وأخرج البخاري وابن الضريس وابن مردويه، عن ابن مسعود أنه قال في بني إسرائيل والكهف ومريم : إنهن من العِتاق الأُول، وهن من تِلادي.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه النسائي والحاكم وابن مردويه، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عمرو الشيباني قال : صلى بنا عبد الله الفجر فقرأ بسورتين، الآخرة منهما بنو إسرائيل.
ﰡ
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله تَعَالَى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ قَالَ: ﴿سُبْحَانَ﴾ تَنْزِيه الله تَعَالَى ﴿الَّذِي أسرى﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿من الْمَسْجِد الْحَرَام﴾ إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ رده إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: قلت لَهُ لما علا فخره سُبْحَانَ من عَلْقَمَة الفاخر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ثَابت عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أتيت بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّة أَبيض طَوِيل فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل يضع حَافره عِنْد مُنْتَهى طرفه
فركبته حَتَّى أتيت بَيت الْمُقَدّس فربطته بالحلقة الَّتِي ترْبط بهَا الْأَنْبِيَاء ثمَّ دخلت الْمَسْجِد فَصليت رَكْعَتَيْنِ ثمَّ خرجت فَجَاءَنِي جِبْرِيل بِإِنَاء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللَّبن فَقَالَ جِبْرِيل: اخْتَرْت الْفطْرَة
ثمَّ عرج بِنَا إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من أَنْت قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ
فَفتح لنا فَإِذا أَنا بِآدَم فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير
ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من أَنْت قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ
فَفتح لنا فَإِذا أَنا بإبني الْخَالَة عِيسَى ابْن مَرْيَم وَيحيى بن زَكَرِيَّا فرحّبا بِي ودعوا إِلَيّ بِخَير
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ
فَفتح لنا فَإِذا أَنا بِيُوسُف وَإِذا هُوَ قد أعطي شطر الْحسن فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير
ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ
فَفتح لنا فَإِذا أَنا بِإِدْرِيس فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير
ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ
فَفتح لنا فَإِذا أَنا بهَارُون فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير
ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ
فَفتح لنا فَإِذا أَنا بمُوسَى فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير
ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ
فَفتح لنا فَإِذا أَنا بإبراهيم مُسْند ظَهره إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور وَإِذا هُوَ يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ ثمَّ ذهب بِي إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَإِذا وَرقهَا فِيهَا كآذان الفيلة وَإِذا ثَمَرهَا كالقلال فَلَمَّا غشيها من أَمر الله مَا غشى تَغَيَّرت فَمَا أحد من خلق الله يَسْتَطِيع أَن ينعتها من حسنها فَأوحى إِلَيّ مَا أوحى وَفرض عليّ خمسين صَلَاة فِي كل يَوْم وَلَيْلَة فَنزلت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: مَا فرض رَبك على أمتك قلت: خمسين صَلَاة
قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَإِن أمتك لَا تطِيق ذَلِك فَإِنِّي قد بلوت بني إِسْرَائِيل وخبرتهم
فَرَجَعت إِلَى رَبِّي فَقلت: يَا رب خفف عَن أمتِي
فحط عني خمْسا فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقلت: حط عني خمْسا فَقَالَ: إِن أمتك لَا يُطِيقُونَ ذَلِك فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف
قَالَ: فَلم أزل أرجع بَين رَبِّي ومُوسَى حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّد إنَّهُنَّ خمس صلوَات لكل يَوْم وَلَيْلَة بِكُل صَلَاة عشر فَتلك خَمْسُونَ صَلَاة وَمن هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشرا وَمن همّ بسيئة فَلم يعملها لم تكْتب شَيْئا فَإِن عَملهَا كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة
فَنزلت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق شريك بن عبد الله بن أبي نمر عَن أنس قَالَ: لَيْلَة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَسْجِد الْكَعْبَة جَاءَهُ ثَلَاثَة نفر قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِم فِي الْمَسْجِد الْحَرَام فَقَالَ أَوَّلهمْ: أَيهمْ هُوَ فَقَالَ أوسطهم: هُوَ خَيرهمْ
فَقَالَ أحدهم: خُذُوا
فَكَانَت تِلْكَ اللَّيْلَة فَلم يرهم حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَة أُخْرَى فِيمَا يرى قلبه وتنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء تنام أَعينهم وَلَا تنام قُلُوبهم فَلم يكلموه حَتَّى احتملوه فوصعوه عِنْد بِئْر زَمْزَم فتولاه مِنْهُم جِبْرِيل فشق جِبْرِيل مَا بَين نَحره إِلَى لبته حَتَّى فرغ من صَدره وجوفه فَغسله من مَاء زَمْزَم بِيَدِهِ حَتَّى أنقى جَوْفه ثمَّ أَتَى بطست من ذهب محشواً إِيمَانًا وَحِكْمَة فحشا بِهِ صَدره ولغاديده - يَعْنِي عروق حلقه - ثمَّ أطبقه ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَضرب بَابا من أَبْوَابهَا فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قَالُوا: مرْحَبًا بِهِ وَأهلا
وَوجد فِي السَّمَاء الدُّنْيَا آدم فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: هَذَا أَبوك آدم فسلمه عَلَيْهِ فَسلم عَلَيْهِ ورد عَلَيْهِ آدم وَقَالَ: مرْحَبًا وَأهلا بإبني
نعم الإبن أَنْت
فَإِذا هُوَ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا بنهرين يطردان فَقَالَ: مَا هَذَانِ النهرين يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا النّيل والفرات عنصرهما
ثمَّ مضى بِهِ فِي السَّمَاء فَإِذا هُوَ بنهر آخر عَلَيْهِ قصر من لُؤْلُؤ وَزَبَرْجَد فَضرب بِيَدِهِ فَإِذا هُوَ مسك أذفر
قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي خبأ لَك رَبك
ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَقَالَت الْمَلَائِكَة لَهُ مثل مَا قَالَت لَهُ الأولى: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قَالُوا: مرْحَبًا بِهِ وَأهلا
ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَقَالُوا لَهُ مثل مَا قَالَت الأولى وَالثَّانيَِة
ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ عرج بِهِ إِلَى الْخَامِسَة فَقَالُوا مثل ذَلِك ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّادِسَة فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّابِعَة فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك كل سَمَاء فِيهَا أَنْبيَاء قد سماهم مِنْهُم إِدْرِيس فِي الثَّانِيَة وَهَارُون فِي الرَّابِعَة وَآخر فِي الْخَامِسَة وَلم أحفظ اسْمه وَإِبْرَاهِيم فِي السَّادِسَة
قَالَ: إِن أمتك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك ارْجع فليخفف عَنْك رَبك وعنهم
فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ يستشيره فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيل أَن نعم إِن شِئْت فعلا بِهِ إِلَى الْجَبَّار تبَارك وَتَعَالَى فَقَالَ وَهُوَ مَكَانَهُ: يَا رب خفف عَنَّا
فَإِن أمتِي لَا تَسْتَطِيع ذَلِك
فَوضع عَنهُ عشرات صلوَات
ثمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى واحتبسه قلم يزل يردده مُوسَى إِلَى ربه حَتَّى صَارَت إِلَى خمس صلوَات ثمَّ احتبسه مُوسَى عِنْد الْخمس فَقَالَ: يَا مُحَمَّد وَالله لقد راودت بني إِسْرَائِيل على أدنى من هَذَا فضعفوا وتركوه فأمتك أَضْعَف أجسادا وَقُلُوبًا وأبدانا وأبصارنا وأسماعاً فَارْجِع فليخفف عَنْك رَبك كل ذَلِك
يلْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل ليشير عَلَيْهِ وَلَا يكره ذَلِك جِبْرِيل فرفعه عِنْد الْخَامِسَة فَقَالَ: يَا رب إِن أمتِي ضعفاء أَجْسَادهم وَقُلُوبهمْ وأسماعهم وأبدانهم فَخفف عَنَّا
فَقَالَ الْجَبَّار: يَا مُحَمَّد قَالَ: لبيْك وَسَعْديك
قَالَ: إِنَّه لَا يُبدل القَوْل لدي كَمَا فرضت عَلَيْك فِي أم الْكتاب وكل حَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا
فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أم الْكتاب وَهِي خمس عَلَيْك
فَرجع إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَيفَ فعلت فَقَالَ: خفف عَنَّا أَعْطَانَا بِكُل حَسَنَة عشر أَمْثَالهَا
فَقَالَ مُوسَى: قد وَالله راودت بني إِسْرَائِيل على أدنى من ذَلِك فَتَرَكُوهُ ارْجع إِلَى رَبك فليخفف عَنْك
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا مُوسَى قد وَالله استحييت من رَبِّي مِمَّا اخْتلفت إِلَيْهِ
قَالَ: فاهبط بِسم الله
واستيقظ وَهُوَ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق يزِيد بن أبي مَالك عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أتيت لَيْلَة أسرى بِي بِدَابَّة فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل خطوها عِنْد مُنْتَهى طرفها
كَانَت تسخّر للأنبياء قبلي فركبته معي جِبْرِيل فسرت فَقَالَ: انْزِلْ فَصَلِّ
فَفعلت
فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت صليت بِطيبَة وإليها المُهَاجر إِن شَاءَ الله
ثمَّ قَالَ: انْزِلْ فصل
فَفعلت فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت صليت بطور سيناء حَيْثُ كلم الله مُوسَى ثمَّ قَالَ: انْزِلْ فَصلِّ
فَصليت
ثمَّ دخلت بَيت الْمُقَدّس فَجمع لي الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فقدَّمني جِبْرِيل فَصليت بهم
ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَإِذا فِيهَا آدم فَقَالَ لي: سلم عَلَيْهِ فَقَالَ: مرْحَبًا بإبني وَالنَّبِيّ الصَّالح
ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَإِذا فِيهَا ابْنا الْخَالَة عِيسَى وَيحيى ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَإِذا فِيهَا يُوسُف
ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَإِذا فِيهَا هَارُون
ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَإِذا فِيهَا إِدْرِيس
ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَإِذا فِيهَا مُوسَى ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَإِذا فِيهَا إِبْرَاهِيم ثمَّ صعد بِي إِلَى فَوق السَّبع سموات وأتيت سِدْرَة الْمُنْتَهى فغشيتني ضَبَابَة
فَخَرَرْت سَاجِدا فَقيل لي: إِنِّي يَوْم خلقت السَّمَاوَات وَالْأَرْض فرضت عَلَيْك وعَلى أمتك خمسين صَلَاة فَقُمْ بهَا أَنْت وَأمتك فمررت على إِبْرَاهِيم فَلم يسألني شَيْئا ثمَّ مَرَرْت على مُوسَى فَقَالَ لي: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: خمسين صَلَاة
قَالَ: إِنَّك لن تَسْتَطِيع أَن تقوم بهَا أَنْت وَلَا أمتك فاسأل رَبك التَّخْفِيف
فَرَجَعت فَأتيت سِدْرَة الْمُنْتَهى فَخَرَرْت سَاجِدا
فَقلت: يَا رب فرضت عَليّ وعَلى أمتِي خمسين صَلَاة فَلَنْ أَسْتَطِيع أَن أقوم بهَا أَنا وَلَا أمتِي
فَخفف عني عشرا
فمررت على مُوسَى فَسَأَلَنِي فَقلت: خفف عني عشرا
قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَخفف عني عشرا ثمَّ عشرا حَتَّى قَالَ: هن خمس بِخَمْسِينَ فَقُمْ بهَا أَنْت وَأمتك
فَعلمت أَنَّهَا من الله صرى
فمررت على مُوسَى فَقَالَ لي: كم فرض عَلَيْك فَقلت: خمس صلوَات فَقَالَ: فرض على بني إِسْرَائِيل صلاتان فَمَا قَامُوا بهما فَقلت: إِنَّهَا من الله فَلم أرجع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن يزِيد بن أبي مَالك عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ لَيْلَة أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِدَابَّة فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل
حمله جِبْرِيل عَلَيْهَا يَنْتَهِي خفها حَيْثُ يَنْتَهِي طرفها
فَلَمَّا بلغ بَيت الْمُقَدّس أَتَى إِلَى الْحجر الَّذِي ثمَّة فغمزه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بإصبعه فثقبه ثمَّ ربطها ثمَّ صعد
فَلَمَّا اسْتَويَا فِي صرحة الْمَسْجِد قَالَ جِبْرِيل: يَا مُحَمَّد هَل سَأَلت رَبك أَن يُرِيك الْحور الْعين قَالَ: نعم
قَالَ: فَانْطَلق إِلَى أُولَئِكَ النسْوَة فسلّم عَلَيْهِنَّ وَهن جُلُوس عَن يسَار الصَّخْرَة
فأتيتهن فسلَّمت عَلَيْهِنَّ فرددن عليَّ
نسَاء قوم أبرار نقوا فَلم يدرنوا وَأَقَامُوا فَلم يظعنوا وخلدوا فَلم يموتوا
ثمَّ انصرفت فَلم ألبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى اجْتمع نَاس كثير ثمَّ أذن مُؤذن وأقيمت الصَّلَاة فقمنا صُفُوفنَا فانتظرنا من يؤمنا فَأخذ جِبْرِيل بيَدي فقدّمني
فَصليت بهم فَلَمَّا انصرفت قَالَ جِبْرِيل: يَا مُحَمَّد أَتَدْرِي من صلَّى خَلفك قلت: لَا
قَالَ: صلى خَلفك كل نَبِي بَعثه الله
ثمَّ أَخذ بيَدي فَصَعدَ بِي إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا انتهينا إِلَى الْبَاب استفتح قَالُوا: من أَنْت قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قَالُوا: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم
ففتحوا لَهُ وَقَالُوا: مرْحَبًا بك وبمن مَعَك
فَلَمَّا اسْتَوَى على ظهرهَا إِذا فِيهَا آدم
فَقَالَ لي جِبْرِيل: أَلا تسلِّم على أَبِيك آدم قلت: بلَى
فَأَتَيْته فَسلمت عَلَيْهِ فردّ عليّ وَقَالَ لي: مرْحَبًا بِابْني وَالنَّبِيّ الصَّالح
ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا عِيسَى وَيحيى
ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا يُوسُف
ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ قَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا إِدْرِيس
ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا هَارُون
ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا مُوسَى
ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا إِبْرَاهِيم
ثمَّ انْطلق بِي على ظهر السَّمَاء السَّابِعَة حَتَّى انْتهى بِي إِلَى نهر عَلَيْهِ خيام الْيَاقُوت واللؤلؤ والزبرجد وَعَلِيهِ طير خضر أنعم طير رَأَيْت
فَقلت: يَا جِبْرِيل إِن هَذَا الطير لناعم
قَالَ: يَا مُحَمَّد آكله انْعمْ مِنْهُ
ثمَّ قَالَ: اتدري أَي نهر هَذَا قلت: لَا
قَالَ: الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك الله إِيَّاه فَإِذا فِيهِ آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة تجْرِي على رَضْرَاض من الْيَاقُوت والزمرّد مَاؤُهُ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن فَأخذت من آنِية فاغترفت من ذَلِك المَاء فَشَرِبت فَإِذا هُوَ أحلى من الْعَسَل وَأَشد رَائِحَة من الْمسك
ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى انْتهى إِلَى الشَّجَرَة فغشيتني سَحَابَة فِيهَا من كل لون فرفضني جِبْرِيل وخررت سَاجِدا لله
فَقَالَ الله لي: يَا مُحَمَّد إِنِّي يَوْم خلقت السَّمَاوَات وَالْأَرْض فرضت عَلَيْك وعَلى أمتك خمسين صَلَاة فَقُمْ بهَا أَنْت وَأمتك
ثمَّ انجلت عني السحابة وَأخذ بيَدي جِبْرِيل فَانْصَرَفت سَرِيعا فَأتيت على إِبْرَاهِيم فَلم يقل لي شَيْئا ثمَّ أتيت على مُوسَى فَقَالَ: مَا صنعت يَا مُحَمَّد قلت:
قَالَ: فَلَنْ تستطيعها أَنْت وَلَا أمتك
فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ أَن يُخَفف عَنْك
فَرَجَعت سَرِيعا حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى الشَّجَرَة فغشيتني السحابة وخررت سَاجِدا وَقلت: رَبِّي خفف عنّا
قَالَ: قد وضعت عَنْكُم عشرا
ثمَّ انجلت عني السحابة فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقلت: وضع عني عشرا
قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ أَن يُخَفف عَنْكُم
فَوضع عشرا إِلَى أَن قَالَ: هن خمس بِخَمْسِينَ ثمَّ انحدر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل: مَا لي لم آتٍ على أهل سَمَاء إِلَّا رحبوا بِي وَضَحِكُوا إِلَيّ غير رجل وَاحِد سلمت عَلَيْهِ فَرد عَليّ السَّلَام ورحب بِي وَلم يضْحك إِلَيّ قَالَ: ذَاك مَالك خَازِن النَّار لم يضْحك مُنْذُ خلق وَلَو ضحك لأحد لضحك إِلَيْك
قَالَ: ثمَّ ركبت منصرفاً فَبَيْنَمَا هُوَ فِي بعض طَرِيقه مرّ بعير من قُرَيْش تحمل طَعَاما مِنْهَا جمل عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ غرارة سَوْدَاء وغرارة بَيْضَاء فَلَمَّا حَاذَى العير نفرت مِنْهُ واستدارت وصرع ذَلِك الْبَعِير وانكسر ثمَّ إِنَّه مضى فَأصْبح فَأخْبر عَمَّا كَانَ فَلَمَّا سمع الْمُشْركُونَ قَوْله أَتَوا أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا بكر هَل لَك فِي صَاحبك يخبر أَنه أَتَى فِي ليلته هَذِه مسيرَة شهر ثمَّ رَجَعَ من ليلته
فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: إِن كَانَ قَالَه فقد صدق وَإِنَّا لنصدقنه فِيمَا هُوَ أبعد من هَذَا نصدقه على خبر السَّمَاء
فَقَالَ الْمُشْركُونَ لرَسُول الله مَا عَلامَة مَا تَقول قَالَ: مَرَرْت بعير لقريش وَهِي فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فنفرت العير منا واستدارت
وفيهَا بعير عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ: غرارة بَيْضَاء وغرارة سَوْدَاء
فصرع فانكسر فَلَمَّا قدمت العير سألوهم فَأَخْبرُوهُمْ الْخَبَر على مثل مَا حَدثهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن ذَلِك سمي أَبُو بكر (الصّديق) وسألوه: هَل كَانَ فِيمَن حضر مَعَك مُوسَى وَعِيسَى قَالَ: نعم
قَالُوا: فصفهما
قَالَ: أما مُوسَى فَرجل آدم كَأَنَّهُ من رجال أزدعمان
وَأما عِيسَى فَرجل ربعَة سبط تعلوه حمرَة كَأَنَّهُ يتحادر من لحيته الجمان
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن هَاشم بن عتبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْبُرَاقِ فَكَأَنَّهَا هزت أذنيها فَقَالَ جِبْرِيل: يَا براق فوَاللَّه مَا ركبك مثله
وَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ بِعَجُوزٍ على جَانب الطَّرِيق فَقَالَ: مَا هَذِه يَا جِبْرِيل قَالَ: سر يَا مُحَمَّد
فَسَار مَا شَاءَ الله أَن يسير فَإِذا شَيْء يَدعُوهُ متنحياً عَن
فَسَار مَا شَاءَ الله أَن يسير فَلَقِيَهُ خلق من خلق الله فَقَالُوا: السَّلَام عَلَيْك يَا أول
السَّلَام عَلَيْك يَا آخر
السَّلَام عَلَيْك يَا حاشر
فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: ارْدُدْ السَّلَام
فَرد السَّلَام ثمَّ لقِيه الثَّانِيَة فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ الثَّالِثَة كَذَلِك حَتَّى انْتهى إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَعرض عَلَيْهِ المَاء وَالْخمر وَاللَّبن فَتَنَاول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّبن
فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أصبت الْفطْرَة وَلَو شربت المَاء لغرقت أمتك وَلَو شربت الْخمر لغوت أمتك ثمَّ بعث لَهُ آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَمن دونه من الْأَنْبِيَاء فأمّهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ اللَّيْلَة ثمَّ قَالَ جِبْرِيل: أما الْعَجُوز الَّتِي رَأَيْت على جَانب الطَّرِيق فَلم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا مَا بَقِي من عمر تِلْكَ الْعَجُوز وَأما الَّذِي أَرَادَ أَن تميل إِلَيْهِ فَذَاك عَدو الله إِبْلِيس أَرَادَ أَن تميل إِلَيْهِ
وَأما الَّذين سلمُوا عَلَيْك فإبراهيم ومُوسَى وَعِيسَى
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق كثير بن خُنَيْس عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَيْنَمَا أَنا مُضْطَجع فِي الْمَسْجِد لَيْلَة نَائِما إِذْ رَأَيْت ثَلَاثَة نفر أَقبلُوا نحوي فَقَالَ الأول: هُوَ
هُوَ
قَالَ الْأَوْسَط: نعم
قَالَ الآخر: خُذُوا سيد الْقَوْم فَرَجَعُوا عني ثمَّ رَأَيْتهمْ اللَّيْلَة الثَّانِيَة فَقَالَ الأول: هُوَ
هُوَ
قَالَ الْأَوْسَط: نعم
قَالَ الآخر: خُذُوا سيد الْقَوْم فَرَجَعُوا عني حَتَّى إِذا كَانَت اللَّيْلَة الثَّالِثَة رَأَيْتهمْ فَقَالَ الأول هُوَ هُوَ
وَقَالَ الْأَوْسَط: نعم
وَقَالَ الآخر: خُذُوا سيد الْقَوْم حَتَّى جاؤوا بِي زَمْزَم فاستلقوني على ظَهْري ثمَّ غسلوا حشْوَة بَطْني ثمَّ قَالَ بَعضهم لبَعض: أنقوا
ثمَّ أَتَى بطست من ذهب مَمْلُوءَة حِكْمَة وإيماناً فأفرغ فِي جوفي
ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قَالُوا: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
فَفتح
فَإِذا آدم إِذا نظر عَن يَمِينه ضحك وَإِذا نظر عَن شِمَاله بَكَى
قلت: ياجبريل من هَذَا
قَالَ: هَذَا أَبوك آدم إِذا نظر على يَمِينه رأى من فِي الْجنَّة من ذُريَّته ضحك وَإِذا نظر عَن يسَاره رأى من فِي النَّار من ذُريَّته بَكَى
ثمَّ قَالَ أنس بن مَالك: يَا ابْن أخي إِنَّه يطول عَليّ الحَدِيث
ثمَّ عرج بِي حَتَّى جَاءَ السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ
فَقَالَ: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قَالَ: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قَالَ: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
فَفتح فَإِذا مُوسَى
ثمَّ
قيل من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قَالَ: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
فَفتح فَإِذا إِبْرَاهِيم قَالَ مرْحَبًا بالابن وَالرَّسُول
ثمَّ مضى حَتَّى جَاءَ الْجنَّة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قَالَ: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
فَفتح الْبَاب
قَالَ: فَدخلت الْجنَّة فأُعْطِيتُ الْكَوْثَر فَإِذا نهر فِي الْجنَّة عضادتاه بيُوت مجوفة من لُؤْلُؤ ثمَّ مضى حَتَّى جَاءَ سِدْرَة الْمُنْتَهى (فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى) (النَّجْم آيَة ٩)
فَفرض عليّ وعَلى أمتِي خمسين صَلَاة فَرَجَعت حَتَّى أَمر مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: خمسين صَلَاة
قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك
فَرَجَعت إِلَيْهِ فَوضع عني عشرا فمررت على مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: أَرْبَعِينَ صَلَاة
قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك
فَرَجَعت إِلَيْهِ فَوضع عني عشرا فمررت على مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: ثَلَاثِينَ صَلَاة
قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك
فَرَجَعت إِلَيْهِ فَوضع عني عشرا فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: عشْرين صَلَاة
قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك
فَرَجَعت فَوضع عني عشرا ثمَّ مَرَرْت على مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: عشر صلوَات
قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك
فَرَجَعت فَوضع عني خمْسا
ثمَّ قَالَ: إِنَّه لَا يُبدل قولي وَلَا ينْسَخ كتابي تخفيفها عَنْكُم كتخفيف خمس صلوَات وَإِنَّهَا لكم كَأَجر خمسين صَلَاة
فمررت على مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: خمس صلوَات
قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك
فَإِن بني إِسْرَائِيل قد أُمِرُوا بأيسر من هَذَا فَلم يطيقوه
قَالَ: لقد رجعت إِلَى رَبِّي حَتَّى إِنِّي لأَسْتَحي مِنْهُ
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَصَححهُ عَن شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله كَيفَ أسرِي
يَقع حافرها حَيْثُ أدْرك طرفها حَتَّى بلغنَا أَرضًا ذَات نخل فَقَالَ: انْزِلْ
فَنزلت فَقَالَ: صل
فَصليت ثمَّ ركبنَا فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت قلت: الله أعلم
قَالَ: صليت بِيَثْرِب
صليت بِطيبَة ثمَّ انْطَلَقت تهوي بِنَا يَقع حافرها حَيْثُ أدْرك طرفها ثمَّ بلغنَا أَرضًا فَقَالَ: انْزِلْ
فَنزلت
فَقَالَ: صل فَصليت ثمَّ ركبنَا فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت قلت: الله أعلم
قَالَ: صليت بمدين صليت عِنْد شَجَرَة مُوسَى ثمَّ انْطَلَقت تهوي بِنَا يَقع حافرها حَيْثُ أدْرك طرفها ثمَّ بلغنَا أَرضًا بَدَت لنا قُصُورهَا فَقَالَ: انْزِلْ فَنزلت ثمَّ قَالَ: صَلِّ فَصليت ثمَّ ركبنَا فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت فَقلت: الله أعلم
فَقَالَ: صليت بِبَيْت لحم حَيْثُ ولد عِيسَى الْمَسِيح ابْن مَرْيَم ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى دَخَلنَا الْمَدِينَة من بَابهَا الْيَمَانِيّ فَأتى قبْلَة الْمَسْجِد فَربط فِيهِ الدَّابَّة ودخلنا الْمَسْجِد من بَاب فِيهِ تميل الشَّمْس وَالْقَمَر فَصليت من الْمَسْجِد حَيْثُ شَاءَ الله وأخذني من الْعَطش أَشد مَا أَخَذَنِي فأُتيتُ بإناءين فِي أَحدهمَا لبن وَفِي الآخر عسل أرسل إِلَيّ بهما جمعيا فعدلت بَينهمَا فهداني الله فَأخذت اللَّبن فَشَرِبت حَتَّى فرغت مِنْهُ وَكَانَ إِلَى جَانِبي شيخ يبكي متكئ على منبره فَقَالَ: أَخذ صَاحبك الْفطْرَة وَإنَّهُ لمهدي
ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى أَتَيْنَا الْوَادي الَّذِي فِي الْمَدِينَة فَإِذا جَهَنَّم تنكشف عَن مثل الزرابي فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله كَيفَ وَجدتهَا قَالَ: مثل الْحمة السخنة
ثمَّ انْصَرف بِي فمررنا بعير قُرَيْش بمَكَان كَذَا وَكَذَا وَقد أَضَلُّوا بعير لَهُم قد جمعه فلَان فسلّمت عَلَيْهِم فَقَالَ بَعضهم: هَذَا صَوت مُحَمَّد ثمَّ أتيت أَصْحَابِي قبل الصُّبْح بِمَكَّة فَأَتَانِي أَبُو بكر فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَيْن كنت اللَّيْلَة قد التمستك فِي مَكَانك
فَقلت: أعلمت أَنِّي أتيت بَيت الْمُقَدّس اللَّيْلَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّه مسيرَة شهر فصفه لي
قَالَ: فَفتح لي صِرَاط كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أنبأتكم عَنهُ
فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: أشهد أَنَّك رَسُول الله
وَقَالَ الْمُشْركُونَ: انْظُرُوا إِلَى ابْن أبي كَبْشَة زعم أَنه أَتَى بَيت الْمُقَدّس اللَّيْلَة فَقَالَ: إِن من آيَة مَا أَقُول لكم: أَنِّي مَرَرْت بعير لكم بمَكَان كَذَا وَكَذَا وَقد أَضَلُّوا بعير لَهُم فَجَمعه فلَان وَإِن مَسِيرهمْ ينزلون بِكَذَا وَكَذَا ويأتونكم يَوْم كَذَا وَكَذَا ويقدمهم جمل آدم عَلَيْهِ شيخ أسود
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن مَالك بن صعصعة حَدثهُ أَن رَسُول الله حَدثهمْ عَن لَيْلَة أسرِي بِهِ قَالَ: بَيْنَمَا أَنا فِي الْحطيم - وَرُبمَا قَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ - فِي الْحجر مُضْطَجعا إِذْ أَتَانِي آتٍ فَجعل يَقُول لصَاحبه: الْأَوْسَط بَين الثَّلَاثَة فَأَتَانِي فشق مَا بَين هَذِه إِلَى هَذِه - يَعْنِي من ثغر نَحره إِلَى شعرته - فاستخرج قلبِي فأوتيت بطست من ذهب مَمْلُوء إِيمَانًا وَحِكْمَة فَغسل قلبِي بِمَاء زَمْزَم ثمَّ حشى ثمَّ أُعِيد مَكَانَهُ
ثمَّ أُوتيت بِدَابَّة أَبيض دون الْبَغْل وَفَوق الْحمار يُقَال لَهُ الْبراق يَقع خطوه عِنْد أقْصَى طرفه فَحملت عَلَيْهِ فَانْطَلق بِي جِبْرِيل حَتَّى أَتَى بِي السَّمَاء فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت فَإِذا فِيهَا آدم فَقلت: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَبوك آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَسلم عَلَيْهِ
فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عليّ السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالابن الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح
ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فاستفتحفقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قيل: أَو قد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ
فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت إِذا يحيى وَعِيسَى وهما ابْنا الْخَالَة فَقلت: يَا جِبْرِيل من هَذَانِ قَالَ: هَذَانِ يحيى وَعِيسَى فَسلم عَلَيْهِمَا فَسلمت عَلَيْهِمَا فَردا السَّلَام ثمَّ قَالَا: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح
ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ
فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت إِذا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَسلمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح
ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ قيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ
فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت إِذا إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام فَسلمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح
ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَاسْتَفْتَحَ
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ
فَلَمَّا خلصت إِذا هَارُون فَسلمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح
ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ
فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت إِذا أَنا بمُوسَى فَسلمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح فَلَمَّا تجاوزت بَكَى
قيل لَهُ: مَا يبكيك قَالَ: أبْكِي لِأَن غُلَاما بُعِثَ بعدِي يدْخل الْجنَّة من أمته أَكثر مِمَّا يدخلهَا من أمتِي
ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ
فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت إِذا إِبْرَاهِيم قلت: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا أَبوك إِبْرَاهِيم فسلّم عَلَيْهِ فَسلمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالابن الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح
ثمَّ رفعت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَإِذا نبقها مثل قلال هجر وَإِذا وَرقهَا مثل آذان الفيلة وَإِذا أَرْبَعَة أَنهَار يخْرجن من أَصْلهَا: نهران باطنان: ونهران ظاهران فَقلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذِه الْأَنْهَار
فَقَالَ: أما الباطنان فنهران فِي الْجنَّة
وَأما الظاهران فالنيل والفرات ثمَّ رفع إليَّ الْبَيْت الْمَعْمُور قلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا قَالَ: هَذَا الْبَيْت الْمَعْمُور يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة إِذا خَرجُوا مِنْهُ لم يعودوا فِيهِ آخر مَا عَلَيْهِم
ثمَّ أُتِيتُ باناءين أَحدهمَا خمر وَالْآخر لبن فعرضا عليّ فَقيل: خُذ أَيهمَا شِئْت فَأخذت اللَّبن فَقيل لي: أصبت الْفطْرَة أَنْت عَلَيْهَا وَأمتك
ثمَّ فرضت عليَّ الصَّلَاة خَمْسُونَ صَلَاة كل يَوْم فَنزلت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: مَا فرض رَبك على أمتك قلت: خمسين صَلَاة كل يَوْم
قَالَ: إِن أمتك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك وَإِنِّي قد خبرت النَّاس قبلك وعالجت بني إِسْرَائِيل أَشد المعالجة ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك
فَرَجَعت إِلَى رَبِّي فحط عني خمْسا فَأَقْبَلت حَتَّى أتيت على مُوسَى فأنبأته بِمَا حط فَقَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك فَإِن أمتك لَا يُطِيقُونَ ذَلِك
قَالَ: فَمَا زلت بَين موى وَبَين رَبِّي يحط عني خمْسا خمْسا حَتَّى أَقبلت بِخمْس صلوَات فَأتيت على مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أمرت قلت: بِخمْس صلوَات كل يَوْم
إِنِّي بلوت النَّاس قبلك وعالجت بني إِسْرَائِيل أَشد المعالجة ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك
فَقلت: لقد رجعت إِلَى رَبِّي حَتَّى لقد استحيت وَلَكِنِّي أرْضى وَأسلم فنوديت أَن يَا مُحَمَّد إِنِّي قد أمضيت فريضتي وخففت عَن عبَادي الْحَسَنَة بِعشْرَة أَمْثَالهَا
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ يحدث أَن رَسُول الله قَالَ: فرج سقف بيني وَأَنا بِمَكَّة فَنزل جِبْرِيل فَفرج عَن صَدْرِي ثمَّ غسله بِمَا زَمْزَم ثمَّ جَاءَ بطست من ذهب ممتلئ حِكْمَة وإيماناً فأفرغه فِي صَدْرِي ثمَّ أطبقه ثمَّ أَخذ بيَدي فعرج بِي إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا جِئْنَا السَّمَاء الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لخازن السَّمَاء: افْتَحْ
قَالَ: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قَالَ: هَل مَعَك أحد قَالَ: نعم معي مُحَمَّد
قَالَ: أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
فَفتح فَلَمَّا علونا السَّمَاء الدُّنْيَا إِذا رجل قَاعد عَن يَمِينه أَسْوِدَة وعَلى يسَاره أَسْوِدَة فَإِذا نظر قبل يَمِينه تَبَسم وَإِذا نظر قبل شِمَاله بَكَى فَقَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالح وَالِابْن الصَّالح قلت لجبريل: من هَذَا قَالَ: هَذَا آدم وَهَذِه الأسودة عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله نسم بنيه فَأهل الْيَمين مِنْهُم أهل الْجنَّة
والأسودة الَّتِي عَن شِمَاله أهل النَّار فَإِذا نظر عَن يَمِينه ضحك وَإِذا نظر عَن شِمَاله بَكَى ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَقَالَ لخازنها افْتَحْ
فَقَالَ لَهُ خازنها مثل مَا قَالَ الأول فَفتح
قَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ: فَذكر أَنه وجد فِي السَّمَاوَات آدم وَإِدْرِيس ومُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيم وَلم يثبت كَيفَ مَنَازِلهمْ
قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي ابْن حزم أَن ابْن عَبَّاس وَأَبا حَبَّة الْأنْصَارِيّ كَانَا يَقُولَانِ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثمَّ عرج بِي حَتَّى ظَهرت بمستوى أسمع فِيهِ صريف الأقلام
قَالَ ابْن حزم وَأنس: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَفرض الله على أمتِي خمسين صَلَاة فَرَجَعت بذلك حَتَّى مَرَرْت على مُوسَى فَقَالَ: مَا فرض الله على أمتك قلت: فرض خمسين صَلَاة
قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَإِن أمتك لَا تطِيق ذَلِك فَرَجَعت فَوضع شطرها فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرته فَقَالَ: رَاجع رَبك فَإِن أمتك لَا تطِيق ذَلِك
فراجعت رَبِّي فَقَالَ: هِيَ خمس وَهن خَمْسُونَ لَا يُبدل القَوْل لدي فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: ارْجع إِلَى رَبك
قلت: قد
ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى انْتهى إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فغشيتها ألوان لَا أَدْرِي مَا هِيَ ثمَّ أدخلت الْجنَّة فَإِذا فِيهَا جنابذ اللُّؤْلُؤ وَإِذا ترابها مسك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله بِالْمَدِينَةِ عَن لَيْلَة أسرِي بِهِ من مَكَّة إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى قَالَ: بَينا أَنا نَائِم عشَاء بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام إِذْ أَتَانِي آتٍ فأيقظني فَاسْتَيْقَظت فَلم أر شَيْئا وَإِذا أَنا بكهيئة خيال فَأتبعهُ بَصرِي حَتَّى خرجت من الْمَسْجِد فَإِذا أَنا بِدَابَّة أدنى شُبْهَة بدوابكم هَذِه بغالكم غير أَن مُضْطَرب الْأُذُنَيْنِ يُقَال لَهُ الْبراق وَكَانَت الْأَنْبِيَاء تركبه قبلي
يَقع حَافره عِنْد مد بَصَره فركبته فَبينا أَنا أَسِير عَلَيْهِ إِذْ دَعَاني دَاع عَن يَمِيني: يَا مُحَمَّد انظرني أَسأَلك
فَلم أجبه ثمَّ دَعَاني دَاع عَن شمَالي يَا مُحَمَّد انظرني أَسأَلك فَلم أجبه فَبينا أَنا سَائِر إِذا بِامْرَأَة حَاسِرَة عَن ذراعيها وَعَلَيْهَا من كل زِينَة خلقهَا الله فَقَالَت: يَا مُحَمَّد أَنْظرنِي أَسأَلك
فَلَمَّا ألتفت إِلَيْهَا حَتَّى أتيت بَيت الْمُقَدّس فأوثقت دَابَّتي بالحلقة الَّتِي كَانَت الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام توثقها بهَا ثمَّ أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بإناءين أَحدهمَا خمر وَالْآخر لبن فَشَرِبت اللَّبن وَتركت الْخمر فَقَالَ جِبْرِيل: أصبت الْفطْرَة أما أَنَّك لَو أخذت الْخمر غوت أمتك
فَقلت: الله أكبر
الله أكبر
فَقَالَ جِبْرِيل: مَا رَأَيْت فِي وَجهك هَذَا قلت: بَينا أَنا اسير إِذْ دَعَاني دَاع عَن يَمِيني: يَا مُحَمَّد انظرني أَسأَلك فَلم أجبه
قَالَ: ذَاك دَاعِي الْيَهُود أما لَو أَنَّك لَو أَجَبْته لتهودت أمتك
قلت: وَبينا أَنا أَسِير إِذْ دَعَاني دَاع عَن يساري: يَا مُحَمَّد انظرني أَسأَلك فَلم أجبه
قَالَ: ذَاك دَاعِي النَّصَارَى أما أَنَّك لَو أَجَبْته لتنصرت أمتك فَبَيْنَمَا أَنا أَسِير إِذا أَنا بِامْرَأَة حَاسِرَة عَن ذراعيها عَلَيْهَا من كل زِينَة تَقول: يَا مُحَمَّد انظرني أَسأَلك فَلم أجبها
قَالَ: تِلْكَ الدُّنْيَا أما أَنَّك لَو أجبتها لاختارت أمتك الدُّنْيَا على الْآخِرَة
ثمَّ دخلت أَنا وَجِبْرِيل بَيت الْمُقَدّس فصلى كل وَاحِد منا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أتيت بالمعراج الَّذِي تعرج عَلَيْهِ أَرْوَاح بني آدم فَلم تَرَ الْخَلَائق أحسن من الْمِعْرَاج
أما رَأَيْت الْمَيِّت حِين رمى بَصَره طامحا إِلَى السَّمَاء عجبه الْمِعْرَاج
فَصَعدت أَنا وَجِبْرِيل فَإِذا أَنا بِملك يُقَال لَهُ اسماعيل وَهُوَ صَاحب سَمَاء الدُّنْيَا وَبَين يَدَيْهِ سَبْعُونَ ألف ملك مَعَ كل ملك جنده مائَة ألف
فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل بَاب السَّمَاء قيل: من
قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد
قيل: قد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم فَإِذا أَنا بِآدَم كَهَيْئَته يَوْم خلقه الله على صورته لم يتَغَيَّر مِنْهُ شَيْء وَإِذا هُوَ تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته الْمُؤمنِينَ فَيَقُول: روح طيبَة وَنَفس طيبَة اجْعَلُوهَا فِي عليين
ثمَّ تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته الْكفَّار الْفجار فَيَقُول: روح خبيثة وَنَفس خبيثة اجْعَلُوهَا فِي سِجِّين
فَقلت: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَبوك آدم فَسلم عَليّ ورحب بِي فَقَالَ: مرْحَبًا بالابن الصَّالح
ثمَّ مصيت هنيهة فَإِذا أَنا بأخونة عَلَيْهَا لحم قد أروح وأنتن عِنْدهَا أنَاس يَأْكُلُون مِنْهَا
قلت: يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ من أمتك يتركون الْحَلَال ويأتون الْحَرَام
وَفِي لفظ: فَإِذا أَنا بِقوم على مائدة عَلَيْهَا لحم مشوي كأحسن مَا رَأَيْت من اللَّحْم وَإِذا حوله جيف فَجعلُوا يقبلُونَ على الْجِيَف يَأْكُلُون مِنْهَا وَيدعونَ اللَّحْم فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ الزناة
عَمدُوا إِلَى مَا حرم الله عَلَيْهِم وَتركُوا مَا أحل الله لَهُم ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِقوم بطونهم أَمْثَال الْبيُوت كلما نَهَضَ أحدهم خر يَقُول: الله لَا تقم السَّاعَة وهم على سابلة آل فِرْعَوْن فتجيء السابلة فتطؤهم فَسَمِعتهمْ يضجون إِلَى الله قلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ من أمتك الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ إِلَّا كَمَا يقوم الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِأَقْوَام لَهُم مشافر كمشافر الْإِبِل قد وكِّل بهم من يَأْخُذ بمشافرهم ثمَّ يَجْعَل فِي أَفْوَاههم صخرا من نَار ثمَّ يخرج من أسافلهم فَسَمِعتهمْ يضجون إِلَى الله
قلت: يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ من أمتك (الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا وسيصلون سعيرا) ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بنساء يعلقن بثديهن وَنسَاء منكسات بأرجلهن فسمعتهن يضججن إِلَى الله قلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ النِّسَاء قَالَ: هَؤُلَاءِ اللَّاتِي يَزْنِين ويقتلن أَوْلَادهنَّ ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِأَقْوَام يقطع من جنُوبهم اللَّحْم ثمَّ يدس فِي أَفْوَاههم وَيَقُول: كلوا مِمَّا أكلْتُم فَإِذا أكره مَا خلق الله لَهُم ذَلِك
قلت: يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ الهمازون من أمتك اللمازون الَّذين يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس
ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَإِذا أَنا بِرَجُل أحسن مَا خلق الله قد فضل النَّاس بالْحسنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب قلت: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَخُوك يُوسُف وَمَعَهُ نفر من قومه فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم عَليّ ورحب بِي
ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَإِذا أَنا
ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَإِذا أَنا بِإِدْرِيس قد رَفعه الله مَكَانا عليا فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم عَليّ ورحب بِي
ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَإِذا أَنا بهَارُون وَنصف لحيته بَيْضَاء وَنِصْفهَا سَوْدَاء تكَاد لحيته تصيب سرته من طولهَا قلت: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا المحبب فِي قومه
هَذَا هرون بن عمرَان وَمَعَهُ نفر كثير من قومه فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم عَليّ ورحب بِي
ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَإِذا أَنا بمُوسَى رجل آدم كثير الشّعْر لَو كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ خرج شعره مِنْهُمَا وَإِذا هُوَ يَقُول: يزْعم النَّاس أَنِّي أكْرم الْخلق على الله وَهَذَا أكْرم على الله مني وَلَو كَانَ وَحده لم أبال وَلَكِن كل نَبِي وَمن تبعه من أمته
قلت: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَخُوك مُوسَى بن عمرَان وَمَعَهُ نفر من قومه فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم عَليّ ورحب بِي
ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَإِذا أَنا بإبراهيم وَإِذا هُوَ جَالس مُسْند ظَهره إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور وَمَعَهُ نفر من قومه فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم عَليّ وَقَالَ: مرْحَبًا بالابن الصَّالح فَقيل لي: هَذَا مَكَانك وَمَكَان أمتك ثمَّ تَلا (إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا وَالله ولي الْمُؤمنِينَ) (آل عمرَان آيَة ٦٨) وَإِذا بأمتي شطرين: شطر عَلَيْهِم ثِيَاب بيض كَأَنَّهَا الْقَرَاطِيس وَشطر عَلَيْهِم ثِيَاب رمد
ثمَّ دخلت الْبَيْت الْمَعْمُور وَدخل معي الَّذين عَلَيْهِم الثِّيَاب الْبيض وحجب الْآخرُونَ الَّذين عَلَيْهِم ثِيَاب رمد وهم على خير
فَصليت أَنا وَمن معي فِي الْبَيْت الْمَعْمُور ثمَّ خرجت أَنا وَمن معي قَالَ: وَالْبَيْت الْمَعْمُور يُصَلِّي فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون فِيهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
ثمَّ رفعت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَإِذا كل ورقة مِنْهَا تكَاد تغطي هَذِه الْأمة وغذا فِي أَصْلهَا عين تجْرِي يُقَال لَهَا سلسبيل فَيشق مِنْهَا نهران فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل فَقَالَ: أما هَذِه فَهُوَ نهر الرَّحْمَة وَأما هَذَا فَهُوَ نهر الْكَوْثَر الَّذِي أعطاكه الله
فاغتسلت فِي نهر الرَّحْمَة فغفر لي من ذَنبي مَا تقدم وَمَا تَأَخّر ثمَّ أخذت على الْكَوْثَر حَتَّى دخلت الْجنَّة فَإِذا فِيهَا مَا لَا عين رَأَتْ وَمَا لَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر وَإِذا أَنا بأنهار من مَاء غير آسن وَأَنَّهَا من لبن لم يتَغَيَّر طعمه وأنهار من خمر لَذَّة
وَإِذا فِيهَا رمان كَأَنَّهُ جُلُود الْإِبِل المقتبة وَإِذا فِيهَا طير كَأَنَّهَا البخت
قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله إِن تِلْكَ الطير لناعمة قَالَ: آكلها أنعم مِنْهَا يَا أَبَا بكر وَإِنِّي لأرجو أَن تَأْكُل مِنْهَا
قَالَ: وَرَأَيْت فِيهَا جَارِيَة لعساء فسألتها لمن أَنْت فَقَالَت: لزيد بن حَارِثَة
فبشر بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيدا
ثمَّ عرضت عَليّ النَّار فَإِذا فِيهَا غضب الله وزجره ونقمته وَلَو طرح فِيهَا الْحِجَارَة وَالْحَدِيد لأكلتها ثمَّ غلقت دوني
ثمَّ إِنِّي رفعت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فتغشاها فَكَانَ بيني وَبَينه قاب قوسين أَو أدنى وَنزل على كل ورقة ملك من الْمَلَائِكَة ثمَّ إِن الله أَمرنِي بأَمْره وَفرض عَليّ خمسين صَلَاة وَقَالَ: لَك بِكُل حَسَنَة عشر وَإِذا هَمَمْت بِالْحَسَنَة فَلم تعملها كتبت لَك حَسَنَة فَإِذا عملتها كتبت لَك عشرا وَإِذا هَمَمْت بِالسَّيِّئَةِ فَلم تعملها لم يكْتب عَلَيْك شَيْء فَإِن عملتها كتبت عَلَيْك سَيِّئَة
ثمَّ دفعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أَمرك رَبك قلت: بِخَمْسِينَ صَلَاة
قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك فَإِن أمتك لَا يُطِيقُونَ ذَلِك
فَرَجَعت إِلَى رَبِّي فَقلت: يَا رب خفف عَن أمتِي فَإِنَّهَا أَضْعَف الْأُمَم
فَوضع عني عشرا
فَمَا زلت أختلف بَين مُوسَى وَبَين رَبِّي حَتَّى جعلهَا خمْسا فناداني ملك: عِنْدهَا تمت فريضتي وخففت عَن عبَادي فأعطيتهم بِكُل حَسَنَة عشر أَمْثَالهَا
ثمَّ رجعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أمرت قلت: بِخمْس صلوَات: قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك
قلت: قد رجعت إِلَى رَبِّي حَتَّى استحييته
ثمَّ أصبح بِمَكَّة يُخْبِرهُمْ الْعَجَائِب: إِنِّي رَأَيْت البارحة بَيت الْمُقَدّس وعرج بِي إِلَى السَّمَاء ثمَّ رَأَيْت كَذَا وَكَذَا فَقَالَ أَبُو جهل: أَلا تعْجبُونَ مِمَّا يَقُول مُحَمَّد قَالَ: فَأَخْبَرته بعير لقريش لما كَانَت فِي مصعدي رَأَيْتهَا فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا وَإِنَّهَا نفرت فَلَمَّا رجعت رَأَيْتهَا عِنْد الْعقبَة وَأَخْبَرتهمْ بِكُل رجل وبعيره كَذَا ومتاعه كَذَا
فَقَالَ رجل: أَنا أعلم النَّاس بِبَيْت الْمُقَدّس
فَكيف بِنَاؤُه وَكَيف هَيئته وَكَيف قربه من الْجَبَل فَرفع لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت الْمُقَدّس فَنظر إِلَيْهِ فَقَالَ: بِنَاؤُه كَذَا وهيئته كَذَا وقربه من الْجَبَل كَذَا
فَقَالَ: صدقت
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الَّذِي باركنا حوله لنريه من آيَاتنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْبَصِير﴾
فشق عَن بَطْنه فَغسله ثَلَاث مَرَّات وَاخْتلف إِلَيْهِ مِيكَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِثَلَاث طساس من مَاء زَمْزَم فشرح صَدره وَنزع مَا كَانَ فِيهِ من غلّ وملأه حلماً وعلماً وإيماناً ويقيناً وإسلاماً وَختم بَين كَتفيهِ بِخَاتم النبوّة ثمَّ أَتَاهُ بفرس فَحمل عَلَيْهِ
كل خطْوَة مِنْهُ مُنْتَهى بَصَره
فَسَار وَسَار مَعَه جِبْرِيل فَأتى على قوم يزرعون فِي يَوْم ويحصدون فِي يَوْم
كلما حصدوا عَاد كَمَا كَانَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا
قَالَ: هَؤُلَاءِ المجاهدون فِي سَبِيل الله يُضَاعف لَهُم الْحَسَنَة بسبعمائة ضعف وَمَا أَنْفقُوا من شَيْء فَهُوَ يخلفه
ثمَّ أَتَى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عَادَتْ كَمَا كَانَت وَلَا يفتر عَنْهُم من ذَلِك شَيْء فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين تثتاقل رؤوسهم عَن الصَّلَاة
ثمَّ أَتَى على قوم على اقبالهم رقاع وعَلى أدبارهم رقاع
يسرحون كَمَا تسرح الْإِبِل وَالْغنم ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جَهَنَّم وحجارتها قَالَ: مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل
قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين لَا يؤدون صدقَات أَمْوَالهم وَمَا ظلمهم الله شَيْئا
ثمَّ أَتَى على قوم بَين أَيْديهم لحم نضيج فِي قدر وَلحم آخر نيء خَبِيث فَجعلُوا يَأْكُلُون من النيء الْخَبيث ويتركون النضيج الطّيب
قلت: مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا الرجل من أمتك
تكون عِنْده الْمَرْأَة الْحَلَال فَيَأْتِي امْرَأَة خبيثة فيبيت عِنْدهَا حَتَّى يصبح وَالْمَرْأَة تقوم من عِنْد زَوجهَا حَلَالا طيبا فتأتي رجلا خبيثاً تبيت مَعَه حَتَّى تصبح
ثمَّ أَتَى على خَشَبَة على الطَّرِيق لَا يمر بهَا ثوب إِلَّا شقته وَلَا شي إِلَّا خرقته قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل
قَالَ: هَذَا مثل أوقام من أمتك
يَقْعُدُونَ على الطَّرِيق فيقطعونه
ثمَّ أَتَى على رجل قد جمع حزمة عَظِيمَة لَا يَسْتَطِيع حملهَا وَهُوَ يزِيد عَلَيْهَا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا الرجل من أمتك يكون عَلَيْهِ أمانات النَّاس لَا يقدر على أَدَائِهَا وَهُوَ يُرِيد أَن يحمل عَلَيْهَا
ثمَّ أَتَى على قوم تقْرض ألسنتهم بمقاريض من نَار
كلما قرضت عَادَتْ كَمَا كَانَت لَا يفتر عَنْهُم من ذَلِك شَيْء قَالَ: مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل
قَالَ: هَؤُلَاءِ خطباء الْفِتْنَة
ثمَّ أَتَى على حجر صَغِير يخرج مِنْهُ ثَوْر عَظِيم فَجعل الثور يُرِيد أَن يرجع من حَيْثُ خرج فَلَا يَسْتَطِيع
قَالَ: مَا
ثمَّ أَتَى على وَاد فَوجدَ ريحًا طيبَة بَارِدَة وريح مسك وَسمع صَوتا فَقَالَ: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا قَالَ: هَذَا صَوت الْجنَّة
تَقول: يَا رب ائْتِنِي بِمَا وَعَدتنِي فقد كثرت غرفي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي واكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائي ولبني وخمري فائتني مَا وَعَدتنِي فَقَالَ: لَك كل مُسلم ومسلمة وَمُؤمن ومؤمنة
قَالَت: رضيت
ثمَّ أَتَى على وادٍ فَسمع شكوى وَوجد ريحًا مُنْتِنَة فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا صَوت جَهَنَّم تَقول: رب ائْتِنِي بِمَا وَعَدتنِي فَلَقَد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي وَقد بعد قعري وَاشْتَدَّ حري فائتني مَا وَعَدتنِي قَالَ: لَك كل مُشْرك ومشركة وَكَافِر وكافرة وكل خَبِيث وخبيثة وكل جَبَّار لَا يُؤمن بِيَوْم الْحساب
قَالَت: قد رضيت
ثمَّ سَار حَتَّى أَتَى بَيت الْمُقَدّس فَنزل فَربط فرسه إِلَى صَخْرَة ثمَّ دخل فصلى مَعَ الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام
فَلَمَّا قضيت الصَّلَاة قَالُوا: يَا جِبْرِيل من هَذَا مَعَك قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالُوا: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَمن خَليفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ
ثمَّ لَقِي أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَأَثْنوا على رَبهم فَقَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: الْحَمد لله الَّذِي اتَّخَذَنِي خَلِيلًا وَأَعْطَانِي ملكا عَظِيما وَجَعَلَنِي أمة قَانِتًا يؤتم بِي وأنقذني من النَّار وَجعلهَا عليّ بردا وَسلَامًا
ثمَّ إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أثنى على ربه عز وَجل فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي كلمني تكليماً وَجعل هَلَاك آل فِرْعَوْن وَنَجَاة بني إِسْرَائِيل على يَدي وَجعل من أمتِي (قوما يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ) (الْأَعْرَاف الْآيَة ١٥٩
وَنَصّ الْآيَة (وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ)
ثمَّ إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أثنى على ربه فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي جعل لي ملك عَظِيما وَعَلمنِي الزبُور وألان لي الْحَدِيد وسخر لي الْجبَال يسبحْنَ وَالطير وَأَعْطَانِي الْحِكْمَة وَفصل الْخطاب
ثمَّ إِن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أثنى على ربه فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي سخر لي الرِّيَاح وسخر لي الشَّيَاطِين يعْملُونَ مَا شِئْت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات وَعَلمنِي منطق الطير وآتاني من كل شَيْء فضلا وسخر لي جنود الشَّيَاطِين وَالْإِنْس وَالطير وفضلني على كثير من عباده الْمُؤمنِينَ وآتاني ملكا عَظِيما لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي وَجعل ملكي
ثمَّ إِن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أثنى على ربه عز وَجل فَقَالَ: كلكُمْ أثنى على ربه وَإِنِّي مثن على رَبِّي فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أَرْسلنِي رَحْمَة للْعَالمين وكافة للنَّاس بشيراً وَنَذِيرا وَأنزل عَليّ الْفرْقَان فِيهِ تبيان لكل شَيْء وَجعل أمتِي خير أمة أخرجت للنَّاس وَجعل أمتِي أمة وسطا وَجعل أمتِي هم الْأَولونَ وَالْآخرُونَ وَشرح لي صَدْرِي وَوضع عني وزري وَرفع لي ذكري وَجَعَلَنِي فاتحاً وخاتماً
فَقَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: بِهَذَا فَضلكُمْ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ثمَّ: أُتِي بآنية ثَلَاثَة مغطاة أفواهها فَأتي بِإِنَاء مِنْهَا فِيهِ مَاء فَقيل: اشرب فَشرب مِنْهُ يَسِيرا ثمَّ رفع إِلَيْهِ إِنَاء آخر فِيهِ لبن فَقيل: اشرب فَشرب مِنْهُ حَتَّى رُوِيَ ثمَّ رفع إِلَيْهِ إِنَاء آخر فِيهِ خمر فَقيل لَهُ: اشرب فَقَالَ: لَا أريده قد رويت
فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: - عَلَيْهِ السَّلَام - أما إِنَّهَا ستحرم على أمتك وَلَو شربت مِنْهَا لم يتبعك من أمتك إِلَّا قَلِيل
ثمَّ صعدوا بِي إِلَى السَّمَاء فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَمن خَليفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَدخل فَإِذا هُوَ بِرَجُل تَامّ الْخلق لم ينقص من خلقه شَيْء كَمَا ينقص من خلق النَّاس على يَمِينه بَاب يخرج مِنْهُ ريح طيبَة وَعَن شِمَاله بَاب يخرج مِنْهُ ريح خبيثة إِذا نظر إِلَى الْبَاب الَّذِي عَن يَمِينه فَرح وَضحك وَإِذا نظر إِلَى الْبَاب الَّذِي عَن يسَاره بَكَى وحزن فَقلت يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَبوك آدم وَهَذَا الْبَاب الَّذِي يَمِينه بَاب الْجنَّة إِذا نظر إِلَى من يدْخلهُ من ذُريَّته ضحك واستبشر وَالْبَاب الَّذِي عَن شِمَاله بَاب جَهَنَّم إِذا نظر من يدْخلهُ بَكَى وحزن
ثمَّ صعد بِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَاسْتَفْتَحَ قيل: من هَذَا مَعَك قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَخَلِيفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَإِذا هُوَ بشابين قَالَ: يَا جِبْرِيل من هَذَانِ قَالَ: عِيسَى ابْن مَرْيَم وَيحيى بن
فَصَعدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قَالُوا: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَمن خَليفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَدخل فَإِذا هُوَ بِرَجُل قد فضل على النَّاس كَمَا فضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب قَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا أَخُوك يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام
ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قَالُوا: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَمن خَليفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَدخل فَإِذا هُوَ بِرَجُل قَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا إِدْرِيس رَفعه الله مَكَان عليا
ثمَّ صعد إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قَالُوا: مرْحَبًا بِهِ حَيَّاهُ الله من أَخ وَخَلِيفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ ثمَّ دخل فَإِذا هُوَ بِرَجُل جَالس وَحَوله قوم يقص عَلَيْهِم قَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل وَمن هَؤُلَاءِ حوله قَالَ: هَذَا هرون المحبب وَهَؤُلَاء بَنو إِسْرَائِيل
ثمَّ صعد بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل لَهُ: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَخَلِيفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَإِذا هُوَ بِرَجُل جَالس فجاوزه فَبكى الرجل قَالَ: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: مُوسَى قَالَ: فَمَا لَهُ يبكي قَالَ: زعم بَنو إِسْرَائِيل أَنِّي أكْرم بني آدم على الله وَهَذَا رجل من بني آدم قد خلفني فِي دنيا وَأَنا فِي أُخْرَى فَلَو أَنه بِنَفسِهِ لم أبال وَلَكِن مَعَ كل نَبِي أمته
ثمَّ صعد بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم
قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَخَلِيفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَدخل فَإِذا هُوَ بِرَجُل أشمط جَالس عِنْد بَاب الْجنَّة على كرْسِي وَعِنْده قوم جُلُوس بيض الْوُجُوه أَمْثَال الْقَرَاطِيس وَقوم فِي ألوانهم شَيْء فَقَامَ هَؤُلَاءِ الَّذين فِي ألوانها شَيْء فَدَخَلُوا نَهرا فاغتسلوا فِيهِ فَخَرجُوا وَقد خلص وَلم يكن فِي أبدانهم شَيْء ثمَّ دخلُوا نَهرا آخر فاغتسلوا فِيهِ فَخَرجُوا وَقد خلص من ألوانهم شَيْء ثمَّ دخلُوا نَهرا آخر فاغتسلوا فِيهِ فَخَرجُوا وَقد خلصت ألوانهم فَصَارَت مثل ألوان أَصْحَابهم فجاؤوا فجلسوا إِلَى أَصْحَابهم فَقَالَ:
وَأما هَؤُلَاءِ الْبيض الْوُجُوه فقوم لم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم وَأما هَؤُلَاءِ الَّذين فِي ألوانهم شَيْء فقوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا فتابوا فَتَابَ الله عَلَيْهِم وَأما الْأَنْهَار فأولها رَحْمَة الله وَالثَّانِي نعْمَة الله وَالثَّالِث سقاهم رَبهم شرابًا طهُورا
ثمَّ انْتهى إِلَى السِّدْرَة قيل لَهُ: هَذِه السِّدْرَة يَنْتَهِي إِلَيْهَا كل وَاحِد خلا من أمتك على نسك فَإِذا هِيَ شَجَرَة يخرج من أَصْلهَا أَنهَار من مَاء غير آسن وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه وأنهار من خمرة لَذَّة للشاربين وأنهار من عسل مصفى وَهِي شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها سبعين عَاما لَا يقطعهَا الورقة مِنْهَا مغطية للْأمة كلهَا فغشيها نور الخلاق عز وَجل وغشيتها الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام أَمْثَال الْغرْبَان حِين تقع على الشَّجَرَة
فَكَلمهُ الله تَعَالَى عِنْد ذَلِك فَقَالَ لَهُ: سل فَقَالَ: اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وأعطيته ملكا عَظِيما وَكلمت مُوسَى تكليماً وَأعْطيت دَاوُد ملكا عَظِيما وألنت لَهُ الْحَدِيد وسخرت لَهُ الْجبَال وَأعْطيت سُلَيْمَان ملكا عَظِيما وسخرت لَهُ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّيَاطِين وسخرت لَهُ الرِّيَاح وأعطيته ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وَعلمت عِيسَى التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَجَعَلته يُبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الْمَوْتَى بإذنك وَأَعَذْتَهُ وأمَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَلم يكن للشَّيْطَان عَلَيْهِمَا سَبِيل
فَقَالَ لَهُ ربه عز وَجل: وَقد اتخذتك خَلِيلًا وَهُوَ مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة حبيب الرَّحْمَن وأرسلتك إِلَى النَّاس كَافَّة بشيراً وَنَذِيرا وشرحت لَك صدرك وَوضعت عَنْك وزرك
وَرفعت لَك ذكرك فَلَا أذكر إِلَّا وَذكرت معي وَجعلت أمتك خير أمة أخرجت للنَّاس وَجعلت أمتك لَا تجوز لَهُم خطْبَة حَتَّى يشْهدُوا أَنَّك عَبدِي ورسولي وَجعلت من أمتك أَقْوَامًا قُلُوبهم أَنَاجِيلهمْ وجعلتك أول النَّبِيين خلقا وَآخرهمْ بعثاً وأولهم يقْضى لَهُ وأعطيتك سبعا من المثاني لم أعْطهَا نَبيا قبلك وأعطيتك خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم أعْطهَا نَبيا قبلك وأعطيتك الْكَوْثَر وأعطيتك ثَمَانِيَة أسْهم: الْإِسْلَام وَالْهجْرَة وَالْجهَاد وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة وَصَوْم رَمَضَان وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وجعلتك فاتحاً وخاتماً
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فضلني رَبِّي وأرسلني رَحْمَة للْعَالمين وكافة للنَّاس بشيراً وَنَذِيرا وَألقى فِي قلب عدوي الرعب من مسيرَة شهر وَأحل لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحد قبلي وَجعلت لي
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: بِمَ أمرت قَالَ: بِخَمْسِينَ صَلَاة قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَإِن أمتك أَضْعَف الْأُمَم فقد لقِيت من بني إِسْرَائِيل شدَّة فَرجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ربه فَسَأَلَهُ التَّخْفِيف فَوضع عَنهُ عشرا ثمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بكم أمرت قَالَ: بِأَرْبَعِينَ: قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَرجع فَوضع عَنهُ عشرا إِلَى أَن جعلهَا خمْسا ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف قَالَ: قد رجعت إِلَى رَبِّي حَتَّى استحيت مِنْهُ فَمَا أَنا براجع إِلَيْهِ
قيل لَهُ: أما إِنَّك كَمَا صبرت نَفسك على خمس صلوَات فَإِنَّهُنَّ يجزين عَنْك خمسين صَلَاة وَإِن كل حَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا فَرضِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل الرِّضَا
قَالَ: وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من أَشَّدهم عَلَيْهِ حِين مر بِهِ وَخَيرهمْ لَهُ حِين رَجَعَ إِلَيْهِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أَخِيه عِيسَى عَن أَبِيه عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه أبي ليلى: أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى النَّبِي بِالْبُرَاقِ فَحَمله بَين يَدَيْهِ ثمَّ جعل يسير بِهِ فَإِذا بلغ مَكَانا مطأطئاً طَالَتْ يَدَاهُ وَقصرت رِجْلَاهُ حَتَّى يَسْتَوِي بِهِ ثمَّ عرض لَهُ رجل عَن يَمِين الطَّرِيق فَجعل يُنَادِيه يَا مُحَمَّد إِلَى الطَّرِيق مرَّتَيْنِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: امْضِ وَلَا تكلم أحدا ثمَّ عرض لَهُ رجل عَن يسَار الطَّرِيق فَقَالَ لَهُ إِلَى الطَّرِيق يَا مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: امْضِ وَلَا تكلم أحدا ثمَّ عرضت لَهُ امْرَأَة حسناء جميلَة ثمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيل السَّلَام: تَدْرِي من الرجل الَّذِي دعَاك عَن يَمِين الطَّرِيق قَالَ: لَا قَالَ: تِلْكَ الْيَهُود دعتك إِلَى دينهم
ثمَّ قَالَ: تَدْرِي من الرجل الَّذِي دعَاك عَن يسَار الطَّرِيق قَالَ: لَا قَالَ: تِلْكَ النَّصَارَى دعتك إِلَى دينهم
ثمَّ قَالَ: تَدْرِي من الْمَرْأَة الْحَسْنَاء الجميلة قَالَ: لَا قَالَ: تِلْكَ الدُّنْيَا تدعوك إِلَى نَفسهَا ثمَّ انْطَلقَا حَتَّى أَتَيَا بَيت الْمُقَدّس فَإِذا هم بِنَفر جُلُوس فَقَالُوا مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّي وَإِذا فِي النَّفر
حَتَّى قدمُوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَتَوا بأشربة فَاخْتَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّبن فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أصبت الْفطْرَة ثمَّ قيل لَهُ: قُم إِلَى رَبك فَقَامَ فَدخل ثمَّ جَاءَ فَقيل لَهُ: مَاذَا صنعت قَالَ: فرضت على أمتِي خَمْسُونَ صَلَاة فَقَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك فَإِن أمتك لَا تطِيق هَذَا فَرجع ثمَّ جَاءَ فَقَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: مَاذَا صنعت فَقَالَ: ردهَا إِلَى خمسين وَعشْرين فَقَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَرجع ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: ردهَا إِلَى اثْنَتَيْ عشرَة فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَرجع ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: ردهَا إِلَى خمس فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: ارْجع فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف قَالَ: قد استحيت من رَبِّي فَمَا أراجعه وَقد قَالَ لي رَبِّي أَن لَك بِكُل ردة رَددتهَا مَسْأَلَة أعْطَيْتُكَها
وَأخرج ابْن عَرَفَة فِي جزئه الْمَشْهُور وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه من طَرِيق أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِدَابَّة دون الْبَغْل وَفَوق الْحمار فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ ثمَّ انْطلق يهوي بِنَا كلما صعد عقبَة اسْتَوَت رِجْلَاهُ كَذَلِك مَعَ يَدَيْهِ وَإِذا هَبَط اسْتَوَت يَدَاهُ مَعَ رجلَيْهِ حَتَّى مَرَرْنَا بِرَجُل طَوَال سِبْطَ آدم كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَهُوَ يَقُول: وَيرْفَع صَوته أكرمته وفضلته فدفعنا إِلَيْهِ فسلمنا فَرد السَّلَام فَقَالَ: من هَذَا مَعَك يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا أَحْمد قَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّي الْعَرَبِيّ الَّذِي بلغ رِسَالَة ربه ونصح لأمته ثمَّ اندفعنا فَقلت: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قلت: وَمن يُعَاتب قَالَ: يُعَاتب ربه فِيك قلت: وَيرْفَع صَوته على ربه قَالَ: إِن الله قد عرف لَهُ حَدِيثه ثمَّ اندفعنا حَتَّى مَرَرْنَا بشجرة كَأَن ثَمَرهَا السراح تحتهَا شيخ وَعِيَاله فَقَالَ لي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: اعمد إِلَى أَبِيك إِبْرَاهِيم فدفعنا إِلَيْهِ فسلمنا عَلَيْهِ فَرد السَّلَام فَقَالَ إِبْرَاهِيم: من مَعَك يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا ابْنك أَحْمد فَقَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّي الَّذِي بلغ رِسَالَة ربه ونصح لأمته يَا بني إِنَّك لَاق رَبك اللَّيْلَة وَإِن أمتك آخر الْأُمَم وأضعفها فَإِن اسْتَطَعْت أَن تكون حَاجَتك أَو جلها فِي أمتك فافعل ثمَّ اندفعنا حَتَّى انتهينا إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى فَنزلت
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَلْقَمَة رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتيت بِالْبُرَاقِ فركبته إِذا أَتَى على جبل ارْتَفَعت رِجْلَاهُ وَإِذا هَبَط ارْتَفَعت يَدَاهُ فَسَار بِنَا فِي أَرض غمَّة مُنْتِنَة ثمَّ أفضينا إِلَى أَرض فيحاء طيبَة فَسَأَلت جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: تِلْكَ أَرض النَّار وَهَذِه أَرض الْجنَّة فَأتيت على رجل قَائِم يُصَلِّي فَقلت: من هَذَا يَا جِبْرِيل فَقَالَ: هَذَا أَخُوك عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فسرنا فسمعنا صَوتا وتذمراً فأتينا على رجل فَقَالَ: من هَذَا مَعَك قَالَ: هَذَا أَخُوك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسلم ودعا بِالْبركَةِ وَقَالَ: سل لأمتك الْيُسْر فَقلت من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا أَخُوك مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قلت على من كَانَ تذمره قَالَ: على ربه عز وَجل قلت: على ربه قَالَ: نعم
قد عرف حِدته ثمَّ سرنا فَرَأَيْت مصابيح وضُوءًا فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذِه شَجَرَة أَبِيك إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ادن مِنْهَا فدنوت مِنْهَا فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِالْبركَةِ ثمَّ مضينا حَتَّى أَتَيْنَا بَيت الْمُقَدّس فَربطت الدَّابَّة بالحلقة الَّتِي ترْبط بهَا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام ثمَّ دخلت الْمَسْجِد فنشرت لي الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام من سمى مِنْهُم وَمن لم يسم فَصليت بهم إِلَّا هَؤُلَاءِ الثَّلَاث: إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صليت لَيْلَة أسرِي بِي فِي مقدم الْمَسْجِد ثمَّ دخلت إِلَى الصَّخْرَة فَإِذا ملك قَائِم مَعَه آنِية ثَلَاث فتناولت الْعَسَل فَشَرِبت مِنْهُ قَلِيلا ثمَّ تناولت الآخر فَشَرِبت مِنْهُ حَتَّى رويت فَإِذا هُوَ لبن فَقَالَ اشرب من الآخر فَإِذا هُوَ خمر قلت قد رويت
قَالَ: أما أَنَّك لَو شربت من هَذَا لم تَجْتَمِع أمتك على الْفطْرَة أبدا ثمَّ انْطلق بِي إِلَى السَّمَاء فَفرضت عليّ الصَّلَاة ثمَّ رجعت إِلَى خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا وَمَا تحوّلت عَن جَانبهَا الآخر
فَقَالَ رجل من الْقَوْم: يَا مُحَمَّد هَل مَرَرْت بِإِبِل لنا فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا قَالَ: نعم وَالله وَجَدتهمْ قد أَضَلُّوا بعير لَهُم فهم فِي طلبه قَالَ: هَل مَرَرْت بِإِبِل لبني فلَان قَالَ: نعم وَجَدتهمْ فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا قد انْكَسَرت لَهُم نَاقَة حَمْرَاء فوجدتهم وَعِنْدهم قَصْعَة من مَاء فَشَرِبت مَا فِيهَا قَالُوا: فَأخْبرنَا عَن عدتهَا وَمَا فِيهَا من الرعاء
قَالَ: قد كنت عَن عدتهَا مَشْغُولًا فَقَامَ وأتى بِالْإِبِلِ فَعَدهَا وَعلم مَا فِيهَا من الرعاء
ثمَّ أَتَى قُريْشًا فَقَالَ لَهُ: سَأَلْتُمُونِي عَن إبل بني فلَان فَهِيَ كَذَا وَكَذَا وفيهَا من الرعاء فلَان وَفُلَان وَسَأَلْتُمُونِي عَن إبل بني فلَان فَهِيَ كَذَا وَكَذَا وفيهَا من الرعاء ابْن أبي قُحَافَة وَفُلَان وَفُلَان وَهِي مُصَبِّحَتكُمْ الْغَدَاة الثَّنية فقعدوا إِلَى الثَّنية ينظرُونَ أصدقهم مَا قَالَ فَاسْتَقْبلُوا الْإِبِل فسألوا هَل ضل لكم بعير قَالُوا: نعم
فسألوا الآخر هَل انْكَسَرَ لكم نَاقَة حَمْرَاء قَالُوا: نعم
قَالَ: فَهَل كَانَ عنْدكُمْ قَصْعَة من مَاء قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: وَالله أَنا وَضَعتهَا فَمَا شربهَا أحد منا وَلَا أهريقت فِي الأَرْض فَصدقهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وآمن بِهِ فَسُمي يَوْمئِذٍ الصّديق
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا قَالَ: دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغَلَس وَأَنا على فِرَاشِي فَقَالَ: شَعرت أَنِّي نمت اللَّيْلَة فِي الْمَسْجِد
فَقَالَ: إِنِّي صليت اللَّيْلَة الْعشَاء فِي هَذِه الْمَسْجِد وَصليت بِهِ الْغَدَاة وأتيت فِيمَا بَين ذَلِك بِبَيْت الْمُقَدّس فنشر لي رَهْط من الْأَنْبِيَاء فيهم إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فَصليت بهم وكلمتهم فَقَالَ عَمْرو بن هِشَام - كَالْمُسْتَهْزِئِ -: صفهم لي
فَقَالَ: أما عِيسَى ففوق الربعة وَدون الطَّوِيل عريض الصَّدْر جعد الشّعْر يعلوه صهبة كَأَنَّهُ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَأما مُوسَى فضخم آدم طوال كَأَنَّهُ من رجال شنوأة كثير الشّعْر غائر الْعَينَيْنِ متراكب الْأَسْنَان مقلص الشّفة خَارج اللثة عَابس وَأما إِبْرَاهِيم فوَاللَّه لأَنا أشبه النَّاس بِهِ خلقا فضجوا وأعظموا ذَاك فَقَالَ الْمطعم: كل أَمرك قبل الْيَوْم كَانَ أمماً غير قَوْلك الْيَوْم أَنا أشهد أَنَّك كَاذِب نَحن نضرب أكباد الْإِبِل إِلَى بَيت الْمُقَدّس مصعداً شهرا ومنحدراً شهرا تزْعم أَنَّك أَتَيْته فِي لَيْلَة وَاللات والعزى لَا أصدقك
فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا مطعم بئس مَا قلت لِابْنِ أَخِيك جَبهته وكذبته أَنا أشهد أَنه صَادِق فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد صف لنا بَيت الْمُقَدّس قَالَ: دَخلته لَيْلًا وَخرجت مِنْهُ لَيْلًا فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فصوّره فِي جنَاحه فَجعل يَقُول بَاب مِنْهُ كَذَا فِي مَوضِع كَذَا وَبَاب مِنْهُ
فَأنْزل الله (وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس) (الْإِسْرَاء آيَة ٦٠)
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا أسرِي برَسُول الله إِلَّا وَهُوَ فِي بَيْتِي نَائِم عِنْدِي تِلْكَ اللَّيْلَة فصلى الْعشَاء الْآخِرَة ثمَّ نَام وَنِمْنَا فَلَمَّا كَانَ قبيل الْفجْر أهبنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا صلى الصُّبْح وصلينا مَعَه قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أم هَانِئ لقد صليت مَعكُمْ الْعشَاء الْآخِرَة كَمَا رَأَيْت بِهَذَا الْوَادي ثمَّ جِئْت بَيت الْمُقَدّس فَصليت فِيهِ ثمَّ صليت صَلَاة الْغَدَاة مَعكُمْ الْآن كَمَا تَرين
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عمر وَأم سَلمَة وَعَائِشَة وَأم هَانِئ وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا دخل حَدِيث بَعضهم فِي بعض قَالُوا: أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة سبع عشرَة من شهر ربيع الأول قبل الْهِجْرَة بِسنة من شعب أبي طَالب إِلَى بَيت الْمُقَدّس
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حملت على دَابَّة بَيْضَاء بَين الْحمار وَبَين الْبَغْل فِي فَخذهَا جَنَاحَانِ تحفز بهما رِجْلَيْهَا فَلَمَّا دَنَوْت لأركبها شمست فَوضع جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَده على مَعْرفَتهَا ثمَّ قَالَ: أَلا تستحتين يَا براق مِمَّا تصنعين وَالله مَا ركبك عبد لله قبل مُحَمَّد أكْرم على الله مِنْهُ فاستحيت حَتَّى ارفضت عرقاً ثمَّ قرت حَتَّى ركبتها فعلت بأذنيها وقبضت الأَرْض حَتَّى كَانَ مُنْتَهى وَقع حافرها طرفها وَكَانَت طَوِيلَة الظّهْر طَوِيلَة الْأُذُنَيْنِ
وَخرج معي جِبْرِيل لَا يفوتني وَلَا أفوته حَتَّى أَتَى بَيت الْمُقَدّس فَأتى الْبراق إِلَى موقفه الَّذِي كَانَ يقف فربطه فِيهِ وَكَانَ مربط الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام رَأَيْت الْأَنْبِيَاء جمعُوا لي فَرَأَيْت إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فَظَنَنْت أَنه لَا بُد أَن يكون لَهُم
وَقَالَ بَعضهم: فقد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ اللَّيْلَة فتفرقت بَنو عبد الْمطلب يطلبونه يلتمسونه وَخرج الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ حَتَّى إِذا بلغ ذَا طوى فَجعل يصْرخ يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَأَجَابَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبيْك لبيْك فَقَالَ: ابْن أخي أعييت قَوْمك مُنْذُ اللَّيْلَة فَأَيْنَ كنت قَالَ: أتيت من بَيت الْمُقَدّس قَالَ: فِي ليلتك قَالَ: نعم
قَالَ: هَل أَصَابَك إِلَّا خير قَالَ: مَا أصابني إِلَّا خير
وَقَالَت أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا: مَا أسرِي بِهِ إِلَّا من بيتنا بَينا هُوَ نَائِم عندنَا تِلْكَ اللَّيْلَة صلى الْعشَاء ثمَّ نَام فَلَمَّا كَانَ قبل الْفجْر أنبهناه للصبح فَقَامَ فصلى الصُّبْح
قَالَ: يَا أم هَانِئ لقد صليت مَعكُمْ الْعشَاء كَمَا رَأَيْت بِهَذَا الْوَادي ثمَّ قد جِئْت بَيت الْمُقَدّس فَصليت بِهِ ثمَّ صليت الْغَدَاة مَعكُمْ ثمَّ قَامَ ليخرج فقت لَا تحدث هَذَا النَّاس فيكذبوك ويؤذوك
فَقَالَ: وَالله لأحدثنهم فَأخْبرهُم فتعجبوا وَقَالُوا لم نسْمع بِمثل هَذَا قطّ
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل عَلَيْهِ السَّلَام: يَا جِبْرِيل إِن قومِي لَا يصدقوني قَالَ: يصدقك أَبُو بكر وَهُوَ الصّديق
وافتتن نَاس كثير وَضَلُّوا كَانُوا قد أَسْلمُوا وَقمت فِي الْحجر فجلا الله لي بَيت الْمُقَدّس فطفقت أخْبرهُم عَن آيَاته وَأَنا أنظر إِلَيْهِ فَقَالَ بَعضهم: كم لِلْمَسْجِدِ من بَاب - وَلم أكن عددت أبوابه - فَجعلت أنظر إِلَيْهَا وأعدها بَابا وأعلمهم وَأَخْبَرتهمْ عَن عير لَهُم فِي الطَّرِيق وعلامات فِيهَا فوجدوا ذَلِك كَمَا أَخْبَرتهم
وَأنزل الله (وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس) قَالَ: كَانَت رُؤْيا عين رَآهَا بِعَيْنِه
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِالْبُرَاقِ لَيْلَة أسرِي بِهِ مسرجاً مُلجمًا ليركبه فاستصعب عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أبمحمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تفعل هَذَا فوَاللَّه مَا ركبك خلق أكْرم على الله مِنْهُ
قَالَ: فأرفضّ عرقاً
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: أسرِي بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة سبع عشرَة من شهر ربيع الأول قبل الْهِجْرَة بِسنة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بَيت الْمُقَدّس قبل خُرُوجه إِلَى الْمَدِينَة بِسِتَّة عشر شهرا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بَيت الْمُقَدّس قبل مهاجره بِسِتَّة عشر شهرا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب حَيَاة الْأَنْبِيَاء عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَرَرْت لَيْلَة أسرِي بِي على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَائِما يُصَلِّي فِي قَبره عِنْد الْكَثِيب الْأَحْمَر
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ مر على مُوسَى وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبره
قَالَ: وَذكر لي أَنه حمل على الْبراق
قَالَ: فأوثقت الْفرس
أَو قَالَ: الدَّابَّة بالحلقة
فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ صفها لي يَا رَسُول الله قَالَ: كذه وذه
وَكَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ قد رَآهَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي إِلَى السَّمَاء رَأَيْت مُوسَى يُصَلِّي فِي قَبره
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على مُوسَى وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي قَبره
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي مَرَرْت بمُوسَى وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي قَبره
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما أسرِي بِالنَّبِيِّ جعل يمر بِالنَّبِيِّ والنبيين مَعَهم الرَّهْط والنبيين مَعَهم الْقَوْم وَالنَّبِيّ والنبيين لَيْسَ مَعَهم أحد حَتَّى مر بسواد عَظِيم فَقلت: من هَؤُلَاءِ فَقيل مُوسَى وَقَومه وَلَكِن ارْفَعْ رَأسك وَانْظُر فَإِذا سَواد عَظِيم قد سد الْأُفق من ذَا الْجَانِب وَذَا الْجَانِب فَقيل لي: هَؤُلَاءِ وَسوى هَؤُلَاءِ من أمتك سَبْعُونَ ألفا يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب قَالَ: فَدخل وَلم يسألوه بِأَنْفسِهِم وَلم يُفَسر لَهُم
فَقَالَ قَائِلُونَ: نَحن هم
وَقَالَ قَائِلُونَ هم أَبْنَاؤُنَا الَّذين ولدُوا فِي الْإِسْلَام فَخرج فَقَالَ: هم الَّذين لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ
فَقَامَ عكاشة بن مُحصن فَقَالَ: أَنا مِنْهُم يَا رَسُول الله فَقَالَ: أَنْت مِنْهُم فَقَامَ رجل آخر فَقَالَ: أَنا مِنْهُم قَالَ: سَبَقَك بهَا عكاشة
قَالَت: أولك رب غير أبي قَالَت: أَلَك رب غَيْرِي قَالَ: نعم رَبِّي وَرَبك الله الَّذِي فِي السَّمَاء
فَأمر ببقرة من نُحَاس فأحميت ثمَّ أَمر بهَا لتلقي فِيهَا وَأَوْلَادهَا
قَالَت: إِن لي إِلَيْك حَاجَة قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَت: تجمع عِظَامِي وَعِظَام وَلَدي فتدفنه جَمِيعًا
قَالَ: ذَلِك لَك لما لَك علينا من الْحق فَألْقوا وَاحِدًا وَاحِدًا حَتَّى بلغ رضيعاً فيهم قَالَ: أسرعي يَا أمه وَلَا تقاعسي فَإنَّك على الْحق فألقيت هِيَ وَوَلدهَا
قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَتكلم أَرْبَعَة وهم صغَار: هَذَا وَشَاهد يُوسُف وَصَاحب جريج وَعِيسَى ابْن مَرْيَم
وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْلَة أسرِي بِي وجدت ريحًا طيبَة فَقلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذِه قَالَ: هَذِه الماشطة وَزوجهَا وَابْنهَا بَيْنَمَا هِيَ تمشط ابْنة فِرْعَوْن إِذْ سقط الْمشْط من يَدهَا فَقَالَ: تعس فِرْعَوْن فَأخْبرت أَبَاهَا وَكَانَ للْمَرْأَة ابْنَانِ وَزوج فَأرْسل إِلَيْهِم فراود الْمَرْأَة وَزوجهَا أَن يرجعا عَن دينهما فأبيا فَقَالَ: إِنِّي قاتلكما: فَقَالَا إِحْسَان مِنْك إِلَيْنَا إِن قتلتنا أَن تجعلنا فِي بَيت فَفعل فَلَمَّا أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجد ريحة طيبَة فَسَأَلَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَأخْبرهُ
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما عرج بِي مَرَرْت بِقوم لَهُم أظفار من نُحَاس يخمشون فِي وُجُوههم وصدورهم فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس ويقعون فِي أعراضهم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْلَة أسرِي بِي مَرَرْت بناس تقْرض شفاههم بمقاريض من نَار كلما قرضت عَادَتْ كَمَا كَانَت فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ خطباء أمتك الَّذين يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما كَانَ لَيْلَة أسرِي بِي أَتَى جِبْرِيل الصَّخْرَة الَّتِي بِبَيْت الْمُقَدّس فَوضع أُصْبُعه فِيهَا فخرقها فَشد بهَا الْبراق
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب بن سِنَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما عرض على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ المَاء ثمَّ الْخمر ثمَّ اللَّبن أَخذ اللَّبن
فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أصبت الْفطْرَة وَبِه غذيت كل دَابَّة وَلَو أخذت الْخمر غويت وغوت أمتك وَكنت من أهل هَذِه وَأَشَارَ إِلَى الْوَادي الَّذِي يُقَال لَهُ وَادي جَهَنَّم فَنظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ نَار تلتهب
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لَيْلَة أسرِي بِي وضعت قدمي حَيْثُ تُوضَع أَقْدَام الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام من بَيت الْمُقَدّس وَعرض عليّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا أقرب النَّاس بِهِ شبها عُرْوَة بن مَسْعُود وَعرض عليّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا رجل جعد ضرب من الرِّجَال وَعرض عليّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا أقرب النَّاس بِهِ شبها صَاحبكُم
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حِين أسرِي بِي لقِيت مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فنعته فَإِذا هُوَ رجل مُضْطَرب رجل الرَّأْس كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَلَقِيت عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فنعته ربعَة أَحْمَر كَأَنَّمَا خرج من ديماس وَرَأَيْت إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنا أشبه وَلَده بِهِ وأتيت بإناءين فِي أَحدهمَا لبن وَفِي الآخر خمر قيل لي خُذ أَيهمَا شِئْت فَأخذت اللَّبن فَشَرِبت قيل لي هديت للفطرة أما لَو أَنَّك لَو أخذت الْخمر غوت أمتك
وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد رَأَيْتنِي فِي الْحجر وقريش تَسْأَلنِي عَن مسراي فسألوني عَن أَشْيَاء من بَيت الْمُقَدّس لم أثبتها فكربت كرباً مَا كربت مثله قطّ فرفعه الله لي أنظر إِلَيْهِ مَا سَأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أنبأتهم بِهِ وَقد رَأَيْتنِي فِي جمَاعَة من الْأَنْبِيَاء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسريَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى مَالِكًا خَازِن النَّار فَإِذا رجل عَابس يعرف الْغَضَب فِي وَجهه
وَأخرج أَحْمد عَن عبيد بن آدم عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كَانَ بالجابية فَذكر فتح بَيت الْمُقَدّس فَقَالَ لكعب رَضِي الله عَنهُ: أَيْن ترى أَن أُصَلِّي قَالَ: خلف الصَّخْرَة
قَالَ: لَا
وَلَكِن أُصَلِّي حَيْثُ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتقدم إِلَى الْقبْلَة فصلى
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَيْلَة أسرِي بِالنَّبِيِّ دخل الْجنَّة فَسمع فِي جَانبهَا وجساً فَقَالَ: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا فَقَالَ: هَذَا بِلَال الْمُؤَذّن
فَقَالَ النَّبِي حِين جَاءَ إِلَى النَّاس: قد أَفْلح بِلَال رَأَيْت لَهُ كَذَا وَكَذَا فَلَقِيَهُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّي قَالَ: وَهُوَ رجل آدم طَوِيل سبط شعره مَعَ أُذُنَيْهِ أَو فَوْقهمَا فَقَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا مُوسَى فَمضى فَلَقِيَهُ رجل فَرَحَّبَ بِهِ قَالَ: من هَذَا قَالَ: هَذَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَمضى فَلَقِيَهُ شيخ جليل مهيب فَرَحَّبَ بِهِ وَسلم عَلَيْهِ وَكلهمْ يسلم عَلَيْهِ قَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: أَبوك إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام
قَالَ: وَنظر فِي النَّار فَإِذا قوم يَأْكُلُون الْجِيَف قَالَ: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس
وَرَأى رجلا أَحْمَر أَزْرَق جدا قَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا عَاقِر النَّاقة فَلَمَّا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي ثمَّ الْتفت فَإِذا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يصلونَ مَعَه فَلَمَّا انْصَرف جِيءَ بقدحين أَحدهمَا عَن الْيَمين وَالْآخر عَن الشمَال فِي أَحدهمَا لبن وَفِي الْآخِرَة عسل فَأخذ اللَّبن فَشرب مِنْهُ فَقَالَ الَّذِي كَانَ مَعَه الْقدح: أصبت الْفطْرَة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ:
وَقَالَ أَبُو جهل: يخوفنا مُحَمَّد بشجرة الزقوم هاتوا تَمرا وزبداً فتزقموا بِهِ
وَرَأى الدَّجَّال فِي صورته رُؤْيا عين لَيْسَ برؤيا مَنَام
وَعِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيم عَلَيْهِم السَّلَام فَسئلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الدَّجَّال فَقَالَ: رَأَيْته [] قيلمانياً أقمرهجان إِحْدَى عَيْنَيْهِ قَائِمَة كَأَنَّهَا كَوْكَب دري كَأَن شعره أَغْصَان شَجَرَة
وَرَأَيْت عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام شَابًّا أَبيض جعد الرَّأْس حَدِيد الْبَصَر مبطن الْخلق وَرَأَيْت مُوسَى أسحم آدم كثير الشّعْر شَدِيد الْخلق وَنظرت إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَلَا أنظر إِلَى أرب مِنْهُ إِلَّا نظرت إِلَيْهِ مني حَتَّى كَأَنَّهُ صَاحبكُم قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام سلم على أَبِيك فَسلمت عَلَيْهِ
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام رجلا طوَالًا جَعدًا كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَرَأَيْت عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام مَرْبُوع الْخلق إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض سبط الرَّأْس وَرَأَيْت مَالِكًا خَازِن جَهَنَّم والدجال فِي آيَات أراهن الله قَالَ: (فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه) (السَّجْدَة آيَة ٧٣) فَكَانَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ يُفَسِّرهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وسام قد لَقِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لقِيت لَيْلَة أسرِي بِي إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام فتذاكروا أَمر السَّاعَة فَردُّوا أَمرهم إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالَ لَا علم لي بهَا فَردُّوا أَمرهم إِلَى مُوسَى فَقَالَ: لَا علم لي بهَا فَردُّوا أَمرهم إِلَى عِيسَى فَقَالَ: أما وجبتهُّا فَلَا يعلم بهَا أحد إِلَّا الله تَعَالَى
وَفِيمَا عهد إليّ رَبِّي أَن الدَّجَّال خَارج وَمَعِي قضيبان فَإِذا رَآنِي ذاب كَمَا يذوب الرصاص فيهلكه الله إِذا رَآنِي حَتَّى أَن الْحجر وَالشَّجر يَقُول: يَا مُسلم إِن تحتي كَافِرًا فتعال
فَفِيمَا عهد إليَّ رَبِّي إِن كَانَ كَذَلِك أَن السَّاعَة كالحامل المتم لَا يدْرِي أَهلهَا مَتى تفجؤهم بولادتها لَيْلًا أَو نَهَارا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ أَنه حدث عَن لَيْلَة أسرِي بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا زايل الْبراق حَتَّى فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاوَات فَرَأى الْجنَّة وَالنَّار ووعد الْآخِرَة أجمع ثمَّ عَاد وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه فأري مَا فِي السَّمَاوَات وأري مَا فِي الأَرْض قيل لَهُ أَي دَابَّة الْبراق قَالَ: دَابَّة طَوِيل أَبيض خطوه مد الْبَصَر
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة عرج بِي إِلَى السَّمَاء مَا مَرَرْت بسماء إِلَّا وجدت اسْمِي فِيهَا مَكْتُوبًا مُحَمَّد رَسُول الله وَأَبُو بكر الصّديق خَلْفي
وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما عرج إِلَى السَّمَاء مَا مَرَرْت بسماء إِلَّا وجدت اسْمِي فِيهَا مَكْتُوبًا مُحَمَّد رَسُول الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَرَرْت لَيْلَة أسرِي بِي على الْمَلأ الْأَعْلَى فَإِذا جِبْرِيل كالحلس الْبَالِي من خشيَة الله وَفِي لفظ لِابْنِ مرْدَوَيْه مَرَرْت على جِبْرِيل فِي السَّمَاء الرَّابِعَة فَإِذا هُوَ كَأَنَّهُ حلْس بَال من خشيَة الله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عبد الرَّحْمَن بن قرط رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْلَة أسرِي بِي إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى كَانَ بَين الْمقَام وزمزم جِبْرِيل عَن يَمِينه وَمِيكَائِيل عَن يسَاره فطَارَا بِهِ حَتَّى بلغ السَّمَاوَات العلى فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: سَمِعت تسبيحاً فِي السَّمَوَات العلى مَعَ تَسْبِيح كثير سبحت السَّمَاوَات العلى من ذِي المهابة مشفقات من ذِي العلوّ بِمَا علا سُبْحَانَ الْعلي الْأَعْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة ووَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة أسرِي بِي لما نتهينا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة نظرت فَوق فَإِذا رعد وبرق وصواعق وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فِيهَا الْحَيَّات والعقارب ترى من خَارج بطونهم فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ أَكلَة الرِّبَا فَلَمَّا نزلت إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا نظرت إِلَى أَسْفَل مني فَإِذا أَنا برهج ودخان وأصوات فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذِه الشَّيَاطِين يحومون على أعين بني آدم لَا يتفكرون فِي ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَلَوْلَا ذَلِك لرأوا الْعَجَائِب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي مرت بالكوثر فَقَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك رَبك فَضربت بيَدي على تربته فَإِذا مسك أذفر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما عرج بِي إِلَى السَّمَاء رَأَيْت نَهرا يطرد عجاجاً مثل السهْم أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل حافتاه قباب من در مجوف فَضربت بيَدي إِلَى جَانِبه فَإِذا مسكة ذفراء فضربيت بيَدي إِلَى رضراضها فَإِذا در
قلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا النَّهر قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك رَبك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت إِبْرَاهِيم لَيْلَة أسرِي بِي وَهُوَ أشبه من رَأَيْت بصاحبكم
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن رمدويه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: عرج بِي إِلَى السَّمَاء فَرَأَيْت إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن فَقَالَ إِبْرَاهِيم: يَا جِبْرِيل من هَذَا الَّذِي مَعَك فَقَالَ جِبْرِيل: هَذَا مُحَمَّد فَرَحَّبَ بِي وَقَالَ: مر أمتك فليكثروا من غراس الْجنَّة فَإِن
فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا غراس الْجنَّة قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتيت لَيْلَة أسرِي بِي على إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أخبر أمتك أَن الْجنَّة قيعان وَأَن غراسها سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقِيت إِبْرَاهِيم لَيْلَة أسرِي بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أَقْْرِئ أمتك مني السَّلَام وَأخْبرهمْ أَن الْجنَّة طيبَة التربة عذبة المَاء وَأَنَّهَا قيعان وَأَن غراسها: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي رَأَيْت الْجنَّة من درة بَيْضَاء فَقلت يَا جِبْرِيل إِنَّهُم يَسْأَلُونِي عَن الْجنَّة قَالَ: أخْبرهُم أَن أرْضهَا قيعان وترابها الْمسك
وَأخرج و [] الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي مَكْتُوبًا على بَاب الْجنَّة الصَّدَقَة بِعشر أَمْثَالهَا وَالْقَرْض بِثمَانِيَة عشر فَقلت: يَا جِبْرِيل مَا بَال الْقَرْض أفضل من الصَّدَقَة قَالَ: لِأَن السَّائِل يسْأَل وَعِنْده والمستقرض لَا يستقرض إِلَّا من حَاجَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي إِلَى السَّمَاء أدخلت الْجنَّة فَوَقَعت على شَجَرَة من أَشجَار الْجنَّة لم أر فِي الْجنَّة أحسن مِنْهَا وَلَا أَبيض وَرقا وَلَا أطيب ثَمَرَة فتناولت ثَمَرَة من ثمراتها فَأَكَلتهَا فَصَارَت نُطْفَة فِي صلبي فَلَمَّا هَبَطت إِلَى الأَرْض واقعت خَدِيجَة فَحملت بفاطمة رَضِي الله عَنْهَا فَإِذا أَنا اشْتقت إِلَى ريح الْجنَّة شممت ريح فَاطِمَة
وَأخرج الْحَاكِم وَضَعفه عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي اله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بسفرجلة فَأَكَلتهَا لَيْلَة أسرِي بِي فعلقت خَدِيجَة بفاطمة فَكنت إِذا اشْتقت إِلَى رَائِحَة الْجنَّة شممت رَقَبَة فَاطِمَة
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو قَاسم الْبَغَوِيّ وَابْن قَانِع كِلَاهُمَا فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَابْن عدي
وَأخرج ابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْحَمْرَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَإِذا على سَاق الْعَرْش الْأَيْمن لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله: لما عرج بِي رَأَيْت على سَاق الْعَرْش مَكْتُوبًا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله أيدته بعلي
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة أسرِي بِي رَأَيْت على الْعَرْش مَكْتُوبًا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله أَبُو بكر الصّديق عمر الْفَارُوق عُثْمَان ذُو النورين
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي فِي الْعَرْش فريدة خضراء فِيهَا مَكْتُوب بِنور أَبيض لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله أَبُو بكر الصّديق عمر الْفَارُوق
وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَرَادَ الله تَعَالَى أَن يعلم رَسُوله الْأَذَان أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِدَابَّة يُقَال لَهَا الْبراق فَذهب يركبهَا فاستصعبت فَقَالَ لَهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أسكني فوَاللَّه مَا ركبك عبد أكْرم على الله من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فركبها حَتَّى انْتهى إِلَى الْحجاب الَّذِي يَلِي الرَّحْمَن فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ خرج عَلَيْهِ ملك من الْحجاب فَقَالَ الْملك: الله أكبر الله أكبر فَقيل من وَرَاء الْحجاب: صدق عَبدِي أَنا أكبر أَنا أكبر ثمَّ قَالَ الْملك: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقيل هَل من وَرَاء الْحجاب: صدق عَبدِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا
فَقَالَ الْملك: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَقيل من وَرَاء الْحجاب: صدق عَبدِي أَنا أرْسلت مُحَمَّدًا فَقَالَ الْملك: حيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح قد قَامَت الصَّلَاة
ثمَّ قَالَ: الله أكبر الله أكبر فَقيل من وَرَاء الْحجاب: صدق عَبدِي أَنا أكبر أَنا أكبر ثمَّ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فَقيل من وَرَاء الْحجاب: صدق عَبدِي لَا إِلَه إِلَّا
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء فَانْتهى إِلَى مَكَان من السَّمَاء وقف فِيهِ وَبعث الله ملكا فَقَامَ من السَّمَاء مقَاما مَا قامه قبل ذَلِك فَقيل لَهُ: علمه الْأَذَان فَقَالَ الْملك: الله أكبر الله أكبر فَقَالَ الله: صدق عَبدِي أَنا الله الْأَكْبَر فَقَالَ الْملك: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ الله: صدق عَبدِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فَقَالَ الْملك: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَقَالَ الله: صدق عَبدِي أَنا أَرْسلتهُ وَأَنا اخترته وَأَنا ائتمنته فَقَالَ: حَيّ على الصَّلَاة فَقَالَ الله: صدق عَبدِي ودعا إِلَيّ فريضتي وحقي فَمن أَتَاهَا محتسباً كَانَت كَفَّارَة لكل ذَنْب فَقَالَ الْملك: حَيّ على الْفَلاح فَقَالَ الله: صدق عَبدِي أَنا أَقمت فرائضها وعدتها ومواقيتها ثمَّ قيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تقدم فَتقدم فائتم بِهِ أهل السَّمَوَات فتم لَهُ شرفه على سَائِر الْخَلَائق
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي إِلَى السَّمَاء أذن جِبْرِيل فظنت الْمَلَائِكَة أَنه يُصَلِّي بهم فقدّمني فَصليت بِالْمَلَائِكَةِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أسرِي بِهِ إِلَى السَّمَاء أوحى إِلَيْهِ بِالْأَذَانِ فَنزل بِهِ فَعلمه جِبْرِيل
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - علم الْأَذَان لَيْلَة أسرِي بِهِ وفرضت عَلَيْهِ الصَّلَاة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرضت عَلَيْهِ الصَّلَاة لَيْلَة أسرِي بِهِ
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: فرض الله على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة خمسين صَلَاة فَسَأَلَ ربه فَجَعلهَا خمس صلوَات
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الصَّلَاة خمسين وَالْغسْل من الْجَنَابَة سبع مَرَّات وَغسل الْبَوْل من الثَّوْب سبع مَرَّات فَلم يزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل حَتَّى الصَّلَاة خمْسا وَغسل الْجَنَابَة مرّة وَغسل الْبَوْل من الثَّوْب مرّة
وَأعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَوَات الْخمس وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة وَغفر لمن لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا من أمته الْمُقْحمَات
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لما أسرِي بِي انْتَهَيْت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَإِذا نبقها أَمْثَال القلال
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ - وَسلم لما انْتهى إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى رأى فراشا من ذهب يلوذ بهَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهُوَ يَقُول: يصف سِدْرَة الْمُنْتَهى فَقَالَ: فِيهَا فرَاش من ذهب وَثَمَرهَا كالقلال وأوراقها كآذان الفيلة قلت: يَا رَسُول مَا رَأَيْت عِنْدهَا قَالَ: رَأَيْته عِنْدهَا يَعْنِي ربه عز وَجل
وَأخرج و [] ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مَرَرْت لَيْلَة أسرِي بِي بملأ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا لي يَا مُحَمَّد مر أمتك بالحجامة
وَأخرج أَحْمد ووَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مَرَرْت بملأ من الْمَلَائِكَة لَيْلَة أسرِي بِي إِلَّا قَالُوا عَلَيْك بالحجامة وَفِي لفظ مر أمتك بالحجامة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مَرَرْت على مَلأ من الْمَلَائِكَة لَيْلَة أسرِي بِي إِلَّا أمروني بالحجامة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَعَثَنِي الله لَيْلَة أسرِي بِي إِلَى يَأْجُوج وَمَأْجُوج أدعوهم إِلَى دين الله وعبادته فَأمروا أَن يجيبوني وهم فِي النَّار مَعَ من يُحْصى من ولد آدم وَولد إِبْلِيس
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لما أسرِي بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى أصبح يحدث النَّاس بذلك فَارْتَد نَاس مِمَّن كَانُوا آمنُوا بِهِ وَصَدقُوهُ وَسعوا بذلك إِلَى أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا: هَل لَك فِي صَاحبك يزْعم أَنه أسرِي بِهِ اللَّيْلَة إِلَى بَيت الْمُقَدّس
قَالَ: أَو قَالَ ذَلِك قَالُوا: نعم
قَالَ: لَئِن قَالَ ذَلِك لقد صدق
قَالُوا: فتصدقه أَنه ذهب اللَّيْلَة إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَجَاء قبل أَن يصبح قَالَ: نعم
إِنِّي لَأُصَدِّقهُ بِمَا هُوَ أبعد من ذَلِك أصدقه بِخَبَر السَّمَاء فِي غدْوَة أَو رَوْحَة
فَلذَلِك سمي أَبَا بكر الصّديق
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما كَانَ لَيْلَة أسرِي بِي فَأَصْبَحت فِي مَكَّة قطعت وَعرفت أَن النَّاس مُكَذِّبِي فَقَعَدت مُعْتَزِلا حَزينًا فَمر بِهِ عدوّ الله أَبُو جهل فجَاء حَتَّى جلس إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ كل كَانَ من شَيْء قَالَ: نعم
قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ: قَالَ إِنِّي أسرِي بِي اللَّيْلَة قَالَ: إِلَى أَيْن قَالَ: إِلَى بَيت الْمُقَدّس قَالَ: ثمَّ أَصبَحت بَين ظهرانينا قَالَ: نعم
فَلم يرد أَن يكذبهُ مَخَافَة أَن يجحده الحَدِيث إِن دَعَا قومه إِلَيْهِ
قَالَ: أَرَأَيْت إِن دَعَوْت قَوْمك أتحدثهم بِمَا حَدَّثتنِي قَالَ: نعم
قَالَ: هيا يَا معشر بني كَعْب بن لؤَي فانقضت إِلَيْهِ الْمجَالِس وجاؤوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهَا
قَالَ: حدث قَوْمك بِمَا حَدَّثتنِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أسرِي بِي اللَّيْلَة قَالُوا: إِلَى أَيْن قَالَ: إِلَى بَيت الْمُقَدّس قَالُوا إيليا قَالَ: نعم
قَالُوا: ثمَّ أَصبَحت بَين ظهرانينا قَالَ: نعم
قَالَ: فَمن بَين مُصَفِّق وَمن بَين وَاضع يَده على رَأسه معجبا قَالُوا: وتستطيع أَن تنْعَت الْمَسْجِد وَفِي الْقَوْم من قد سَافر إِلَيْهِ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَذَهَبت أَنعَت فَمَا زلت أَنعَت حَتَّى الْتبس عليّ بعض النَّعْت فجيء بِالْمَسْجِدِ وَأَنا أنظر إِلَيْهِ حَتَّى وضع دون دَار عقيل أَو عقال فنعته وَأَنا أنظر إِلَيْهِ فَقَامَ الْقَوْم أما النَّعْت فوَاللَّه لقد أصَاب
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت قُرَيْش لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أخْبرهُم بمسراه إِلَى بَيت الْمُقَدّس أخبرنَا مَاذَا ضل عَنَّا وائتنا بِآيَة مَا تَقول: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ضلت مِنْكُم نَاقَة وَرْقَاء عَلَيْهَا بر لكم فَلَمَّا قدمت عَلَيْهِم قَالُوا انعت لنا مَا كَانَ عَلَيْهَا وَنشر لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مَا عَلَيْهَا كُله ينظر إِلَيْهِ فَأخْبرهُم بِمَا كَانَ عَلَيْهَا وهم قيام ينظرُونَ فَزَادَهُم ذَلِك شكا وتكذيباً
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسريَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخْبر قومه بالرفقة والعلامة فِي العير قَالُوا: فَمَتَى تَجِيء قَالَ: يَوْم الْأَرْبَعَاء فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْيَوْم أشرفت قُرَيْش ينظرُونَ وَقد ولى النَّهَار وَلم تجئ فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزيد لَهُ فِي النَّهَار سَاعَة وحبست عَلَيْهِ الشَّمْس فَلم ترد الشَّمْس على أحد إِلَّا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى يُوشَع بن نون عَلَيْهِ السَّلَام حِين قَاتل الجبارين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير عَن عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسرِي بِالنَّبِيِّ أَتَى بِدَابَّة دون الْبَغْل وَفَوق الْحمار يضع حَافره عِنْد مُنْتَهى طرفه يُقَال لَهُ الْبراق
وَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعير للْمُشْرِكين فنفرت فَقَالُوا: يَا هَؤُلَاءِ مَا هَذَا فَقَالُوا مَا نرى شَيْئا مَا هَذِه الرَّائِحَة الأريح حَتَّى أَتَى بَيت الْمُقَدّس فَأتى بإناءين: فِي أَحدهمَا خمر وَفِي الآخر لبن فَأخذ اللَّبن فَقَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: هديت وهديت أمتك
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن الْوَاقِدِيّ عَن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سُبْرَة وَغَيره من رِجَاله قَالُوا: كَانَ رَسُول الله يسْأَل ربه أَن يرِيه الْجنَّة وَالنَّار فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة السبت لسبع عشرَة خلت من رَمَضَان قبل الْهِجْرَة بِثمَانِيَة عشر شهرا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَائِم فِي بَيته ظهرا أَتَاهُ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل فَقَالَا: انْطلق إِلَى مَا سَأَلت الله فَانْطَلقَا بِهِ إِلَى السَّمَوَات مَا بَين الْمقَام وزمزم فَأتي بالمعراج فَإِذا هُوَ أحسن شَيْء منْظرًا فعرج بِهِ إِلَى السَّمَوَات سَمَاء سَمَاء فلقي فِيهَا الْأَنْبِيَاء وانْتهى إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى وَرَأى الْجنَّة وَالنَّار
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَلما انْتَهَيْت إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة لم أسمع إِلَّا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ أسرِي بِهِ رِيحه ريح عروس وَأطيب من ريح عروس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جُبَير قَالَ: سَمِعت سُفْيَان الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ سُئِلَ عَن لَيْلَة أسرِي بِهِ فَقَالَ: أسرِي بِبدنِهِ
