روى الترمذي عن ابن عباس قال : ضرب رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة " الملك " حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة " الملك " حتى ختمها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر ). قال : حديث حسن غريب. وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( وددت أن " تبارك الذي بيده الملك " في قلب كل مؤمن ) ذكره الثعلبي. وعن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :( إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى أخرجته من النار يوم القيامة وأدخلته الجنة وهي سورة " تبارك " ). خرجه الترمذي بمعناه، وقال فيه : حديث حسن. وقال ابن مسعود : إذا وضع الميت في قبره فيؤتى من قبل رجليه، فيقال : ليس لكم عليه سبيل، فإنه كان يقوم بسورة " الملك " على قدميه. ثم يؤتى من قبل رأسه، فيقول لسانه : ليس لكم عليه سبيل، إنه كان يقرأ بي سورة " الملك " ثم قال : هي المانعة من عذاب الله، وهي في التوراة سورة " الملك " من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب. وروي أن من قرأها كل ليلة لم يضره الفَتّان.
ﰡ
[تفسير سورة الملك]
سُورَةُ الْمُلْكِ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ. وَتُسَمَّى الْوَاقِيَةُ وَالْمُنْجِيَةُ. وَهِيَ ثَلَاثُونَ آيَةً رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم خِبَاءَهُ عَلَى قَبْرٍ وَهُوَ لَا يَحْسِبُ أَنَّهُ قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة" الملك" حَتَّى خَتَمَهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ضَرَبْتُ خِبَائِي عَلَى قَبْرٍ وَأَنَا لَا أَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة" الملك" حتى خَتَمَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هِيَ الْمَانِعَةُ هِيَ الْمُنْجِيَةُ تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ). قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَدِدْتُ أَنَّ" تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ" فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ) ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ سُورَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى أَخْرَجَتْهُ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَدْخَلَتْهُ الْجَنَّةَ وَهِيَ سُورَةُ" تَبَارَكَ"). خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ فِيهِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، فَيُقَالُ: لَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقُومُ بِسُورَةِ" الْمُلْكِ" عَلَى قَدَمَيْهِ. ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ لِسَانُهُ: لَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، إِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِي سُورَةَ" الْمُلْكِ" ثُمَّ قَالَ: هِيَ الْمَانِعَةُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَهِيَ فِي التَّوْرَاةِ سُورَةُ" الْمُلْكِ" مَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَةٍ فَقَدْ أَكْثَرَ وَأَطْيَبَ. وَرُوِيَ أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا كُلَّ لَيْلَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ الْفَتَّانُ.بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الملك (٦٧): آية ١]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)تَبارَكَ تَفَاعَلَ مِنَ الْبَرَكَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ «١». وَقَالَ الْحَسَنُ: تَقَدَّسَ. وَقِيلَ دَامَ. فَهُوَ الدَّائِمُ الَّذِي لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ وَلَا آخِرَ لِدَوَامِهِ. (الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) أي ملك السموات
[سورة الملك (٦٧): آية ٢]
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢)
