تفسير سورة الطور

التبيان في إعراب القرآن
تفسير سورة سورة الطور من كتاب التبيان في إعراب القرآن .
لمؤلفه أبو البقاء العكبري . المتوفي سنة 616 هـ

سُورَةُ الطُّورِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢)).
الْوَاوُ الْأُولَى لِلْقَسَمِ، وَمَا بَعْدَهَا لِلْعَطْفِ.
قَالَ تَعَالَى: (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي رِقٍّ) :«فِي» تَتَعَلَّقُ بِمَسْطُورٍ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا آخَرَ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ) [الطُّورِ: ٧].
قَالَ تَعَالَى: (مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَالَهُ مِنْ دَافِعٍ) : الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِوَاقِعٌ؛ أَيْ وَاقِعٌ غَيْرُ مَدْفُوعٍ.
وَ (يَوْمَ) ظَرْفٌ لِدَافِعٍ، أَوْ لِوَاقِعٍ.
وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ: «فَوَيْلٌ».
وَ (يَوْمَ يُدَعُّونَ) : هُوَ بَدَلٌ مِنْ «يَوْمَ تَمُورُ» أَوْ ظَرْفٌ لِيُقَالُ الْمَقْدِرَةِ مَعَ هَذِهِ؛ أَيْ يُقَالُ لَهُمْ هَذِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَسِحْرٌ) : هُوَ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ. وَ (سَوَاءٌ) : خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ صَبْرُكُمْ وَتَرْكُهُ سَوَاءٌ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَاكِهِينَ) : حَالٌ، وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ. وَقِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى فِي.
وَ (مُتَّكِئِينَ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «كُلُوا» أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «وَقَاهُمْ» أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «آتَاهُمْ» أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي فَاكِهِينَ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الظَّرْفِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (٢٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا) : هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَ «أَلْحَقْنَا بِهِمْ» : خَبَرُهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى تَقْدِيرِ: وَأَكْرَمْنَا الَّذِينَ. وَ (اتَّبَعَتْهُمْ) : فِيهِ اخْتِلَافٌ قَدْ مَضَى أَصْلُهُ.
وَ (أَلَتْنَاهُمْ) قَدْ ذُكِرَ فِي الْحُجُرَاتِ. وَ (مِنْ) الثَّانِيَةُ زَائِدَةٌ، وَالْأُولَى حَالٌ مِنْ شَيْءٍ، أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَلَتْنَا.
وَ (يَتَنَازَعُونَ) : حَالٌ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (٢٨)).
وَ (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ) : بِالْفَتْحِ؛ أَيْ بِأَنَّهُ، أَوْ لِأَنَّهُ.
وَقُرِئَ بِالْكَسْرِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.
قَالَ تَعَالَى: (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (٢٩) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) : الْبَاءُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ «بِكَاهِنٍ» أَوْ «مَجْنُونٍ». وَالتَّقْدِيرُ: مَا أَنْتَ كَاهِنًا وَلَا مَجْنُونًا مُتَلَبِّسًا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ.
وَ «أَمْ» فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مُنْقَطِعَةٌ، وَ «نَتَرَبَّصُ» : صِفَةُ «شَاعِرٌ».
قَالَ تَعَالَى: (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَسْتَمِعُونَ فِيهِ) :«فِي» هُنَا عَلَى بَابِهَا. وَقِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى عَلَى.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ يَرَوْا) : قِيلَ: «إِنْ» عَلَى بَابِهَا. وَقِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى لَوْ.
وَ (يَوْمَهُمُ) : مَفْعُولٌ بِهِ. وَ (يُصْعَقُونَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَمَاضِيهِ: صَعِقَ.
وَيُقْرَأُ بِضَمِّهَا، وَمَاضِيهِ صَعِقَ، وَقِيلَ: صَعُقَ مِثْلُ سَعُدَ.
وَ (يَوْمَ لَا يُغْنِي) : بَدَلٌ مِنْ «يَوْمِهِمْ».
قَالَ تَعَالَى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (٤٩)).
(وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) : مِثْلُ أَدْبَارِ السُّجُودِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي «ق».
Icon