تفسير سورة النّور

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة النور من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ﴾ أي: الكذب الشنيع، وهو رَمْيُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رضي الله عنها.
﴿عُصْبَةٌ مِّنكُمْ﴾ أي: جَمَاعَةٌ مُنْتَسِبُونَ إليكم يا مَعْشَرَ المؤمنين، مِنْهُمُ المؤمنُ الصَّادِقُ في إيمانه، لكنه اغْتَرَّ بترويجِ المنافقين، وَمِنْهُمُ المنافقُ ﴿الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ﴾ أي: مُعْظَمَ الإِفْكِ، وهو المنافقُ الخبيثُ «عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ بْنُ سَلُولٍ» لَعَنَهُ اللهُ.
﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ﴾ أي: تَتَلَقَّفُونَهُ، وَيُلْقِيهِ بعضُكم إلى بعضٍ وتستوشون حَدِيثَهُ، وهو قولٌ بَاطِلٌ.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ﴾ أي: الأمورَ الشنيعةَ المُسْتَقْبَحَةَ، فَيُحِبُّونَ أن تَشْتَهِرَ الفاحشةُ.
﴿وَلَا يَأْتَلِ﴾ أي: لَا يَحْلِفْ.
﴿الْغَافِلَاتِ﴾ اللاتي لم يَخْطُرْ ذلك بِقُلُوبِهِنَّ.
﴿الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ﴾ أي: كُلُّ خبيثٍ من الرجالِ والنساءِ، والكلماتِ والأفعالِ، مُنَاسِبٌ لِلْخَبِيثِ وَمُوَافِقٌ لَهُ، وَمُقْتَرِنٌ به، وَمُشَاكِلٌ له، وَكُلّ طَيِّبٍ من الرجالِ والنساءِ والكلماتِ والأفعالِ مُنَاسِبٌ للطَّيِّبِ وَمُوَافِقٌ له، وَمُقْتَرِنٌ به، وَمُشَاكِلٌ له.
فهذه كلمة عَامَّةٌ وَحَصْرٌ، لا يَخْرُجُ منه شيءٌ، مِنْ أَعْظَمِ مُفْرَدَاتِهِ أن الأنبياءَ خُصُوصًا أُولِي العَزْمِ منهم، خصوصًا سَيِّدَهُمْ محمدًا - ﷺ - الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الطَّيِّبِينَ مِنَ الخَلْقِ عَلَى الإطلاقِ، لا يُنَاسِبُهُمْ إلا كُلّ طَيِّبٍ مِنَ النِّسَاءِ.
﴿يَغُضُّوا﴾ غَضُّ البَصَرِ: خَفْضُهُ بِحَيْثُ تَمْتَنِعُ الرُّؤْيَةُ.
﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ كَالثِّيَابِ الجَمِيلَةِ وَالحُلِيِّ.
﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ أي: الثِّيَابُ الظَّاهِرَةُ، التي جَرَتِ العَادَةُ بِلُبْسِهَا إذا لم يكن في ذلك مَا يَدْعُو إلى الفتنةِ بها.
﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾ أي: وَالَّذِينَ يَتْبَعُونَكُمْ، ويتعلقون بِكُمْ من الرجالِ الَّذِينَ لا إربةَ لهم في هذه الشهوةِ كالمعتوهِ الَّذِي لا يَدْرِي ما هُنَالِكَ، وكالعِنِّينِ الَّذِي لم يَبْقَ له شهوةٌ، لا في فَرْجِهِ، ولا في قلبه؛ فإن هذا لا محذورَ مِنْ نَظَرِهِ.
﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء﴾ أي: الأطفال الَّذِينَ دُونَ التمييز، فإنه يجوز نَظَرُهُمْ للنساءِ الأجانبِ، وَعَلَّلَ تعالى ذلك بأنهم لم يَظْهَرُوا عَلَى عوراتِ النساءِ، أي: ليس لهم عِلْمٌ بذلك، ولا وُجِدَتْ فيهم الشهوةُ بَعْدُ.
