تفسير سورة المجادلة

حاشية الصاوي على تفسير الجلالين
تفسير سورة سورة المجادلة من كتاب حاشية الصاوي على تفسير الجلالين .
لمؤلفه الصاوي . المتوفي سنة 1241 هـ

قوله: ﴿ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ ﴾ الخ.
﴿ قَدْ ﴾ للتحقيق والمراد بسماع قولها إجابة مطلوبها، بأن أنزل حكم الظهار على ما يوافق مرادها. قوله: ﴿ فِي زَوْجِهَا ﴾ أي شأنه. قوله: (وكان قال لها أنت علي كظهر أمي) شروع في سبب نزول هذه الآيات، وأجمل المفسر في القصة وحاصلها تفصيلاً:" أنه روي أنها كانت حسنة الجسم، فدخل عليها زوجها مرة، فرآها ساجدة في الصلاة، فنظر إلى عجيزتها فأعجبه أمرها، فلما انصرفت من الصلاة طلب وقاعها فأبت، فغضب عليها وكان به لمم، فأصابه بعض لممه فقال لها: أنت علي كظهر أمي، ثم ندم على ما قال، وكان الظهار والإيلاء من طلاق أهل الجاهلية، فقال: ما أظنك إلا قد حرمت علي، فقالت: والله ما ذاك طلاق، فأتت رسوله الله صلى الله عليه وسلم وعائشة تغسل شق رأسه فقالت: يا رسول الله إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني، وأنا شابة غنية ذات أهل ومال، حتى إذا أكل مالي، وأفنى شبابي، وتفرق أهلي، وكبر سني، ظاهر مني وقد ندم، فهل من شيء يجمعني وإياه تنعشني به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت عليه، فقالت: يا رسول الله والذي أنزل عليك ما ذكر الطلاق، وإنه أبو ولدي وأحب الناس إليّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت عليه، فقالت: أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي، قد طالت له صحبتي، ونفضت له بطني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ما أراك إلا قد حرمت عليه، ولم أومر في شأنك بشيء، فجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت عليه هتفت وقالت: أشكو إلى الله فاتقي ووحدتي وشدة حالي، وإن لي صبية صغاراً، إن ضممتهم إلي جاعوا، وإن ضممتهم إليه ضاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء، وتقول: اللهم أشكو إليك، اللهم فأنزل على لسان نبيك فرجي، فكان هذا أول ظهار في الإسلام، فقامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر، فقالت: انظر في أمري جعلني الله فداك يا رسول الله، فقالت عائشة: اقصري حديثك ومجادلتك، أما رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كان إذا نزل الوحي، أخذه مثل السبات أي النوم، لما قضى الوحي قال: ادعي لي زوجك، فدعته فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ﴾ الآيات إلى قوله: ﴿ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ ". وروى الشيخان عن عائشة قالت:" الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة خولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمته، وأنا في جانب البيت، وما أسمع ما تقول، فأنزل الله ﴿ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ ﴾ الآيات، فقال صلى الله عليه وسلم لزوجها: هل تستطيع العتق؟ فقال: لا والله، فقال: هل تستطيع الصوم؟ فقال: لا والله، إني أن أخأطني الأكل في اليوم مرة أو مرتين، كلَّ بصري، وظننت أني أموت، قال: فأطعم ستين مسكيناً، قال: ما أجد إلا أن تعينني منك بمعونة وصلة، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشرة صاعاً، فتصدق بها على ستين مسكيناً ". وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بها في زمن خلافته، وهو على حمار والناس حوله، فاستوقفته طويلاً ووعظته وقالت: يا عمر قد كنت تدعى عميراً، ثم قيل لك يا عمر، ثم قيل لك يا أمير المؤمنين، فاتق الله يا عمر، فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب، وهو واقف يسمع كلامها، فقيل له: يا أمير المؤمنين، أتقف لهذه العجوز هذا الموقف؟ فقال: والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره، لا زلت إلا للصلاة المكتوبة، أتدرون من هذه العجوز؟ هي خولة بنت ثعلبة، سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟ قوله: (عن ذلك) أي عن حكمه، هل هو فراق أو لا؟ قوله: (فأجابها بأنها حرمت عليه) أي وجوابه التحريم، دال على استمرار الحرمة التي كانت في الجاهلية، لأنه لا ينطبق عن الهوى. قوله: (وهي خولة بنت ثعلبة) أي ابن مالك الخزرجية. قوله: (وهو أوس بن الصامت) أي أخو عبادة من الصامت. قوله: ﴿ وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ ﴾ أي تتضرع إلى الله. قوله: (وفاقتها) أي فقرها، وقوله: (وصبية) الجمع لما فوق الواحد، لأنهما كانا ولدين. قوله: (ضاعوا) أي من عدم تعهد الخدمة، وقوله: (جاعوا) أي من عدم النفقة لفقرها، ولعل نفقة الأولاد، لم تكن إذ ذاك واجبة على أبيهم. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ ﴾ استئناف جار مجرى التعليل لما قبله. قوله: (تراجعكما) أي فالمحاورة المراجعة في الكلام. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ تعليل لما قبله.
قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ ﴾ شروع في بيان حكم الظهار، وهو الحرمة بالإجماع، ومن استحله فقد كفر، وحقيقة الظهار، تشبيه ظهر حلال بظهر محرم، فمن قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي، فهو ظهار بإجماع الفقهاء، وقاس مالك وأبو حنيفة غير الأم من ذوات المحارم عليها، واختلف القول عن الشافعي، فروي عنه مثل مالك، وروي عنه: أن الظهار لا يكون إلا بالأم وحدها. قوله: (وفي قراءة بألف) الخ، في كلامه التنبيه على ثلاث قراءات سبعيات. قوله: (الخفيفة) نعت للهاء، وأما الظاء فمشددة. قوله: ﴿ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ﴾ أي حقيقة. قوله: (وبلاء ياء) فالقراءات سبعيات، وبقي قراءتان سبعيتان أيضاً وهما: تسهيل الهمزة وقلبها ياء ساكنة. قوله: ﴿ مُنكَراً ﴾ أي فظيعاً من القول لا يعرف في الشرع. قوله: (بالكفارة) أي فالمغفرة سببها الكفارة، وفيه إشارة إلى أن الحدود جوابر. قوله: ﴿ وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ﴾ تفصيل للحكم المترتب على الظهار، إثر بيان التوبيخ عليه. قوله: ﴿ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ ﴾ أي لقولهم، فما مصدرية، والعود عند مالك بالعزم على الوطء، وعند الشافعي يحصل بإمساكها زمناً يمكنه مفارقتها فيه، وعند أبي حنيفة يحصل باستباحة استمتاعها. قوله: (مقصود الظهار) الكلام إما على حذف مضاف أي ذي الظهار، أو المعنى المقصود بالظهار. قوله: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ﴾ مبتدأ خبره محذوف، قدره بقوله: (عليه) والجملة خبر المتبدإ الذي هو الموصول. قوله: (بالوطء) هذا قول للشافعي قديم، وفي الجديد إنه الاستمتاع بما بين السرة والركبة، وعند مالك بالوطء ومقدماته. قوله: ﴿ ذَلِكُمْ ﴾ إشارة إلى الحكم المذكور، وهو مبتدأ خبره ﴿ تُوعَظُونَ بِهِ ﴾ أي تزجرون به عن ارتكاب المنكر المذكور.
قوله: ﴿ فَمَن لَّمْ يَجِدْ ﴾ مبتدأ، وقوله: ﴿ فَصِيَامُ ﴾ مبتدأ ثان خبره محذوف، قدره المفسر بقوله: (عليه) والجملة خبر الأول. قوله: ﴿ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ﴾ أي فإن أفطر فيهما ولو لعذر، انقطع التتابع ووجب استئنافهما. قوله: (عليه) أي على من لم يستطع، ومن لم يجد، وهو خبر عن كل من قوله: ﴿ فَصِيَامُ ﴾ وقوله: ﴿ فَإِطْعَامُ ﴾.