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) قِيلَ: الْمَعْنَى خَلَقَكُمْ لِلْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ، يَعْنِي لِلْمَوْتِ فِي الدُّنْيَا وَالْحَيَاةِ فِي الْآخِرَةِ وَقَدَّمَ الْمَوْتَ عَلَى الْحَيَاةِ، لِأَنَّ الْمَوْتَ إِلَى الْقَهْرِ أَقْرَبُ، كَمَا قَدَّمَ الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ فَقَالَ: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ «١» إِناثاً [الشورى: ٤٩]. وَقِيلَ: قَدَّمَهُ لِأَنَّهُ أَقْدَمَ، لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ فِي الِابْتِدَاءِ كَانَتْ فِي حُكْمِ الْمَوْتِ كَالنُّطْفَةِ وَالتُّرَابِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذَلَّ بَنِي آدَمَ بِالْمَوْتِ وَجَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ حَيَاةٍ ثُمَّ دَارَ مَوْتٍ وَجَعَلَ الْآخِرَةَ دَارَ جَزَاءٍ ثُمَّ دَارَ بَقَاءٍ (. وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:) لَوْلَا ثَلَاثٌ مَا طَأْطَأَ ابْنُ آدَمَ رَأْسَهُ الفقر والمرض والموت وإنه مع ذلك لو ثاب (. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَوْتَ وَالْحَياةَ قَدَّمَ الْمَوْتَ عَلَى الْحَيَاةِ، لِأَنَّ أَقْوَى النَّاسِ دَاعِيًا إِلَى الْعَمَلِ مَنْ نَصَبَ مَوْتَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَقُدِّمَ لِأَنَّهُ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى الْغَرَضِ الْمَسُوقِ لَهُ الْآيَةُ أَهَمُّ «٢» قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمَوْتَ لَيْسَ بِعَدَمٍ مَحْضٍ وَلَا فَنَاءٍ صِرْفٍ، وَإِنَّمَا هُوَ انْقِطَاعُ تَعَلُّقِ الرُّوحِ بِالْبَدَنِ وَمُفَارَقَتُهُ، وَحَيْلُولَةٌ بَيْنَهُمَا، وَتَبَدُّلُ حَالٍ وَانْتِقَالٌ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ. وَالْحَيَاةُ عَكْسُ ذَلِكَ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ: أَنَّ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ جِسْمَانِ، فَجُعِلَ الْمَوْتُ فِي هَيْئَةِ كَبْشٍ لَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ وَلَا يَجِدُ رِيحَهُ إِلَّا مَاتَ، وَخَلَقَ الْحَيَاةَ عَلَى صُورَةِ فَرَسٍ أُنْثَى بَلْقَاءَ- وَهِيَ الَّتِي كَانَ جِبْرِيلُ وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَرْكَبُونَهَا- خُطْوَتُهَا مَدَّ الْبَصَرِ، فوق الحمار ودون البغل،
(٢). هذه عبارة الكشاف أيضا. وعبارة الخطيب الشربينى في تفسيره:" وقيل إنما قدم الموت على الحياة لان من نصب الموت بين عينيه كان أقوى الدواعي إلى العمل.
(٢). راجع ج ١٤ ص (٩٣)
(٣). راجع ج ٨ ص (٢٨)
(٤). راجع ج ٧ ص ٧ [..... ]
(٥). راجع ج ١٥ ص (٢٦٠)
(٦). راجع ج ١٠ ص (٣٩٥)
(٧). راجع ص ٢٤٧ من هذا الجزء.
[سورة الملك (٦٧): آية ٣]
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ (٣)قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) أَيْ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَالْمُلْتَزِقُ مِنْهَا أَطْرَافُهَا، كَذَا رُوِيَ عَنِ ابن عباس. وطِباقاً نَعْتٌ لِ سَبْعَ فَهُوَ وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ. وَقِيلَ: مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمُطَابَقَةِ، أَيْ خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَطَبَّقَهَا تَطْبِيقًا أَوْ مُطَابَقَةً. أَوْ عَلَى طُوبِقَتْ طِبَاقًا. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: نُصِبَ طِباقاً لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ. قُلْتُ: فَيَكُونُ خَلَقَ بِمَعْنَى جَعَلَ وَصَيَّرَ. وَطِبَاقٌ جَمْعُ طَبَقٍ، مِثْلَ جَمَلٍ وَجِمَالٍ. وَقِيلَ: جَمْعُ طَبَقَةٍ. وَقَالَ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْأَعْرَابِ يَذُمُّ رَجُلًا فَقَالَ: شَرُّهُ طِبَاقٌ، وَخَيْرُهُ غَيْرُ بَاقٍ. وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ سبع سموات طباق، بالخفض على النعت لسماوات. ونظيره وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ «١» [يوسف: ٤٦]. (مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) قِرَاءَةُ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ" مِنْ تَفَوُّتٍ" بِغَيْرِ أَلِفٍ مُشَدَّدَةٍ. وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابِهِ. الْبَاقُونَ مِنْ تَفاوُتٍ بِأَلِفٍ. وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلَ التَّعَاهُدِ وَالتَّعَهُّدِ، وَالتَّحَمُّلِ وَالتَّحَامُلِ، وَالتَّظَهُّرِ وَالتَّظَاهُرِ، وَتَصَاغُرٍ وَتَصَغُّرٍ، وَتَضَاعُفٍ وَتَضَعُّفٍ، وَتَبَاعُدٍ وَتَبَعُّدٍ، كُلُّهُ بِمَعْنًى. وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدٍ" مِنْ تَفَوُّتٍ" وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ:" أَمِثْلِي يُتَفَوَّتُ عَلَيْهِ فِي بَنَاتِهِ"! «٢» النَّحَّاسُ: وَهَذَا أَمْرٌ مَرْدُودٌ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ، لِأَنَّ يُتَفَوَّتُ يُفْتَاتُ: بِهِمْ وَتَفَاوُتٌ فِي الْآيَةِ أَشْبَهُ. كَمَا يُقَالُ تَبَايَنَ يُقَالُ: تَفَاوَتَ الْأَمْرُ إِذَا تَبَايَنَ وَتَبَاعَدَ أَيْ فَاتَ بَعْضُهَا بَعْضًا. أَلَا تَرَى أَنَّ قَبْلَهُ قَوْلُهُ تعالى: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً. وَالْمَعْنَى: مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنَ اعْوِجَاجٍ وَلَا تَنَاقُضٍ وَلَا تَبَايُنٍ- بَلْ هِيَ مُسْتَقِيمَةٌ مُسْتَوِيَةٌ دَالَّةٌ عَلَى خَالِقِهَا- وَإِنِ اخْتَلَفَتْ صُوَرُهُ وَصِفَاتُهُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ السَّمَوَاتُ خَاصَّةً، أَيْ مَا تَرَى فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ مِنْ عَيْبٍ. وَأَصْلُهُ مِنَ الْفَوْتِ، وَهُوَ أَنْ يفوت شي شيئا فيقع الخلل لقلة استوائها،
(٢). أي يفعل في شأنين شي بغير أمره. قال هذا عند ما علم أن أخته السيدة عائشة زوجت ابنه وهو غائب من المنذر بن الزبير. والرواية في الحديث:" أمثل بفتات" بدل" يتفوت".
بَنَى لَكُمْ بِلَا عَمَدٍ سَمَاءً | وَزَيَّنَهَا فَمَا فِيهَا فُطُورُ |
شَقَقْتِ الْقَلْبَ ثُمَّ ذَرَرْتِ فِيهِ | هَوَاكِ فَلِيمَ فَالْتَأَمَ الْفُطُورُ |
تَغَلْغَلَ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ شَرَابٌ | وَلَا سكر ولم يبلغ سرور |
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) كَرَّتَيْنِ فِي مَوْضِعِ الْمَصْدَرِ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ رَجْعَتَيْنِ، أَيْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالنَّظَرِ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا نَظَرَ فِي الشَّيْءِ مَرَّةً لَا يَرَى عَيْبَهُ مَا لَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى. فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ وَإِنْ نَظَرَ فِي السَّمَاءِ مَرَّتَيْنِ لَا يَرَى فِيهَا عَيْبًا بَلْ يَتَحَيَّرُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً أَيْ خَاشِعًا صَاغِرًا مُتَبَاعِدًا عَنْ أَنْ يَرَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. يُقَالُ: خَسَأْتُ الْكَلْبَ أَيْ أَبْعَدْتُهُ وَطَرَدْتُهُ. وَخَسَأَ الْكَلْبُ بِنَفْسِهِ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وَانْخَسَأَ الْكَلْبُ أَيْضًا. وَخَسَأَ بَصَرُهُ خَسْأً وَخُسُوءًا أَيْ سَدِرَ، «١» وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً. وقال ابن عباس:
مَنْ مَدَّ طَرْفًا إِلَى مَا فَوْقَ غَايَتِهِ | ارْتَدَّ خَسْآنَ مِنْهُ الطَّرْفُ قَدْ حَسِرَا |
نَظَرْتُ إِلَيْهَا بِالْمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى | فَعَادَ إِلَيَّ الطَّرْفُ وَهُوَ حَسِيرُ |
فَشَطْرَهَا نَظَرُ الْعَيْنَيْنِ مَحْسُورُ «١»
نُصِبَ" شَطْرَهَا" عَلَى الظَّرْفِ، أَيْ نَحْوَهَا. وَقَالَ آخَرُ:
وَالْخَيْلُ شُعْثٌ مَا تَزَالُ جِيَادُهَا | حَسْرَى تُغَادِرُ بِالطَّرِيقِ سِخَالَهَا |
مَا أنا اليوم على شي خلا | يا بنة القين تولى بحسر |
[سورة الملك (٦٧): الآيات ٥ الى ٦]
وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ (٥) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) جَمْعُ مِصْبَاحٍ وَهُوَ السِّرَاجُ. وَتُسَمَّى الْكَوَاكِبُ مَصَابِيحَ لِإِضَاءَتِهَا. (وَجَعَلْناها رُجُوماً) أي جعلنا شهبها، فحذف المضاف.
