تفسير سورة سورة لقمان من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن
.
لمؤلفه
الإيجي محيي الدين
.
المتوفي سنة 905 هـ
سورة لقمان مكية
قيل إلا ثلاثا من قوله :﴿ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلاما ﴾
وهي أربع وثلاثون آية وأربع ركوعات
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾ المشتمل على الحكم، أو المحكم آياته قيل : وصف كتاب الله بصفة الله على الإسناد المجازي،
﴿ هُدًى ﴾ حال عن الآيات، ﴿ وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ ﴾
﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ : أيقنوا بالدار الآخرة، والجزاء فيها فرغبوا إلى الله وأخلصوا العمل،
﴿ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ : في الدارين،
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ﴾، من يحب الغناء ويختاره، والمزامير على حديث الحق أو يشتري المغنيات ويرغب الناس في سماعها أي : ذات لهم الحديث أو نزلت في من اشترى كتب أخبار سلاطين العجم، ويحدث بها قريشا فيختارون استماعه على استماع القرآن، ﴿ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ : عن دينه، ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ حال من فاعل يضل قال قتادة رضي الله عنه، بحسب المرء من الجهل أن يختار حديث الباطل على الحق أو يشريه بغير علم بالتجارة وبغير بصيرة، ﴿ وَيَتَّخِذَهَا ﴾ أي : سبيل الله، ﴿ هُزُوًا ﴾ : سخرية، ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ : لإهانتهم الحق،
﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى ﴾ : أعرض عنها، ﴿ مُسْتَكْبِرًا ﴾ متكبرا، ﴿ كَأَن ﴾ أي : كأنه، ﴿ لَّمْ يَسْمَعْهَا ﴾، حال أي : مشابها حاله بحاله أو استئناف، ﴿ كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ﴾، ثقلا مانعا عن الاستماع بدل من كان أو حال من فاعل لم يسمع أو استئناف، ﴿ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ فيه تهكم،
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ ﴾ مصدر مؤكد لنفسه، ﴿ حَقًّا ﴾ مؤكد لغيره، ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ ﴾ : الغالب المطلق، ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ : في أفعاله،
﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾ : صفة لعمد يعني لها عمد غير مرئية أو استئناف أي : ترونها لا عمد لها، ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ ﴾ : جبالا شوامخ، ﴿ أَن تَمِيدَ ﴾ كراهة أن تميد ﴿ بِكُمْ ﴾ فإن الأرض كانت تضطرب قبل خلق الجبال، فلا يمكن السكون على وجهها، ﴿ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴾ : من كل صنف كثير النفع،
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ ﴾ : مخلوقه، ﴿ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ﴾ أي : آلهتكم حتى استوجبوا عندكم عبادتها ونصب ماذا بخلق أو ماذا مبتدأ وخبر أي : ما الذي خلق وحينئذ أو أروني معلق عنه، ﴿ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾، أضرب عن تبكيتهم إلى التسجيل عليهم بضلال ليس بعده ضلال.