قوله: (حملا للمطلق) أي الذي هو وجوب الإطعام، أطلق في الآية عن التقييد، بكونه من قبل أن يتماسا على المقيد الذي هو وجوب الصيام ووجوب الرقبة، قيد كلاً بكونه من قبل أن يتماسا، والحمل معناه تقييد المطلق بالقيد الذي هو في المقيد. قوله: (لكل مسكين مد) ظاهره أنه مد النبي صلى الله عليه وسلم وعليه الشافعي، وقال مالك: إنه مد هشام بن عبد الملك، وكان يزيد على مد النبي صلى الله عليه وسلم ثلثاً تشديداً على المظاهر، بخلاف باقي الكفارات، فالمراد به مد النبي صلى الله عليه وسلم، وقدر الجميع تقريباً عند الشافعي في زماننا ثلاثون قدحاً بالمصري، لكل مسكين نصف قدح، وعند مالك أربعون قدحاً، لكل مسكين ثلثا قدح فتدبر. قوله: ﴿ ذَلِكَ ﴾ إشارة إلى ما مر من البيان والتعليم للأحكام والتنبيه عليها، وقوله: ﴿ لِتُؤْمِنُواْ ﴾ الخ، أي تستمروا على الإيمان وتعملوا بشرائعه، وترفضوا ما كان عليه الجاهلية. قوله: ﴿ وَلِلْكَافِرِينَ ﴾ أي المنكرين لتلك الأحكام. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ هذه الآية نزلت في أهل مكة عام الأحزاب، حين أرادوا التحزب على رسول الله وأصحابه، وكان في السنة الرابعة، وقيل في الخامسة، والمقصود منها تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشارته، بأن أعداءهم المتحزبين القادمين عليهم، يكبتون ويذلون ويفرق جمعهم، فلا تخشوا بأسهم. قوله: (يخالفون) ﴿ ٱللَّهَ ﴾ أي يعادونه ورسوله، فسمى المحادة مخالفة، لأن المحادة أن تكون في حد يخالف حد صاحبك، وهو كناية عن المعاداة. قوله: ﴿ كُبِتُواْ ﴾ أي يكبتوا، وعبر بالماضي لتحقق الوقوع، لأن هذه الآية نزلت قبل قدومهم. قوله: (أذلوا) وقيل معناه أهلكوا، وقيل أخذوا، وقيل عذبوا، وقيل لعنوا، وقيل اغيظوا، وكلها متقاربة في المعنى. قوله: (في مخالفتهم) أي بسببها. قوله: ﴿ وَقَدْ أَنزَلْنَآ ﴾ الخ، الجملة حالية من الواو في ﴿ كُبِتُواْ ﴾.
قوله: ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ﴾ ظرف المهين أو لعذاب، أو لمحذوف تقديره اذكر. قوله: ﴿ جَمِيعاً ﴾ أي بحيث لا يبقى أحد غير مبعوث، أو المعنى مجتمعين في حالة واحدة. قوله: ﴿ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوۤاْ ﴾ أي من القبائح، إما ببيان صدورها منهم، أو بتصويرها بصورة قبيحة هائلة على رؤوس الأشهاد، تخجيلاً لهم وتشهيراً لحالهم. قوله: ﴿ أَحْصَاهُ ٱللَّهُ ﴾ أي لم يفته منه شيء، بل أحاط بجميع ما صدر من خلقه. قوله: ﴿ وَنَسُوهُ ﴾ حال من مفعول أحصى، والمعنى: ذهلوا عنه لكثرته، أو تهاونكم به واعتقادهم أن لا حساب عليه.
قوله: ﴿ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ ﴾ استئناف مسوق لبيان أن علمه وسع كل شيء ويكون تامة، و ﴿ مِن نَّجْوَىٰ ﴾ فاعلها بزيادة ﴿ مِن ﴾ و ﴿ نَّجْوَىٰ ﴾ مصدر معناه التحدث سراً، وإضافتها إلى ثلاثة، من إضافة المصدر إلى فاعله. قوله: ﴿ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ ﴾ الاستثناء في هذا وما بعده، مفرغ واقع في موضع نصب على الحال، والمعنى: ما يوجد شيء من هذه الأشياء، إلا في حال من هذه الأحوال، وخص الثلاثة والخمسة بالذكر، إما لأن الله وتر يحب الوتر، فالعدد المفرد أشرف من الزوج، أو لأن قوماً من المنافقين كانوا يتحلقون للتناجي، وكانوا بهذا العدد زيادة في الاختفاء، فنزلت الآية بصفة حالهم. قوله: (بعلمه) أي وسمعه وبصره، ومتعلق بهم قدرته وإرادته، ولأهل الله المقربين في سر المعية، مشاهدات وتجليات ومقامات، يذوقها من شرب من مشاربهم. قوله: ﴿ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ ﴾ أي من العدد المذكور، فالأدنى من الخمسة الأربعة، والأدنى من الثلاثة الاثنان، والواحد في خاصة نفسه. قوله: ﴿ وَلاَ أَكْثَرَ ﴾ بالجر في قراءة العامة، عطف على لفظ ﴿ نَّجْوَىٰ ﴾ وقرئ شذوذاً بالرفع معطوف على محل ﴿ نَّجْوَىٰ ﴾.
