ﰡ
مكية وآياتها أربع آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)شرح الكلمات:
أعوذ: أي أستجير واتحصن.
الفلق: أي الصبح.
غاسق إذا وقب: أي الليل إذا أظلم أو القمر إذا غاب.
النفاثات: أي السواحر اللاتي ينفثن.
في العقد: أي في العقد التي يعقدنها.
حاسد إذا حسد: أي إذا أظهر حسده وأعمله.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ ١ أنه لما سحر لبيد بن معصم٢ اليهودي بالمدينة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنزل تعالى المعوذتين فرقاه بهما جبريل فشفاه الله تعالى ولذا فالسورتان مدنيتان وقوله تعالى ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ أي قل يا رسولنا أعوذ أي أستجير وأتحصن برب افلق وهو الله عز وجل إذ هو فالق الإصباح وفالق الحب والنوى ولا يقدر على ذلك إلا هو لعظيم قدرته وسعة علمه. ﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ أي من شر ما خلق تعالى من الكائنات من حيوان مكلف كالإنسان وغير مكلف كسائر الحيوانات ومن الجمادات أي من شر كل ذي شر منها ومن سائر المخلوقات. وقوله ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ أي الليل إذا أظلم والقمر٣ إذا غاب إذ الظلام بدخول الليل أو بغياب القمر يكون مظنة خروج الحيات السامة والحيوانات المفترسة والجماعات المتلصصة للسطو والسرقة وابتغاء الشر والفساد. وقوله تعالى ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ أي وتعوذ بالله برب الفلق من شر الساحر وهن النساء اللاتي ينفثن في كل عقدة يرقين عليها ويعقدنها والنفث هي إخراج هواء من الفم بدون ريق ولذا ورد من عقد عقدة ونفث فيها فقد سحر. وقوله تعالى ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ٤ إِذَا حَسَدَ٥﴾ أي وتعوذ برب الفلق من شر حاسد أي من الناس إذا حسد أي أظهره حسده فابتغاك بضر أو أرادك بشر أو طلبك بسوء بحسده لك لأن الحسد طلب زوال النعمة هن المحسود وسواء أرادها له أو لم يردها وهو شر الحسد.
٢ حديث سحر لبيد بن الأعصم اليهودي للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابت في الصحيح وغيرهما. ومما رقى به جبريل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله "بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر حاسد وعين والله يشفيك.
٣ روى الترمذي وصححه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نظر إلى القمر فقال يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا فإن هذا هو الغاسق إذا وقب.
٤ روى النسائي عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه. لهذا كره بعض السلف النفث في الرقية وقالوا يرقى ولا ينفث، والجمهور على الجواز.
٥ الحسد حرام وهو أول ذنب عصى به الله تعالى إذ حسد إبليس آدم وحسد قابيل هابيل وحقيقته تمني زوال النعمة على الغير لتحصل له، أو لا تحصل وهو شر الحسد.
من هداية الآيات:
١- وجوب التعوذ بالله والاستعاذة بجنابه تعالى من ك مخوف لا يقدر المرء على دفعه لخفائه أو عدم القدرة عليه.
٢- تحريم النفث في العقد إذ هو من السحر. والسحر كفر وحد الساحر ضربة بالسيف.
٣- تحريم الحسد قطعياً وهو داء خطير حمل ابن آدم على قتل أخيه وحمل إخوة يوسف على الكيد له.
٤- الغبطة ليست من الحسد للحديث الصحيح: "لا حسد إلا في اثنتين" إذ المراد به الغبطة.