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ﴾ الأصح، بل الصحيح أنه ما كان نبيا، بل كان عبدا صالحا أدرك داود عليه السلام، وعن كثير من السلف : إنه عبد أسود آتاه الله تعالى الحكمة، وعن بعض : إن الله خيره بين النبوة، والحكمة، فاختار الحكمة فإن فيها السلامة، ﴿ أَنِ اشْكُرْ ﴾، أي : لأن أو مفسرة فإن إيتاء الحكمة في معنى القول، ﴿ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾ : نفعه لا يعود إلا إليه، ﴿ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ ﴾ : لا يحتاج إلى شيء، ﴿ حَمِيدٌ ﴾ : حقيق بالحمد وإن لم يحمده أحد،
﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيّ ﴾َ، تصغير إشفاق، ﴿ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾، نقل أن ابنه وامرأته كانا كافرين فما زال بهما حتى أسلما،
﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ ﴾ : برعيتهما، ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ ﴾ : تضعف ضعفا فوق ضعف أو ذات وهن على وهن، ﴿ وَفِصَالُهُ ﴾ : فطامه، ﴿ فِي عَامَيْنِ ﴾، أي : في انقضائهما، وذلك أقصى مدة الرضاع عطف على الجملة الحالية التي هي تهن وهنا على وهن لما وصى بالوالدين ذكر ما تكابده الأم من المتاعب في حمله، وفصاله إيجابا للتوصية بها خصوصا، ﴿ أَنِ اشْكُرْ ﴾ تفسير لوصينا أو علة له، ﴿ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ فأجازيك،
﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ ﴾ : بالغاك وحرضاك، ﴿ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ أي : ما ليس بإله يعني : ما ليس لك علم باستحقاقه للإشراك تقليدا للوالدين ف ( ما ليس ) مفعول تشرك، ﴿ فَلَا تُطِعْهُمَا ﴾ : في ذلك، ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ أي : صحابا معروفا مشروعا حسنا بخلق جميل وحلم وبر ومروة، ﴿ وَاتَّبِعْ ﴾ : في دينك، ﴿ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ ﴾ : رجع، ﴿ إِلَيَّ ﴾ : بالتوحيد والطاعة، ﴿ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ﴾ أي : المولود والوالدين، ﴿ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ : بجزاء عملكم والآيتان أعني : ووصينا إلى هنا وقعتا في أثناء وصية لقمان على سبيل الاستطراد تأكيدا لما في وصيته من النهي عن الشرك، وقد نقل أنهما نزلتا حين قالت أم سعد لسعد حين أسلم : لتدعن دينك أو لأدع الطعام والشراب حتى أموت، فأجاب : والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا بشيء إن شئت كلي وإن شئت لا تأكلي،
﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا ﴾ أي : الخصلة السيئة قيل : إن لقمان قال ذلك في جواب ابنه حين قال له : إن عملت خطيئة حيث لا يراني أحد كيف يعلمها الله ؟ ﴿ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ ﴾ : في أخفى مكان وأحرزه، وعن بعض إن المراد منها : صخرة تحت الأرضين السبع وهي التي يكتب فيها أعمال الفجار، ﴿ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ ﴾، أو في أعلى مكان أو أسفله، ﴿ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ﴾ : يحضرها يوم القيامة للجزاء، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ : يصل عمله إلى كل خفي،
﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾ : من الشدائد، ﴿ إِنَّ ذَلِكَ ﴾ : الصبر أو المذكور كله، ﴿ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ أي : مما عزمه الله أي قطعه وأوجبه من الأمور، وهو مصدر للمفعول أي من معزوماتها أو مفروضاتها،
﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ ﴾ : لا تمله، ﴿ لِلنَّاسِ ﴾، كما يعمله المتكبرون، يعني : لا تعرض عن الناس بوجهك إذا كلموك تكبرا، ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ﴾ أي : لا تمرح مرحا أو للمرح والبطر كما قال تعالى :﴿ ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ﴾ [ الأنفال : ٤٧ ]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ ﴾ : ذي تكبر، ﴿ فَخُورٍ ﴾ : يفتخر على الناس، ولا يتواضع
﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ﴾ : توسط بين الدبيب والإسراع، ﴿ وَاغْضُضْ ﴾ : وانقص وأقصر، ﴿ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ ﴾ : أوحشها، ﴿ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ أي : لصوت ذلك الجنس من الحيوان، فإنه صوت رافع لا فائدة فيه.
﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ ﴾ : بأن جعله أسباب منافعكم، ﴿ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ ﴾ : أوفى وأتم، ﴿ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً ﴾ : محسوسة وما تعرفونه، ﴿ وَبَاطِنَةً ﴾ : معقولة وما لا تعرفونه، ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ ﴾ أي : مع هذا بعض الناس يجادل في صفاته وإرساله للرسل، ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ غير مستند بحجة عقلية، ﴿ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ﴾ أي : ولا نقلية من اتباع رسول وكتاب واضح مضيء، بل قلدوا جهالهم كما قال :
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾ : أيتبعونهم ويقلدونهم ؟ ولو كان الشيطان يدعوهم إلى جهنم !
