ﰡ
قوله تعالى (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا... )
قال ابن ماجة: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمد بن أبي عبيدة، ثنا أبي، عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة بن الزبير، قال: قالت عائشة: تبارك الذي وسِع سمعه كل شيء. إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة. ويخفى عليّ بعضه، وهى تشتكي زوجها إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهي تقول: يا رسول الله، أكَلَ شبابي، ونثرت له بطني. حتى إذا كبرتْ سنّي، وانقطع ولدي، ظاهر مني.
اللهم! إني أشكو إليك فما برحتْ حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله).
(السنن - الطلاق، ب الظهار ح٢٠٦٣)، تفرد به ابن ماجة وله شاهد صحيح بالطريق نفسه.
تقدم شاهده في الحديث السابق وهذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الأعمش به (انظر تفسير ابن كثير ٨/٦٠) وقال الألباني: صحيح (صحيح ابن ماجة ١/٣٥٢) وأخرجه البخاري نحوه معلقا ووصله الحافظ ابن حجر بسنده وصححه (تغليق التعليق ٥/٣٣٨-٣٣٩) وأخرجه الحاكم من طريق الأعمش وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/٤٨١).
قوله تعالى (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
قال الإمام أحمد: ثنا سعد بن إبراهيم ويعقوب قالا: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن إسحاق قال: حدثني معمر بن عبد الله بن حنظلة، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن خويلة بنت ثعلبة، قالت: والله فيّ وفي أوس بن صامت أنزل الله سورة المجادلة. قالت: كنت عنده. وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه وضجر.
(المسند ٦/٤١٠-٤١١)، وأخرجه أبو داود من طريق محمد بن إسحاق به مختصراً (السنن - الطلاق، ب في الظهار رجل ح٢٢١٤) وذكره ابن كثير وسنده حسن ثم قال: هذا هو الصحيح في سبب نزول صدر هذه السورة (٨/٦٢ طبعة الشعب).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (منكرا من القول وزورا) قال الزور: الكذب (وإن الله لعفو غفور) يقول جل ثناؤه: إن الله لذو عفو وصفح عن ذنوب عباده إذا تابوا منها وأنابوا، غفور لهم أن يعاقبهم عليها بعد التوبة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في قوله: (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا) فهو الرجل يقول لامرأته: أنت علي كظهر أمي، فإذا قال ذلك، فليس يحل له أن يقربها بنكاح ولا غيره حتى يكفر عن يمينه بعتق رقبة (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا) وليس: النكاح (فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا) وإن هو قال لها: أنت علي كظهر أمي إن فعلت كذا وكذا، فليس يقع في ذلك ظهار حتى يحنث، فإن حنث فلا يقربها حتى يكفر، ولا يقع في الظهار طلاق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، عن سعيد بن المسيب أنه قال في رجل صام من كفارة الظهار، أو كفارة القتل، ومرض فأفطر، أو أفطر من عذر، قال: عليه أن يقضي يوما مكان يوم، ولا يستقبل صومه.
قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (إن الذين يحادون الله ورسوله) يقول: يعادون الله ورسوله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (كبتوا كما كبت الذين من قبلهم) خزوا كما خزي الذين من قبلهم.
قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
قال ابن كثير: ثم قال تعالى مخبرا عن إحاطة علمه بخلقه وإطلاعه عليهم، وسماعه كلامهم، ورؤيته مكانهم حيث ما كانوا وأين كانوا، فقال (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة) أي: من سر
قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى) قال: اليهود.
قوله تعالى (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ)
قال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها: "أن اليهود دخلوا على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: السام عليك، ولعنتُهُم. فقال: مالك؟ قالت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال فلم تسمعي ما قلتُ: وعليكم".
(صحيح البخاري ٦/١٢٤-١٢٥ - ك الجهاد والسير، ب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة ح٢٩٣٥).
قال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد: حدثنا يونس، عن شيبان، عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك: أن يهوديا أتى على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه فقال: السامُ عليكم، فردّ عليه القوم، فقال نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هل تدرون ما قال هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، سَلّمَ يا نبي الله. قال: لا، ولكنه قال كذا وكذا، رُدُّوه عليَّ، فردُّوه قال: قلتَ السامُ عليكم؟ قال: نعم. قال نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند ذلك: إذا سلّم عليكم أحدٌ من أهل الكتاب فقولوا: عليك قال: عليك ما قلتَ. قال: (وإذا جاءوك حيَّوك بما لم يُحيِّك به الله).
قال أو عيسى: هذا حديث حسن صحيح (السنن ٥/٤٠٧ - ك التفسير)، وصححه الألباني (صحيح سنن الترمذي ح٣٣٠١) وهو كما قالا.
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك ح. وحدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن نافع، عن عبد الله - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث".
(الصحيح ١١/٨٤- ك الاستئذان، ب لا يتناجى اثنان دون الثالث ح٦٢٨٨)، ومسلم (الصحيح ٤/١٧١٨ ح٢١٨٤ - ك السلام، ب تحريم مناجاة اثنين دون الثالث).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا) كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنين، ويكبر عليهم، فأنزل الله في ذلك القرآن (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا).... الآية.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ)
قال البخاري: حدثنا محمد قال: أخبرنا مخلد بن يزيد قال: أخبرنا ابن جريج قال: سمعت نافعا يقول: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: "نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يُقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه" قلت لنافع: الجُمعة؟ قال: الجمعة وغيرها.
