ﰡ
قال ابن عبّاس: مدنيّة، وقال قتادة: مكّيّة
[سورة الفلق (١١٣) : الآيات ١ الى ٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤)وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (٥)
قوله عز وجل: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم والمُرَادُ هُوَ وآحادُ أمتِهِ، قَالَ ابن عباس وغيره: الفَلَقُ الصُّبْحُ «١»، وقال ابن عباس أيضاً وجماعةٌ من الصحابة: الفلقُ جُبُّ في جَهَنَّم «٢»، ورواه أبو هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وقوله تعالى: مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ يَعُمُّ كلَّ مَوْجُودٍ له شر، واخْتُلِفَ في: «الغاسِقِ» فَقَال ابن عباس وغيره: الغَاسِقُ الليلُ وَوَقَبَ: أظْلَمَ، ودَخَل عَلى الناسِ «٣»، وفي الحديثِ الصحيح عن عائشة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أشَارَ إلى القَمَرِ وقال: يا عائشة تَعَوَّذِي باللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الغَاسِقِ إذَا وَقَبَ، قال السهيلي: وهذا أصحُّ ما قِيل لِهذَا الحديثِ الصحيحِ، انتهى، ولفظ صاحبِ «سلاحِ المؤمِنِ» : عن عائشةَ- رضي اللَّه عنها- أَنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نَظَرَ إلَى القَمَرِ، فَقَالَ: يا عائشةُ اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا فإنَّ هَذَا الغَاسِقُ إذا وقب «٤»، رواه الترمذيّ
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ٧٤٧)، (٣٨٣٤٥) عن السدي. وذكره ابن عطية (٥/ ٥٣٨).
(٣) أخرجه الطبري (١٢/ ٧٤٨)، (٣٨٣٦٤)، وذكره البغوي (٤/ ٥٤٧)، وابن عطية (٥/ ٥٣٨)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٧١٨)، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر عن ابن عبّاس.
(٤) أخرجه الترمذي (٥/ ٤٥٢)، كتاب «تفسير القرآن» باب: ومن سورة المعوذتين (٣٣٦٦)، وأحمد (٦/ ٢٠٦، ٢١٥، ٢٣٧، ٢٥٢)، والحاكم (٢/ ٥٤١).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال الذهبي: صحيح.
والنَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ السَّوَاحِر، ويقال: إن الإشَارَة أوَّلاً إلى بَنَاتِ لَبِيدِ بن الأَعْصَمِ اليهودي كُنَّ سَاحِرَاتٍ، وهُنَّ اللواتي سَحَرْنَ مَعَ أبيهِنَّ رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم، والنَّفْثُ شِبْهُ النَّفخِ دُونَ تَفلِ رِيقٍ، وهذا النَّفْثُ هُوَ عَلى عُقَدٍ تَعْقَدُ في خيوطٍ، ونحوِها على اسْمِ المَسْحُورِ فيؤذى بذلك.
قال ع: وهَذَا الشَّأْنُ في زمانِنَا موجودٌ شائعٌ في صحراء المغرب، وحدَّثني ثقةٌ أنه رأى عنْدَ بعضهم خيطاً أحْمَرَ قَدْ عُقِدَتْ فِيهِ عُقَدٌ على فُصْلاَنٍ، فَمُنِعَتْ بذلك رَضَاعَ أمهاتِها فكان إذا حَلَّ عقدةً جرى ذلك الفصيلُ إلى أُمِّه في الحِينِ، فَرَضَعَ، أعاذنا اللَّه مِنْ شَرِّ السِّحْرِ والسَّحَرَةَ.
وقوله تعالى: وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ قال قتادة: مِنْ شَرِّ عَيْنِهِ ونَفْسِهِ «١»، يريد ب «النَّفْس» : السعْيَ الخَبِيثَ، وقال الحُسَيْنُ بْنُ الفَضْلِ: ذكَر اللَّه تعالى الشُّرُور في هذه السُّورة، ثم ختمها بالحسد ليعلم أنّه أخسّ الطبائع.