إن العسير بها داه مخامرها
والعسير: الناقة التي لم ترض (لم تذلل).
وَيَتَّخِذُونَ النُّجُومَ عِلَّةً. (وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ) أَيْ أَعْتَدْنَا لِلشَّيَاطِينِ أَشَدَّ الْحَرِيقِ، يُقَالُ: سُعِرَتِ النَّارُ فَهِيَ مَسْعُورَةٌ وَسَعِيرٌ، مِثْلَ مَقْتُولَةٍ وَقَتِيلٍ. (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
[سورة الملك (٦٧): آية ٧]
إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذا أُلْقُوا فِيها) يَعْنِي الْكُفَّارَ. (سَمِعُوا لَها شَهِيقاً) أَيْ صَوْتًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الشَّهِيقُ لِجَهَنَّمَ عِنْدَ إِلْقَاءِ الْكُفَّارِ فِيهَا، تَشْهَقُ إِلَيْهِمْ شَهْقَةَ الْبَغْلَةِ لِلشَّعِيرِ، ثُمَّ تَزْفِرُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا خَافَ. وَقِيلَ: الشَّهِيقُ مِنَ الْكُفَّارِ عِنْدَ إِلْقَائِهِمْ فِي النَّارِ قَالَهُ عَطَاءٌ. وَالشَّهِيقُ فِي الصَّدْرِ، وَالزَّفِيرُ فِي الْحَلْقِ. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ" هُودٍ" «٣». (وَهِيَ تَفُورُ) أَيْ تَغْلِي، وَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّانَ:
تركتم قدركم لا شي فيها | وقدر القوم حامية تفور |
(٢). كلمة" سبيلا" ساقطة من ح، ز، س، ل، هـ.
(٣). راجع ج ٩ ص ٩٨
[سورة الملك (٦٧): الآيات ٨ الى ١١]
تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ (١١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) يَعْنِي تَتَقَطَّعُ وَيَنْفَصِلُ بعضها من بعض، قاله سعيد ابن جُبَيْرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ: تَتَفَرَّقُ. مِنَ الْغَيْظِ مِنْ شِدَّةِ الْغَيْظِ عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقِيلَ: مِنَ الْغَيْظِ مِنَ الْغَلَيَانِ. وَأَصْلُ تَمَيَّزُ تَتَمَيَّزُ. (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْكُفَّارِ. (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها) عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) أَيْ رَسُولٌ فِي الدُّنْيَا يُنْذِرُكُمْ هَذَا الْيَوْمَ حَتَّى تَحْذَرُوا. (قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ) أَنْذَرَنَا وَخَوَّفَنَا. (فَكَذَّبْنا وَقُلْنا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) أَيْ عَلَى أَلْسِنَتِكُمْ. (إِنْ أَنْتُمْ) يَا مَعْشَرَ الرُّسُلِ. (إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) اعْتَرَفُوا بِتَكْذِيبِ الرُّسُلِ، ثُمَّ اعْتَرَفُوا بِجَهْلِهِمْ فَقَالُوا وهم في النار: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ) مِنَ النُّذُرِ- يَعْنِي الرُّسُلَ- مَا جَاءُوا بِهِ (أَوْ نَعْقِلُ) عَنْهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ الْهُدَى أَوْ نَعْقِلُهُ، أَوْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ سَمَاعَ مَنْ يَعِي وَيُفَكِّرُ، أَوْ نَعْقِلُ عَقْلَ مَنْ يُمَيِّزُ وَيَنْظُرُ. وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَمْ يُعْطَ مِنَ الْعَقْلِ شَيْئًا. وَقَدْ مَضَى فِي" الطُّورِ" «١» بَيَانُهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. (مَا كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) يَعْنِي مَا كُنَّا مِنْ أَهْلِ النَّارِ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" لَقَدْ نَدِمَ الْفَاجِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا
يحول بِأَطْرَافِ الْبِلَادِ مُغَرِّبًا | وَتَسْحَقُهُ رِيحُ الصَّبَا كُلَّ مَسْحَقِ |
وَإِنْ أَهْلَكْ فَذَلِكَ كَانَ قَدْرِي
أَيْ تَقْدِيرِي. وَقِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ من قول خزنة جهنم لأهلها.