قوله: ﴿ أَيْنَ مَا كَانُواْ ﴾ أي من الأماكن، فإن علمه تعالى بالأشياء، لا يتفاوت بقرب الأمكنة ولا بعدها.
قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ﴾ نزلت في اليهود والمنافقين، كانوا يتناجون فيما بينهم، ويتغامزون بأعينهم إذا رأوا المؤمنين، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عادوا لمثل فعلهم. قوله: ﴿ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ التعبير بالمضارع استحضاراً للصورة العجيبة، ويقال في قوله: ﴿ وَيَتَنَاجَوْنَ ﴾ مثله. قوله: ﴿ وَٱلْعُدْوَانِ ﴾ أي عداوة الرسول والمؤمنين. قوله: ﴿ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ ﴾ رسمت هنا، وفيما يأتي بالتاء المجرورة، وإذا وقف عليها، فبعض القراء يقفون بالهاء وبعضهم بالتاء، وأما في الوصل فاتفقوا على التاء. قوله: (ليوقعوا في قلوبهم الريبة) أي فيوهموهم أنهم قد بلغهم خبر إخوانهم الذين خرجوا في السرايا، وأنهم قتلوا أو ماتوا أو هزموا، فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم. قوله: ﴿ حَيَّوْكَ ﴾ أي خاطبوك بشيء لم يحيك به الله، أي لم يشرعه ولم يأذن في أن يقولوه لك. قوله: (وهو قولهم السام عليك) أي وكان يرد فيقول عليكم، في البخاري:" أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك، قالت عائشة: ففهمتها فقلت: عليكم السام، ولعنكم الله وغضب عليكم، فقال عليه الصلاة والسلام: مهلاً يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش، قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: أولم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم فيّ "واختلف العلماء في رد السلام على أهل الذمة، فقال مالك: إن تحقق نطقهم بالسلام وجب الرد عليهم، وإلا فلا يجب، وعند الشافعي يجب الرد بأن يقول وعليك. قوله: ﴿ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ ﴾ أي فيما بينهم. قوله: (إن كان نبياً) مرتبط بقولهم: ﴿ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ ﴾ والمعنى لو كان نبياً، لعجل الله لنا العذاب بسبب قولنا. قوله: ﴿ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ ﴾ أي كافيهم في العذاب، وقوله: ﴿ يَصْلَوْنَهَا ﴾ حال، وأما إمهالهم في الدنيا، فمن كراماته على ربه لكونه بعث رحمة. قوله: (هي) قدره إشارة إلى أن المخصوص بالذم محذوف. قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ ﴾ يحتمل أن يكون الخطاب للمؤمنين الصادقين، قصد به الزجر والتنفير من فعل اليهود، ويحتمل أن الخطاب للمؤمنين ظاهراً وهم المنافقون. قوله: ﴿ إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ ﴾ (بالإثم ونحوه) أي فالغيبة والتكلم في أعراض المؤمنين سببها الشيطان، ليدخل بها الحزن على المؤمنين المتكلم في عرضه، وليس بضار له في الواقع، وإنما الوبال على المتناجين بذلك، قال العارفون: من أسباب سوء الخاتمة عند الموت، الخوض في أعراض المؤمنين، وتشمل الآية بعمومها ما روي عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه، فإن ذلك يحزنه ". وعن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا كان ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى يختلطوا بالناس من أجل أن يحزنه ". فبين في الحديث غاية المنع، قال العلماء: ولا مفهوم لتناجي اثنين دون ثالث، بل المراد على ترك واحد، كان المتناجي اثنين أو أكثر. قوله: ﴿ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ﴾ نسبت إليه لكونه المزين لها والحامل عليها. قوله: ﴿ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ بضم الياء وكسرك الزاي من أحزنه، أو بفتح الياء وضم الزاي من حزن، فهما قراءتان سبعيتان، والموصول على الأول مفعول، وعلى الثانية فاعل. قوله: ﴿ وَلَيْسَ ﴾ (هو) أي الشيطان. قوله: ﴿ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾ أي فيحصل منه الضرر لإرادة الله أياه، ففي الحقيقة الخير وضده من الله، وهذه الآية مخوفة لأهل الغيبة والنميمة من المؤمنين في كل زمن.
قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ ﴾ الخ، لما نهى الله تعالى المؤمنين عما يكون سبباً للتباغض والتنافر، وهو التناجي بالإثم والعدون ومعصية الرسول، أمرهم الآن بما يكون سبباً لزيادة المحبة والمودة. قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ ﴾ الخ، وسبب نزولها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس منهم يوماً وقد سبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال النبي صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه، فرد عليهما السلام، ثم سلموا على القوم، فردوا عليهم السلام، ثم سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليهم، ثم سلموا على القوم، فردوا عليهم، ثم قاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم، فلم يفسحوا، وشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لمن حوله من غير أهل بدر: قم يا فلان وأنت يا فلان، فأقام من المجلس بقدر أولئك النفر الذين قاموا بين يديه من أهل بدر، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم الكراهة في وجوههم، فأنزل الله هذه الآية. وقيل: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، وذلك أنه دخل المسجد، وقد أخذ القوم مجالسهم، وكان يريد القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم للصمم الذي كان في أذنيه، فوسعوا له حتى قرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضايقه بعضهم، وجرى بينه وبينهم كلام، فنزلت. وعلى كل حال، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فيتناول أي مجلس كان، سواء كان مجلس علم أو ذكر أو صلاة أو قتال أو غير ذلك، لما ورد:" لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلسه فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا، ولا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ولكن ليقل: افسحوا "وقوله في الحديث" لا يقيمن أحدكم "الخ، استفيد منه أن القادم لا يقيم الجالس، وأما قيام الجالس من نفسه له، تواضعاً وأدباً، أو كبير المجلس يقيم أحداً من الجالسين لمصلحة، فلا بأس بذلك. قوله: (مجلس النبي) أي فإنهم كانوا يتضامنون فيه، حرصاً على القرب منه واستماع كلامه. قوله: (وفي قراءة المجالس) أي والجمع باعتبار أن لكل واحد مجلساً، والقراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ ﴾ مجزوم في جواب الأمر الواقع جواباً للشرط. قوله: (في الجنة) أي والدنيا والقبر والقيامة. قوله: (وغيرها) أي كالجهاد وكل خير، وقيل: معنى انشزوا ارتفعوا عن مواضعكم حتى توسعوا لإخوانكم، قيل: كان رجال يتثاقلون عن الصلاة في الجماعة إذا نودي لها، فنزلت هذه الآية، والمقصود العموم في كل ما يطلب فيه النهوض والإسراع، ففيه حثّ على التشمير عن ساعد الجد والاجتهاد في الطاعات وترك التكاسل. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً، وكلامها لغتان فصيحتان، من بابي ضرب ونصر. قوله: (في ذلك) أي القيام إلى الصلاة ونحوها. قوله: ﴿ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ﴾ معطوف على ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ عطف خاص على عام، لأن الذين أوتوا العلم بعض المؤمنين، لكن لما جمع العلماء بين العلم والعمل، استحقوا رفع درجات والاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم.
قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ ﴾ الخ، الحكمة في هذا الأمر، تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتفاع الفقراء، والنهي عن الإفراط في السؤال، والتمييز بين المخلص والمنافق، ومحب الدنيا ومحب الآخرة، واختلف في هذا الأمر، فقيل للندب، وقيل للوجوب، روي عن علي كرّم الله وجهه أنه قال: إن في كتاب الله آية ما عمل بها أحد غيري، كان لي دينار فصرفته بعشرة دراهم، وناجيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر مرات، أتصدق في كل مرة بدرهم، وكان يقول: آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، وهي آية المناجاة. وروي عنه أيضاً قال: لما نزلت ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾ فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم ما ترى ديناراً؟ قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينار؟ قلت لا يطيقونه، قال: فكم؟ قلت: شعيرة، قال: إنك لزهيد، أي قليل المال، ففي هذه الآية منقبة عظيمة لعلي بن أبي طالب، وليس فيها ذم لغيره من الصحابة، وذلك لأنه لم يتسع الوقت ليعملوا بهذه الآية، ولو اتسع الوقت، لم يتخلفوا عن العمل بها، وعلى القول باتساعه، فلعل الأغنياء كانوا غائبين، والفقراء لم يكن بأيديهم شيء. قوله: (أردتم مناجاته) أشار بذلك إلى أن الماضي ليس على حقيقته أخذاً من قوله: ﴿ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ ﴾.