(صحيح البخاري ٢/٤٥٦ - ك الجمعة، ب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد في مكانه ح٩١١).
أخرج البخاري بسنده عن ابن عمر مرفوعاً: أنه نهى أن يقم الرجل من مجلسه ويجلس فيه الآخر ولكن تفسحوا أو وسعوا...
(الصحيح - الاستئذان، ب لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ح٢٦٧٠).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس) | الآية، كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلا ضنوا بمجلسهم عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعض. |
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله (فانشزوا) قالا: إلى كل خير، قتال عدو، أو أمر بالمعروف، أو حق ما كان.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) يقول: إذا دعيتم إلى خير فأجيبو.
قوله تعالى (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)
قال مسلم: وحدثني زهير بن حرب، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثني أبي عن ابن شهاب، عن عامر بن واثلة، أن نافع بن عبد الحارث لقي عمَرَ بعُسفان.
وكان عمر يستعمله على مكة. فقال: من استعملتَ على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى. قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولىً من موالينا. قال فاستخلفت عليهم مولىً؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل. وإنه عالم بالفرائض. قال عمر: أما إن نبيكم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين".
(صحيح مسلم ١/٥٥٩ - ك صلاه المسافرين وقصرها، ب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه ح٨١٧).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) إن بالعلم لأهله فضلا، وإن له على أهله حقا، ولعمري للحق عليك أيها العالم فضل والله معطي كل ذي فضل فضله.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (أأشفقتم) قال: شق عليكم تقديم الصدقة، فقد وضعت عنكم، وأمروا بمناجاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغير صدقة حين شق عليهم ذلك.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (أأشففتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) فريضتان واجبتان لا رجعة لأحد فيهما، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر الصدقة في النجوى.
قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ... )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) إلى آخر الآية، قال: هم المنافقون تولوا اليهود وناصحوهم.
قال ابن كثير: يقول تعالى منكرا على المنافقين في موالاتهم الكفار في الباطن، وفي نفس الأمر لا معهم ولا مع المؤمنين، كما قال تعالى: (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا).
قوله تعالى (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) انظر سورة المنافقون آية (٢).
قوله تعالى (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ)
قال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ الحسن بن علي بن عفان، ثنا عمرو بن عبد العنقزي، ثنا إسرائيل ثنا سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ظل حجرة وقد كاد
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. (المستدرك ٢/٤٨٢ - ك التفسير)، وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي، وأخرجه أحمد في (مسنده ١/٢٤٠-٢٦٧)، والطبراني (١٢/٧ ح١٢٣٠٧) من طرق عن سماك بنحوه. قال ابن كثير: إسناده جيد ولم يخرجاه (التفسير ٤/٥١٢) وقال الهثمي: رواه أحمد والبزار، ورجال الجميع رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٧/١٢٢)، وقال الزيلعي: هذا سند جيد (تخريج الكشاف ٤/٤٣٢)، وحسن إسناده محقق المسند (٤/٤٨ طبعة الأرنؤوط).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، في قوله (يوم يبعثهم الله جميعا).. الآية، والله حالف المنافقون ربهم يوم القيامة، كما حالفوا أولياؤه في الدنيا.
قوله تعالى (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ)
قال الحاكم: حدثني أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا محمد بن أحمد بن النضر، ثنا معاوية بن عَمْرو، ثنا زائدة، أنبأ السائب بن حبيش الكلاعي، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: قال لي أبو الدرداء: أين مسكنك؟ فقلت: في قرية دون حمص فقال أبو الدرداء - رضي الله عنه - سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية".
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (المستدرك ٢/٤٨٢-٤٨٣ - ك التفسير)، وصححه الذهبي، أخرجه أبو داود (١/٣٧١ ح٥٤٧)، والنسائي (٢/١٠٦)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان ٣/٢٦٧ ح٢٠٩٨) من طرق عن زائدة به. قال النووي: إسناده صحيح (نصب الراية ٢/٢٤)، وقال ابن الملقن: هذا الحديث صحيح (البدر المنير ج٣ ق٣٢/ب)، وحسنه الألباني (صحيح الترغيب ١/١٧٢ ح٤٢٥).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (يحادون الله ورسوله) قال: يعادون، يشاقون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) الآية، قال: كتب الله كتابا وأمضاه.
قال ابن كثبر: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) أي: قد حكم وكتب في كتابه الأول وقدره الذي لا يخالف ولا يمانع. ولا يبدل، بأن النصرة له ولكتابه ورسله وعباده المؤمنين في الدنيا والآخرة، وأن العاقبة للمتقين، كما قال تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سواء الدار).
قوله تعالى (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ... )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) لا تجد يا محمد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر، يوادون من حاد الله ورسوله، أي: من عادى الله ورسوله.
قال ابن كثير: ثم قال تعالى (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) أي: لا يوادون المحادين ولو كانوا من الأقربين، كما قال تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه)... الآية. وقال تعالى: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين).