢٦٤: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عني بالنكاح في هذا الموضع: الوطء، وأن الآية نزلت في البغايا المشركات وإنه لم يعن بالآية أن الزاني من المؤمنين لا يعقد عقد نكاح على عفيفة من المسلمات، ولا ينكح إلا بزانية أو مشركة. وإذا كان ذلك كذلك، فبين أن معنى الآية: الزاني لا يزني إلا بزانية لا تستحل الزنا، أو بمشركة تستحله. وقوله وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يقول: وحرّم الزنا على المؤمنين بالله ورسوله، وذلك هو النكاح الذي قال جل ثناؤه الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً. ووافقه ابن كثير رحمه الله ٣/ ٣٢٩ وقال: وهذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة، أي: لا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة، لا ترى حرمة ذلك وكذلك:
الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أي: عاص بزناه أَوْ مُشْرِكٌ لا يعتقد تحريمه.
278
قوله تعالى: وَحُرِّمَ ذلِكَ وقرأ أُبيّ بن كعب وأبو المتوكل وأبو الجوزاء: «وحَرَّمَ اللهُ ذلك» بزيادة اسم الله تعالى مع فتح حروف «حَرَّمَ». وقرأ زيد بن علي: «وحَرُمَ ذلك» بفتح الحاء وضم الراء مخففة. ثم فيه قولان: أحدهما: أنه نكاح الزواني، قاله مقاتل. والثاني: الزنا، قاله الفراء.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٤ الى ٥]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ شرائط الإِحصان في الزنا الموجب للرجم عندنا أربعة:
البلوغ، والحرية، والعقل، والوطء في نكاح صحيح. فأما الإِسلام، فليس بشرط في الإِحصان، خلافا لأبي حنيفة، ومالك. ومعنى الآية: يرمون المحصنات بالزنا، فاكتفى بذكره المتقدِّم عن إِعادته ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا على ما رمَوْهُنَّ به بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ عدول يشهدون أنهم رأوهنَّ يفعلْنَ ذلك فَاجْلِدُوهُمْ يعني القاذفين.
وقد أفادت هذه الآية أنَّ على القاذف إِذا لم يُقم البيِّنة، الحدَّ، وردَّ الشهادة وثبوتَ الفِسْق، واختلفوا هل يُحكَم بفسقه وردِّ شهادته بنفس القذف، أم بالحدِّ؟ فعلى قول أصحابنا: إِنه يُحكم بفسقه وردِّ شهادته إِذا لم يُقم البيِّنة، وهو قول الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: لا يُحكم بفسقه، وتقبل شهادته ما لم يُقَم الحدُّ عليه.
والتعريض بالقذف- كقوله لمن يخاصمه: ما أنت بزانٍ، ولا أُمُّك زانية- يوجب الحدَّ في المشهور من مذهبنا. وقال أبو حنيفة: لا يوجب الحدَّ. وحدٌّ العبد في القذف نصف حدِّ الحُرِّ، وهو أربعون، قاله الجماعة، إِلا الأوزاعي فانه قال: ثمانون. فأما قاذف المجنون، فقال الجماعة: لا يُحَدُّ.
وقال الليث: يُحَدُّ. فأما الصبيّ، فان كان مثله يجامِع أو كانت صبيِّة مثلُها يجامَع، فعلى القاذف الحدُّ.
وقال مالك: يُحدُّ قاذف الصبيَّة التي يجامَع مثلُها، ولا يُحَدُّ قاذف الصبيّ. وقال أبو حنيفه، والشافعي:
لا يُحَدُّ قاذفهما. فان قذف رجلٌ جماعةً بكلمة واحدة، فعليه حدٌّ واحد، وإِن أفرد كلَّ واحد بكلمة، فعليه لكل واحد حدّ، وهو قول الشعبي، وابن أبي ليلى وقال أبو حنيفة وأصحابه: عليه حدّ واحد، سواء قذفهم بكلمة أو بكلمات.
وحدُّ القذف حقٌّ لآدميّ، يصحّ أن يبرئ منه، ويعفو عنه، وقال أبو حنيفة: هو حقّ الله عزّ وجلّ وعندنا أنه لا يستوفى إِلا بمطالبة المقذوف، وهو قول الأكثرين. وقال ابن أبي ليلى: يحدّه
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٤ الى ٥]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ شرائط الإِحصان في الزنا الموجب للرجم عندنا أربعة:
البلوغ، والحرية، والعقل، والوطء في نكاح صحيح. فأما الإِسلام، فليس بشرط في الإِحصان، خلافا لأبي حنيفة، ومالك. ومعنى الآية: يرمون المحصنات بالزنا، فاكتفى بذكره المتقدِّم عن إِعادته ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا على ما رمَوْهُنَّ به بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ عدول يشهدون أنهم رأوهنَّ يفعلْنَ ذلك فَاجْلِدُوهُمْ يعني القاذفين.
فصل:
وقد أفادت هذه الآية أنَّ على القاذف إِذا لم يُقم البيِّنة، الحدَّ، وردَّ الشهادة وثبوتَ الفِسْق، واختلفوا هل يُحكَم بفسقه وردِّ شهادته بنفس القذف، أم بالحدِّ؟ فعلى قول أصحابنا: إِنه يُحكم بفسقه وردِّ شهادته إِذا لم يُقم البيِّنة، وهو قول الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: لا يُحكم بفسقه، وتقبل شهادته ما لم يُقَم الحدُّ عليه.
فصل:
والتعريض بالقذف- كقوله لمن يخاصمه: ما أنت بزانٍ، ولا أُمُّك زانية- يوجب الحدَّ في المشهور من مذهبنا. وقال أبو حنيفة: لا يوجب الحدَّ. وحدٌّ العبد في القذف نصف حدِّ الحُرِّ، وهو أربعون، قاله الجماعة، إِلا الأوزاعي فانه قال: ثمانون. فأما قاذف المجنون، فقال الجماعة: لا يُحَدُّ.
وقال الليث: يُحَدُّ. فأما الصبيّ، فان كان مثله يجامِع أو كانت صبيِّة مثلُها يجامَع، فعلى القاذف الحدُّ.
وقال مالك: يُحدُّ قاذف الصبيَّة التي يجامَع مثلُها، ولا يُحَدُّ قاذف الصبيّ. وقال أبو حنيفه، والشافعي:
لا يُحَدُّ قاذفهما. فان قذف رجلٌ جماعةً بكلمة واحدة، فعليه حدٌّ واحد، وإِن أفرد كلَّ واحد بكلمة، فعليه لكل واحد حدّ، وهو قول الشعبي، وابن أبي ليلى وقال أبو حنيفة وأصحابه: عليه حدّ واحد، سواء قذفهم بكلمة أو بكلمات.
فصل:
وحدُّ القذف حقٌّ لآدميّ، يصحّ أن يبرئ منه، ويعفو عنه، وقال أبو حنيفة: هو حقّ الله عزّ وجلّ وعندنا أنه لا يستوفى إِلا بمطالبة المقذوف، وهو قول الأكثرين. وقال ابن أبي ليلى: يحدّه
الإِمام وإِن لم يطالِب المقذوف.
قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا أي: من القذف وَأَصْلَحُوا قال ابن عباس: أظهروا التوبة وقال غيره: لم يعودوا إِلى قذف المُحْصنَات، وفي هذا الإِستثناء قولان: أحدهما: أنه نسخ حدِّ القذف وإِسقاط الشهادة معاً، وهذا قول عكرمة، والشعبي، وطاوس، ومجاهد، والقاسم بن محمد، والزهري، والشافعي، وأحمد. والثاني: أنه يعود إِلى الفسق فقط، وأما الشهادة، فلا تُقْبَل أبداً، قاله الحسن، وشريح، وإِبراهيم، وقتادة. فعلى هذا القول انقطع الكلام عند قوله: «أبداً» وعلى القول الأول وقع الاستثناء على جميع الكلام، وهذا أصح، لأن المتكلّم بالفاحشة لا يكون جرماً من راكبها، فإذا قُبلت شهادةُ المقذوف بعد ثبوته، فالرامي أيسر جرماً، وليس القاذف بأشدَّ جرماً من الكافر، فإنه إِذا أسلم قبلت شهادته.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٦ الى ١٠]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠)
قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ.
(١٠٢٤) سبب نزولها أن هلال بن أُمية وجد عند أهله رجلاً، فرأى بعينه وسمع بأذنه، فلم يُهجْه حتى أصبح، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله: إِنِّي جئت أهلي، فوجدت عندها رجلاً، فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما جاء به، واشتد عليه، فقال سعد بن عبادة: الآن يَضْرِبُ رسولُ الله هلالاً ويُبطل شهادته، فقال هلال: والله إِنِّي لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجا، فو الله إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يريد أن يأمر بضربه إِذ نزل عليه الوحي، فنزلت هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس.
(١٠٢٥) وفي حديث آخر، أن الرجل الذي قذفها به شريك بن سحماء، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال
قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا أي: من القذف وَأَصْلَحُوا قال ابن عباس: أظهروا التوبة وقال غيره: لم يعودوا إِلى قذف المُحْصنَات، وفي هذا الإِستثناء قولان: أحدهما: أنه نسخ حدِّ القذف وإِسقاط الشهادة معاً، وهذا قول عكرمة، والشعبي، وطاوس، ومجاهد، والقاسم بن محمد، والزهري، والشافعي، وأحمد. والثاني: أنه يعود إِلى الفسق فقط، وأما الشهادة، فلا تُقْبَل أبداً، قاله الحسن، وشريح، وإِبراهيم، وقتادة. فعلى هذا القول انقطع الكلام عند قوله: «أبداً» وعلى القول الأول وقع الاستثناء على جميع الكلام، وهذا أصح، لأن المتكلّم بالفاحشة لا يكون جرماً من راكبها، فإذا قُبلت شهادةُ المقذوف بعد ثبوته، فالرامي أيسر جرماً، وليس القاذف بأشدَّ جرماً من الكافر، فإنه إِذا أسلم قبلت شهادته.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٦ الى ١٠]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠)
قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ.