قوله: ﴿ ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ أي التقديم خير لما فيه من طاعة الله ورسوله. قوله: (يعني فلا عليكم) أشار بذلك إلى أن جواب الشرط محذوف، وقوله: ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ تعليل للمحذوف ودليل عليه. قوله: (ثم نسخ ذلك) أي الأمر بتقديم الصدقة بعد أن استمر زمناً، قيل هو ساعة، وقيل يوم، وقيل عشرة أيام، واختلفوا في الناسخ للأمر، فقيل هو الآية بعده وعليه المفسر تبعاً للجمهور، وقيل هو آية الزكاة. قوله:(بقوله) ﴿ ءَأَشْفَقْتُمْ ﴾ الخ، مراده الآية بتمامها. قوله: (بتحقيق الهمزتين) الخ، أشار بذلك لأربع قراءات سبعيات، وبقي قراءة خامسة سبعية، وذلك لأن التحقيق إما مع إدخال ألف أو بدونه. قوله: (الفقر) أشار بذلك إلى أن مفعول ﴿ ءَأَشْفَقْتُمْ ﴾ محذوف، والمعنى أخفتم من تقديم الصدقة الاحتياج؟. قوله: ﴿ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ ﴾ يحتمل أن إذ باقية على بابها من المضي، والمعنى: إن تركتم ذلك فيما مضى، فتداركوه بإقامة الصلاة الخ، ويحتمل أنها بمعنى إن الشرطية. قوله: ﴿ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ ﴾ الجملة حالية أو مستأنفة معترضة بين الشرط وجوابه. قوله: (رجع بكم عنها) أي عن وجوبها، فنسخها تخفيفاً عليكم. قوله: (أي دوموا على ذلك) أي المذكور من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله.
قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً ﴾ الخ، المقصود من هذه الآية، التعجب من حال المنافقين الذين كانوا يتخذون اليهود أولياء، ويناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين. وسبب نزولها:" أن عبد الله بن نبتل المنافق. كان يجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرفع حديثه إلى اليهود، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرة من حجره إذ قال: يدخل عليكم اليوم رجل قلبه قلب جبار، وينظر بعيني شيطان، فدخل عبد الله بن بنتل، وكان أزرق العين، فقال له النبي صلى الله عليه سلم: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فحلف بالله ما فعل، وجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه، فنزلت هذه الآية ". قوله: ﴿ مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ ﴾ إخبار عنهم بأنهم ليسوا من المؤمنين الخلص، ولا من الكافرين الخلص، لا ينتسبون إلا هؤلاء وإلا إلى هؤلاء، وهذه الجملة إما مستأنفة أو حال من فاعل ﴿ تَوَلَّوْاْ ﴾.
