ﰡ
قوله: ﴿ لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ ﴾ إما من إضافة الصفة للموصوف، أي الحديث اللهو، أي المشتغل عما يعني، أو الإضافة على معنى من، وإليه يشير المفسر بقوله: (أي ما يلهي عنه). قوله: (بفتح الياء) أي ليستمر على الضلال، وقوله: (وضمها) أي ليوقع غيره في الضلال، فهو ضال مضل، والقراءتان سبعيتان. قوله: (طريق الإسلام) أي الأمور الموصلة للإسلام، فاللهو كل ما يشغل عن عبادة الله، وذكره من الأضاحيك والخرافات والمغاني والمزامير، وغيرها من الأمور الباطلة. قوله: ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ حال من فاعل ﴿ يَشْتَرِي ﴾ أي حالة كونه جاهل القلب، وإن كان عليم اللسان. قوله: ﴿ وَيَتَّخِذَهَا ﴾ أي الآيات. قوله: (بالنصب) إلخ، أي والقراءتان سبعيتان. قوله: (مهزوءاً بها) أي لمحاكاته لها بالخرافات. قوله: (أعلمه) أشار بذلك إلى أن المراد بالبشارة مطلق الإعلام بالخبر، وإن لم يكن فيه بشارة، ودفع بذلك ما يقال: إن الإخبار بالعذاب الأليم، ليس بشارة بل هو نذارة، وقوله: (وذكر البشارة) إلخ، جواب آخر، فكان المناسب أن يذكره بأو. قوله: (النضر بن الحرث) أي ابن كلدة كان صديقاً لقريش. قوله: (فيستملحون حديثه) أي يعدونه مليحاً فيصغون له. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾ بيان لحال المؤمنين وبالقرآن، بعد بيان حال الكافرين به. قوله: ﴿ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ ﴾ المراد بها جميع الجنان، لا خصوص المسماة بهذا الاسم. قوله: (أي مقدراً خلودهم) أي فهم عند دخولهم يقدرون الخلود، لسماعهم النداء من قبل الله، يا أهل الجنة خلود بلا موت.
قوله: (التي يعزم عليها لوجوبها) أي تحتمها على المكلفين، فلا ترخيص في تركها.
قوله: ﴿ فَخُورٍ ﴾ (على الناس) أي لظنه أن نعمة الله أصبغت عليه لاستحقاقه إياها، فتكبر بها على الناس. قوله: ﴿ وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ﴾ لما أمره أولاً بحسن الباطن، أمره ثانياً بحسن الظاهر، ليجمع له في وصيته بين كمال الظاهر والباطن. قوله: (بين الدبيب) أي وهو ضعيف المشي جداً، قال الشاعر: زعمتني شيخاً ولست بشيخ إنما الشيخ من يدب دبيباقوله: (والإسراع) أي وهي قوة المشي وهي مذمومة لما ورد: سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن. إن قلت: ورد في الحديث: كنا نجهد أنفسنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقتضي أنه كان يسرع في مشيه. أجيب بأنه صلى الله عليه وسلم في نفسه مشية متوسطة، وبالنسبة للصحابة هو أعلى مشياً منهم، لما في الحديث المقتدم: وهو غير مكترث كأن الأرض تطوى له. قوله: ﴿ مِن صَوْتِكَ ﴾ يحتمل أن ﴿ مِن ﴾ تبعيضية، أو الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لمحذوف، أي شيئاً من صوتك. قوله: ﴿ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ ﴾ أي هذا الجنس لما فيه من العلو المفرط من غير حاجة، فإن كل حيوان يصيح من ثقل أو تعب أو غير ذلك، والحمار يصيح لغير سبب، وصياح كل شيء تسبيح لله تعالى، إلا الحمار. إن قلت: إن دق النحاس بالحديد أشد صوتاً من الحمير. أجيب: بأن الصوت الشديد لحاجة يتحمله العقلاء، بخلاف الصوت الخالي عن الثمرة والفائدة، وهو صوت الحمار. قوله: (أوله زفير) أي صوت قوي، وقوله: (وآخره شهيق) أي صوت ضعيف، وهما صفة أهل النار.