﴿ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ : انقاد لأوامر الله وتوكل عليه، ﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ : في عمله باتباع الشرع، ﴿ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ : اعتصم بأوثق حبل، مثل حال المتوكل المطيع بحال من أراد أن يتدلى من شاهق فاستمسك بأوثق عروة من حبل مأمون انقطاعه، ﴿ وإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ : مرجعها إليه،
﴿ وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ ﴾، فإنه بإرادتنا ولا يضرك، ﴿ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ﴾ يعني : لا يضرك كفرهم، ونحن ننتقم منهم فعليهم ضره، ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ : فيجازيهم عليه فضلا عن أعمالهم الظاهرة،
﴿ نُمَتِّعُهُمْ ﴾ : زمانا، ﴿ قَلِيلًا ﴾ أو تمتيعا قليلا، ﴿ ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ ﴾ : نلجئهم في الآخرة، ﴿ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ : شديد ثقيل على المعذب،
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾، إذ قامت الحجة عليكم باعترافكم، ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ : أن ذلك إلزام لهم،
﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ ﴾ المطلق لا يحتاج إلى عبادة عابد، ﴿ الْحَمِيدُ ﴾ : المستحق للحمد وإن لم يحمد،
﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ ﴾، عطف على محل ( أن ما في الأرض ) فإنه في المعنى فاعل لثبت المقدر بعد لو، ﴿ يَمُدُّهُ ﴾ أي : البحر وهو حال أو البحر مبتدأ ويمده خبره، والواو للحال من غير ضعف، ﴿ مِن بَعْدِهِ ﴾ أي : بعد ذلك البحر، ﴿ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ﴾، فاعل يمده وهي للتكثير لا للحصر، وقد نقل أن في العالم سبعة أبحر محيطة بالعالم، ﴿ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾ يعني لو ثبت أن أشجار الأرض أقلام، والبحر ممدود بسبعة أبحر وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات علم الله وحكمته لما نفدت ونقدت الأقلام والمداد وهو كقوله :
( نعم العبد صهيب لو لم يخف لم يعصه ) نزلت حين قال أحبار اليهود : يا محمد بلغنا أنك تقول، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا أفعنيتنا أم قومك ؟ فقال : كلا، فقالوا : إنك تتلوا إنا قد أوتينا التوراة، وفيها تبيان كل شيء، فقال عليه السلام : هي في علم الله قليل، وقد آتاكم ما إن علمتم به انتفعتم، وهذا يقتضي أن الآية مدنية، والمشهور أنها مكية، قال بعض السلف : أمر اليهود وفد قريش أن يسألوه وهو بمكة، ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ﴾ : لا يعجزه شيء، ﴿ حَكِيمٌ ﴾ : في جميع شئونه،
﴿ مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ أي : إلا كخلق نفس واحدة وبعثها، فإنه يكفي في الكل تعلق الإرادة، ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ : يسمع ويبصر كل مسموع ومبصر لا يشغله شأن عن شأن،
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ﴾ : فيطول النهار ويقصر الليل، ﴿ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ ﴾ : منهما، ﴿ يَجْرِي ﴾ : في فكله، ﴿ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ : إلى وقت معين الشمس إلى آخر السنة، والقمر إلى آخر الشهر، أو الأجل المسمى يوم القيامة فحينئذ ينقطع جريهما، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذَلِكَ ﴾ أي : اختصاصه تعالى بسعة العلم، وشمول القدرة، وعجائب الصنع، ﴿ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ﴾ بسبب أنه الثابت إلاهيته، ﴿ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ ﴾ : إلاهيته، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير ﴾ مترفع ومتسلط على كل شيء أو معناه ذلك الذي أوحى إليك بسبب بيان أنه هو الحق وأن إلها غيره باطل وأنه علي كبير أن يشرك به.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٩:﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ﴾ : فيطول النهار ويقصر الليل، ﴿ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ ﴾ : منهما، ﴿ يَجْرِي ﴾ : في فكله، ﴿ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ : إلى وقت معين الشمس إلى آخر السنة، والقمر إلى آخر الشهر، أو الأجل المسمى يوم القيامة فحينئذ ينقطع جريهما، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذَلِكَ ﴾ أي : اختصاصه تعالى بسعة العلم، وشمول القدرة، وعجائب الصنع، ﴿ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ﴾ بسبب أنه الثابت إلاهيته، ﴿ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ ﴾ : إلاهيته، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير ﴾ مترفع ومتسلط على كل شيء أو معناه ذلك الذي أوحى إليك بسبب بيان أنه هو الحق وأن إلها غيره باطل وأنه علي كبير أن يشرك به.