قوله: (بل هم مذبذبون) أي مترددون بين الإيمان الخالص والكفر الخالص، لأن فيهم طرفاً من الإيمان بحسب ظاهرهم، وطرفاً من الكفر بحسب باطنهم. قوله: ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ الجملة حالية من فاعل ﴿ يَحْلِفُونَ ﴾ والمعنى: يحلفون كاذبين، والحال أنهم يعلمون ذلك، فيمينهم غموس لا عذر لهم فيها، وهذه اليمين توجب لصاحبها الغمس في النار، إن كان مؤمناً خالصاً، فما بالك إن كان كافراً؟ وفائدة الإخبار عنهم بذلك، بيان ذمهم عليه. قوله: ﴿ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ﴾ مفعولان لا تخذوا، والمعنى: جعلوا أيمانهم الكاذبة وقاية لأنفسهم وأموالهم، فلولا ذلك لقوتلوا وأخذ مالهم. قوله: ﴿ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ أي في الآخرة، والعذاب الأول في الدنيا أو القبر. قوله: (من عذابه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: ﴿ شَيْئاً ﴾ مفعول مطلق كما أشار له بقوله: (من الأغناء). قوله: ﴿ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ﴾ أي في الدنيا. قوله: ﴿ وَيَحْسَبُونَ ﴾ حال من فاعل ﴿ يَحْلِفُونَ ﴾ والمعنى يحلفون، والحال أنهم يظنون أن حلفهم في الآخرة ينفعهم وينجيهم من عذابها، كما نفعهم في الدنيا بدفع القتال عنهم. قوله: ﴿ ٱسْتَحْوَذَ ﴾ هذا الفعل مما جاء على الأصل وخولف فيه القياس، إذ قياسه استحاذ بقلب الواو ألفاً، كاستعاذ واستقام. قوله: ﴿ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ ﴾ أي فلا يذكرونه بألسنتهم ولا بقلوبهم، وما يقع منهم من صورة الذكر باللسان فهو كذب. قوله: ﴿ هُمُ الخَاسِرُونَ ﴾ أي لأنهم فوتوا على أنفسهم النعيم الدائم، وعرضوها للعذاب المقيم. قوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلأَذَلِّينَ ﴾ أي مع الأذلين، أو معدودون في جملتهم. قوله: (المغلوبين) أي وهم الكفار والمنافقون.
قوله: ﴿ كَتَبَ ٱللَّهُ ﴾ ضمنه معنى أقسم، ولذا يجاب بما يجاب به القسم وهو قوله: ﴿ لأَغْلِبَنَّ ﴾ ويصح أن يبقى على ظاهره أو بمعنى قضى، وعليهما اقتصر المفسر، ويكون قوله: ﴿ لأَغْلِبَنَّ ﴾ جواباً لقسم محذوف. قوله: (بالحجة أو السيف) أو مانعة خلو تجوز الجمع. فالرسول يغلب تارة بالسيف، وتارة بالبراهين والدلائل، وتارة بهما معاً. قوله: ﴿ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ﴾ أي إيماناً صحيحاً، فالمؤمن الموصوف بهذه الصفة، لا يمكن أن يصادق الكفار ويحبهم بقلبه، لأنه إن فعل ذلك، لم يكن صادقاً في إيمانه، بل يكون منافقاً كما قال الشاعر: إذا وفى صديقك من تعادي   فقد عاداك وانفصل الكلاموأما البشاشة في وجوه الكفار ظاهراً لأجل الضرورات، فلا بأس بها لما في الحديث:" إنا لنبش في وجوه قوم وقلوبنا تلعنهم ". قوله: ﴿ يُوَآدُّونَ ﴾ مفعول ثان لتجد إن كان بمعنى تعلم، وإن كان بمعنى تقلى فالجملة حال من ﴿ قَوْماً ﴾ أو صفة ثانية له، وقدم أولاً الآباء لأنهم تجب طاعتهم، ثم الأبناء لأنهم أعلق بالقلب، ثم الاخوان لأنهم الناصرون للشخص، بمنزلة العضد من الذراع ثم العشيرة، لأن بها يستغاث وعليها يعتمد. قوله: (كما وقع لجماعة من الصحابة) روي عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية قالوا ﴿ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ ﴾ يعني أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله بن الجراح أو أبناءهم يعني أبا بكر الصديق، دعا ابنه يوم بدر للبراز وقال: يا رسول الله دعني أكن في الرغلة الأولى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: متعنا بنفسك يا أبا بكر، أو إخوانهم يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد من عمير يوم أحد، أو عشريتهم يعني عمر بن الخطاب قتل خاله العاصي بن هشام بن المغيرة يوم بدر، وعلي بن أبي طالب وحمزة وعبيدة قتلوا بني عمهم عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة يوم بدر. وروي أيضاً: أن عبد الله بن عبد الله بن أبي، هم بقتل أبيه، فمنعه رسول الله، ووقع لأبي بكر الصديق أنه صك أباه أبا قحافة، حيث سمعه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ بِرُوحٍ ﴾ (بنور) وقيل: الروح النصر، وقيل القرآن والحجج، وقيل هو جبريل عليه السلام يأتيهم عند الموت فيطرد الفتانات عنهم. قوله: (رضي الله عنهم) أي عاملهم معاملة الراضي، بأن وفقهم للطاعات، وقبلها منهم، وأثابهم عليها. قوله: (الفائزون) أي بخير الدنيا والآخرة.
Icon