(١٠٢٤) سبب نزولها أن هلال بن أُمية وجد عند أهله رجلاً، فرأى بعينه وسمع بأذنه، فلم يُهجْه حتى أصبح، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله: إِنِّي جئت أهلي، فوجدت عندها رجلاً، فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما جاء به، واشتد عليه، فقال سعد بن عبادة: الآن يَضْرِبُ رسولُ الله هلالاً ويُبطل شهادته، فقال هلال: والله إِنِّي لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجا، فو الله إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يريد أن يأمر بضربه إِذ نزل عليه الوحي، فنزلت هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس.
(١٠٢٥) وفي حديث آخر، أن الرجل الذي قذفها به شريك بن سحماء، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال
أخرجه أحمد ١/ ٢٣٨ والطبري ٢٥٨٢٨ من طريق عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس. وإسناده ضعيف لأجل عباد بن منصور، لكن أصله محفوظ، أخرجه البخاري وغيره. وانظر ما بعده وانظر «أحكام القرآن» ١٥٥٥.
صحيح. أخرجه البخاري ٢٦٧١ و ٤٧٤٧ وأبو داود ٢٢٥٤ والترمذي ٣١٧٩ وابن ماجة ٢٠٦٧ والبيهقي ٧/ ٣٩٣ والبغوي ٢٣٧٠ كلهم من حديث ابن عباس، أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلّم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «البينة أو حدّ في ظهرك» فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فجعل النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: «البينة وإلا حد في ظهرك». فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد. فنزل جبريل وأنزل عليه وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ فقرأ حتى بلغ إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فانصرف النبي صلى الله عليه وسلّم فأرسل إليها. فجاء هلال فشهد. والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول: «إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟» ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وقّفوها وقالوا: إنها موجبة.
قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت. فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلّج الساقين فهو لشريك بن سمحاء» فجاءت به كذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن». لفظ البخاري. وانظر «أحكام القرآن» ١٥٥٣ بتخريجنا.
صحيح. أخرجه البخاري ٢٦٧١ و ٤٧٤٧ وأبو داود ٢٢٥٤ والترمذي ٣١٧٩ وابن ماجة ٢٠٦٧ والبيهقي ٧/ ٣٩٣ والبغوي ٢٣٧٠ كلهم من حديث ابن عباس، أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلّم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «البينة أو حدّ في ظهرك» فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فجعل النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: «البينة وإلا حد في ظهرك». فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد. فنزل جبريل وأنزل عليه وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ فقرأ حتى بلغ إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فانصرف النبي صلى الله عليه وسلّم فأرسل إليها. فجاء هلال فشهد. والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول: «إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟» ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وقّفوها وقالوا: إنها موجبة.
قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت. فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلّج الساقين فهو لشريك بن سمحاء» فجاءت به كذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن». لفظ البخاري. وانظر «أحكام القرآن» ١٥٥٣ بتخريجنا.
280
لهلال حين قذفها: «ائتني بأربعة شهداء، وإِلا فحدٌّ في ظهرك»، فنزلت هذه الآية، فنُسخ حكم الجلد في حق الزوج القاذف.
إِذا قذف الرجل زوجته بالزنا، لزمه الحدُّ، وله التخلُّص منه باقامة البيِّنة، أو باللِّعان، فإن أقام البيِّنة لزمها الحدّ، وإِن لاعنها، فقد حقَّق عليها الزّنا، ولها التّخليص منه باللّعان، فإن نكل الزوج عن اللعان، فعليه حدُّ القذف، وإِن نكلت الزوجة، لم تحدّ، وحُبست حتى تُلاعِن أو تُقِرَّ بالزنا في إِحدى الروايتين، وفي الأخرى: يُخلَّى سبيلُها، وقال أبو حنيفة: لا يُحَدُّ واحد منهما، ويُحبس حتى يُلاعِن. وقال مالك، والشافعي: يجب الحدُّ على الناكل منهما.
ولا تصح الملاعنة إِلا بحضرة الحاكم. فان كانت المرأة خَفِرة، بعث الحاكم من يُلاعِن بينهما. وصفة اللعان أن يبدأ الزوج فيقول: أشهد بالله إِني لمن الصادقين فيما رميتُها به من الزنا، أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: ولعنة الله عليه إِن كان من الكاذبين، ثم تقول الزوجة أربع مرات: أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا، ثم تقول: وغضب الله عليها إِن كان من الصادقين. والسُّنة أن يتلاعنا قياماً، ويقال للزوج إِذا بلغ اللعنة: اتق الله فانها المُوجِبة، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وكذلك يقال للزوجة إِذا بلغت إِلى الغضب. فإن كان بينهما ولد، افتقر نفيه عن الأب إِلى ذِكْره في اللعان، فيزيد في الشهادة: وما هذا الولد ولدي، وتزيد هي: وإِن هذا الولد ولده.
