مكية. وهي إحدى عشرة آية. ومناسبتها : قوله :﴿ ولسوف يرضى( ٢١ ) ﴾ [ الليل : ٢١ ] مع قوله :﴿ ولسوف يعطيك ربك فترضى ﴾ لما أخبر أنه أعطى للصديق ما يرضيه أخبر أنه سيفعل ذلك بنبيه صلى الله عليه وسلم، فقال :
بسم الله الرحمان الرحيم :
﴿ وَالضُّحَى ﴾*﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾*﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾*﴿ وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى ﴾*﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾.
ﰡ
ووجه اتصال الآية بما قبلها : أنه لمَّا كان في ضمن نفي التوديع والقَلي أنَّ الله يُواصلك بالوحي إليك، وأنك حبيب الله، ولا ترى كرامة أعظم من ذلك، أخبر أن ما له في الآخرة أعظم وأشرف، وذلك لتقدُّمه على الأنبياء في الشفاعة الكبرى، وشهادة أمته على الأمم، ورفع درجات المؤمنين، وإعلاء مراتبهم بشفاعته، وغير ذلك من الكرامات السنية التي لا تُحيط بها العبارة.
٢ أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٦/٦١١..
﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى ﴾*﴿ وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى ﴾*﴿ وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ﴾*﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ ﴾*﴿ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ ﴾*﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ أَلمْ يَجِدْكَ يتيماً ﴾ من أبويك ﴿ فآوى ﴾ أي : ضمَّك إلى جدك، ثم إلى عمك أبي طالب. رُوي أنَّ أباه مات وهو جنين، قد أتت عليه ستة أشهر، وماتت أمه وهو ابن ثمان سنين، فكلفه أولاً جدُّه عبد المطلب، فلما مات جده كَفَلَه عَمُّه أبو طالب، فأحسن تربيته، وذلك إيواؤه، وقال القشيري : ويُقال : بل آواه إلى ظل كَنَفِه، وربَّاه بلطف رعايته. ه.
والحكمة في يُتمه صلى الله عليه وسلم : ألا يكون عليه منّة لأحدٍ سوى كفالة الحق تعالى. وقيل : هو من قول العرب : دُرة يتيمة إذا لم يكن لها مِثل، أي : ألم يجدك وحيداً في شرفك وفضلك، لا نظير لك فآواك إلى حضرته.
٢ أخرجه القرطبي في تفسيره ٢٠/١٠١، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان ٢/٢٩٩، وابن عدي في الكامل في الضعفاء ٢/٧٢٢..
٢ أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال ١٦٢٨٩، والبزار في كشف الأستار حديث ٩٠٢، والهيثمي في مجمع الزوائد ٣/١٠١..
٣ أخرجه بلفظ: "للسائل حق وإن جاء على فرس". أبو داود في الزكاة حديث ١٦٦٥، وأحمد في المسند ١/٢٠١..
٤ أخرجه الطبراني في الأوسط حديث ٤٨٣٣، والهيثمي في مجمع الزوائد ٣/١٩٩، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٦٢٥٣، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة ٢/٧٤..
انظر كيف ذكر الله في هذه السورة ثلاث نعم، ثم ذكر في مقابلتها ثلاث وصايا، فقابل في قوله :﴿ ألم يجدك يتيماً ﴾ بقوله :﴿ فأمّا اليتيم فلا تَقْهَر ﴾ وقابل قولَه :﴿ ووجدك ضالاً ﴾ بقوله :﴿ وأمّا السائل فلا تَنْهَر ﴾ على مَن قال : إنه طالب العلم، وقابل بقوله :﴿ وأمّا بنعمة ربك فَحَدِّث ﴾ على القول الآخر، وقابل قوله :﴿ ووجدك عائلاً فأَغْنَى ﴾ بقوله :﴿ وأمّا السائل فلا تَنْهر ﴾ على القول الأظهر، وقابله بقوله :﴿ وأمَّا بنعمة ربك فحدِّث ﴾ على القول الآخر ه. من ابن جزي.
ولمَّا قرأ صلى الله عليه وسلم سورة الضحى كبّر في آخرها، فسُنَّ التكبير آخرها، وورد الأمر به خاتمتها وخاتمة كل سورة بعدها في رواية البزي.