تفسير سورة الشمس

مراح لبيد
تفسير سورة سورة الشمس من كتاب مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد المعروف بـمراح لبيد .
لمؤلفه نووي الجاوي . المتوفي سنة 1316 هـ

سورة الشمس
مكية، خمس عشرة آية، أربع وخمسون كلمة، مائتان وسبعة وأربعون حرفا
وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١) أي ضوئها إذا ارتفعت وقام سلطانها، وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (٢) أي تبع الشمس بأن طلع بعد غروبها وذلك في النصف الأول من الشهر، وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها (٣) أي إذا أظهر الشمس فإنها تنكشف عند انبساط النهار فكأنه أظهرها مع أنها هي التي تبسطه، وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤) أي يغطي ضوء الشمس بظلمته وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥) أي والذي خلقها وهو الله تعالى أقسم بنفسه، وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) أي بسطها على الماء، وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) أي وجسد كثير والذي أنشأها متناسبة الأعضاء، أو وقوة مدبرة، والذي أعطاها قوى كثيرة كالقوة السامعة، والباصرة، والمفكرة، والمذكرة فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) أي أفهمها حالاهما من الحسن والقبيح، وقيل: ألهم الله الكافر فجوره، وألهم المؤمن المتقي تقواه. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) أي قد أدرك من طهر نفسه من الذنوب مطلوبه بفعل الطاعة ومجانية المعصية، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠) أي وقد خسر من أخفى نفسه في المعاصي حتى انغمس فيها
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) أي فعلت ثمود تكذيب الرسول بسبب مجاوزتها الحد في العصيان، أو كذبت ثمود بعذابها أي لم يصدقوا رسولهم فيما أنذرهم به العذاب فالطغوى على هذا اسم للعذاب الذي أهلكوا به إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) أي حين قام أشقى ثمود، وهو قدار بن سالف ومصدع بن دهو لعقر الناقة برضاهم، فَقالَ لَهُمْ أي لثمود رَسُولُ اللَّهِ صالح لما عرف منهم أنهم قد عزموا على عقر الناقة ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها (١٣) أي ذروا عقر الناقة التي هي آية الله الدالة على توحيده وعلى نبوتي واحذروا شربها فلا تمنعوها عنه في نوبتها، فَكَذَّبُوهُ أي رسول الله صالحا في وعيده بالعذاب، فَعَقَرُوها قال الفراء: عقر الناقة اثنان، وقال قتادة: ذكر لنا إن قدار أبى أن يعقرها حتى بايعه صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم، فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ أي أهلكهم ربهم بِذَنْبِهِمْ أي بسبب قتلهم الناقة وتكذيبهم صالحا عليه السلام، فَسَوَّاها (١٤) أي سوى هذه الطائفة في إنزال العذاب بهم صغيرهم، وكبيرهم، ووضيعهم، وشريفهم، وذكرهم، وأنثاهم.
وقرأ ابن الزبير «فدهدم» بهاء بين الدالين، وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥) أي ولا يخاف الله عاقبة
635
هذه الفعلة كما تخاف الملوك عاقبة ما تفعله، وهذه إشارة إلى أنهم أذلاء عند الله تعالى، وقيل: لا يخاف رسول الله صالح عقبى هذه العقوبة ولا يخشى ضررا يعود عليه من عذابهم، وقيل: قام الأشقى لعقر الناقة والحال أنه غير خائف عاقبة هذه الفعلة الشنعاء أي فهو كالآمن من نزول الهلاك به وبقومه، ففعل مع هذا الخوف الشديد فعل من لا يخاف ألبتة فنسب في ذلك إلى الحمق. وقرأ نافع، وابن عامر «فلا يخاف» بالفاء، والباقون بالواو، وهي للحال، أو للاستئناف الإخباري، وقرئ «ولم يخف» وهو مروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
636
Icon