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دحْيَة الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ إِلَى قَيْصر وَكتب إلبه مَعَه فَلَقِيَهُ بحمص ودعا الترجمان فَإِذا فِي الْكتاب من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى قَيْصر صَاحب الرّوم فَغَضب أَخ لَهُ وَقَالَ: تنظر فِي كتاب رجل بَدَأَ بِنَفسِهِ قبلك وَسماك قَيْصر صَاحب الرّوم وَلم يذكر أَنَّك ملك قَالَ لَهُ قَيْصر: إِنَّك وَالله مَا علمت أَحمَق صَغِيرا مَجْنُونا كَبِيرا: تُرِيدُ أَن تحرق كتاب رجل قبل أَن أنظر فِيهِ فلعمري لَئِن كَانَ رَسُول الله كَمَا يَقُول: فنفسه أَحَق أَن يبْدَأ بهَا مني وَإِن كَانَ سماني صَاحب الرّوم فَلَقَد صدق مَا أَنا إِلَّا صَاحبهمْ وَمَا أملكهم وَلَكِن الله سخرهم لي وَلَو شَاءَ لسلطهم عَليّ
ثمَّ قَرَأَ قَيْصر الْكتاب فَقَالَ: يَا معشر الرّوم إِنِّي لأَظُن هَذَا الَّذِي بشر بِهِ عِيسَى ابْن مَرْيَم وَلَو أعلم أَنه هُوَ مشيت إِلَيْهِ حَتَّى أخدمه بنفسي لَا يسْقط وضوءه إِلَّا على يَدي
قَالُوا: مَا كَانَ الله ليجعل ذَلِك فِي الإِعراب الْأُمِّيين ويدعنا وَنحن أهل الْكتاب
قَالَ: فَأصل الْهدى بيني وَبَيْنكُم الإِنجيل نَدْعُو بِهِ فنفتحه فَإِن كَانَ هُوَ إِيَّاه اتبعناه وَإِلَّا أعدنا عَلَيْهِ خواتمه كَمَا كَانَت إِنَّمَا هِيَ خَوَاتِيم مَكَان خَوَاتِم
قَالَ: وعَلى الإِنجيل يَوْمئِذٍ اثْنَا عشر خَاتمًا من ذهب ختم عَلَيْهِ هِرقل فَكَانَ كل ملك يليله بعده ظَاهر عَلَيْهِ بِخَاتم آخلا حَتَّى ألْقى ملك قَيْصر وَعَلِيهِ إثنا عشر خَاتمًا يخبر أوّلهم لآخرهم أَنه لَا يحل لَهُم أَن يفتحوا الْإِنْجِيل فِي دينهم وَإِنَّهُم يَوْم يفتحونه يُغير دينهم وَيهْلك ملكهم فَدَعَا بالإنجيل ففض عَنهُ أحد عشر خَاتمًا حَتَّى بَقِي عَلَيْهِ خَاتم وَاحِد فَقَامَتْ الشمامسة والأساقفة والبطارقة فشقوا ثِيَابهمْ وصكوا وُجُوههم ونتفوا رؤوسهم قَالَ: مَا لكم قَالُوا: الْيَوْم يهْلك ملك بَيْتك وَتغَير دين قَوْمك
قَالَ: فَأصل الْهدى عِنْدِي
قَالُوا: لَا تعجل حَتَّى نسْأَل عَن هَذَا ونكاتبه وَنَنْظُر فِي أمره قَالَ: فَمن نسْأَل عَنهُ قَالُوا: قوما كثيرا بِالشَّام فَأرْسل
فَجمع لَهُ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه فَقَالَ: أَخْبرنِي يَا أَبَا سُفْيَان عَن هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم
فَلم يأل أَن يصغر أمره مَا اسْتَطَاعَ قَالَ: أَيهَا الْملك لَا يكبر عَلَيْك شَأْنه إِنَّا لنقول: هُوَ سَاحر ونقول: هُوَ شَاعِر ونقول: هُوَ كَاهِن
قَالَ قَيْصر: كَذَلِك وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ كَانَ يُقَال للأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام قبله
قَالَ: أَخْبرنِي عَن مَوْضِعه فِيكُم
قَالَ: هُوَ أوسطنا
قَالَ: كَذَلِك بعث الله كل نَبِي من أَوسط قومه
أَخْبرنِي عَن أَصْحَابه
قَالَ: غلماننا وأحداث أسنانهم والسفهاء أما رؤساؤنا فَلم يتبعهُ مِنْهُم أحد
قَالَ: أُولَئِكَ وَالله تبَاع الرُّسُل أما الْمَلأ والرؤوس فَأَخَذتهم الحمية
قَالَ: أَخْبرنِي عَن أَصْحَابه هَل يفارقونه بَعْدَمَا يدْخلُونَ فِي دينه قَالَ: مَا يُفَارِقهُ مِنْهُم أحد
قَالَ: فَلَا يزَال دَاخل مِنْكُم فِي دينه قَالَ: نعم
قَالَ: مَا تزيدونني عَلَيْهِ إِلَّا بَصِيرَة وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليوشكن أَن يغلب على مَا تَحت قدمي
يَا معشر الرّوم هلموا إِلَى أَن نجيب هَذَا الرجل إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ ونسأله الشَّام أَن لَا يطَأ علينا أبدا
فَإِنَّهُ لم يكْتب قطّ نَبِي من الْأَنْبِيَاء إِلَى ملك من الْمُلُوك يَدعُوهُ إِلَى الله فَيُجِيبهُ إِلَى مَا دَعَاهُ ثمَّ يسْأَله مَسْأَلَة إِلَّا أعطَاهُ مَسْأَلته مَا كَانَت فأطيعوني
قَالُوا: لَا نطاوعك فِي هَذَا أبدا
قَالَ أَبُو سُفْيَان: وَالله مَا يَمْنعنِي من أَقُول عَلَيْهِ قولا أسْقطه من عينه إِلَّا أَنِّي أكره أَن أكذب عِنْده كذبة يَأْخُذهَا عَليّ وَلَا يصدقني حَتَّى ذكرت قَوْله لَيْلَة أسرِي بِهِ
قلت: أَيهَا الْملك أَنا أخْبرك عَنهُ خَبرا تعرف أَنه قد كذب
قَالَ: وَمَا هُوَ قلت: إِنَّه يزْعم لنا أَنه خرج من أَرْضنَا أَرض الْحرم فِي لَيْلَة فجَاء مَسْجِدكُمْ هَذَا مَسْجِد إيليا وَرجع إِلَيْنَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَة قبل الصَّباح قَالَ: وبطريق إيليا عِنْد رَأس قَيْصر
قَالَ البطريق: قد علمت تِلْكَ اللَّيْلَة
فَنظر إِلَيْهِ قَيْصر فَقَالَ مَا علمك بِهَذَا قَالَ: إِنِّي كنت لَا أَبيت لَيْلَة حَتَّى أغلق أَبْوَاب الْمَسْجِد فَلَمَّا كَانَت تِلْكَ اللَّيْلَة أغلقت الْأَبْوَاب كلهَا غير بَاب وَاحِد غلبني فاستعنت عَلَيْهِ عمالي وَمن يحضرني كلهم فعالجته فَلم نستطع أَن نحركه كَأَنَّمَا نزاول بِهِ جبلا فدعوت الناجرة فنظروا إِلَيْهِ فَقَالُوا هَذَا بَاب سقط عَلَيْهِ [] التجاق والبنيان فَلَا نستطيع أَن نحركه حَتَّى نصبح فَنَنْظُر من ايْنَ أَتَى فَرَجَعت وَتركته مَفْتُوحًا فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت فَإِذا الْحجر الَّذِي من زَاوِيَة الْبَاب مثقوب وَإِذا فِيهِ أثر مربط الدَّابَّة فَقلت لِأَصْحَابِي مَا حبس هَذَا الْبَاب اللَّيْلَة إِلَّا على نَبِي فقد صلى اللَّيْلَة فِي مَسْجِدنَا
فَقَالَ قَيْصر: يَا معشر الرّوم أَلَيْسَ تعلمُونَ أَن
فَلَمَّا رأى نفورهم قَالَ: يَا معشر الرّوم دعَاكُمْ ملككم يختبركم كَيفَ صلابتكم فِي دينكُمْ فشتمتموه وسببتموه وَهُوَ بَين أظْهركُم فَخَروا لَهُ سجدا
وَأخرج الوَاسِطِيّ فِي فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ وقف الْبراق فِي الْموقف الَّذِي كَانَ يقف فِيهِ الْأَنْبِيَاء ثمَّ دخل من بَاب النَّبِي وَجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَمَامه فأضاء لَهُ ضوء كَمَا تضيء الشَّمْس ثمَّ تقدم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَمَامه حَتَّى كَانَ من شَامي الصَّخْرَة فَأذن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَنزلت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام من السَّمَاء وَحشر الله لَهُم الْمُرْسلين عَلَيْهِم السَّلَام فَأَقَامَ الصَّلَاة ثمَّ تقدم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَلَائِكَةِ وَالْمُرْسلِينَ ثمَّ تقدم قُدَّام ذَلِك إِلَى مَوضِع فَوضع لَهُ مرقاة من ذهب ومرقاة من فضَّة وَهُوَ الْمِعْرَاج حَتَّى عرج جِبْرِيل وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى السَّمَاء
وَأخرج الوَاسِطِيّ من طَرِيق أبي حُذَيْفَة مُؤذن بَيت الْمُقَدّس عَن جدته أَنَّهَا رَأَتْ صَفِيَّة زوج النَّبِي رَضِي الله عَنْهَا وكعبا رَضِي الله عَنهُ يَقُول: لَهَا يَا أم الْمُؤمنِينَ صلي هَهُنَا فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بالنبيين عَلَيْهِم السَّلَام حِين أسرِي بِهِ هَهُنَا وَأَوْمَأَ أَبُو حُذَيْفَة بِيَدِهِ على الْقبْلَة القصوى فِي دبر الصَّخْرَة
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن الْوَلِيد بن مُسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي بعض أشياخنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما ظهر على بَيت الْمُقَدّس لَيْلَة أسرِي بِهِ فَإِذا عَن يَمِين الْمَسْجِد وَعَن يسَاره نوران ساطعان فَقلت يَا جِبْرِيل مَا هَذَانِ النوران قَالَ: أما هَذَا الَّذِي عَن يَمِينك فَإِنَّهُ محراب أَخِيك دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَام - وَأما هَذَا الَّذِي عَن يسارك فعلى قبر أختك مَرْيَم
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَينا أَنا نَائِم فِي الْحجر جَاءَنِي جِبْرِيل فهمزني بِرجلِهِ فَجَلَست فَلم أر شَيْئا فعدت لمضجعي فَجَاءَنِي الثَّانِيَة فهمزني بقدمه فَجَلَست فَلم أر شَيْئا فعدت لمضجعي فَجَاءَنِي فهمزني بقدمه فَجَلَست فَأخذ بعضدي فَقُمْت مَعَه فَخرج إِلَى بَاب الْمَسْجِد فَإِذا دَابَّة أَبيض بَين الْحمار والبغل لَهُ فِي فَخذيهِ جناحتن يحفز بهما رجلَيْهِ يضع يَده فِي مُنْتَهى طرفه فَحَمَلَنِي ثمَّ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَأبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَعَن مرّة الْهَمدَانِي عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ﴾ الْآيَة
قَالَ: أَتَى جِبْرِيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَحَمله على الْبراق فَسَار بِهِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَمر بِأبي سُفْيَان فِي بعض الطَّرِيق وَهُوَ يحتلب نَاقَة فنفرت من حس الْبراق فأهرقت اللَّبن فسب أَبُو سُفْيَان من نفرها ونَدَّ جمل لَهُم أَوْرَق فَذهب إِلَى بعض الْمِيَاه فطلبوه فَأَخَذُوهُ وَمر بواد فَنفخ عَلَيْهِ من ريح الْمسك فَسَأَلَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مَا هَذَا الرّيح فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أهل بَيت من الْمُسلمين حرقوا بالنَّار فِي الله عز وَجل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن حِوَالَة الْأَزْدِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي عمودا أَبيض كَأَنَّهُ لؤلؤة تحمله الْمَلَائِكَة قلت: مَا تحملون قَالُوا: عَمُود الْإِسْلَام أمرنَا أَن نضعه بِالشَّام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ﴾ قَالَ: أسرِي بِهِ من شعب أبي طَالب
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا فقدت جَسَد رَسُول الله وَلَكِن الله أسرى بِرُوحِهِ
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان: أَنه كَانَ إِذا سُئِلَ عَن مسرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَت رُؤْيا من الله صَادِقَة
وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل بِالْبُرَاقِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: قد رَأَيْتهَا يَا رَسُول الله قَالَ: صفها لي قَالَ: بَدَنَة
قَالَ: صدقت قد رَأَيْتهَا يَا أَبَا بكر
وَأخرج الْخَطِيب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي إِلَى السَّمَاء قربني الله تَعَالَى حَتَّى كَانَ بيني وَبَينه كقاب قوسين أَو أدنى لَا بل أدنى وَعَلمنِي المسميات قَالَ: يَا مُحَمَّد قلت: لبيْك يَا رب قَالَ: هَل غمك أَن جعلتك آخر النَّبِيين قلت: يَا رب لَا
قَالَ: فَهَل غم أمتك أَن جعلتهم آخر الْأُمَم قلت: يَا رب لَا قَالَ: أبلغ أمتك مني السَّلَام - وَأخْبرهمْ أَنِّي جعلتهم آخر الْأُمَم لأفضح الْأُمَم عِنْدهم وَلَا أفضحهم عِنْد الْأُمَم
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَخْبرنِي ابْن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أسرِي بِهِ على الْبراق - وَهِي دَابَّة إِبْرَاهِيم الَّتِي كَانَ يزور عَلَيْهَا الْبَيْت الْحَرَام يَقع حافرها مَوضِع طرفها
قَالَ: فمرت بعير من عيرات قُرَيْش - بواد من تِلْكَ الأودية فنفر بعير عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ سَوْدَاء وزرقاء حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيليا فَأتي بقدحين قدح خمر وقدح لبن فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّبن
قَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: هديت إِلَى الْفطْرَة لَو أخذت قدح الْخمر غوت أمتك
قَالَ ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ: فَأَخْبرنِي ابْن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي هُنَاكَ إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فنعتهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أما مُوسَى فَضرب رجل الرَّأْس كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَأما عِيسَى فَرجل أَحْمَر كَأَنَّمَا خرج من ديماس فَأشبه من رَأَيْت بِهِ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَأما إِبْرَاهِيم فَأَنا أشبه وَلَده بِهِ
فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول الله حدث قُريْشًا أَنه أسرِي بِهِ فَارْتَد نَاس كثير بَعْدَمَا أَسْلمُوا
قَالَ أَبُو سَلمَة: فَأتى أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ - فَقيل لَهُ: هَل لَك فِي صَاحبك يزْعم أَنه أسرِي بِهِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ رَجَعَ فِي لَيْلَة وَاحِدَة
قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: أَو قَالَ ذَلِك قَالُوا: نعم
قَالَ: فَأشْهد إِن كَانَ قَالَ ذَلِك لقد صدق
قَالُوا: أفتشهد أَنه جَاءَ الشَّام فِي لَيْلَة وَاحِدَة قَالَ: إِنِّي أصدقه بأبعد من ذَلِك أصدقه بِخَبَر السَّمَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن جريج قَالَ نَافِع بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ وَغَيره: لما أصبح النَّبِي من اللَّيْلَة الَّتِي أسرِي بِهِ فِيهَا لم يرعه إِلَّا جِبْرِيل عَلَيْهِ الشَّمْس يتدلى حِين زاغت الشَّمْس وَلذَلِك سميت الأولى فَأمر بِلَالًا يَصِيح فِي النَّاس الصَّلَاة جَامِعَة فَاجْتمعُوا فصلى جِبْرِيل بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - للنَّاس طوّل الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين ثمَّ قصروا فِي الْبَاقِيَتَيْنِ ثمَّ سلم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النَّاس ثمَّ فِي الْعَصْر عمل مثل ذَلِك فَفَعَلُوا كَمَا فعلوا فِي الظّهْر ثمَّ نزل فِي أول اللَّيْل فصيح الصلاةُ جَامِعَة فصلى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - للنَّاس طوّل فِي
وَأخرج أَبُو بكر الوَاسِطِيّ فِي كتاب فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت الأَرْض مَاء فَبعث الله تَعَالَى ريحًا فمسحت المَاء مسحا فظهرت الأَرْض زبدة فَقَسمهَا أَربع قطع: خلق من قِطْعَة مَكَّة وَالثَّانيَِة مَكَّة وَالثَّالِثَة بَيت الْمُقَدّس وَالرَّابِعَة الْكُوفَة
وَقَالَ الوَاسِطِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَرَادَ أَن يعلم عدد بني إِسْرَائِيل كم هم فَبعث نقباء وعرفاء وَأمرهمْ أَن يرفعوا إِلَيْهِ مَا بلغ عَددهمْ فعتب الله عَلَيْهِ لذَلِك وَقَالَ: قد علمت أَنِّي وعدت إِبْرَاهِيم أَن أبارك فِيهِ وَفِي ذُريَّته حَتَّى أجعلهم كعدد الذَّر وأجعلهم لَا يُحْصى عَددهمْ وَأَرَدْت أَن تعلم عَددهمْ إِنَّه لَا يُحْصى عَددهمْ فَاخْتَارُوا إثنين أَن أبتليكم بِالْجُوعِ ثَلَاث سِنِين أَو أسلط عَلَيْكُم الْعَدو ثَلَاثَة أشهر أَو الْمَوْت ثَلَاثَة أَيَّام فَأَشَارَ بذلك دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام على بني إِسْرَائِيل فَقَالُوا مَا لنا بِالْجُوعِ ثَلَاث سِنِين صَبر وَلَا بالعدوّ ثَلَاثَة أشهر صَبر فَلَيْسَ لَهُم تقية فَإِن كَانَ لَا بُد فالموت بِيَدِهِ لَا بِيَدِهِ غَيره
فَمَاتَ مِنْهُم فِي سَاعَة أُلُوف كَثِيرَة مَا يدْرِي عَددهمْ فَلَمَّا رأى ذَلِك دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام شقّ عَلَيْهِ مَا بلغه من كَثْرَة الْمَوْت فَسَأَلَ الله ودعا فَقَالَ: يَا رب أَنا آكل الحامض وَبَنُو إِسْرَائِيل تدرس أَنا طلبت ذَلِك وَأمرت بِهِ بني إِسْرَائِيل فَمَا كَانَ من شَيْء فَبِي وارفع عَن بني إِسْرَائِيل
فَاسْتَجَاب لَهُ وَرفع عَنْهُم الْمَوْت فَرَأى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام سالين سيوفهم يغمدونها يرفعون فِي سلم من ذهب من الصَّخْرَة فَقَالَ دَاوُد: هَذَا مَكَان يَنْبَغِي أَن يبْنى فِيهِ لله مَسْجِد أَو تكرمة وَأَرَادَ أَن يَأْخُذ فِي بُنْيَانه فَأوحى الله إِلَيْهِ: هَذَا بَيت الْمُقَدّس وَإنَّك بسطت يدك
فَلَمَّا ملك سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بناه وشرفه فَلَمَّا أَرَادَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أَن يبنيه قَالَ للشياطين: إِن الله عز وَجل أَمرنِي أَن أبني بَيْتا لَهُ لَا يقطع فِيهِ حجر بحديدة
فَقَالَت الشَّيَاطِين: لَا يقدر على هَذَا إِلَّا شَيْطَان فِي الْبَحْر لَهُ مشربَة يردهَا فَانْطَلقُوا إِلَى مشْربَته فأخرجوا ماءها وَجعلُوا مَكَانَهُ خمرًا فجَاء يشرب فَوجدَ ريحًا فَقَالَ شَيْئا وَلم يشرب فَلَمَّا اشْتَدَّ ظمؤه جَاءَ فَشرب فَأخذ فَبَيْنَمَا هم فِي الطَّرِيق إِذا هم بِرَجُل يَبِيع الثوم بالبصل فَضَحِك ثمَّ مر بِامْرَأَة تكهن لقوم فَضَحِك فَلَمَّا انْتهى إِلَى سُلَيْمَان أخبر بضحكه فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَرَرْت بِرَجُل يَبِيع الدَّوَاء بالداء ومررت بِامْرَأَة تكهن وتحتها كنز لَا تعلم بِهِ
فَذكر لَهُ شَأْن الْبناء فَأمر أَن يُؤْتى بِقدر من نُحَاس لَا تقلها الْبَقر
فجعلوها على فروخ النسْر فَفَعَلُوا ذَلِك فَأقبل إِلَيْهِ فَلم يصل إِلَى فروخه فعلا فِي جوّ السَّمَاء ثمَّ تدلى فَأقبل بِعُود فِي منقاره فَوَضعه على الْقدر فانفلقت فعمدوا إِلَى ذَلِك الْعود فَأَخَذُوهُ فَعَلمُوا [فعملوا] بِهِ الْحِجَارَة
وَأخرج ابْن سعد عَن سَالم أبي النَّضر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كثر الْمُسلمُونَ فِي عهد عمر رَضِي الله عَنهُ ضَاقَ بهم الْمَسْجِد فَاشْترى عمر رَضِي الله عَنهُ مَا حول الْمَسْجِد من الدّور إِلَّا دَار الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَحجر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ للْعَبَّاس: يَا أَبَا الْفضل إِن مَسْجِد الْمُسلمين فِي مَسْجِدهمْ قد ضَاقَ بهم وَقد ابتعت مَا حوله من الْمنَازل نوسع بِهِ على الْمُسلمين فِي مَسْجِدهمْ إِلَّا دَارك وَحجر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ
قَالَ عمر: فَأَما حجر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَلَا سَبِيل إِلَيْهَا وَأما دَارك فبعينها بِمَا شِئْت من بَيت مَال الْمُسلمين أوسع بهَا فِي مَسْجِدهمْ
فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: مَا كنت لأَفْعَل
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: اختر مني أحدى ثَلَاث: إِمَّا أَن تبيعنيها بِمَا شِئْت من بَيت مَال الْمُسلمين وَإِمَّا أَن أحطك حَيْثُ شِئْت من الْمَدِينَة وأبنيها لَك من بَيت مَال الْمُسلمين وَإِمَّا أَن تصدق بهَا على الْمُسلمين فيوسع بهَا فِي مَسْجِدهمْ
فَقَالَ: لَا وَلَا وَاحِدَة مِنْهَا
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: اجْعَل بيني وَبَيْنك من شِئْت
فَقَالَ أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فَانْطَلقَا إِلَى أبي فقصا عَلَيْهِ الْقِصَّة
فَقَالَ أبي رَضِي الله عَنهُ: إِن شئتما حدثتكما بِحَدِيث سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَا: حَدثنَا
فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله أوحى إِلَى دَاوُد ابْن لي بَيْتا أُذْكَرُ فِيهِ فَخط لَهُ هَذِه
قَالَ: فَأخذ عمر رَضِي الله عَنهُ بِمَجَامِع ثِيَاب أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ: جئْتُك بِشَيْء فَجئْت بِمَا هُوَ أَشد مِنْهُ لتخرجنّ مِمَّا قلت فجَاء يَقُودهُ حَتَّى أدخلهُ الْمَسْجِد فأوقفه على حَلقَة من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فيهم أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ
فَقَالَ أبي رَضِي الله عَنهُ: إِنِّي نشدت الله رجلا سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكر حَدِيث بَيت الْمُقَدّس حَيْثُ أَمر الله تَعَالَى دَاوُد أَن يبنيه إِلَّا ذكره
فَقَالَ أَبُو ذَر: أَنا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ آخر: أَنا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَأرْسل أَبَيَا
فَأقبل أبي على عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا عمر أتتهمني على حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر: يَا أَبَا الْمُنْذر لَا وَالله مَا اتهمتك عَلَيْهِ وَلَكِنِّي كرهت أَن يكون الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظَاهرا
قَالَ: وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ للْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: اذْهَبْ فَلَا أعرض لَك فِي ذَلِك
فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: أما إِذْ فعلت هَذَا فَإِنِّي تَصَدَّقت بهَا على الْمُسلمين أوسع بهَا عَلَيْهِم فِي مَسْجِدهمْ فَأَما وَأَنت تخاصمني فَلَا
فَخط لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ دَاره الَّتِي هِيَ لَهُ الْيَوْم وبناها من بَيت مَال الْمُسلمين
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت للْعَبَّاس دَار بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: هبها لي أَو بِعَينهَا حَتَّى أدخلها فِي الْمَسْجِد فَأبى
قَالَ: اجْعَل بيني وَبَيْنك رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلَا أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ بَينهمَا فَقضى أبي على عمر
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: مَا من أَصْحَاب رَسُول الله أحد أجرأ عَليّ من أبي
قَالَ: إِذْ أنصح لَك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما علمت قصَّة الْمَرْأَة أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لما بنى بَيت الْمُقَدّس ادخل فِيهِ بَيت امْرَأَة بِغَيْر إِذْنهَا فَلَمَّا بلغ حجر لرجال منع بناءه فَقَالَ: أَي رب إِذْ منعتني فَفِي عَقبي من بعدِي
فَلَمَّا كَانَ بعد قَالَ لَهُ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: أَلَيْسَ قد قضيت لي قَالَ: بلَى
قَالَ: فَهِيَ لَك قد جَعلتهَا لله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لآخذنها
قَالَ: فَاجْعَلْ بيني وَبَيْنك أبي بن كَعْب
قَالَ: نعم فَأتيَا أَبَيَا فذكرا لَهُ فَقَالَ أبي رَضِي الله عَنهُ: أوحى الله إِلَى سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَن يَبْنِي بَيت الْمُقَدّس وَكَانَت أَرض لرجل فَاشْترى مِنْهُ الأَرْض فَلَمَّا أعطَاهُ الثّمن قَالَ: الَّذِي أَعْطَيْتنِي خير أم الَّذِي أخذت مني قَالَ: بل الَّذِي أخذت مِنْك
قَالَ: فَإِنِّي لَا أُجِيز ثمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِشَيْء أَكثر من ذَلِك فَصنعَ الرجل مثل ذَلِك مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَاشْترط عَلَيْهِ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: أَنِّي أبتاعها مِنْك على حكمك وَلَا تَسْأَلنِي أَيهمَا خير
قَالَ: نعم
فاشتراها مِنْهُ بحكمة فاحتكم إثني عشر ألف قِنْطَار ذَهَبا فتعاظم ذَلِك سُلَيْمَان أَن يُعْطِيهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ إِن كنت تعطيه من شَيْء هُوَ لَك فَأَنت أعلم وَإِن كنت تعطيه من رزقنا فأعطه حَتَّى يرضى
قَالَ: فَفعل
قَالَ: وَإِنِّي أرى أَن عباسا رَضِي الله عَنهُ أَحَق بداره حَتَّى يرضى
قَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: فَإذْ قضيت فَإِنِّي أجعلها صَدَقَة على الْمُسلمين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ للْعَبَّاس بن عبد الْمطلب دَار إِلَى جنب مَسْجِد الْمَدِينَة فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ بِعَينهَا
وَأَرَادَ عمر أَن يدخلهَا فِي الْمَسْجِد فَأبى الْعَبَّاس أَن يَبِيعهَا إِيَّاه
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: فهبها لي فَأبى
فَقَالَ عمر: فوسعها أَنْت فِي الْمَسْجِد
فَأبى فَقَالَ عمر: لَا بُد لَك من إِحْدَاهُنَّ فَأبى عَلَيْهِ
قَالَ: فَخذ بيني وَبَيْنك رجلا
فأخذا أبي بن كَعْب فاختصما إِلَيْهِ فَقَالَ أبي لعمر: مَا أرى أَن تخرجه من دَاره حَتَّى ترضيه: فَقَالَ لَهُ عمر: أَرَأَيْت قضاءك هَذَا فِي كتاب الله أم سنة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أبي: بل سنة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ عمر: وَمَا ذَاك قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله يَقُول: إِن سُلَيْمَان بن دَاوُد لما بنى بَيت الْمُقَدّس جعل كلما بنى حَائِطا أصبح منهدماً فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن لَا تبن فِي حق رجل حَتَّى ترضيه فَتَركه عمر رَضِي الله عَنهُ فوسعها الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ بعد ذَلِك فِي الْمَسْجِد
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَمر الله تَعَالَى دَاوُد أَن يَبْنِي بَيت الْمُقَدّس قَالَ: يَا رب وَأَيْنَ أبنيه قَالَ: حَيْثُ ترى الْملك شاهراً
فَأخذ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَأَسَّسَ قَوَاعِده وَرفع حَائِطه فَلَمَّا ارْتَفع انْهَدم
فَقَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب أَمرتنِي أَن أبني لَك بَيْتا فَلَمَّا ارْتَفع هدمته فَقَالَ: يَا دَاوُد إِنَّمَا جعلت خليفتني فِي خلقي لم أَخَذته من صَاحبه بِغَيْر ثمن إِنَّه يبنيه رجل من ولدك فَلَمَّا كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام ساوم صَاحب الأَرْض بهَا
فَقَالَ لَهُ: هِيَ بقنطار فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: قد استوجبتها فَقَالَ لَهُ صَاحب الأَرْض: هِيَ خير أم ذَاك قَالَ: لَا بل هِيَ خير قَالَ: فَإِنَّهُ قد بدا لي
قَالَ: أَو لَيْسَ قد أوجبتها
قَالَ: لَا وَلَكِن البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا
قَالَ ابْن الْمُبَارك رَضِي الله عَنهُ: هَذَا أصل الْخِيَار
فَلم يزل يزايده وَيَقُول مثل قَوْله الأول حَتَّى استوجبتها مِنْهُ بِتِسْعَة قناطير فبناه سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى فرغ مِنْهُ وتغلقت أَبْوَابهَا فعالجها سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أَن يفتحها فَلم تنفتح حَتَّى قَالَ فِي دُعَائِهِ: بصلوات أبي دَاوُد إِلَّا تفتحت الْأَبْوَاب فتفتحت الْأَبْوَاب
قَالَ: ففرغ لَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: عشرَة آلَاف من قراء بني إِسْرَائِيل خَمْسَة آلَاف بِاللَّيْلِ وَخَمْسَة آلَاف بِالنَّهَارِ وَلَا تَأتي سَاعَة من ليل وَلَا نَهَار إِلَّا الله عز وَجل يعبد فِيهِ
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ: أوحى الله تبَارك وَتَعَالَى إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: إِنَّك لم تتمّ بِنَاء بَيت الْمُقَدّس
قَالَ أَي رب وَلم قَالَ: لِأَنَّك غمرت يدك فِي الدَّم
قَالَ: أَي رب وَلم يكن ذَلِك فِي طَاعَتك قَالَ: بلَى وَإِن كَانَ
وَأخرج ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والواسطي عَن رَافع بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ الله لداود عَلَيْهِ السَّلَام: ابْن لي بَيْتا فِي الأَرْض فَبنى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بَيْتا لنَفسِهِ قبل الْبَيْت الَّذِي أَمر بِهِ
فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا دَاوُد قضيت بَيْتك قبل بَيْتِي قَالَ: يَا رب هَكَذَا قلت: من ملك اسْتَأْثر ثمَّ أَخذ فِي بِنَاء الْمَسْجِد فَلَمَّا تمّ السُّور سقط ثلث فَشَكا ذَلِك إِلَى الله
فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنَّك لَا تصلح أَن تبني لي بَيْتا قَالَ: وَلم يَا رب قَالَ: لما جرى على يَديك من الدِّمَاء قَالَ: يَا رب أَو لم يكن ذَلِك فِي هَوَاك ومحبتك قَالَ: بلَى وَلَكنهُمْ عبَادي وَأَنا أرحمهم فشق ذَلِك عَلَيْهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ لَا تحزن فَإِنِّي سأقضي بناءه على يَدي ابْنك سُلَيْمَان فَلَمَّا مَاتَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَخذ سُلَيْمَان فِي بنائِهِ فَلَمَّا تمّ قرب القرابين وَذبح الذَّبَائِح وَجمع بني إِسْرَائِيل
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: - أما الاثنتان فقد أعطيهما وَأَنا أَرْجُو أَن يكون قد أعطي الثَّالِثَة
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن كَعْب قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: ابْن لي بَيت الْمُقَدّس: فعارضه بِبِنَاء لَهُ
فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا دَاوُد أَمرتك أَن تبني بَيْتا لي فعارضته بِبِنَاء لَك لَيْسَ لَك أَن تبنيه قَالَ: يَا رب فَفِي عَقبي
قَالَ: فِي عقبك
فَلَمَّا ولي سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أوحى الله إِلَيْهِ أَن ابْن بَيت الْمُقَدّس فبناه فَلَمَّا خر سَاجِدا شاكرا لَهُ تَعَالَى
قَالَ: يَا رب من دخله من خَائِف فَأَمنهُ أَو من دَاع فاستجب لَهُ أَو مُسْتَغْفِر فَاغْفِر لَهُ فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنِّي قد خصصت لآل دَاوُد الدُّعَاء قَالَ: فذبح أَرْبَعَة آلَاف بقرة وَسَبْعَة آلَاف شَاة وصنع طَعَاما ودعا بني إِسْرَائِيل
وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لما بنى بَيت الْمُقَدّس سَأَلَ ربه ثَلَاثًا فَأعْطَاهُ اثْنَتَيْنِ وَأَنا أَرْجُو أَن يكون أعطَاهُ الثَّالِثَة
سَأَلَهُ حكما يُصَادف حكمه فَأعْطَاهُ إِيَّاه وَسَأَلَهُ ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده فَأعْطَاهُ إِيَّاه وَسَأَلَهُ أَيّمَا رجل خرج من بَيته لَا يُرِيد إِلَّا الصَّلَاة فِي هَذَا الْمَسْجِد يَعْنِي بَيت الْمُقَدّس خرج من خطيئته كَيَوْم وَلدته أمه قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَنحن نرجو أَن يكون الله أعطَاهُ ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة والواسطي عَن عبد الله بن عمر قَالَ: إِن الْحرم لَحَرَم فِي السَّمَوَات السَّبع بمقداره من الأَرْض
وَإِن بَيت الْمُقَدّس لمقدس فِي السَّمَوَات السَّبع بمقداره من الأَرْض
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: الْمَسْجِد الْحَرَام ومسجدي هَذَا وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي سعيد
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما فرغ سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام من بِنَاء بَيت الْمُقَدّس أنبت الله لَهُ شجرتين عِنْد بَاب الرَّحْمَة: إِحْدَاهمَا تنْبت الذَّهَب وَالْأُخْرَى تنْبت الْفضة
فَكَانَ فِي كل يَوْم ينتزع من كل وَاحِدَة مِائَتي رَطْل من ذهب وَفِضة ففرش الْمَسْجِد بلاطة ذَهَبا وبلاطة فضَّة فَلَمَّا جَاءَ بخْتنصر خربه وَاحْتمل مِنْهُ ثَمَانِينَ عجلة ذَهَبا وَفِضة فطرحه برومية
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن عَمْرو الشَّيْبَانِيّ قَالَ: لما بنى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس نهى أَن يدْخل الرخام بَيت الْمُقَدّس لِأَنَّهُ الْحجر الملعون فَخر على الْحِجَارَة فلعن
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تَذَاكرنَا وَنحن عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيهمَا أفضل مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من أَربع صلوَات فِيهِ ولنعم الْمصلى وليوشكن أَن يكون للرجل مثل بسط فرشه من الأَرْض حَيْثُ يرى مِنْهُ بَيت الْمُقَدّس خير لَهُ من الدُّنْيَا جَمِيعًا أَو قَالَ خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله عزَّ وجلَّ ينظر إِلَى بَيت الْمُقَدّس كل يَوْم مرَّتَيْنِ
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ وَهُوَ بِبَيْت الْمُقَدّس: يَا نَافِع أخرج بِنَا من هَذَا الْبَيْت فَإِن السَّيِّئَات تضَاعف فِيهِ كَمَا تضَاعف الْحَسَنَات
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ: أَن مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهَا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بَيت الْمُقَدّس قَالَ: نعم الْمسكن بَيت الْمُقَدّس وَمن صلى فِيهِ صَلَاة بِأَلف صَلَاة فِيمَا سواهُ قَالَت: فَمن لم يطق ذَلِك قَالَ فليهد إِلَيْهِ زيتاً
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من صلى فِي بَيت الْمُقَدّس ظهرا وعصراً ومغرباً وعشاءً وصبحاً ثمَّ صلى الْغَدَاة خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن كَعْب فِي بَيت الْمُقَدّس: الْيَوْم فِيهِ كألف يَوْم والشهر فِيهِ كألف شهر وَالسّنة فِيهِ كألف سنة وَمن مَاتَ فِيهِ فَكَأَنَّمَا مَاتَ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا
وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن الشَّيْبَانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ يعد من الْخُلَفَاء إِلَّا من ملك المسجدين الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد بَيت الْمُقَدّس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿الَّذِي باركنا حوله﴾ قَالَ: أنبتنا حوله الشّجر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وآتينا مُوسَى الْكتاب وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل﴾ قَالَ جعله الله لَهُم هدى يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور وَجعله رَحْمَة لَهُم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أَلا تَتَّخِذُوا من دوني وَكيلا﴾ قَالَ: شَرِيكا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ذُرِّيَّة من حملنَا مَعَ نوح﴾ قَالَ: هُوَ على النداء يَا ذُرِّيَّة من حملنَا مَعَ نوح
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذُرِّيَّة من حملنَا مَعَ نوح مَا كَانَ مَعَ نوح إِلَّا أَرْبَعَة أَوْلَاد: حام وسام وَيَافث وكوش فَذَاك أَرْبَعَة أَوْلَاد انتسلوا هَذَا الْخلق
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي فَاطِمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام لَا يحمل شَيْئا صَغِيرا وَلَا كَبِيرا إِلَّا قَالَ: بِسم الله وَالْحَمْد لله فَسَماهُ الله عبدا شكُورًا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ نوح عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا سمي نوح عَلَيْهِ السَّلَام عبدا شكُورًا لِأَنَّهُ كَانَ إِذا أكل أَو شرب أَو لبس ثوبا حمد الله
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن نوحًا لم يقم عَن خلاء قطّ إِلَّا قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أذاقني لذته وَأبقى فيّ منفعَته وَأخرج عني أَذَاهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن العوّام قَالَ: حدثت أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَقُول: الْحَمد لله الَّذِي أذاقني لذته وَأبقى فِي منفعَته وأذهب عني أَذَاهُ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أصبغ بن زيد: إِن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا خرج من الكنيف قَالَ ذَلِك فَسُمي ﴿عبدا شكُورًا﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ: إِن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا خرج من الْغَائِط قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أذهب عني الْأَذَى وعافاني
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: شكره أَن يُسَمِّي إِذا أكل ويحمد الله إِذا فرغ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِنَّه كَانَ عبدا شكُورًا﴾ قَالَ: لم يَأْكُل شَيْئا قطّ إِلَّا أَحْمد الله وَلم يشرب شرابًا قطّ إِلَّا حمد الله عَلَيْهِ فَأثْنى عَلَيْهِ ﴿إِنَّه كَانَ عبدا شكُورًا﴾
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي اله عَنهُ قَالَ: كَانَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أكل قَالَ: الْحَمد لله وَإِذا شرب قَالَ: الْحَمد لله وَإِذا لبس قَالَ: الْحَمد لله وَإِذا ركب قَالَ: الْحَمد لله فَسَماهُ الله ﴿عبدا شكُورًا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا سمى الله نوحًا ﴿عبدا شكُورًا﴾ لِأَنَّهُ كَانَ إِذا أَمْسَى وَأصْبح قَالَ:
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: حق الطَّعَام أَن يَقُول العَبْد: بِسم الله اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيمَا رزقتنا وشكره أَن يَقُول: الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا وَسَقَانَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن تَمِيم بن سَلمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حدثت أَن الرجل إِذا ذكر اسْم الله على طَعَامه وَحمد الله على آخِره لم يسْأَل عَن نعيم لَذَّة الطَّعَام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء عَن حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب أَنه لبس ثوبا جَدِيدا فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي كساني مَا أواري بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي حَياتِي
ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من لبس ثوبا جَدِيدا فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي كساني مَا أواري بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي حَياتِي ثمَّ عمد إِلَى الثَّوْب الَّذِي خلق فَتصدق بِهِ كَانَ فِي كنف الله وَفِي حفظ الله وَفِي ستر الله حَيا وَمَيتًا قَالَهَا ثَلَاثًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا لبس أحدكُم ثوبا جَدِيدا فَلْيقل الْحَمد لله الَّذِي كساني مَا أواري بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي النَّاس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عون بن عبد الله قَالَ: لبس رجلا ثوبا جَدِيدا فَحَمدَ الله فَأدْخل الْجنَّة أَو غفر لَهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل﴾ قَالَ: أعلمناهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل﴾ قَالَ: أخبرناهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل﴾ قَالَ: قضينا عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ﴾ قَالَ: هَذَا تَفْسِير الَّذِي قبله
قَالَ: أوفي الْقَوْم أحد مِنْهُم قلت: لَو كَانَ مَا كنت تصنع بِهِ قَالَ: لَو كَانَ فيهم أحد مِنْهُم لأخذت بِرَأْسِهِ
ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ ﴿وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ ولتعلن علوا كَبِيرا﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله عهد إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي التَّوْرَاة ﴿لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ﴾
فَكَانَ أوّل الْفساد: قتل زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام فَبعث الله عَلَيْهِم ملك النبط فَبعث الْجنُود وَكَانَت أساورته ألف فَارس فهم أولو بَأْس فتحصنت بَنو إِسْرَائِيل وَخرج فيهم بخْتنصر يَتِيما مِسْكينا إِنَّمَا خرج يستطعم وتلطف حَتَّى دخل الْمَدِينَة فَأتى مجَالِسهمْ وهم يَقُولُونَ: لَو يعلم عدوّنا مَا قذف فِي قُلُوبنَا من الرعب بذنوبنا مَا أَرَادوا قتالنا فَخرج بخْتنصر حِين سمع ذَلِك مِنْهُم وَأَشد الْقيام على الْجَيْش فَرَجَعُوا وَذَلِكَ قَول الله: ﴿فَإِذا جَاءَ وعد أولاهما بعثنَا عَلَيْكُم عباداً لنا أولي بَأْس شَدِيد﴾ الْآيَة
ثمَّ أَن بني إِسْرَائِيل تجهزوا فغزوا النبط فَأَصَابُوا مِنْهُم فاستنقذوا مَا فِي أَيْديهم فَذَلِك قَوْله: ﴿ثمَّ رددنا لكم الكرة عَلَيْهِم﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ﴾ قَالَ: الأولى قتل زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْأُخْرَى قتل يحيى عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ﴾ قَالَ: أفسدوا فِي الْمرة الأولى فَبعث الله عَلَيْهِم جالوت فَقَتلهُمْ وأفسدوا الْمرة الثَّانِيَة فَقتلُوا يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَام فَبعث الله عَلَيْهِم بخْتنصر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بعث الله عَلَيْهِم فِي الأولى جالوت فجاس خلال دِيَارهمْ وَضرب عَلَيْهِم الْخراج والذل فسألوا الله أَن يبْعَث إِلَيْهِم ملكا يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله فَبعث الله طالوت فَقتل جالوت فنصر بَنو إِسْرَائِيل وَقتل جالوت بيَدي دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَرجع إِلَى بني
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي هَاشم الْعَبْدي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ملك مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب أَرْبَعَة: مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ أما الكافران فالفرخان [و] بخْتنصر
فَأَنْشَأَ أَبُو هَاشم يحدث قَالَ: كَانَ رجل من أهل الشَّام صَالحا فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب﴾ إِلَى قَوْله: ﴿علوا كَبِيرا﴾
قَالَ: يَا رب أما الأولى فقد فاتتني فأرني الْآخِرَة
فَأتى وَهُوَ قَاعد فِي مُصَلَّاهُ قد خَفق بِرَأْسِهِ فَقيل: الَّذِي سَأَلت عَنهُ بِبَابِل واسْمه بخْتنصر
فَعرف الرجل أَنه قد اسْتُجِيبَ لَهُ فَاحْتمل جراباً من دَنَانِير فَأقبل حَتَّى انْتهى إِلَى بابل فَدخل على الفرخان فَقَالَ: إِنِّي قد جِئْت بِمَال فأقسمه بَين الْمَسَاكِين
فَأمر بِهِ فَأنْزل فجمعوهم لَهُ ثمَّ جعل يعطيهم ويسألهم عَن أسمائهم حَتَّى إِذا فرغ مِمَّن بِحَضْرَتِهِ قيل لَهُ: فَإِنَّهُ قد بقيت مِنْهُم بقايا فِي الرساتيق فَجعل يبْعَث فتاه حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل رَجَعَ إِلَيْهِ فاقرأه رجلا رجلا فَأتى على ذكر بخْتنصر فَقَالَ: قف
كَيفَ قلت قَالَ: بخْتنصر
قَالَ: وَمَا بخْتنصر هَذَا قَالَ: هُوَ أَشَّدهم فاقة وَهُوَ مقْعد يَأْتِي عَلَيْهِ السفارون فيلقي أحدهم إِلَيْهِ الكسرة وَيَأْخُذ بِأَنْفِهِ
قَالَ: فَإِنِّي مُسلم بِهِ [] لَا بُد
قَالَ الآخر: فَإِنَّمَا هُوَ فِي خيمة لَهُ يحدث فِيهَا حَتَّى أذهب فأقلبها وأغسله
قَالَ: دُونك هَذِه الدَّنَانِير
فَأقبل إِلَيْهِ بِالدَّنَانِيرِ فَأعْطَاهُ إِيَّاهَا
ثمَّ رَجَعَ إِلَى صَاحبه فجَاء مَعَه فَدخل الْخَيْمَة فَقَالَ: مَا اسْمك قَالَ: بخْتنصر
قَالَ: من سماك بخْتنصر قَالَ: من عَسى أَن يسميني إِلَّا أُمِّي قَالَ: فَهَل لَك أحد قَالَ: لَا وَالله إِنِّي لههنا أَخَاف بِاللَّيْلِ أَن تأكلني الذئاب
قَالَ: فَأَي النَّاس أَشد بلَاء قَالَ: أَنا
قَالَ: أَفَرَأَيْت إِن ملكت يَوْمًا من دهر أَتجْعَلُ لي أَن لَا تعصيني قَالَ أَي سَيِّدي لَا يَضرك أَن لَا تهزأ بِي
قَالَ: أَرَأَيْت إِن ملكت مرّة أَتجْعَلُ لي أَن لَا تعصيني قَالَ: أما هَذِه فَلَا أجعلها لَك وَلَكِن سَوف أكرمك كَرَامَة لَا أكرمها أحدا
قَالَ دُونك هَذِه الدَّنَانِير ثمَّ انْطلق فلحق بأرضه فَقَامَ الآخر فَاسْتَوَى على رجلَيْهِ ثمَّ انْطلق فَاشْترى حمارا وأرساناً ثمَّ جعل يستعرض تِلْكَ الْأَعَاجِم فيجزها فيبيعه ثمَّ قَالَ: إِلَى مَتى هَذَا الشَّقَاء فَعمد فَبَاعَ ذَلِك الْحمار وَتلك الأرسان
قَالَ: إِن بَيت الْمُقَدّس وَتلك الْبِلَاد قد استعصوا علينا وانا باعثون عَلَيْهِم بعثاً وَإِنِّي باعث إِلَى الْبِلَاد من يختبرها فَنظر حِينَئِذٍ إِلَى رجال من أهل الأرب والمكيدة فبعثهم جواسيس فَلَمَّا فصلوا إِذا بخْتنصر قد أَتَى بخرجيه على بغلة قَالَ: أَيْن تُرِيدُ قَالَ: مَعَهم قَالَ: أَفلا آذنتني فابعثك عَلَيْهِم قَالَ: لَا حَتَّى إِذا وَقَعُوا بِالْأَرْضِ قَالَ: تفَرقُوا
وَسَأَلَ بخْتنصر عَن أفضل أهل الْبَلَد فَدلَّ عَلَيْهِ فَألْقى خرجيه فِي دَاره
قَالَ لصَاحب الْمنزل: أَلا تُخبرنِي عَن أهل بلادك قَالَ: على الْخَبِير سَقَطت هم قوم فيهم كتاب فَلَا يقيمونه وأنبياء فَلَا يطيعونهم وهم متفرقون
قَالَ بخْتنصر كالمتعجب مِنْهُ: كتاب لَا يقيمونه وأنبياء لَا يطيعونهم وهم متفرقون فكتبهن فِي ورقة وَألقى فِي خرجيه وَقَالَ: ارتحلوا
فاقبلوا حَتَّى قدمُوا على الفرخان فَجعل يسْأَل كل رجل مِنْهُم فَجعل الرجل يَقُول: أَتَيْنَا بِلَاد كَذَا وَلها حصن كَذَا وَلها نهر كَذَا قَالَ: يَا بخْتنصر مَا تَقول قَالَ: قدمنَا أَرضًا على قوم لَهُم كتاب لَا يقيمونه وأنبياء لَا يطيعونهم وهم متفرقون
فَأمر حِينَئِذٍ فندب النَّاس وَبعث إِلَيْهِم سبعين ألفا وَأمر عَلَيْهِم بخْتنصر فَسَارُوا حَتَّى إِذا علوا فِي الأَرْض أدركهم الْبَرِيد إِن الفرخان قد مَاتَ وَلم يسْتَخْلف أحدا
قَالَ للنَّاس: مَكَانكُمْ
ثمَّ أقبل على الْبَرِيد حَتَّى قدم على النَّاس وَقَالَ: كَيفَ صَنَعْتُم قَالُوا: كرهنا أَن نقطع أمرا دُونك
قَالَ: إِن النَّاس قد بايعوني
فَبَايعُوهُ ثمَّ اسْتخْلف عَلَيْهِم وَكتب بَينهم كتابا ثمَّ انْطلق بهم سَرِيعا حَتَّى قدم على أَصْحَابه فَأَرَاهُم الْكتاب فَبَايعُوهُ وَقَالُوا: مَا بِنَا رَغْبَة عَنْك
فَسَارُوا فَلَمَّا سمع أهل بَيت الْمُقَدّس تفَرقُوا وطاروا تَحت كل كَوْكَب فشعث مَا هُنَاكَ أَي أفسد وَقتل من قتل وَخرب بَيت الْمُقَدّس واستبى أَبنَاء الْأَنْبِيَاء فيهم دانيال
فَسمع بِهِ صَاحب الدَّنَانِير فَأَتَاهُ فَقَالَ: هَل تعرفنِي قَالَ: نعم
فأدنى مَجْلِسه وَلم يشفعه فِي شَيْء حَتَّى إِذا نزل بابل لَا ترد لَهُ راية
فَكَانَ كَذَلِك مَا شَاءَ الله ثمَّ إِنَّه رأى رُؤْيا فأفظعته فَأصْبح قد نَسِيَهَا
قَالَ: عليّ بالسحرة والكهنة
قَالَ: أخبروني عَن رُؤْيا رَأَيْتهَا اللَّيْلَة وَالله لتخبرني بهَا أَو لأقتلنكم
قَالُوا: مَا هِيَ قَالَ: قد نسيتهَا قَالُوا: مَا عندنَا من هَذَا علم إِلَّا أَن
فَأرْسل إِلَى أَبنَاء الْأَنْبِيَاء
قَالَ: أخبروني عَن رُؤْيا رَأَيْتهَا اللَّيْلَة وَالله لتخبروني بهَا أَو لأقتلنكم
قَالُوا: مَا هِيَ قَالَ: قد نسيتهَا
قَالُوا غيب وَلَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله تَعَالَى
قَالَ وَالله لتخبرني بهَا أَو لَأَضرِبَن أَعْنَاقكُم
قَالُوا: فَدَعْنَا حَتَّى نَتَوَضَّأ وَنُصَلِّي وندعو الله تَعَالَى
قَالَ: فافعلوا
فَانْطَلقُوا فَأحْسنُوا الْوضُوء فَأتوا صَعِيدا طيبا فدعوا الله فَأخْبرُوا بهَا ثمَّ رجعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: رَأَيْت كَأَن رَأسك من ذهب وصدرك من فخار ووسطك من نُحَاس ورجليك من حَدِيد
قَالَ: نعم
قَالَ: أخبروني بعبارتها أَو لأقتلنكم
قَالُوا: فَدَعْنَا نَدْعُو رَبنَا
قَالَ اذْهَبُوا فدعوا رَبهم فَاسْتَجَاب لَهُم فَرَجَعُوا إِلَيْهِ قَالُوا: رَأَيْت كَأَن رَأسك من ذهب ملكك هَذَا يذهب عِنْد رَأس الْحول من هَذِه اللَّيْلَة
قَالَ: ثمَّ مَه قَالُوا: ثمَّ يكون بعْدك ملك يفخر على النَّاس ثمَّ يكون ملك يخْشَى النَّاس شدته ثمَّ يكون ملك لَا يقلهُ شَيْء إِنَّمَا هُوَ مثل الْحَدِيد يَعْنِي الْإِسْلَام
فَأمر بحصن فَبنِي لَهُ بَينه وَبَين السَّمَاء ثمَّ جعل ينطقه بمقاعد الرِّجَال والاحراس وَقَالَ لَهُم: إِنَّمَا هِيَ هَذِه اللَّيْلَة لَا يجوز عَلَيْكُم أحد وَإِن قَالَ أَنا بخْتنصر إِلَّا قَتَلْتُمُوهُ مَكَانَهُ كَائِنا من كَانَ من النَّاس
فَقعدَ كل أنَاس فِي مكانهم الَّذِي وكلوا بِهِ
واهتاج بَطْنه من اللَّيْل فكره أَن يرى مَقْعَده هُنَاكَ
وَضرب على أسمخة الْقَوْم فاستثقلوا نوماً فَأتى عَلَيْهِم وهم نيام ثمَّ أَتَى عَلَيْهِم فَاسْتَيْقَظَ بَعضهم فَقَالَ: من هَذَا قَالَ: بخْتنصر
قَالَ: هَذَا الَّذِي حفي إِلَيْنَا فِيهِ اللَّيْلَة
فَضَربهُ فَقتله فَأصْبح الْخَبيث قَتِيلا
وَأخرج ابْن جرير نَحوه أخصر مِنْهُ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ وَعَن السّديّ وَعَن وهب بن مُنَبّه
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: ظهر بخْتنصر على الشَّام فخرب بَيت الْمُقَدّس وقتلهم ثمَّ أَتَى دمشق فَوجدَ بهَا دَمًا يغلي على كباء فَسَأَلَهُمْ مَا هَذَا الدَّم قَالُوا: أدركنا آبَائِنَا على هَذَا وَكلما [] ظهر عَلَيْهِم الْبكاء ظهر فَقتل على ذَلِك الدَّم سبعين ألفا من الْمُسلمين وَغَيرهم فسكن
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ: أَن بخْتنصر لما قتل بني إِسْرَائِيل وَهدم بَيت الْمُقَدّس وَسَار بسبايا بني إِسْرَائِيل إِلَى أَرض بابل فسامهم سوء الْعَذَاب أَرَادَ أَن يتَنَاوَل السَّمَاء فَطلب حِيلَة يصعد بهَا فَسلط الله عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن بني إِسْرَائِيل لما اعتدوا فِي السبت وعلوا وَقتلُوا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام بعث الله عَلَيْهِم ملك فَارس بخْتنصر وَكَانَ الله ملكه سَبْعمِائة سنة فَسَار إِلَيْهِم حَتَّى دخل بَيت الْمُقَدّس فحاصرها وَفتحهَا وَقتل على دم زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام سبعين ألفا ثمَّ سبى أَهلهَا وَبني الْأَنْبِيَاء وسلب حلى بَيت الْمُقَدّس واستخرج مِنْهَا سبعين ألفا وَمِائَة ألف عجلة من حلى حَتَّى أوردهُ بابل قَالَ حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ: فَقلت: يَا رَسُول الله لقد كَانَ بَيت الْمُقَدّس عَظِيما عِنْد الله قَالَ: أجل فبناه سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام من ذهباودر وَيَاقُوت وَزَبَرْجَد وَكَانَ بلاطة ذَهَبا وبلاطة فضَّة وعمده ذَهَبا أعطَاهُ الله ذَلِك وسخر لَهُ الشَّيَاطِين يأتونه بِهَذِهِ الْأَشْيَاء فِي طرفَة عين فَسَار بخْتنصر بِهَذِهِ الْأَشْيَاء حَتَّى نزل بهَا بابل فَأَقَامَ بَنو إِسْرَائِيل مائَة سنة يعذبهم الْمَجُوس وَأَبْنَاء الْمَجُوس فيهم الْأَنْبِيَاء وَأَبْنَاء الْأَنْبِيَاء ثمَّ إِن الله رَحِمهم فَأوحى إِلَى ملك من مُلُوك فَارس يُقَال لَهُ كورس - وَكَانَ مُؤمنا -: أَن سر إِلَى بقايا بني إِسْرَائِيل حَتَّى تستنقذهم فَسَار كورس ببني إِسْرَائِيل وَدخل بَيت الْمُقَدّس حَتَّى رده إِلَيْهِ فَأَقَامَ بَنو إِسْرَائِيل مُطِيعِينَ لله مائَة سنة ثمَّ إِنَّهُم عَادوا فِي الْمعاصِي فَسلط عَلَيْهِم ابطنانحوس فغزا ثَانِيًا بِمن غزا مَعَ بخْتنصر فغزا بني إِسْرَائِيل حَتَّى أَتَاهُم بَيت الْمُقَدّس فسبى أَهلهَا وأحرق بَيت الْمُقَدّس
وَقَالَ لَهُم: يَا بني إِسْرَائِيل إِن عدتم فِي الْمعاصِي عدنا عَلَيْكُم فِي السباء فعادوا فِي الْمعاصِي فسير الله علبهم السباء الثَّالِث: ملك رُومِية يُقَال لَهُ فاقس بن اسبايوس فغزاهم فِي الْبر وَالْبَحْر فسباهم وسيَّر حلى بَيت الْمُقَدّس وأحرق بَيت الْمُقَدّس بالنيران فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَهَذَا من صفة حلى بَيت الْمُقَدّس وَيَردهُ الْمهْدي إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَهُوَ ألف سفينة وَسَبْعمائة سفينة يرسى بهَا على يافا حَتَّى تنْتَقل إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَبهَا يجْتَمع إِلَيْهِ الأوّلون وَالْآخرُونَ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ إفسادهم الَّذِي يفسدون فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ: قتل زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام وَيحيى بن زَكَرِيَّا فَسلط عَلَيْهِم سَابُور ذَا الأكتاف ملكا من مُلُوك فَارس من قبل زَكَرِيَّا وسلط عَلَيْهِم بخْتنصر من قبل يحيى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿بعثنَا عَلَيْكُم عباداً لنا أولي بَأْس شَدِيد﴾ قَالَ جند أَتَوا من فَارس يتجسسون من أخبارهم ويسمعون حَدِيثهمْ مَعَهم بخْتنصر فوعى حَدِيثهمْ من بَين أَصْحَابه ثمَّ رجعت فَارس وَلم يكثر قتال ونصرت عَلَيْهِم بَنو إِسْرَائِيل فَهَذَا وعد الأولى ﴿فَإِذا جَاءَ وعد الْآخِرَة﴾ بعث ملك فَارس بِبَابِل جَيْشًا وَأمر عَلَيْهِم بخْتنصر فدمروهم فَهَذَا وعد الْآخِرَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فجاسوا﴾ قَالَ فَمَشَوْا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أما الْمرة الأولى فَسلط عَلَيْهِم جالوت حَتَّى بعث طالوت وَمَعَهُ دَاوُد فَقتله دَاوُد ثمَّ رد الكرة لبني إِسْرَائِيل ﴿وجعلناكم أَكثر نفيراً﴾ أَي عددا وَذَلِكَ فِي زمَان دَاوُد ﴿فَإِذا جَاءَ وعد الْآخِرَة﴾ آخر العقوبتين ﴿ليسوؤوا وُجُوهكُم﴾ قَالَ ليقبحوا وُجُوهكُم ﴿وليدخلوا الْمَسْجِد كَمَا دَخَلُوهُ أول مرّة﴾ قَالَ: كَمَا دخل عدوهم قبل ذَلِك ﴿وليتبروا مَا علوا تتبيرا﴾ قَالَ: يدمروا مَا علوا تدميراً فَبعث الله عَلَيْهِم فِي الْآخِرَة بخْتنصر البابلي الْمَجُوسِيّ أبْغض خلق الله إِلَيْهِ فسبى وَقتل وَخرب بَيت الْمُقَدّس وسامهم سوء الْعَذَاب
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْآخِرَة أَشد من الأولى بِكَثِير فَإِن الأولى كَانَت هزيمَة فَقَط وَالْآخِرَة كَانَت تدميراً وَحرق بخْتنصر التَّوْرَاة حَتَّى لم يتْرك فِيهَا حرفا وَاحِدًا وَخرب بَيت الْمُقَدّس
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿تتبيراً﴾ قَالَ: تدميراً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ﴿تبرنا﴾ دمرنا بالنبطية
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَإِن عدتم عدنا﴾ قَالَ: فعادوا فَبعث الله عَلَيْهِم مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فهم يُعْطون (الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون) (التَّوْبَة آيَة - ٢٩)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَجَعَلنَا جَهَنَّم للْكَافِرِينَ حَصِيرا﴾ قَالَ: سجناً
وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أبي عمرَان الْجونِي فِي قَوْله: ﴿وَجَعَلنَا جَهَنَّم للْكَافِرِينَ حَصِيرا﴾ يَقُول: جعل الله مأواهم فِيهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿حَصِيرا﴾ قَالَ: يحصرون فِيهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿حَصِيرا﴾ قَالَ: فراشا ومهادا
الْآيَة ٩ - ١٠
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ إنه كان عبداً شكوراً ﴾ قال : لم يأكل شيئاً قط إلا حمد الله، ولم يشرب شراباً قط إلا حمد الله عليه، فأثنى عليه ﴿ إنه كان عبدا شكوراً ﴾.