قوله: (موحد) إنما فسره بذلك ليشمل الإسلام في حق العامة وهو التوحيد، وإلا فالإحسان الكامل أن تعبد الله كأنك تراه. قوله: (بالطرف الأوثق) أي الموصل إلى الله بلا انقطاع، فقد مثل المؤمن المتمسك بطاعة الله، بمن أراد أن يرقى إلى شاهق جبل، فتمسك بأوثق حبل، فهو تشبيه تمثيلي بذكر طرفي التشبيه. قوله: (مرجعها) أي فيجازي عليها. قوله: ﴿ وَمَن كَفَرَ ﴾ إلخ، هذا مقابل الفريق الأول، قوله: ﴿ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ ﴾ بفتح الياء وضم الزاي، وبضم الياء وكسر الزاي قراءتان سبعيتان، أي فتسل ولا تغتم على ذلك. قوله: ﴿ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ ﴾ أي نخبرهم بأعمالهم التي عملوها في الدنيا، كما أن المؤمن إذا نعم في الدنيا بأنواع النعم، فليس ذلك جزاء لأعماله الصالحة. قوله: (لا يجدون عنها محيصاً) أي ملجأ.
قوله: ﴿ وَٱلْبَحْرُ ﴾ أي المحيط، لأن الحقيقة إذا أطلقت تنصرف للفرد الكامل. قوله: (عطف على اسم أن) أشار بذلك إلى توجيه قراءة النصب، وترك توجيه قراءة الرفع، وتوجيهها أن يقال: إما عطف على جملة ﴿ أَنَّ ﴾ واسمها وخبرها، لأن موضعها رفع على الفاعلية لفعل محذوف، والتقدير لو ثبت أن ما في الأرض إلخ، أو مبتدأ خبره ﴿ يَمُدُّهُ ﴾ والجملة حالية. قوله: (مداد) خبر لمحذوف تقديره والجميع مداد، وهو جملة مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر تقديره ما تجعل تلك الأبحر؟ فأجاب بقوله: (مداد) يدل على ذلك قوله في الآية الأخرى:﴿ قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي ﴾[الكهف: ١٠٩] إلخ. قوله: ﴿ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ ﴾ أي مدلولات كلامه النفسي القديم القائم بذاته تعالى، بدليل قوله المعبر بها، فإن مدلول الكلام القديم، هو ما أحاط به العلم القديم، وأما الكلام المنزل للقراءة والتعبد به كالكتب السماوية، فهو دال على بعض مدلول الكلام القديم، فلذلك كان به مبدأ وغاية. قوله: ﴿ مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ سبب نزولها: أن أبي بن خلف وجماعة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أن الله خلقنا أطواراً، نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم تقول: إنا نبعث خلقاً جديداً جميعاً في ساعة واحدة فنزلت، والمعنى أن الله لا يصعب عليه شيء، بل خلق العالم وبعثه برمته، كخلق نفس واحدة وبعثها. قوله: (خلقاً وبعثاً) لف ونشر مرتب. قوله: (يا مخاطباً) نصبه لكونه قصد أنه نكرة غير مقصودة. قوله: (بما نقص) أي بالجزاء الذي نقص من الأجر، وهو أربع ساعات دائرة بين الليل والنهار، زائدة على الاثني عشر، فتارة يزيدها الليل، وتارة يزيدها النهار.
قوله: (الثابت) أي الذي لا يقبل الزوال ولا أبداً. قوله: (بالياء والتاء) أي فها قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ ﴾ إلخ، هذا دليل آخر على إثبات الألوهية لله وحده. قوله: ﴿ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ ﴾ أي إحسانه. قوله: (أي علا الكفار) أي أحاط بهم، فعلا فعل ماض ولا حرف جر. قوله: (أي لا يدهون معه غيره) أي كالأصنام لأنهم في ذلك الوقت في غاية الشدة والهول، فلا يجدون ملجأ لكشف ما نزل بهم غيره تعالى. قوله: (متوسط بين الكفر والإيمان) المناسب تفسير المقتصد بالعدل الموفي، بما عاهد الله عليه من التوحيد، ليكون موافقاً لسبب النزول، فإنها نزلت في عكرمة بن أبي جهل، وذلك أنه هرب عام الفتح إلى البحر، فجاءتهم ريح عاصف فقال عكرمة: لئن أنجانا الله من هذا، لأرجعن إلى محمد صلى الله عليه وسلم، ولأضعن يدي في يده فسكن الريح، فرجع عكرمة إلى مكة فأسلم وحسن إسلامه. قوله: (ومنهم باق على كفره) أي وهو المشار إليه بقوله: ﴿ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ ﴾ إلخ. قوله: (غدار) أي لأنه نقص العهد، ورجع إلى ما كان عليه.