واختلف الفقهاء في الزوجين اللَّذين يجري بينهما اللعان، فالمشهور عن أحمد أن كل زوج صح قذفه صح لعانه، فيدخل تحت هذا المسلمُ والكافر والحرُّ والعبد، وكذلك المرأة، وهذا قول مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يجوز اللعان بين الحرِّ والأمَةَ، ولا بين العبد والحرة، ولا بين الذميَّين، أو إِذا كان أحدهما ذميّاً ونقل حرب عن أحمد نحو هذا، والمذهب هو الأول. ولا تختلف الرواية عن أحمد أن فُرقة اللعان لا تقع بلعان الزوج وحده. واختلفت هل تقع بلعانهما من غير فُرقة الحاكم على روايتين. وتحريم اللعان مؤبَّد، فان أكذب الملاعنُ نفسه لم تحلَّ له زوجته أيضاً، وبه قال عمر، وعلي، وابن مسعود، وعن أحمد روايتان، أصحهما: هذا، والثانية: يجتمعان بعد التكذيب، وهو قول أبي حنيفة.
قوله تعالى: وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ وقرأ أبو حنيفة وأبو المتوكل. وابن يعمر، والنخعي: «تكن» بالتاء. قوله تعالى: فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: «أربعَ» بفتح العين. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: برفع العين. قال الزجاج: من رفع «أربعُ» فالمعنى: فشهادة أحدهم التي تدرأُ حَدَّ القذف أربعُ ومن نصب، فالمعنى:
فعليهم أن يشهد أحدهم أربعَ. قوله تعالى: وَالْخامِسَةُ قرأ حفص عن عاصم: «والخامسةَ» نصباً، حملاً على نصب «أربعَ شهادات». قوله تعالى: أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ قرأ نافع، ويعقوب، والمفضل:
فصل في بيان حكم الآية:
إِذا قذف الرجل زوجته بالزنا، لزمه الحدُّ، وله التخلُّص منه باقامة البيِّنة، أو باللِّعان، فإن أقام البيِّنة لزمها الحدّ، وإِن لاعنها، فقد حقَّق عليها الزّنا، ولها التّخليص منه باللّعان، فإن نكل الزوج عن اللعان، فعليه حدُّ القذف، وإِن نكلت الزوجة، لم تحدّ، وحُبست حتى تُلاعِن أو تُقِرَّ بالزنا في إِحدى الروايتين، وفي الأخرى: يُخلَّى سبيلُها، وقال أبو حنيفة: لا يُحَدُّ واحد منهما، ويُحبس حتى يُلاعِن. وقال مالك، والشافعي: يجب الحدُّ على الناكل منهما.
فصل:
ولا تصح الملاعنة إِلا بحضرة الحاكم. فان كانت المرأة خَفِرة، بعث الحاكم من يُلاعِن بينهما. وصفة اللعان أن يبدأ الزوج فيقول: أشهد بالله إِني لمن الصادقين فيما رميتُها به من الزنا، أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: ولعنة الله عليه إِن كان من الكاذبين، ثم تقول الزوجة أربع مرات: أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا، ثم تقول: وغضب الله عليها إِن كان من الصادقين. والسُّنة أن يتلاعنا قياماً، ويقال للزوج إِذا بلغ اللعنة: اتق الله فانها المُوجِبة، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وكذلك يقال للزوجة إِذا بلغت إِلى الغضب. فإن كان بينهما ولد، افتقر نفيه عن الأب إِلى ذِكْره في اللعان، فيزيد في الشهادة: وما هذا الولد ولدي، وتزيد هي: وإِن هذا الولد ولده.
فصل:
واختلف الفقهاء في الزوجين اللَّذين يجري بينهما اللعان، فالمشهور عن أحمد أن كل زوج صح قذفه صح لعانه، فيدخل تحت هذا المسلمُ والكافر والحرُّ والعبد، وكذلك المرأة، وهذا قول مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يجوز اللعان بين الحرِّ والأمَةَ، ولا بين العبد والحرة، ولا بين الذميَّين، أو إِذا كان أحدهما ذميّاً ونقل حرب عن أحمد نحو هذا، والمذهب هو الأول. ولا تختلف الرواية عن أحمد أن فُرقة اللعان لا تقع بلعان الزوج وحده. واختلفت هل تقع بلعانهما من غير فُرقة الحاكم على روايتين. وتحريم اللعان مؤبَّد، فان أكذب الملاعنُ نفسه لم تحلَّ له زوجته أيضاً، وبه قال عمر، وعلي، وابن مسعود، وعن أحمد روايتان، أصحهما: هذا، والثانية: يجتمعان بعد التكذيب، وهو قول أبي حنيفة.