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب، عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : كان نوح عليه السلام إذا أكل قال : الحمد لله، وإذا شرب قال : الحمد لله، وإذا لبس قال : الحمد لله، وإذا ركب قال : الحمد لله، فسماه الله ﴿ عبداً شكوراً ﴾.
وأخرج ابن مردويه، عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إنما سمى الله نوحاً ﴿ عبداً شكوراً ﴾ لأنه كان إذا أمسى وأصبح قال : سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشياً وحين تظهرون ».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن علي رضي الله عنه أنه قال : حق الطعام أن يقول العبد : بسم الله اللهم بارك لنا فيما رزقتنا، وشكره أن يقول : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن تميم بن سلمة رضي الله عنه قال : حدثت أن الرجل إذا ذكر اسم الله على طعامه، وحمد الله على آخره، لم يسأل عن نعيم لذة الطعام.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجة والطبراني في الدعاء، عن حاتم عن عمر بن الخطاب أنه لبس جديداً فقال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي. ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«من لبس ثوباً جديداً فقال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الذي خلق فتصدق به، كان في كنف الله وفي حفظ الله، وفي ستر الله حياً وميتاً » قالها ثلاثاً.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إذا لبس أحدكم ثوباً جديداً، فليقل الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في الناس ».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عون بن عبد الله قال : لبس رجلا ثوباً جديداً، فحمد الله، فأدخل الجنة، أو غفر له.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وقضينا إلى بني إسرائيل ﴾ قال : أخبرناهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وقضينا إلى بني إسرائيل ﴾ قال : قضينا عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ﴾ قال : هذا تفسير الذي قبله.
وأخرج ابن المنذر والحاكم، عن طاوس قال : كنت عند ابن عباس - رضي الله عنهما - ومعنا رجل من القدرية، فقلت إن أناساً يقولون لا قدر. قال : أوفي القوم أحد منهم ؟ قلت : لو كان، ما كنت تصنع به ؟ قال : لو كان فيهم أحد منهم لأخذت برأسه. ثم قرأت عليه ﴿ وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً ﴾.
وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن الله عهد إلى بني إسرائيل في التوراة ﴿ لتفسدن في الأرض مرتين ﴾.
فكان أوّل الفساد : قتل زكريا عليه السلام، فبعث الله عليهم ملك النبط، فبعث الجنود وكانت أساورته ألف فارس ﴿ فهم أولو بأس ﴾ فتحصنت بنو إسرائيل، وخرج فيهم بختنصر يتيماً مسكيناً، إنما خرج يستطعم، وتلطف حتى دخل المدينة، فأتى مجالسهم وهم يقولون : لو يعلم عدوّنا ما قذف في قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا، فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم وأشد القيام على الجيش، فرجعوا وذلك قول الله :﴿ فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد ﴾ الآية.
ثم أن بني إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط، فأصابوا منهم، فاستنقذوا ما في أيديهم، فذلك قوله :﴿ ثم رددنا لكم الكرة عليهم ﴾ الآية.
وأخرج ابن عساكر في تاريخه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله :﴿ لتفسدن في الأرض مرتين ﴾ قال : الأولى، قتل زكريا عليه الصلاة والسلام، والأخرى، قتل يحيى عليه السلام.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عطية العوفي رضي الله عنه في قوله :﴿ لتفسدن في الأرض مرتين ﴾ قال : أفسدوا المرة الأولى، فبعث الله عليهم جالوت فقتلهم، وأفسدوا المرة الثانية، فقتلوا يحيى بن زكريا عليهما السلام، فبعث الله عليهم بختنصر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بعث الله عليهم في الأولى جالوت، فجاس خلال ديارهم وضرب عليهم الخراج والذل، فسألوا الله أن يبعث إليهم ملكاً يقاتلون في سبيل الله، فبعث الله طالوت، فقتل جالوت فنصر بنو إسرائيل، وقتل جالوت بيدي داود عليه السلام، ورجع إلى بني إسرائيل ملكهم، فلما أفسدوا : بعث الله عليهم في المرة الآخرة بختنصر، فخرب المساجد وتبر ﴿ ما علوا تتبيراً ﴾ قال الله : بعد الأولى والآخرة ﴿ عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا ﴾ قال : فعادوا فسلط الله عليهم المؤمنين.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي هاشم العبدي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ملك ما بين المشرق والمغرب أربعة : مؤمنان، وكافران، أما الكافران، فالفرخان وبختنصر. فأنشأ أبو هاشم يحدث قال : كان رجل من أهل الشام صالحاً فقرأ هذه الآية ﴿ وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ﴾ إلى قوله :﴿ علواً كبيراً ﴾ قال : يا رب، أما الأولى فقد فاتتني، فأرني الآخرة، فأتى وهو قاعد في مصلاه قد خفق برأسه فقيل : الذي سألت عنه ببابل واسمه بختنصر، فعرف الرجل أنه قد استجيب له، فاحتمل جراباً من دنانير فأقبل حتى انتهى إلى بابل، فدخل على الفرخان فقال : إني قد جئت بمال فأقسمه بين المساكين، فأمر به فأنزل، فجمعوهم له، ثم جعل يعطيهم ويسألهم عن أسمائهم، حتى إذا فرغ ممن بحضرته قيل له : فإنه قد بقيت منهم بقايا في الرساتيق، فجعل يبعث فتاه حتى إذا كان الليل رجع إليه فاقرأه رجلاً رجلاً، فأتى على ذكر بختنصر فقال : قف. كيف قلت ؟ قال : بختنصر. قال : وما بختنصر هذا ؟ قال : هو أشدهم فاقة، وهو مقعد يأتي عليه السفارون، فيلقي أحدهم إليه الكسرة، ويأخذ بأنفه. قال : فإني مسلم به [ ٧ ] لا بد. قال الآخر : فإنما هو في خيمة له يحدث فيها، حتى أذهب فأقبلها وأغسله. قال : دونك هذه الدنانير. فأقبل إليه بالدنانير فأعطاها إياها. ثم رجع إلى صاحبه فجاء معه، فدخل الخيمة فقال : ما اسمك ؟ قال : بختنصر. قال : من سماك بختنصر ؟ قال : من عسى أن يسميني إلا أمي ! قال : فهل لك أحد ؟ قال : لا والله، إني لههنا أخاف بالليل أن تأكلني الذئاب. قال : فأي الناس أشد بلاء ؟ قال : أنا. قال : أفرأيت إن ملكت يوماً من دهر أتجعل لي أن لا تعصيني ؟ قال أي سيدي لا يضرك أن لا تهزأ بي. قال : أرأيت إن ملكت مرة أتجعل لي أن لا تعصيني ؟ قال : أما هذه فلا أجعلها لك ولكن سوف أكرمك كرامة لا أكرمها أحداً. قال دونك هذه الدنانير، ثم انطلق فلحق بأرضه، فقام الآخر فاستوى على رجليه، ثم انطلق فاشترى حماراً وأرساناً، ثم جعل يستعرض تلك الأعاجم فيجزها فيبيعه، ثم قال : إلى متى هذا الشقاء ؟ فعمد فباع ذلك الحمار وتلك الأرسان واكتسى كسوة، ثم أتى باب الملك، فجعل يشير عليهم بالرأي وترتفع منزلته حتى انتهوا إلى بواب الفرخان الذي يليه، فقال له الفرخان : قد ذكر لي رجل عندك، فما هو ؟ قال : ما رأيت مثله قط ! قال : ائتني به، فكلمه فأعجب به. قال : إن بيت المقدس وتلك البلاد قد استعصوا علينا، وأنا باعثون عليهم بعثاً، وإني باعث إلى البلاد من يختبرها، فنظر حينئذ إلى رجال من أهل الأرب والمكيدة، فبعثهم جواسيس، فلما فصلوا إذا بختنصر قد أتى بخرجيه على بغلة، قال : أين تريد ؟ قال : معهم قال : أفلا آذنتني فأبعثك عليهم ؟ قال : لا، حتى إذا وقعوا بالأرض قال : تفرقوا وسأل بختنصر عن أفضل أهل البلد ؟ فدل عليه، فألقى خرجيه في داره.
قال لصاحب المنزل : ألا تخبرني عن أهل بلادك، قال : على الخبير سقطت، هم قوم فيهم كتاب فلا يقيمونه، وأنبياء فلا يطيعونهم، وهم متفرقون. قال بختنصر كالمتعجب منه : كتاب لا يقيمونه، وأنبياء لا يطيعونهم، وهم متفرقون ! فكتبهن في ورقة وألقى في خرجيه وقال : ارتحلوا، فاقبلوا، حتى قدموا على الفرخان، فجعل يسأل كل رجل منهم، فجعل الرجل يقول : أتينا بلاد كذا ولها حصن كذا ولها نهر كذا قال : يا بختنصر، ما تقول ؟ قال : قدمنا أرضاً على قوم لهم كتاب لا يقيمونه، وأنبياء لا يطيعونهم، وهم متفرقون، فأمر حينئذ، فندب الناس وبعث إليهم سبعين ألفاً، وأمر عليهم بختنصر، فساروا حتى إذا علوا في الأرض أدركهم البريد : إن الفرخان قد مات ولم يستخلف أحداً. قال للناس : مكانكم. ثم أقبل على البريد حتى قدم على الناس وقال : كيف صنعتم ؟ قالوا : كرهنا أن نقطع أمراً دونك. قال : إن الناس قد بايعوني. فبايعوه، ثم استخلف عليهم وكتب بينهم كتاباً، ثم انطلق بهم سريعاً حتى قدم على أصحابه، فأراهم الكتاب، فبايعوه وقالوا : ما بنا رغبة عنك. فساروا، فلما سمع أهل بيت المقدس تفرقوا وطاروا تحت كل كوكب، فشعث ما هناك، أي أفسد، وقتل من قتل وخرب بيت المقدس، واستبى أبناء الأنبياء فيهم دانيال. فسمع به صاحب الدنانير فأتاه فقال : هل تعرفني ؟ قال : نعم. فأدنى مجلسه ولم يشفعه في شيء، حتى إذا نزل بابل لا ترد له راية. فكان كذلك ما شاء الله، ثم إنه رأى رؤيا فأفظعته، فأصبح قد نسيها. قال : عليّ بالسحرة والكهنة. قال : أخبروني عن رؤيا رأيتها الليلة، والله لتخبرني بها، أو لأقتلنكم. قالوا : ما هي ؟ قال : قد نسيتها قالوا : ما عندنا من هذا علم، إلا أن ترسل إلى أبناء الأنبياء. فأرسل إلى أبناء الأنبياء. قال : أخبروني عن رؤيا رأيتها الليلة، والله لتخبرني بها أو لأقتلنكم. قالوا : ما هي ؟ قال : قد نسيتها. قالوا غيب ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى. قال والله لتخبرني بها، أو لأضربن أعناقكم. قالوا : فدعنا حتى نتوضأ ونصلي وندعو الله تعالى. قال : فافعلوا. فانطلقوا فأحسنوا الوضوء، فأتوا صعيداً طيباً فدعوا الله، فأخبروا بها، ثم رجعوا إليه فقالوا : رأيت كأن رأسك من ذهب، وصدرك من فخار، ووسطك من نحاس، ورجليك من حديد. قال : نعم. قال : أخبروني بعبارتها أو لأقتلنكم. قالوا : فدعنا ندعو ربنا. قال اذهبوا، فدعوا ربهم فاستجاب لهم، فرجعوا إليه قالوا : رأيت كأن رأسك من ذهب، ملكك هذا يذهب عند رأس الحول من هذه الليلة.
قال : ثم مه ؟ قالوا : ثم يكون بعدك ملك يفخر على الناس، ثم يكون ملك يخشى الناس شدته، ثم يكون ملك لا يقله شيء، إنما هو مثل الحديد يعني الإسلام فأمر بحصن فبني له، بينه وبين السماء، ثم جعل ينطقه بمقاعد الرجال والاحراس، وقال لهم : إنما هي هذه الليلة لا يجوز عليكم أحد، وإن قال أنا بختنصر إلا قتلتموه مكانه، كائناً من كان من الناس. فقعد كل أناس في مكانهم الذي وكلوا به. واهتاج بطنه من الليل، فكره أن يرى مقعده هناك. وضرب على أسمخة القوم، فاستثقلوا نوماً، فأتى عليهم وهم نيام، ثم أتى عليهم فاستيقظ بعضهم، فقال : من هذا ؟ قال : بختنصر. قال : هذا الذي حفي إلينا فيه الليلة. فضربه فقتله، فأصبح الخبيث قتيلاً.
وأخرج ابن جرير نحوه أخصر منه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه، وعن السدي وعن وهب بن منبه.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال : ظهر بختنصر على الشام، فخرب بيت المقدس وقتلهم، ثم أتى دمشق فوجد بها دماً يغلي على كباء فسألهم ما هذا الدم ؟ قالوا : أدركنا آبائنا على هذا وكلما [ ٧ ] ظهر عليهم الكباء ظهر، فقتل على ذلك الدم سبعين ألفاً من المسلمين وغيرهم فسكن.
وأخرج ابن عساكر، عن الحسن رضي الله عنه : أن بختنصر لما قتل بني إسرائيل وهدم بيت المقدس وسار بسبايا بني إسرائيل إلى أرض بابل، فسامهم سوء العذاب، أراد أن يتناول السماء، فطلب حيلة يصعد بها، فسلط الله عليه بعوضة، فدخلت منخره فوقفت في دماغه، فلم تزل تأكل دماغه وهو يضرب رأسه بالحجر حتى مات.
وأخرج ابن جرير، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن بني إسرائيل لما اعتدوا في السبت وعلوا وقتلوا الأنبياء عليهم السلام بعث الله عليهم ملك فارس بختنصر، وكان الله ملكه سبعمائة سنة، فسار إليهم حتى دخل بيت المقدس، فحاصرها وفتحها، وقتل على دم زكريا عليه السلام سبعين ألفاً، ثم سبى أهلها وبني الأنبياء، وسلب حلى بيت المقدس، واستخرج منها سبعين ألفاً ومائة ألف عجلة من حلى، حتى أورده بابل » قال حذيفة - رضي الله عنه - فقلت : يا رسول الله، لقد كان بيت المقدس عظيماً عند الله ؟ ! قال :«أجل » فبناه سليمان بن داود - عليه السلام - من ذهب ودر وياقوت وزبرجد وكان بلاطة ذهبا وبلاطة فضة، وعمده ذهباً، أعطاه الله ذلك وسخر له الشياطين يأتونه بهذه الأشياء في طرفة عين، فسار بختنصر بهذه الأشياء حتى نزل بها بابل، فأقام بنو إسرائيل مائة سنة يعذبهم المجوس وأبناء المجوس، فيهم الأنبياء وأبناء الأنبياء، ثم إن الله رحمهم، فأوحى إلى ملك من ملوك فارس
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ فجاسوا ﴾ قال فمشوا.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال : كانت الآخرة أشد من الأولى بكثير، فإن الأولى كانت هزيمة فقط، والآخرة كانت تدميراً، وحرق بختنصر التوراة حتى لم يترك فيها حرفاً واحداً، وخرب بيت المقدس.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ تتبيراً ﴾ قال : تدميراً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال :﴿ تبرنا ﴾ دمرنا بالنبطية.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ وإن عدتم عدنا ﴾ قال : فعادوا، فبعث الله عليهم محمداً - صلى الله عليه وسلم - فهم يعطون ﴿ الجزية عن يد وهم صاغرون ﴾ [ التوبة : ٢٩ ].
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً ﴾ قال : سجناً.
وأخرج ابن النجار في تاريخه، عن أبي عمران الجوني في قوله :﴿ وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً ﴾ قال سجناً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً ﴾ يقول جعل الله مأواهم فيها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ حصيراً ﴾ قال : يحصرون فيها.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله :﴿ حصيراً ﴾ قال : فراشاً ومهاداً.
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: إِن الْقُرْآن يدلكم على دائكم ودوائكم فَأَما دائكم فالذنوب والخطايا وَأما دواؤكم فالاستغفار
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَتْلُو كثيرا ﴿إِن هَذَا الْقُرْآن يهدي للَّتِي هِيَ أقوم﴾ خَفِيف
وكل شَيْء فِي الْقُرْآن أجر كَبِير ورزق كَبِير ورزق كريم فَهُوَ الْجنَّة
الْآيَة ١١
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ويدع الْإِنْسَان بِالشَّرِّ دعاءه بِالْخَيرِ﴾ قَالَ: ذَلِك دُعَاء الْإِنْسَان بِالشَّرِّ على وَلَده وعَلى امْرَأَته يغْضب أحدهم فيدعو عَلَيْهِ فيسب نَفسه ويسب زَوجته وَمَاله وَولده فَإِن أعطَاهُ الله ذَلِك شقّ عَلَيْهِ فيمنعه ذَلِك ثمَّ يَدْعُو بِالْخَيرِ فيعطيه
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ: فِي قَوْله: ﴿ويدع الْإِنْسَان بِالشَّرِّ دعاءه بِالْخَيرِ﴾ قَالَ: ذَلِك دُعَاء الْإِنْسَان بِالشَّرِّ على وَلَده وعَلى امْرَأَته يعجل فِيهِ فيدعو عَلَيْهِ لَا يحب أَن يُصِيبهُ
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَزَّار عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تدعوا على أَنفسكُم لَا تدعوا على أَوْلَادكُم لَا تدعوا على أَمْوَالكُم لَا توافقوا من الله سَاعَة فِيهَا إِجَابَة فيستجيب لكم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَان عجولاً﴾ قَالَ: ضجراً لَا صَبر لَهُ على سراء وَلَا ضراء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول مَا خلق الله من آدم عَلَيْهِ السَّلَام رَأسه فَجعل ينظر وَهُوَ يخلق وَبقيت رِجْلَاهُ فَلَمَّا كَانَ بعد الْعَصْر قَالَ: يَا رب اعجل قبل اللَّيْل فَذَلِك قَوْله: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَان عجولاً﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: لما خلق الله آدم خلق عَيْنَيْهِ قبل بَقِيَّة جسده فَقَالَ: أَي رب أتم بَقِيَّة خلقي قبل غيبوبة الشَّمْس فَأنْزل الله ﴿وَكَانَ الْإِنْسَان عجولا﴾
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد المَقْبُري: أَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر فَقَالَ: كَانَا شمسين
فَقَالَ: قَالَ الله: ﴿وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ فمحونا آيَة اللَّيْل﴾ فالسواد الَّذِي رَأَيْت من المحو
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فمحونا آيَة اللَّيْل﴾ قَالَ: هُوَ السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة
قَالَ: كَانَ اللَّيْل وَالنَّهَار سَوَاء فمحا الله آيَة اللَّيْل فَجَعلهَا مظْلمَة وَترك آيَة النَّهَار كَمَا هِيَ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فمحونا آيَة اللَّيْل﴾ قَالَ: هُوَ السوَاد بِاللَّيْلِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كتب هِرقل إِلَى مُعَاوِيَة يسْأَله عَن ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَي مَكَان إِذا صليت فِيهِ ظَنَنْت أَنَّك لم تصل إِلَى قبْلَة وَأي مَكَان طلعت فِيهِ الشَّمْس مرّة لم تطلع فِيهِ قبل وَلَا بعد وَعَن السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر فَسَأَلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَكتب إِلَيْهِ أما الْمَكَان الأول: فَهُوَ ظهر الْكَعْبَة
وَأما الثَّانِي: فالبحر حِين فرقه الله لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام
وَأما السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر: فَهُوَ المحو
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: خلق الله نور الشَّمْس سبعين جُزْءا أَو نور الْقَمَر سبعين جُزْءا فمحا من نور الْقَمَر تِسْعَة وَسِتِّينَ جُزْءا فَجعله مَعَ نور الشَّمْس فالشمس على مائَة وَتِسْعَة وَثَلَاثِينَ جُزْءا وَالْقَمَر على جُزْء وَاحِد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت شمس بِاللَّيْلِ وشمس بِالنَّهَارِ فمحا الله شمس اللَّيْل فَهُوَ المحو الَّذِي فِي الْقَمَر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿فمحونا آيَة اللَّيْل﴾ قَالَ: انْظُر إِلَى الْهلَال لَيْلَة ثَلَاث عشرَة أَو أَربع عشرَة فَإنَّك ترى فِيهِ كَهَيئَةِ الرجل آخِذا بِرَأْس رجل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فمحونا آيَة اللَّيْل وَجَعَلنَا آيَة النَّهَار مبصرة﴾ قَالَ: ظلمَة اللَّيْل وسدف النَّهَار ﴿لتبتغوا فضلا من ربكُم﴾ قَالَ: جعل لكم (سبحا طَويلا) (المزمل آيَة ٧)
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فصلناه﴾ يَقُول: بَيناهُ
قَالَ: وَمَا رَأَيْت قَالَ: رَأَيْت الشَّمْس وَالْقَمَر يقتتلان والنجوم مَعَهُمَا نِصْفَيْنِ
قَالَ: فَمَعَ أَيهمَا كنت قَالَ: مَعَ الْقَمَر على الشَّمْس
قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: ﴿وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ فمحونا آيَة اللَّيْل وَجَعَلنَا آيَة النَّهَار مبصرة﴾ فَانْطَلق فوَاللَّه لَا تعْمل لي عملا أبدا
قَالَ عَطاء رَضِي الله عَنهُ: فبلغني أَنه قتل مَعَ مُعَاوِيَة يَوْم صفّين
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ ابْن الْكواء عليا رَضِي الله عَنهُ عَن السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر قَالَ: هُوَ قَول الله تَعَالَى: ﴿فمحونا آيَة اللَّيْل﴾
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير بِسَنَد حسن عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: طَائِر كل إِنْسَان فِي عُنُقه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة بن أسيد رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن النُّطْفَة الَّتِي يخلق مِنْهَا النَّسمَة تطير فِي الْمَرْأَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعين لَيْلَة فَلَا يبْقى مِنْهَا شعر وَلَا بشر وَلَا عرق وَلَا عظم إِلَّا دخله حَتَّى أَنَّهَا لتدخل بَين الظفر وَاللَّحم فَإِذا مضى لَهَا أَرْبَعُونَ لَيْلَة وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا أهبطه الله إِلَى الرَّحِم فَكَانَ علقَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعين لَيْلَة ثمَّ يكون مُضْغَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعين لَيْلَة فَإِذا تمت لَهَا أَرْبَعَة أشهر بعث الله إِلَيْهَا ملك الْأَرْحَام فيخلق على يَده لَحمهَا ودمها وشعرها وبشرها ثمَّ يَقُول: صوّر
فَيَقُول: يَا رب مَا أصور أزائد أم نَاقص أذكر أم أُنْثَى أجميل أم ذميم أَجْعَد أم سبط أقصير أم طَوِيل أَبيض أم آدم أسويّ أم غير سويّ فَيكْتب من ذَلِك مَا يَأْمر بِهِ
ثمَّ يَقُول الْملك: يَا رب أشقيّ أم سعيد فَإِن كَانَ سعيداً نفخ فِيهِ بالسعادة فِي آخر أَجله وَإِن كَانَ شقياً: نفخ فِيهِ الشقاوة فِي آخر أَجله
ثمَّ يَقُول: اكْتُبْ أَثَرهَا وَرِزْقهَا ومصيبتها وعملها بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَة فَيكْتب من ذَلِك مَا يَأْمُرهُ الله بِهِ ثمَّ يَقُول الْملك: يَا رب مَا أصنع بِهَذَا الْكتاب فَيَقُول: علقه فِي عُنُقه إِلَى قضائي عَلَيْهِ
فَذَلِك قَوْله: ﴿وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق جوبير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿طَائِره فِي عُنُقه﴾ قَالَ: قَالَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ الشَّقَاء والسعادة والرزق وَالْأَجَل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿طَائِره فِي عُنُقه﴾ قَالَ: كِتَابه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه﴾ أَي عمله
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي كتاب الْقدر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه﴾ قَالَ: مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا وَفِي عُنُقه ورقة مَكْتُوب فِيهَا شقي أَو سعيد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿ألزمناه طَائِره﴾ قَالَ: عمله ﴿وَنخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتابا يلقاه منشوراً﴾ قَالَ: هُوَ عمله الَّذِي عمل أحصي عَلَيْهِ فَأخْرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة مَا كتب عَلَيْهِ من الْعَمَل فقرأه منشوراً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الْكَافِر يخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتاب فَيَقُول: رب إِنَّك قد قضيت
إِنَّك لست بظلام للعبيد فَاجْعَلْنِي أحاسب نَفسِي
فَيُقَال لَهُ: ﴿اقْرَأ كتابك كفى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك حسيباً﴾
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هرون قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ ﴿وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه﴾ يَقْرَؤُهُ يَوْم الْقِيَامَة ﴿كتابا يلقاه منشوراً﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ وَيخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتابا بِفَتْح الْيَاء يَعْنِي يخرج الطَّائِر كتابا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿اقْرَأ كتابك﴾ قَالَ: سيقرأ يَوْمئِذٍ من لم يكن قَارِئًا فِي الدُّنْيَا
فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول: ﴿وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه﴾ حَتَّى بلغ عَلَيْك ﴿حسيباً﴾
وَأخرج ابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد بِسَنَد ضَعِيف عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ: سَالَتْ خَدِيجَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَوْلَاد الْمُشْركين فَقَالَ: هم مَعَ آبَائِهِم ثمَّ سَأَلته بعد ذَلِك فَقَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ثمَّ سَأَلته بعد مَا استحكم الْإِسْلَام فَنزلت ﴿وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى﴾ فَقَالَ: هم على الْفطْرَة أَو قَالَ: فِي الْجنَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: حَدثنِي الصعب بن جثامة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إِنِّي قضيت فِي الْبَنَات من ذَرَارِي الْمُشْركين قَالَ: هم مِنْهُم
وَأخرج ابْن سعد وقاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر عَن خنساء بنت مُعَاوِيَة الضمرية عَن عَمها قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النَّبِي فِي الْجنَّة والشهيد فِي الْجنَّة والمولود فِي الْجنَّة والوئيد
وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَوْلَاد الْمُشْركين قَالَ: هم خدم أهل الْجنَّة
وَأخرج عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَطْفَال الْمُشْركين خدم أهل الْجنَّة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن عبد الْبر وَضَعفه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَوْلَاد الْمُسلمين أَيْن هم قَالَ: فِي الْجنَّة وَسَأَلته عَن ولدان الْمُشْركين أَيْن هم قَالَ: فِي النَّار قلت: يَا رَسُول الله لم يدركوا الْأَعْمَال وَلم تجر عَلَيْهِم القلام قَالَ: رَبك أعلم بِمَا كَانُوا عاملين وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَئِن شِئْت أسمعتك تضاغيهم فِي النَّار
وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن أَوْلَاد الْمُشْركين فَقَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين وَالله أعلم
الْآيَة ١٥ - ١٧
وأخرج ابن مردويه، عن حذيفة بن أسيد - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن النطفة التي يخلق منها النسمة تطير في المرأة أربعين يوماً وأربعين ليلة، فلا يبقى منها شعر ولا بشر ولا عرق ولا عظم إلا دخله، حتى أنها لتدخل بين الظفر واللحم، فإذا مضى لها أربعون ليلة وأربعون يوماً أهبطه الله إلى الرحم، فكان علقة أربعين يوماً وأربعين ليلة، ثم يكون مضغة أربعين يوماً وأربعين ليلة، فإذا تمت لها أربعة أشهر، بعث الله إليها ملك الأرحام فيخلق على يده لحمها ودمها وشعرها وبشرها، ثم يقول : صوّر. فيقول : يا رب، ما أصور أزائد أم ناقص، أذكر أم أنثى، أجميل أم ذميم أجعد أم سبط أقصير أم طويل أبيض أم آدم أسويّ أم غير سويّ ؟ فيكتب من ذلك ما يأمر الله به. ثم يقول الملك : يا رب، أشقيّ أم سعيد ؟ فإن كان سعيداً، نفخ فيه بالسعادة في آخر أجله، وإن كان شقياً : نفخ فيه بالشقاوة في آخر أجله. ثم يقول : اكتب أثرها ورزقها ومصيبتها وعملها بالطاعة والمعصية، فيكتب من ذلك ما يأمره الله به، ثم يقول الملك : يا رب، ما أصنع بهذا الكتاب ؟ فيقول : علقه في عنقه إلى قضائي عليه. فذلك قوله :﴿ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ﴾ ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ألزمناه طائره في عنقه ﴾ قال : سعادته وشقاوته وما قدره الله له وعليه فهو لازمه أينما كان.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جوبير، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله :﴿ طائره في عنقه ﴾ قال : قال عبد الله رضي الله عنه الشقاء والسعادة والرزق والأجل.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن أنس رضي الله عنه في قوله :﴿ طائره في عنقه ﴾ قال : كتابه.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ﴾ أي عمله.
وأخرج أبو داود في كتاب القدر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ﴾ قال : ما من مولود يولد إلا وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ألزمناه طائره ﴾ قال : عمله ﴿ ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً ﴾ قال : هو عمله الذي عمل أحصي عليه، فأخرج له يوم القيامة ما كتب عليه من العمل، فقرأه منشوراً.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر، عن هرون قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه ﴿ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ﴾ يقرؤه يوم القيامة ﴿ كتاباً يلقاه منشوراً ﴾.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأ « ويخرج له يوم القيامة كتاباً » بفتح الياء يعني يخرج الطائر كتاباً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ اقرأ كتابك ﴾ قال : سيقرأ يومئذ من لم يكن قارئاً في الدنيا.
وأخرج ابن جرير، عن الحسن رضي الله عنه قال : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك والآخر عن يسارك، حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة.
فعند ذلك يقول :﴿ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ﴾ حتى بلغ عليك ﴿ حسيباً ﴾.
وأخرج ابن عبد البر في التمهيد بسند ضعيف، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : سألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين ؟ فقال :«هم مع آبائهم » ثم سألته بعد ذلك ؟ فقال :«الله أعلم بما كانوا عاملين » ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام ؟ ! فنزلت ﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾ فقال :«هم على الفطرة » أو قال :«في الجنة ».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حدثني الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله، إني قضيت في البنات من ذراري المشركين ؟ قال :«هم منهم ».
وأخرج ابن سعد وأحمد وقاسم بن أصبغ وابن عبد البر، عن خنساء بنت معاوية الضمرية، عن عمها قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والوئيد في الجنة ».
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر، عن أنس رضي الله عنه قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين ؟ قال :«هم خدم أهل الجنة ».
وأخرج، عن سلمان رضي الله عنه قال : أطفال المشركين خدم أهل الجنة.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن عبد البر وضعفه، عن عائشة رضي الله عنها قالت :«سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المسلمين أين هم ؟ قال :«في الجنة » وسألته عن ولدان المشركين أين هم ؟ قال :«في النار، قلت : يا رسول الله، لم يدركوا الأعمال ولم تجر عليهم الأقلام ! قال :«ربك أعلم بما كانوا عاملين، والذي نفسي بيده لئن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار ».
وأخرج أحمد وقاسم بن أصبغ وابن عبد البر، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت أقول : في أطفال المشركين هم مع آبائهم، حتى حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عنهم ؟ فقال :«ربهم أعلم بهم وبما كانوا عاملين » فأمسكت عن قولي.
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل، عن أولاد المشركين ؟ فقال :«الله أعلم بما كانوا عاملين والله أعلم ».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: اقرأوا إِن شِئْتُم ﴿وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا﴾
وَأخرج اسحق بن رَاهَوَيْه وَأحمد وَابْن حبَان وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الِاعْتِقَاد عَن الْأسود بن سريع رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرْبَعَة يحتجون يَوْم الْقِيَامَة: رجل أَصمّ لَا يسمع شَيْئا وَرجل أَحمَق وَرجل هرم وَرجل مَاتَ فِي الْفطْرَة فَأَما الْأَصَم فَيَقُول: رب لقد جَاءَ الْإِسْلَام وَمَا أسمع شَيْئا وَأما الأحمق فَيَقُول: رب جَاءَ الْإِسْلَام وَالصبيان يحذفونني بالبعر وَأما الْهَرم فَيَقُول: رب لقد جَاءَ الْإِسْلَام وَمَا أَعقل شَيْئا وَأما الَّذِي مَاتَ فِي الْفطْرَة فَيَقُول: رب مَا آتَانِي لَك رَسُول
فَيَأْخُذ مواثيقهم وَيُرْسل إِلَيْهِم رَسُولا أَن ادخُلُوا النَّار
قَالَ: فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو دخلوها كَانَت عَلَيْهِم بردا وَسلَامًا وَمن لم يدخلهَا سحب إِلَيْهَا
وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بأَرْبعَة: بالمولود وَالْمَعْتُوه وَمن مَاتَ فِي الفترة وَالشَّيْخ الْهَرم الفاني كلهم يتَكَلَّم بحجته فَيَقُول الرب تبَارك وَتَعَالَى: لعنق من جَهَنَّم أبرزي وَيَقُول لكم: غَنِي كنت أبْعث إِلَى عبَادي رسلًا من أنفسهم وَإِنِّي رَسُول نَفسِي إِلَيْكُم
فَيَقُول لَهُم: ادخُلُوا هَذِه فَيَقُول: من كتب عَلَيْهِ الشَّقَاء يَا رب أندخلها وَمِنْهَا كُنَّا نفر قَالَ: وَأما من كتب لَهُ السَّعَادَة فيمضي فِيهَا فَيَقُول الرب: قد عاينتموني فعصيتموني فَأنْتم لرسلي أَشد تَكْذِيبًا ومعصية فَيدْخل هَؤُلَاءِ الْجنَّة وَهَؤُلَاء النَّار
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بالممسوخ عقلا وبالهالك فِي الفترة وبالهالك صَغِيرا فَيَقُول الممسوخ عقلا: يَا رب لَو آتيتني عقلا مَا كَانَ من آتيته عقلا بِأَسْعَد بعقله مني وَيَقُول الْهَالِك فِي الفترة رب لَو أَتَانِي مِنْك عهد مَا كَانَ من أَتَاهُ مِنْك عهد بِأَسْعَد بعهدك مني وَيَقُول الْهَالِك صَغِيرا: يَا رب لَو آتيتني عمرا مَا كَانَ من أَتَيْته عمرا بِأَسْعَد بعمره مني فَيَقُول الرب تبَارك وَتَعَالَى: فَإِنِّي آمركُم بِأَمْر تطيعوني فَيَقُولُونَ: نعم وَعزَّتك فَيَقُول لَهُم: اذْهَبُوا فادخلوا جَهَنَّم وَلَو دخلوها مَا ضرتهم شَيْئا فَخرج عَلَيْهِم قوابص من نَار يظنون أَنَّهَا قد أهلكت مَا خلق الله من شَيْء فيرجعون سرَاعًا وَيَقُولُونَ: يَا رَبنَا خرجنَا وَعزَّتك نُرِيد دُخُولهَا فَخرجت علينا قوابص من نَار ظننا أَن قد أهلكت مَا خلق الله من شَيْء ثمَّ يَأْمُرهُم ثَانِيَة فيرجعون كَذَلِك وَيَقُولُونَ: كَذَلِك فَيَقُول الرب: خلقتكم على علمي وَإِلَى علمي تصيرون ضميهم فتأخذهم النَّار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُحَاسب يَوْم الْقِيَامَة الَّذين أرسل إِلَيْهِم الرُّسُل فَيدْخل الله الْجنَّة من أطاعه وَيدخل النَّار من عَصَاهُ وَيبقى قوم من الْولدَان وَالَّذين هَلَكُوا فِي الفترة فَيَقُول: وَإِنِّي آمركُم أَن
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ رجل فَسَأَلَهُ عَن ذَرَارِي الْمُشْركين الَّذين هَلَكُوا صغَارًا فَوضع رَأسه سَاعَة ثمَّ قَالَ: أَيْن السَّائِل فَقَالَ: هَا أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى إِذا قضى بَين أهل الْجنَّة وَالنَّار لم يبْق غَيرهم عجّوا فَقَالُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لم تأتنا رسلك وَلم نعلم شَيْئا فَأرْسل إِلَيْهِم ملكا وَالله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين فَقَالَ: إِنِّي رَسُول ربكُم إِلَيْكُم فَانْطَلقُوا فاتبعوا حَتَّى أَتَوا النَّار فَقَالَ: إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تقتحوا فِيهَا فَاقْتَحَمت طَائِفَة مِنْهُم ثمَّ أخرجُوا من حَيْثُ لَا يشْعر أَصْحَابهم فَجعلُوا فِي السَّابِقين المقربين ثمَّ جَاءَهُم الرَّسُول فَقَالَ: إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تقتحموا فِي النَّار فَاقْتَحَمت طَائِفَة أُخْرَى ثمَّ خَرجُوا من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ فَجعلُوا فِي أَصْحَاب الْيَمين ثمَّ جَاءَ الرَّسُول فَقَالَ: إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تقتحموا فِي النَّار فَقَالُوا: رَبنَا لَا طَاقَة لنا بِعَذَابِك فَأمر بهم فَجمعت نواصيهم وأقدامهم ثمَّ ألقوا فِي النَّار وَالله أعلم
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أمرنَا مُتْرَفِيهَا﴾ قَالَ أمروا بِالطَّاعَةِ فعصوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول فِي قَوْله: ﴿وَإِذا أردنَا أَن نهلك قَرْيَة﴾ الْآيَة
قَالَ: ﴿أمرنَا مُتْرَفِيهَا﴾ بِحَق فخالفوه فَحق عَلَيْهِم بذلك التدمير
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَإِذا أردنَا أَن نهلك قَرْيَة أمرنَا مُتْرَفِيهَا﴾ قَالَ: سلطنا شِرَارهَا فعصوا فِيهَا فَإِذا فعلوا ذَلِك أهلكناهم بِالْعَذَابِ
وَهُوَ قَوْله: ﴿وَكَذَلِكَ جعلنَا فِي كل قَرْيَة أكَابِر مجرميها ليمكروا فِيهَا﴾ الْأَنْعَام آيَة ١٢٣
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله وَجل: ﴿أمرنَا مُتْرَفِيهَا﴾ قَالَ: سلطنا عَلَيْهِم الْجَبَابِرَة فساموهم
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة وَهُوَ يَقُول: إِن يعطبوا يبرموا وَإِن أمروا يَوْمًا يصيروا للهلك والفقد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ كَانَ يقْرَأ ﴿أمرنَا مُتْرَفِيهَا﴾ مثقلة
يَقُول: أمرنَا عَلَيْهِم أُمَرَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَرَأَ آمرنا مُتْرَفِيهَا يَعْنِي بِالْمدِّ
قَالَ: أكثرنا فساقها
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ ﴿أمرنَا مُتْرَفِيهَا﴾ قَالَ: أكثرناهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ ﴿أمرنَا مُتْرَفِيهَا﴾ قَالَ: أكثرنا
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نقُول للحي إِذا كَثُرُوا فِي الْجَاهِلِيَّة قد أمروا بني فلَان
الْآيَة ١٨ - ٢١
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول ؛ في قوله :﴿ وإذا أردنا أن نهلك قرية ﴾ الآية. قال :﴿ أمرنا مترفيها ﴾ بحق، فخالفوه، فحق عليهم بذلك التدمير.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ﴾ قال : سلطنا شرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك، أهلكناهم بالعذاب.
وهو قوله :﴿ وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها ﴾ [ الأنعام : ١٢٣ ].
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله وجل :﴿ أمرنا مترفيها ﴾ قال : سلطنا عليهم الجبابرة فساموهم سوء العذاب. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول :
أن يعطبوا يبرموا وإن أمروا | يوماً يصيروا للهلك والفقد |
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قرأ «آمرنا مترفيها » يعني بالمد. قال : أكثرنا فساقها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر، عن عكرمة - رضي الله عنه - أنه قرأ ﴿ أمرنا مترفيها ﴾ قال : أكثرناهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي الدرداء رضي الله عنه ﴿ أمرنا مترفيها ﴾ قال : أكثرنا.
وأخرج البخاري وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا نقول للحي إذا كثروا في الجاهلية قد أمروا بني فلان.
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿من كَانَ يُرِيد العاجلة﴾ قَالَ: من كَانَت همه ورغبته وطلبته وَنِيَّته عجل الله لَهُ فِيهَا مَا يَشَاء ثمَّ اضطره إِلَى جَهَنَّم ﴿يصلاها مذموماً﴾ فِي نقمة الله ﴿مَدْحُورًا﴾ فِي
وَفِي قَوْله: ﴿وَمن أَرَادَ الْآخِرَة وسعى لَهَا سعيها وَهُوَ مُؤمن فَأُولَئِك كَانَ سَعْيهمْ مشكوراً﴾ قَالَ: شكر الله لَهُ الْيَسِير وَتجَاوز عَنهُ الْكثير
وَفِي قَوْله: ﴿كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء من عَطاء رَبك﴾ أَي: أَن الله قسم الدُّنْيَا بَين الْبر والفاجر وَالْآخِرَة: خُصُوصا عِنْد رَبك لِلْمُتقين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿كلا نمد﴾ الْآيَة
قَالَ: كلا نرْزق فِي الدُّنْيَا الْبر والفاجر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء﴾ يَقُول: نمد الْكفَّار وَالْمُؤمنِينَ ﴿من عَطاء رَبك﴾ يَقُول: من الرزق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿كلا نمد﴾ الْآيَة قَالَ: نرْزق من أَرَادَ الدُّنْيَا ونرزق من أَرَادَ الْآخِرَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء﴾ قَالَ: هَؤُلَاءِ أَصْحَاب الدُّنْيَا وَهَؤُلَاء أَصْحَاب الْآخِرَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء﴾ هَؤُلَاءِ أهل الدُّنْيَا وَهَؤُلَاء أهل الْآخِرَة ﴿وَمَا كَانَ عَطاء رَبك مَحْظُورًا﴾ قَالَ مَمْنُوعًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿مَحْظُورًا﴾ قَالَ مَمْنُوعًا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿انْظُر كَيفَ فضلنَا بَعضهم على بعض﴾ أَي فِي الدُّنْيَا: ﴿وللآخرة أكبر دَرَجَات وأكبر تَفْضِيلًا﴾ وَإِن للْمُؤْمِنين فِي الْجنَّة منَازِل وَإِن لَهُم فَضَائِل بأعمالهم
وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَين أَعلَى أهل الْجنَّة وأسفلهم دَرَجَة كالنجم يرى فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وللآخرة أكبر دَرَجَات وأكبر تَفْضِيلًا﴾ قَالَ: إِن أهل الْجنَّة بَعضهم فَوق بعض دَرَجَات الْأَعْلَى يرى فَضله على من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ والأسفل لَا يرى أَن فَوْقه أحدا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سلمَان رَضِي الله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وهناد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا يُصِيب عبد من الدُّنْيَا شَيْئا إِلَّا نقص من درجاته عِنْد الله وَإِن كَانَ على الله كَرِيمًا
الْآيَة ٢٢
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ من كان يريد العاجلة ﴾ قال : من كانت همه ورغبته وطلبته ونيته عجل الله له فيها ما يشاء، ثم اضطره إلى جهنم ﴿ يصلاها مذموماً ﴾ في نقمة الله ﴿ مدحوراً ﴾ في عذاب الله. وفي قوله :﴿ ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً ﴾ قال : شكر الله له اليسير، وتجاوز عنه الكثير. وفي قوله :﴿ كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك ﴾ أي : أن الله قسم الدنيا بين البر والفاجر، والآخرة : خصوصاً عند ربك للمتقين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ من كان يريد العاجلة ﴾ قال : من كانت همه ورغبته وطلبته ونيته عجل الله له فيها ما يشاء، ثم اضطره إلى جهنم ﴿ يصلاها مذموماً ﴾ في نقمة الله ﴿ مدحوراً ﴾ في عذاب الله. وفي قوله :﴿ ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً ﴾ قال : شكر الله له اليسير، وتجاوز عنه الكثير. وفي قوله :﴿ كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك ﴾ أي : أن الله قسم الدنيا بين البر والفاجر، والآخرة : خصوصاً عند ربك للمتقين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية، عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ كلاً نمد ﴾ الآية. قال : كلاً نرزق في الدنيا البر والفاجر.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء ﴾ يقول : نمد الكفار والمؤمنين ﴿ من عطاء ربك ﴾ يقول : من الرزق.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ كلاً نمد ﴾ الآية قال : نرزق من أراد الدنيا، ونرزق من أراد الآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء ﴾ قال : هؤلاء أصحاب الدنيا، وهؤلاء أصحاب الآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء ﴾ هؤلاء أهل الدنيا، وهؤلاء أهل الآخرة ﴿ وما كان عطاء ربك محظوراً ﴾ قال ممنوعاً.
واخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله :﴿ محظوراً ﴾ قال ممنوعاً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله :﴿ وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً ﴾ قال : إن أهل الجنة بعضهم فوق بعض درجات، الأعلى يرى فضله على من هو أسفل منه، والأسفل لا يرى أن فوقه أحداً.
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية، عن سلمان رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال :«ما من عبد يريد أن يرتفع في الدنيا درجة فارتفع، إلا وضعه الله في الآخرة درجة أكبر منها وأطول » ثم قرأ ﴿ وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وهناد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لا يصيب عبد من الدنيا شيئاً، إلا نقص من درجاته عند الله، وإن كان على الله كريماً.
