ﰡ
قوله تعالى :﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ ﴾ ؛ قال الضحاك :" ضعفاً على ضعف " يعني ضعف الولد على ضعف الأم.
وقيل : بل المعنى فيه شدة الجهد ﴿ وَفِصَالُهُ في عَامَيْنِ ﴾ يعني في انقضاء عامين، وفي آية أخرى :﴿ وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ﴾ [ الأحقاف : ١٥ ] ؛ فحصل بمجموع الآيتين أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وبه استدلَّ ابن عباس على مدة أقل الحمل واتفق أهل العلم عليه.
وقيل : إن أصل الصَّعَرِ داءٌ يأخذ الإبل في أعناقها ورؤوسها حتى يلوي وجوهها وأعناقها فيشبَّه بها الرجل الذي يلوي عنقه عن الناس ؛ قال الشاعر :
* وكُنَّا إِذَا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ * أَقَمْنَا له مِنْ مَيْلِهِ فَتَقَوَّمَا *
وقوله تعالى :﴿ وَلا تَمْشِ في الأَرْضِ مَرَحاً ﴾ ؛ المرح البَطَرُ وإعجاب المرء بنفسه وازدراء الناس والاستهانة بهم، فنهى الله عنه إذْ لا يفعل ذلك إلا جاهل بنفسه وأحواله وابتداء أمره ومنتهاه ؛ قال الحسن : أنَّى لابن آدم الكبر وقد خرج من سبيل البول مَرَّتين.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ الله لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾، قال مجاهد : هو المتكبر والفخور الذي يفتخر بنعم الله تعالى على الناس استصغاراً لهم، وذلك مذموم لأنه إنما يستحقّ عليه الشكر لله على نِعَمِهِ لا التوصل بها إلى معاصيه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم حين ذَكَرَ نِعَمَ الله أنّهُ " سَيِّدٌ وَلَدِ آدَمَ ولا فَخْرَ "، فأخبر أنه إنما ذكرها شكراً لا افتخاراً، على نحو قوله تعالى :﴿ وأما بنعمة ربك فحدث ﴾ [ الضحى : ١١ ].
وقوله تعالى :﴿ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ ﴾ فيه أمر بخفض الصوت لأنه أقرب إلى التواضع، كقوله تعالى :﴿ إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ﴾ [ الحجرات : ٣ ]، ورَفْعُ الصوت على وجه ابتهار الناس وإظهارِ الاستخفاف بهم مذمومٌ، فأبان عن قبح هذا الفعل وأنه لا فضيلة فيه لأن الحمير ترفع أصواتها وهو أنكر الأصوات ؛ قال مجاهد في قوله :﴿ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ ﴾ : أقبحها، كما يقال هذا وجه منكر ؛ فذكر الله تعالى ذلك وأدّب العباد تزهيداً لهم في رفع الصوت.
وقوله :﴿ لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ ﴾ معناه لا يغني، يقال : جزيت عنك إذا أغنيت عنك.