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَة اللَّهِ ﴾ : برحمته وإحسانه، ﴿ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ أي : لكل مؤمن فقد ورد ( الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر ) أو لأن كون الفلك وأحوالها آية لا يدري كما هي إلا كثير الصبر والشكر ممن ركبها فلم يقلق فيها وتأمل في غرائبها ثم إذا خرج منها ما كفر،
﴿ وَإِذَا غَشِيَهُم ﴾ : علاهم، ﴿ مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ ﴾ : كالجبال والسحاب، ﴿ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ : لا يدعون معه غيره تركوا التقليد واتبعوا الفطرة، ﴿ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ﴾ : متوسط في العمل لا يعمل بكل ما عهد ولا يترك كله، ﴿ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ ﴾، الختر : أشد الغدر، ﴿ كَفُورٍ ﴾ للنعم والحاصل أن الناجي من البحر قسمان قسم بين بين، وقسم ينكر نعم الله، وأما العامل بجميع ما عهد فقليل نادر،
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي ﴾ : لا يقضي، ﴿ وَالِدٌ عَن وَلَدِه ﴾ : فيه، ﴿ وَلَا مَوْلُودٌ ﴾ مبتدأ، ﴿ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ﴾، خبره قيل : تغيير للأسلوب بطريق التأكيد لقطع أطماع المؤمنين أن ينفعوا آبائهم الكفرة في الآخرة فإن آباء أكثر الصحابة ماتوا على الجاهلية، ﴿ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ ﴾ : بالجزاء، ﴿ حَقٌّ ﴾ : لا يمكن خلفه، ﴿ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ : الشيطان فينسيكم عقابه ويطمعكم في رحمته بلا طاعة،
﴿ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾ : علم وقت قيامها عنده لا يعلمه غيره وعنده خبر علم الساعة والجملة خبر إن، ﴿ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ﴾، الظاهر أنه عطف على خبر إن ولا شبهة أن المقصود اختصاص هذا العلم لا محض القدرة على الإنزال واسم الله الجامع إذا وقع مسند إليه ثم بنى عليه الخبر على إرادة تقوى الحكم أفاد تخصيصا لا سيما إذا كان عطفا على المختص كما حققه الزمخشري في مواضع، ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ﴾ : أنه ذكر أو أنثى لا يعلم أحد وقت نزول الغيث إلا عند أمر الله به فإنه يعلم حينئذ الملك ومن شاءه من خلقه وكذلك لا يعلم أن ما في الرحم ذكر أو أنثى إلا حين ما أمر بكونه ذكر أو أنثى شقيا أو سعيدا، ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ﴾ : خيرا أو شرا عطف على جملة إن الله، أثبت اختصاصه به تعالى على سبيل الكناية على الوجه الأبلغ، ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾ وإن استوفى حيلها وإذا كان حال شيء أخص به فكيف هو من معرفة ما عداهما، ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ : فلا يخفى عليه خافية، وفي الحديث ( مفاتح الغيب خمس ) وتلا هذه الآية.
والحمد لله رب العالين.