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فتقعد مذموماً﴾ يَقُول: فِي نقمة الله ﴿مخذولاً﴾ فِي عَذَاب الله
الْآيَة ٢٣ - ٢٥
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن منيع وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مَيْمُون بن
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ يقْرَأ ووصى رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه
وَأخرج ابْن جرير عَن حبيب بن أبي ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَعْطَانِي ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مُصحفا فَقَالَ: هَذَا على قِرَاءَة أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فَرَأَيْت فِيهِ ووصى رَبك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: فِي حرف ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ ووصى رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَهَا ووصى رَبك قَالَ: إِنَّهُم ألصقوا إِحْدَى الواوين بالصَّاد فَصَارَت قافاً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَقضى رَبك﴾ قَالَ: أَمر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَقضى رَبك أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه﴾ قَالَ: عهد رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا اياه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وبالوالدين إحساناً﴾ يَقُول: برا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا فَلَا تقل لَهما أُفٍّ﴾ فِيمَا تميط عَنْهُمَا من الْأَذَى الْخَلَاء وَالْبَوْل كَمَا كَانَا لَا يقولانه فِيمَا كَانَا يميطان عَنْك من الْخَلَاء وَالْبَوْل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: ﴿فَلَا تقل لَهما أُفٍّ﴾ فَمَا سواهُ
وَأخرج الديلمي عَن الْحسن بن عَليّ - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا لَو علم الله شَيْئا من العقوق أدنى من ﴿أُفٍّ﴾ لَحَرَّمَهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ مَا برّ الْوَالِدين قَالَ: أَن تبذل لَهما مَا ملكت وَأَن تطيعهما فِيمَا أمراك بِهِ إِلَّا أَن يكون مَعْصِيّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ: إلام يَنْتَهِي العقوق قَالَ: أَن يحرمهما ويهجرهما وَيحد النّظر إِلَى وجههما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَقل لَهما قولا كَرِيمًا﴾ قَالَ: يَقُول: يَا أَبَت يَا أمه وَلَا يسميهما بأسمائهما
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أَتَى رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ شيخ فَقَالَ: من هَذَا مَعَك قَالَ: أبي
قَالَ: لَا تمشين أَمَامه وَلَا تقعدن قبله وَلَا تَدعه باسمه وَلَا تستب لَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَقل لَهما قولا كَرِيمًا﴾ قَالَ: إِذا دعواك فَقل لَهما لبيكما وسعديكما
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَقل لَهما قولا كَرِيمًا﴾ قَالَ: قولا لينًا سهلاً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الهداج التجِيبِي قَالَ: قلت لسَعِيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ كل مَا ذكر الله فِي الْقُرْآن من بر الْوَالِدين فقد عَرفته إِلَّا قَوْله: ﴿وَقل لَهما قولا كَرِيمًا﴾ مَا هَذَا القَوْل الْكَرِيم قَالَ ابْن الْمسيب: قَول العَبْد المذنب للسَّيِّد الْفظ
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة فِي قَوْله: ﴿واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة﴾ قَالَ: تلين لَهما حَتَّى لَا يمتنعا من شَيْء أحباه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة﴾ يَقُول اخضع لوالديك كَمَا يخضع العَبْد للسَّيِّد الْفظ الغليظ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح رَضِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة﴾ قَالَ: إِن أغضباك فَلَا تنظر إِلَيْهِمَا شزراً فَإِنَّهُ أوّل مَا يعرف غضب الْمَرْء بِشدَّة نظره إِلَى من غضب عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا برَّ أَبَاهُ من حدّ إِلَيْهِ الطّرف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: ﴿واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة﴾ قَالَ: إِن سباك أَو لعناك فَقل رحمكما الله غفر الله لَكمَا
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ ﴿واخفض لَهما جنَاح الذل﴾ بِكَسْر الذَّال
وَأخرج عَن عَاصِم الجحدري رَضِي الله عَنهُ مثله
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي مرّة مولى عقيل: أَن أَبَا هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - كَانَت أمه فِي بَيت وَهُوَ فِي آخر فَكَانَ يقف على بَابهَا وَيَقُول: السَّلَام عَلَيْك يَا أمتاه وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَتَقول: وَعَلَيْك يَا بني فَيَقُول: رَحِمك الله كَمَا ربيتني صَغِيرا فَتَقول: رَحِمك الله كَمَا بررتني كَبِيرا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَقل رب ارحمهما كَمَا ربياني صَغِيرا﴾ ثمَّ أنزل الله بعد هَذَا (مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين وَلَو كَانُوا أولي قربى) (التَّوْبَة آيَة ١١٣)
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر﴾ إِلَى قَوْله: ﴿كَمَا ربياني صَغِيرا﴾ قد نسختها الْآيَة الَّتِي فِي بَرَاءَة (مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين) (التَّوْبَة آيَة ١١٣) الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر والنحاس وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قَتَادَة رَضِي الله
قَالَ الله تَعَالَى: (مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ربكُم أعلم بِمَا فِي نفوسكم﴾ قَالَ: تكون البادرة من الْوَلَد إِلَى الْوَالِد فَقَالَ الله: ﴿إِن تَكُونُوا صالحين﴾ أَي تكون النِّيَّة صَادِقَة ببرهما ﴿فَإِنَّهُ كَانَ للأوّابين غَفُورًا﴾ للبادرة الَّتِي بدرت مِنْهُ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَإِنَّهُ كَانَ للأوّابين﴾ قَالَ: الرجاعين من الذَّنب إِلَى التَّوْبَة وَمن السَّيِّئَات إِلَى الْحَسَنَات
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿للأوّابين﴾ قَالَ: للمطيعين الْمُحْسِنِينَ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿للأوّابين﴾ قَالَ: للتوّابين
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأوّاب التوّاب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْعَمَل أحب إِلَى الله قَالَ: الصَّلَاة على وَقتهَا قلت: ثمَّ أَي قَالَ: ثمَّ بر الْوَالِدين قلت: ثمَّ أَي قَالَ: ثمَّ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: رضَا الله فِي رضَا الْوَالِد وَسخط الله فِي سخط الْوَالِد
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ:
قلت: من أبر قَالَ: أمك
قلت: من أبر قَالَ: أمك
قلت: من أبر قَالَ: أَبَاك ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه أَتَاهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي خطبت امْرَأَة فَأَبت أَن تنكحني وخطبها غَيْرِي فأحبت أَن تنكحه فغرت عَلَيْهَا فقتلتها فَهَل لي من تَوْبَة قَالَ: أمك حَيَّة قَالَ: لَا
قَالَ: تب إِلَى الله وتقرب إِلَيْهِ مَا اسْتَطَعْت
فَذَهَبت فَسَأَلت ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - لم سَأَلت عَن حَيَاة أمه فَقَالَ: إِنِّي لَا أعلم عملا أقرب إِلَى الله من بر الوالدة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رجل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا تَأْمُرنِي قَالَ: بر أمك ثمَّ عَاد فَقَالَ: بر أمك ثمَّ عَاد فَقَالَ: بر أمك ثمَّ عَاد الرَّابِعَة فَقَالَ: بر أَبَاك وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا من مُسلم لَهُ والدان يصبح إِلَيْهِمَا محسناً إِلَّا فتح الله لَهُ بَابَيْنِ - يَعْنِي من الْجنَّة - وَإِن كَانَ وَاحِد فواحد وَإِن أغضب أَحدهمَا لم يرض الله عَنهُ حَتَّى يرضى عَنهُ
قيل: وَإِن ظلماه قَالَ: وَإِن ظلماه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: لَا يَجْزِي ولد وَالِده إِلَّا أَن يجده مَمْلُوكا فيشتريه قيعتقه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبايعه على الْهِجْرَة وَترك أَبَوَيْهِ يَبْكِيَانِ قَالَ: فَارْجِع إِلَيْهِمَا وأضحكهما كَمَا أبكيتهما
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد الْجِهَاد فَقَالَ: أَلَك والدان قَالَ: نعم
قَالَ: ففيهما فَجَاهد
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معَاذ بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بر وَالِديهِ طُوبَى لَهُ زَاد الله فِي عمره
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَنه أبْصر رجلَيْنِ فَقَالَ: لأَحَدهمَا مَا هَذَا مِنْك فَقَالَ أبي فقا: لَا تسمه
وَفِي لفظ لَا تَدعه باسمه وَلَا تمش أَمَامه وَلَا تجْلِس قبله حَتَّى يجلس وَلَا تستب لَهُ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رضَا الله فِي رضَا الْوَالِدين وَسخط الله فِي سخط الْوَالِدين
وَأخرج سعيد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُعَاوِيَة بن جَابر عَن أَبِيه قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسْتَشِيرهُ فِي الْجِهَاد فَقَالَ: أَلَك وَالِدَة قَالَ نعم
قَالَ: اذْهَبْ فالزمها فَإِن الْجنَّة قد عِنْد رِجْلَيْهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد الْغَزْو وَقد جِئْت إِلَيْك أستشيرك فَقَالَ: هَل لَك من أم قَالَ: نعم
قَالَ: فالزمها فَإِن الْجنَّة عِنْد رِجْلَيْهَا ثمَّ الثَّانِيَة ثمَّ الثَّالِثَة كَمثل ذَلِك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَتَى رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي أشتهي الْجِهَاد وَلَا أقدر عَلَيْهِ فَقَالَ: هَل بَقِي أحد من والديك قَالَ: أُمِّي قَالَ: فتق الله فِيهَا فَإِذا فعلت ذَلِك فَأَنت حَاج ومعتمر وَمُجاهد فَإِذا دعتك أمك فَاتق الله وبرّها
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنومك على السرير بَين والديك تضحكهما ويضحكانك أفضل من جهادك بِالسَّيْفِ فِي سَبِيل الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْوَالِد وسط أَبْوَاب الْجنَّة فاحفظ ذَلِك الْبَاب أَو ضَيِّعْهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أَرَانِي فِي الْجنَّة فَبينا أَنا فِيهَا إِذْ سَمِعت صَوت رجل بِالْقُرْآنِ فَقلت: من هَذَا قَالُوا: حَارِثَة بن النُّعْمَان كَذَلِك الْبر كَذَلِك الْبر
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نمت فرأيتني فِي الْجنَّة فَسمِعت قَارِئًا يقْرَأ فَقلت من هَذَا قَالُوا: حَارِثَة بن النُّعْمَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذَلِك الْبر كَذَلِك الْبر كَذَلِك الْبر قَالَ: وَكَانَ أبر النَّاس بِأُمِّهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مر رجل لَهُ جسم - يَعْنِي خلقا - فَقَالُوا: لَو كَانَ هَذَا فِي سَبِيل الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَعَلَّه يكد على أبوين شيخين كبيرين فَهُوَ فِي سَبِيل الله
لَعَلَّه يكد على صبية صغَار فَهُوَ فِي سَبِيل الله
لَعَلَّه يكد على نَفسه ليغنيها عَن النَّاس فَهُوَ فِي سَبِيل الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أحب أَن يمد الله فِي عمره وَيزِيد فِي رزقه فليبر وَالِديهِ وَليصل رَحمَه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: مَا من ولد بار ينظر إِلَى وَالِديهِ نظرة رَحْمَة إِلَّا كتب الله لَهُ بِكُل نظرة حجَّة مبرورة قَالُوا: وَإِن نظر كل يَوْم مائَة مرّة قَالَ: نعم
الله أكبر وَأطيب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نظر الْوَلَد إِلَى وَالِده - يَعْنِي - فسرّ بِهِ كَانَ للْوَلَد عتق نسمَة قيل: يَا رَسُول الله وَإِن نظر ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ نظرة قَالَ: الله أكبر من ذَلِك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: النّظر إِلَى الْوَالِد عبَادَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قبل بَين عَيْني أمه كَانَ لَهُ سترا من النَّار
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أذنبت ذَنبا عَظِيما فَهَل لي من تَوْبَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلَك والدان قَالَ: لَا
قَالَ: أَلَك خَالَة قَالَ: نعم
قَالَ: فبرها إِذن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم أَيمن رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوصى بعض أهل بَيته فَقَالَ: لَا تشرك بِاللَّه وَإِن عذبت وَإِن حرقت وأطع رَبك ووالديك وَإِن أمراك أَن تخرج من كل شَيْء فَاخْرُج وَلَا تتْرك الصَّلَاة مُتَعَمدا فَإِنَّهُ من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله إياك وَالْخمر فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ وَإِيَّاك وَالْمَعْصِيَة فَإِنَّهَا تسخط الله لَا تنازِعَنَّ الْأَمر أَهله وَإِن رَأَيْت أَنه لَك لَا تَفِر من الزَّحْف وَإِن أصَاب النَّاس موت وَأَنت فيهم فَأثْبت أنْفق على أهلك من طولك وَلَا ترفع عصاك عَنْهُم وأخفهم فِي الله عز وَجل
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أسيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله هَل بَقِي عَليّ من بر أَبَوي شَيْء بعد مَوْتهمَا أبرهما بِهِ قَالَ: نعم
خِصَال أَربع: الدُّعَاء لَهما وَالِاسْتِغْفَار لَهما وانفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلَة الرَّحِم الَّتِي لَا رحم لَك إِلَّا من قبلهمَا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أبر الْبر أَن يصل الرجل أهل ودّ أَبِيه بعد أَن يولي الْأَب
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن عبد الله بن سَلام - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: وَالَّذِي بعث مُحَمَّد بِالْحَقِّ إِنَّه لفي كتاب الله لَا تقطع من كَانَ يصل أَبَاك فتطفئ بذلك نورك
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يدْخل الْجنَّة عَاق وَلَا ولد زنا وَلَا مدمن خمر وَلَا منان
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة عَاق وَالِديهِ وَلَا منان وَلَا ولد زنية وَلَا مدمن خمر وَلَا قَاطع رحم وَلَا من أَتَى ذَات رحم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن طلق بن عليّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَو أدْركْت وَالِدي أَو أَحدهمَا وَأَنا فِي صَلَاة الْعشَاء وَقد قَرَأت فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فَنَادَى يَا مُحَمَّد لأجبتهما لبيْك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه من طَرِيق اللَّيْث بن سعد حَدثنِي يزِيد بن حَوْشَب الفِهري عَن أَبِيه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَو كَانَ جريج الراهب فَقِيها عَالما لعلم أَن إجَابَته أمه أفضل من عِبَادَته ربه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مَكْحُول قَالَ: إِذا دعتك والدتك وَأَنت فِي الصَّلَاة فأجبها وَإِذا دعَاك أَبوك فَلَا تجبه حَتَّى تفرغ من صَلَاتك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دعتك أمك فِي الصَّلَاة فأجبها وَإِذا دعَاك أَبوك فَلَا تجبه
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أدْرك وَالِديهِ أَو أَحدهمَا ثمَّ دخل النَّار من بعد ذَلِك فَأَبْعَده الله وأسحقه
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن معَاذ عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من الْعباد عباد لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَا يزكيهم وَلَا يطهرهم قيل: من أُولَئِكَ يَا رَسُول الله قَالَ: المتبرئ من وَالِديهِ رَغْبَة عَنْهُمَا والمتبرئ من وَلَده وَرجل أنعم عَلَيْهِ قوم فَكفر نعمتهم وتبرأ مِنْهُم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ والخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق من طَرِيق بكار بن عبد الْعَزِيز بن أبي بكرَة عَن أَبِيه عَن جده أبي بكرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل الذُّنُوب يُؤَخر الله مِنْهَا مَا شَاءَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا عقوق الْوَالِدين فَإِنَّهُ يعجله لصَاحبه فِي الْحَيَاة قبل الْمَمَات وَمن رايا رايا الله بِهِ وَمن سمع سمع الله بِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن من السّنة أَن توقر أَرْبَعَة: الْعَالم وَذُو الشيبة وَالسُّلْطَان وَالْوَالِد
قَالَ: وَيُقَال أَن من الْجفَاء: أَن يَدْعُو الرجل وَالِده باسمه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن العقوق مَا تجدونه فِي كتاب الله عقوق الْوَالِدين قَالَ: إِذا أقسم عَلَيْهِ لم يبره وَإِذا سَأَلَهُ لم يُعْطه وَإِذا ائتمنه خَان فَذَلِك العقوق
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاث دعوات مستجابات: دُعَاء الْوَالِد على وَلَده ودعوة الْمَظْلُوم ودعوة الْمُسَافِر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن النُّعْمَان يرفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من زار قبر أَبَوَيْهِ أَو أَحدهمَا فِي كل جُمُعَة غفر لَهُ وَكتب برّاً
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرجل ليَمُوت والداه وَهُوَ عَاق لَهما فيدعو لَهما من بعدهمَا فيكتبه الله من البارين
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن العَبْد يَمُوت والداه أَو أَحدهمَا وَإنَّهُ لَهما عَاق فَلَا يزَال يَدْعُو لَهما ويستغفر لَهما حَتَّى يَكْتُبهُ الله بارّاً
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن من عق وَالِديهِ فِي حياتهما ثمَّ قضى دينا إِن كَانَ عَلَيْهِمَا واسْتغْفر لَهما وَلم يستسب لَهما كتب بارّاً وَمن بر وَالِديهِ فِي حياتهما ثمَّ لم يقْض دينا إِن كَانَ عَلَيْهِمَا وَلم يسْتَغْفر لَهما واستسب لَهما كتب عاقاً
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْمُنْكَدر بن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أبي يبيت على السَّطْح يروح على أمه وَعمي يُصَلِّي إِلَى الصَّباح فَقَالَ لَهُ أبي مَا يسرني أَن لَيْلَتي بليلتك
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بَات عمر أخي يُصَلِّي وَبت أغمز رجل أُمِّي وَمَا أحب أَن لَيْلَتي بليلته
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر: أَنه كَانَ يضع خَدّه على الأَرْض ثمَّ يَقُول لأمه: يَا أمه قومِي فضعي قدمك على خدي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس قَالَ: كَانَ رجل لَهُ أَرْبَعَة بَنِينَ فَمَرض فَقَالَ أحدهم: إِمَّا أَن تمرضوه وَلَيْسَ لكم من مِيرَاثه شَيْء وَأما أَن أمرضه وَلَيْسَ لي من مِيرَاثه شَيْء قَالُوا: بل مَرضه وَلَيْسَ لَك من مِيرَاثه شَيْء فمرضه فَمَاتَ وَلم يَأْخُذ من مَاله شَيْئا فَأتي فِي النّوم فَقيل لَهُ: ائْتِ مَكَان كَذَا وَكَذَا فَخذ مِنْهُ مائَة دِينَار فَقَالَ فِي نَومه أفيها بركَة قَالُوا: لَا
فَأصْبح فَذكر ذَلِك لامْرَأَته فَقَالَت لَهُ خُذْهَا فَإِن من بركتها: أَن تكتسي مِنْهَا وتعيش بهَا فَأبى فَلَمَّا أَمْسَى أُتِي فِي النّوم فَقيل لَهُ: ائْتِ مَكَان كَذَا وَكَذَا فَخذ مِنْهُ عشرَة دَنَانِير فَقَالَ: فِيهَا بركَة قَالُوا: لَا فَأصْبح فَذكر ذَلِك لامْرَأَته فَقَالَت لَهُ مثل ذَلِك فَأبى أَن يَأْخُذهَا فَأتي فِي النّوم فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة: أَن ائْتِ مَكَان كَذَا وَكَذَا فَخذ مِنْهُ دِينَارا فَقَالَ: أفيه بركَة قَالُوا: نعم
فَذهب فَأخذ الدِّينَار ثمَّ خرج بِهِ إِلَى السُّوق فَإِذا هُوَ بِرَجُل يحمل حوتين فَقَالَ بكم هَذَانِ فَقَالَ بِدِينَار فَأَخذهُمَا مِنْهُ بالدينار ثمَّ انْطلق فَلَمَّا دخل بَيته شقّ الحوتين فَوجدَ فِي بطن كل وَاحِد مِنْهُمَا درة لم ير النَّاس مثلهَا فَبعث الْملك بدرة ليشتريها فَلم تُوجد إِلَّا عِنْده فَبَاعَهَا بوقر ثَلَاثِينَ بغلاً ذَهَبا فَلَمَّا رَآهَا الْملك قَالَ: مَا تصلح هَذِه إِلَّا
قَالَ: فجاؤوا فَقَالُوا: عنْدك أُخْتهَا نعطيك ضعف مَا أعطيناك قَالَ: أَو تَفْعَلُونَ قَالُوا: نعم
فَأَعْطَاهُمْ أُخْتهَا بِضعْف مَا أخذُوا الأولى
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قدم أَبُو مُوسَى وَأَبُو عَامر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَايعُوهُ وَأَسْلمُوا
قَالَ: مَا فعلت امْرَأَة مِنْكُم تدعى كَذَا وَكَذَا قَالُوا تركناها فِي أَهلهَا
قَالَ: فَإِنَّهَا قد غفر لَهَا
قَالُوا: بِمَ يَا رَسُول الله قَالَ: ببرها والدتها قَالَ: كَانَت لَهَا أم عَجُوز كَبِيرَة فَجَاءَهُمْ النذير: إِن الْعَدو يُرِيد أَن يُغير عَلَيْكُم اللَّيْلَة فارتحلوا ليلحقوا بعظيم قَومهمْ وَلم يكن مَعهَا مَا تحْتَمل عَلَيْهِ فعمدت إِلَى أمهَا فَجعلت تحملهَا على ظهرهَا فَإِذا أعيت وَضَعتهَا ثمَّ ألصقت بَطنهَا بِبَطن أمهَا وَجعلت رِجْلَيْهَا تَحت رجْلي أمهَا من الرمضاء حَتَّى نجت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ طلع شَاب فَقُلْنَا: لَو كَانَ هَذَا الشَّاب جعل شبابه ونشاطه وقوته فِي سَبِيل الله فَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقالتنا
فَقَالَ: وَمَا فِي سَبِيل الله إِلَّا من قتل وَمن سعى على وَالِديهِ فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَمن سعى على عِيَاله فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَمن سعى على نَفسه يغنيها فَهُوَ فِي سَبِيل الله تَعَالَى
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قلت يَا رَسُول الله أَي النَّاس أعظم حَقًا على الْمَرْأَة
قَالَ: زَوجهَا
قلت: فَأَي النَّاس أعظم حَقًا على الرجل
قَالَ: أمه
وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله يَقُول: لعن الله من ذبح لغير الله ثمَّ تولى غير مَوْلَاهُ وَلعن الله الْعَاق لوَالِديهِ وَلعن الله من نقض منار الأَرْض
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا عفوا عَن نسَاء النَّاس تعف نِسَاؤُكُمْ وبروا آبائكم تبركم أبناؤكم وَمن أَتَاهُ أَخُوهُ متنصلاً فليقبل ذَلِك مِنْهُ محقاً كَانَ أَو مُبْطلًا فَإِن لم يفعل لم يرد على الْحَوْض
وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا بروا آبَاءَكُم
قَالَ: فَارْجِع فاستأذنهما فَإِن أذنا لَك مُجَاهِد وإلاّ فبرّهما
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ أَن مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سَأَلَ ربه عز وَجل فَقَالَ: يَا رب بِمَ تَأْمُرنِي قَالَ: بِأَن لَا تشرك بِي شَيْئا قَالَ: وَبِمَ قَالَ: وتبر والدتك قَالَ: وَبِمَ قَالَ: وبوالدتك قَالَ: وَبِمَ قَالَ: وبوالدتك قَالَ وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ: إِن الْبر بالوالدين يزِيد فِي الْعُمر وَالْبر بالوالدة ينْبت الأَصْل
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عَمْرو بن مَيْمُون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام رجلا عِنْد الْعَرْش فغبطه بمكانه فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا: نخبرك بِعَمَلِهِ لَا يحْسد النَّاس على مَا آتَاهُم الله من فَضله وَلَا يمشي بالنميمة وَلَا يعق وَالِديهِ
قَالَ: أَي رب وَمن يعق وَالِديهِ قَالَ: يستسب لَهما حَتَّى يسبا
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ: أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: إِن امْرَأَتي بنت عمي وَإِنِّي أحبها وَإِن والدتي تَأْمُرنِي أَن أطلقها فَقَالَ: لَا آمُرك أَن تطلقها وَلَا آمُرك أَن تَعْصِي والدتك وَلَكِن أحَدثك حَدِيثا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمعته يَقُول: إِن الوالدة أَوسط بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة فَإِن شِئْت فَأمْسك وَإِن شِئْت فدع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: للْأُم ثلثا الْبر وَللْأَب الثُّلُث
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة عَاق وَلَا مدمن خمر وَلَا مكذب بِقدر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بر الْوَالِدين يُجزئ من الْجِهَاد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ: مَا حق الْوَالِد على الْوَلَد قَالَ: لَو خرجت من أهلك وَمَالك مَا أدّيت حَقّهمَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِذا مَالَتْ
وَأخرج هناد عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَإِنَّهُ كَانَ للأوّابين غَفُورًا﴾ قَالَ: الأواب الَّذِي يُذنب ثمَّ يسْتَغْفر ثمَّ يُذنب ثمَّ يسْتَغْفر ثمَّ يُذنب ثمَّ يسْتَغْفر
وَأخرج هناد عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَإِنَّهُ كَانَ للأوّابين غَفُورًا﴾ قَالَ: الأوّاب الَّذِي يتَذَكَّر ذنُوبه فِي الْخَلَاء فيستغفر مِنْهَا
الْآيَة ٢٦ - ٢٨
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ﴾ يقول اخضع لوالديك كما يخضع العبد للسيد الفظ الغليظ.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنهما في قوله :﴿ واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ﴾ قال : لا ترفع يديك عليهما إذا كلمتهما.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عروة رضي الله عنه في قوله :﴿ واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ﴾ قال : إن أغضباك، فلا تنظر إليهما شزراً، فإنه أوّل ما يعرف غضب المرء بشدة نظره إلى من غضب عليه.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما برَّ أباه من حدّ إليه الطرف ».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن زهير بن محمد - رضي الله عنه - في قوله :﴿ واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ﴾ قال : إن سباك أو لعناك، فقل رحمكما الله غفر الله لكما.
وأخرج ابن جرير، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ ﴿ واخفض لهما جناح الذل ﴾ بكسر الذال.
وأخرج، عن عاصم الجحدري رضي الله عنه مثله.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن أبي مرة مولى عقيل : إن أبا هريرة - رضي الله عنه - كانت أمه في بيت وهو في آخر، فكان يقف على بابها ويقول : السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته فتقول : وعليك يا بني، فيقول : رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول : رحمك الله كما بررتني كبيراً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ﴾ ثم أنزل الله بعد هذا ﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ﴾ [ التوبة : ١١٣ ].
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وإما يبلغن عندك الكبر ﴾ إلى قوله :﴿ كما ربياني صغيراً ﴾ قد نسختها الآية التي في براءة ﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ﴾ [ التوبة : ١١٣ ] الآية.
وأخرج ابن المنذر والنحاس وابن الأنباري في المصاحف، عن قتادة رضي الله عنه قال : نسخ من هذه الآية حرف واحد، لا ينبغي لأحد من المسلمين أن يستغفر لوالديه إذا كانوا مشركين، ولم يقل ﴿ رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ﴾ ولكن ليخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وليقل لهما قولاً معروفاً. قال الله تعالى :﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ﴾.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ إنه كان للأوّابين غفوراً ﴾ قال : الرجاعين إلى الخير.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن أبي حاتم والبيهقس عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله :﴿ إنه كان للأوّابين ﴾ قال : الرجاعين من الذنب إلى التوبة، ومن السيئات إلى الحسنات.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ للأوّابين ﴾ قال : للمطيعين المحسنين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ للأوّابين ﴾ قال : للتوّابين.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه - قال : الأوّاب، التوّاب.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أحب إلى الله ؟ قال :«الصلاة على وقتها » قلت : ثم أي ؟ قال :«ثم بر الوالدين » قلت : ثم أي ؟ قال :«ثم الجهاد في سبيل الله ».
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد.
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال : قلت يا رسول الله، من أبر ؟ قال :«أمك. قلت : من أبر ؟ قال : أمك. قلت : من أبر ؟ قال : أمك. قلت : من أبر ؟ قال : أباك، ثم الأقرب فالأقرب ».
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والبيهقي، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه أتاه رجل فقال : إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني، وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه، فغرت عليها فقتلتها، فهل لي من توبة ؟ قال : أمك حية ؟ قال : لا. قال : تب إلى الله، وتقرب إليه ما استطعت. فذهبت فسألت ابن عباس - رضي الله عنهما - لم سألت عن حياة أمه ؟ فقال : إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله من بر الوالدة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى رجل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما تأمرني ؟ قال :«بر أمك، ثم عاد فقال : بر أمك، ثم عاد فقال : بر أمك، ثم عاد الرابعة فقال : بر أباك » وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما من مسلم له والدان يصبح إليهما محسناً إلا فتح الله له بابين - يعني من الجنة - وإن كان واحداً فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه، حتى يرضى عنه. قيل : وإن ظلماه ؟ ؟ قال : وإن ظلماه.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن المنذر والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال :«لا يجزي ولد والده، إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه قيعتقه ».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري في الأدب والحاكم وصححه والبيهقي، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يبايعه على الهجرة، وترك أبويه يبكيان قال :«فارجع إليهما وأضحكهما كما أبكيتهما ».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد الجهاد، فقال :«ألك والدان ؟ قال : نعم. قال : ففيهما فجاهد ».
وأخرج البخاري في الأدب ومسلم والبيهقي، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال :«رغم أنفه رغم أنفه قالوا يا رسول الله من ؟ قال : من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما فدخل النار ».
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان، عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم «من بر والديه طوبى له زاد الله في عمره ».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري في الأدب والبيهقي، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه أبصر رجلين، فقال : لأحدهما ما هذا منك ؟ فقال أبي، فقال : لا تسمه. وفي لفظ لا تدعه باسمه، ولا تمش أمامه، ولا تجلس قبله حتى يجلس، ولا تستب له.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين ».
وأخرج سعيد وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي، عن معاوية بن جابر، عن أبيه قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم أستشيره في الجهاد، فقال :«ألك والدة ؟ قال نعم. قال : اذهب فالزمها فإن الجنة عند رجليها ».
وأخرج عبد الرزاق، عن طلحة رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال :« يا رسول الله، إني أريد الغزو، وقد جئت إليك أستشيرك ؟ فقال :«هل لك من أم ؟ قال : نعم. قال : فالزمها فإن الجنة عند رجليها، ثم الثانية، ثم الثالثة » كمثل ذلك.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي، عن أنس - رضي الله عنه - «أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه، فقال :«هل بقي أحد من والديك ؟ قال : أمي، قال : فاتق الله فيها، فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد، فإذا دعتك أمك فاتق الله وبرّها ».
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « لنومك على السرير بين والديك تضحكهما ويضحكانك أفضل من جهادك بالسيف في سبيل الله ».
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي، عن خداش بن سلامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوصي أمرأ بأمه ثلاث مرار، وأوصي امرأ بأبيه مرتين، وأوصي أمرأً بمولاه الذي يليه، وإن كان عليه منه أذى يؤذيه.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«الوالد وسط أبواب الجنة، فاحفظ ذلك الباب، أو ضَيِّعْهُ ».
وأخرج البيهقي، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني أراني في الجنة، فبينا أنا فيها إذ سمعت صوت رجل بالقرآن، فقلت : من هذا ؟ قالوا : حارثة بن النعمان، كذلك البر كذلك البر ».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم «نمت فرأيتني في الجنة، فسمعت قارئاً، يقرأ، فقلت من هذا ؟ » قالوا : حارثة بن النعمان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كذلك البر كذلك البر كذلك البر » قال : وكان أبر الناس بأمه.
وأخرج البيهقي، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : مر رجل له جسم - يعني خلقاً - فقالوا : لو كان هذا في سبيل الله ! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «لعله يكد على أبوين شيخين كبيرين، فهو في سبيل الله. لعله يكد على صبية صغار، فهو في سبيل الله. لعله يكد على نفسه ليغنيها عن الناس، فهو في سبيل الله ».
وأخرج البيهقي، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من أحب أن يمد الله في عمره، ويزيد في رزقه، فليبر والديه وليصل رحمه ».
وأخرج البيهقي، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :«ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة، إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة قالوا : وإن نظر كل يوم مائة مرة ؟ قال : نعم. الله أكبر وأطيب ».
وأخرج البيهقي، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا نظر الولد إلى والده - يعني - فسرّ به، كان للولد عتق نسمة » قيل : يا رسول الله، وإن نظر ثلاثمائة وستين نظرة ؟ قال :«الله أكبر من ذلك ».
وأخرج البيهقي، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : النظر إلى الوالد عبادة، والنظر إلى الكعبة عبادة، والنظر إلى المصحف عبادة، والنظر إلى أخيك ؛ حباً له في الله عبادة.
وأخرج البيهقي وضعفه، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قبل بين عيني أمه كان له ستراً من النار ».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال :«جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، إني أذنبت ذنباً عظيماً فهل لي من توبة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ألك والدان قال : لا. قال : ألك خالة ؟ قال : نعم. قال : فبرها إذن ».
وأخرج البيهقي عن أم أيمن رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بعض أهل بيته فقال :«لا تشرك بالله وإن عذبت وإن حرقت، وأطع ربك ووالديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء فاخرج، ولا تترك الصلاة متعمداً ؛ فإنه من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله، إياك والخمر، فإنها مفتاح كل شر، وإياك والمعصية ؛ فإنها تسخط الله، لا تنازِعَنَّ الأمر أهله ؛ وإن رأيت أنه لك، لا تفر من الزحف ؛ وإن أصاب الناس موت، وأنت فيهم فأثبت، أنفق على أهلك من طولك، ولا ترفع عصاك عنهم وأخفهم في الله عز وجل ».
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب وأبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي، عن أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه قال : كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل :«يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به ؟ قال : نعم. خصال أربع : الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما ».
وأخرج البخاري في الأدب ومسلم وأبو داود والترمذي وابن حبان والبيهقي، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ودّ أبيه بعد أن يولي الأب ».
وأخرج البخاري في الأدب، عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال : والذي بعث محمداً بالحق، إنه لفي كتاب الله، لا تقطع من كان يصل أباك، فتطفئ بذلك نورك.
وأخرج الحاكم والبيهقي من طريق محمد بن طلحة، عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لرجل من العرب كان يصحبه - يقال له عفير - يا عفير، كيف سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الودّ ؟ قال : سمعته يقول :«الودّ يتوارث، والعداوة كذلك ».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والحاكم والبيهقي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«لا يدخل الجنة عاق، ولا ولد زنا، ولا مدمن خمر، ولا منان ».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والنسائي والبيهقي، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«لا يدخل الجنة عاق والديه، ولا منان، ولا ولد زنية، ولا مدمن خمر، ولا قاطع رحم، ولا من أتى ذات رحم ».
وأخرج البيهقي وضعفه، عن طلق بن علي قال : سمعت رسول الله صلى الله علي
قَالَ: سُفْيَان رَحمَه الله وَالْعدة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه﴾ الْآيَة
قَالَ: هُوَ أَن تصل ذَا الْقَرَابَة وَتطعم الْمِسْكِين وتحسن إِلَى ابْن السَّبِيل
وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لرجل من أهل الشَّام: أَقرَأت الْقُرْآن قَالَ: نعم
قَالَ: أفما قَرَأت فِي بني إِسْرَائِيل ﴿وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه﴾ قَالَ: وَإِنَّكُمْ لِلْقَرَابَةِ الَّذِي أَمر الله أَن يُؤْتى حَقه قَالَ: نعم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة
قَالَ: كَانَ نَاس من بني عبد الْمطلب يأْتونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونه فَإِذا صادفوا عِنْده شَيْئا أَعْطَاهُم
والقربى قربى بني عبد الْمطلب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل﴾ قَالَ: هُوَ أَن وتوفيهم حَقهم إِن كَانَ يَسِيرا وَإِن لم يكن عنْدك ﴿فَقل لَهُم قولا ميسوراً﴾ وَقل لَهُم الْخَيْر
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه﴾ الْآيَة
قَالَ: بَدَأَ فَأمره بأوجب الْحُقُوق ودله على أفضل الْأَعْمَال إِذا كَانَ عِنْده شَيْء
فَقَالَ: ﴿وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل﴾ وَعلمه إِذا لم يكن عِنْده شَيْء كَيفَ يَقُول
فَقَالَ: ﴿وَإِمَّا تعرضن عَنْهُم إبتغاء رَحْمَة من رَبك ترجوها فَقل لَهُم قولا ميسوراً﴾ عدَّة حَسَنَة كأته قد كَانَ وَلَعَلَّه أَن يكون إِن شَاءَ الله ﴿وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك﴾ لَا تُعْطِي شَيْئا ﴿وَلَا تبسطها كل الْبسط﴾ تُعْطِي مَا عنْدك ﴿فتقعد ملوماً﴾ يلومك من يَأْتِيك بعد وَلَا يجد عنْدك شَيْئا ﴿محسوراً﴾ قَالَ: قد حسرك من قد أَعْطيته
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن كُلَيْب بن مَنْفَعَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ جدي يَا رَسُول الله من أبر قَالَ: أمك وأباك وأختك وأخاك ومولاك الَّذِي يَلِي ذَاك حق وَاجِب ورحم مَوْصُولَة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْمِقْدَام بن معد يكرب - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله يُوصِيكُم بِأُمَّهَاتِكُمْ ثمَّ يُوصِيكُم بِآبَائِكُمْ ثمَّ يُوصِيكُم بالأقرب فَالْأَقْرَب
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا أنْفق الرجل نَفَقَة على نَفسه وَأَهله يحتسبها إِلَّا آجره الله فِيهَا وابدأ بِمن تعول فَإِن كَانَ فضل فَالْأَقْرَب الْأَقْرَب وَإِن كَانَ فضل فناول
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَاللَّفْظ لَهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: احْفَظُوا أنسابكم تصلوا أَرْحَامكُم فَإِنَّهُ لَا بعد للرحم إِذا قربت وَإِن كَانَت بعيدَة وَلَا قرب لَهَا إِذا بَعدت وَإِن كَانَت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن أَعْرَابِيًا قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل مُوسر وَإِن لي أما وَأَبا وأختاً وأخاً وَعَما وعمة وخالاً وَخَالَة فَأَيهمْ أولى بصلتي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك أدناك
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي رمثة التَّيْمِيّ تيم الربَاب قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يخْطب وَيَقُول: يَد الْمُعْطِي الْعليا أمك وأباك وأختك وأخاك ثمَّ أدناك أدناك
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم والشيرازي فِي الألقاب وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله عز وَجل ليَعْمر للْقَوْم الديار ويُكثر لَهُم الْأَمْوَال وَمَا نظر إِلَيْهِم مُنْذُ خلقهمْ بغضاً قيل يَا رَسُول الله وَبِمَ ذَلِك: قَالَ: بصلتهم أرحامهم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عدي وَابْن لال فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أهل الْبَيْت إِذا تواصلوا أجْرى الله عَلَيْهِم الرزق وَكَانُوا فِي كنف الرَّحْمَن عز وَجل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن جرير والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أعجل الطَّاعَة ثَوابًا صلَة الرَّحِم حَتَّى إِن أهل الْبَيْت ليكونون فجاراً فتنمو أَمْوَالهم وَيكثر عَددهمْ إِذا وصلوا الرَّحِم وَإِن أعجل الْمعْصِيَة عقَابا الْبَغي وَالْيَمِين الْفَاجِرَة تذْهب المَال وتعقم الرَّحِم وَتَدَع الديار بَلَاقِع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ثَعْلَبَة بن زَهْدَم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهُوَ يخْطب - يَد الْمُعْطِي الْعليا وَيَد السَّائِل السُّفْلى وابدأ بِمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه﴾ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة فَأَعْطَاهَا فدك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يُعْطي وَكَيف يُعْطي وبمن يبْدَأ فَأنْزل الله ﴿وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل﴾ فَأمر الله أَن يبْدَأ بِذِي الْقُرْبَى ثمَّ بالمسكين وَابْن السَّبِيل وَمن بعدهمْ
قَالَ: ﴿وَلَا تبذر تبذيراً﴾ يَقُول الله عز وَجل: وَلَا تعط مَالك كُله فتقعد بِغَيْر شَيْء
قَالَ: ﴿وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك﴾ فتمنع مَا عنْدك فَلَا تُعْطِي أحدا ﴿وَلَا تبسطها كل الْبسط﴾ فَنَهَاهُ أَن يُعْطي إِلَّا مَا بَين لَهُ
وَقَالَ لَهُ: ﴿وَأما تعرضن عَنْهُم﴾ يَقُول: تمسك عَن عطائهم ﴿فَقل لَهُم قولا ميسوراً﴾ يَعْنِي قولا مَعْرُوفا لَعَلَّه أَن يكون عَسى أَن يكون
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي ذُو مَال كثير وَذُو أهل وَولد وحاضرة فَأَخْبرنِي كَيفَ أنْفق وَكَيف أصنع قَالَ: تخرج الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة فَإِنَّهَا مطهرة تطهرك وَتصل أقاربك وتعرف حق السَّائِل وَالْجَار الْمِسْكِين فَقَالَ: يَا رَسُول الله أقلل لي قَالَ: ﴿وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل وَلَا تبذر تبذيراً﴾ قَالَ: حسبي رَسُول الله
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تبذر تبذيراً﴾ قَالَ: التبذير إِنْفَاق المَال فِي غير حَقه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد نتحدث أَن التبذير النَّفَقَة فِي غير حَقه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿إِن المبذرين﴾ قَالَ: هم الَّذين يُنْفقُونَ المَال فِي غير حَقه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تبذر تبذيراً﴾ يَقُول: لَا تعط مَالك كُله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من السَّرف
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا أنفقت على نَفسك وَأهل بَيْتك فِي غير سرف وَلَا تبذير وَمَا تَصَدَّقت فلك وَمَا أنفقت رِيَاء وَسُمْعَة فَذَلِك حَظّ الشَّيْطَان
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ نَاس من مزينة يستحملون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ (توَلّوا وأعينهم تفيض من الدمع) (التَّوْبَة آيَة ٩٢) حزنا ظنُّوا ذَلِك من غضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿وَإِمَّا تعرضن عَنْهُم إبتغاء رَحْمَة من رَبك﴾ الْآيَة
قَالَ: الرَّحْمَة الْفَيْء
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿إبتغاء رَحْمَة﴾ قَالَ: رزق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَإِمَّا تعرضن عَنْهُم إبتغاء رَحْمَة من رَبك ترجوها﴾ قَالَ: انْتِظَار رزق الله
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَإِمَّا تعرضن عَنْهُم﴾ يَقُول: لَا تَجِد شَيْئا تعطيهم ﴿ابْتِغَاء رَحْمَة من رَبك﴾ يَقُول: انْتِظَار رزق الله من رَبك نزلت فِيمَن كَانَ يسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَسَاكِين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَقل لَهُم قولا ميسوراً﴾ قَالَ: لينًا سهلاً سَيكون إِن شَاءَ الله تَعَالَى فأفعل سنصيب إِن شَاءَ الله فأفعل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَقل لَهُم قولا ميسوراً﴾ يَقُول: قل لَهُم نعم وكرامة وَلَيْسَ عندنَا الْيَوْم فَإِن يأتنا شَيْء نَعْرِف حقكم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿قولا ميسوراً﴾ قَالَ: قولا جميلاً رزقنا الله وَإِيَّاك بَارك الله فِيك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله:
قَالَ سُفْيَان: وَالْعدة من رَسُول الله دين وَالله أعلم
الْآيَة ٢٩ - ٣٠
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ ولا تبذر تبذيراً ﴾ يقول : لا تعط مالك كله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : من السرف، أن يكتسي الإنسان ويأكل ويشرب مما ليس عنده، وما جاوز الكفاف فهو التبذير.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ما أنفقت على نفسك وأهل بيتك في غير سرف ولا تبذير، وما تصدقت فلك، وما أنفقت رياء وسمعة، فذلك حظ الشيطان.
وأخرج ابن جرير من طريق الخراساني، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ابتغاء رحمة ﴾ قال : رزق.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها ﴾ قال : انتظار رزق الله.
وأخرج ابن جرير، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله :﴿ وإما تعرضن عنهم ﴾ يقول : لا تجد شيئاً تعطيهم ﴿ ابتغاء رحمة من ربك ﴾ يقول : انتظار رزق الله من ربك، نزلت فيمن كان يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - من المساكين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ فقل لهم قولاً ميسوراً ﴾ قال : ليناً سهلاً، سيكون إن شاء الله تعالى فأفعل، سنصيب إن شاء الله فأفعل.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ فقل لهم قولاً ميسوراً ﴾ يقول : قل لهم نعم وكرامة، وليس عندنا اليوم، فإن يأتنا شيء نعرف حقكم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ قولاً ميسوراً ﴾ قال : قولاً جميلاً، رزقنا الله وإياك بارك الله فيك.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ فقل لهم قولاً ميسوراً ﴾ قال : العدة. قال سفيان : والعدة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دين، والله أعلم.
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْمنْهَال بن عمر وَقَالَ: بعثت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بابنها فَقَالَت: قل لَهُ اكسني ثوبا فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَيْء فَقَالَ: ارْجع إِلَيْهِ فَقل لَهُ اكسني قَمِيصك فَرجع إِلَيْهِ فَنزع قَمِيصه فَأعْطَاهُ إِيَّاه
فَنزلت ﴿وَلَا تجْعَل يدك مغلولة﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ غُلَام إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن أُمِّي تسألك كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: مَا عندنَا الْيَوْم شَيْء قَالَ: فَتَقول لَك اكسني قَمِيصك فَخلع قَمِيصه فَدفع إِلَيْهِ فَجَلَسَ فِي الْبَيْت حاسراً
فَأنْزل الله ﴿وَلَا تجْعَل يدك مغلولة﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن مردوية عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة: وَضرب بِيَدِهِ أنفقي مَا ظهر [] كفى قَالَت: إِذا لَا يبْقى شَيْء
قَالَ ذَلِك: ثَلَاث مَرَّات فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿وَلَا تجْعَل يدك مغلولة﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿وَلَا تجْعَل يدك مغلولة﴾ قَالَ: يَعْنِي بذلك الْبُخْل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك﴾
يَقُول: لَا تجعلها مغلولة لَا تبسطها بِخَير ﴿وَلَا تبسطها كل الْبسط﴾ يَعْنِي التبذير ﴿فتقعد ملوماً﴾ يلوم نَفسه على مَا فَاتَهُ من مَاله
﴿محسوراً﴾ ذهب مَاله كُله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك وَلَا تبسطها كل الْبسط﴾ قَالَ نَهَاهُ عَن السَّرف وَالْبخل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فتقعد ملوماً محسوراً﴾ قَالَ: ملوماً عِنْد النَّاس محسوراً من المَال
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿ملوماً محسوراً﴾ قَالَ مستحياً خجلاً قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: مَا فاد من مني يَمُوت جوادهم إِلَّا تركت جوادهم محسوراً وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرِّفْق فِي الْمَعيشَة خير من نض التِّجَارَة
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من فقه الرجل أَن يصلح معيشته قَالَ: وَلَيْسَ من حبك الدُّنْيَا طلب مَا يصلحك
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فقهك رفقك فِي معيشتك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الإقتصاد فِي التفقه نصف الْمَعيشَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا عَال من اقتصد
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا عَال مقتصد قطّ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن شبيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُقَال حسن التَّدْبِير مَعَ العفاف خير من الْغنى مَعَ الْإِسْرَاف
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مطرف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خير الْأُمُور أوسطها
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن يُونُس بن عبيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال: التودّد إِلَى النَّاس نصف الْعقل وَحسن الْمَسْأَلَة نصف الْعلم والاقتصاد فِي الْمَعيشَة يلقِي عَنْك نصف الْمُؤْنَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثمَّ أخبرنَا كَيفَ يصنع بِنَا فَقَالَ: ﴿إِن رَبك يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر﴾ ثمَّ أخبر عباده أَنه لَا يرزؤه وَلَا يؤدوه أَن لَو بسط الرزق عَلَيْهِم وَلَكِن نظرا لَهُم مِنْهُ فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى ﴿وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ لبغوا فِي الأَرْض وَلَكِن ينزل بِقدر مَا يَشَاء إِنَّه بعباده خَبِير بَصِير﴾ قَالَ: وَالْعرب إِذا كَانَ الخصب وَبسط عَلَيْهِم أَسرُّوا وَقتل بَعضهم بَعْضًا وَجَاء الْفساد وَإِذا كَانَ السّنة شغلوا عَن ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِن رَبك يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر﴾ قَالَ: ينظر لَهُ فَإِن كَانَ الْغنى خيرا لَهُ اغناه وَإِن كَانَ الْفقر خيرا لَهُ أفقره
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِن رَبك يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر﴾ قَالَ: يبسط لهَذَا مكراً بِهِ وَيقدر لهَذَا نظرا لَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن يقدر فَمَعْنَاه يقلل
الْآيَة ٣١
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ﴾ قال : ينظر له، فإن كان الغنى خيراً له أغناه، وإن كان الفقر خيراً له أفقره.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ﴾ قال : يبسط لهذا مكراً به، ويقدر لهذا نظراً له.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن زيد قال : كل شيء في القرآن يقدر فمعناه يقلل.
وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يقتلُون الْبَنَات خشيَة الْفَاقَة فوعظهم الله فِي ذَلِك وَأخْبرهمْ أَن رزقهم ورزق أَوْلَادهم على الله فَقَالَ: ﴿نَحن نرزقهم وَإِيَّاكُم إِن قَتلهمْ كَانَ خطأ كَبِيرا﴾ أَي إِثْمًا كَبِيرا
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿خشيَة إملاق﴾ قَالَ: مَخَافَة الْفقر
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وَإِنِّي على الاملاق يَا قوم ماجد اعدّ لأضيافي الشواء المطهيا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿خطأ﴾ قَالَ: خَطِيئَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ ﴿خطأ كَبِيرا﴾ مَهْمُوزَة من قبل الخطا وَالصَّوَاب
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَت لَهُ ثَلَاث بَنَات أَو ثَلَاث أَخَوَات اتَّقى الله وَقَامَ عَلَيْهِنَّ كَانَ معي فِي الْجنَّة هَكَذَا وَأَشَارَ بأصابعه الْأَرْبَع
وَأخرج أَحْمد وَابْن منيع عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كن لَهُ ثَلَاث بَنَات يمونهن ويرحمهن ويكفلهن وَجَبت لَهُ الْجنَّة أَلْبَتَّة قيل: يَا رَسُول الله فَإِن كن اثْنَتَيْنِ قَالَ: وَإِن كن اثْنَتَيْنِ
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يكون لأحد ثَلَاث بَنَات أَو ثَلَاث أَخَوَات أَو بنتان أَو أختَان فيتقي الله فِيهِنَّ وَيحسن إلَيْهِنَّ إِلَّا دخل الْجنَّة
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن سراقَة بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: يَا سراقَة أَلا أدلك على أعظم الصَّدَقَة قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ: إِن ابْنَتك مَرْدُودَة إِلَيْك لَيْسَ لَهَا كاسب غَيْرك
الْآيَة ٣٢
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تقربُوا الزِّنَى إِنَّه كَانَ فَاحِشَة﴾ قَالَ قَتَادَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: لَا يَزْنِي العَبْد حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا ينتهب حِين ينتهب وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن وَلَا يغل حِين يغل وَهُوَ مُؤمن قيل: يَا رَسُول الله وَالله إِن كُنَّا لنرى أَنه يَأْتِي ذَلِك وَهُوَ مُؤمن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا فعل شَيْئا من ذَلِك نزع الْإِيمَان من قلبه فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن وَلَا ينتهب نهبة ذَات شرف يرفع الْمُؤْمِنُونَ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارهم وَهُوَ مُؤمن
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ: إِذا زنى الْمُؤمن خرج مِنْهُ الْإِيمَان فَكَانَ عَلَيْهِ كالظلة فَإِذا انقلع مِنْهَا رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْإِيمَان نور فَمن زنى فَارقه الْإِيمَان فَمن لَام نَفسه فراجع رَاجعه الْإِيمَان
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْإِيمَان سربال يسربله الله من يَشَاء فَإِذا زنى العَبْد نزع مِنْهُ سربال الْإِيمَان فَإِن تَابَ رد عَلَيْهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَسَأَلَهُ عَن قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن فَأَيْنَ يكون الْإِيمَان مِنْهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: يكون هَكَذَا عَلَيْهِ وَقَالَ: بكفه فَوق رَأسه فَإِن تَابَ وَنزع رَجَعَ إِلَيْهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا شباب قُرَيْش احْفَظُوا فروجكم لَا تَزْنُوا أَلا من حفظ الله لَهُ فرجه دخل الْجنَّة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ظهر الزِّنَا والربا فِي قَرْيَة فقد أحلُّوا بِأَنْفسِهِم كتاب الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الزِّنَا يُورث الْفقر
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا نقض قوم الْعَهْد إِلَّا كَانَ الْقَتْل بَينهم وَلَا ظَهرت فَاحِشَة فِي قوم قطّ إِلَّا سلط الله عَلَيْهِم الْمَوْت وَلَا منع قوم الزَّكَاة إِلَّا حبس الله عَنْهُم الْقطر
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْهَيْثَم بن مَالك الطَّائِي رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من ذَنْب بعد الشّرك أعظم عِنْد الله من نُطْفَة وَضعهَا رجل فِي رحم لَا يحل لَهُ
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من قوم يظْهر فيهم الزِّنَا إِلَّا أخذُوا بِالسنةِ وَمَا من قوم يظْهر فيهم الرشا إِلَّا أُخذوا بِالرُّعْبِ
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لم يزن عبد قطّ إِلَّا نزع الله نور الْإِيمَان مِنْهُ: إِن شَاءَ رده وَإِن شَاءَ مَنعه
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشرب وَهُوَ مُؤمن وَلَا يقتل وَهُوَ مُؤمن فَإِذا فعل ذَلِك نزع مِنْهُ نور الْإِيمَان كَمَا ينْزع مِنْهُ قَمِيصه فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: شيخ زَان وَملك كَذَّاب وعائل مستكبر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أُسَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا تركت على أمتِي بعدِي فتْنَة أضرّ على الرِّجَال من النِّسَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لم يكن كفر من مضى إِلَّا من قبل النِّسَاء وَهُوَ كَائِن كفر من بَقِي من قبل النِّسَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبان بن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تعرف الزناة بنتن فروجهن يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن أَكثر ذنُوب أهل النَّار النِّسَاء
الْآيَة ٣٣ - ٣٤
قَالَ: كَانَ هَذَا بِمَكَّة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهَا وَهُوَ أول شَيْء نزل من الْقُرْآن فِي شَأْن الْقَتْل
كَانَ الْمُشْركين من أهل مَكَّة يغتالون أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: من قتلكم من الْمُشْركين فَلَا يحملنكم قَتله غياكم على أَن تقتلُوا لَهُ أَبَا أَو وأخا وأحداً من عشيرته وَإِن كَانُوا مُشْرِكين فَلَا تقتلُوا إِلَّا قاتلكم وَهَذَا قبل أَن تنزل بَرَاءَة وَقبل أَن يؤمروا بِقِتَال الْمُشْركين
فَذَلِك قَوْله: ﴿فَلَا يسرف فِي الْقَتْل﴾ يَقُول: لَا تقتل غير قَاتلك وَهِي الْيَوْم على ذَلِك الْموضع من الْمُسلمين لَا يحل لَهُم أَن يقتلُوا إِلَّا قَاتلهم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّاس فِي الْجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذا قتل الرجل من الْقَوْم رجلا لم يرْضوا حَتَّى يقتلُوا بِهِ رجلا شريفاً إِذا كَانَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَمن قتل مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا﴾ قَالَ: بَيِّنَة من الله أنزلهَا يطْلبهَا ولي الْمَقْتُول الْقود أَو الْعقل وَذَلِكَ السُّلْطَان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿فَلَا يسرف فِي الْقَتْل﴾ قَالَ: لَا يكثر من الْقَتْل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فَلَا يسرف فِي الْقَتْل﴾ قَالَ: لَا يقتل إِلَّا قَاتل رَحمَه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن طلق بن حبيب فِي قَوْله: ﴿فَلَا يسرف فِي الْقَتْل﴾ قَالَ: لَا يقتل غير قَاتله وَلَا يمثل بِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَلَا يسرف فِي الْقَتْل﴾ قَالَ: لَا يقتل اثْنَيْنِ بِوَاحِد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَلَا يسرف فِي الْقَتْل﴾ قَالَ: لَا يقتل غير قَاتله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿فَلَا يسرف فِي الْقَتْل﴾ قَالَ: من قَتَلَ بحديدة قُتِلَ بحديدة وَمن قَتَلَ بخشبة قُتِلَ بخشبة وَمن قَتَلَ بِحجر قُتِلَ بِحجر وَلَا يقتل غير قَاتله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله كتب الْإِحْسَان على كل شَيْء فَإِذا قتلتم فَأحْسنُوا القتلة وَإِذا ذبحتم فَأحْسنُوا الذبْحَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعق النَّاس قتلة أهل الْإِيمَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد عَن سَمُرَة بن جُنْدُب وَعمْرَان بن حُصَيْن قَالَا: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمثلَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فَلَا يسرف فِي الْقَتْل إِنَّه كَانَ منصوراً﴾ يَقُول: ينصره السُّلْطَان حَتَّى ينصفه من ظالمه
وَمن انتصر لنَفسِهِ دون السُّلْطَان فَهُوَ عَاص مُسْرِف قد عمل بحمية أهل الْجَاهِلِيَّة وَلم يرض بِحكم الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِنَّه كَانَ منصوراً﴾ قَالَ: إِن الْمَقْتُول كَانَ منصوراً
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن الْكسَائي قَالَ: هِيَ قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب فَلَا تسرفوا فِي الْقَتْل ان وليه كَانَ منصوراً
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّه لما كَانَ من أَمر هَذَا الرجل مَا كَانَ يَعْنِي عُثْمَان قلت لعَلي رَضِي الله عَنهُ اعتزل فَلَو كنت جُحر طلبت حَتَّى تستخرج فعصاني وَايْم الله ليتأمرن عَلَيْكُم مُعَاوِيَة وَذكر أَن الله تَعَالَى يَقُول: ﴿وَمن قتل مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا فَلَا يسرف فِي الْقَتْل إِنَّه كَانَ منصوراً﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن﴾ قَالَ: كَانُوا لَا يخالطونهم فِي مَال وَلَا مأكل وَلَا مركب حَتَّى نزلت (وَإِن تخالطوهم فإخوانكم) (الْبَقَرَة آيَة ٢٢٠)
الْآيَة ٣٥
أخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً ﴾ قال : يوم أنزلت هذه كان إنما يسأل عنه، ثم يدخل الجنة، فنزلت ﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ﴾ [ آل عمران : ٧٧ ].
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ إن العهد كان مسؤولاً ﴾ قال : يسأل الله ناقض العهد عن نقضه.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله :﴿ إن العهد كان مسؤولاً ﴾ قال : لا يسأل عهده من أعطاه إياه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال : ثلاث تُؤدى إلى البر والفاجر، العهد يوفى إلى البر والفاجر، وقرأ ﴿ وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : من نكث بيعة، كانت ستراً بينه وبين الجنة. قال : وإنما تهلك هذه الأمة بنكثها عهودها.