قوله تعالى: وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ وقرأ أبو حنيفة وأبو المتوكل. وابن يعمر، والنخعي: «تكن» بالتاء. قوله تعالى: فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: «أربعَ» بفتح العين. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: برفع العين. قال الزجاج: من رفع «أربعُ» فالمعنى: فشهادة أحدهم التي تدرأُ حَدَّ القذف أربعُ ومن نصب، فالمعنى:
فعليهم أن يشهد أحدهم أربعَ. قوله تعالى: وَالْخامِسَةُ قرأ حفص عن عاصم: «والخامسةَ» نصباً، حملاً على نصب «أربعَ شهادات». قوله تعالى: أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ قرأ نافع، ويعقوب، والمفضل:
281
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ
ﰊ
ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ
ﰋ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ
ﰌ
ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ
ﰍ
ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ
ﰎ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ
ﰏ
ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ
ﰐ
ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ
ﰑ
ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ
ﰒ
ﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑ
ﰓ
«أنْ لعنةُ الله» و «أنْ غضبُ الله» بتخفيف النون فيهما وسكونهما ورفع الهاء من «لعنةُ» والباء من «غضبُ»، إِلا أن نافعاً كسر الضاد من «غَضِبَ» وفتح الباء. قوله تعالى: وَيَدْرَؤُا عَنْهَا أي: ويَدفع عنها الْعَذابَ وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الحَدُّ. والثاني: الحبس ذكرهما ابن جرير. والثالث: العار.
قوله تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ أي: ستره ونعمته. قال الزجاج: وجواب «لولا» ها هنا متروك، والمعنى: لولا ذلك لنال الكاذبَ منكم عذابٌ عظيم، وقال غيره: لولا فضل الله لبيّن الكاذب من الزوجين فأُقيم عليه الحدّ، وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ يعود على من رجع عن المعاصي بالرحمة حَكِيمٌ فيما فرض من الحدود.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ١١ الى ٢٠]
إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١) لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٤) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥)
وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (١٦) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠)
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ أجمع المفسرون أن هذه الآية وما يتعلق بها بعدها نزلت في قصة عائشة رضي الله عنها، وفي حديث الإِفك أن هذه الآية إِلى عشر آيات نزلت في قصة عائشة. وقد ذكرنا حديث الإِفك في كتاب «الحدائق» وفي كتاب «المغني في التفسير» فلم نطل بذكره، لأن غرضنا اختصار هذا الكتاب ليحفظ. فأما الإِفك، فهو الكذب، والعصبة: الجماعة. ومعنى قوله تعالى:
مِنْكُمْ أي: من المؤمنين.
(١٠٢٦) وروى عروة عن عائشة أنها قالت: هم أربعة: حسان بن ثابت، وعبد الله بن أبي بن سلول ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش، وكذلك عدهم مقاتل.
قوله تعالى: لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ قال المفسرون: هذا خطاب لعائشة وصفوان بن المعطّل،
قوله تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ أي: ستره ونعمته. قال الزجاج: وجواب «لولا» ها هنا متروك، والمعنى: لولا ذلك لنال الكاذبَ منكم عذابٌ عظيم، وقال غيره: لولا فضل الله لبيّن الكاذب من الزوجين فأُقيم عليه الحدّ، وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ يعود على من رجع عن المعاصي بالرحمة حَكِيمٌ فيما فرض من الحدود.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ١١ الى ٢٠]
إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١) لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٤) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥)
وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (١٦) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠)
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ أجمع المفسرون أن هذه الآية وما يتعلق بها بعدها نزلت في قصة عائشة رضي الله عنها، وفي حديث الإِفك أن هذه الآية إِلى عشر آيات نزلت في قصة عائشة. وقد ذكرنا حديث الإِفك في كتاب «الحدائق» وفي كتاب «المغني في التفسير» فلم نطل بذكره، لأن غرضنا اختصار هذا الكتاب ليحفظ. فأما الإِفك، فهو الكذب، والعصبة: الجماعة. ومعنى قوله تعالى:
مِنْكُمْ أي: من المؤمنين.
(١٠٢٦) وروى عروة عن عائشة أنها قالت: هم أربعة: حسان بن ثابت، وعبد الله بن أبي بن سلول ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش، وكذلك عدهم مقاتل.
قوله تعالى: لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ قال المفسرون: هذا خطاب لعائشة وصفوان بن المعطّل،
صحيح. أخرجه مسلم ٢٧٧٠ ح ٥٨ والترمذي ٣١٨٠ من طريق أبي أسامة عن هشام عن عروة عن عائشة، وهو طرف حديث. وانظر «أحكام القرآن» ١٥٦٦ بتخريجنا. وحديث الإفك، حديث صحيح مشهور. أخرجه البخاري ٢٦٦١ و ٤١٤١ و ٤٧٥٠، و ٦٦٧٩ ومسلم ٢٧٧٠ وأبو داود ٤٧٣٥ والترمذي ٣١٨٠ والنسائي في «عشرة النساء» ٤٥ وعبد الرزاق ٩٧٤٨ وأحمد ٦/ ١٩٧ وأبو يعلى ٤٩٢٧ و ٤٩٣٣ وابن حبان ٤٢١٢ والطبراني ٢٣/ ١٣٤ والبيهقي ٧/ ٣٠٢ من طرق كلهم من حديث عائشة.
