تفسير سورة التين

تفسير ابن أبي حاتم
تفسير سورة سورة التين من كتاب تفسير ابن أبي حاتم المعروف بـتفسير ابن أبي حاتم .
لمؤلفه ابن أبي حاتم الرازي . المتوفي سنة 327 هـ

سُورَةُ التِّينِ
٩٥
قَوْلُهُ تَعَالَي: وَالتِّينِ إِلَى قَوْلِهِ: فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ
١٩٤٠٢ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَالتِّينِ قَالَ: مَسْجِدُ نُوحٍ الَّذِي بُنِيَ بِأَعْلَى الْجُودِيِّ وَالزَّيْتُونِ قَالَ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَطُورِ سِينِينَ قَالَ: مَسْجِدُ الطُّورِ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ قَالَ: مَكَّةُ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ يَقوُلُ: يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، كَبُرَ حَتَّى ذَهَبَ عَقْلُهُ، هُمْ نَفَرٌ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَسَفَّهَتْ عُقُولُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهُمْ أَنَّ لَهُمْ أَجْرَهُمُ الَّذِي عَمِلُوا قَبْلَ أَنْ تَذْهَبَ عُقُولُهُمْ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ يَقُولُ:
بِحُكْمِ اللَّهِ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ
١٩٤٠٣ - عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَالتِّينِ قَالَ: التِّينُ الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ دِمَشْقُ وَالزَّيْتُونِ الَّذِي عَلَيْهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَطُورِ سِينِينَ قَالَ: جَبَلٌ بِالشَّامِ مُبَارَكٌ حَسَنٌ ذُو شَجَرٍ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ قَالَ: مَكَّةُ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ «٢».
١٩٤٠٤ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: وَالتِّينِ مَسْجِدُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَالزَّيْتُونِ مَسْجِدُ إِيلْيَا وَطُورِ سِينِينَ مَسْجِدُ الطُّورِ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ مَكَّةُ «٣».
(١) الدر ٨/ ٥٥٥.
(٢) الدر ٨/ ٥٥٥.
(٣) الدر ٨/ ٥٥٥.
3447
١٩٤٠٥ - عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ قَالَ: الْفَاكِهَةُ الَّتِي يَأْكُلُهَا النَّاسُ وَطُورِ سِينِينَ قَالَ: الطُّورُ الْجَبَلُ وَسِينِينَ الْمُبَارَكُ «١».
١٩٤٠٦ - عَنْ مُجَاهِدٍ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ قال: الفاكهة التي يأكل النَّاسُ وَطُورِ سِينِينَ قَالَ: الطُّورُ الْجَبَلُ وَسِينِينَ الْمُبَارَكُ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ قَالَ: مَكَّةُ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ قَالَ: فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ قَالَ: فِي النَّارِ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قَالَ: إِلا مَنْ آمَنَ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ قَالَ: غَيْرُ مَحْسُوبٍ «٢».
١٩٤٠٧ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سِينِينَ هُوَ الْحَسَنُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ «٣».
١٩٤٠٨ - عَنْ عِكْرَمَةَ فِي قَوْلِهِ: وَطُورِ سِينِينَ قَالَ: هُوَ الْحَسَنُ «٤».
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ
١٩٤٠٩ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ قَالَ: فِي أَعْدَلِ خَلْقٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ يَقوُلُ: إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ غَيْرُ مَنْقُوصٍ. يَقوُلُ: فَإِذَا بَلَغَ الْمُؤْمِنُ أَرْذَلَ الْعُمُرِ، وَكَانَ يَعْمَلُ فِي شَبَابِهِ عَمَلًا صَالِحًا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي صِحَّتِهِ وَشَبَابِهِ، وَلَمْ يَضُرَّهُ مَا عَمِلَ فِي كِبَرِهِ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ الْخَطَايَا الَّتِي يَعْمَلُ بَعْدَ مَا يَبْلُغُ أَرْذَلَ الْعُمُرِ «٥».
١٩٤١٠ - عَنْ عِكْرِمَةَ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ قَالَ: الْهَرَمُ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ قُوَّةً مَا كَانَ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا قَالَ: وَلا يَنْزِلُ تِلْكَ الْمَنْزِلَةَ أَحَدٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِلا الَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ. قَالَ: هُمْ أَصْحَابُ القرآن «٦».
(١) الدر ٨/ ٥٥٥.
(٢) الدر ٨/ ٥٥٥.
(٣) الدر ٨/ ٥٥٥.
(٤) الدر ٨/ ٥٥٥.
(٥) الدر ٨/ ٥٥٦.
(٦) الدر ٨/ ٥٥٦.
