تفسير سورة القدر

تفسير ابن أبي حاتم
تفسير سورة سورة القدر من كتاب تفسير ابن أبي حاتم المعروف بـتفسير ابن أبي حاتم .
لمؤلفه ابن أبي حاتم الرازي . المتوفي سنة 327 هـ

سُورَةُ الْقَدْرِ
٩٧
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
١٩٤٢٤ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنِي مُسْلِمٌ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَبِسَ السِّلاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ شَهْرٍ قَالَ: فَعَجِبَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ الَّتِي لَبِسَ ذَلِكَ الرَّجُلُ السِّلاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ شَهْرٍ «١».
١٩٤٢٥ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ الذِّكْرِ الَّذِي عِنْدَ رَبِّ الْعِزَّةِ حَتَّى وُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ جَعَلَ جِبْرِيلَ يَنْزِلُ عَلَى مُحَمَّدٍ بِحِرَاءَ بِجَوَابِ كَلامِ الْعِبَادِ وَأَعَمَالِهِمْ «٢».
١٩٤٢٦ - أَخْبَرَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا أَرْبَعَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَبَدُوا اللَّهَ ثَمَانِينَ عَامًا، لَمْ يَعْصَوْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَذَكَرَ أَيُّوبَ وَزَكَرِيَّا وَحِزْقِيلَ بْنَ الْعَجُوزِ وَيُوشَعَ بْنَ نُونٍ قَالَ: فَعَجِبَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ عَجِبَتْ أُمَّتُكَ مِنْ عِبَادَةِ هَؤُلاءِ النَّفَرِ ثَمَانِينَ سَنَةً لَمْ يَعْصَوْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ هَذَا أَفْضَلُ مِمَّا عَجِبْتَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ: فَسُرَّ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ «٣».
١٩٤٢٧ - عَنْ مُجَاهِدٍ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ: لَيْلَةُ الْحُكْمِ «٤».
١٩٤٢٨ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا سيار بن
(١) ابن كثير ٨/ ٤٦٧.
(٢) الدر ٨/ ٥٦٩.
(٣) ابن كثير ٨/ ٣٦٤
(٤) الدر ٨/ ٥٦٩. [.....]
حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني، حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا موسى بن سعيد - يعني الرسبي - عن هلال أبي جبلة، عن أبي عبد السلام، عن أبيه، عن كعب أنه قال : إن سدرة المنتهى على حد السماء السابعة مما يلي الجنة، فهي على حد هواء الدنيا وهواء الآخرة، علوها في الجنة وعروقها وأغصانها من تحت الكرسي، فيها ملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله عز وجل، يعبدون الله عز وجل على أغصانها، في كل موضع شعرة منها ملك، ومقام جبريل عليه السلام في وسطها، فينادي الله جبريل أن ينزل في كل ليلة قدر مع الملائكة الذين يسكنون سدرة المنتهى، وليس فيهم ملك إلا قد أعطي الرأفة والرحمة للمؤمنين، فينزلون على جبريل في ليلة القدر حين تغرب الشمس، فلا تبقى بقعة في ليلة القدر إلا وعليها ملك، إما ساجد، وإما قائم، يدعو للمؤمنين والمؤمنات، إلا أن تكون كنيسة، أو بيعة، أو بيت نار، أو وثن، أو بعض أماكنكم التي تطرحون فيها الخبث، أو بيت فيه سكران، أو بيت فيه مسكر، أو بيت فيه وثن منصوب، أو بيت فيه جرس معلق، أو مبولة، أو مكان فيه كساحة البيت، فلا يزالون ليلتهم تلك يدعون للمؤمنين والمؤمنات، وجبريل لا يدع أحدا من المؤمنين إلا صافحه، وعلامة ذلك من اقشعر جلده ورق قلبه ودمعت عيناه فإن ذلك من مصافحة جبريل.
حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَعِيدٍ يَعْنِي الرَّسَبِيَّ عَنْ هِلالِ أَبِي جَبَلَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ السَّلامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى عَلَى حَدِّ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مِمَّا يَلِي الْجَنَّةَ فَهِيَ عَلَى حَدِّ هَوَاءِ الدُّنْيَا وَهَوَاءِ الْآخِرَةِ، عُلُوُّهَا فِي الْجَنَّةِ وَعُرُوقُهَا وَأَغْصَانُهَا مِنْ تَحْتِ الْكُرْسِيِّ فِيهَا مَلائِكَةٌ لَا يَعْلَمُ عِدَّتَهُمْ إِلا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، يَعْبُدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَغْصَانِهَا، فِي كُلِّ مَوْضِعِ شَعْرَةٍ مِنْهَا مَلَكٌ وَمَقَامُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي وَسَطِهَا، فَيُنَادِي اللَّهُ جِبْرِيلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي كُلِّ لَيْلَةِ قَدْرٍ مَعَ الْمَلائِكَةِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَلَيْسَ فِيهِمْ مَلَكٌَ إِلا قَدْ أُعْطِيَ الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَيَنْزِلُونَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ فَلا تَبْقَى بُقْعَةٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلا وَعَلَيْهَا مَلَكٌ، إِمَّا سَاجِدٌ وَإِمَّا قَائِمٌ، يَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، إِلا أَنْ تَكُونَ كَنِيسَةٌ أَوْ بَيْعَةٌ، أَوْ بَيْتُ نَارٍ أَوْ وَثَنٌ، أَوْ بَعْضُ أَمَاكِنِكُمُ الَّتِي تَطْرَحُونَ فِيهَا الْخَبَثَ، أَوْ بَيْتٌ فِيهِ سَكْرَانُ، أَوْ بَيْتٌ فِيهِ مُسْكِرٌ، أَوْ بَيْتٌ فِيهِ وَثَنٌ مَنْصُوبٌ، أَوْ بَيْتٌ فِيهِ جَرَسٌ مُعَلَّقٌ، أَوْ مِبْوَلَةٌ، أَوْ مَكَانٌ فِيهِ كَسَاحَةِ الْبَيْتِ، فَلا يَزَالُونَ لَيْلَتَهُمْ تِلْكَ يَدْعُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَجِبْرِيلُ لَا يَدَعُ أَحَدًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلا صَافَحَهُ وَعَلامَةُ ذَلِكَ مَنِ اقْشَعَرَّ جِلْدُهُ وَرَقَّ قَلْبُهُ وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُصَافَحَةِ جِبْرِيلَ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: سَلامٌ هِيَ
١٩٤٢٩ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: سَلامٌ هِيَ قَالَ: سَالِمَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا سُوءًا أَوْ يَعْمَلَ فِيهَا أَذًى «٢».
(١) قال ابن كثير: اثر غريب عجيب ٨/ ٤٧٢.
(٢) الدر ٨/ ٥٧٠
Icon