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِن الْعَهْد كَانَ مسؤولاً﴾ قَالَ: لَا يسْأَل عَهده من أعطَاهُ اياه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثَلَاث تُؤدى إِلَى الْبر والفاجر الْعَهْد يُوفى إِلَى الْبر والفاجر وَقَرَأَ ﴿وأوفوا بالعهد إِن الْعَهْد كَانَ مسؤولاً﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من نكث بيعَة كَانَت سترا بَينه وَبَين الْجنَّة
قَالَ: وَإِنَّمَا تهْلك هَذِه الْأمة بنكثها عهودها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وأوفوا الْكَيْل إِذا كلتم﴾ يَعْنِي لغيركم ﴿وزنوا بالقسطاس الْمُسْتَقيم﴾ يَعْنِي الْمِيزَان
وبلغة الرّوم الْمِيزَان القسطاس ﴿ذَلِك خير﴾ يَعْنِي وَفَاء الْكَيْل وَالْمِيزَان خير من النُّقْصَان ﴿وَأحسن تَأْوِيلا﴾ عَاقِبَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ذَلِك خير وَأحسن تَأْوِيلا﴾ أَي خير ثَوابًا وعاقبة
وَأخْبرنَا إِن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يَقُول: يَا معشر الموَالِي إِنَّكُم وليتم أَمريْن: بهما هلك النَّاس قبلكُمْ هَذَا الْمِكْيَال وَهَذَا الْمِيزَان
قَالَ: وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: لَا يقدر رجل على حرَام ثمَّ يَدعه لَيْسَ بِهِ إِلَّا مَخَافَة الله إِلَّا أبدله الله فِي عَاجل الدُّنْيَا قبل الْآخِرَة مَا هُوَ خير لَهُ من ذَلِك
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ﴿بالقسطاس﴾ الْعدْل بالرومية
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿وزنوا بالقسطاس﴾ قَالَ: الْعدْل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ ﴿وزنوا بالقسطاس﴾ قَالَ: القبان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ ﴿وزنوا بالقسطاس﴾ قَالَ: بالحديد وَالله أعلم
الْآيَة ٣٦
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم﴾ يَقُول: لَا ترم أحدا بِمَا لَيْسَ لَك بِهِ علم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن الْحَنَفِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم﴾ قَالَ: شَهَادَة الزُّور
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم﴾ قَالَ: هَذَا فِي الْفِرْيَة
يَوْم نزلت الْآيَة لم يكن فِيهَا حد إِنَّمَا كَانَ يسْأَل عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ يغْفر لَهُ حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة آيَة الْفِرْيَة جلد ثَمَانِينَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِن السّمع وَالْبَصَر والفؤاد كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولاً﴾ يَقُول: سَمعه وبصره يشْهد عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم﴾ قَالَ: لَا تقل سَمِعت وَلم تسمع وَلَا تقل: رَأَيْت وَلم تَرَ فَإِن الله سَائِلك عَن ذَلِك كُله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن قيس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولاً﴾ قَالَ: يُقَال للأذن يَوْم الْقِيَامَة هَل سَمِعت وَيُقَال للعين: هَل رَأَيْت وَيُقَال للفؤاد: مثل ذَلِك
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولاً﴾ قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة يُقَال أكذاك كَانَ أم لَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيّمَا رجل شاع على رجل مُسلم بِكَلِمَة وَهُوَ مِنْهَا بَرِيء كَانَ حَقًا على الله أَن يذيبه يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار حَتَّى يَأْتِي بنفاذ مَا قَالَ
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت عَن معَاذ بن أنس رَضِي الله
الْآيَة ٣٧
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّوَاضُع عَن [] محبس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا مشيت أمتِي المطيطا وَخدمَتهمْ فَارس وَالروم سلط بَعضهم على بعض
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رأى رجلا يخْطر فِي مَشْيه فَقَالَ: إِن للشَّيْطَان إخْوَانًا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن خَالِد بن معدان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إيَّاكُمْ والخطر فَإِن الرجل قد تُنَافِق يَده من دون سَائِر جسده
الْآيَة ٣٨
الْآيَة ٣٩
الْآيَة ٤٠ - ٤٨
يَقُول: ﴿لَو كَانَ مَعَه آلِهَة﴾ إِذا لعرفوا فَضله ومزيته عَلَيْهِم فابتغوا مَا يقربهُمْ إِلَيْهِ إِنَّهُم لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِذا لابتغوا إِلَى ذِي الْعَرْش سَبِيلا﴾ قَالَ: على أَيْن ينزلُوا ملكه
قَوْله تَعَالَى: ﴿تسبح لَهُ السَّمَاوَات السَّبع وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الرَّحْمَن بن قرط رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن لوط بن أبي لوط قَالَ: بَلغنِي أَن تَسْبِيح سَمَاء الدُّنْيَا سُبْحَانَ رَبنَا الْأَعْلَى وَالثَّانيَِة سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالثَّالِثَة سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ وَالرَّابِعَة سُبْحَانَهُ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ وَالْخَامِسَة سُبْحَانَ محيي الْمَوْتَى وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَالسَّادِسَة سُبْحَانَ الْملك القدوس وَالسَّابِعَة سُبْحَانَ الَّذِي مَلأ السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع عزة ووقاراً
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَهُوَ جَالس مَعَ أَصْحَابه إِذْ سمع هزة فَقَالَ: اطت السَّمَاء وَحقّ لَهَا أَن تئط قَالُوا: وَمَا الأطيط قَالَ: تناقضت السَّمَاء ويحقها أَن تنقض وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا فِيهَا مَوضِع شبر إِلَّا فِيهِ جبهة ملك ساجد يسبح الله بِحَمْدِهِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ ﴿تسبح لَهُ السَّمَاوَات السَّبع وَالْأَرْض﴾ بِالتَّاءِ
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَا تفقهون تسبيحهم﴾ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبركُم بِشَيْء أَمر بِهِ نوح ابْنه إِن نوحًا قَالَ لِابْنِهِ يَا بني
آمُرك أَن تَقول: سُبْحَانَ الله فَإِنَّهَا صَلَاة الْخلق وتسبيح الْخلق وَبهَا يرْزق الْخلق قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي اله عَنْهُمَا: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن نوحًا لما حَضرته الْوَفَاة قَالَ لابْنَيْهِ: آمركما بسبحان الله وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاة كل شَيْء وَبهَا يرْزق كل شَيْء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي فَضَائِل الذّكر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صَوت الديك صلَاته وضربه بجناحيه سُجُوده وركوعه ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة: ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَا تفقهون تسبيحهم﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يُنَادي مُنَاد من
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تضربوا وُجُوه الدَّوَابّ فَإِن كل شَيْء يسبح بِحَمْدِهِ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تلطموا وُجُوه الدَّوَابّ فَإِن كل شَيْء يسبح بِحَمْدِهِ
وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه مر على قوم وهم وقُوف على دَوَاب لَهُم ورواحل فَقَالَ لَهُم: اركبوها سَالِمَة ودوعها سَالِمَة وَلَا تتخذوها كراسي لأحاديثكم فِي الطّرق والأسواق فَرب مركوبه خير من راكبها وَأكْثر ذكرا للهِ مِنْهُ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن عبسة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا تستقل الشَّمْس فَيبقى من خلق الله تَعَالَى إِلَّا سبح الله بِحَمْدِهِ إِلَّا مَا كَانَ من الشَّيْطَان وأغنياء بني آدم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من عبد يسبح الله تَسْبِيحَة إِلَّا سبح مَا خلق الله من شَيْء
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن النَّمْل يسبحْنَ
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قرصت نملة نَبيا من الْأَنْبِيَاء فَأمر بقرية النَّمْل فأحرقت فَأوحى الله إِلَيْهِ من أجل نملة وَاحِدَة أحرقت أمة من الْأُمَم تسبح
وَأخرج النَّسَائِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل الضفدع وَقَالَ: نعيقها تَسْبِيح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾ قَالَ: الزَّرْع يسبح بِحَمْدِهِ وأجره لصَاحبه وَالثَّوْب يسبح
وَيَقُول الْوَسخ: إِن كنت مُؤمنا فاغسلني إِذا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كل شَيْء يسبح بِحَمْدِهِ إِلَّا الْحمار وَالْكَلب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾ قَالَ: الاسطوانة تسبح والشجرة تسبح
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يعيبن أحدكُم دَابَّته وَلَا ثَوْبه فَإِن كل شَيْء يسبح بِحَمْدِهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ والخطيب عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن صرير الْبَاب تسبيحه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي غَالب الشَّيْبَانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صَوت الْبَحْر تسبيحه وأمواجه صلَاته
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الطَّعَام تَسْبِيح
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُتِي أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ بغراب وافر الجناحين فَجعل ينشر جنَاحه وَيَقُول: مَا صيد من صيد وَلَا عضدت من شَجَرَة إِلَّا بِمَا ضيعت من التَّسْبِيح
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده من طَرِيق الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُتِي أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ بغراب وافر الجناحين فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ سلم يَقُول: مَا صيد من صيد وَلَا عضدت عضاة وَلَا قطعت وشيجة إِلَّا بقلة التَّسْبِيح
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا صيد من صيد وَلَا وشج من وشج إِلَّا بتضييعه التَّسْبِيح
وَأخرج عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا صيد من طير فِي السَّمَاء وَلَا سمك فِي المَاء حَتَّى يدع مَا افْترض الله عَلَيْهِ من التَّسْبِيح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَخذ طَائِر وَلَا حوت إِلَّا بتضييع التَّسْبِيح
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق يزِيد بن مرْثَد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا اصطيد طير فِي بر وَلَا بَحر إِلَّا بتضييعه التَّسْبِيح
وَأخرج الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء وَأَبُو الشَّيْخ والديلمي عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آجال الْبَهَائِم كلهَا وخشاش الأَرْض والنمل والبراغيث وَالْجَرَاد وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالدَّوَاب كلهَا وَغير ذَلِك آجالها فِي التَّسْبِيح فَإِذا انْقَضى تسبيحها قبض الله أرواحها وَلَيْسَ إِلَى ملك الْمَوْت مِنْهَا شَيْء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَأَن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾ قَالَ: مَا من شَيْء فِي أَصله الأول لن يَمُوت إِلَّا وَهُوَ يسبح بِحَمْدِهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾ قَالَ: مَا من شَيْء فِي أَصله الأول لن يَمُوت إِلَّا وَهُوَ يسبح بِحَمْدِهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شَوْذَب قَالَ: جلس الْحسن مَعَ أَصْحَابه على مائدة فَقَالَ بَعضهم: هَذِه الْمَائِدَة تسبح الْآن فَقَالَ الْحسن: كلا إِنَّمَا ذَاك كل شَيْء على أَصله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم قَالَ الطَّعَام تَسْبِيح
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: لَا تقتلُوا الضفادع فَإِن أصواتها تَسْبِيح
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ظن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مِمَّا مدحه وَأَن ملكا نزل وَهُوَ قَاعد فِي الْمِحْرَاب وَالْبركَة إِلَى جَانِبه فَقَالَ: يَا دَاوُد افهم إِلَى مَا تصوّت بِهِ الضفدع فأنصت دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا الضفدع يمدحه بمدحة لم يمدحه بهَا دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ الْملك: كَيفَ ترَاهُ يَا دَاوُد قَالَ: أفهمت مَا قَالَت قَالَ: نعم
قَالَ: مَاذَا قَالَت قَالَ: قَالَت: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك منهتى علملك يَا رب
قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: وَالَّذِي جعلني نبيه إِنِّي لم أمدحه بِهَذَا
قَالَ الله: ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هَذِه الْآيَة فِي التَّوْرَاة كَقدْر ألف آيَة ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾ قَالَ فِي التَّوْرَاة: تسبح لَهُ الْجبَال ويسبح لَهُ الشّجر ويسبح لَهُ كَذَا ويسبح لَهُ كَذَا
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يسمَّى النوّاح فِي كتاب الله عز وَجل وانه انْطلق حَتَّى أَتَى الْبَحْر فَقَالَ: أَيهَا الْبَحْر إِنِّي هارب
قَالَ: من الطَّالِب الَّذِي لَا ينأى طلبه
قَالَ: فَاجْعَلْنِي قَطْرَة من مائك أَو دَابَّة مِمَّا فِيك أَو تربة من تربتك أَو صَخْرَة من صخرك
قَالَ: أَيهَا العَبْد الهارب الفار من الطَّالِب الَّذِي لَا ينأى طلبه ارْجع من حَيْثُ جِئْت فَإِنَّهُ لَيْسَ مني شَيْء إِلَّا بارز ينظر الله عز وَجل إِلَيْهِ قد أَحْصَاهُ وعده عدا فلست أَسْتَطِيع ذَلِك ثمَّ انْطلق حَتَّى أَتَى الْجَبَل فَقَالَ: أَيهَا الْجَبَل اجْعَلنِي حجر من حجارتك أَو تربة من تربتك أَو صَخْرَة من صخرك أَو شَيْئا مِمَّا فِي جوفك
فَقَالَ: أَيهَا العَبْد الهارب الفار من الطَّالِب الَّذِي لَا ينأى طلبه إِنَّه لَيْسَ مني شَيْء إِلَّا يرَاهُ الله وَينظر إِلَيْهِ وَقد أَحْصَاهُ وعده عدا فلست أَسْتَطِيع ذَلِك
ثمَّ انْطلق حَتَّى أَتَى على الأَرْض يَعْنِي الرمل فَقَالَ: أَيهَا الرمل اجْعَلنِي تربة من تربك أَو صَخْرَة من صخرك أَو شَيْئا مِمَّا فِي جوفك
فَأوحى الله إِلَيْهِ أجبه
فَقَالَ: أَيهَا العَبْد الفار من الطَّالِب الَّذِي لَا ينأى طلبه ارْجع من حَيْثُ جِئْت فَاجْعَلْ عَمَلك لقمسين: لرغبة أَو لرهبة فعلى أَيهمَا أخذك رَبك لم تبال وَخرج فَأتى الْبَحْر فِي سَاعَة فصلى فِيهِ فنادته ضفدعة فَقَالَت: يَا دَاوُد إِنَّك حدثت نَفسك أَنَّك قد سبحت فِي سَاعَة لَيْسَ يذكر الله فِيهَا غَيْرك وَإِنِّي فِي سبعين ألف ضفدعة كلهَا قَائِمَة على رجل تسبح الله تَعَالَى وتقدسه
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: صلى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لَيْلَة حَتَّى أصبح فَلَمَّا أَن أصبح وجد فِي نَفسه غرُورًا فنادته ضفدعة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَنه لَيْسَ شَيْء أَكثر تسبيحاً من هَذِه الدودة الْحَمْرَاء
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: التُّرَاب يسبح فَإِذا بني فِيهِ الْحَائِط سبح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا سَمِعت تغيضاً من الْبَيْت أَو من الْخشب والجدر فَهُوَ تَسْبِيح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن خَيْثَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يطْبخ قدرا فَوَقَعت على وَجههَا فعلت تسبح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة قَالَ: كَانَ مطرف رَضِي الله عَنهُ إِذا دخل بَيته فسبح سبحت مَعَه آنِية بَيته
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَوْلَا مَا غمي عَلَيْكُم من تَسْبِيح مَا مَعكُمْ فِي الْبيُوت مَا تقاررتم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مسعر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَوْلَا مَا غمي عَلَيْكُم من تَسْبِيح خلقه مَا تقاررتم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾ قَالَ: كل شَيْء فِيهِ الرّوح يسبح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ﴾ قَالَ: صَلَاة الْخلق تسبيحهم سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعد الْآيَات بركَة وَأَنْتُم تعدونها تخويا بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ مَعنا مَاء فَقَالَ لنا: اطْلُبُوا من مَعَه فضل مَاء فَأتي بِمَاء فَوَضعه فِي إِنَاء ثمَّ وضع يَده فِيهِ فَجعل المَاء يخرج من بَين أَصَابِعه
ثمَّ قَالَ: حَيّ على الطّهُور الْمُبَارك وَالْبركَة من الله فشربنا مِنْهُ
قَالَ عبد الله: كُنَّا نسْمع صَوت المَاء وتسبيحه وَهُوَ يشرب
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نَأْكُل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنسمع تَسْبِيح الطَّعَام وَهُوَ يُؤْكَل
ثمَّ قَالَ لرجل: أدن هَذِه الْقَصعَة من هَذَا الرجل فأدناها مِنْهُ فَقَالَ: نعم يَا رَسُول الله هَذَا الطَّعَام يسبح فَقَالَ: أدْنِها من آخر وَأَدْنَاهَا مِنْهُ فَقَالَ: هَذَا الطَّعَام يسبح
ثمَّ قَالَ: ردهَا فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله لَو أمرت على الْقَوْم جَمِيعًا فَقَالَ: لَا إِنَّهَا لَو سكتت عِنْد رجل لقالوا من ذَنْب ردهَا فَردهَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي حَمْزَة الثمالِي قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ وَسمع عصافير يصحن قَالَ: تَدْرِي مَا يقلن قلت: لَا
قَالَ: يسبحْنَ ربهن عز وَجل ويسألن قوت يومهن
وَأخرج الْخَطِيب عَن أبي حَمْزَة قَالَ: كُنَّا مَعَ عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فَمر بِنَا عصافير يصحن فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا تَقول هَذِه العصافير فَقُلْنَا: لَا
قَالَ: أما إِنِّي مَا أَقُول إِنَّا نعلم الْغَيْب وَلَكِنِّي سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب أَمِير الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنهُ يَقُول: إِن الطير إِذا أَصبَحت سبحت رَبهَا وَسَأَلته قوت يَوْمهَا وَإِن هَذِه تسبح رَبهَا وتسأله قوت يَوْمهَا
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة قَالَت: دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي: يَا عَائِشَة اغسلي هذَيْن البردين فَقلت: يَا رَسُول الله بالْأَمْس غسلتهما فَقَالَ لي: أما علمت أَن الثَّوْب يسبح فَإِذا اتسخ انْقَطع تسبيحه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِنَّه كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ قَالَ: حَلِيمًا عَن خلقه فَلَا يعجل كعجلة بَعضهم على بعض غَفُورًا لَهُم إِذا ثابوا
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَت: لما نزلت (تبت يدا أبي لَهب) (المسد آيَة ١) أَقبلت العوراء أم جميل وَلها ولولة وَفِي يَدهَا فهر وَهِي تَقول: مذمماً أَبينَا وَدينه قلينا وَأمره عصينا
كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن جعلنَا بَيْنك وَبَين الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة حِجَابا مَسْتُورا﴾ فَجَاءَت حَتَّى قَامَت على أبي بكر رَضِي الله عَنهُ: فَلم تَرَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا أَبَا بكر بَلغنِي أَن صَاحبك هجاني فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: لَا وَرب هَذَا الْبَيْت مَا هجاك فَانْصَرَفت وَهِي تَقول: قد علمت قُرَيْش أَنِّي بنت سَيِّدهَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من وَجه آخر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن أم جميل دخلت على أبي بكر وَعِنْده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا ابْن أبي قُحَافَة مَا شَأْن صَاحبك ينشد فِي الشّعْر فَقَالَ: وَالله مَا صَاحِبي بشاعر وَمَا يدْرِي مَا الشّعْر
فَقَالَت: أَلَيْسَ قد قَالَ: (فِي جيدها حَبل من مسد) (المسد آيَة ٥) فَمَا يدريه مَا فِي جيدي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قل لَهَا: هَل تَرين عِنْدِي أحدا فَإِنَّهَا لن تراني جعل بيني وَبَينهَا حجاب فَقَالَ لَهَا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فَقَالَت: أتهزأ بِي وَالله مَا أرى عنْدك أحدا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد الْمقَام وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ظلّ الْكَعْبَة بَين يَدي إِذْ جَاءَت أم جميل بنت حَرْب بن أُميَّة زَوْجَة أبي لَهب وَمَعَهَا فهران فَقَالَت: أَيْن الَّذِي هجاني وهجا زَوجي وَالله لَئِن رَأَيْته لارضن أنثييه بِهَذَيْنِ الفهرين
وَذَلِكَ عِنْد نزُول (تبت يدا أبي لَهب) قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فَقلت لَهُ: يَا أم جميل مَا هجاك وَلَا هجا زَوجك
قَالَت: وَالله مَا أَنْت بِكَذَّابٍ وَإِن النَّاس ليقولون ذَلِك ثمَّ ولت ذَاهِبَة
فَقلت: يَا رَسُول الله إِنَّهَا لم ترك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَال بيني وَبَينهَا جِبْرِيل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت (تبت يدا أبي لَهب) جَاءَت امْرَأَة أبي لَهب فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله لَو تنحيت عَنْهَا فَإِنَّهَا امْرَأَة بذية فَقَالَ: إِنَّه سيحال بيني وَبَينهَا فَلَا تراني فَقَالَ: يَا أَبَا بكر هجانا صَاحبك
فَقَالَ: إِنَّك لمصدق فاندفعت رَاجِعَة
فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله مَا رأتك قَالَ: كَانَ بيني وَبَينهَا ملك يسترني بجناحه حَتَّى ذهبت
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَلا الْقُرْآن على مُشْركي قُرَيْش ودعاهم إِلَى الله قَالُوا: يهزؤون بِهِ (قُلُوبنَا فِي أكنة بِمَا تدعونا إِلَيْهِ وَفِي آذاننا وقر وَمن بَيْننَا وَبَيْنك حجاب) (السَّجْدَة آيَة ٥) فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْلهم ﴿وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن﴾ الْآيَات
وَأخرج ابْن عَسَاكِر وَولده الْقَاسِم فِي كتاب آيَات الْحِرْز عَن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد الْمنْقري رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدم حُسَيْن بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ الْمَدِينَة حاجّاً فاحتجنا إِلَى أَن نوجه رَسُولا وَكَانَ فِي الْخَوْف فَأبى الرَّسُول أَن يخرج وَخَافَ على نَفسه من الطَّرِيق فَقَالَ الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ: أَنا أكتب لَك رقْعَة فِيهَا حرز لن يَضرك شَيْء إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَكتب لَهُ رقْعَة وَجعلهَا الرَّسُول فِي صورته فَذهب الرَّسُول فَلم يلبث أَن جَاءَ سالما فَقَالَ: مَرَرْت بالأعراب يَمِينا وَشمَالًا فَمَا هيجني مِنْهُم أحد والحرز عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ بن أبي طَالب وَإِن هَذَا الْحِرْز كَانَ الْأَنْبِيَاء يتحرزون بِهِ من الفراعنة: (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) (قَالَ اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون) (الْمُؤْمِنُونَ آيَة ١٠٩) (إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقيا) (مَرْيَم آيَة ١٨) أخذت بسمع الله وبصره وقوّته على أسماعكم وأبصاركم وقوتكم يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّيَاطِين والأعراب وَالسِّبَاع والهوام واللصوص مِمَّا يخَاف ويحذر فلَان بن فلَان سترت بَينه وَبَيْنكُم بستر النبوّة الَّتِي استتروا بهَا من سطوات الفراعنة جِبْرِيل عَن أَيْمَانكُم وَمِيكَائِيل عَن شمائاكم وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمامكم وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من فَوْقكُم يمنعكم من فلَان بن فلَان فِي نَفسه وَولده وَأَهله وشعره وبشره وَمَاله وَمَا عَلَيْهِ وَمَا مَعَه وَمَا تَحْتَهُ وَمَا فَوْقه
﴿وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن جعلنَا بَيْنك وَبَين الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة حِجَابا مَسْتُورا﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن جعلنَا بَيْنك وَبَين الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة حِجَابا مَسْتُورا﴾ قَالَ: الْحجاب المستور أكنة على قُلُوبهم أَن يفقهوه وَأَن ينتفعوا بِهِ أطاعوا الشَّيْطَان فاستحوذ عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن الْآيَة قَالَ: ذَاك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ الْقُرْآن على الْمُشْركين بِمَكَّة سمعُوا صَوته وَلَا يرونه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَإِذا ذكرت رَبك فِي الْقُرْآن وَحده ولوا على أدبارهم نفوراً﴾ قَالَ: بغضاً لما تَتَكَلَّم بِهِ لِئَلَّا يسمعوه كَمَا كَانَ قوم نوح يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي آذانهم لِئَلَّا يسمعوا مَا يَأْمُرهُم بِهِ من الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَإِذا ذكرت رَبك فِي الْقُرْآن وَحده ولوا على أدبارهم نفوراً﴾ قَالَ: الشَّيَاطِين
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ عَليّ أَنه قَالَ: لم كتمتم (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) فَنعم الِاسْم وَالله كتموا فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا دخل منزله اجْتمعت عَلَيْهِ قُرَيْش فيجهر (بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) وَيرْفَع صَوته بهَا فتولي قُرَيْش فِرَارًا فَأنْزل الله ﴿وَإِذا ذكرت رَبك فِي الْقُرْآن وَحده ولوا على أدبارهم نفوراً﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿إِذْ يَسْتَمِعُون إِلَيْك﴾ قَالَ: عتبَة وَشَيْبَة ابْنا ربيعَة والوليد بن الْمُغيرَة وَالْعَاص بن وَائِل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِذْ يَسْتَمِعُون إِلَيْك﴾ قَالَ: هِيَ فِي مثل الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَمن مَعَه فِي دَار الندوة وَفِي قَوْله: ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا﴾ قَالَ: مخرجا يخرجهم من الْأَمْثَال الَّتِي ضربوا لَك الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَصْحَابه
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
قَالَ: وَالله لقد سَمِعت أَشْيَاء أعرفهَا وَأعرف مَا يُرَاد بهَا وَسمعت أَشْيَاء مَا عرفت مَعْنَاهَا وَلَا مَا يُرَاد بهَا
قَالَ الْأَخْنَس: وَأَنا وَالَّذِي حَلَفت بِهِ
ثمَّ خرج من عِنْده حَتَّى أَتَى أَبَا جهل فَقَالَ: مَا رَأْيك فِيمَا سَمِعت من مُحَمَّد قَالَ: مَاذَا سَمِعت تنازعنا نَحن وَبَنُو عبد منَاف فِي الشّرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حَتَّى إِذا تجاثينا على الركب وَكُنَّا كفرسي رهان
قَالُوا: منا نَبِي يَأْتِيهِ الْوَحْي من السَّمَاء فَمَتَى ندرك هَذِه وَالله لَا نؤمن بِهِ أبدا وَلَا نصدقه فَقَامَ عَنهُ الْأَخْنَس وَتَركه وَالله أعلم
الْآيَة ٤٩ - ٥١
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ إذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً ﴾ قال : على أين ينزلوا ملكه.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات، عن عبد الرحمن بن قرط رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به إلى المسجد الأقصى - كان جبريل عليه السلام عن يمينه، وميكائيل عليه السلام عن يساره، فطارا به حتى بلغ السماوات العلى، فلما رجع قال :«سمعت تسبيحاً في السماوات العلى مع تسبيح كثير، سبحت السماوات العلى من ذي المهابة مشفقات لذي العلو بما علا سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى ».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن لوط بن أبي لوط قال : بلغني أن تسبيح سماء الدنيا، سبحان ربنا الأعلى، والثانية سبحانه وتعالى، والثالثة سبحانه وبحمده، والرابعة سبحانه لا حول ولا قوة إلا به، والخامسة سبحان محيي الموتى وهو على كل شيء قدير، والسادسة سبحان الملك القدوس، والسابعة سبحان الذي ملأ السماوات السبع والأرضين السبع عزة ووقاراً.
وأخرج ابن مردويه، عن أنس رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وهو جالس مع أصحابه إذ سمع هزة فقال :«أطت السماء وحق لها أن تئط » قالوا : وما الأطيط ؟ قال :«تناقضت السماء ويحقها أن تنقض، والذي نفس محمد بيده ما فيها موضع شبر إلا فيه جبهة ملك ساجد يسبح الله بحمده ».
وأخرج ابن مردويه، عن علي رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ﴿ تسبح له السماوات السبع والأرض ﴾ بالتاء.
قوله تعالى :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ﴾.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه، إن نوحاً قال لابنه يا بني ؛ آمرك أن تقول : سبحان الله، فإنها صلاة الخلق، وتسبيح الخلق، وبها يرزق الخلق » قال الله تعالى :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ﴾.
وأخرج أحمد وابن مردويه، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إن نوحاً لما حضرته الوفاة قال لابنيه : آمركما بسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق كل شيء ».
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في فضائل الذكر، عن عائشة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«صوت الديك صلاته، وضربه بجناحيه سجوده وركوعه » ثم تلا هذه الآية :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينادي مناد من السماء، اذكروا الله يذكركم، فلا يسمعها أول من الديك، فيصيح فذلك تسبيحه.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لا تضربوا وجوه الدواب، فإن كل شيء يسبح بحمده ».
وأخرج أبو الشيخ، عن عمر رضي الله عنه قال : لا تلطموا وجوه الدواب، فإن كل شيء يسبح بحمده.
وأخرج أحمد عن معاذ بن أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - إنه مر على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل - فقال لهم :«اركبوها سالمة ودعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فرب مركوبة خير من راكبها وأكثر ذكراً للهِ منه ».
وأخرج ابن مردويه، عن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«ما تستقل الشمس فيبقى من خلق الله تعالى إلا سبح الله بحمده إلا ما كان من الشيطان وأغنياء بني آدم ».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : ما من عبد يسبح الله تسبيحة، إلا سبح ما خلق الله من شيء. قال الله تعالى :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ﴾.
وأخرج ابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إن النمل يسبحن ».
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قرصت نملة نبياً من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه من أجل نملة واحدة أحرقت أمة من الأمم تسبح ».
وأخرج النسائي وأبو الشيخ وابن مردويه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع، وقال : نعيقها تسبيح.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ﴾ قال : الزرع يسبح بحمده، وأجره لصاحبه، والثوب يسبح. ويقول الوسخ : إن كنت مؤمناً فاغسلني إذاً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي قبيل رضي الله عنه قال : الزرع يسبح وثوابه للذي زرع.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كل شيء يسبح بحمده إلا الحمار والكلب.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة في قوله :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ﴾ قال : الاسطوانة تسبح، والشجرة تسبح.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه قال : لا يعيبن أحدكم دابته، ولا ثوبه، فإن كل شيء يسبح بحمده.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والخطيب، عن أبي صالح رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن صرير الباب تسبيحه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي غالب الشيباني رضي الله عنه قال : صوت البحر تسبيحه، وأمواجه صلاته.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن النخعي رضي الله عنه قال : الطعام تسبيح.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو الشيخ، عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال : أتي أبو بكر الصديق رضي الله عنه بغراب وافر الجناحين، فجعل ينشر جناحه ويقول : ما صيد من صيد ولا عضدت من شجرة إلا بما ضيعت من التسبيح.
وأخرج ابن راهويه في مسنده من طريق الزهري رضي الله عنه قال : أتي أبو بكر الصديق رضي الله عنه بغراب وافر الجناحين، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول :«ما صيد من صيد ولا عضدت عضاة ولا قطعت وشيجة إلا بقلة التسبيح ».
وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما صيد من صيد ولا وشج من وشج إلا بتضييعه التسبيح ».
وأخرج عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما صيد من طير في السماء ولا سمك في الماء حتى يدع ما افترض الله عليه من التسبيح ».
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما أخذ طائر ولا حوت إلا بتضييع التسبيح ».
وأخرج أبو الشيخ، عن مرثد بن أبي مرثد، عن النبي صلى الله عليه وسلم :«لا يصطاد شيء من الطير والحيتان إلا بما يضيع من تسبيح الله ».
وأخرج ابن عساكر من طريق يزيد بن مرثد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«ما اصطيد طير في بر ولا بحر إلا بتضييعه التسبيح ».
وأخرج العقيلي في الضعفاء وأبو الشيخ والديلمي، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«آجال البهائم كلها وخشاش الأرض والنمل والبراغيث والجراد والخيل والبغال والدواب كلها وغير ذلك آجالها في التسبيح، فإذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها، وليس إلى ملك الموت منها شيء ».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ﴾ قال : ما من شيء في أصله الأول لن يموت إلا وهو يسبح بحمده.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ﴾ قال : ما من شيء في أصله الأول لن يموت إلا وهو يسبح بحمده.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن شوذب قال : جلس الحسن مع أصحابه على مائدة فقال بعضهم : هذه المائدة تسبح الآن فقال الحسن : كلا إنما ذاك كل شيء على أصله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن إبراهيم قال الطعام تسبيح.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تقتلوا الضفادع فإن أصواتها تسبيح.
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ظن داود عليه السلام أن أحداً لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه، وأن ملكاً نزل وهو قاعد في المحراب والبركة إلى جانبه فقال : يا داود افهم إلى ما تصوّت به الضفدع، فأنصت داود عليه السلام فإذا الضفدع يمدحه بمدحة لم يمدحه بها داود عليه السلام فقال له الملك : كيف تراه يا داود ؟ قال : أفهمت ما قالت ؟ قال : نعم. قال : ماذا قالت ؟ قال : قالت : سبحانك وبحمدك منتهى علمك يا رب. قال داود عليه السلام : والذي جعلني نبيه، إني لم أمدحه بهذا.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن صدقة بن يسار رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام في محرابه، فأبصر درة صغيرة ففكر في خلقها وقال : ما يعبأ الله بخلق هذه ؟ فأنطقها الله فقالت : يا داود أتعجبك نفسك ؟ لأنا على قدر ما آتاني الله، أذكر لله وأشكر له منك، على ما آتاك الله. قال الله :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ﴾.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن رضي الله عنه قال : هذه الآية في التوراة، كقدر ألف آية ﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ﴾ قال في التوراة : تسبح له الجبال ويسبح له الشجر ويسبح له كذا ويسبح له كذا.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ، عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يسمَّى النوّاح في كتاب الله عز وجل، وأنه انطلق حتى أتى البحر فقال : أيها البحر، إني هارب. قال : من المطالب الذي لا ينأى طلبه.
قال : فاجعلني قطرة من مائك، أو دابة مما فيك، أو تربة من تربتك، أو صخرة من صخرك. قال : أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه، ارجع من حيث جئت، فإنه ليس مني شيء إلا بارز، ينظر الله عز وجل إليه قد أحصاه وعده عداً فلست أستطيع ذلك، ثم انطلق حتى أتى الجبل، فقال : أيها الجبل، اجعلني حجراً من حجارتك أو تربة من تربتك أو صخرة من صخرك أو شيئاً مما في جوفك. فقال : أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه، إنه ليس مني شيء إلا يراه الله وينظر إليه وقد أحصاه وعده عداً، فلست أستطيع ذلك. ثم انطلق حتى أتى على الأرض يعني الرمل فقال : أيها الرمل، اجعلني تربة من تربك أو صخرة من صخرك أو شيئاً مما في جوفك. فأوحى الله إليه أجبه. فقال : أيها العبد الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه، ارجع من حيث جئت فاجعل عملك لقسمين : لرغبة أو لرهبة، فعلى أيهما أخذك ربك لم تبال، وخرج فأتى البحر في ساعة فصلى فيه، فنادته ضفدعة فقالت : يا داود، إنك حدثت نفسك أنك قد سبحت في ساعة ليس يذكر الله فيها غيرك، وإني في سبعين ألف ضفدعة كلها قائمة على رجل تسبح الله تعالى وتقدسه.
وأخرج أحمد وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : صلى داود عليه السلام ليلة حتى أصبح، فلما أن أصبح وجد في نفسه غروراً، فنادته ضفدعة يا داود، كنت أدأب منك قد أغفيت إغفاءة.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه قال : بلغني أنه ليس شيء أكثر تسبيحاً من هذه الدودة الحمراء.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن رضي الله عنه قال : التراب يسب
مذمماً أبينا *** ودينه قلينا *** وأمره عصينا
ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، وأبو بكر رضي الله عنه إلى جنبه، فقال أبو بكر : لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك، فقال :«إنها لن تراني » وقرأ قرآنا اعتصم به. كما قال تعالى :﴿ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً ﴾ فجاءت حتى قامت على أبي بكر رضي الله عنه : فلم تَرَ النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا أبا بكر، بلغني أن صاحبك هجاني ؟ فقال أبو بكر - رضي الله عنه - لا ورب هذا البيت، ما هجاك، فانصرفت وهي تقول : قد علمت قريش أني بنت سيدها.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل من وجه آخر، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما : أن أم جميل دخلت على أبي بكر وعنده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا ابن أبي قحافة، ما شأن صاحبك ينشد في الشعر ؟ فقال : والله ما صاحبي بشاعر، وما يدري ما الشعر. فقالت : أليس قد قال :﴿ في جيدها حبل من مسد ﴾ [ المسد : ٥ ] فما يدريه ما في جيدي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قل لها :«هل ترين عندي أحداً ؟ فإنها لن تراني جعل بيني وبينها حجاب » فقال لها أبو بكر رضي الله عنه : فقالت : أتهزأ بي ؟ والله ما أرى عندك أحداً.
وأخرج ابن مردويه، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : كنت جالساً عند المقام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم - في ظل الكعبة بين يدي - إذ جاءت أم جميل بنت حرب بن أمية زوجة أبي لهب، ومعها فهران، فقالت : أين الذي هجاني وهجا زوجي ؟ والله لئن رأيته لارضن أنثييه بهذين الفهرين. وذلك عند نزول ﴿ تبت يدا أبي لهب ﴾ قال أبو بكر رضي الله عنه : فقلت لها : يا أم جميل، ما هجاك ولا هجا زوجك. قالت : والله ما أنت بكذاب وإن الناس ليقولون ذلك، ثم ولت ذاهبة. فقلت : يا رسول الله، إنها لم ترك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«حال بيني وبينها جبريل ».
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني في الأفراد وأبو نعيم في الدلائل، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :«لما نزلت ﴿ تبت يدا أبي لهب ﴾ جاءت امرأة أبي لهب فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله، لو تنحيت عنها، فإنها امرأة بذية، فقال :«إنه سيحال بيني وبينها فلا تراني » فقال : يا أبا بكر، هجانا صاحبك ؟ قال : والله ما ينطق بالشعر، ولا يقوله. فقالت : إنك لمصدق، فاندفعت راجعة. فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله، ما رأتك ؟ قال :«كان بيني وبينها ملك يسترني بجناحه حتى ذهبت ».
وأخرج ابن عساكر وولده القاسم في كتاب آيات الحرز، عن العباس بن محمد المنقري رضي الله عنه قال : قدم حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المدينة حاجّاً، فاحتجنا إلى أن نوجه رسولاً، وكان في الخوف، فأبى الرسول أن يخرج، وخاف على نفسه من الطريق، فقال الحسين رضي الله عنه : أنا أكتب لك رفعة فيها حرز لن يضرك شيء إن شاء الله تعالى، فكتب له رقعة وجعلها الرسول في صورته، فذهب الرسول فلم يلبث أن جاء سالماً، فقال : مررت بالأعراب يميناً وشمالاً فما هيجني منهم أحد، والحرز عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب، وإن هذا الحرز كان الأنبياء يتحرزون به من الفراعنة :﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾ ﴿ قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون ﴾ [ المؤمنون : ١٠٩ ] ﴿ إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ﴾ [ مريم : ١٨ ] أخذت بسمع الله وبصره وقوّته على أسماعكم وأبصاركم وقوتكم يا معشر الجن والإنس والشياطين والأعراب والسباع والهوام واللصوص، مما يخاف ويحذر فلان بن فلان، سترت بينه وبينكم بستر النبوّة التي استتروا بها من سطوات الفراعنة، جبريل، عن أيمانكم، وميكائيل، عن شمائلكم، ومحمد صلى الله عليه وسلم أمامكم، والله سبحانه وتعالى من فوقكم يمنعكم من فلان بن فلان في نفسه وولده وأهله وشعره وبشره وماله وما عليه وما معه وما تحته وما فوقه. ﴿ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً ﴾ ﴿ وجعلنا على قلوبهم أكنة ﴾ إلى قوله ﴿ نفوراً ﴾ وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً ﴾ قال : الحجاب المستور أكنة على قلوبهم أن يفقهوه، وأن ينتفعوا به، أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن زهير بن محمد وإذا قرأت القرآن الآية قال : ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن على المشركين بمكة سمعوا صوته ولا يرونه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً ﴾ قال : بغضاً لما تتكلم به لئلا يسمعوه، كما كان قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم، لئلا يسمعوا ما يأمرهم به من الاستغفار والتوبة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً ﴾ قال : الشياطين.
وأخرج البخاري في تاريخه، عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال : لم كتمتم ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾ فنعم الاسم والله كتموا ! فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل منزله، اجتمعت عليه قريش، فيجهر ( ببسم الله الرحمن الرحيم ) ويرفع صوته بها، فتولي قريش فراراً، فأنزل الله ﴿ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ إذ يستمعون إليك ﴾ قال : هي في مثل قول الوليد بن المغيرة ومن معه في دار الندوة. وفي قوله :﴿ فلا يستطيعون سبيلاً ﴾ قال : مخرجاً يخرجهم من الأمثال التي ضربوا لك، الوليد بن المغيرة، وأصحابه.
وأخرج ابن إسحق والبيهقي في الدلائل، عن الزهري رضي الله عنه قال : حدثت أن أبا جهل وأبا سفيان والأخنس بن شريق خرجوا ليلة يستمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالليل في بيته، فأخذ كل رجل منهم مجلساً يستمع فيه، وكل لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعتهم الطريق فتلاوموا، فقال بعضهم لبعض : لا تعودوا، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً، ثم انصرفوا حتى إذا كان الليلة الثانية، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه، فباتوا يستمعون له حتى طلع الفجر تفرقوا، فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض : مثل ما قالوا أول مرة، ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة، أخذ كل واحد منهم مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعتهم الطريق، فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود، فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا، فلما أصبح الأخنس أتى أبا سفيان في بيته فقال : أخبرني عن رأيك فيما سمعت من محمد. قال : والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها. قال الأخنس : وأنا والذي حلفت به. ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل، فقال : ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ قال : ماذا سمعت ! تنازعنا نحن وبنو عبد مناف في الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رهان ؛ قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه، والله لا نؤمن به أبداً، ولا نصدقه فقام عنه الأخنس وتركه والله أعلم.
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي
وَفِي قَوْله: ﴿قل كونُوا حِجَارَة أَو حديداً﴾ قَالَ: مَا شِئْتُم فكونوا فسيعيدكم الله كَمَا أَنْتُم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم﴾ قَالَ: الْمَوْت
قَالَ: لَو كُنْتُم موتى لأحييتكم
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم﴾ قَالَ: الْمَوْت
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ مثله
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم﴾ قَالَ: هُوَ الْمَوْت لَيْسَ شَيْء أكبر فِي نفس ابْن آدم من الْمَوْت فكونوا الْمَوْت ان اسْتَطَعْتُم فَإِن الْمَوْت سيموت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فسينغضون إِلَيْك رؤوسهم﴾ قَالَ: يحركون رؤوسهم استهزاء برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى: ﴿فسينغضون إِلَيْك رؤوسهم﴾ قَالَ: يحركون رؤوسهم استهزاء برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: اتنغض لي بوم الفخار وَقد ترى خيولاً عَلَيْهَا كالأسود ضواريا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ﴾ قَالَ: الْإِعَادَة وَالله تَعَالَى أعلم
الْآيَة ٥٣
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير والحاكم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ أو خلقاً مما يكبر في صدروكم ﴾ قال : الموت.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة، عن الحسن رضي الله عنه مثله.
وأخرج عبد الله بن أحمد وابن جرير وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ أو خلقاً مما يكبر في صدروكم ﴾ قال : هو الموت ليس شيء أكبر في نفس ابن آدم من الموت فكونوا الموت أن استطعتم، فإن الموت سيموت.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ فسينغضون إليك رؤوسهم ﴾ قال : يحركون رؤوسهم استهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الطستي، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى :﴿ فسينغضون إليك رؤوسهم ﴾ قال : يحركون رؤوسهم استهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت قول الشاعر وهو يقول :
اتنغض لي يوم الفخار وقد ترى | خيولاً عليها كالأسود ضواريا |
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿يَوْم يدعوكم فتستجيبون بِحَمْدِهِ﴾ أَي بمعرفته وطاعته ﴿وتظنون إِن لبثتم إِلَّا قَلِيلا﴾ أَي فِي الدُّنْيَا تحاقرت الْأَعْمَار فِي أنفسهم وَقلت حِين عاينوا يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ على أهل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحْشَة فِي قُبُورهم وَلَا فِي منشرهم وَكَأَنِّي بِأَهْل لَا إِلَه إِلَّا الله يَنْفضونَ التُّرَاب عَن رؤوسهم وَيَقُولُونَ الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا عَنَّا الْحزن
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ على أهل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحْشَة عِنْد الْمَوْت وَلَا فِي الْقُبُور وَلَا فِي الْحَشْر كَأَنِّي بِأَهْل لَا إِلَه إِلَّا الله قد خَرجُوا من قُبُورهم يَنْفضونَ رؤوسهم من التُّرَاب يَقُولُونَ الْحَمد الله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن
وَأخرج الْخَطِيب فِي التَّارِيخ عَن مُوسَى بن هرون الْحمال قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم فَقلت: يَا رَسُول الله إِن يحيى الْحمانِي حَدثنَا عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن ابْن عمر عَنْك صلى الله عَلَيْك أَنَّك قلت لَيْسَ على أهل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحْشَة فِي قُبُورهم وَلَا فِي منشرهم وَكَأَنِّي بلأهل لَا إِلَه إِلَّا الله يَنْفضونَ التُّرَاب عَن رؤوسهم وَيَقُولُونَ الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن
فَقَالَ: صدق الْحمانِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَقل لعبادي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أحسن﴾ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَقل لعبادي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أحسن﴾ قَالَ: يعفوا عَن السَّيئَة
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿وَقل لعبادي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أحسن﴾ قَالَ: لَا يَقُول لَهُ مثل مَا يَقُول بل يَقُول لَهُ: يَرْحَمك الله يغْفر الله لَك
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يشيرن أحدكُم إِلَى أَخِيه بِالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أحدكُم لَعَلَّ الشَّيْطَان ينزغ فِي يَده فَيَقَع فِي حُفْرَة من نَار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِن الشَّيْطَان كَانَ للْإنْسَان عدوّاً مُبينًا﴾ قَالَ: عادوه فَإِنَّهُ يحِق على كل مُسلم عداوته وعداوته أَن تعاديه بِطَاعَة الله
الْآيَة ٥٤
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله :﴿ وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ﴾ قال : يعفوا عن السيئة.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله :﴿ وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ﴾ قال : لا يقول له مثل ما يقول، بل يقول له : يرحمك الله، يغفر الله لك.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه قال : نزغ الشيطان تحريشه.
وأخرج البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزغ في يده، فيقع في حفرة من نار ».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ إن الشيطان كان للإنسان عدوّاً مبيناً ﴾ قال : عادوه، فإنه يحق على كل مسلم عداوته، وعداوته أن تعاديه بطاعة الله.
الْآيَة ٥٥
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَقَد فضلنَا بعض النَّبِيين على بعض﴾ قَالَ: كلم الله مُوسَى وَأرْسل مُحَمَّدًا إِلَى النَّاس كَافَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الزبُور ثَنَاء على الله وَدُعَاء وتسبيح
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عبد الرَّحْمَن بن مرْدَوَيْه قَالَ: فِي زبور آل دَاوُد ثَلَاثَة أحرف: طُوبَى لرجل لَا يسْلك سَبِيل الْخَطَّائِينَ وطوبى لمن لم يأتمر بِأَمْر الظَّالِمين وطوبى من لم يُجَالس البطالين
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي أول شَيْء من مَزَامِير دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: طُوبَى لرجل لَا يسْلك طَرِيق الْخَطَّائِينَ وَلم يُجَالس البطالين ويستقيم على عبَادَة ربه عز وَجل فَمثله كَمثل شَجَرَة نابتة على ساقية لَا يزَال فِيهَا المَاء يفضل ثَمَرهَا فِي زمَان الثِّمَار وَلَا تزَال خضراء فِي غير زمَان الثِّمَار
وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي بعض زبور دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام تساقطت الْقرى وأبطل ذكرهم وَأَنا دَائِم الدَّهْر مقْعد كرْسِي للْقَضَاء
وَأخرج أَحْمد عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وجدت فِي كتاب دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول: بعزتي وَجَلَالِي إِنَّه من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وَمَا ترددت عَن شَيْء أُرِيد ترددي عَن موت الْمُؤمن قد علمت أَنه يكره الْمَوْت وَلَا بُد لَهُ مِنْهُ وَأَنا أكره أَن أسوءه قَالَ: وقرأت فِي كتاب آخر: ان الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول: كفاني لعبدي مَالا إِذا كَانَ عَبدِي فِي طَاعَتي أَعْطيته قبل أَن يسألني واستجبت لَهُ من قبل أَن يدعوني فَإِنِّي أعلم بحاجته الَّتِي ترفق بِهِ من نَفسه قَالَ: وقرأت فِي كتاب آخر: إِن الله عز وَجل يَقُول: بعزتي إِنَّه من اعْتصمَ بِي وَإِن كادته السَّمَوَات بِمن فِيهِنَّ والأرضون بِمن فِيهِنَّ فَإِنِّي أجعَل لَهُ من بَين ذَلِك مخرجا وَمن لم يعتصمني بِي فَإِنِّي أقطع يَدَيْهِ من أَسبَاب السَّمَاء وأخسف بِهِ من تَحت قَدَمَيْهِ الأَرْض فأجعله فِي الْهَوَاء ثمَّ أكله إِلَى نَفسه
وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي حِكْمَة آل دَاوُد وَحقّ على الْعَاقِل أَن لَا يشْتَغل عَن أَربع سَاعَات: سَاعَة يُنَاجِي ربه وَسَاعَة يُحَاسب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن خَالِد الربعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وجدت فَاتِحَة الزبُور الَّذِي يُقَال لَهُ: زبور دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَن رَأس الْحِكْمَة خشيَة الله تَعَالَى
وَأخرج أَحْمد عَن أَيُّوب الفلسطيني رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَكْتُوب فِي مَزَامِير دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَام - أَتَدْرِي لمن أَغفر قَالَ: لمن يَا رب قَالَ: للَّذي إِذا أذْنب ذَنبا ارتعدت لذَلِك مفاصله فَذَلِك الَّذِي آمُر ملائكتي أَن لَا يكتبوا عَلَيْهِ ذَلِك الذَّنب
وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَكْتُوب فِي الزبُور بطلت الامانة وَالرجل مَعَ صَاحبه بشفتين مختلفتين يهْلك الله عز وَجل كل ذِي شفين مختلفتين
قَالَ: ومكتوب فِي الزبُور بِنَار الْمُنَافِق تحترق الْمَدِينَة
وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَكْتُوب فِي الزبُور - وَهُوَ أول الزبُور - طُوبَى لمن لم يسْلك سَبِيل الْأَئِمَّة وَلم يُجَالس الْخَطَّائِينَ وَلم يفِيء فِي هم الْمُسْتَهْزِئِينَ وَلَكِن همه سنة الله عز وَجل وَإِيَّاهَا يتَعَلَّم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار مثله مثل شَجَرَة تنْبت على شط تؤتي ثَمَرَتهَا فِي حينها وَلَا يَتَنَاثَر من وَرقهَا شَيْء وكل عمل بأَمْري لَيْسَ ذَلِك مثل عمل الْمُنَافِقين
وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي الزبُور بكبر الْمُنَافِق يَحْتَرِق الْمِسْكِين
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي آخر زبور دَاوُد - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام - ثَلَاثِينَ سطراً يَا دَاوُد هَل تَدْرِي أَي الْمُؤمنِينَ أحب إِلَيّ أَن أطيل حَيَاته الَّذِي قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله أقشعر جلده وَإِنِّي أكره لذَلِك الْمَوْت كَمَا تكره الوالدة لولدها وَلَا بُد لَهُ مِنْهُ إِنِّي أُرِيد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَالك بن المغول قَالَ: فِي زبور دَاوُد مَكْتُوب إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا ملك الْمُلُوك قُلُوب الْمُلُوك بيَدي فأيما قوم كَانُوا على طَاعَة جعلت الْمُلُوك عَلَيْهِم رَحْمَة وَأَيّمَا قوم كَانُوا على مَعْصِيّة جعلت الْمُلُوك عَلَيْهِم نقمة لَا تشْغَلُوا أَنفسكُم بِسَبَب الْمُلُوك وَلَا تتوبوا إِلَيْهِم تُوبُوا إليَّ أعطف قُلُوبكُمْ عَلَيْكُم
الْآيَة ٥٦ - ٥٧
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي نفر من الْعَرَب كَانُوا يعْبدُونَ نَفرا من الْجِنّ فَأسلم الجنيون والنفر من الْعَرَب لَا يَشْعُرُونَ بذلك
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت قبائل من الْعَرَب يعْبدُونَ صنفا من الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُم الْجِنّ وَيَقُولُونَ هم بَنَات الله فَأنْزل الله ﴿أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة
قَالَ: كَانَ أهل الشّرك يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة والمسيح وعزيراً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ﴾ قَالَ: هم عِيسَى وعزير وَالشَّمْس وَالْقَمَر
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَاللَّفْظ لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلوا الله لي الْوَسِيلَة قَالُوا: وَمَا الْوَسِيلَة قَالَ: الْقرب من الله ثمَّ قَرَأَ ﴿يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة أَيهمْ أقرب﴾
الْآيَة ٥٨
وأخرج الترمذي وابن مردويه واللفظ له، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «سلوا الله لي الوسيلة » قالوا : وما الوسيلة ؟ قال :«القرب من الله » ثم قرأ ﴿ يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ﴾ ».
قَالَ: بِالْقَتْلِ وَالْبَلَاء كل قَرْيَة فِي الأَرْض سيصيبها بعض هَذَا
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سماك بن حَرْب عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا ظهر الزِّنَا والربا فِي قَرْيَة أذن الله فِي هلاكها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ فِي قَوْله: ﴿كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطوراً﴾ قَالَ: فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ
الْآيَة ٥٩ - ٦٠
قَالَ لَا: بل أستأني بهم فَأنْزل الله ﴿وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا ان كذب بهَا الْأَولونَ﴾
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَت قُرَيْش للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادْع لنا رَبك أَن يَجْعَل لنا الصَّفَا ذَهَبا ونؤمن لَك
قَالَ: وتفعلون قَالُوا: نعم
فَدَعَا فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول لَك إِن شِئْت أصبح الصَّفَا لَهُم ذَهَبا فَمن كفر مِنْهُم بعد ذَلِك عَذبته عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين وَإِن شِئْت فتحت لَهُم بَاب التَّوْبَة وَالرَّحْمَة قَالَ: بَاب التَّوْبَة وَالرَّحْمَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّاس لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو جئتنا بِآيَة كَمَا جَاءَ بهَا صَالح والنبيون
فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن شِئْتُم دَعَوْت الله فأنزلها عَلَيْكُم وَإِن عصيتم هلكتم فَقَالُوا: لَا نريدها
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ أهل مَكَّة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن كَانَ مَا تَقول حَقًا ويسرك أَن نؤمن فحوّل لنا الصَّفَا ذَهَبا فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِن شِئْت كَانَ الَّذِي سَأَلَك قَوْمك وَلكنه إِن كَانَ ثمَّ لم يُؤمنُوا لم ينْظرُوا وَإِن شِئْت اسْتَأْنَيْت بقومك قَالَ: بل أستأني بقومي فَأنْزل الله: ﴿وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كذب بهَا الْأَولونَ﴾ وَأنزل الله (وَمَا آمَنت قبلهم من قَرْيَة أهلكناها أفهم يُؤمنُونَ) (الْأَنْبِيَاء آيَة ٦)
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا ان كذب بهَا الْأَولونَ﴾ قَالَ: رَحْمَة لكم أيتها الْأمة
قَالَ: إِنَّا لَو أرسلنَا بِالْآيَاتِ فَكَذَّبْتُمْ بهَا أَصَابَكُم مَا أصَاب من قبلكُمْ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لم تؤت قَرْيَة بِآيَة فكذبوا بهَا إِلَّا عذبُوا وَفِي قَوْله: ﴿وآتينا ثَمُود النَّاقة مبصرة﴾ قَالَ: آيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَمَا نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا تخويفاً﴾ قَالَ: الْمَوْت الذريع
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْبَعْث عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَمَا نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا تخويفاً﴾ قَالَ: الْمَوْت من ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَمَا نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا تخويفاً﴾ قَالَ: إِن الله يخوّف النَّاس بِمَا شَاءَ من آيَاته لَعَلَّهُم يعتبون أَو يذكرُونَ أَو يرجعُونَ
ذكر لنا أَن الْكُوفَة رجفت على عهد ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن ربكُم يستعتبكم فاعتبوه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَإِذ قُلْنَا لَك أَن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ﴾ قَالَ: عصمك من النَّاس
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ﴾ قَالَ: فهم فِي قَبضته
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ﴾ قَالَ: أحَاط بهم فَهُوَ مانعك مِنْهُم وعاصمك حَتَّى تبلغ رسَالَته
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس﴾ قَالَ: هِيَ رُؤْيا عين أريها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَلَيْسَت برؤيا مَنَام ﴿والشجرة الملعونة فِي الْقُرْآن﴾ قَالَ: هِيَ شَجَرَة الزقوم
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أسرِي بِهِ أصبح يحدث نَفرا من قُرَيْش وهم يستهزئون بِهِ فطلبوا مِنْهُ آيَة فوصف لَهُم بَيت الْمُقَدّس وَذكر لَهُم قصَّة العير
فَقَالَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة: هَذَا سَاحر فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس﴾
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصبح يحدث بذلك فكذب بِهِ أنَاس فَأنْزل الله فِيمَن ارْتَدَّ: ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ مَا رأى فِي بَيت الْمُقَدّس لَيْلَة أسرِي بِهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس﴾ يَقُول: أرَاهُ من الْآيَات والعبر فِي مسيره إِلَى بَيت الْمُقَدّس
ذكر لنا أَن نَاسا ارْتَدُّوا بعد إسْلَامهمْ حِين حَدثهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمسيره أَنْكَرُوا ذَلِك وكذبوا بِهِ وعجبوا مِنْهُ وَقَالُوا أتحدثنا أَنَّك سرت مسيرَة شَهْرَيْن فِي لَيْلَة وَاحِدَة
وَأخرج ابْن جرير عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني فلَان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذَلِك فَمَا استجمع ضَاحِكا حَتَّى كات وَأنزل الله ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَأَيْت ولد الحكم بن أبي الْعَاصِ على المنابر كَأَنَّهُمْ القردة وَأنزل الله فِي ذَلِك ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس والشجرة الملعونة﴾ يَعْنِي الحكم وَولده
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يعلى بن مرّة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أريت بني أُميَّة على مَنَابِر الأَرْض وسيتملكونكم فتجدونهم أَرْبَاب سوء واهتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك: فَأنْزل الله ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس﴾
فَأنْزل الله: ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني أُميَّة على المنابر فساءه ذَلِك فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنَّمَا هِيَ دنيا أعطوها فقرت عينه وَهِي قَوْله: ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس﴾ يَعْنِي بلَاء للنَّاس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت لمروان بن الحكم: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لأَبِيك وَجدك إِنَّكُم الشَّجَرَة الملعونة فِي الْقُرْآن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك﴾ الْآيَة
قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرِي أَنه دخل مَكَّة هُوَ وَأَصْحَابه وَهُوَ يَوْمئِذٍ بِالْمَدِينَةِ فَسَار إِلَى مَكَّة قبل الْأَجَل فَرده الْمُشْركُونَ فَقَالَ أنَاس قدْ رُدَّ وَكَانَ حَدثنَا أَنه سيدخلها فَكَانَت رجعته فتنتهم
وَأخرج ابْن اسحق وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ أَبُو جهل لما ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - شَجَرَة الزقوم تخويفاً لَهُم يَا معشر قُرَيْش هَل تَدْرُونَ مَا شَجَرَة الزقوم الَّتِي يخوّفكم بهَا مُحَمَّد قَالُوا: لَا
قَالَ: عَجْوَة يثرب بالزبد - وَالله لَئِن استمكنا مِنْهَا لنتزقمها تزقما
فَأنْزل الله: (إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الأثيم) (الدُّخان الْآيَتَانِ ٤٣ ٤٤) وَأنزل الله ﴿والشجرة الملعونة فِي الْقُرْآن﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿والشجرة الملعونة فِي الْقُرْآن﴾ قَالَ: هِيَ شَجَرَة الزقوم خوفوا بهَا
قَالَ أَبُو جهل: أيخوفني ابْن أبي كَبْشَة بشجرة الزقوم ثمَّ دَعَا بِتَمْر وزبد فَجعل يَقُول: زقموني
فَأنْزل الله تَعَالَى: (طلعها كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين) (الصافات آيَة ٦٥) وَأنزل الله ﴿ونخوفهم فَمَا يزيدهم إِلَّا طغياناً كَبِيرا﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ونخوفهم﴾ قَالَ: أَبُو جهل بشجرة الزقوم ﴿فَمَا يزيدهم﴾ قَالَ: مَا يزِيد أَبَا جهل ﴿إِلَّا طغيانا كَبِيرا﴾
الْآيَة ٦١ - ٦٥
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ إن ربك أحاط بالناس ﴾ قال : فهم في قبضته.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ إن ربك أحاط بالناس ﴾ قال : أحاط بهم، فهو مانعك منهم وعاصمك، حتى تبلغ رسالته.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ﴾ قال : هي رؤيا عين، أريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به إلى بيت المقدس، وليست برؤيا منام ﴿ والشجرة الملعونة في القرآن ﴾ قال : هي شجرة الزقوم.