[سورة الملك (٦٧): آية ١٢]
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) نَظِيرُهُ: مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ [ق: ٣٣] وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ «١» فِيهِ. أَيْ يَخَافُونَ اللَّهَ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ الَّذِي هُوَ بِالْغَيْبِ، وَهُوَ عَذَابُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لِذُنُوبِهِمْ (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) وهو الجنة.
[سورة الملك (٦٧): الآيات ١٣ الى ١٤]
وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ) اللَّفْظُ لَفْظُ الْأَمْرِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَبَرُ، يَعْنِي إِنْ أَخْفَيْتُمْ كَلَامَكُمْ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ جَهَرْتُمْ به ف إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
[سورة الملك (٦٧): آية ١٥]
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا) أَيْ سَهْلَةً تَسْتَقِرُّونَ عَلَيْهَا. وَالذَّلُولُ الْمُنْقَادُ الَّذِي يَذِلُّ لَكَ وَالْمَصْدَرُ الذُّلُّ وَهُوَ اللِّينُ وَالِانْقِيَادُ. أَيْ لَمْ يَجْعَلِ الْأَرْضَ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ
[سورة الملك (٦٧): آية ١٦]
أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦)
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَأَمِنْتُمْ عَذَابَ مَنْ فِي السَّمَاءِ إِنْ عَصَيْتُمُوهُ. وَقِيلَ: تَقْدِيرُهُ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ قُدْرَتُهُ وَسُلْطَانُهُ وَعَرْشُهُ وَمَمْلَكَتُهُ. وَخَصَّ السَّمَاءَ وَإِنْ عَمَّ مُلْكُهُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْإِلَهَ الَّذِي تَنْفُذُ قُدْرَتُهُ فِي السَّمَاءِ لَا مَنْ يُعَظِّمُونَهُ فِي الْأَرْضِ. وَقِيلَ: هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَلَائِكَةِ. وَقِيلَ: إلى جبريل وهو الملك الموكل بالعذاب «١».
رَمَيْنَ فَأَقْصَدْنَ الْقُلُوبَ وَلَنْ تَرَى | دَمًا مَائِرًا إِلَّا جَرَى فِي الْحَيَازِمِ |
[سورة الملك (٦٧): آية ١٧]
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)
(٢). راجع ج ١١ ص ٢٢٤
[سورة الملك (٦٧): آية ١٨]
وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (١٨)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يَعْنِي كُفَّارَ الْأُمَمِ، كَقَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَأَصْحَابِ الرَّسِّ وَقَوْمِ فِرْعَوْنَ. (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أَيْ إِنْكَارِي وَقَدْ تَقَدَّمَ «١». وَأَثْبَتَ وَرْشٌ الْيَاءَ فِي" نَذِيرِي، ونكيري" فِي الْوَصْلِ. وَأَثْبَتَهَا يَعْقُوبُ فِي الْحَالَيْنِ. وَحَذَفَ الباقون اتباعا للمصحف.