3448
١٩٤١١ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ يَقوُلُ: إِلَى الْكِبَرِ وَضَعْفِهِ، فَإِذَا ضَعُفَ وَكَبُرَ عَنِ الْعَمَلِ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي شَبِيبَتِهِ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
١٩٤١٢ - عَنْ عِكْرَمَةَ وَالتِّينِ قَالَ: هُوَ هَذَا التِّينُ وَالزَّيْتُونِ قَالَ: هُوَ هَذَا الزَّيْتُونُ وَطوُرِ سِينِينَ قَالَ: الطُّورُ الْجَبَلُ، وَسِينِينَ هُوَ الْحَسَنُ بِالْحَبَشَةِ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ قَالَ: مَكَّةُ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ قَالَ: شَبَابٌ وَشِدَّةٌ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ قَالَ: رُدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ قَالَ: يُوَفِّيهِ اللَّهُ أَجْرَهُ وَعَمَلَهُ فَلا يُؤَاخِذُهُ إِذَا رُدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَفِي لَفْظٍ، قَالَ: مَنْ رُدَّ مِنْهُمْ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ جَرَى لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي صِحَّتِهِ وَشَبَابِهِ فَذَلِكَ الْأَجْرُ غَيْرُ مَمْنُونٍ، قَالَ: ولا يمن به عليهم «٢».
١٩٤١٣ - عن أبي العالية في قوله: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم يقول: فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ قال: في النار في شر صورة «٣».
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ
١٩٤١٤ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ عَنَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ! عَنَى بِهِ الْإِنْسَانَ.
١٩٤١٥ - عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدين وأ رأيت الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ عَنَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، إِنَّمَا عَنَي بِهِ الْإِنْسَانَ «٤».
(١) الدر ٨/ ٥٥٦. [.....]
(٢) الدر ٨/ ٥٥٦.
(٣) الدر ٨/ ٥٥٧
(٤) الدر ٨/ ٥٥٧
3449
عن ابن عباس في قوله :﴿ وطور سينين ﴾ قال : مسجد الطور.
عن قتادة في قوله :﴿ وطور سينين ﴾ قال : جبل بالشام مبارك حسن ذو شجر.
عن محمد بن كعب قال :﴿ وطور سينين ﴾ مسجد الطور.
عن ابن عباس ﴿ وطور سينين ﴾ قال : الطور الجبل، وسينين المبارك.
عن مجاهد ﴿ وطور سينين ﴾ قال : الطور الجبل، وسينين المبارك.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :﴿ سينين ﴾ هو الحسن بلسان الحبشة.
عن عكرمة في قوله :﴿ وطور سينين ﴾ قال : هو الحسن.
عن عكرمة ﴿ وطور سينين ﴾ قال : الطور الجبل، وسينين هو الحسن بالحبشة.
عن ابن عباس في قوله :﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ قال : مكة.
عن قتادة في قوله :﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ قال : مكة.
عن محمد بن كعب قال :﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ مكة.
عن مجاهد ﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ قال : مكة.
عن عكرمة ﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ قال : مكة.
عن مجاهد ﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾ قال : في أحسن صورة.
عن ابن عباس ﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾ قال : في أعدل خلق.
عن عكرمة ﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾ قال : شباب وشدة.
عن أبي العالية في قوله :﴿ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ﴾ يقول : في أحسن صورة.
عن ابن عباس في قوله :﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾ يقول : يرد إلى أرذل العمر، كبر حتى ذهب عقله، هم نفر كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تسفهت عقولهم، فأنزل الله عذرهم أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم.
عن مجاهد ﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾ قال : في النار.
عن ابن عباس ﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾ يقول : إلى أرذل العمر.
عن عكرمة ﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾ قال : رد إلى أرذل العمر.
عن عكرمة ﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾ قال : الهرم، لم يجعل فيه قوة ما كان ﴿ لكي لا يعلم بعد علم شيئا ﴾ قال : ولا ينزل تلك المنزلة أحد قرأ القرآن، وذلك قوله :﴿ إلا الذين آمنوا ﴾ الآية.
عن ابن عباس ﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾ يقول : إلى الكبر وضعفه، فإذا ضعف وكبر عن العمل كتب له مثل أجر ما كان يعمل في شبيبته.
عن أبي العالية في قوله :﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾ قال : في النار في شر صورة.
عن عكرمة ﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ﴾ قال : يوفيه الله أجره وعمله فلا يؤاخذه إذا رد إلى أرذل العمر، وفي لفظ، قال : من رد منهم إلى أرذل العمر جرى له من الأجر مثل ما كان يعمل في صحته وشبابه، فذلك الأجر غير ممنون. قال : ولا يمن به عليهم.
عن مجاهد ﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾ قال : إلا من آمن ﴿ فلهم أجر غير ممنون ﴾ قال : غير محسوب.
عن ابن عباس ﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ﴾ غير منقوص. يقول : فإذا بلغ المؤمن أرذل العمر، وكان يعمل في شبابه عملا صالحا كتب الله له من الأجر مثل ما كان يعمل في صحته وشبابه، ولم يضره ما عمل في كبره، ولم يكتب عليه الخطايا التي يعمل بعد ما يبلغ أرذل العمر.
﴿ إلا الذين آمنوا ﴾ الآية. قال : هم أصحاب القرآن.
عن ابن عباس في قوله :﴿ فما يكذبك بعد بالدين ﴾ يقول : بحكم الله.
قوله تعالى :﴿ فما يكذبك بعد بالدين ﴾
حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور قال : قلت لمجاهد ﴿ فما يكذبك بعد بالدين ﴾ عنى به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : معاذ الله ! عنى به الإنسان.
عن منصور قال : قلت لمجاهد ﴿ فما يكذبك بعد بالدين ﴾ و﴿ أرأيت الذي يكذب بالدين ﴾ عنى به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : معاذ الله، إنما عني به الإنسان.
Icon