تفسير سورة الطور

أحكام القرآن للجصاص
تفسير سورة سورة الطور من كتاب أحكام القرآن المعروف بـأحكام القرآن للجصاص .
لمؤلفه الجصَّاص . المتوفي سنة 370 هـ

لَهُ مَالٌ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ الْمَحْرُومُ الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَحْرُومُ الْكَلْبُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْكَلْبِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عِنْدَهُ بِحَقٍّ مَعْلُومٍ الزَّكَاةَ لِأَنَّ إطْعَامَ الْكَلْبِ لَا يُجْزِي مِنْ الزَّكَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عِنْدَهُ حَقًّا غَيْرَ الزَّكَاةِ فَيَكُونُ فِي إطْعَامِ الْكَلْبِ قُرْبَةٌ كَمَا
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ فِي كُلِّ ذِي كَبِدٍ حَرَّى أَجْرًا وَإِنَّ رَجُلًا سَقَى كَلْبًا فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ
وَالْأَظْهَرُ فِي قَوْلِهِ حق معلوم أَنَّهُ الزَّكَاةُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ لَا مَحَالَةَ وَهِيَ حَقٌّ مَعْلُومٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِالْآيَةِ إذْ جَائِزٌ أَنْ يَنْطَوِيَ تَحْتَهَا وَيَكُونَ اللَّفْظُ عِبَارَةً عَنْهَا ثُمَّ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا تَأَوَّلَ السَّلَفُ عَلَيْهِ الْمَحْرُومَ مُرَادًا بِالْآيَةِ فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ الزَّكَاةَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ إذَا وُضِعَتْ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ دُونَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ وَفَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ بَيْنَ السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ لِأَنَّ الْفَقِيرَ قَدْ يَحْرِمُ نَفْسَهُ بِتَرْكِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَدْ يَحْرِمُهُ النَّاسُ بِتَرْكِ إعْطَائِهِ فَإِذَا لَمْ يسئل فَقَدْ حَرَمَ نَفْسَهُ بِتَرْكِ الْمَسْأَلَةِ فَسُمِّيَ مَحْرُومًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَحْرُومًا مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَمِنْ قِبَلِ النَّاسِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَعْيَانِي أَنْ أَعْلَمَ مَا الْمَحْرُومُ آخِرُ سُورَةِ الذَّارِيَاتِ.
سُورَةِ الطُّورِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَوْله تعالى وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَمُجَاهِدٌ حِينَ تَقُومُ مِنْ كُلِّ مَكَان سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ سُئِلَ الْأَعْمَشُ أَكَانَ إبْرَاهِيمُ يَسْتَحِبُّ إذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك قَالَ مَا كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ سُنَّةً وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنْ عُمَرَ يَعْنِي بِهِ افْتِتَاحَ الصَّلَاةِ قَالَ أبو بكر يعنى به قوله سبحانك الله وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اسْمُك إلَى آخِرِهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ
وَقَالَ أَبُو الْجَوْزَاءِ حِينَ تَقُومُ مِنْ مَنَامِك قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُمُومًا فِي جَمِيعِ مَا رُوِيَ مِنْ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ قَوْله تَعَالَى وَإِدْبارَ النُّجُومِ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارٌ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مِنْهَا
حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فيها
Icon