[سورة الملك (٦٧): آية ١٩]
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩)
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ أَيْ كَمَا ذَلَّلَ الْأَرْضَ لِلْآدَمِيِّ ذلل الهواء للطيور. وصافَّاتٍ أَيْ بَاسِطَاتٍ أَجْنِحَتَهُنَّ فِي الْجَوِّ عِنْدَ طَيَرَانِهَا، لِأَنَّهُنَّ إِذَا بَسَطْنَهَا صَفَفْنَ قَوَائِمَهَا صَفًّا. وَيَقْبِضْنَ أَيْ يَضْرِبْنَ بِهَا جُنُوبَهُنَّ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: يُقَالُ لِلطَّائِرِ إِذَا بَسَطَ جَنَاحَيْهِ: صَافٌّ، وَإِذَا ضَمَّهُمَا فَأَصَابَا جَنْبَهُ: قَابِضٌ، لِأَنَّهُ يَقْبِضُهُمَا. قَالَ أَبُو خِرَاشٍ:
يُبَادِرُ جُنْحَ اللَّيْلِ فَهُوَ موائل «٢» | يحث الجناح بالتبسط والقبض |
(٢). كذا في نسخ الأصل. وواءل الطائر: لجأ وخلص. والى المكان: بادر. والذي في ديوان أشعار الهذليين وكتب اللغة:" فهو مهابذ" والمهابذة: الإسراع.
يبادر جُنْحَ الليل فهو مُوَائِل١*** يَحُثّ الجناح بالتَّبَسُّطِ والقَبْضِ
وقيل : ويقبضن أجنحتهن بعد بسطها إذا وقفن من الطيران. وهو معطوف على " صافات " عطف المضارع على اسم الفاعل، كما عطف اسم الفاعل على المضارع في قول الشاعر :
بات يُغشِّيها بعَضْب باتر*** يقصد في أسْوُقها وجَائِر٢
" ما يمسكهن " أي ما يمسك الطير في الجو وهي تطير إلا الله عز وجل. " إنه بكل شيء بصير ".
٢ لم يعلم قائله، وهو من الرجز المسدس. و "يعشيها" أي يطعمها العشاء. ويروى: "يغشيها" بالغين المعجمة من الغشاء كالغطاء، أي يشملها ويعمها. وضمير المؤنث للإبل، وهو في وصف كريم بادر بعقر إبله لضيوفه. والعضب: السيف. و "يقصد": من القصد وهو ضد الجور. و "أسوقها": جمع ساق، وهو ما بين الركبة إلى القدم. و "جائر" من جار إذا ظلم. أي يجوز. (راجع خزانة الأدب في الشاهد السادس والخمسين بعد الثلاثمائة)..
بَاتَ يُعَشِّيهَا بِعَضْبٍ بَاتِرِ | يَقْصِدُ فِي أَسْوُقِهَا وَجَائِرِ «١» |
[سورة الملك (٦٧): آية ٢٠]
أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ (٢٠)
قوله تعالى: (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حِزْبٌ وَمَنَعَةٌ لَكُمْ. (يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ) فَيَدْفَعُ عَنْكُمْ مَا أَرَادَ بِكُمْ إِنْ عَصَيْتُمُوهُ. وَلَفْظُ الْجُنْدِ يُوَحَّدُ، وَلِهَذَا قَالَ: هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، أَيْ لَا جُنْدَ لَكُمْ يَدْفَعُ عَنْكُمْ عَذَابَ اللَّهِ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ أَيْ مَنْ سِوَى الرَّحْمَنِ. (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) مِنَ الشَّيَاطِينِ، تَغُرُّهُمْ بِأَنْ لَا عَذَابَ وَلَا حِسَابَ.
[سورة الملك (٦٧): آية ٢١]
أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ) أَيْ يُعْطِيكُمْ مَنَافِعَ الدُّنْيَا. وَقِيلَ الْمَطَرُ مِنْ آلِهَتِكُمْ. (إِنْ أَمْسَكَ) يَعْنِي اللَّهُ تَعَالَى رِزْقَهُ. (بَلْ لَجُّوا) أَيْ تَمَادَوْا وَأَصَرُّوا. (فِي عُتُوٍّ) طُغْيَانٍ (وَنُفُورٍ) عَنِ الْحَقِّ.