282
وقيل: لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وأبي بكر وعائشة والمعنى: إٍنكم تؤجرون فيه، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يعني: من العصبة الكاذبة مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ أي: جزاء ما اجترح من الذنب على قدر خوضه فيه، وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وعكرمة، ومجاهد وابن أبي عبلة، والحسن، ومحبوب عن أبي عمرو ويعقوب: «كُبْره» بضم الكاف. قال الكسائي: وهما لغتان. وقال ابن قتيبة: كِبْر الشيء: معظمه، ومنه هذه الآية. قال قيس بن الخطيم يذكر امرأة:
وفي المتولي لذلك قولان: «٢» أحدهما: أنه عبد الله بن أبي، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وعروة عن عائشة، وبه قال مجاهد، والسدي، ومقاتل. قال المفسرون: هو الذي أشاع الحديث، فله عذاب عظيم بالنار. وقال الضحاك: هو الذي بدأ بذلك. والثاني: أنه حسان.
(١٠٢٧) روى الشعبي أن عائشة قالت: ما سمعت أحسن من شعر حسان، وما تمثلت به إلا رجوت له الجنة فقيل: يا أم المؤمنين، أليس الله يقول: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ، فقالت: أليس قد ذهب بصره؟
(١٠٢٨) وروى عنها مسروق أنها قالت: وأي عذاب أشد من العمى، ولعل الله أن يجعل ذلك العذاب العظيم، ذهاب بصره، تعني: حسان بن ثابت.
ثم إنّ الله عزّ وجلّ أنكر على الخائضين في الإفك بقوله تعالى: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ أي: هلا إذ سمعتم أيتها العصبة الكاذبة قذف عائشة ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ من العصبة الكاذبة، وهم حسّان ومسطح
تنام عن كبر شأنها فإذا | قامت رويدا تكاد تنغرف «١» |
(١٠٢٧) روى الشعبي أن عائشة قالت: ما سمعت أحسن من شعر حسان، وما تمثلت به إلا رجوت له الجنة فقيل: يا أم المؤمنين، أليس الله يقول: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ، فقالت: أليس قد ذهب بصره؟
(١٠٢٨) وروى عنها مسروق أنها قالت: وأي عذاب أشد من العمى، ولعل الله أن يجعل ذلك العذاب العظيم، ذهاب بصره، تعني: حسان بن ثابت.
ثم إنّ الله عزّ وجلّ أنكر على الخائضين في الإفك بقوله تعالى: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ أي: هلا إذ سمعتم أيتها العصبة الكاذبة قذف عائشة ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ من العصبة الكاذبة، وهم حسّان ومسطح
أخرجه الطبري ٢٥٨٤٣ عن الشعبي عن عائشة، وهذا منقطع، وانظر ما بعده.
صحيح. أخرجه البخاري ٤١٤٦ و ٤٧٥٥ و ٤٧٥٦ ومسلم ٢٤٨٨ والطبري ٢٥٨٤٥ من طريق مسروق به.
قال مسروق، دخلنا على عائشة رضي الله عنها وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعرا يشبب بأبيات له وقال:
فقالت له عائشة: لكنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها: لم تأذني له أن يدخل عليك وقد قال الله:
وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ فقالت: وأي عذاب أشد من العمى؟ قالت له: إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ومعنى: حصان: عفيفة، رزان: ذات ثبات ووقار وعفة، ما تزن: ما تتهم، غرثى:
جائعة.
__________
(١) في «اللسان» : الغرف: التثني والانقصاف، وقال يعقوب: معناه تتثنى وقيل: معناه: تنقصف من دقة خصرها.
(٢) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٣/ ٣٤٠: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ. ثم الأكثرون على أن المراد بذلك إنما هو عبد الله بن أبي ابن سلول- قبّحه الله ولعنه- وقولهم: حسان بن ثابت. وهو قول غريب، ولولا أنه وقع في صحيح البخاري ما قد يدل على ذلك لما كان لإيراده فائدة، فإنه من الصحابة الذين كان لهم فضائل ومناقب ومآثر، وأحسن محاسنه أنه كان يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بشعره، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: هاجم وجبريل معك- ولقد وافقه الطبري-.
وقال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ٩/ ٢٧٨: وأولى القولين في ذلك بالصواب: قول من قال: الذي تولى كبره من عصبة الإفك، كان عبد الله بن أبي، وذلك لأنه لا خلاف بين أهل العلم بالسير الذي بدأ بذكر الإفك، وكان يجمع أهله ويحدثهم عبد الله بن أبي ابن سلول وفعله ذلك كان توليه كبر ذلك الأمر.