﴿الْأَيَامَى﴾ الأَيَامَى: جَمْعُ أَيِّمٍ، وهو مَنْ لا زَوْجَ له رَجُلًا كان أو امرأةً، بِكْرًا كَانَ أو ثَيِّبًا.
﴿إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ﴾ أي: في الطَّالِبِينَ للكِتَابَةِ.
﴿خَيْرًا﴾ أَيْ قُدْرَةً عَلَى التَّكَسُّبِ، وَصَلَاحًا في دِينِهِ؛ لأن في الكتابةِ تَحْصِيلَ المَصْلَحَتَيْنِ، مصلحةِ العِتْقِ والحريةِ، ومصلحةِ العِوَضِ الَّذِي يَبْذُلُهُ في فداءِ نَفْسِهِ، وربما جَدَّ وَاجْتَهَدَ وَأَدْرَكَ لِسَيِّدِهِ في مدةِ الكتابةِ من المال، ما لا يَحْصُلُ عَلَيْهِ في رِقِّهِ.
﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ﴾ أي: إِمَاءَكُمْ.
﴿عَلَى الْبِغَاء﴾ أي: أَنْ تَكُونَ زَانِيَةً.
﴿كَمِشْكَاةٍ﴾ المِشْكَاةُ: فُرْجَةٌ في الجدارِ مِثْلُ الكُوَّةِ لكنها غيرُ نَافِذَةٍ؛ فَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةً فَهِيَ الكُوَّةُ، وهي أَجْمَعُ للضَّوْءِ، والمصباحُ فيها أكثرُ إنارةً منه في غيرها.
﴿الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾ شَدِيدُ الإنَارَةِ نُسِبَ إلى الدُّرِّ في صَفَائِهِ وَحُسْنِهِ، أي: إن الزجاجةَ لِصَفَائِهَا وجودةِ جَوْهَرِهَا وَتَوَهُّجِهَا بنورِ المصباحِ كأنها كوكبٌ شديدُ الإضاءةِ.
﴿بِقِيعَةٍ﴾ الْقِيعَةُ وَالْقَاعُ: ما انْبَسَطَ من الأَرْضِ وَاتَّسَعَ ولم يكن فيه نباتٌ.
﴿بَحْرٍ لجِّيٍّ﴾ ذُو لُجَجٍ، وَاللُّجَّةُ مُعْظَمُ الماءِ وَغَزِيرُهُ كما هي الحالُ في المحيطاتِ.
﴿يُزْجِي﴾ يَسُوقُ.
﴿رُكَامًا﴾ مُتَرَاكِمًا بعضُه فوقَ بَعْضٍ، والرَّكْمُ: جَمْعُ الشَّيْءِ، يقال: رَكَمَ الشيءَ يَرْكُمُهُ رَكْمًا إذا جَمَعَهُ وألقى بعضَه عَلَى بعضٍ.
﴿الْوَدْقَ﴾ المَطَرُ.
﴿مِنْ خِلَالِهِ﴾ مِنْ فُرُوجِ السَّحَابِ.
﴿سَنَا بَرْقِهِ﴾ أي: ضوءُ ذلك البرقِ الَّذِي في السحابِ، والبرقُ هُوَ اللَّمَعَانُ الَّذِي يَظْهَرُ من خلالِ السَّحَابِ.
﴿مُذْعِنِينَ﴾ مُسْرِعِينَ مُنْقَادِينَ مُطِيعِينَ.
﴿عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ﴾ مِنْ إِبْلَاغِ الرِّسَالَةِ وَبَيَانِهَا بالقولِ والعملِ.
﴿وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ﴾ مِنْ وُجُوبِ قَبُولِ الشَّرْعِ.
﴿وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ﴾ أي: لِلْقَائِلَةِ، وَسَطَ النهارِ.
﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ﴾ وهو إنزالُ المنيِّ يَقْظَةً أو مَنَامًا.
﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء﴾ قَعَدْنَ عن الحيضِ لِكِبَرِ سِنِّهِنَّ.
﴿يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا﴾ يَنْصَرِفُونَ عَنْ حَفْرِ الخَنْدَقِ خُفْيَةً وَرَوَغَانًا.
63
سُورة الفُرْقَان
Icon