[سورة الملك (٦٧): آية ٢٢]
أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢)قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ «١» مُكِبًّا أَيْ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ لَا يَنْظُرُ أَمَامَهُ وَلَا يَمِينَهُ وَلَا شِمَالَهُ، فَهُوَ لَا يَأْمَنُ مِنَ الْعُثُورِ وَالِانْكِبَابِ عَلَى وَجْهِهِ. كَمَنْ يَمْشِي سَوِيًّا مُعْتَدِلًا نَاظِرًا مَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا فِي الدُّنْيَا، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَعْمَى الَّذِي لَا يَهْتَدِي إِلَى الطَّرِيقِ فَيَعْتَسِفُ، «٢» فَلَا يَزَالُ يَنْكَبُّ عَلَى وَجْهِهِ. وَأَنَّهُ لَيْسَ كَالرَّجُلِ السَّوِيِّ الصَّحِيحِ الْبَصِيرِ الْمَاشِي فِي الطَّرِيقِ الْمُهْتَدِي لَهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الْكَافِرُ أَكَبَّ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ فِي الدُّنْيَا فَحَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجْهِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْكَلْبِيُّ: عَنَى بِالَّذِي يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَبَا جَهْلٍ، وَبِالَّذِي يَمْشِي سَوِيًّا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ أَبُو بَكْرٍ. وَقِيلَ حَمْزَةُ. وَقِيلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ. وَقِيلَ: هُوَ عَامٌّ فِي الْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ، أَيْ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَدْرِي أَعَلَى حَقٍّ هُوَ أَمْ عَلَى بَاطِلٍ. أَيْ أَهَذَا الْكَافِرُ أَهْدَى أَوِ الْمُسْلِمُ الَّذِي يَمْشِي سَوِيًّا مُعْتَدِلًا يُبْصِرُ لِلطَّرِيقِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَهُوَ الْإِسْلَامُ. وَيُقَالُ: أَكَبَّ الرَّجُلُ عَلَى وَجْهِهِ، فِيمَا لَا يَتَعَدَّى بِالْأَلِفِ. فَإِذَا تَعَدَّى قيل: كبه الله لوجهه، بغير ألف.
[سورة الملك (٦٧): آية ٢٣]
قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (٢٣)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ) أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ قُبْحَ شِرْكِهِمْ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمْ. (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) يَعْنِي الْقُلُوبَ (قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) أَيْ لَا تَشْكُرُونَ هَذِهِ النِّعَمَ، وَلَا تُوَحِّدُونَ اللَّهَ تَعَالَى. تَقُولُ: قلما أفعل كذا، أي لا أفعله.
[سورة الملك (٦٧): الآيات ٢٤ الى ٢٥]
قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥)
(٢). الاعتساف: ركوب المفازة وقطعها بغير قصد ولا هداية، ولا توخى قصد ولا طريق مسلوك.
[سورة الملك (٦٧): آية ٢٦]
قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ) أَيْ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ عِلْمُ وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ عِنْدَ اللَّهِ فَلَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ. نَظِيرُهُ: قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي [الأعراف: ١٨٧] الْآيَةَ «٢». (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) أَيْ مُخَوِّفٌ ومعلم لكم.
[سورة الملك (٦٧): آية ٢٧]
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى مُزْدَلَفًا أَيْ قَرِيبًا، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. الْحَسَنُ عِيَانًا. وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى: فَلَمَّا رَأَوْهُ يَعْنِي الْعَذَابَ، وَهُوَ عَذَابُ الْآخِرَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي عَذَابَ بَدْرٍ. وَقِيلَ: أَيْ رَأَوْا مَا وُعِدُوا مِنَ الْحَشْرِ قَرِيبًا مِنْهُمْ. وَدَلَّ عَلَيْهِ تُحْشَرُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا رَأَوْا عَمَلَهُمُ السَّيِّئَ قَرِيبًا. (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أَيْ فُعِلَ بِهَا السُّوءُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: تَبَيَّنَ فِيهَا السُّوءُ أَيْ سَاءَهُمْ ذَلِكَ الْعَذَابُ وَظَهَرَ عَلَى وُجُوهِهِمْ سِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى كُفْرِهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ «٣» [آل عمران: ١٠٦]. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ" سُئَتْ" بِإِشْمَامِ الضَّمِّ. وَكَسَرَ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ إِشْمَامٍ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ. وَمَنْ ضَمَّ لَاحَظَ الْأَصْلَ. (وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) قَالَ الْفَرَّاءُ: تَدَّعُونَ تَفْتَعِلُونَ مِنَ الدُّعَاءِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ العلماء أي تتمنون وتسألون.