وأخرج سعيد بن منصور، عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله :﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ﴾ قال : ما أري في طريقه إلى بيت المقدس.
وأخرج ابن سعد وأبو يعلى وابن عساكر، عن أم هانئ رضي الله عنها، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أسري به أصبح يحدث نفراً من قريش وهم يستهزئون به، فطلبوا منه آية، فوصف لهم بيت المقدس، وذكر لهم قصة العير. فقال الوليد بن المغيرة : هذا ساحر، فأنزل الله تعالى :﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ﴾.
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر، عن الحسن رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصبح يحدث بذلك، فكذب به أناس، فأنزل الله فيمن ارتد :﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية، قال : هو ما رأى في بيت المقدس ليلة أسري به.
وأخرج ابن جرير، عن قتادة - رضي الله عنه - ﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ﴾ يقول : أراه من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس. ذكر لنا أن ناساً ارتدوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمسيره أنكروا ذلك، وكذبوا به، وعجبوا منه، وقالوا أتحدثنا أنك سرت مسيرة شهرين في ليلة واحدة !.
وأخرج ابن جرير، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني فلان ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكاً حتى مات، وأنزل الله ﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عمر رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة، وأنزل الله في ذلك ﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة ﴾ يعني الحكم وولده ».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن يعلى بن مرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أريت بني أمية على منابر الأرض، وسيتملكونكم، فتجدونهم أرباب سوء » واهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك : فأنزل الله ﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ﴾.
وأخرج ابن مردويه، عن الحسين بن علي رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أصبح وهو مهموم، فقيل : مالك يا رسول الله ؟ فقال :«إني رأيت في المنام كأن بني أمية يتعاورون منبري هذا » فقيل : يا رسول الله، لا تهتهم فإنها دنيا تنالهم. فأنزل الله :﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر، عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على المنابر فساءه ذلك، فأوحى الله إليه :«إنما هي دنيا أعطوها »، فقرت عينه وهي قوله :﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ﴾ يعني بلاء للناس.
وأخرج ابن مردويه، عن عائشة رضي الله عنها «أنها قالت لمروان بن الحكم : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لأبيك وجدك «إنكم الشجرة الملعونة في القرآن ».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما في قوله :﴿ وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ﴾ الآية. قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أري أنه دخل مكة هو وأصحابه، وهو يومئذ بالمدينة، فسار إلى مكة قبل الأجل، فرده المشركون، فقال أناس قدْ رُدَّ وقد كان حدثنا أنه سيدخلها، فكانت رجعته فتنتهم.
وأخرج ابن اسحق وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال أبو جهل لما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم شجرة الزقوم تخويفاً لهم يا معشر قريش، هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوّفكم بها محمد ؟ قالوا : لا. قال : عجوة يثرب بالزبد - والله لئن استمكنا منها لنتزقمها تزقما. فأنزل الله :﴿ إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ﴾ [ الدخان : ٤٣، ٤٤ ] وأنزل الله ﴿ والشجرة الملعونة في القرآن ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ والشجرة الملعونة في القرآن ﴾ قال : هي شجرة الزقوم خوفوا بها. قال أبو جهل : أيخوفني ابن أبي كبشة بشجرة الزقوم ؟ ثم دعا بتمر وزبد فجعل يقول : زقموني. فأنزل الله تعالى :﴿ طلعها كأنه رؤوس الشياطين ﴾ [ الصافات : ٦٥ ] وأنزل الله ﴿ ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً ﴾.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ والشجرة الملعونة ﴾ قال : ملعونة لأن ﴿ طلعها كأنه رؤوس الشياطين ﴾ [ الصافات : ٦٥ ] وهم ملعونون.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ ونخوفهم ﴾ قال : أبو جهل بشجرة الزقوم ﴿ فما يزيدهم ﴾ قال : ما يزيد أبا جهل ﴿ إلا طغياناً كبيراً ﴾.
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ إِبْلِيس: إِن آدم خلق من تُرَاب وَمن طين خلق ضَعِيفا وَإِنِّي خلقت من نَار وَالنَّار تحرق كل شَيْء ﴿لأحتنكن ذُريَّته إِلَّا قَلِيلا﴾ فَصدق ظَنّه عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿لأحتنكن﴾ قَالَ: لأستولين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿لأحتنكن ذُريَّته﴾ قَالَ: لأضلنهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿جَزَاء موفوراً﴾ قَالَ: وافراً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَإِن جَهَنَّم جزاؤكم جَزَاء موفوراً﴾ يَقُول: يوفر عَذَابهَا للْكَافِرِ فَلَا يدّخر عَنْهُم مِنْهَا شَيْء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿واستفزز من اسْتَطَعْت مِنْهُم بصوتك﴾ قَالَ: صَوته كل دَاع دَعَا إِلَى مَعْصِيّة الله ﴿وأجلب عَلَيْهِم بخيلك﴾ قَالَ: كل رَاكب فِي مَعْصِيّة الله ﴿وشاركهم فِي الْأَمْوَال﴾ قَالَ: كل مَال فِي مَعْصِيّة الله ﴿وَالْأَوْلَاد﴾ قَالَ: مَا قتلوا من أَوْلَادهم وَأتوا فيهم الْحَرَام
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وأجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد﴾ قَالَ: كل خيل تسير فِي مَعْصِيّة الله وكل رجل يمشي فِي مَعْصِيّة الله وكل مَال أَخذ بِغَيْر حَقه وكل ولد زنا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿واستفزز من اسْتَطَعْت مِنْهُم بصوتك﴾ قَالَ: استنزل من اسْتَطَعْت مِنْهُم بِالْغنَاءِ والمزامير وَاللَّهْو وَالْبَاطِل ﴿وأجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك﴾ قَالَ كل رَاكب وماش فِي معاصي الله ﴿وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد﴾ قَالَ: كل مَال أَخذ بِغَيْر طَاعَة الله تَعَالَى وَأنْفق فِي غير حَقه وَالْأَوْلَاد أَوْلَاد الزِّنَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد﴾ قَالَ: الْأَمْوَال مَا كَانُوا يحرمُونَ من أنعامهم وَالْأَوْلَاد أَوْلَاد الزِّنَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ رَفعه قَالَ: قَالَ إِبْلِيس يَا رب إِنَّك لعنتني واخرجتني من الْجنَّة من أجل آدم وَإِنِّي لَا أستطيعه إِلَّا بك
قَالَ: فَأَنت الْمُسَلط
قَالَ: أَي رب زِدْنِي قَالَ: ﴿وأجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد﴾
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا إِن إِبْلِيس قَالَ: يَا رب إِنَّك خلقت آدم وَجعلت بيني وَبَينه عَدَاوَة فسلطني قَالَ: صُدُورهمْ مسَاكِن لَك
قَالَ: رب زِدْنِي
قَالَ: لَا يُولد لآدَم ولد إِلَّا ولد لَك عشرَة
قَالَ: رب زِدْنِي
قَالَ: تجْرِي مِنْهُم مجْرى الدَّم
قَالَ: رب زِدْنِي
قَالَ: ﴿وأجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد﴾ فَشَكا آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - إِبْلِيس إِلَى ربه
قَالَ: يَا رب إِنَّك خلقت إِبْلِيس وَجعلت بيني وَبَينه عَدَاوَة وبغضا وسلطته عَليّ وَأَنا لَا أُطِيقهُ إِلَّا بك
قَالَ: لَا يُولد لَك ولد إِلَّا وكلت بِهِ ملكَيْنِ يحفظانه من قرناء السوء
قَالَ: رب زِدْنِي
قَالَ: الْحَسَنَة بِعشْرَة أَمْثَالهَا قَالَ: رب زِدْنِي
قَالَ: لَا أحجب عَن أحد من ولدك التَّوْبَة مَا لم يُغَرْغر
وَالله أعلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان﴾ قَالَ: عبَادي الَّذين قضيت لَهُم بِالْجنَّةِ لَيْسَ لَك عَلَيْهِم أَن يذنبوا ذَنبا إِلَّا أَغفر لَهُم
الْآيَة ٦٦ - ٦٩
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ لأحتنكن ﴾ قال : لأستولين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ لأحتنكن ذريته ﴾ قال : لأحتوينهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ لأحتنكن ذريته ﴾ قال : لأضلنهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفوراً ﴾ يقول : يوفر عذابها للكافر فلا يدخر عنهم منها شيء.
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد ﴾ قال : كل خيل تسير في معصية الله، وكل رجل يمشي في معصية الله، وكل مال أخذ بغير حقه وكل ولد زنا.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ واستفزز من استطعت منهم بصوتك ﴾ قال : استنزل من استطعت منهم بالغناء والمزامير واللهو والباطل ﴿ وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ﴾ قال كل راكب وماش في معاصي الله ﴿ وشاركهم في الأموال والأولاد ﴾ قال : كل مال أخذ بغير طاعة الله تعالى، وأنفق في غير حقه، والأولاد، أولاد الزنا.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وشاركهم في الأموال والأولاد ﴾ قال : الأموال ما كانوا يحرمون من أنعامهم والأولاد أولاد الزنا.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس في الآية قال : مشاركته في الأموال، أن جعلوا البحيرة والسائبة والوصيلة، لغير الله ومشاركته إياهم في الأولاد سمو عبد الحارث وعبد شمس.
وأخرج ابن مردويه، عن أنس - رضي الله عنه - رفعه قال : قال إبليس يا رب، إنك لعنتني وأخرجتني من الجنة من أجل آدم، وإني لا أستطيعه إلا بك. قال : فأنت المسلط. قال : أي رب، زدني قال :﴿ أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد ﴾.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر، عن ثابت رضي الله عنه قال : بلغنا أن إبليس قال : يا رب، إنك خلقت آدم وجعلت بيني وبينه عداوة، فسلطني، قال : صدورهم مساكن لك. قال : رب زدني. قال : لا يولد لآدم ولد، إلا ولد لك عشرة. قال : رب زدني. قال : تجري منهم مجرى الدم. قال : رب زدني. قال :﴿ أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد ﴾ فشكا آدم - عليه السلام - إبليس إلى ربه. قال : يا رب، إنك خلقت إبليس وجعلت بيني وبينه عداوة وبغضاً، وسلطته علي، وأنا لا أطيقه إلا بك. قال : لا يولد لك ولد إلا وكلت به ملكين يحفظانه من قرناء السوء. قال : رب زدني. قال : الحسنة بعشر أمثالها قال : رب زدني. قال : لا أحجب عن أحد من ولدك التوبة ما لم يغرغر. والله أعلم.
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿يزجي لكم الْفلك﴾ قَالَ: يسيرها فِي الْبَحْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿الْفلك﴾ قَالَ: السفن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِنَّه كَانَ بكم رحِيما﴾ قَالَ: نزلت فِي الْمُشْركين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أَو يُرْسل عَلَيْكُم حاصباً﴾ قَالَ: مطر الْحِجَارَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أَو يُرْسل عَلَيْكُم حاصباً﴾ قَالَ: حِجَارَة من السَّمَاء ﴿ثمَّ لَا تَجدوا لكم وَكيلا﴾ أَي مَنْعَة وَلَا ناصراً ﴿أم أمنتم أَن يعيدكم فِيهِ تَارَة أُخْرَى﴾ أَي مرّة أُخْرَى فِي الْبَحْر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فَيُرْسل عَلَيْكُم قاصفاً من الرّيح﴾ قَالَ: الَّتِي تغرق
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: القاصف والعاصف فِي الْبَحْر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿قاصفاً﴾ قَالَ: عاصفاً
وَفِي قَوْله: ﴿ثمَّ لَا تَجدوا لكم علينا بِهِ تبيعاً﴾ قَالَ: نَصِيرًا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿تبيعاً﴾ قَالَ: ثائراً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ثمَّ لَا تَجدوا لكم علينا بِهِ تبيعاً﴾ قَالَ: لَا يتبعنا أحد بِشَيْء من ذَلِك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ أو يرسل عليكم حاصباً ﴾ قال : حجارة من السماء ﴿ ثم لا تجدوا لكم وكيلاً ﴾ أي منعة ولا ناصراً ﴿ أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى ﴾ أي مرة أخرى في البحر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ فيرسل عليكم قاصفاً من الريح ﴾ قال : التي تغرق.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : القاصف والعاصف في البحر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ قاصفاً ﴾ قال : عاصفاً. وفي قوله :﴿ ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً ﴾ قال : نصيراً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ تبيعاً ﴾ قال : ثائراً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً ﴾ قال : لا يتبعنا أحد بشيء من ذلك.
قيل: يَا رَسُول الله وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون
قَالَ: وَلَا الْمَلَائِكَة
الْمَلَائِكَة مَجْبُورُونَ بِمَنْزِلَة الشَّمْس وَالْقَمَر
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَوْقُوفا وَقَالَ: هُوَ الصَّحِيح
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمُؤمن أكْرم على الله من مَلَائكَته
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمَلَائِكَة قَالَت: يَا رب أَعْطَيْت بني آدم الدُّنْيَا يَأْكُلُون فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَيلبسُونَ وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك وَلَا نَأْكُل وَلَا نشرب وَلَا نَلْهُو فَكَمَا جعلت لَهُم الدُّنْيَا فَاجْعَلْ لنا الْآخِرَة
قَالَ: لَا أجعَل صَالح ذُرِّيَّة من خلقت بيَدي كمن قلت لَهُ كن فَكَانَ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم مثله
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عُرْوَة بن رُوَيْم قَالَ: حَدثنِي أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمَلَائِكَة قَالُوا: رَبنَا خلقتنا وخلقت بني آدم
فجعلتهم يَأْكُلُون الطَّعَام وَيَشْرَبُونَ الشَّرَاب وَيلبسُونَ الثِّيَاب ويأتون النِّسَاء ويركبون الدَّوَابّ وينامون ويستريحون وَلم تجْعَل لنا من ذَلِك شَيْئا
فَاجْعَلْ لَهُم الدُّنْيَا وَلنَا الْآخِرَة
فَقَالَ الله: لَا أجعَل من خلقته بيَدي ونفخت فِيهِ من روحي كمن قلت لَهُ كن فَكَانَ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عُرْوَة بن رُوَيْم مُرْسلا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من وَجه آخر عَن عُرْوَة بن رُوَيْم اللَّخْمِيّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر نَحوه إِلَّا أَنه قَالَ: ويركبون الْخَيل وَلم يذكر ونفخت فِيهِ من روحي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَلَقَد كرمنا بني آدم﴾ قَالَ: جعلناهم يَأْكُلُون بِأَيْدِيهِم وَسَائِر الْخلق يَأْكُلُون بأفواههم
وَأخرج الْحَاكِم فِي التَّارِيخ والديلمي عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿وَلَقَد كرمنا بني آدم﴾ قَالَ: الْكَرَامَة الْأكل بالأصابع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من رجل يرى مبتلى فَيَقُول: الْحَمد لله الَّذِي عافاني مِمَّا ابتلاك بِهِ وفضلني عَلَيْك وعَلى كثير من خلقه تَفْضِيلًا إِلَّا عافاه الله من ذَلِك الْبلَاء كَائِنا مَا كَانَ
وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله خلق السَّمَوَات سبعا فَاخْتَارَ الْعليا مِنْهَا فأسكنها مَا شَاءَ من خلقه ثمَّ خلق الْخلق فَاخْتَارَ من الْخلق بني آدم وَاخْتَارَ من بني آدم الْعَرَب وَاخْتَارَ من الْعَرَب مُضر وَاخْتَارَ من مُضر قُريْشًا وَاخْتَارَ من قُرَيْش بني هَاشم واختارني من بني هَاشم فانا من خِيَار الأخيار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿يَوْم ندعوا كل أُناس بإمامهم﴾ قَالَ: إِمَام هدى وَإِمَام ضَلَالَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تَارِيخه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿يَوْم ندعوا كل أنَاس بإمامهم﴾ قَالَ: بِنَبِيِّهِمْ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿يَوْم ندعوا كل أنَاس بإمامهم﴾ قَالَ: بِكِتَاب أَعْمَالهم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ﴿يَوْم ندعوا كل أنَاس بإمامهم﴾ قَالَ: يدعى كل قوم بِإِمَام زمانهم وَكتاب رَبهم وَسنة نَبِيّهم
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿يَوْم ندعوا كل أنَاس بإمامهم﴾ قَالَ: يدعى أحدهم فَيعْطى كِتَابه بِيَمِينِهِ ويُمَدّ لَهُ فِي جِسْمه سِتِّينَ ذِرَاعا ويبيض وَجهه وَيجْعَل على رَأسه تَاج من نور يتلألأ فَينْطَلق إِلَى أَصْحَابه فيرونه من بعيد فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ائتنا بِهَذَا وَبَارك لنا فِي هَذَا حَتَّى يَأْتِيهم فَيَقُول: أَبْشِرُوا
لكل رجل مِنْكُم مثل هَذَا
وَأما الْكَافِر فيسوّد لَهُ وَجهه ويُمَدّ لَهُ فِي جِسْمه سِتِّينَ ذِرَاعا على صُورَة آدم ويلبس تاجا من نَارا فيراه أَصْحَابه فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه من شَرّ هَذَا
اللَّهُمَّ لَا تأتنا بِهَذَا
قَالَ فيأتيهم
فَيَقُول: رَبنَا أخّرْه فَيَقُول: ابعدكم الله فَإِن لكل رجل مِنْكُم مثل هَذَا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: جَاءَ نفر من أهل الْيمن إِلَى ابْن عَبَّاس فَسَأَلَهُ رجل: أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن كَانَ فِي هَذِه أعمى فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى﴾ فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: لم تصب الْمَسْأَلَة اقْرَأ مَا قبلهَا ﴿ربكُم الَّذِي يزجي لكم الْفلك فِي الْبَحْر﴾ حَتَّى بلغ ﴿وفضلناهم على كثير مِمَّن خلقنَا تَفْضِيلًا﴾ فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَمن كَانَ أعمى عَن هَذَا النَّعيم الَّذِي قَدْ رَأَى وعايَنَ فَهُوَ فِي أَمر الْآخِرَة الَّتِي لم تُرَ ولَمْ تعاين ﴿أعمى وأضل سَبِيلا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿وَمن كَانَ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿أعمى﴾ عَمَّا يرى من قدرتي من خلق السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْجِبَال والبحار وَالنَّاس وَالدَّوَاب وَأَشْبَاه هَذَا ﴿فَهُوَ﴾ عَمَّا وصفت لَهُ فِي الْآخِرَة وَلم يره ﴿أعمى وأضل سَبِيلا﴾ يَقُول: أبعد حجَّة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: من عمي عَمَّا يرَاهُ من الشَّمْس وَالْقَمَر وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَمَا يرى من الْآيَات وَلم يصدق بهَا فَهُوَ عَمَّا غَابَ عَنهُ من آيَات الله أعمى وأضل سَبِيلا
الْآيَة ٧٣ - ٧٥
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والخطيب في تاريخه، عن أنس رضي الله عنه في قوله :﴿ يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ﴾ قال : بنبيهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ﴾ قال : بكتاب أعمالهم.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«﴿ يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ﴾ قال : يدعى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم ».
وأخرج الترمذي وحسنه والبزار وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ يوم ندعو كل أناس بإمامهم ﴾ قال :« يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه، ويُمَدّ لَهُ في جسمه ستين ذراعاً ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من نور يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون : اللهم ائتنا بهذا وبارك لنا في هذا حتى يأتيهم فيقول : أبشروا. . . لكل رجل منكم مثل هذا.
وأما الكافر، فيسوّد له وجهه ويُمَدّ له في جسمه ستين ذراعاً على صورة آدم، ويلبس تاجاً من نار فيراه أصحابه فيقولون : نعوذ بالله من شر هذا. . . اللهم لا تأتنا بهذا. قال فيأتيهم. فيقول : ربنا أخّرْه فيقول : أبعدكم الله، فإن لكل رجل منكم مثل هذا ».
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ ومن كان ﴾ في الدنيا ﴿ أعمى ﴾ عما يرى من قدرتي من خلق السماء والأرض والجبال والبحار والناس والدواب وأشباه هذا ﴿ فهو ﴾ عما وصفت له في الآخرة ولم يره ﴿ أعمى وأضل سبيلاً ﴾ يقول : أبعد حجة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس : من عمي عن قدرة الله في الدنيا فهو في الآخرة أعمى.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة في الآية قال : من عمي عما يراه من الشمس والقمر والليل والنهار وما يرى من الآيات ولم يصدق بها، فهو عما غاب عنه من آيات الله أعمى وأضل سبيلاً.
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن باذان عَن جَابر بن عبد الله مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَلم الْحجر فَقَالُوا: لَا نَدعك تستلمه حَتَّى تستلم آلِهَتنَا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا عليّ لَو فعلت وَالله يعلم مني خِلَافه فَأنْزل الله ﴿وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك﴾ إِلَى قَوْله ﴿نَصِيرًا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا طَاف يَقُول لَهُ الْمُشْركُونَ: اسْتَلم آلِهَتنَا كي لَا تَضُرك فكاد يفعل فَأنْزل الله ﴿وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جُبَير بن نفير رَضِي الله عَنهُ أَن قُريْشًا أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَهُ: إِن كنت أرست إِلَيْنَا فاطرد الَّذين اتبعوك من سقاط النَّاس ومواليهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل الله (والنجم إِذا هوى) (النَّجْم آيَة ١) فَقَرَأَ عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة (أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى) (النَّجْم آيَة ١٩) فَألْقى عَلَيْهِ الشَّيْطَان كَلِمَتَيْنِ تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى
فَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بَقِي من السُّورَة وَسجد فَأنْزل الله ﴿وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك عَن الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك﴾ الْآيَة
فَمَا زَالَ مغموماً مهموماً حَتَّى أنزل الله تَعَالَى ﴿وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي﴾ الْحَج آيَة ٥٢ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن ثقيفا قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أجّلْنا سنة حَتَّى نهدي لِآلِهَتِنَا فَإِذا قبضنا الَّذِي يهدى للآلهة أحرزناه ثمَّ أسلمنَا وكسرنا الْآلهَة
فهم أَن يؤجلهم فَنزلت ﴿وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات﴾ يَعْنِي ضعف عَذَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ضعف الْحَيَاة﴾ قَالَ: هُوَ عَذَاب الْقَبْر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَضعف الْمَمَات﴾ قَالَ: عَذَاب الْقَبْر
الْآيَة ٧٦ - ٧٩
وأخرج البيهقي في كتاب عذاب القبر، عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ ضعف الحياة ﴾ قال : هو عذاب القبر.
وأخرج البيهقي عن عطاء رضي الله عنه في قوله :﴿ وضعف الممات ﴾ قال : عذاب القبر.
وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي رَضِي الله عَنهُ أَنه بلغ أَن بعض الْيَهُود قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَرض الْأَنْبِيَاء أَرض الشَّام وَإِن هَذِه لَيست بِأَرْض الْأَنْبِيَاء
فَأنْزل الله تَعَالَى ﴿وَإِن كَادُوا ليستفزونك﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم رَضِي الله عَنهُ: أَن الْيَهُود أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: إِن كنت نَبيا فالْحَقْ بِالشَّام فَإِن الشَّام أَرض الْمَحْشَر وَأَرْض الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام
فَصدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالُوا فغزا تَبُوك لَا يُرِيد إِلَّا الشَّام فَلَمَّا بلغ تَبُوك أنزل الله عَلَيْهِ آيَات من سُورَة بني إِسْرَائِيل بعد مَا ختمت السُّورَة ﴿وَإِن كَادُوا ليستفزونك من الأَرْض﴾ الْآيَة
إِلَى قَوْله: ﴿تحويلاً﴾ فَأمره بِالرُّجُوعِ إِلَى الْمَدِينَة وَقَالَ: فِيهَا محياك وفيهَا مماتك وفيهَا تبْعَث
وَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: سل رَبك
فَإِن لكل نَبِي مَسْأَلَة
فَقَالَ: مَا تَأْمُرنِي أَن أسأَل قَالَ: (قل رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا) فَهَؤُلَاءِ نَزَلْنَ عَلَيْهِ فِي رجعته من تَبُوك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَإِن كَادُوا ليستفزونك من الأَرْض﴾ قَالَ: همّ أهل مَكَّة بِإِخْرَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة وَقد فعلوا بعد ذَلِك فأهلكهم الله تَعَالَى يَوْم بدر وَلم يَلْبَثُوا بعده إِلَّا قَلِيلا حَتَّى أهلكهم الله يَوْم بدر وَكَذَلِكَ كَانَت سنة الله تَعَالَى فِي الرُّسُل عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذا فعل بهم قَومهمْ مثل ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَإِذا لَا يلبثُونَ خلافَكَ إِلَّا قَلِيلا﴾ قَالَ: يَعْنِي بِالْقَلِيلِ يَوْم أَخذهم ببدر فَكَانَ ذَلِك هُوَ الْقَلِيل الَّذِي كَانَ كثيرا بعده
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: الْقَلِيل ثَمَانِيَة عشر شهرا
تَقول الْعَرَب: إِذا غربت الشَّمْس: دلكت الشَّمْس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دلوكها غُرُوبهَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس﴾ قَالَ: لزوَال الشَّمْس
وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ﴿لدلوك الشَّمْس﴾ زَوَالهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ﴿لدلوك الشَّمْس﴾ زياغها بعد نصف النَّهَار
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: دلوكها زَوَالهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿لدلوك الشَّمْس﴾ قَالَ: إِذا فَاء الْفَيْء
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لدلوك الشَّمْس حِين زَالَت فصلى بِي الظّهْر
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظّهْر إِذا زَالَت الشَّمْس ثمَّ تَلا ﴿أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس﴾
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت أَقُود مولَايَ قيس بن السَّائِب فَيَقُول لي: أدلكت الشَّمْس فَإِذا قلت نعم صلى الظّهْر
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظّهْر عِنْد دلوك الشَّمْس
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِلَى غسق اللَّيْل﴾ قَالَ: الْعشَاء الْآخِرَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ﴿غسق اللَّيْل﴾ بَدو اللَّيْل
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿إِلَى غسق اللَّيْل﴾ قَالَ: مَا الغسق قَالَ: دُخُول اللَّيْل بظلمته
قَالَ فِيهِ زُهَيْر بن أبي سلمى: ظلتا تجوب يداها وَهِي لاهبة حَتَّى إِذا جنح الإظلام فِي الغسق
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ﴿لدلوك الشَّمْس﴾ حِين تزِيغ
و ﴿غسق اللَّيْل﴾ غرُوب الشَّمْس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ﴿لدلوك الشَّمْس﴾ إِذا زَالَت عَن بطن السَّمَاء و ﴿غسق اللَّيْل﴾ غرُوب الشَّمْس
وَالله سُبْحَانَهُ أعلم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَقُرْآن الْفجْر﴾ قَالَ: صَلَاة الصُّبْح
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿وَقُرْآن الْفجْر﴾ قَالَ: صَلَاة الْفجْر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً﴾ قَالَ: تشهده الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَقُرْآن الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً﴾ قَالَ: تشهده مَلَائِكَة اللَّيْل وملائكة النَّهَار تَجْتَمِع فِيهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تَجْتَمِع مَلَائِكَة اللَّيْل وملائكة النَّهَار فِي صَلَاة الْفجْر ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: اقرؤوا إِن شِئْتُم ﴿وَقُرْآن الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً﴾
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ﴿إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً﴾ قَالَ: يشهده الله وملائكة اللَّيْل وملائكة النَّهَار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً﴾ قَالَ: تشهده مَلَائِكَة اللَّيْل وملائكة النَّهَار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْقَاسِم عَن أَبِيه قَالَ: دخل عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ الْمَسْجِد لصَلَاة الْفجْر فَإِذا قوم قد أسندوا ظُهُورهمْ إِلَى الْقبْلَة فَقَالَ: نحّوا عَن الْقبْلَة
لَا تحولوا بَين الْمَلَائِكَة وصلاتها فَإِن هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ صَلَاة الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن عَلْقَمَة وَالْأسود رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: التَّهَجُّد بعد نومَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: نسخ قيام اللَّيْل إِلَّا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿نَافِلَة لَك﴾ يَعْنِي خَاصَّة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِقِيَام اللَّيْل وَكتب عَلَيْهِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث هن عليّ فَرَائض وَهن لكم سنة: الْوتر والسواك وَقيام اللَّيْل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿نَافِلَة لَك﴾ قَالَ: لم تكن النَّافِلَة لأحد إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة من أجل أَنه قد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر فَمَا عمل من عمل مَعَ الْمَكْتُوب فَهُوَ نَافِلَة لَهُ سوى الْمَكْتُوب من أجل أَنه لَا يعْمل ذَلِك فِي كَفَّارَة الذُّنُوب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ مثله
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَمن اللَّيْل فتهجد بِهِ نَافِلَة لَك﴾ قَالَ: لَا تكون نَافِلَة اللَّيْل إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَمُحَمّد بن نصر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿نَافِلَة لَك﴾ قَالَ: تطوّعاً وفضيلة لَك
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿نَافِلَة لَك﴾ قَالَ: كَانَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَافِلَة وَلكم فَضِيلَة
وَفِي لفظ إِنَّمَا كَانَت النَّافِلَة خَاصَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن نصر وَالطَّبَرَانِيّ ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان والخطيب فِي تَارِيخه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: إِذا تَوَضَّأ الرجل الْمُسلم فَأحْسن الْوضُوء فَإِن قعد - قعد مغفوراً لَهُ وَإِن قَامَ يُصَلِّي كَانَت لَهُ فَضِيلَة
قيل لَهُ: نَافِلَة قَالَ: إِنَّمَا النَّافِلَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ يكون لَهُ نَافِلَة وَهُوَ يسْعَى فِي الْخَطَايَا والذنُوب وَلَكِن فَضِيلَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن النَّاس يصيرون يَوْم الْقِيَامَة جثاء كل أمة تتبع نبيها يَقُولُونَ: يَا فلَان اشفع لنا
حَتَّى تَنْتَهِي الشَّفَاعَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك يَوْم يَبْعَثهُ الله الْمقَام الْمَحْمُود
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾ وَسُئِلَ عَنهُ قَالَ: هُوَ الْمقَام الَّذِي أشفع فِيهِ لأمتي
وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمقَام الْمَحْمُود الشَّفَاعَة
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾ قَالَ: مقَام الشَّفَاعَة
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يبْعَث النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَأَكُون أَنا وَأمتِي على تَلٍّ وَيَكْسُونِي رَبِّي حلَّة خضراء ثمَّ يُؤذن لي أَن أَقُول مَا شَاءَ الله أَن أَقُول فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق عَليّ بن حُسَيْن قَالَ: أَخْبرنِي رجل من أهل الْعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تمد الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة مدّ الْأَدِيم وَلَا يكون لبشر من بني آدم فِيهَا إِلَّا مَوضِع قدمه ثمَّ أدعى أول النَّاس فَأخر سَاجِدا ثمَّ يُؤذن لي فَأَقُول: يَا رب أَخْبرنِي هَذَا لجبريل وَجِبْرِيل عَن يَمِين الرَّحْمَن وَالله مَا رَآهُ جِبْرِيل قطّ قبلهَا أَنَّك أَرْسلتهُ إِلَيّ
وَجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام سَاكِت لَا يتَكَلَّم حَتَّى يَقُول الرب: صدقت
ثمَّ يُؤذن لي فِي الشَّفَاعَة فَأَقُول: أَي رب عِبَادك عَبَدُوك فِي أَطْرَاف الأَرْض
فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد يسمعهم الدَّاعِي وَينْفذهُمْ الْبَصَر حُفَاة عُرَاة كَمَا خلقُوا قيَاما لَا تكلم نفس إِلَّا بِإِذْنِهِ يُنَادي: يَا مُحَمَّد فَيَقُول: لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك والشرّ لَيْسَ إِلَيْك وَالْمهْدِي من هديت وَعَبْدك بَين يَديك وَبِك وَإِلَيْك لَا ملْجأ وَلَا منجى مِنْك إِلَّا إِلَيْك تَبَارَكت وَتَعَالَيْت سُبْحَانَكَ رب الْبَيْت
فَهَذَا الْمقَام الْمَحْمُود
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الشَّمْس لَتَدْنُو حَتَّى يبلغ الْعرق نصف الْأذن فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك اسْتَغَاثُوا بِآدَم عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: لَسْتُ بِصَاحِب ذَلِك ثمَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: كَذَلِك ثمَّ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيشفع فَيَقْضِي الله بَين الْخَلَائق فَيَمْشِي حَتَّى يَأْخُذ بِحَلقَة بَاب الْجنَّة فَيَوْمئِذٍ يَبْعَثهُ الله مقَاما مَحْمُودًا يحمده أهل الْجمع كلهم
قيل: وَمَا الْمقَام الْمَحْمُود قَالَ: ذَلِك إِذا جِيءَ بكم حُفَاة عُرَاة غرلًا فَيكون أول من يكسى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: اكسوا خليلي
فَيُؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما ثمَّ يقْعد مُسْتَقْبل الْعَرْش
ثمَّ أوتَى بكسوة فألبسها فأقوم عَن يَمِينه مقَاما لَا يقومه أحد فيغبطني بِهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ ثمَّ يفتح نهر من الْكَوْثَر إِلَى الْحَوْض
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ: مَا الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي ذكر لَك رَبك قَالَ: يحْشر الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة عُرَاة غرلًا كهيئتكم يَوْم ولدتم
هالهم الْفَزع الْأَكْبَر وكظمهم الكرب الْعَظِيم وَبلغ الرشح أَفْوَاههم وَبلغ بهم الْجهد والشدة فَأَكُون أول مدعى وَأول معطى ثمَّ يدعى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قد كسي ثَوْبَيْنِ أبيضين من ثِيَاب الْجنَّة ثمَّ يُؤمر فيجلس فِي قبل الْكُرْسِيّ
ثمَّ أقوم عَن يَمِين الْعَرْش
فَمَا من الْخَلَائق قَائِم غَيْرِي فأتكلم فيسمعون وَأشْهد فيصدقون
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾ قَالَ: يجلسه على السرير
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَبِيَدِي لِوَاء الْحَمد وَلَا فَخر وَمَا من نَبِي يَوْمئِذٍ - آدم فَمن سواهُ - إِلَّا تَحت لِوَائِي وَأَنا أول من تَنْشَقُّ عَنهُ الأَرْض وَلَا فَخر
فَيفزع النَّاس ثَلَاث فَزعَات فَيَأْتُونَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُولُونَ: أَنْت أَبونَا فاشفع لنا إِلَى رَبك
فَيَقُول: إِنِّي أذنبت ذَنبا أهبطت مِنْهُ إِلَى الأَرْض وَلَكِن ائْتُوا نوحًا
فَيَأْتُونَ نوحًا فَيَقُول: إِنِّي دَعَوْت على أهل الأَرْض دَعْوَة فأهلكوا وَلَكِن اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيم
فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُول: ائْتُوا مُوسَى
فَيَأْتُونَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَيَقُول: إِنِّي قتلت نفسا وَلَكِن ائْتُوا عِيسَى
فَيَأْتُونَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: إِنِّي عُبِدْتُ من دون الله وَلَكِن ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَيَأْتُوني فأنطلق مَعَهم فآخذ بِحَلقَة بَاب الْجنَّة فأقعقعها فَيُقَال: من هَذَا فَأَقُول: مُحَمَّد
فيفتحون لي وَيَقُولُونَ: مرْحَبًا
فأخرّ سَاجِدا فيلهمني الله عز وَجل من الثَّنَاء وَالْحَمْد وَالْمجد فَيُقَال: ارْفَعْ رَأسك
سل تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفّعْ
فَهُوَ الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي قَالَ الله: ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾ قَالَ: يخرج الله قوما من النَّار من أهل الْإِيمَان والقبلة بشفاعة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَنه ذكر حَدِيث الجهنّميّين فَقيل لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي تحدث وَالله تَعَالَى يَقُول: (إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته) (آل عمرَان آيَة ١٩٢) (وَكلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا) (السَّجْدَة آيَة ٢٠) فَقَالَ: هَل تقْرَأ الْقُرْآن قَالَ: نعم
قَالَ: فَهَل سَمِعت فِيهِ بالْمقَام الْمَحْمُود قَالَ: نعم
قَالَ: فَإِنَّهُ مقَام مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يخرج الله بِهِ من يخرج
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَأْذَن الله تَعَالَى فِي الشَّفَاعَة فَيقوم روح الْقُدس جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ يقوم إِبْرَاهِيم خَلِيل الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ يقوم عِيسَى أَو مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام ثمَّ يقوم نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاقِفًا ليشفع لَا يشفع أحد بعده أَكثر مِمَّا شفع وَهُوَ الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي قَالَ الله: ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ أَن يَبْعَثنِي الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي وَعَدَني
وَأخرج البُخَارِيّ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَالَ حِين يسمع النداء: الله رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة وَالصَّلَاة الْقَائِمَة آتٍ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَة والفضيلة وابعثه مقَاما مَحْمُودًا الَّذِي وعدته حَلّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُقَال لَهُ: سل تعطه - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَاشْفَعْ تشفع وادع تجب
فيرفع رَأسه فَيَقُول: أمتِي
مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَقَالَ سلمَان رَضِي الله عَنهُ: يشفع فِي كل من فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة حِنْطَة من إِيمَان أَو مِثْقَال شعيرَة من إِيمَان أَو مِثْقَال حَبَّة خَرْدَل من إِيمَان
قَالَ سلمَان رَضِي الله عَنهُ: فذلكم الْمقَام الْمَحْمُود
أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي اله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾ قَالَ: يجلسه بَينه وَبَين جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ويشفع لأمته
فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود
وَأخرج الديلمي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾ قَالَ: يجلسني مَعَه على السرير
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾ قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خيِّر بَين أَن يكون عبدا نَبيا أَو ملكا نَبيا فَأَوْمأ إِلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَن تواضع فَاخْتَارَ أَن يكون عبدا نَبيا
فَأعْطِي بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَيْنِ: أَنه أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض وَأول شَافِع
فَكَانَ أهل الْعلم يرَوْنَ أَنه الْمقَام الْمَحْمُود
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا﴾ قَالَ: يجلسه مَعَه على عَرْشه
الْآيَة ٨٠
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن علي رضي الله عنه قال : دلوكها، غروبها.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :
«﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس ﴾ قال : لزوال الشمس.
وأخرج البزار وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي بسند ضعيف، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :﴿ دلوك الشمس ﴾ زوالها.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :﴿ دلوك الشمس ﴾ زياغها بعد نصف النهار.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : دلوكها، زوالها.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ لدلوك الشمس ﴾ قال : إذا فاء الفيء.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أتاني جبريل عليه السلام لدلوك الشمس حين زالت فصلى بي الظهر ».
وأخرج ابن جرير عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس، ثم تلا ﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس ﴾.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وابن مردويه، عن مجاهد رضي الله عنه قال : كنت أقود مولاي قيس بن السائب فيقول لي : أدلكت الشمس ؟ فإذا قلت نعم، صلى الظهر.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر عند دلوك الشمس.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله :﴿ إلى غسق الليل ﴾ قال : العشاء الآخرة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :﴿ غسق الليل ﴾ اجتماع الليل وظلمته.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :﴿ غسق الليل ﴾ بدو الليل.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله :﴿ إلى غسق الليل ﴾ قال : ما الغسق ؟ قال : دخول الليل بظلمته. قال فيه زهير بن أبي سلمى :
ظلت تجوب يداها وهي لاهبة | حتى إذا جنح الإظلام في الغسق |
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :﴿ دلوك الشمس ﴾ إذا زالت عن بطن السماء و ﴿ غسق الليل ﴾ غروب الشمس. والله سبحانه أعلم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وقرآن الفجر ﴾ قال : صلاة الصبح.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وقرآن الفجر ﴾ قال : صلاة الفجر.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله :﴿ إن قرآن الفجر كان مشهوداً ﴾ قال : تشهده الملائكة والجن.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله :﴿ وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ﴾ قال : تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار تجتمع فيها.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر » ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه : اقرؤوا إن شئتم ﴿ وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والطبراني، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يتدارك الحرسان من ملائكة الله تعالى، حارس الليل وحارس النهار عند صلاة الصبح، اقرؤوا إن شئتم ﴿ وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ﴾ ثم قال : تنزل ملائكة الليل وملائكة النهار.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير والطبراني وابن مردويه، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ إن قرآن الفجر كان مشهوداً ﴾ قال :« يشهده الله وملائكة الليل وملائكة النهار ».
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه ﴿ إن قرآن الفجر كان مشهوداً ﴾ قال : تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار.
وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم عن أبيه قال : دخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه المسجد لصلاة الفجر، فإذا قوم قد أسندوا ظهورهم إلى القبلة فقال : نحّوا عن القبلة. . . لا تحولوا بين الملائكة وصلاتها، فإن هاتين الركعتين صلاة الملائكة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة، عن علقمة والأسود رضي الله عنهما قال : التهجد بعد نومة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : نسخ قيام الليل إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في سننه، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«ثلاث هن عليّ فرائض وهن لكم سنة : الوتر والسواك وقيام الليل ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر ومحمد بن نصر والبيهقي في الدلائل، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ نافلة لك ﴾ قال : لم تكن النافلة لأحد إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، خاصة من أجل أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما عمل من عمل مع المكتوب فهو نافلة له سوى المكتوب من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب فهي نوافل له وزيادة، والناس يعملون ما سوى المكتوب في كفارة ذنوبهم فليس للناس نوافل، إنما هي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه مثله.
وأخرج محمد بن نصر عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ ومن الليل فتهجد به نافلة لك ﴾ قال : لا تكون نافلة الليل إلا للنبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ومحمد بن نصر، عن قتادة رضي الله عنه ﴿ نافلة لك ﴾ قال : تطوّعاً وفضيلة لك.
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن أبي أمامة رضي الله عنه في قوله :﴿ نافلة لك ﴾ قال : كانت للنبي صلى الله عليه وسلم نافلة ولكم فضيلة. وفي لفظ إنما كانت النافلة خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الطيالسي وابن نصر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في تاريخه، عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال : إذا توضأ الرجل المسلم فأحسن الوضوء، فإن قعد - قعد مغفوراً له، وإن قام يصلي كانت له فضيلة. قيل له : نافلة ؟ قال : إنما النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم، كيف يكون له نافلة وهو يسعى في الخطايا والذنوب ! ؟ ولكن فضيلة.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري وابن جرير وابن مردويه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاء كل أمة تتبع نبيها، يقولون : يا فلان، اشفع لنا. حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ﴾ وسئل عنه قال : هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«المقام المحمود، الشفاعة ».
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ﴾ قال : مقام الشفاعة.
وأخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود فقال :«هو الشفاعة ».
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه، عن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تَلٍّ، ويكسوني ربي حلة خضراء ثم يؤذن لي أن أقول ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق علي بن حسين قال : أخبرني رجل من أهل العلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«تمد الأرض يوم القيامة مدّ الأديم ولا يكون لبشر من بني آدم فيها إلا موضع قدمه، ثم أدعى أول الناس فأخر ساجداً، ثم يؤذن لي فأقول : يا رب، أخبرني هذا لجبريل وجبريل عن يمين الرحمن، والله ما رآه جبريل قط قبلها أنك أرسلته إلي. وجبريل عليه السلام ساكت لا يتكلم حتى يقول الرب : صدقت. . . ثم يؤذن لي في الشفاعة فأقول : أي رب، عبادك عبدوك في أطراف الأرض. فذلك المقام المحمود ».
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه والبيهقي في البعث والخطيب في المتفق والمفترق، عن حذيفة رضي الله عنه قال : يجمع الناس في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر حفاة عراة كما خلقوا قياماً، لا تكلم نفس إلا بإذنه ينادي : يا محمد، فيقول : لبيك وسعديك والخير في يديك والشرّ لَيْسَ إليك، والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك وإليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت. فهذا المقام المحمود ».
وأخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم عليه السلام فيقول : لَسْتُ بصاحب ذلك، ثم موسى عليه السلام فيقول : كذلك، ثم محمد صلى الله عليه وسلم فيشفع، فيقضي الله بين الخلائق فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة » فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الجمع كلهم.
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إني لأقوم المقام المحمود. قيل : وما المقام المحمود ؟ قال : ذلك إذا جيء بكم حفاة عراة غرلاً، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام، فيقول : اكسوا خليلي. فيؤتى بربطتين بيضاوين فيلبسهما، ثم يقعد مستقبل العرش. ثم أوتَى بكسوة فألبسها فأقوم عن يمينه مقاماً لا يقومه أحد، فيغبطني به الأولون والآخرون، ثم يفتح نهر من الكوثر إلى الحوض ».
وأخرج ابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل :«ما المقام المحمود الذي ذكر لك ربك ؟ قال : يحشر الله الناس يوم القيامة عراة غرلاً، كهيئتكم يوم ولدتم. . . هالهم الفزع الأكبر وكظمهم الكرب العظيم، وبلغ الرشح أفواههم وبلغ بهم الجهد والشدة، فأكون أول مدعى وأول معطى، ثم يدعى إبراهيم عليه السلام قد كسي ثوبين أبيضين من ثياب الجنة، ثم يؤمر فيجلس في قبل الكرسي. ثم أقوم عن يمين العرش. . . فما من الخلائق قائم غيري، فأتكلم فيسمعون وأشهد فيصدقون ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ﴾ قال :«يجلسه على السرير ».
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ - آدم فمن سواه - إلا تحت لوائي، وأنا أوّل من تَنْشَقُّ عنه الأرض ولا فخر. . . فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم عليه السلام فيقولون : أنت أبونا فاشفع لنا إلى ربك. فيقول : إني أذنبت ذنباً أهبطت منه إلى الأرض، ولكن ائتوا نوحاً. فيأتون نوحاً فيقول : إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقول : ائتوا موسى. فيأتون موسى عليه الصلاة والسلام فيقول : إني قتلت نفساً، ولكن ائتوا عيسى. فيأتون عيسى عليه السلام فيقول : إني عُبِدْتُ من دون الله، ولكن ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم. فيأتوني فأنطلق معهم فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها، فيقال : من هذا ؟ فأقول : محمد. فيفتحون لي ويقولون : مرحباً. فأخرّ ساجداً فيلهمني الله عز وجل من الثناء والحمد والمجد، فيقال : ارفع رأسك. . . سل تُعْطَ، واشفع تُشَفّعْ، وقل يسمع لقولك. فهو المقام المحمود الذي قال الله :﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه في قوله :﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ﴾ قال : يخرج الله قوماً من النار من أهل الإيمان والقبلة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، فذلك المقام المحمود.
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أنه ذكر حديث الجهنّميّين فقيل له : ما هذا الذي تحدث والله تعالى يقول :﴿ إنك من تدخل النار فقد أخزيته ﴾ [ آل عمران : ١٩٢ ] ﴿ وكلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ﴾ [ السجدة : ٢٠ ] فقال : هل تقرأ القرآن ؟ قال : نعم. قال : فهل سمعت فيه بالمقام المحمود ؟ قال : نعم. قال : فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم الذي يخرج الله به من يخرج.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يأذن الله تعالى في الشفاعة، فيقوم روح القدس جبريل عليه السلام، ثم يقوم إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام، ثم يقوم عيسى أو موسى عليهما السلام، ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم واقفاً ليشفع، لا يشفع أحد بعده أكثر مما شفع، وهو المقام المحمود الذي قال الله :﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ﴾.
وأخرج ابن مردويه، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إذا سألتم الله فاسألوه أن يبعثني المقام المحمود الذي وعدني ».
وأخرج البخاري عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حَلّتْ له شفاعتي يوم القيامة ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان رضي الله عنه قال : يقال له : سل تعطه - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - واشفع تشفع، وادع تجب. فيرفع رأسه فيقول : أمتي. مرتين أو ثلاثاً، فقال سلمان رضي الله عنه : يشفع في كل من في قلبه مثقال حبة حنطة من إيمان أو مثقال شعيرة من إيمان أو مثقال حبة خردل من إيمان. قال سلمان رضي الله عنه : فذلكم المقام المحمود ».
وأخرج الديلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :«قيل : يا رسول الله، ما المقام المحمود ؟ قال : ذلك يوم ينزل الله تعالى عن عرشه، فيئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه ».
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ﴾ قال : يجلسه بينه وبين جبريل عليه السلام، ويشفع لأمته. فذلك المقام المحمود.
وأخرج الديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ﴾ قال : يجلسني معه على السرير ».
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ﴾ قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خيِّر بين أن يكون عبداً نبياً أو ملكاً نبياً، فأومأ إليه جبريل عليه السلام أن تواضع، فاختار أن يكون عبداً نبياً. فأعطى به النبي صلى الله عليه وسلم ثنتين : أنه أول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع. فكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :{ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَقل رب أدخلني مدْخل صدق﴾ الْآيَة
قَالَ: أخرجه الله من مَكَّة ﴿مخرج صدق﴾ وَأدْخلهُ الْمَدِينَة ﴿مدْخل صدق﴾ قَالَ: وَعلم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَا طَاقَة لَهُ
وَأخرج الْخَطِيب عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَالله لما يَزع الله بالسلطان أعظم مِمَّا يَزع بِالْقُرْآنِ
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: جعل الله ﴿مدْخل صدق﴾ الْمَدِينَة ﴿مخرج صدق﴾ مَكَّة و ﴿سُلْطَانا نَصِيرًا﴾ الْأَنْصَار
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ أدخلني مَدْخَلَ صدق وأخرجني مَخْرَجَ صدق بِفَتْح الْمِيم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أدخلني مدْخل صدق﴾ يَعْنِي الْمَوْت
﴿وأخرجني مخرج صدق﴾ يَعْنِي الْحَيَاة بعد الْمَوْت
الْآيَة ٨١ - ٨٢
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دَخَلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة وحول الْبَيْت ثلثمِائة وَسِتُّونَ صنماً فَأمر بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأكبت لوجهها وَقَالَ: ﴿جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقاً﴾
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة يَوْم الْفَتْح وعَلى الْكَعْبَة ثلثمِائة وَسِتُّونَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقاً﴾ قَالَ: ذَاهِبًا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَقل جَاءَ الْحق﴾ قَالَ: الْقُرْآن ﴿وزهق الْبَاطِل﴾ قَالَ: هلك وَهُوَ الشَّيْطَان
وَفِي قَوْله: ﴿وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة﴾ قَالَ الله تَعَالَى جعل هَذَا الْقُرْآن ﴿شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين﴾ إِذا سَمعه الْمُؤمن انْتفع بِهِ وَحفظه ووعاه ﴿وَلَا يزِيد الظَّالِمين إِلَّا خساراً﴾ لَا ينْتَفع بِهِ وَلَا يحفظه وَلَا يعيه
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أويس الْقَرنِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم يُجَالس هَذَا الْقُرْآن أحد إِلَّا قَامَ عَنهُ بِزِيَادَة أَو نُقْصَان قَضَاء من الله الَّذِي قضى ﴿شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين وَلَا يزِيد الظَّالِمين إِلَّا خسارا﴾
الْآيَة ٨٣ - ٨٤
وأخرج ابن عساكر عن أويس القرني رضي الله عنه قال : لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، قضاء الله الذي قضى ﴿ شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً ﴾.
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿كَانَ يؤوساً﴾ قَالَ: قنوطاً
وَفِي قَوْله: ﴿قل كل يعْمل على شاكلته﴾ قَالَ: على ناحيته
وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿على شاكلته﴾ قَالَ: على نِيَّته
وأخرج هناد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ على شاكلته ﴾ قال : على نيته.