صحيح. أخرجه البخاري ٤١٤٦ و ٤٧٥٥ و ٤٧٥٦ ومسلم ٢٤٨٨ والطبري ٢٥٨٤٥ من طريق مسروق به.
قال مسروق، دخلنا على عائشة رضي الله عنها وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعرا يشبب بأبيات له وقال:
حصان رزان ما تزنّ بريبة | وتصبح غرثى من لحوم الغوافل |
وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ فقالت: وأي عذاب أشد من العمى؟ قالت له: إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ومعنى: حصان: عفيفة، رزان: ذات ثبات ووقار وعفة، ما تزن: ما تتهم، غرثى:
جائعة.
__________
(١) في «اللسان» : الغرف: التثني والانقصاف، وقال يعقوب: معناه تتثنى وقيل: معناه: تنقصف من دقة خصرها.
(٢) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٣/ ٣٤٠: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ. ثم الأكثرون على أن المراد بذلك إنما هو عبد الله بن أبي ابن سلول- قبّحه الله ولعنه- وقولهم: حسان بن ثابت. وهو قول غريب، ولولا أنه وقع في صحيح البخاري ما قد يدل على ذلك لما كان لإيراده فائدة، فإنه من الصحابة الذين كان لهم فضائل ومناقب ومآثر، وأحسن محاسنه أنه كان يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بشعره، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: هاجم وجبريل معك- ولقد وافقه الطبري-.
وقال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ٩/ ٢٧٨: وأولى القولين في ذلك بالصواب: قول من قال: الذي تولى كبره من عصبة الإفك، كان عبد الله بن أبي، وذلك لأنه لا خلاف بين أهل العلم بالسير الذي بدأ بذكر الإفك، وكان يجمع أهله ويحدثهم عبد الله بن أبي ابن سلول وفعله ذلك كان توليه كبر ذلك الأمر.
283
وَالْمُؤْمِناتُ وهي: حمنة بنت جحش بِأَنْفُسِهِمْ وفيها ثلاثة أقوال: أحدها: بأمهاتهم. والثاني:
بأخواتهم. والثالث: بأهل دينهم، لان المؤمنين كنفس واحدة، وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ أي: كذب بيِّن. وجاء في التفسير أن أبا أيوب الأنصاري قالت له أمه:
(١٠٢٩) ألا تسمع ما يقول الناس في أمر عائشة؟! فقال: هذا إفك مبين، أكنت يا أمّاه فاعلته؟
فقالت: معاذ الله، قال: فعائشة والله خير منك فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: لَوْلا جاؤُ أي: هلا جاءت العصبة الكاذبة على قذفهم عائشة بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ وقرأ الضحاك، وعاصم الجحدري: «بأربعة» منونة والمعنى: يشهدون بأنهم عاينوا ما رموها به فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ أي: في حكمه هُمُ الْكاذِبُونَ. ثم ذكر القاذفين فقال: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ أي: لولا ما منَّ الله به عليكم، لَمَسَّكُمْ أي: لأصابكم فِيما أَفَضْتُمْ أي: أخذتم وخضتم فِيهِ من الكذب والقذف عَذابٌ عَظِيمٌ في الدنيا والآخرة. ثم ذكر الوقت الذي لولا فضله لأصابهم فيه العذاب فقال إِذْ تَلَقَّوْنَهُ وكان الرجل منهم يلقى الرجل فيقول: بلغني كذا، فيتلقاه بعضهم من بعض. وقرأ عمر بن الخطاب: «إذ تُلْقونه» بتاء واحدة خفيفة مرفوعة وإسكان اللام وقاف منقوطة بنقطتين مرفوعة خفيفة وقرأ معاوية، وابن السميفع مثله، إلا أنهما فتحا التاء والقاف. وقرأ ابن مسعود: «تَتَلَقَّونه» بتاءين مفتوحتين مع نصب اللام وتشديد القاف. وقرأ أبي بن كعب، وعائشة، ومجاهد، وأبو حيوة: «تَلِقُونه» بتاء واحدة خفيفة مفتوحة وكسر اللام ورفع القاف. وقال الزجاج:
«تُلْقونه» : يلقيه بعضكم إلى بعض وتلقونه معناه: إذ تسرعون بالكذب، يقال: قد ولق يلق: إذا أسرع في الكذب وغيره، قال الشاعر:
جاءَتْ به عَنْسٌ من الشَّامْ تلق
أي: تسرع. وقال ابن قتيبة: «تَلَقَّوْنَهُ» أي: تقبلونه، ومن قرأ: «تَلِقونَهُ» أخذه من الولق، وهو الكذب.