(٢). راجع ج ٧ ص (٣٣٥)
(٣). راجع ج ٤ ص ١٦٦
٢ راجع جـ ١٥ ص ١٥٧..
٣ راجع جـ ٧ ص ٣٩٨..
[سورة الملك (٦٧): آية ٢٨]
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨)
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ أَيْ «٣» قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ- يُرِيدُ مُشْرِكِي مَكَّةَ، وَكَانُوا يَتَمَنَّوْنَ مَوْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ
«٤» [الطور: ٣٠]- أَرَأَيْتُمْ إِنْ مِتْنَا أَوْ رُحِمْنَا فَأُخِّرَتْ آجَالُنَا فَمَنْ يُجِيرُكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، فَلَا حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى التَّرَبُّصِ بِنَا وَلَا إِلَى اسْتِعْجَالِ قِيَامِ السَّاعَةِ. وَأَسْكَنَ الْيَاءَ فِي (أَهْلَكَنِي) ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَالْمُسَيَّبِيُّ وَشَيْبَةُ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ. وَفَتَحَهَا الْبَاقُونَ. وَكُلُّهُمْ فَتَحَ الْيَاءَ فِي وَمَنْ مَعِيَ إِلَّا أَهْلَ الْكُوفَةِ فَإِنَّهُمْ سَكَّنُوهَا. وَفَتَحَهَا حَفْصٌ كَالْجَمَاعَةِ.
[سورة الملك (٦٧): آية ٢٩]
قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩)
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ قَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، وَرَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ. الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ. وَهُوَ تَهْدِيدٌ لَهُمْ. وَيُقَالُ: لِمَ أَخَّرَ مَفْعُولَ
(٢). راجع ج ٧ ص (٣٩٨)
(٣). كلمة" أي" ساقطة من ح، س.
(٤). راجع ج ١٧ ص ٧١ [..... ]
[سورة الملك (٦٧): آية ٣٠]
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ (إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) أَيْ غَائِرًا ذَاهِبًا فِي الْأَرْضِ لَا تَنَالُهُ الدِّلَاءُ. وَكَانَ مَاؤُهُمْ مِنْ بِئْرَيْنِ: بِئْرِ زَمْزَمَ وَبِئْرِ مَيْمُونٍ. (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) أَيْ جَارٍ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ. فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَقُولُوا لَا يَأْتِينَا بِهِ إِلَّا اللَّهُ، فَقُلْ لَهُمْ لِمَ تُشْرِكُونَ بِهِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَكُمْ. يُقَالُ: غَارَ الْمَاءُ يَغُورُ غَوْرًا، أَيْ نَضَبَ. وَالْغَوْرُ: الْغَائِرُ، وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ، كَمَا تَقُولُ: رَجُلٌ عَدْلٌ وَرِضًا. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ" الْكَهْفِ" «١» وَمَضَى الْقَوْلُ فِي الْمَعْنَى فِي سُورَةِ" الْمُؤْمِنُونَ" «٢» وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بِماءٍ مَعِينٍ أَيْ ظَاهِرٍ تَرَاهُ الْعُيُونُ، فَهُوَ مَفْعُولٌ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ مَعَنَ الْمَاءَ أَيْ كَثُرَ، فَهُوَ عَلَى هَذَا فَعِيلٌ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّ الْمَعْنَى فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ عَذْبٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ «٣».
[تفسير سورة ن والقلم]
تَفْسِيرُ سُورَةِ" ن وَالْقَلَمِ" مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَجَابِرٍ. وقال ابن عباس وَقَتَادَةُ: مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ [القلم: «٤» [١٦) مَكِّيٌّ. وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «٥» [القلم: ٣٣] مَدَنِيٌّ. وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ: يَكْتُبُونَ «٦» [القلم: ٤٧] مَكِّيٌّ. وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنَ الصَّالِحِينَ «٧» [القلم: ٥٠] مدني، وما بقي مكي. قاله الماوردي
(٢). راجع ج ٢ ص (١١٢)
(٣). في هـ: ختمت السورة والحمد الله رب العالمين.
(٤). آية (١٦)
(٥). آية (٣٣)
(٦). آية (٤٧)
(٧). آية ٥٠