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت أَمْشِي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خرب الْمَدِينَة وَهُوَ متكئ على عسيب فَمر بِقوم من الْيَهُود فَقَالَ بَعضهم لبَعض: سلوه عَن الرّوح
وَقَالَ بَعضهم: لَا تسألوه
فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد مَا الرّوح فَمَا زَالَ يتَوَكَّأ على العسيب وظننت أَنه يُوحى إِلَيْهِ فَأنْزل الله ﴿ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَت قُرَيْش للْيَهُود: أعطونا شَيْئا نسْأَل هَذَا الرجل فَقَالُوا: سلوه عَن الرّوح فَسَأَلُوهُ فَنزلت ﴿ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾ قَالُوا: أوتينا علما كثيرا: أوتينا التَّوْرَاة وَمن أُوتِيَ التَّوْرَاة فقد أُوتِيَ خيرا كثيرا
فَأنْزل الله تَعَالَى (قل لَو كَانَ الْبَحْر مداداًَ لكلمات رَبِّي لنفد الْبَحْر قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي وَلَو جِئْنَا بِمثلِهِ مدَدا) (الْكَهْف آيَة ١٠٩)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِن الْيَهُود قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أخبرنَا مَا الرّوح وَكَيف تعذب الرّوح الَّتِي فِي الْجَسَد وَإِنَّمَا الرّوح من الله وَلم يكن نزل عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء فَلم يجر إِلَيْهِم شَيْئا فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ: ﴿قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾ فَأخْبرهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَقَالُوا: من جَاءَك بِهَذَا قَالَ: جِبْرِيل
قَالُوا: وَالله مَا قَالَه لَك إِلَّا عدوّ لنا
فَأنْزل الله تَعَالَى (قل من كَانَ عدوّاً لجبريل
) (الْبَقَرَة آيَة ٩٧) الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ويسألونك عَن الرّوح﴾ قَالَ: هُوَ ملك من الْمَلَائِكَة لَهُ سَبْعُونَ
لكل لِسَان مِنْهَا سَبْعُونَ ألف لُغَة يسبح الله تَعَالَى بِتِلْكَ اللُّغَات يخلق الله تَعَالَى من كل تَسْبِيحَة ملكا يطير مَعَ الْمَلَائِكَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿ويسألونك عَن الرّوح﴾ قَالَ: هُوَ ملك وَاحِد لَهُ عشرَة آلَاف جنَاح جَنَاحَانِ مِنْهُمَا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب لَهُ ألف وَجه لكل وَجه لِسَان وعينان وشفتان يسبحان الله تَعَالَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الرّوح أَمر من أَمر الله وَخلق من خلق الله وصورهم على صور بني آدم وَمَا ينزل من السَّمَاء من ملك إِلَّا وَمَعَهُ وَاحِد من الرّوح
ثمَّ تَلا (يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا) (النبأ آيَة ٣٨)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي﴾ لَا تنَال هَذِه الْمنزلَة فَلَا تَزِيدُوا عَلَيْهَا
قُولُوا كَمَا قَالَ الله وَعلم نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا يعلم الرّوح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن زِيَاد أَنه بلغه أَن رجلَيْنِ اخْتلفَا فِي هَذِه الْآيَة ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾ فَقَالَ أَحدهمَا: إِنَّمَا أُرِيد بهَا أهل الْكتاب وَقَالَ الآخر: بل إِنَّه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَانْطَلق أَحدهمَا إِلَى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أَلَسْت تقْرَأ سُورَة الْبَقَرَة فَقَالَ: بلَى
فَقَالَ: وَأي الْعلم لَيْسَ فِي سُورَة الْبَقَرَة إِنَّمَا أُرِيد بهَا أهل الْكتاب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿ويسألونك عَن الرّوح﴾ قَالَ: ﴿الرّوح﴾ ملك
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أم الحكم الثَّقَفِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض سِكَك الْمَدِينَة إِذْ عرض لَهُ الْيَهُود فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ﴿الرّوح﴾ خلق مَعَ الْمَلَائِكَة لَا يراهم الْمَلَائِكَة كَمَا لَا ترَوْنَ أَنْتُم الْمَلَائِكَة
و ﴿الرّوح﴾ حرف اسْتَأْثر الله تَعَالَى بِعِلْمِهِ وَلم يطلع عَلَيْهِ أحدا من خلقه
وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: ﴿ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْإِنْس وَالْجِنّ عشرَة أَجزَاء: فالانس جُزْء وَالْجِنّ تِسْعَة أَجزَاء
وَالْمَلَائِكَة وَالْجِنّ عشرَة أَجزَاء: فالجن من ذَلِك جُزْء وَالْمَلَائِكَة تِسْعَة
وَالْمَلَائِكَة وَالروح عشرَة أَجزَاء: فالملائكة من ذَلِك جُزْء وَالروح تِسْعَة أَجزَاء
وَالروح والكروبيون عشرَة أَجزَاء: فالروح من ذَلِك جُزْء والكروبيون تِسْعَة أَجزَاء
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: نزلت بِمَكَّة ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾ فَلَمَّا هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة أَتَاهُ أَحْبَار الْيَهُود فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد ألم يبلغنَا أَنَّك تَقول: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾ أفعنيتنا أم قَوْمك قَالَ: كلاًّ قد عنيت
قَالُوا: فَإنَّك تتلو أَنا أوتينا التَّوْرَاة وفيهَا تبيان كل شَيْء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هِيَ فِي علم الله قَلِيل وَقد آتَاكُم الله مَا عملتم بِهِ انتفعتم
فَأنْزل الله (وَلَو أَن مَا فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام
) إِلَى قَوْله: (إِن الله سميع بَصِير) (لُقْمَان آيَة ٢٧ - ٢٨)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير فِي قَوْله: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم﴾ قَالَ: يَا مُحَمَّد وَالنَّاس أَجْمَعُونَ
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا﴾ يَعْنِي الْيَهُود
الْآيَة ٨٦ - ٨٧
إِنَّمَا يُقَال هَذَا للْملك وَلست ملكا
أَنا مُحَمَّد بن عبد الله
فَقَالُوا: إِنَّا لَا ندعوك بِاسْمِك
قَالَ: فَأَنا أَبُو الْقَاسِم
فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم انا قد خبأنا لَك خبيئاً
فَقَالَ: سُبْحَانَ الله
إِنَّمَا يفعل هَذَا بالكاهن والكاهن والمتكهن وَالْكهَانَة فِي النَّار
فَقَالَ لَهُ أحدهم: فَمن يشْهد لَك أَنَّك رَسُول الله فَضرب بِيَدِهِ إِلَى حفْنَة حصا فَأَخذهَا فَقَالَ: هَذَا يشْهد أَنِّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسبّحْنَ فِي يَده فَقُلْنَ: نشْهد أَنَّك رَسُول الله
فَقَالُوا لَهُ: أسمعنا بعض مَا أنزل عَلَيْك
فَقَرَأَ (وَالصَّافَّات صفا) حَتَّى انْتهى إِلَى قَوْله: (فَأتبعهُ شهَاب ثاقب) (الصافات الْآيَة ١ - ١٠) فَإِنَّهُ لساكن مَا ينبض مِنْهُ عرق وَإِن دُمُوعه لتسبقه إِلَى لحيته فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا نرَاك تبْكي
أَمن خوف الَّذِي بَعثك تبْكي قَالَ: بل من خوف الَّذِي بَعَثَنِي أبْكِي إِنَّه بَعَثَنِي على طَرِيق مثل حد السَّيْف إِن زِغْت عَنهُ هَلَكت
ثمَّ قَرَأَ ﴿وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك ثمَّ لَا تَجِد لَك بِهِ علينا وَكيلا﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن هَذَا الْقُرْآن سيرفع
قيل: كَيفَ يرفع وَقد أثْبته الله فِي قُلُوبنَا وَأَثْبَتْنَاهُ فِي الْمَصَاحِف
قَالَ: يسرى عَلَيْهِ فِي لَيْلَة وَاحِدَة فَلَا يتْرك مِنْهُ آيَة فِي قلب وَلَا مصحف إِلَّا رفعت فتصبحون وَلَيْسَ فِيكُم مِنْهُ شَيْء
ثمَّ قَرَأَ ﴿وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك﴾
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ليسريَنَّ على الْقُرْآن فِي لَيْلَة فَلَا يتْرك آيَة فِي مصحف أحد إِلَّا رفعت
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يسر ى على الْقُرْآن لَيْلًا فَيذْهب بِهِ من أَجْوَاف الرِّجَال فَلَا يبْقى فِي الأَرْض مِنْهُ شَيْء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اقرؤوا الْقُرْآن قبل أَن يرفع فَإِنَّهُ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يرفع
قَالُوا: هَذِه الْمَصَاحِف ترفع
قَالَ: يعدى لَيْلًا فيرفع من صُدُورهمْ فيصبحون فَيَقُولُونَ: لكأنا كُنَّا نعلم شَيْئا ثمَّ يقعون فِي الشّعْر
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يدرس الْإِسْلَام كَمَا يدرس وشي الثَّوْب حَتَّى لَا يدرى مَا صِيَام وَلَا صَدَقَة وَلَا نسك
ويسرى على كتاب الله فِي لَيْلَة فَلَا يبْقى فِي الأَرْض مِنْهُ آيَة وَيبقى الشَّيْخ الْكَبِير والعجوز يَقُولُونَ: أدركنا آبَائِنَا على هَذِه الْكَلِمَة لَا إِلَه إِلَّا الله فَنحْن نقولها
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُوشك أَن يدرس الْإِسْلَام كَمَا يدرس وَشْي الثَّوْب وَيقْرَأ النَّاس الْقُرْآن لَا يَجدونَ لَهُ حلاوة فيبيتون لَيْلَة فيصبحون وَقد أسرِي بِالْقُرْآنِ وَمَا قبله من كتاب حَتَّى ينتزع من قلب شيخ كَبِير وعجوز كَبِير فَلَا يعْرفُونَ وَقت صَلَاة وَلَا صِيَام وَلَا نسك
حَتَّى يَقُول الْقَائِل مِنْهُم: إِنَّا سمعنَا النَّاس يَقُولُونَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فَنحْن نقُول لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم عَن شمر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يسرى على الْقرَان فِي لَيْلَة فَيقوم المتهجدون فِي ساعاتهم فَلَا يقدرُونَ على شَيْء فيفزعون إِلَى مصاحفهم فَلَا يقدرُونَ عَلَيْهَا فَيخرج بَعضهم إِلَى بعض فيلتقون فيخبر بَعضهم بَعْضًا بِمَا قد لقوا
وَأخرج ابْن عدي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَأْتِي النَّاس زمَان يُرْسَلُ إِلَى الْقُرْآن وَيرْفَع من الأَرْض
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يرفع الْقُرْآن من حَيْثُ نزل لَهُ دوِي حول الْعَرْش كَدَوِيِّ النَّحْل يَقُول: أُتْلَى وَلَا يُعْمَلُ بِي
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن اللَّيْث بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا يرفع الْقُرْآن حِين يقبل النَّاس على الْكتب ويكبّون عَلَيْهَا ويتركون الْقُرْآن
وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَطِيعُونِي مَا دمت بَين أظْهركُم فَإِن ذهبت فَعَلَيْكُم بِكِتَاب الله
أحلُّوا حَلَاله وحرِّموا حرَامه فَإِنَّهُ سَيَأْتِي على النَّاس زمَان يسرى على الْقُرْآن فِي لَيْلَة فَيُنْسَخُ من الْقُلُوب والمصاحف
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن حُذَيْفَة وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يسرى على كتاب الله لَيْلًا فَيُصْبِح النَّاس لَيْسَ فِي الأَرْض وَلَا فِي جَوف مُسلم مِنْهُ آيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يرفع الذِكْرُ وَالْقُرْآن
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهَا قَالَا: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس مَا هَذِه الْكتب الَّتِي بَلغنِي أَنكُمْ تكتبونها مَعَ كتاب الله يُوشك أَن يغْضب الله لكتابه فَيُسْرَى عَلَيْهِ لَيْلًا لَا يتْرك فِي قلب وَلَا ورق مِنْهُ حرفا إِلَّا ذهب بِهِ
فَقيل: يَا رَسُول الله فَكيف بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات قَالَ: من أَرَادَ الله بِهِ خيرا أبقى فِي قلبه لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: يسرى على الْقُرْآن فِي جَوف اللَّيْل يَجِيء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَيذْهب بِهِ ثمَّ قَرَأَ ﴿وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ﴾ الْآيَة
الْآيَة ٨٨ - ٨٩
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليسريَنَّ على القرآن في ليلة فلا يترك آية في مصحف أحد إلا رفعت.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يسرى على القرآن ليلاً فيذهب به من أجواف الرجال، فلا يبقى في الأرض منه شيء.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : اقرؤوا القرآن قبل أن يرفع، فإنه لا تقوم الساعة حتى يرفع. قالوا : هذه المصاحف ترفع، فكيف بما في صدور الناس. . . . ! ؟ قال : يعدى عليه ليلاً فيرفع من صدورهم، فيصبحون فيقولون : لكأنا كنا نعلم شيئاً، ثم يقعون في الشعر.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«يُدرس الإسلام كما يدرس وشْيُ الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صدقة ولا نسك. ويسرى على كتاب الله في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية ويبقى الشيخ الكبير والعجوز يقولون : أدركنا آبائنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها ».
وأخرج الخطيب في تاريخه، عن حذيفة رضي الله عنه قال : يوشك أن يدرس الإسلام كما يدرس وَشْي الثوب، ويقرأ الناس القرآن لا يجدون له حلاوة، فيبيتون ليلة فيصبحون وقد أسري بالقرآن وما قبله من كتاب، حتى ينتزع من قلب شيخ كبير وعجوز كبير، فلا يعرفون وقت صلاة ولا صيام ولا نسك. . . . حتى يقول القائل منهم : إنا سمعنا الناس يقولون : لا إله إلا الله، فنحن نقول لا إله إلا الله.
وأخرج ابن أبي داود وابن أبي حاتم، عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال : يسرى على القران في ليلة فيقوم المتهجدون في ساعاتهم فلا يقدرون على شيء، فيفزعون إلى مصاحفهم فلا يقدرون عليها، فيخرج بعضهم إلى بعض فيلتقون فيخبر بعضهم بعضاً بما قد لقوا.
وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :« يأتي الناس زمان يُرْسَلُ إلى القرآن ويرفع من الأرض ».
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل، له دوي حول العرش كدوي النحل، يقول : أُتْلَى ولا يُعْمَلُ بي.
وأخرج محمد بن نصر، عن الليث بن سعد رضي الله عنه قال : إنما يرفع القرآن حين يقبل الناس على الكتب ويكبّون عليها ويتركون القرآن.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :«أطيعوني ما دمت بين أظهركم، فإن ذهبت فعليكم بكتاب الله. . . أحلوا حلاله وحرّموا حرامه، فإنه سيأتي على الناس زمان يسرى على القرآن في ليلة فَيُنْسَخُ من القلوب والمصاحف ».
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : يسرى على كتاب الله فيرفع إلى السماء، فلا يبقى على الأرض من القرآن ولا من التوراة والإنجيل والزبور، فينزع من قلوب الرجال فيصبحون في الصلاة لا يدرون ما هم فيه.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمي، عن حذيفة وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«يسرى على كتاب الله ليلاً فيصبح الناس ليس في الأرض ولا في جوف مسلم منه آية ».
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لا تقوم الساعة حتى يرفع الذِكْرُ والقرآن ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما قالا : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :«يا أيها الناس، ما هذه الكتب التي بلغني أنكم تكتبونها مع كتاب الله ؟ يوشك أن يغضب الله لكتابه فَيُسْرَى عليه ليلاً لا يترك في قلب ولا ورق منه حرفاً إلا ذهب به. فقيل : يا رسول الله، فكيف بالمؤمنين والمؤمنات ؟ قال : من أراد الله به خيراً أبقى في قلبه لا إله إلا الله ».
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه عن جده قال : يسرى على القرآن في جوف الليل، يجيء جبريل عليه السلام فيذهب به، ثم قرأ ﴿ ولئن شئنا لنذهبن. . . ﴾ الآية.
فَقَالَ لَهُم: أما وَالله إِنَّكُم لتعرفون أَنه من عِنْد الله
فَأنْزل الله ﴿قل لَئِن اجْتمعت الْإِنْس وَالْجِنّ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿قل لَئِن اجْتمعت الْإِنْس وَالْجِنّ﴾ الْآيَة
قَالَ: يَقُول: لَو برزت الْجِنّ وَأَعَانَهُمْ الْإِنْس فتظاهروا لم يَأْتُوا هَذَا الْقُرْآن
الْآيَة ٩٠ - ٩٦
فبعثوا إِلَيْهِ أَن أَشْرَاف قَوْمك قد اجْتَمعُوا إِلَيْك ليكلموك فَجَاءَهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيعا وَهُوَ يظنّ أَنهم قد بدا لَهُم فِي أمره بَدْء وَكَانَ عَلَيْهِم حَرِيصًا يحب رشدهم ويعز عَلَيْهِ عنتهمْ حَتَّى جلس إِلَيْهِم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد إِنَّا قد بعثنَا إِلَيْك لنعذرك وَإِنَّا
مَا نعلم رجلا من الْعَرَب أَدخل على قومه مَا أدخلت على قَوْمك لقد شتمت الْآبَاء وعبت الدّين وسفهت الأحلام وشتمت الْآلهَة وَفرقت الْجَمَاعَة فَمَا بَقِي من قَبِيح إِلَّا وَقد جِئْته فِيمَا بَيْننَا وَبَيْنك
فَإِن كنت إِنَّمَا جِئْت بِهَذَا الحَدِيث تطلب مَالا جَمعنَا لَك من أَمْوَالنَا حَتَّى تكون أكثرنا مَالا وَإِن كنت إِنَّمَا تطلب الشّرف فِينَا سوّدناك علينا وَإِن كنت تُرِيدُ ملكا ملكناك علينا وَإِن كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيك بِمَا يَأْتِيك رئيا ترَاهُ قد غلب عَلَيْك - وَكَانُوا يسمون التَّابِع من الْجِنّ الرئي - فَرُبمَا كَانَ ذَلِك بذلنا أَمْوَالنَا فِي طلب الطِّبّ حَتَّى نبرئك مِنْهُ أَو نعذر فِي
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بِي مَا تَقولُونَ
مَا جِئتُكُمْ بِمَا جِئتُكُمْ بِهِ أطلب أَمْوَالكُم وَلَا فيئكم وَلَا الْملك عَلَيْكُم وَلَكِن الله بَعَثَنِي إِلَيْكُم رَسُولا وَأنزل عليَّ كتابا وَأَمرَنِي أَن أكون لكم بشيراً وَنَذِيرا فبلغتكم رِسَالَة رَبِّي وَنَصَحْت لكم
فَإِن تقبلُوا مني مَا جِئتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حظكم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِن تردوه عَليّ أَصْبِر لأمر الله حَتَّى يحكم الله بيني وَبَيْنكُم
فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد فَإِن كنت غير قَابل منّا مَا عرضنَا عَلَيْك فقد علمت أَنه لَيْسَ أحد من النَّاس أضيق بلاداً وَلَا أقل مَالا وَلَا أَشد عَيْشًا منا فاسأل رَبك الَّذِي بَعثك بِمَا بَعثك بِهِ فليسير عَنَّا هَذِه الْجبَال الَّتِي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بِلَادنَا وليجر فِيهَا أَنهَارًا كأنهار الشَّام وَالْعراق وليبعث لنا من قد مضى من آبَائِنَا وَليكن فِيمَن يبْعَث لنا مِنْهُم قصي بن كلاب فَإِنَّهُ كَانَ شَيخا صَدُوقًا فنسألهم عَمَّا تَقول حق هُوَ أم بَاطِل فَإِن صنعت مَا سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا بِهِ منزلتك من عِنْد الله وَإنَّهُ بَعثك رَسُولا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بِهَذَا بعثت إِنَّمَا جِئتُكُمْ من عِنْد الله بِمَا بَعَثَنِي بِهِ فقد بلغتكم مَا أرْسلت بِهِ إِلَيْكُم
فَإِن تقبلوه فَهُوَ حظكم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِن تردوه عَليّ أَصْبِر لأمر الله حَتَّى يحكم الله بيني وَبَيْنكُم
قَالُوا: فَإِن لم تفعل لنا فَخر لنَفسك فاسأل رَبك أَن يبْعَث ملكا يصدقك بِمَا تَقول ويراجعنا عَنْك وتسأله أَن يَجْعَل لَك جنَانًا وكنوزاً وقصوراً من ذهب وَفِضة ويغنيك عَمَّا نرَاك تبتغي - فَإنَّك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كَمَا نلتمسه - حَتَّى نَعْرِف منزلتك من رَبك إِن كنت رَسُولا كَمَا تزْعم
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَنا بفاعل
مَا أَنا بِالَّذِي يسْأَل ربه هَذَا
وَمَا بُعثتُ إِلَيْكُم بِهَذَا وَلَكِن الله بَعَثَنِي بشيراً وَنَذِيرا فَإِن تقبلُوا مَا جِئتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حظكم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِن تردوه عَليّ أَصْبِر لأمر الله حَتَّى يحكم الله بيني وَبَيْنكُم
قَالُوا:
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذَلِك إِلَى الله إِن شَاءَ فعل بكم ذَلِك
قَالُوا: يَا مُحَمَّد قد علم رَبك أَنا سنجلس مَعَك ونسألك عَمَّا سألناك ونطلب مِنْك مَا نطلب فيتقدم إِلَيْك ويعلمك مَا تراجعنا بِهِ ويخبرك بِمَا صانع فِي ذَلِك بِنَا إِذا لم نقبل مِنْك مَا جئتنا بِهِ فقد بلغنَا أَنه إِنَّمَا يعلمك هَذَا رجل بِالْيَمَامَةِ يُقَال لَهُ الرَّحْمَن وَإِنَّا وَالله لَا نؤمن بالرحمن أبدا فقد أعذرنا إِلَيْك يَا مُحَمَّد أما وَالله لَا نَتْرُكك وَمَا فعلت بِنَا حَتَّى نهلكك أَو تُهْلِكنَا
وَقَالَ قَائِلهمْ: لن نؤمن لَك حَتَّى تَأتي بِاللَّه وَالْمَلَائِكَة قبيلاً
فَلَمَّا قَالُوا ذَلِك قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُم وَقَامَ مَعَه عبد الله بن أبي أُميَّة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد عرض عَلَيْك قَوْمك مَا عرضوا فَلم تقبله مِنْهُم ثمَّ سألوك لأَنْفُسِهِمْ أموراً ليعرفوا بهَا منزلتك عِنْد الله فَلم تفعل ذَلِك ثمَّ سألوك أَن تعجل مَا تخوفهم بِهِ من الْعَذَاب
فوَاللَّه مَا أُؤْمِن لَك أبدا حَتَّى تتَّخذ إِلَى السَّمَاء سلما ثمَّ ترقى فِيهِ وَأَنا أنظر حَتَّى تأتيها وَتَأْتِي مَعَك بنسخة منشورة مَعَك أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة يشْهدُونَ لَك أَنَّك كَمَا تَقول وَايْم الله لَو فعلت ذَلِك لظَنَنْت أَنِّي لَا أصدقك
ثمَّ انْصَرف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَانْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَهله حَزينًا أسفا لما فَاتَهُ مِمَّا كَانَ طمع فِيهِ من قومه حِين دَعوه وَلما رأى من متابعتهم إِيَّاه
وَأنزل عَلَيْهِ فِيمَا قَالَ لَهُ عبد الله بن أبي أُميَّة: ﴿وَقَالُوا لن نؤمن لَك﴾ إِلَى قَوْله: ﴿بشرا رَسُولا﴾ وَأنزل عَلَيْهِ فِي قَوْلهم لن نؤمن بالرحمن (كَذَلِك أرسناك فِي أمة قد خلت
) (الرَّعْد آيَة ٣٠) الْآيَة
وَأنزل عَلَيْهِ فِيمَا سَأَلَهُ قومه لأَنْفُسِهِمْ من تسيير الْجبَال وتقطيع الْجبَال وَبعث من مضى من آبَائِهِم الْمَوْتَى (وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال
) (الرَّعْد آيَة ٣١) الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَقَالُوا لن نؤمن لَك﴾ قَالَ: نزلت فِي أخي أم سَلمَة عبد الله بن أبي أُميَّة
وأخرح ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ ﴿حَتَّى تفجر لنا﴾ خَفِيفَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ينبوعاً﴾ قَالَ: عيُونا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الينبوع هُوَ الَّذِي يجْرِي من الْعين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أَو تكون لَك جنَّة من نخيل وعنب﴾ يَقُول: ضَيْعَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أَو تسْقط السَّمَاء كَمَا زعمت علينا كسفاً﴾ قَالَ: قطعا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أَو تَأتي بِاللَّه وَالْمَلَائِكَة قبيلاً﴾ قَالَ: عيَانًا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿أَو يكون لَك بَيت من زخرف﴾ قَالَ: من ذهب
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم أكن أحسن مَا الزخرف حَتَّى سَمعتهَا فِي قِرَاءَة عبد الله ﴿أَو يكون لَك بَيت من زخرف﴾ قَالَ: من ذهب
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الزخرف الذَّهَب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿حَتَّى تنزل علينا كتابا نقرؤه﴾ قَالَ: من عِنْد رب الْعَالمين إِلَى فلَان بن فلَان يصبح عِنْد كل رجل منا صحيفَة عِنْد رَأسه مَوْضُوعَة يقْرؤهَا
الْآيَة ٩٧ - ٩٩
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً ﴾ قال : عياناً.
وأخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وأبو نعيم في الحلية، عن مجاهد رضي الله عنه قال : لم أكن أحسن ما الزخرف حتى سمعتها في قراءة عبد الله ﴿ أو يكون لك بيت من زخرف ﴾ قال : من ذهب.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : الزخرف، الذهب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه ﴾ قال : من عند رب العالمين إلى فلان بن فلان، يصبح عند كل رجل منا صحيفة عند رأسه موضوعة يقرؤها.
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة (الَّذين يحشرون على وُجُوههم) (الْفرْقَان آيَة ٣٤) الْآيَة
فَقَالُوا: يَا نَبِي الله وكيق يَمْشُونَ على وُجُوههم قَالَ: أَرَأَيْت الَّذِي أَمْشَاهُم على أَقْدَامهم أَلَيْسَ قَادِرًا على أَن يُمشيهمْ على وُجُوههم
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على ثَلَاثَة أَصْنَاف: صنف مشَاة وصنف ركبان وصنف على وُجُوههم
قيل: يَا رَسُول الله وَكَيف يَمْشُونَ على وُجُوههم قَالَ: إِن الَّذِي أَمْشَاهُم على أَقْدَامهم قَادر أَن يُمشيهمْ على وُجُوههم
أما إِنَّهُم يَتَّقُونَ بِوُجُوهِهِمْ كل حدب وَشَوْك
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ أَنه تَلا هَذِه الاية ﴿ونحشرهم يَوْم الْقِيَامَة على وُجُوههم عميا وبكماً وصماً﴾ فَقَالَ: حَدثنِي الصَّادِق المصدوق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن النَّاس يحشرون يَوْم الْقِيَامَة على ثلاة أَفْوَاج: فَوْج طاعمين كاسين راكبين وقوج يَمْشُونَ ويسعون وفوج تسحبهم الْمَلَائِكَة على وُجُوههم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم عَن مُعَاوِيَة بن حيدة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّكُم تحشرون رجَالًا وركباناً وَتجرونَ على وُجُوهكُم هَهُنَا ونحى بِيَدِهِ نَحْو الشَّام
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تغبطن فَاجِرًا بِنِعْمَة فَإِن من وَرَائه طَالبا حثيثاً
وَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿مأواهم جَهَنَّم كلما خبت زدناهم سعيرا﴾
وَأخر الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الدُّنْيَا خضرَة حلوة
من اكْتسب فِيهَا مَالا من غير حلّه وأنفقه فِي غير حلّه أحلّه دَار الهوان
ورُبَّ متخوض فِي مَال الله وَرَسُوله لَهُ النَّار يَوْم الْقِيَامَة
يَقُول الله: ﴿كلما خبت زدناهم سعيراً﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿مأواهم جَهَنَّم﴾ يَعْنِي أَنهم وقودها
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿كلما خبت﴾ قَالَ: سكنت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿كلما خبت زدناهم سعيراً﴾
قَالَ: كلما طفئت أسعرت وَأوقدت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الأنباربي فِي كتاب الأضداد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿كلما خبت زدناهم سعيراً﴾
قَالَ: كلما أحرقتهم سعر بهم حطباً فَإِذا أحرقتهم فَلم يبْق مِنْهُم شَيْء صَارَت حَمْرَاء تتوهج
فَذَلِك خبؤها فَإِذا بدلُوا خلقا جَدِيدا عاوتهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿كلما خبت زدناهم سعيراً﴾
يَقُول: كلما احترقت جُلُودهمْ بدلُوا جُلُودًا غَيرهَا ليذوقا الْعَذَاب
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿كلما خبت﴾ قَالَ: الخبء الَّذِي يطفأ مرّة ويشعل أُخْرَى
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وتخبو النَّار عَن أدنى أذاهم وأضرمها إِذا ابتردوا سعيراً
الْآيَة ١٠٠
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿إِذا لأمسكتم خشيَة الْإِنْفَاق﴾ قَالَ: إِذن مَا أطعمْتُم أحدا شَيْئا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿خشيَة الْإِنْفَاق﴾ قَالَ: الْفقر وَفِي قَوْله: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَان قتوراً﴾ قَالَ: بَخِيلًا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿خشيَة الْإِنْفَاق﴾ قَالَ: خشيَة الْفَاقَة ﴿وَكَانَ الْإِنْسَان قتوراً﴾ قَالَ: بَخِيلًا ممسكا
الْآيَة ١٠١ - ١٠٥
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن قَانِع وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن صَفْوَان بن عَسَّال: أَن يهوديين قَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: انْطلق بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِي نَسْأَلهُ فَأتيَاهُ فَسَأَلَاهُ عَن قَول الله: ﴿وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى تسع آيَات بَيِّنَات﴾ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا وَلَا تنزنوا وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تسحرُوا وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَان فيقتله وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَقْذِفُوا مُحصنَة
أَو قَالَ: وَلَا تَفِرُّوا من الزَّحْف شكّ شُعْبَة وَعَلَيْكُم يَا يهود خَاصَّة أَن لَا تَعْتَدوا فِي السبت فَقبلا يَدَيْهِ وَقَالا: نشْهد أَنَّك نَبِي
قَالَ: فَمَا يَمْنَعكُمَا أَن تسلما
قَالَا: إِن دَاوُد دَعَا أَن لَا يزَال فِي ذُريَّته نَبِي وَإِنَّا نَخَاف إِن أسلمنَا أَن تَقْتُلنَا الْيَهُود
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَضَب عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَول الله تَعَالَى: ﴿وَإِنِّي لأظنك يَا فِرْعَوْن مثبوراً﴾ قَالَ: مُخَالفا
وَقَالَ: الْأَنْبِيَاء أكْرم من أَن تُلعَنَ أَو تُسَبّ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿فاسأل بني إِسْرَائِيل﴾ يَقُول: سَأَلَ مُوسَى فِرْعَوْن بني إِسْرَائِيل أَن أرسلهم معي
قَالَ مَالك بن دِينَار: وَإِنَّمَا كتبُوا فسل بِلَا ألف كَمَا كتبُوا قَالَ: قَلَ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿لقد علمت﴾ يَعْنِي بِالرَّفْع
قَالَ عَليّ: وَالله مَا علم عدوّ الله وَلَكِن مُوسَى هُوَ الَّذِي علم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ ﴿لقد علمت﴾ بِالنّصب - يَعْنِي فِرْعَوْن - ثمَّ تَلا (وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم) (النَّمْل آيَة ١٤)
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مثله
وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿مثبوراً﴾ قَالَ: قَلِيل الْعقل
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿مثبوراً﴾ قَالَ: ملعوناً مَحْبُوسًا عَن الْخَيْر
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عبد الله بن الزِّبَعْرَى يَقُول: إِذْ أَتَانِي الشَّيْطَان فِي سنة النو م وَمن مَال مَيْلَة مثبوراً وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿لفيفا﴾ قَالَ: جَمِيعًا
الْآيَة ١٠٦ - ١٠٩
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ ﴿ لقد علمت ﴾ بالنصب - يعني فرعون - ثم تلا ﴿ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ﴾ [ النمل : ١٤ ].
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ مثبوراً ﴾ قال : ملعوناً.
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله.
وأخرج الشيرازي في الألقاب وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ مثبوراً ﴾ قال : قليل العقل.
وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله :﴿ مثبوراً ﴾ قال : ملعوناً، محبوساً عن الخير. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت عبد الله بن الزبعرى يقول :
إذ أتاني الشيطان في سنة النو | م ومن مال ميلة مثبوراً |
قَالَ: نزل الْقُرْآن إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فِي لَيْلَة الْقدر من رَمَضَان جملَة وَاحِدَة فَكَانَ الْمُشْركُونَ إِذا أَحْدَثُوا شَيْئا أحدث الله لَهُم جَوَابا
ففرقه الله فِي عشْرين سنة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزل الْقُرْآن جملَة وَاحِد من عِنْد الله من اللَّوْح الْمَحْفُوظ إِلَى السفرة الْكِرَام الْكَاتِبين فِي السَّمَاء الدُّنْيَا فنجمته السفرة على جِبْرِيل عشْرين لَيْلَة ونجمه جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشْرين سنة
فَقَالَ الْمُشْركُونَ: لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِد
فَقَالَ الله (كَذَلِك لنثبت بِهِ
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزل الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة حَتَّى وضع فِي بَيت الْعِزَّة فِي السَّمَاء الدُّنْيَا ونزله جِبْرِيل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاب كَلَام الْعباد وأعمالهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا مثقلة يَقُول: أنزل آيَة آيَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تعلمُوا الْقُرْآن خمس آيَات خمس آيَات فَإِن جِبْرِيل كَانَ ينزل بِالْقُرْآنِ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمْسا خمْسا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي نَضرة قَالَ: كَانَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ يعلمنَا الْقُرْآن خمس آيَات بِالْغَدَاةِ وَخمْس آيَات بالْعَشي ويخبر أَن جِبْرِيل نزل بِالْقُرْآنِ خمس آيَات خمس آيَات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ ﴿وقرآناً فرقناه﴾ مخففاً يَعْنِي بيّناه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿وقرآناً فرقناه﴾ قَالَ: فصلناه ﴿على مكث﴾ بأمد ﴿يخرون للأذقان﴾ يَقُول: للوجوه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿على مكث﴾ فِي ترسل
وَأخرج ابْن الضريس عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وقرآناً فرقناه﴾ الْآيَة
قَالَ: لم ينزل فِي لَيْلَة وَلَا لَيْلَتَيْنِ وَلَا شهر وَلَا شَهْرَيْن وَلَا سنة وَلَا سنتَيْن وَكَانَ بَين أَوله وَآخره عشرُون سنة أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك
وَأخرج ابْن الضريس من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال: أنزل الْقُرْآن على نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَان سِنِين بِمَكَّة وَعشرا بَعْدَمَا هَاجر
وَكَانَ قَتَادَة يَقُول: عشر بِمَكَّة وَعشر بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿من قبله﴾ من قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِذا يُتْلَى﴾ مَا أنزل عَلَيْهِم من عِنْد الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿إِذا يُتْلَى عَلَيْهِم﴾ قَالَ: كِتَابهمْ
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الْأَعْلَى التَّيْمِيّ قَالَ: إِن من أُوتِيَ من الْعلم مَا لَا يبكيه لخليق أَن قد أُوتِيَ من الْعلم مَا لَا يَنْفَعهُ لِأَن الله نعت أهل الْعلم فَقَالَ: ﴿ويخرون للأذقان يَبْكُونَ﴾
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الْجراح عَن أبي حَازِم: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل وَعِنْده رجل يبكي فَقَالَ: من هَذَا قَالَ: فلَان
قَالَ جِبْرِيل: إِنَّا نزن أَعمال بني آدم كلهَا إِلَّا الْبكاء فَإِن الله يُطْفِئ بالدمعة نهوراً من نيران جَهَنَّم
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن النَّضر بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أَن عبدا بَكَى فِي أمة من الْأُمَم لأنجى الله تِلْكَ الْأمة من النَّار ببكاء ذَلِك العَبْد
وَمَا من عمل إِلَّا لَهُ وزن وثواب إِلَّا الدمعة فَإِنَّهَا تُطْفِئ بحوراً من النَّار
وَمَا اغرورقت عين بِمَائِهَا من خشيَة الله إِلَّا حرم الله جَسدهَا على النَّار وَإِن فاضت على خَدّه لم يرهق وَجهه قتر وَلَا ذلة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْجَعْد أبي عُثْمَان قَالَ: بلغنَا أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: إلهي
مَا جَزَاء من فاضت عَيناهُ من خشيتك
قَالَ: جَزَاؤُهُ أَن أؤمنه يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر
الْآيَة ١١٠
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ من قبله ﴾ من قبل النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ إذا يتلى ﴾ ما أنزل عليهم من عند الله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد ﴿ إذا يتلى عليهم ﴾ قال : كتابهم.
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عبد الأعلى التيمي قال : إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق، أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه ؛ لأن الله نعت أهل العلم فقال :﴿ ويخرون للأذقان يبكون ﴾.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجراح، عن أبي حازم :«أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه جبريل وعنده رجل يبكي، فقال : من هذا ؟ قال : فلان. قال جبريل : إنا نزن أعمال بني آدم كلها إلا البكاء، فإن الله يطفئ بالدمعة نهوراً من نيران جهنم ».
وأخرج الحكيم الترمذي، عن النضر بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لو أن عبداً بكى في أمة من الأمم، لأنجى الله تلك الأمة من النار ببكاء ذلك العبد ؛ وما من عمل إلا له وزن وثواب إلا الدمعة، فإنها تطفئ بحوراً من النار. وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله، إلا حرم الله جسدها على النار، وإن فاضت على خده لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة ».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن الجعد أبي عثمان قال : بلغنا أن داود عليه السلام قال :«إلهي. . . ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك ؟. . . قال : جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر ».
يَا رَحْمَن
فَسَمعهُ أهل مَكَّة فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ فَأنْزل الله ﴿قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن﴾ الْآيَة
يَا رَحْمَن
فَقَالَ الْمُشْركُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الضابئ ينهانا أَن نَدْعُو إِلَهَيْنِ وَهُوَ يَدْعُو إِلَهَيْنِ
فَأنْزل الله ﴿قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فِي حرث فِي يَده جَرِيدَة فَسَأَلَهُ الْيَهُود عَن الرَّحْمَن - وَكَانَ لَهُم كَاهِن بِالْيَمَامَةِ يسمونه الرَّحْمَن - فأنزلت ﴿قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مَكْحُول: أَن النَّبِي كَانَ يتهجد بِمَكَّة ذَات لَيْلَة يَقُول فِي سُجُوده: يَا رَحْمَن
يَا رَحِيم
فَسَمعهُ رجل من الْمُشْركين فَلَمَّا أصبح قَالَ لأَصْحَابه: انْظُرُوا مَا قَالَ ابْن أبي كَبْشَة يزْعم اللَّيْلَة الرَّحْمَن الَّذِي بِالْيمن - وَكَانَ بِالْيمن رجل يُقَال لَهُ رَحْمَن - فَنزلت ﴿قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن﴾ الْآيَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق نهشل بن سعيد عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله: ﴿قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن أياً مَا تدعوا فَلهُ الْأَسْمَاء الْحسنى﴾ إِلَى آخر الْآيَة
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هُوَ أَمَان من السرق
وَإِن رجلا من الهاجرين من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلَاهَا حَيْثُ أَخذ مضجعه فَدخل عَلَيْهِ سَارِق فَجمع مَا فِي الْبَيْت وَحمله - وَالرجل لَيْسَ بنائم - حَتَّى انْتهى إِلَى الْبَاب فَوجدَ الْبَاب مردوداً فَوضع الكارة فَفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَضَحِك صَاحب الْبَيْت ثمَّ قَالَ: إِنِّي أحصنت بَيْتِي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿أياً مَا تدعوا﴾ قَالَ: باسم من أَسْمَائِهِ وَالله أعلم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة متوار فَكَانَ إِذا صلى بِأَصْحَابِهِ رفع صَوته بِالْقُرْآنِ فَإِذا سمع ذَلِك الْمُشْركُونَ سبّوا الْقُرْآن وَمن أنزلهُ وَمن جَاءَ بِهِ فَقَالَ الله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جهر بِالْقُرْآنِ وَهُوَ يُصَلِّي تفَرقُوا عَنهُ وأبوا أَن يستمعوا مِنْهُ فَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يسمع من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض مَا يَتْلُو وَهُوَ يُصَلِّي اسْترق السّمع دونهم فرقا مِنْهُم فَإِن رأى أَنهم قد عرفُوا أَنه يستمع ذهب خشيَة أذاهم فَلم يستمع
فَإِن خفض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يستمع الَّذين يَسْتَمِعُون من قِرَاءَته شَيْئا
فَأنْزل الله ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾ فيتفرقوا عَنْك ﴿وَلَا تخَافت بهَا﴾ فَلَا تسمع من أَرَادَ أَن يسْمعهَا مِمَّن يسترق ذَلِك لَعَلَّه يرعوي إِلَى بعض مَا يستمع فينتفع بِهِ ﴿وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجْهر بِالْقِرَاءَةِ بِمَكَّة فيؤذي فَأنْزل الله ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي الصِّنْف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى عِنْد الْبَيْت جهر بقرَاءَته فَكَانَ الْمُشْركُونَ يؤذونه فَنزلت ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾ الْآيَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى يجْهر بِصَلَاتِهِ فآذى ذَلِك الْمُشْركين فأخفى صلَاته هُوَ وَأَصْحَابه
فلذك قَالَ الله: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا﴾ وَقَالَ: فِي الْأَعْرَاف (وَاذْكُر رَبك فِي نَفسك) (الْأَعْرَاف آيَة ٢٠٥) الْآيَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا﴾ قَالَ: كَانَ الرجل إِذا دَعَا فِي الصَّلَاة رفع صَوته
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ مُسَيْلمَة الْكذَّاب قد تسمى الرَّحْمَن فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى فجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحْمَن قَالَ الْمُشْركُونَ: يذكر إِلَه الْيَمَامَة
فَأنْزل الله ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾
وَكَانَ مُسَيْلمَة قد تسمّى الرَّحْمَن فَكَانَ الْمُشْركُونَ إِذا سمعُوا ذَلِك من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: قد ذكر مُسَيْلمَة إِلَه الْيَمَامَة ثمَّ عارضوه بالمكاء والتصدية والصفير
فَأنْزل الله ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جهر بِالْقُرْآنِ شقّ ذَلِك على الْمُشْركين فيؤذون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالشتم - وَذَلِكَ بِمَكَّة - فَأنْزل الله: يَا مُحَمَّد ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا﴾ لَا تخْفض صَوْتك حَتَّى لَا تسمع اذنيك ﴿وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا﴾ يَقُول: اطلب الاعلان والجهر وَبَين التخافت والجهر طَرِيقا
لَا جَهرا شَدِيدا وَلَا خفضاً حَتَّى لَا تسمع أذنيك
فَلَمَّا هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة ترك هَذَا كُله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: نبئت أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ كَانَ إِذا قَرَأَ خفض
وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ إِذا قَرَأَ جهر
فَقيل لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ: لم تصنع هَذَا قَالَ: أُنَاجِي رَبِّي وَقد علم حَاجَتي
وَقيل لعمر رَضِي الله عَنهُ: لم تصنع هَذَا قَالَ: اطرد الشَّيْطَان وَأُوقِظ الْوَسْنَان
فَلَمَّا نزلت ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا﴾ قيل لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ: ارْفَعْ شَيْئا
وَقيل لعمر رَضِي الله عَنهُ: اخْفِضْ شَيْئا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِذا صلى من اللَّيْل خفض صَوته جدا وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ إِذا صلى رفع صَوته جدا
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: يَا أَبَا بكر لَو رفعت من صَوْتك شَيْئا
وَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا عمر لَو خفضت من صَوْتك شَيْئا
فَأتيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرَاهُ بأمرهما فَأنْزل الله ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا﴾ الْآيَة
فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِمَا فَقَالَ: يَا أَبَا بكر ارْفَعْ من صَوْتك شَيْئا
وَقَالَ لعمر رَضِي الله عَنهُ: اخْفِضْ من صَوْتك شَيْئا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد فِي النَّاسِخ وَالْبَزَّار والنحاس وَابْن نصر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا﴾ فِي الدُّعَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي قَوْله: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾ قَالَ: نزلت فِي الْمَسْأَلَة وَالدُّعَاء
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى عِنْد الْبَيْت رفع صَوته بِالدُّعَاءِ وآذاه الْمُشْركُونَ فَنزل ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن دراج أبي السَّمْح: أَن شَيخا من الْأَنْصَار من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا﴾ إِنَّمَا نزلت فِي الدُّعَاء لَا ترفع صَوْتك فِي دعائك فَتذكر ذنوبك فَتسمع مِنْك فتعير بهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾ قَالَ: نزلت فِي الدُّعَاء كَانُوا يجهرون بِالدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي
فَلَمَّا نزلت أمروا أَنى لَا يخافتوا وَلَا يجهروا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَعْرَاب من بني تَمِيم إِذا سلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: اللَّهُمَّ ارزقنا إبِلا وَولدا
فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾ قَالَ: ذَلِك فِي الدُّعَاء وَالْمَسْأَلَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾ وَلَا تصلِّ مراياة النَّاس ﴿وَلَا تخَافت بهَا﴾ قَالَ: لَا تدعها مَخَافَة النَّاس
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا﴾ قَالَ: لَا تُصلِّها رِيَاء وَلَا تدعها حَيَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك﴾ لَا تجعلها كلهَا جَهرا ﴿وَلَا تخَافت بهَا﴾ قَالَ: لَا تجْعَل كلهَا سرا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لم يُخَافت من أسمع أُذُنَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير قَالَ: الْعلم خير من الْعَمَل وَخير الْأُمُور أوسطها والحسنة بَين تِلْكَ السيئتين وَذَلِكَ لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: ﴿وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي قلَابَة قَالَ: خير الْأُمُور أوسطها
الْآيَة ١١١
وَقَالَ الصابئون وَالْمَجُوس: لَوْلَا أَوْلِيَاء الله لذل فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة ﴿وَقل الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلم يكن لَهُ ولي من الذل﴾ قَالَ: لم يخف أحدا وَلم يبتغ نصر أحد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: ﴿وَكبره تَكْبِيرا﴾ قَالَ: كبره أَنْت يَا مُحَمَّد على مَا يَقُولُونَ تَكْبِيرا
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آيَة الْعِزّ: ﴿وَقل الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا﴾ الْآيَة كلهَا
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن السّني عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرجت أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويدي فِي يَده فَأتى على رجل رث الْهَيْئَة فَقَالَ: أَي فلَان مَا بلغ بك مَا أرى قَالَ: السقم والضر
قَالَ: أَلا أعلمك كَلِمَات تذْهب عَنْك السقم والضر
قل: توكلت على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت و ﴿الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا﴾
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْفرج وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك رَضِي اله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا كربني أَمر إِلَّا تمثل لي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا مُحَمَّد قل توكلت على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت و ﴿الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعلم أَهله هَذِه الْآيَة ﴿الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا﴾ إِلَى آخرهَا
الصَّغِير من أَهله وَالْكَبِير
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبد الْكَرِيم بن أبي أُميَّة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلم الْغُلَام من بني هَاشم إِذا أفْصح سبع سنوات ﴿الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عبد الْكَرِيم عَن عَمْرو بن شُعَيْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْغُلَام إِذا أفْصح من بني عبد الْمطلب علمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة سبع مَرَّات ﴿الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا﴾ الْآيَة
وَأخرجه ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده
وَأخرج ابْن السّني والديلمي عَن فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَضِي الله عَنْهَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: إِذا أخذت مضجعك فَقولِي: الْحَمد لله الْكَافِي
سُبْحَانَ الله الْأَعْلَى
حسبي الله وَكفى مَا شَاءَ الله
قضى سمع الله لمن دَعَا لَيْسَ من الله ملْجأ وَلَا وَرَاء الله ملتجأ
توكلت على رَبِّي وربكم
مَا من دَابَّة إِلَّا هُوَ آخذ بناصيتها
إِن رَبِّي على صِرَاط مُسْتَقِيم ﴿الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا﴾ من يَقُولهَا عِنْد مَنَامه ثمَّ ينَام وسط الشَّيَاطِين والهوام فَلَا تضره
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الوراة كلهَا فِي خمس عشرَة آيَة من بني إِسْرَائِيل ثمَّ تَلا ﴿وَلَا تجْعَل مَعَ الله إِلَهًا آخر﴾ وَالله أعلم
سُورَة الْكَهْف
مَكِّيَّة وآياتها عشر وَمِائَة
مُقَدّمَة سُورَة الْكَهْف أخرج النّحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سور الْكَهْف بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت سُورَة الْكَهْف بِمَكَّة
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من حفظ عشر آيَات من أول سُورَة الْكَهْف عصم من فتْنَة الدَّجَّال
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو عبيد فِي فضائله عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ الْعشْر الْأَوَاخِر من سُورَة الْكَهْف عصم من فتْنَة الدَّجَّال
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من حفظ عشرَة آيَات من أول سُورَة الْكَهْف ثمَّ أدْركهُ الدَّجَّال لم يضرّهُ
وَمن حفظ خَوَاتِيم سُورَة الْكَهْف كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: قَرَأَ رجل سُورَة الْكَهْف وَفِي الدَّار دَابَّة فَجعلت تنفر
فَينْظر فَإِذا ضَبَابَة أَو سَحَابَة قد غَشيته فَذكر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أقرا فلَان فَإِنَّهَا السكينَة نزلت لِلْقُرْآنِ
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَه
تِلْكَ السكينَة جَاءَت حِين تَلَوت الْقُرْآن
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي االدرداء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول الْكَهْف عصم من فتْنَة الدَّجَّال
وَأخرج ابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَالرُّويَانِيّ عَن ثَوْبَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ الْعشْر الْأَوَاخِر من سُورَة الْكَهْف فَإِنَّهُ عصمَة لَهُ من الدَّجَّال
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ من سُورَة الْكَهْف عشر آيَات عِنْد مَنَامه عصم من فتْنَة الدَّجَّال وَمن قَرَأَ خاتمتها عِنْد رقاده كَانَ لَهُ نورا من لدن قرنه إِلَى قدمه يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن عليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ الْكَهْف يَوْم الْجُمُعَة فَهُوَ مَعْصُوم إِلَى ثَمَانِيَة أَيَّام من كل فتْنَة تكون وَإِن خرج الدَّجَّال عصم مِنْهُ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه والضياء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف كَانَت لَهُ نورا من مقَامه إِلَى مَكَّة وَمن قَرَأَ عشر آيَات من آخرهَا ثمَّ خرج الدَّجَّال لم يضرّهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سعيد لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف كَمَا أنزلت كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف فِي يَوْم الْجُمُعَة أَضَاء لَهُ من النُّور مَا بَين الجمعتين
وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور والدارمي وَابْن الضريس وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف فِي يَوْم الْجُمُعَة أَضَاء لَهُ من النُّور مَا بَينه وَبَين الْبَيْت الْعَتِيق
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف كَمَا أنزلت ثمَّ خرج الدَّجَّال لم يُسَلط وَلم يكن لَهُ عَلَيْهِ سَبِيل
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف فِي يَوْم الْجُمُعَة سَطَعَ لَهُ نور من تَحت قدمه إِلَى عنان السَّمَاء يضيء لَهُ يَوْم الْقِيَامَة وَغفر لَهُ مَا بَين الجمعتين
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبركُم بِسُورَة مَلأ عظمتها مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ولكاتبها من الْأجر مثل ذَلِك وَمن قَرَأَهَا يَوْم الْجُمُعَة غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام وَمن قَرَأَ الْعشْر الْأَوَاخِر مِنْهَا عِنْد نَومه بَعثه الله أَي اللَّيْل شَاءَ قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ: سُورَة أَصْحَاب الْكَهْف
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن خَالِد بن معدان قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف فِي كل يَوْم جُمُعَة قبل أَن يخرج الإِمَام كَانَت لَهُ كَفَّارَة مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة وَبلغ نورها الْبَيْت الْعَتِيق
وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي الْمُهلب قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف فِي يَوْم الْجُمُعَة كَانَت لَهُ كَفَّارَة إِلَى الْجُمُعَة الْأُخْرَى
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سُورَة الْكَهْف تدعى فِي التَّوْرَاة الحائلة تحول بَين قَارِئهَا وَبَين النَّار
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْبَيْت الَّذِي تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْكَهْف لَا يدْخلهُ شَيْطَان تِلْكَ اللَّيْلَة
وَأخرج أَبُو عبيد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أم مُوسَى قَالَت: كَانَ الْحسن بن عَليّ يقْرَأ سُورَة الْكَهْف كل لَيْلَة وَكَانَت مَكْتُوبَة لَهُ فِي لوح يدار بلوحه حَيْثُمَا دَار فِي نِسَائِهِ فِي كل لَيْلَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن وهب أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَرَأَ فِي الْفجْر بالكهف
وَأخرج ابْن سعد عَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد أَنَّهَا سَمِعت عمر بن الْخطاب يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر بِسُورَة أَصْحَاب الْكَهْف
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعثت قُرَيْش النَّضر بن الْحَارِث وَعقبَة بن أبي معيط إِلَى أَحْبَار يهود بِالْمَدِينَةِ فَقَالُوا: سلوهم عَن مُحَمَّد وصفوا لَهُم صفته وأخبروهم بقوله فَإِنَّهُم أهل الْكتاب الأول وَعِنْدهم علم مَا لَيْسَ عندنَا من علم الْأَنْبِيَاء فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَا الْمَدِينَة فسألا أَحْبَار يهود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووصفا لَهُم أمره وَبَعض قَوْله وَقَالا: إِنَّكُم أهل التَّوْرَاة وَقد جئناكم لتخبرونا عَن صاحبنا هَذَا
فَقَالُوا لَهما: سلوه عَن ثَلَاث فَإِن أخْبركُم بِهن فَهُوَ نَبِي مُرْسل وَإِن لم يفعل فالرجل متقول
فروا فِيهِ رَأْيكُمْ
سلوه عَن فتية ذَهَبُوا فِي الدَّهْر الأول مَا كَانَ من أَمرهم فَإِنَّهُ قد كَانَ لَهُم حَدِيث عَجِيب
وَسَلُوهُ عَن رجل طواف بلغ مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا مَا كَانَ نبؤه وَسَلُوهُ عَن الرّوح مَا هُوَ فَإِن أخْبركُم بذلك فَإِنَّهُ نَبِي فَاتَّبعُوهُ وَإِلَّا فَهُوَ متقول
فَأقبل النَّضر وَعقبَة حَتَّى قدما قُرَيْش فَقَالَا: يَا معشر قُرَيْش قد جئناكم بفصل مَا بَيْنكُم وَبَين مُحَمَّد قد أمرنَا أَحْبَار يهود أَن نَسْأَلهُ عَن أُمُور - فأخبراهم بهَا - فجاؤوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أخبرنَا - فَسَأَلُوهُ عَمَّا أمروهم بِهِ - فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أخْبركُم غَدا بِمَا سَأَلْتُم عَنهُ - وَلم يسْتَثْن - فانصرفوا عَنهُ وَمكث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمس عشرَة لَيْلَة لَا يحدث الله إِلَيْهِ فِي ذَلِك وَحيا وَلَا يَأْتِيهِ جِبْرِيل حَتَّى أرجف أهل مَكَّة وأحزن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكث الْوَحْي عَنهُ وشق عَلَيْهِ مَا يتَكَلَّم بِهِ أهل مَكَّة ثمَّ جَاءَ جِبْرِيل من الله عز وَجل بِسُورَة أَصْحَاب الْكَهْف فِيهَا مُعَاتَبَته إِيَّاه على حزنه عَلَيْهِم وَخبر مَا سَأَلُوهُ عَنهُ من أَمر الْفتية وَالرجل الطّواف وَقَول الله: (ويسألونك عَن الرّوح
) (الْإِسْرَاء الْآيَة ٨٥) الْآيَة
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق السّديّ الصَّغِير عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس: أَن قُريْشًا بعثوا خَمْسَة رَهْط - مِنْهُم عقبَة بن أبي معيط وَالنضْر بن الْحَارِث - يسْأَلُون الْيَهُود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووصفوا لَهُم صفته فَقَالُوا لَهُم: نجد نَعته وَصفته ومبعثه فِي التَّوْرَاة فَإِن كَانَ كَمَا وصفتم لنا فَهُوَ نَبِي مُرْسل وَأمره حق فَاتبعهُ وَلَكِن سلوه عَن ثَلَاث خِصَال فَإِنَّهُ يُخْبِركُمْ
ان كَانَ نَبيا فَإنَّا قد سَأَلنَا مُسَيْلمَة الْكذَّاب عَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاث فَلم يدر مَا هِيَ
فَرَجَعت الرُّسُل إِلَى قُرَيْش بِهَذَا الْخَبَر من الْيَهُود فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أخبرنَا عَن ذِي القرنين الَّذِي بلغ الْمشرق وَالْمغْرب وَأخْبرنَا عَن الرّوح وَأخْبرنَا عَن أَصْحَاب الْكَهْف
فَقَالَ: أخْبركُم بذلك غَدا
وَلم يقل إِن شَاءَ الله
فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيل خَمْسَة عشر يَوْمًا فَلم يَأْته لترك الِاسْتِثْنَاء فشق ذَلِك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِمَا سَأَلُوهُ فَقَالَ: يَا جِبْرِيل أَبْطَأت عَليّ
فَقَالَ: بتركك الِاسْتِثْنَاء أَلا تَقول: إِن شَاءَ الله قَالَ: (وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله) (الْكَهْف آيَة ٢٣) ثمَّ أخبرهُ عَن حَدِيث ذِي القرنين وَخبر الرّوح وَأَصْحَاب الْكَهْف ثمَّ أرسل إِلَى قُرَيْش فَأتوهُ فَأخْبرهُم عَن حَدِيث ذِي القرنين وَقَالَ لَهُم: الرّوح من أَمر رَبِّي يَقُول: من علم رَبِّي لَا علم لي بِهِ فَلَمَّا وَافق قَول الْيَهُود أَنه لَا يُخْبِركُمْ بالثالث (قَالُوا: سحران تظاهرا) (الْقَصَص آيَة ٤٨) تعاونا - يَعْنِي التَّوْرَاة وَالْفرْقَان - (وَقَالُوا: إِنَّا بِكُل كافرون) (الْقَصَص آيَة ٤٨) وَحَدَّثَهُمْ بِحَدِيث أَصْحَاب الْكَهْف
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَكَانَ أَكثر خطبَته ذكر الدَّجَّال فَكَانَ فِيمَا قَالَ لنا يَوْمئِذٍ: إِن الله عز وَجل لم يبْعَث نَبيا إِلَّا حذر أمته وَإِنِّي آخر الْأَنْبِيَاء وَأَنْتُم آخر الْأُمَم وَهُوَ خَارج فِيكُم لَا محَالة فَإِن يخرج وَأَنا بَين أظْهركُم فَأَنا حجيج كل مُسلم وَإِن يخرج فِيكُم بعدِي فَلِكُل امْرِئ حجيج نَفسه
وَالله خليفتي على كل مُسلم وَإِن يخرج من خلة بَين الْعرَاق وَالشَّام وعاث يَمِينا وعاث شمالا
يَا عباد الله اثبتوا فإنع يبْدَأ يَقُول: أَنا نَبِي وَلَا نَبِي بعدِي وَإنَّهُ مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن فَمن لقية مِنْكُم فليتفل فِي وَجهه وليقرأ بقوارع سُورَة أَصْحَاب الْكَهْف وَإنَّهُ يُسَلط على نفس من بني آدم فيقتلها ثمَّ يُحْيِيهَا وَإنَّهُ لَا يعدو ذَلِك وَلَا يُسَلط على نفس غَيرهَا وَإِن من فتنته: أَن مَعَه جنَّة وَنَارًا فناره جنَّة وجنته نَارا فَمن ابْتُلِيَ بناره فليغمض عَيْنَيْهِ وليستعن بِاللَّه تكون عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا كَمَا كَانَت النَّار بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم وَإِن أَيَّامه أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْم كَسنة وَيَوْم كشهر وَيَوْم كجمعة وَيَوْم كالأيام وَآخر أَيَّامه كالسراب يصبح الرجل
قَالُوا: وَكَيف نصلي يَا رَسُول الله فِي تِلْكَ الْأَيَّام الْقصار
قَالَ: تقدرون فِيهَا كَمَا تقدرون فِي الْأَيَّام الطوَال وَالله وَأعلم
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْآيَة ١ - ٥