قوله تعالى: وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ أي: من غير أن تعلموا أنه حق وَتَحْسَبُونَهُ يعني: ذلك القذف هَيِّناً أي: سهلا لا إثم فيه وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ في الوزر. ثم زاد عليهم في الإنكار فقال: وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنا أي: ما يحل وما ينبغي لنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ وهو يحتمل التنزيه والتعجب. وروت عائشة أن امرأة أبي أيوب الأنصاري قالت له: ألم تسمع ما يتحدث الناس؟! فقال: «ما يكونُ لنا ان نَتَكَلَم بهذا... » الآية، فنزلت الآية، وقد روينا آنفا أن أمه ذكرت له ذلك، فنزلت الآية المتقدمة، وروي عن سعيد بن جبير أن سعد بن معاذ لما سمع ذلك قال سبحانك هذا بهتان عظيم، فقيل للناس: هلا قلتم كما قال سعد؟! قوله تعالى: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أي: ينهاكم الله أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أي: إلى مثله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
بأخواتهم. والثالث: بأهل دينهم، لان المؤمنين كنفس واحدة، وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ أي: كذب بيِّن. وجاء في التفسير أن أبا أيوب الأنصاري قالت له أمه:
(١٠٢٩) ألا تسمع ما يقول الناس في أمر عائشة؟! فقال: هذا إفك مبين، أكنت يا أمّاه فاعلته؟
فقالت: معاذ الله، قال: فعائشة والله خير منك فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: لَوْلا جاؤُ أي: هلا جاءت العصبة الكاذبة على قذفهم عائشة بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ وقرأ الضحاك، وعاصم الجحدري: «بأربعة» منونة والمعنى: يشهدون بأنهم عاينوا ما رموها به فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ أي: في حكمه هُمُ الْكاذِبُونَ. ثم ذكر القاذفين فقال: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ أي: لولا ما منَّ الله به عليكم، لَمَسَّكُمْ أي: لأصابكم فِيما أَفَضْتُمْ أي: أخذتم وخضتم فِيهِ من الكذب والقذف عَذابٌ عَظِيمٌ في الدنيا والآخرة. ثم ذكر الوقت الذي لولا فضله لأصابهم فيه العذاب فقال إِذْ تَلَقَّوْنَهُ وكان الرجل منهم يلقى الرجل فيقول: بلغني كذا، فيتلقاه بعضهم من بعض. وقرأ عمر بن الخطاب: «إذ تُلْقونه» بتاء واحدة خفيفة مرفوعة وإسكان اللام وقاف منقوطة بنقطتين مرفوعة خفيفة وقرأ معاوية، وابن السميفع مثله، إلا أنهما فتحا التاء والقاف. وقرأ ابن مسعود: «تَتَلَقَّونه» بتاءين مفتوحتين مع نصب اللام وتشديد القاف. وقرأ أبي بن كعب، وعائشة، ومجاهد، وأبو حيوة: «تَلِقُونه» بتاء واحدة خفيفة مفتوحة وكسر اللام ورفع القاف. وقال الزجاج:
«تُلْقونه» : يلقيه بعضكم إلى بعض وتلقونه معناه: إذ تسرعون بالكذب، يقال: قد ولق يلق: إذا أسرع في الكذب وغيره، قال الشاعر:
جاءَتْ به عَنْسٌ من الشَّامْ تلق
أي: تسرع. وقال ابن قتيبة: «تَلَقَّوْنَهُ» أي: تقبلونه، ومن قرأ: «تَلِقونَهُ» أخذه من الولق، وهو الكذب.
قوله تعالى: وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ أي: من غير أن تعلموا أنه حق وَتَحْسَبُونَهُ يعني: ذلك القذف هَيِّناً أي: سهلا لا إثم فيه وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ في الوزر. ثم زاد عليهم في الإنكار فقال: وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنا أي: ما يحل وما ينبغي لنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ وهو يحتمل التنزيه والتعجب. وروت عائشة أن امرأة أبي أيوب الأنصاري قالت له: ألم تسمع ما يتحدث الناس؟! فقال: «ما يكونُ لنا ان نَتَكَلَم بهذا... » الآية، فنزلت الآية، وقد روينا آنفا أن أمه ذكرت له ذلك، فنزلت الآية المتقدمة، وروي عن سعيد بن جبير أن سعد بن معاذ لما سمع ذلك قال سبحانك هذا بهتان عظيم، فقيل للناس: هلا قلتم كما قال سعد؟! قوله تعالى: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أي: ينهاكم الله أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أي: إلى مثله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
أخرجه الطبري ٢٥٨٥٩ من طريق محمد بن إسحاق به، عن بعض رجال بني النجار، فهذا إسناد ضعيف.
وأخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٦٣٦ عن عروة عن عائشة رضي الله عنها حدثته بحديث الإفك وقالت فيه:
وأخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٦٣٦ عن عروة عن عائشة رضي الله عنها حدثته بحديث الإفك وقالت فيه:
وكان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته | وذكر الحديث وفي إسناده عطاء الخراساني، وهو ضعيف. |